الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
148 -
الوصية بقراءة القرآن الكريم وتدبره والعمل به
(1)
الحمد لله وصلى الله على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. . أما بعد: فإن الله جل وعلا أنزل كتابه الكريم القرآن تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين، كما قال عز وجل في سورة النحل:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (2) ورغب عباده بتدبره وتعقله؛ ليفهموا مراده سبحانه وليعملوا بأوامره ولينتهوا عن نواهيه، وقال عز وجل:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (3) وقال سبحانه: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (4) وأخبر عز وجل أنه شفاء للناس وأنه يهدي للتي هي أقوم فقال عز وجل: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (5)
(1) كلمة لسماحته ألقاها في منى في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة عام 1407 هـ رقم الشريط 10.
(2)
سورة النحل الآية 89
(3)
سورة ص الآية 29
(4)
سورة محمد الآية 24
(5)
سورة الإسراء الآية 9
يعني يهدي الناس المتدبرين المتعقلين الراغبين في الهداية يهديهم للطريقة التي هي أقوم الطرق وأهداها وأصلحها وأنفعها للعبد في الدنيا والآخرة، قال عز وجل:{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (1) وقال سبحانه: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (2) فالواجب على جميع المكلفين أن يتدبروا القرآن وأن يتعقلوه وأن يتبعوه ويعملوا بما فيه؛ لأنه الذكر الحكيم ولأنه الصراط المستقيم فمن قرأه عليه أن يتدبره ويتعقله ومن سمعه كذلك، وأنت يا عبد الله إما أن تكون تاليا وإما أن تكون مستمعا، فينبغي لك التدبر والتعقل لهذا الكتاب العظيم حتى تعمل بما فيه، وحتى تعلم عظمته وما اشتمل عليه من الخير والهدى والتوجيه والإصلاح، وقد تيسر بحمد الله لك أن تقرأه وأن تسمعه فهو يتلى من إذاعة القرآن الكريم صباح مساء تستطيع أن تسمعه متى شئت، وتستطيع أن تسمعه من بعض إخوانك في كل مجلس تجلسونه، تستطيعون أن يقرأ أحدكم من المصحف أو عن ظهر قلب فتستمعوا وتنصحوا وتستفيدوا، والحافظ له أو لبعضه
(1) سورة فصلت الآية 44
(2)
سورة الأنعام الآية 155
يستطيع أن يتدبر ويتعقل، وإن لم يكن لديه مصحف، فليقرأ مما أعطاه الله من حفظ كتابه أو ما تيسر منه، فجدير بالمكلف وجدير بالمسلم أن يعنى بهذا الكتاب العظيم وأن يتبصر فيه، وأن يعمل بما فيه، ثم بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ففيها بيان ما قد يشكل، كما قال عز وجل:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (1) وقال سبحانه: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (2) وقد أنزل الله على نبيه عليه الصلاة والسلام الكتاب ليبين للناس ما أثبته عليهم من كتابه سبحانه وتعالى، فالواجب على أهل الإسلام أن يعنوا بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام عناية تامة، حتى يفهموا مراد ربهم ومراد نبيهم عليه الصلاة والسلام وحتى يعملوا بذلك، وقد سمعتم في هذا الصباح هذه السورة العظيمة سورة (ق) فقد كان النبي يقرأ بها صلى الله عليه وسلم في الجمعة؛ لأنها تجمع الناس يقرأ بها في الخطة يوم الجمعة، وكان يقرأ بها في صلاة العيد يقرأ سورة (ق) وسورة (اقتربت) ؛ لما فيهما من العظة والذكرى والقصص وذكر المبدأ والمعاد والجنة والنار، يقول الله
(1) سورة النحل الآية 44
(2)
سورة النحل الآية 64
سبحانه: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} (1)(ق) حرف من الحروف المقطعة مثل (يس) ، (طه) ، (الم) ، (المر) ، حروف مقطعة، فتح الله بها بعض السورة للدلالة على عظمة هذا القرآن، وأنه كتاب عظيم مؤلف من هذه الحروف التي يعرفها الناس، ثم حلف وأقسم بالقرآن فقال:{وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} (2) حلف الله به وهو كلامه سبحانه وتعالى والقرآن كلام الله يحلف به كما يحلف بالله، والله سبحانه يقول:{وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} (3) وأسماء الله وصفات الله وعزة الله كذلك، والله يحلف به وبأسمائه سبحانه وتعالى وبصفاته ولكن لا يحلف بالمخلوقات فالمخلوقات لا يحلف بها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«من حلف بغير الله فقد أشرك (4) » ولكن يحلف بالله وبأسمائه وصفاته سبحانه وتعالى، ولا يحلف بالنبي ولا بالكعبة ولا بالأمانة ولا بشرف فلان ولا حياة فلان - كما يجري على ألسنة بعض الناس - ولا بالأمانة فيقول:
(1) سورة ق الآية 1
(2)
سورة ق الآية 1
(3)
سورة ق الآية 1
(4)
أخرجه الترمذي برقم (1455) كتاب الأيمان والنذور، باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله، وأبو داود برقم (2829) كتاب الأيمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالآباء وأحمد برقم (4669) مسند المكثرين من الصحابة، باب مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله
والأمانة ولا بالنبي ولا بالشرف ولا بحياتك كل هذا منكر، ومن المحرمات الشركية ثم يقول سبحانه وتعالى:{بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ} (1) منذر منهم، وهو: محمد عليه الصلاة والسلام يعرفونه نشأ فيهم، يعرفون صدقه وأمانته وكريم أخلاقه عليه الصلاة والسلام، قبل أن يوحى إليه أنذرهم: بقال الله: قال الله كذا، وقال الله كذا، وعجبوا في هذا واستنكروه، مع أن الرسل قبله جاءت بذلك، نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وإبراهيم وموسى وعيسى وداود وسليمان وغيرهم، فقال الكافرون:{هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ} (2) كونه يأمرهم وينهاهم ويخبرهم أنهم سوف يبعثون وسوف يجازون بأعمالهم، استنكروا هذا وقالوا:{أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} (3) بعد التراب نعود ونحاسب ونجازى، استنكروا هذا بعقولهم القاصرة وهو سبحانه الذي خلقهم من الماء المهين وخلق أباهم آدم من التراب وهو قادر أن يحييهم يوم القيامة، أبوهم آدم كان من تراب وهم من ماء مهين، ماء الرجل الضعيف وماء المرأة، ثم كان إنسانا سويا يقوم ويتكلم ويأمر وينهى ويملك ويضرب ويفعل أشياء كثيرة:
(1) سورة ق الآية 2
(2)
سورة ق الآية 2
(3)
سورة ق الآية 3
{أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (1) فالإنسان كله ضعيف وخلق الإنسان ضعيفا من تراب ثم من ماء مهين، ثم يستنكر ويقول:{أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} (2) فرد الله عليهم وقال: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} (3) الله يعلم ما ذهب من أجسامهم بهذا التراب، وسوف يعيدهم يوم القيامة ويجازيهم بأعمالهم فإن خيرا فخير وإن شرا فشر، كما تقدم في سورة التغابن في الدرس الماضي، قال تعالى:{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} (4)(قل) يا محمد {بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (5) قال تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (6) ، {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} (7) كذبوا بالحق واختلف أمرهم وتمردوا وتنازعوا. والمقصود في هذا بيان أن الله جل وعلا خلق الخلق من ضعف من تراب، وخلق الجان من مارج
(1) سورة المرسلات الآية 20
(2)
سورة ق الآية 3
(3)
سورة ق الآية 4
(4)
سورة التغابن الآية 7
(5)
سورة التغابن الآية 7
(6)
سورة التغابن الآية 8
(7)
سورة ق الآية 5
من نار، وسوف يعيدهم ويجازيهم بأعمالهم فإن خيرا فخير وإن شرا فشر، فعليك يا عبد الله أن تعد لهذه الإعادة العدة، والله أسمعك قوله سبحانه وتعالى:{وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} (1){ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا} (2) ويقول سبحانه وتعالى: {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} (3) وقال تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} (4) هذا أنت يا بن آدم من التراب وإلى التراب ثم تخرج ثم تعاد، وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه سبحانه وتعالى، فالواجب على العاقل أن يتنبه لهذه الأمور وأن يعد العدة للقاء ربه، وهذا المجمع مجمع الحج يذكر بيوم القيامة مجمع عظيم من أقطار الدنيا يجتمعون في عرفات وفي مزدلفة وفي أنحاء مكة، حتى يقضوا مناسكهم ثم يعودون إلى بلادهم، هذا فيه تذكير بذلك اليوم العظيم يوم القيامة، حيث يبعث الله الخلائق أولهم وآخرهم أسودهم وأبيضهم غنيهم وفقيرهم ملكهم ومملوكهم، كل الأجناس تبعث يوم القيامة، قال تعالى:{قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ} (5){لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} (6)
(1) سورة نوح الآية 17
(2)
سورة نوح الآية 18
(3)
سورة الأعراف الآية 25
(4)
سورة طه الآية 55
(5)
سورة الواقعة الآية 49
(6)
سورة الواقعة الآية 50
ثم يجازى كل عامل بعمله، فهذا يعطى كتابه بيمينه وإلى الجنة، وهذا يعطى كتابه بشماله وإلى النار، إذا نظرت في أحوال الناس في هذا المجمع واختلاف ألوانهم واختلاف لغاتهم واختلاف حوائجهم واختلاف ملابسهم، إلى غير ذلك تذكر يوما يجمع الله فيه الخلائق عراة حفاة غرلا، كلهم يحرجون يوم القيامة من هذه القبور، ومن البحار ومن كل مكان، ويجمعون عارية ظهورهم ليس عليهم شيء وليس في أرجلهم شيء، حتى يكسوهم الله سبحانه وتعالى، يحشرون ويجمعون ويجازون بأعمالهم، فانتبه لهذا اليوم، وتذكر ذلك المجمع وأن الأسباب التي بها النجاة برحمة الله هي ما تقدمه من أعمال صالحات من طاعة الله ورسوله هذه الأسباب، يقول عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ} (1) هذا جزاؤهم إذا عملوا الصالحات، قال تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (2) هذا جزاء هؤلاء وهذا جزاء هؤلاء، قال
(1) سورة لقمان الآية 8
(2)
سورة المائدة الآية 10
تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} (1){وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} (2) فتذكر، وخذ العدة اليوم، وهذا من النافع التي أشار الله إليها في قوله سبحانه:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} (3) في هذا الحج تسمع كلمة ينفعك الله بها، نصيحة ينفعك الله بها، وصية من أخيك ينفعك الله بها، في أي مكان، وإياك وإيثار العاجلة والغفلة، قال تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} (4) وقال سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ} (5) كالإبل والبقر والغنم، {بَلْ هُمْ أَضَلُّ} (6) بل أشد ضلالا من الأنعام {أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (7) والعياذ بالله لا ترضى أن تكون من هؤلاء، قال تعالى:{أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} (8) أكثر الخلق كالأنعام لا ينظر إلا في المأكل
(1) سورة الانفطار الآية 13
(2)
سورة الانفطار الآية 14
(3)
سورة الحج الآية 28
(4)
سورة الأحقاف الآية 3
(5)
سورة الأعراف الآية 179
(6)
سورة الأعراف الآية 179
(7)
سورة الأعراف الآية 179
(8)
سورة الفرقان الآية 44
والمشرب والمنكح والمسكن والمركب، ونحو ذلك في غفلة وسكرة لا يهمه إلا المأكول والمشروب والملبوس والمنكوح والمسكون والمركوب ونحو ذلك. هذا قصارى همه فإذا ارتفعت همته انشغل ببعض الصناعات والاختراعات ليعيش مع الناس، لكن المؤمن يعمل ويكتسب ويخترع ويصنع ويكدح ويعد العدة لآخرته، يعمل في طاعة الله ورسوله يجمع بين هذا وهذا، يقول جل وعلا:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1) من عمل صالحا عن إيمان أحياه الله الحياة الطيبة وجزاه بأحسن ما عمل، فضلا منه وإحسانا سبحانه وتعالى.
فوصيتي لك ولكم تقوى الله وإعداد العدة للآخرة، وأن تدبروا كتاب ربكم وسنة نبيكم عليه الصلاة والسلام، وأن تحرصوا على حلق العلم وسماع العلم من إذاعة، أو صحيفة، أو اجتماع، أو خطبة جمعة، أو تذكير مذكر، أو غير ذلك، تحروا ما ينشر من الكلمات الطيبة والمواعظ في أي صحيفة، وما يذاع في إذاعة القرآن أو في برنامج نور على الدرب من علم وتوجيه إلى خير، وكذلك خطب الجمعة، وما يحصل في بعض
(1) سورة النحل الآية 97
الأحيان والمناسبات من الخطب والتذكير إلى غير ذلك، ليكون للمؤمن عناية بهذا الشيء حرصا عليه حتى لا يغفل وحتى لا تأخذه التيارات الأخرى فيهلك مع الهالكين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا اليوم يوم الخميس هو النفر الأول وغدا النفر الثاني، وبذلك ينتهي عمل الحج من جهة الرمي، وإذا غابت الشمس غدا يوم الجمعة انتهى أمر الرمي، ومن لم يرم فاته الرمي ووجب عليه دم، فالنهاية هو غروب الشمس غدا، ومن تعجل في هذا اليوم الثاني عشر فلا بأس بعد أن يرمي الجمرات بعد الزوال، يرمي الجمار الثلاث كل واحدة بسبع حصيات بعد الظهر بعد الزوال، ثم يرتحل إذا شاء إلى مكة، أو إلى بلده متعجلا بعد أن يطوف طواف الوداع، فإن أراد مكة والإقامة بها أقام بها ما شاء الله، وإلا طاف الوداع ومشى، فرسولنا صلى الله عليه وسلم بات ليلة أربعة عشر في الأبطح، نفر في اليوم الثالث عشر آخر النهار.
انتهى الجزء الثالث والعشرون ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء الرابع والعشرون وأوله القسم الثاني من كتاب العلم