المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لماذا يبحث المسلم في موضوع البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم - محمد صلى الله عليه وآله وسلم في الكتب المقدسة

[سامى عامرى]

فهرس الكتاب

- ‌[التصدير]

- ‌الإهداء

- ‌توطئة

- ‌محمّد صلى الله عليه وسلم في أسفار النصارى واليهود

- ‌مقدمة:

- ‌لماذا يبحث المسلم في موضوع البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم

- ‌لماذا على غير المسلم أن يبحث في موضوع البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم

- ‌شبهات المنصّرين حول البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم في" الكتاب المقدس

- ‌اسم نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم في التوراة (العهد القديم)

- ‌اعتراضات النصارى على بشارة سليمان النبي بمحمد عليهما الصلاة والسلام لا تخرج عمّا يأتي:

- ‌الردّ على الاعتراض الأول:

- ‌الردّ على الاعتراض الثاني:

- ‌الردّ على الاعتراض الثالث:

- ‌الردّ على الاعتراض الرابع:

- ‌الردّ على الاعتراض الخامس:

- ‌الردّ على الاعتراض السادس:

- ‌ أنبياء يفترون على الله الكذب

- ‌ كتبة الوحى يحرفون كلام الله:

- ‌ أمّة بني إسرائيل تحرّف الوحى:

- ‌ الصالحون من بنى إسرائيل يحبّون الكذب على الله:

- ‌ نقلة كلام الأنبياء يحرفون الوحى:

- ‌أعداء الأنبياء يحرفون الوحى:

- ‌ قصّاصون يخترعون وحيا مزعوما:

- ‌ ظهور أناجيل كثيرة بعد رفع المسيح:

- ‌ مدح تحريف كلام الله

- ‌شهادة اقتباسات كتّاب أسفار العهد الجديد:

- ‌شهادة أقدم المخطوطات:

- ‌شهادة واقع حفظ مخطوطات الكتاب المقدس:

- ‌شهادة تراجم الكتاب المقدس:

- ‌شهادة علماء اللغات:

- ‌شهادة الكنائس ضد بعضها:

- ‌شهادة المجامع الكنيسة:

- ‌شهادة آباء الكنيسة:

- ‌شهادة" الشواهد

- ‌شهادة الكنيسة المعاصرة:

- ‌شهادة البابا شنوده:

- ‌شهادة أئمة الدراسات الكتابية في الغرب:

- ‌ إنجيل برنابا

- ‌من الشبهات التي يزعم النصارى أنّها تطعن في أصالة هذا الإنجيل

- ‌الشبهة الأولى: لا يوجد سند لهذا الإنجيل

- ‌الشبهة الثانية: نحن لا نملك النسخة الأصلية المكتوبة باللغة اليونانية

- ‌الشبهة الرابعة: ظاهر مما جاء في هذا الإنجيل تأثر صاحبه بتعاليم إسلامية جاء ذكرها في القرآن والسنة

- ‌الشبهة الخامسة: وجود مصطلحات فلسفية يونانية في إنجيل برنابا

- ‌الشبهة السادسة: مخالفة إنجيل برنابا لأسفار الكتاب المقدس

- ‌الشبهة السابعة: إحالة مؤلف إنجيل برنابا إلى أقوال للأنبياء لا نجد لها ذكرا في العهد القديم

- ‌الشبهة الثامنة: جاء في إنجيل برنابا ذكر قصص وحوادث وقعت في أيام الأنبياء السابقين

- ‌الشبهة التاسعة: جاء في إنجيل برنابا ذكر تعاليم وأحداث لم ترد في الأناجيل

- ‌الشبهة العاشرة: جاء في إنجيل برنابا ما يظهر أنّ المؤلف عاش في القرون الوسطى زمن النظام الاقطاعي، إذ نسب ملكية أراض واسعة إلى أفراد (لعازر الذي أحياه عيسى)

- ‌الشبهة الحادية عشر: ورد ذكر" الرطل" في إنجيل برنابا كوحدة وزن، وقطعة الذهب كوحدة نقدية

- ‌الشبهة الثانية عشر: جاء في إنجيل برنابا ذكر عقوبة القتل شنقا

- ‌الشبهة الثالثة عشر: جاء ذكر مقاطع الأحجار (المقالع) في إنجيل برنابا، رغم أنّها صنعة أوروبية متأخرة

- ‌الشبهة الرابعة عشر: جاء ذكر أوقات الصلوات في إنجيل برنابا في غير ما موضع

- ‌الشبهة الخامسة عشر: جاء وصف المسيح بأنّه نبي الناصريين، ووصف أتباعه بالناصريين. ولا حجة لهذا الزعم

- ‌الشبهة السادسة عشر:

- ‌من البشارات بنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم في إنجيل برنابا

- ‌البشارة في كتب الهندوس

- ‌البشارة في كتب الصابئة

- ‌البشارة في كتب البوذية

- ‌البشارة في كتب المجوس*

الفصل: ‌لماذا يبحث المسلم في موضوع البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم

‌لماذا يبحث المسلم في موضوع البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم

؟

يندفع المسلم إلى دراسة موضوع البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم في كتب السابقين بتحفيز مما جاء في وحي الله المنزّل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن والسنة.. وقد تواترت النصوص واستفاضت معانيها المتدفقة من عيونها العذبة تخبر عن ولادة النور من قلب جزيرة العرب، وهي لم تلق معارضة تذكر من اليهود والنصارى في زمن تنزّلها، مما يقطع عند أهل العقول أنها صادقة لم تفتر على الله الكذب وأنها تصف حقيقة لا يستريب فيها مبصر ولا يرتاب في أمرها منصف..

من هذه الآيات قول الحق سبحانه: " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"(الأعراف 157) .

يقول الإمام ابن كثير: " وهذه صفة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم في كتب الأنبياء بشّروا أممهم ببعثه وأمروهم بمتابعته ولم تزل صفاته موجودة في كتبهم يعرفها علماؤهم وأحبارهم. كما روى الإمام أحمد حدّثنا إسماعيل عن الجريريّ عن أبي صخر العقيلي حدّثني رجل من الأعراب قال جلبت حلوبة إلى المدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا فرغت من بيعي قلت لألقينّ هذا الرّجل فلاسمعنّ منه قال فتلقّاني بين أبي بكر وعمر يمشون فتبعتهم حتّى أتوا على رجل من اليهود ناشر التّوراة يقرؤها يعزّي بها نفسه عن ابن له في الموت كأجمل الفتيان وأحسنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" أنشدك يالّذي أنزل التّوراة هل

ص: 23

تجد في كتابك هذا صفتي ومخرجي؟ " فقال برأسه هكذا أي لا فقال ابنه إي والّذي أنزل التّوراة إنّا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك وإنّي أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّك رسول الله فقال" أقيموا اليهوديّ عن أخيكم" ثمّ تولّى كفنه والصّلاة عليه"، هذا حديث جيّد قويّ له شاهد في الصّحيح عن أنس".

وجاء في سورة البقرة الآية 101: " وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ" يقول الإمام الطبري في تفسيره: " يعني جل ثناؤه بقوله: " ولمّا جاءهم" أحبار اليهود وعلماءها من بني إسرائيل.

" رسول" يعني بالرّسول محمّدا صلى الله عليه وسلم. (

) .

أمّا قوله: " مصدق لما معهم". إنّه يعني به أنّ محمّدا صلى الله عليه وسلم يصدّق التّوراة، والتّوراة تصدّقه في أنّه لله نبيّ مبعوث إلى خلقه.

وأمّا تأويل قوله: " لَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ" فإنّه للّذي هو مع اليهود، وهو التّوراة. فأخبر الله جلّ ثناؤه أنّ اليهود لمّا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الله بتصديق ما في أيديهم من التّوراة أنّ محمّدا صلى الله عليه وسلم نبيّ الله.

" نبذ فريق"، يعني بذلك أنّهم جحدوه ورفضوه بعد أن كانوا به مقرّين حسدا منهم له وبغيا عليه.

وقوله: " من الّذين أوثوا الكتاب" وهم علماء اليهود الّذين أعطاهم الله العلم بالتّوراة وما فيها.

ويعني بقوله: " كتاب الله" التّوراة

ص: 24

وقوله: " نبذوه وراء ظهورهم" حملوه وراء ظهورهم؛ وهذا مثل يقال لكلّ رافض أمرا كان منه على بال: قد جعل فلان هذا الأمر منه بظهر وجعله وراء ظهره، يعني به أعرض عنه وصدّ وانصرف

"

وقال الله سبحانه: " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً"(سورة الفتح 29)

قال سيد قطب في تفسيره: " إنها صورة عجيبة يرسمها القرآن الكريم بأسلوبه البديع.

صورة مؤلفة من عدة لقطات لأبرز حالات هذه الجماعة المختارة، حالاتها الظاهرة والمضمرة. فلقطة تصور حالتهم مع الكفار ومع أنفسهم:" أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم" ولقطة تصور هيئتهم في عبادتهم: " تراهم ركعا سجدا". ولقطة تصور قلوبهم وما يشغلها ويجيش بها: " يبتغون فضلا من الله ورضوانا". ولقطة تصور أثر العبادة والتوجه إلى الله في سمتهم وسحنتهم وسماتهم: " سيماهم في وجوههم من أثر السجود".." ذلك مثلهم في التوراة". وهذه صفتهم فيها.. ولقطات متتابعة تصورهم كما هم في الإنجيل..

" كزرع أخرج شطأه"" فآزره".." فاستغلظ"" فاستوى على سوقه". " يعجب الزراع".." ليغيظ بهم الكفار".

وجاء في سورة البقرة الآية 146: " الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ".

ونقرأ في تفسير الجلالين- للإمامين جلال الدين المحلّى وجلال الدين السيوطي-: " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه أي محمدا كما يعرفون أبناءهم بنعته في كتبهم قال

ص: 25

ابن سلام: لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني ومعرفتي لمحمد صلى الله عليه وسلم أشد وإن فريقا منهم ليكتمون الحق (نعته) وهم يعلمون هذا الذي أنت عليه. "

الآيات القرآنية كثيرة نقتصر منها على ما ذكرنا، وفيما يتعلق بالأحاديث الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم والآثار عن الصحابة فنكتفي منها بما رواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه من أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّي عند الله لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بتأويل ذلك، دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني وقد خرج منها نور ساطع أضاءت منه قصور الشام".

ويزداد المسلم إمعانا في الحرص على دراسة موضوع البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم وتشوّفا لتلمّس ملامحه عندما يطّلع على ما كشفه الباحثون من المحققين من بشارات صريحة وضمنية عن مقدم" البشير النذير" صلى الله عليه وسلم.. وقد كتب في شأن هذه البشارات جمع كبير من أهل العلم، وأفضل من فصّل الحديث فيها طائفة من رجال الذين النصارى لبّوا دعوة التوحيد لمّا بزغ نور الهداية في الظلام الدامس الذي ران على قلوبهم، فكتب عبد الأحد داود (دافيد كلداني، سابقا) كتابه" محمد في الكتاب المقدس"، وكتب القسيس المدرّس في كليّة اللاهوت إبراهيم خليل أحمد- رحمه الله" محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل والقرآن" وقد توفي منذ فترة قصيرة، وكتب القسيس دوراني:" محمد النبوءة الكتابية".. وغيرهم..

ويعلم النصارى وغيرهم حقيقة خبر محمد في أسفارهم لكنهم يزعمون غير ذلك" وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ"(النمل 14) .. وهذا الأمر معلوم مشهور تشهد له وقائع عديدة لا تستوعبها الأسفار الثقال، ولك منّي بعضها:

قال إسحاق هلال مسيحة، رئيس لجنة التنصير بإفريقيا وآسيا، بعد اهتدائه إلى الإسلام، وهو يروي قصة إسلامه: "

ثم عيّنت رئيسا لكنيسة المثال المسيحي بسوهاج، ورئيسا فخريا لجمعيات خلاص النفوس المصرية (وهي جمعية تنصيرية قوية

ص: 26

جدا ولها جذور في كثير من البلدان العربية وبالأخص دول الخليج) . وكان البابا يغدق عليّ الأموال حتى لا أعود لمناقشة مثل تلك الأفكار، لكني مع هذا كنت حريصا على معرفة حقيقة الإسلام، ولم يخبو النور الإسلامي الذي أنار قلبي فرحا بمنصبي الجديد بل زاد، وبدأت علاقتي مع بعض المسلمين سرا. وبدأت أدرس وأقرأ عن الإسلام. وطلب منّي إعداد رسالة ماجستير حول مقارنة الأديان وأشرف على الرسالة أسقف البحث العلمي في مصر سنة 1975، واستغرقت في إعدادها أربع سنوات. وكان المشرف يعترض على ما جاء في الرسالة حول صدق نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم وأميته وتبشير المسيح بمجيئه. وأخيرا تمّت مناقشة الرسالة في الكنيسة الإنكليكية بالقاهرة واستغرقت المناقشة تسع ساعات وتركزّت حول قضية النبوّة والنبي صلى الله عليه وسلم علما بأنّ الآيات صريحة في الإشارة إلى نبوّته وختم النبوّة به.

وفي النهاية قرّر البابا سحب الرسالة منّي وعدم الاعتراف بها

"!!!

أمّا الواقعة الثانية فقد كان بطلها الدكتور أحمد حجازي السقا، الباحث المعروف في النصرانية، بل أغزر الباحثين المسلمين العرب تأليفا، وتحقيقا للكتب القديمة حول النصرانية.

قال الدكتور في كتابه (أطروحته)" البشارة بنبيّ الإسلام في التوراة والإنجيل" ص 45- 46: " كنت أعدّ رسالة الدكتوراه في كليّة أصول الدين- جامعة الأزهر في موضوع" مجلّة الأزهر وأثرها في الدعوة الإسلامية" في سنّة 1973 م وذات يوم التقيت ب" قمص" نصراني ظنّ أنّي نصراني مثله، لأنّي كنت أقرأ في الكتاب المقدس وأحمل منه نسخة أخرى، لصديق لي.

فسألني قائلا: " أتعرف أنّ الإصحاح الثامن من سفر دانيال النبيّ يشير إلى معركة سنة 1967 م التي حدثت بين المسلمين وبين اليهود في أرض فلسطين؟ ".

قلت: " قد قرأت ذلك في كتاب" إظهار الحق" ولكنّي لم أدرس جيّدا! ".

قال: " أحبّ أن أطّلع عليه! ".

ونزلنا من القطار إلى منزل الشيخ حامد عبد الحميد إبراهيم قلبه، في محطة المطرية بمصر.

ص: 27

وفي الطريق سألته: " أمحمد نبيّ المسلمين لا يشير إليه الكتاب المقدّس؟ ".

قال: " يشير إليه في آيات كثيرة. "

ثم سرد لي كثيرا من هذه الآيات.

وفي منزل هذا الشيخ الذي كنت نازلا عليه ضيفا، قرأ ما أراد. ثم انصرف مندهشا لما عرف أنّي مسلم فيما بعد.

وكان بين الشيخ وبين أستاذنا صاحب الفضيلة الدكتور" الشيخ محمد بن محمد أبو شهبة" موعد آخر النهار، فاصطحبني معه. وقصصنا عليه ما حدث فتبسّم ضاحكا وقال:" يعرفونه كما يعرفون أبناءهم" وكررها كثيرا. ثم قال: " وددت لو يكتب أحد رسالة في موضوع: " البشارة بنبيّ الإسلام في التوراة والإنجيل" فشرح الله صدري للذي قال، وتنازلت عن الموضوع الأول. وأشرف هو عليه وساعدني فيه كثيرا.

ومن عجيب المصادفات أنّني التقيت بهذا القمص، واسمه" جرجس سلمون فيلمون" وكيل الدير المحرق في القوصية بأسيوط، في مسجد الجامع الأزهر بعد سنتين من الزمان في حجرة الأساتذة وذكر لي نصوصا أخرى. "

وقد تمّ نشر رسالة الدكتوراه تلك ونشر بعدها الدكتور السقا عدة أبحاث في موضوع البشارة وحده حتى أصبح المجال الأول لكتاباته.

وخذ ثالثة من يهودي..

ذكر الباحث قيس الكلبي في كتابه: " محمد خاتم الرسل في التوراة والإنجيل =Prophet Muhammad the Last Messenger in the Bible ="ص 37 الطبعة السابعة، أنه بينما كان يعدّ كتابه الطويل المليء بالوثائق، والذي أسلم بعد قراءته أكثر من 360 شخص، التقى بأحد مشاهير أحبار اليهود في أمريكا واسمه يعقوب، وناقشه في كلّ أعداد التوراة باللغة العبرية فيما يتعلّق بالبشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم. وفي أثناء النقاش، انبثقت شرارة الصدق من اصطلام نار النور في صدر الحبر

ص: 28

فبكى وذرف الدمع الشحيح، وأقرّ أنه لا شكّ أنّ محمدا صلى الله عليه وسلم هو كموسى عليهما الصلاة والسلام نبي من عند الله..

ولكنّ الرجل لم يسلم!!؟؟

وبعد ذكر هذه الوقائع يحسن بنا أن نقدّم نموذجا آخر لثبوت علم أهل الكتاب ببشارة" الكتاب المقدس" ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو اعتراف صدر من أبي الفتح بن أبي الحسن السامري الذي لم يسلم، بأنّ سلفه من اليهود السامريين* كانوا يعلمون أنّ محمدا صلى الله عليه وسلم هو حقا رسول الله، فقد قال في كتابه" التاريخ مما تقدّم عن الآباء" ص 172 إنّ ثلاثة رجال، أحدهم من اليهود السامريين في نابلس ويسمّى صرماصة، وثانيهم من اليهود العبرانيين في أورشليم ويلقّب بكعب

الأحبار، وثالثهم نصراني راهب ويسمّى عبد السلام. هؤلاء الثلاثة اجتمعوا معا وانطلقوا إلى مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم. يقول ما نصّه (وترجمته العربية ركيكة) : " وجاءوا حتى وصلوا إلى المدينة التي هو فيها. وقالوا لبعضهم البعض: من يتقدم أولا؟ فقال كعب الأحبار: أنا. فتقدم إليه وسلّم عليه. فردّ عليه السلام.

وقال له: من أنت من أولاد اليهود؟ فقال له: أنا رجل من مقدمي اليهود، وجدت في توراتي أن يقوم ملك من نسل إسماعيل ويملك الدنيا ولا يقف بين يديه أحد. فتقدّم عبد السلام بعده وقال: هكذا وجدت في الإنجيل. وتقدم إليه صرماصة. وقال له: أنت تدين بدين وسيعة وتملك رقاب العالم".

ثم يقول بعد ذلك ما نصّه: " ومحمد ما أساء إلى أحد من أصحاب الشرائع، وسمعت من لفظ الحكيم وهو نقل عن كاتبه المنقول منه العلامة فاضل الوجود الشيخ نفيس الدين أبو الفرج بن كثار أنّه جاء في نقل السلف عن محمد وهو

الخ".

(*) اليهود فرق عدّة من أشهرها فرقة اليهود السامريين، وهم يعيشون في أيامنا في نابلس في فلسطين. أهمّ مخالفاتهم لبقية اليهود هي أنهم يرفضون الاعتراف بقدسية ما عدا أسفار موسى الخمسة (لمزيد من التفصيل انظر د. عبد الجليل شلبي اليهود واليهودية ص ص 132- 133) .

ص: 29

ثم نقل النص باللغة العبرية السامرية التي كانت شائعة قبل تغيير العبرانيين للخط العبري..

وقد نسخ هذا الاعتراف الدكتور السقا في كتابه" المسيّا المنتظر نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم" ص 168 وفي غيره.

ص: 30