المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشبهة السادسة عشر: - محمد صلى الله عليه وآله وسلم في الكتب المقدسة

[سامى عامرى]

فهرس الكتاب

- ‌[التصدير]

- ‌الإهداء

- ‌توطئة

- ‌محمّد صلى الله عليه وسلم في أسفار النصارى واليهود

- ‌مقدمة:

- ‌لماذا يبحث المسلم في موضوع البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم

- ‌لماذا على غير المسلم أن يبحث في موضوع البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم

- ‌شبهات المنصّرين حول البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم في" الكتاب المقدس

- ‌اسم نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم في التوراة (العهد القديم)

- ‌اعتراضات النصارى على بشارة سليمان النبي بمحمد عليهما الصلاة والسلام لا تخرج عمّا يأتي:

- ‌الردّ على الاعتراض الأول:

- ‌الردّ على الاعتراض الثاني:

- ‌الردّ على الاعتراض الثالث:

- ‌الردّ على الاعتراض الرابع:

- ‌الردّ على الاعتراض الخامس:

- ‌الردّ على الاعتراض السادس:

- ‌ أنبياء يفترون على الله الكذب

- ‌ كتبة الوحى يحرفون كلام الله:

- ‌ أمّة بني إسرائيل تحرّف الوحى:

- ‌ الصالحون من بنى إسرائيل يحبّون الكذب على الله:

- ‌ نقلة كلام الأنبياء يحرفون الوحى:

- ‌أعداء الأنبياء يحرفون الوحى:

- ‌ قصّاصون يخترعون وحيا مزعوما:

- ‌ ظهور أناجيل كثيرة بعد رفع المسيح:

- ‌ مدح تحريف كلام الله

- ‌شهادة اقتباسات كتّاب أسفار العهد الجديد:

- ‌شهادة أقدم المخطوطات:

- ‌شهادة واقع حفظ مخطوطات الكتاب المقدس:

- ‌شهادة تراجم الكتاب المقدس:

- ‌شهادة علماء اللغات:

- ‌شهادة الكنائس ضد بعضها:

- ‌شهادة المجامع الكنيسة:

- ‌شهادة آباء الكنيسة:

- ‌شهادة" الشواهد

- ‌شهادة الكنيسة المعاصرة:

- ‌شهادة البابا شنوده:

- ‌شهادة أئمة الدراسات الكتابية في الغرب:

- ‌ إنجيل برنابا

- ‌من الشبهات التي يزعم النصارى أنّها تطعن في أصالة هذا الإنجيل

- ‌الشبهة الأولى: لا يوجد سند لهذا الإنجيل

- ‌الشبهة الثانية: نحن لا نملك النسخة الأصلية المكتوبة باللغة اليونانية

- ‌الشبهة الرابعة: ظاهر مما جاء في هذا الإنجيل تأثر صاحبه بتعاليم إسلامية جاء ذكرها في القرآن والسنة

- ‌الشبهة الخامسة: وجود مصطلحات فلسفية يونانية في إنجيل برنابا

- ‌الشبهة السادسة: مخالفة إنجيل برنابا لأسفار الكتاب المقدس

- ‌الشبهة السابعة: إحالة مؤلف إنجيل برنابا إلى أقوال للأنبياء لا نجد لها ذكرا في العهد القديم

- ‌الشبهة الثامنة: جاء في إنجيل برنابا ذكر قصص وحوادث وقعت في أيام الأنبياء السابقين

- ‌الشبهة التاسعة: جاء في إنجيل برنابا ذكر تعاليم وأحداث لم ترد في الأناجيل

- ‌الشبهة العاشرة: جاء في إنجيل برنابا ما يظهر أنّ المؤلف عاش في القرون الوسطى زمن النظام الاقطاعي، إذ نسب ملكية أراض واسعة إلى أفراد (لعازر الذي أحياه عيسى)

- ‌الشبهة الحادية عشر: ورد ذكر" الرطل" في إنجيل برنابا كوحدة وزن، وقطعة الذهب كوحدة نقدية

- ‌الشبهة الثانية عشر: جاء في إنجيل برنابا ذكر عقوبة القتل شنقا

- ‌الشبهة الثالثة عشر: جاء ذكر مقاطع الأحجار (المقالع) في إنجيل برنابا، رغم أنّها صنعة أوروبية متأخرة

- ‌الشبهة الرابعة عشر: جاء ذكر أوقات الصلوات في إنجيل برنابا في غير ما موضع

- ‌الشبهة الخامسة عشر: جاء وصف المسيح بأنّه نبي الناصريين، ووصف أتباعه بالناصريين. ولا حجة لهذا الزعم

- ‌الشبهة السادسة عشر:

- ‌من البشارات بنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم في إنجيل برنابا

- ‌البشارة في كتب الهندوس

- ‌البشارة في كتب الصابئة

- ‌البشارة في كتب البوذية

- ‌البشارة في كتب المجوس*

الفصل: ‌الشبهة السادسة عشر:

" نوتصرم =Nottzerim =ويذكر المؤلف استمرار الاسم بعد ذلك كتسمية لمن سماهم المؤلف ب" الأتباع الأصليين لعيسى في القدس".

‌الشبهة السادسة عشر:

قال الدكتور خليل سعادة مترجم إنجيل برنابا إلى العربية ما نصه: " الذي أذهب إليه إن الكاتب يهودي أندلسي اعتنق الدين الإسلامي بعد تنصره واطلاعه على أناجيل النصارى، وعندي أن هذا الحل هو أقرب إلى الصواب من غيره"!

الردّ.. من وجوه: ما توجّه الدكتور" الأمين" إلى هذا المخرج إلا للهروب من نسبة هذا الإنجيل إلى برنابا الرسول.. وهذا منهج فاسد في البحث الذي يبتدئ بتقرير النتيجة ثم البحث عن سند!

جاءت نصوص في إنجيل برنابا تخالف ما هو مذكور في القرآن والسنة..

وهذا ما يمنع ما افترضه الدكتور" الأمين".. وإنما نقول إنّ برنابا قد أخطأ في التأريخ لأقوال المسيح وتعاليمه سواء لوهم أو لنسيان أو لأنّ من نقل عنه كان غير أمين أو غير ضابط لنقله!

لو كان مؤلف الإنجيل يهوديا لما خالف نصوصا في التوراة الموجودة في القرون الوسطى لغير غرض ديني بارز.. وإنما لكان نقلها بدقة!

أليس الأولى القول إنّ" إنجيل برنابا" الذي جاء ذكره في كتب التاريخ من قبل، هو نفسه هذا الإنجيل المكتشف.. بدل الزعم أنه إنجيل آخر!!

قال الدكتور وديع:

" حقائق عن إنجيل برنابا:

ص: 379

- كاتبه لم يدّع أنه كتب بالوحي الإلهي كما يدعي كل من كتبوا كتب النصاري وخاصة بولس الذى حوّل النصرانية إلى المسيحية.

اعترف كاتب" برنابا" أنه ينسى بعض الكلمات وبعض الأحداث" فصل 217"، أي أنه يكتب سيرة المسيح وقصة حياته وأعماله وتعاليمه وليس إنجيلا منزلا.

كما أنّ الكاتب كتب هذا الكتاب بعد عدة سنوات من إصعاد المسيح عليه السلام حيث قال أنه كتبه بعد ضلال بولس والذي دخل النصرانية بعد الإصعاد بعدة سنوات ثم ظل تلميذا لبرنابا عدة سنوات ثم ضل وعبد المسيح.

كما أن الكاتب" برنابا" عاشر بولس الضال وكل النصاري يعلمون أن" المعاشرات الرديئة تفسد الاخلاق الجيدة"، فتأثر برنابا بتعاليم بولس وظهر ذلك في بعض كلام برنابا في بعض أجزاء من هذا الكتاب.

من هو برنابا:

قال برنابا عن نفسه في هذا الكتاب أنه من أوائل التلاميذ- الحواريين- اللذين اختارهم المسيح عيسي عليه السلام، لكن في الأناجيل الأربعة تم حذف اسمه عمدا لأن كتابه هذا يكشف زيف الأناجيل كما سأشرح. ولكن جاء ذكر برنابا كثيرا في كتاب النصاري في العهد الجديد وفي كتاب" أعمال الرسل" ويعنون بالرسل" التلاميذ اللذين أرسلهم المسيح" وجاء في هذا الكتاب.

(أعمال 4)" ويوسف الذى دعى من الرسل- برنابا- الذى معناه" ابن الوعظ" وهو لاوى" أي رجل دين يهودي

ص: 380

" قبرصي الجنس اذ كان عنده حقل باعه وأتى بالدراهم ووضغها عند أرجل الرسل" أى تبرع بكل ماله للفقراء.

(أعمال 11) بعد أن ترك بولس اليهودية وانضم إلى النصارى خاف منه تلاميذ المسيح فجاء برنابا وأقنع التلاميذ أن يقبلوه فوافقوا لأنهم يثقون في صدق برنابا.

(أعمال 11) التلاميذ رأوا أن" برنابا رجلا صالحا وممتلئا من الروح القدس والإيمان" والروح القدس هو الجزء الثالث من الثالوث الذى يعبده النصارى، فقام التلاميذ بإرساله من أورشليم إلى أنطاكية- في آسيا الصغرى- حيث كلمهم عن المسيح فآمن جمع غفير.

ثم ذهب برنابا إلى طرسوس في آسيا الصغرى ليبحث عن بولس حيث كان يختبيء خوفا من اليهود وجاء به إلى أنطاكية وهناك اخترع بولس لقب" المسيحيين" بدلا من" النصارى" أو" المؤمنين" برسالة المسيح.

(أعمال 11) برنابا- وبولس قاما بجمع معونات من أنطاكية للتلاميذ في أورشليم.

(أعمال 12) التلاميذ اعتبروا برنابا" نبيا ومعلما كبيرا.

(أعمال 13)" الروح القدس" يأمر التلاميذ بإرسال" برنابا وبولس" للتبشير في قبرص فسافرا ومعهما" مرقس" خادما، ومرقص هو كاتب الإنجيل المعروف.

وهناك أخذا يبشران بين اليهود فقط، ثم ذهبا إلى أنطاكية وهاجما كفر اليهود فطردوهما، فذهبا إلى بلد" أيقونية" حيث كلما اليهود فقط، فكاد اليهود أن يرجموهما فهربا إلى مدينة" لسترة" حيث الناس يعبدون

ص: 381

الأصنام، وهناك اعتبروا أن برنابا هو" زفس" كبير الآلهة، وبولس هو" هرمس"، ثم رجموا بولس وخافوا من برنابا، ولكن للأسف عاش بولس لأن اصابته لم تكن خطيرة. ثم تنتهى قصة برنابا في كتاب" أعمال" حين يخترع بولس للمسيحيين القساوسة، ويتنازعان حين يقوم بولس بتعليم الناس أن يتركوا فرض" الختان" ويتركوا التمسك بشريعة الله لعبده موسى عليه السلام وذلك بزعم أن المسيح نسخها وألغاها بالكامل. فتشاجر برنابا مع بولس وذهب كل منهما إلى طريق مختلف. وانتهى ذكر برنابا تماما من كتاب النصارى واستمر باقى الكتاب لذكر بولس وحده وكأنه هو الوحيد الذى يفعل كل شىء وكأنه لا يوجد أى واحد من تلاميذ المسيح يفعل أى شىء. "

قلت: جاء في" موسوعة الأديان" ل أ. روجستون بايك ص 46: " برنابا، رسول ونبي مسيحي، رفيق للقديس بولس في بعض رحلاته الدعوية.. جاء في التقليد أنه أسقف ميلانو ومؤسس الكنيسة في أنطاكيا، استشهد في روما. الاحتفال به يوم 11 جوان. نسبت إليه عدة كتابات، وبالذات" رسالة برنابا" الموجودة في المخطوطة السينائية

"

وجاء عن كلمنت الإسكندري أنه واحد من السبعين رسول.

قال الدكتور وديع: " من أدلة وجود هذا الكتاب من قبل الإسلام بمئات السنين:

يقول مترجم كتاب" إنجيل برنابا"، الأستاذ خليل سعادة- النصراني- في مقدمته التي يهاجم فيها هذا الكتاب ليثبت زيفه: " إنّ الموسوعة الفرنسية أثبتت وجود إنجيل برنابا من قبل الإسلام بمئات السنين وهذه الموسوعة كتبها

ص: 382

مسيحيون متشددون جدا ومتعصبون جدا ضد الإسلام كما شهد المترجم النصراني لهذا الكتاب قائلا عنه: " هذا الكتاب قد أتى على آيات باهرة من الحكمة وطراز راق من الفلسفة الأدبية وهو يرمى إلى ترقية العواطف البشرية إلى أفق سام آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر داعيا الإنسان إلى التضحية".

وكذلك قال العلامة المسيحي القس صموئيل مشرقى رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر والشرق وهو بمثابة (البطرك) عند الأرثوذكس (والبابا) عند الكاثوليك قال في كتابه الصادر سنة 1988 م" عصمة الكتاب المقدس واستحالة تحريفه" في صفحة 20: ان إنجيل برنابا كان موجودا سنة 325 م. وكتب يقول: " أما نحن من جانبنا فنقول من باب الترجيح أن بعض أتباع المسيح قد بدأوا في كتابة هذه الأناجيل عن المسيح عن طريق جمع مجموعات من أقواله وأفعاله لاستعمالهم الشخصي في البداية، وهنا بدأت القصص التي تروى يسوع تجمع في كتب كبيرة كانت نواة لعدة أناجيل بلغت مائة إنجيل وكان على الكنيسة (يعنى قادتها من البطاركة والرهبان) أن تمحص هذه الأناجيل وتمت الموافقة على هذه الأناجيل الأربعة فقط (يعنى كذبوا أكثر من 96 إنجيلا) بعد أن ثبت قانونيتها؟ وتم الاعتراف بقدسيتها؟ (يعنى اعترفوا بأنها وحى من عند الله؟) التي تأكدت بما أحاط بها من براهين داخلية وخارجية. ورفضت الكنيسة الاعتراف بغيرها من الأناجيل مثل" إنجيل توما" المكتوب باللغة العربية في الجزيرة العربية و" إنجيل برنابا" وغيرهما، بعد أن ثبت أن الكثير مما تحتويه من أقوال دخيل ومزور؟

ومن ثم لم يتقرر وحيها (أى أن الوحي يحتاج لتصديق البطاركة والرهبان) وتم وضع هذه الكتب كلها في قائمة

ص: 383

واحدة في مجمع" نيقية" سنة 325 م، ومازال بعض هذه الكتب المرفوضة موجودا مثل" إنجيل المصريين" و" إنجيل العبرانيين" و" إنجيل توما" و" إنجيل برثلماوس" و" إنجيل متياس" و" إنجيل تلاميذ المسيح" وفيها الكثير من الأخطاء التاريخية والجغرافية والعقائدية، وما يتعارض مع ما ذكره أنبياء العهد القديم ورسل العهد الجديد.

وهذان الدليلان يؤكدان وجود هذا الإنجيل من قبل ظهور الإسلام بأكثر من قرنين من الزمان، وهذا ينفى أن أصله كاتب مسلم. "

قلت: من الممكن التأكد من وجود إنجيل بهذا الاسم قبل القرن السابع ميلادي من خلال الاقتباس الموسّع لإيرانيوس (130 م- 200 م) من هذا الإنجيل في ردّه على بولس ودفاعه عن عقيدة التوحيد. كما يخبرنا قيس الكلبي في كتابه Muhammad the Last Messenger in the Bible ==Prophet ص 128، أنّه في السنة الرابعة من حكم الامبراطور زينو (478 م) وجدت بقايا جثة برنابا، ووجد على صدره إنجيله، وأشار قيس الكلبي إلى هذا المرجع، "boland juni ،Tom 2 ،pp 054 -224 antwep 8961 =acia sanctorum: وقد نقل هذا الواقعة أيضا الباحث، العضو في المحكمة الفيدرالية الباكستانية، الحاج خواجه ناظر أحمد في كتابه" عيسى في السماء والأرض Earth ==Jesus in Heaven and "ص 256.

ويذكر تولاند في كتابه) =Miscellaneous Works =نشر سنة 1747 م) ، الفصل 15، أنه قد جاء ذكر" إنجيل برنابا" في قائمة الكتب الممنوعة، في القرار الذي أصدره البابا جلاسيوس الأول سنة 492 م. وقد حرّمت قراءته قبل ذلك من طرف البابا اينوسنت سنة 465 م وقرار الكنائس الغربية سنة 382 م.

ص: 384

وجاء ذكر" إنجيل برنابا" في أعمال أعدت بعد بعثة نبي الإسلام منها" فهرس المخطوطات" الذي أعدّه" كوتلريس" سنة 1789 م عند فهرسته لمخطوطات الملك الفرنسي.

كما جاء ذكر هذا الإنجيل في ال 206 باروشين في مكتبة بودلسين بأكسفورد=Library in Oxford Manuscript of the Baroccian Collection in the Bodlusion =

ويوجد جزء من ترجمة يونانية لإنجيل برنابا في متحف أثينا.

ونقل الدكتور م. هـ. دورّاني في كتابه: " الإنجيل المنسي للقديس برنابا" ص 6 عن رودريك دنكرلي Roderic Dunkerly قوله: " إنّه من المعلوم أنّه كان هناك إنجيل أبو كريفي نسب إلى برنابا في القرن الخامس. "

وقال الأستاذ بشير محمود في مقدمته للترجمة الأردية لإنجيل برنابا: "" لا يتفوت"، وهو ناقد باحث من ليفربول، اقتبس من الموسوعة البريطانية (الموسوعة البريطانية، المجلد 3، ص 118) أنّ إنجيل برنابا قد كتب بين 69 م- 79 م أثناء حكم الإمبراطور الروماني فسباسين".

ومن أعجب العجب أنّه رغم وضوح هذه الشهادات لصالح الوجود التاريخي القديم لإنجيل لبرنابا، فإنّ البابا شنوده قد صرح في مقال في صحيفة" وطني" تحت عنوان" خرافة" إنجيل" برنابا" أنّه لا ذكر لإنجيل برنابا قبل القرن السادس عشر.

والأطراف من هذه" الخرافة" اعتراضه على مصداقية إنجيل برنابا بأنّ هذا الإنجيل لا ذكر له في فهارس الكتب العربية القديمة وكتب" الفقه؟؟؟!!! " والحديث؟؟!! ..

ص: 385

كما شاركه زعمه العجيب أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي في قوله في مقاله: " حقيقة الكتاب المنحول خطأ على القديس برنابا الرسول": "

فلم يذكر لنا التقليد الكنسي، ولا أحد من آباء الكنيسة، ولا أحد من المؤرخين الكنسيين أو المدنيين أن هناك إنجيلا منسوبا إلي القديس برنابا الرسول أحد السبعين، وهي الفرية التي أخذ بعض الناس في القرن 19 على وجه الخصوص، يروجون لها من منطلق العداء للمسيح والمسيحية".. قلت: بل قولك يا إمام الدراسات القبطية اللاهوتية فرية فاقعة ودعوى من الحق آبقة.. إذ أنّه ما قرّر صدق نسبة هذا الإنجيل إلى برنابا غير المسلمين الذي اتهمهم" نيافته" بكلّ وقاحة بأنّهم ما فعلوا ذلك لا لشيء غير العداء للمسيحية.... (وانتبه) .. والعداء للمسيح؟؟؟!

وصدق القائل:

واعلم بأنّ من السكوت إبانة

ومن التكلم ما يكون خبالا

قال الدكتور وديع: " وكيف يرفضون أكثر من 96 إنجيلا لأجل خطأ تاريخي أو جغرافي؟؟

وأضيف أن كتاب برنابا صحيح- الا من بعض التغييرات المفتعلة والتى لا ذنب للكاتب فيها بالأدلة الآتية-

هذا الكتاب يحتوى على كل ما ذكرته الأناجيل الأربعة- مجتمعة- عن المسيح، ما عدا تأليه المسيح فقط. وأسلوبه أوضح من الأناجيل، وكتب الأحداث والتعاليم بالتفصيل أكثر منها بكثير.

ذكر حقائق عن المسيح عليه السلام أخطأت فيها الأناجيل الأربعة ثم جاء علماء المسيحية ليؤكدوا صحة ما جاء في برنابا وخطأ الأناجيل الأربعة ومنها:

ص: 386

- قال برنابا أن المسيح أرسل 72 تلميذا- في الفصل 97 بينما قال إنجيل لوقا أنهم كانوا 70 فقط وذلك في الطبعة القديمة الصادرة باسم" الكتاب المقدس"، وجاءت الطبعة الحديثة باسم" كتاب الحياة" سنة 1982 لتؤكد كلام برنابا وتنفي كلام لوقا.

قال برنابا أن" سالوما" هي شقيقة" مريم" أم المسيح فصل 209 بينما قالت الأناجيل أنها قريبتها، وذكر المترجم النصراني أن علماء النصارى أكدوا صدق برنابا.

ذكر برنابا- استشهاد المسيح بروايات جاءت في كتب يهودية حذفها النصارى من كتابهم المقدس عندهم من القرن الرابع بزعم عدم صحتها (فصل 50، 167) ، وفي سنة 1972 م اعترف علماء النصارى بصحة هذه الكتب وأضافوها لكتابهم تحت إسم" الأسفار القانونية".

قصة الزانية الموجودة في إنجيل يوحنا ذكرها برنابا بصورة مختلفة تماما (فصل 201) . وأكد المؤرخون صدق ما قاله برنابا بالحرف وتم تصويرها في فيلم حياة المسيح كما ذكرها برنابا وليس كما ذكرها يوحنا. "

قلت: جاء في إنجيل يوحنا 11: 47- 48: " فجمع رؤساء الكهنة والفريسييون مجمعا وقالوا ماذا نصنع فإنّ هذا الإنسان يعمل آيات كثيرة. إن تركناه هكذا يؤمن الجميع به فيأتي الرومانيون ويأخذون موضعنا وأمتنا. "

وهذا غلط فإنّ الرومانيين كانوا يملكون أورشليم زمان المسيح بل ومن قبل ولادة المسيح ب 63 سنة.. فكيف يدّعي مؤلف إنجيل يوحنا أنه يخشى أن يأخذ الرومانيون أورشليم إن قتلوا المسيح!! وما علاقة الرومان بقتل المسيح؟!!

ص: 387

الصواب هو ما جاء في إنجيل برنابا 142: 19- 21: " ماذا يكون الثمر إذا تركنا هذا الإنسان يعيش؟ من المؤكد: أنّ الإسماعيليين يصيرون ذوي وجاهة عند الرومانيين، فيعطونهم بلادنا ملكا. وهكذا يصير إسرائيل عرضة للعبودية كما كان قديما".

وهذا الكلام متناسق، إذ ترك المسيح دون قتله سيؤدي إلى إيمان أهل فلسطين بدينه وبالتالي وراثة الإسماعيليين المملكة الرابعة (الرومان) التي تحدّث عنها دانيال النبي!

قال الدكتور وديع: " كما شرح برنابا كلاما ذكرته الأناجيل الأربعة بطريقة غير مفهومة مثل:

أن اليهود متفوا أمام المسيح قائلين" أوصنا لابن داوود" وترجموها فيما بينهم بمعني" خلصنا" فلا يستقيم المعني" خلصنا لإبن داوود"؟؟؟ أما برنابا فقال أنهم قالوا (فصل 200)" مرحبا بابن داود".

قالت الأناجيل أن المسيح قال" من قال لأبيه قربان فلا يلتزم"؟؟؟ بينما قالها برنابا (فصل 32)" إذا طلب الآباء من أبنائهم نقودا يقول الأبناء: لا إن هذه النقود نذر الله ولا يعطون لآبائهم". أيهما أوضح؟؟

كذلك ما جاء في إنجيل لوقا 14 على لسان المسيح" من لا يبغض أباه وأمه فلا يستحقني" وهذا تحريض صريح على كراهية الأب والأم بينما جاءت في برنابا في الفصل 26" ان كان أبوك وأمك عثرة لك في خدمة الله- فانبذهم" ولا تنسى فضل المترجمان النصرانيان في ترجمة كلمة فانبذهم وما شابهها-

ص: 388

وان كان معناها أخف بكثير من كلمة يبغض والفارق بين الجملتين كبير جدا.

برنابا صحح أحداثا تناقضت فيها الأناجيل الأربعة تناقضا كبيرا، واحتار في تفسيرها علماء النصارى، وأوضح مثال هو قصة المرأة التي بكت أمام المسيح وسكبت العطور علي قدميه (فصل 129 مع فصل 192، فصل 205) وإليك اختلافات الأناجيل الأربعة في هذه القصة:

قال إنجيل متى: حدث قبل عيد الفصح بيومين في مدينة بيت عنيا عند سمعان الأبرص أن امرأة سكبت الطيب (العطر) على رأس المسيح، فاغتاظ تلاميذ المسيح منها لأن العطر كان غالى الثمن.

وقال إنجيل مرقص: نفس القصة وقال إن قوما من الجالسين مع المسيح اغتاظوا من المرأة.

وإنجيل لوقا: قال إنّ الحادثة وقعت قبل عيد الفصح بزمن طويل في مدينة" كفرنا هوم" عند" فريسى"، أى معلم دين كبير فجاءت امرأة خاطئة فسكبت الطيب على قدمي المسيح فاغتاظ الفريسى وقال" لو كان هذا نبيا لعلم أنها خاطئة أي يرفض أن تلمسه هكذا".

وإنجيل يوحنا: قال أنها مريم أخت لعازر التى دهنت الرب بالطيب ومسحت رجليه بشعر رأسها؟؟ يعنى حدث هذا في بيت لعازر وأن يهوذا تلميذ المسيح اغتاظ لأجل ثمن الطيب الباهظ لأنه كان سارقا يسرق ما يتبرع به الناس للفقراء.

واختار الصحيحة موجودة في برنابا فقال: كل علماء النصارى في الجمع بين هذه الروايات وتضاربت التفاسير، بينما القصة الصحيحة موجودة في برنابا فقال: " ان هذه

ص: 389

المرأة المومسة هى" مريم المجدلية" وهى أخت لعازر وأن الحادثة تكررت مرتين في بيت" سمعان" الذى كان أبرصا ثم شفاه المسيح، في المرة الأولى جاءت تائبة تبكى عن زناها- فقال لها المسيح:

" الرب إلهنا يغفر لكى فلا تخطىء بعد ذلك" وفي المرة الثانية سكبت الطيب على رأس المسيح وملابسه فاعترض يهوذا الذى كان عنده صندوق جمع التبرعات للفقراء لأنه كان يسرق من الصندوق.

ذكر برنابا أن المسيح كان يغتسل قبل الصلاة بحسب أمر الله في توراة موسى وكان يصلى باستمرار في أوقات ثابتة (الفجر- الظهر- العشاء) ويصوم في أوقات محددة، كما ذكر أن التلاميذ كانوا دائما يصلون مع المسيح بانتظام ويصومون ويبكون متأثرين بتعاليم المسيح، وكذلك مريم أم المسيح كانت دائما تصلى لله وتبكى الفصل 209.

وكانت دائما تتابع أخبار المسيح اذا سافر بعيدا عنها، كما ذكر بالتفصيل صلوات المسيح لله..

أما الأناجيل الأربعة فلم تذكر أي شيء من هذا بل ذكرت عكس ذلك مثل: أن التلاميذ يخافون من المسيح مرقس 9:

32 وأنهم لا يصلون ولا يصومون مرقص 12: 16 لدرجة أن اليهود انتقدوهم بسبب ذلك فقام المسيح بالدفاع عن تلاميذه وشتم من ينتقدهم مرقس 2: 19.

ذكر برنابا تعاليما هامة للمسيح لم يذكرها أى إنجيل من الأربعة ومنها:

نجاسة الخنازير (فصل 32)

نجاسة عبادة الأصنام وتحريمها (فصل 33)

ص: 390

- فضل شريعة الختان (فصل 22)

ما هو الكبرياء (فصل 29)

تعليم جميل عن الصلاة وسنة الصلاة (48، 36)

أنواع عبادة الأصنام في العصر الحديث (فصل 33)

من هو المرائي (فصل 45)

حق الطريق والعدل (فصل 49)

القضاء العادل (فصل 50)

ابتلاءات الله للناس والأنبياء خاصة (99)

الصدقة (125)

الجحيم ودركاته (135)

الجنة ودرجاتها (71)

موعظة الموت والدفن (196- 198) وغيرها الكثير.

هل يتخيل قارئ أن هذه الأناجيل الأربعة التي لم تذكر كلمة واحدة عن كل هذه الموضوعات الهامة وغيرها هي الصحيحة الصادقة وأن برنابا الذي ذكر كل هذه المواضيع وأكثر بالتفصيل هو الكاذب وأنه اخترعه شخص مسلم؟؟!!

ومع ذلك فان المسيحيين يصدقون الأربعة ويكذبون برنابا مع 95 إنجيلا آخر بدون أن يقرأوا منهم ورقة واحدة؟؟!! تماما كما كذبوا بالقرآن الكريم بدون أن يقرؤه ويسألوا عن معانيه.

ص: 391

وهناك أدلة أخرى كثيرة جدا وتوجد دراسة مقارنة كاملة بين برنابا والأربعة مع القرآن الكريم والإسلام في أكثر من مائة صفحة-" مع الرأفة"- كلها تؤكد صحة وصدق برنابا وكذب وزيف الأربعة. والحمد الله على نعمة الإسلام والتوحيد.

وأنهي كلامي بشهادة المترجم النصراني لإنجيل برنابا، خليل سعادة حيث كتب في مقدمة هذا الإنجيل عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعن صحابته الكرام عليهم رضوان الله يقول:

" نهض نهضة مادت لها الجبال الراسيات، ونفخ في قومه تلك الروح التى وقف لها العالم متهيبا ذاهلا، وجرى ذكره على كل شفة ولسان، وأتى من عظائم الأمور ما كان حديث الركبان، وخلفاؤه الذين دوخوا ممالك العالم وبسطوا مجدهم عليه". "

قلت: من الدلائل الأخرى التي تؤيّد مصداقية" إنجيل برنابا":

عثر لإنجيل برنابا على نسختين: إيطالية وإسبانية. أما الإسبانية فقد أعارها الدكتور" هلم" من هدلي بلدة من أعمال همبشير، المستشرق سايل، ثم تناولها بعد سايل الدكتور منكهوس أحد أعضاء الكليّة الملكية في أكسفورد فنقلها إلى الإنجليزية، ثم دفع الترجمة مع الأصل سنة 1713 م إلى الدكتور هويت أحد مشاهير الأساتذة، ثم بعد ذلك طمس خبرها وانمحى أثرها.

أما النسخة الإيطالية فموجودة في مكتبة بلاط فيينا. وأول من عثر عليها كريمر أحد مستشاري ملك بروسيا وكان مقيما وقتئذ في أمستردام، فأخذها سنة 1709 م من مكتبة أحد مشاهير وجهاء المدينة المذكورة فأقرضها كريمر طولند، ثم أهداها بعد

ص: 392

ذلك بأربع سنين إلى البرنس ايوجين سافوي، ثم انتقلت النسخة المذكورة سنة 1738 م مع سائر مكتبة البرنس إلى مكتبة البلاط الملكي في فيينا حيث لا تزال هنالك.

ويذكر الباحث الإسلامي أنور الجندي، رحمه الله، في كتابه" الإسلام في مواجهة الفلسفات القديمة" ص 195 أنّ العارفين يرجحون أنّ النسخة الإيطالية قد كتبت في القرن السادس باللغة الإيطالية القديمة.

ينقل" سايل" أنه مذكور في النسخة الإسبانية المفقودة أنها مترجمة عن النسخة الإيطالية وفيها مقدمة عن الراهب الذي اكتشف النسخة الإيطالية، والقصة هي ما يلي: أنّ الراهب اللاتيني" فرامرينو" عثر على رسائل لإيرانيوس وفي عدادها رسالة يندد فيها ببولس وقد استند إيرانيوس فيما قاله على إنجيل برنابا. فأصبح الراهب فرامرينو منذ ذلك الحين شديد الشغف بالحصول على هذا الإنجيل وشاء الله أن أصبح حينا من الدهر مقربا من البابا" باستكس الخامس" فحدث يوما أنهما دخلا معا مكتبة البابا، فأخذت البابا سنة من نوم فأحبّ فرامرينو أن يصرف الوقت المتثاقل في المطالعة إلى حين إفاقة البابا. فكان الكتاب الأول الذي وضع يده عليه هو هذا الإنجيل. ولحاجته لقراءته ولأنّ ذاك المكان لا يتيح له هذا الأمر خبّأ هذه النسخة في ثيابه، ولبث إلى أن استفاق البابا فاستأذنه بالانصراف حاملا ذلك الكتر معه فلما خلا بنفسه طالعه بشوق عظيم فاعتنق على أثر ذلك الدين الإسلامي.

يؤكد الدكتور رؤوف شلبي على رفضه ما ذكره معرّب إنجيل برنابا الدكتور خليل سعادة النصراني من أنّ إنجيل يرنابا قد كتبه يهودي اعتنق الإسلام، فقال: "

والذي يجعلنا نرفض ما ذهب إلى افتراضه الدكتور خليل سعادة أنه هو نفسه

ص: 393

يذكر أنّ إنجيلا مماثلا لمحتويات إنجيل برنابا كان قد ظهر قبل إنجيل برنابا هو الإنجيل الأغنسطي.

يقول الدكتور خليل سعادة: " بيد أنّ هناك إنجيلا يسمى الإنجيل الأغنسطي طمست رسومه وعفت آثاره يبتدئ بمقدمة تندد بالقديس بولس وينتهي بخاتمة فيها مثل ذلك التنديد ويذكر أنّ ولادة عيسى كانت بلا ألم. ولّما كان كل ذلك في إنجيل برنابا فمن المحتمل أن يكون ذلك الإنجيل الأغنسطي أبا لإنجيل برنابا فهل الإنجيل الأغنسطي كذلك كتبه يهودي أندلسي أسلم؟ ".

ويضيف الدكتور شلبي قائلا: " مادام أنّ إنجيل برنابا قد سبق بإنجيل مماثل له في المحتوى والتنديد ببولس؟ فلم لم تربط بين الإنجيليين في الموضوع بدل أن تفترض أنّ إنجيل برنابا ألفه يهودي أندلسي أسلم؟ "(د. رؤوف شلبي يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء ص ص 172- 173) .

قال القسيس المهتدي إبراهيم خليل في كتابه" محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل والقرآن" ص 151 تحت عنوان" البراهين القاطعة على انتشار إنجيل برنابا قبل الإسلام" بعد ذكره لأمر البابا جلاسيوس بمنع قراءة" إنجيل برنابا": "..

ودليل ثان هو نوع الورق الذي سطرت عليه النسخة الإيطالية، الذي هو من الورق المعروف بالآثار المائية التي فيه، والتي تدلّ على تاريخ النسخة الإيطالية مما يؤكد شيوعه. "

الاكتشافات الأخيرة مؤيدة لإنجيل برنابا: قال الدكتور القس" تشارلز فرنسيس بوتو" في كتابه" السنون المفقودة من حياة عيسى تكشف": إنّ إنجيلا يدعى إنجيل برنابا استبعدته الكنيسة في عهدها الأول، والمخطوطات التي اكتشفت حديثا في منطقة البحر الميت جاءت مؤيدة لهذا الإنجيل..

ص: 394

وقد أفاض الباحث م. أ. يوسف في كتابه" مخطوطات البحر الميت وإنجيل برنابا والعهد الجديد Barnabas and the New Testament ==The Dead Sea Scrolls ،The Gospel of """في شرح هذا الأمر، وهو أفضل كتاب إسلامي في بابه، ومن أهم ما أشار إليه هو تطابق ما جاء في إنجيل برنابا مع ما جاء في مخطوطات إنجيل برنابا، وهو وجود مسيحان: أولهما عيسى عليه السلام وثانيهما سيأتي بعده (وهو محمد صلى الله عليه وسلم .

أجهد البابا شنوده نفسه في محاولة هدم" إنجيل برنابا" في مقالات صحفية تكشف الأزمة الحادة التي أطبقت على قلبه وقلوب خرافه التي أحرجته بالأسئلة حول صحة هذا الإنجيل، وهي:

" خرافة إنجيل برنابا"

" خرافات في إنجيل برنابا"

" خرافات أخرى ومبالغات عجيبة في إنجيل برنابا"

" يقول أنّ الله يغار من كلّ محبة"

" كتاب مملوء بالشتائم على لسان السيد المسيح"

" أخطاؤه التاريخية والجغرافية"

" أخطاؤه التاريخية".

وهذه الردود على حالة كبيرة من الهشاشة والسطحية، كما أننا لو ألزمنا البابا أن يعتمد" قواعده" التي حاكم بها" إنجيل برنابا" في محاكمة الأناجيل الرسمية لجعلها تتفتت أمام عينيه هباء منثورا، إذ أننا نعلم يقينا وجود عدد كبير من الأخطاء العلمية

ص: 395

والتاريخية

في الأناجيل الرسمية الأربعة بل وفي جل أسفار" الكتاب المقدس"(انظر" موسوعة أخطاء الكتاب المقدس Errancy ==The Encyclopedia of Biblical "ل س. دنيس ماك كتري C.Dennis Mckinsey وهو في أكثر من 500 صفحة) .. أمّا إساءة الأدب في الحديث عن الله سبحانه فحدّث ولا حرج (الربّ المخلوق، المولود في مكان النجاسات، المتخفي في ضيعة الجثسيماني هربا من أعدائه

- على القول أنّ الأناجيل تقرّر ألوهية المسيح! -) ..

وقد كتب شنوده طاعنا في إنجيل برنابا، فقال:" السيد المسيح له المجد المعروف بالرقة العجيبة وبالرأفة والوداعة وتخير الألفاظ قبل النطق بها، يضع برنابا على لسانه ألفاظا غير لائقة، ويصوره إنسانا شتاما: يشتم الكل!، ويشتم تلاميذه القديسين، ويشتم الذين يكرمونه، ويشتم من يسأله، ومن يطلب منه الشفاء، ومن يخطئ في الحديث عن غير قصد، بل يشتم بلا سبب"

قلت: ألم تقرأ يا شنودة أناجيلك.. أم تظنّ أننا لم نقرأها؟!! .. افتح الأناجيل الرسمية واقرأ:

المسيح يشتم الكل: " جيل شرير خائن يطلب آية (التراجم الانجليزية كالترجمة القياسية المنقحة =The Revised Standard Version =تستعمل كلمة =adulterous =والتي معناها يوحي بالخيانة الجنسية!)(متّى 12: 39، 16: 4..)

المسيح يشتم تلاميذه القديسين: فقد شتم زعيم التلاميذ واصفا إيّاه بأنه" شيطان"(متّى 16: 23) !!

ووصف اثنين من تلاميذه بالغباء وبطئ القلوب في الإيمان (لوقا 24: 25) !!

ص: 396

المسيح يشتم الذين يكرمونه: جاء في إنجيل لوقا 11: 37- 52" وبينما هو يتكلّم، طلب إليه أحد الفرّيسيّين أن يتغدّى عنده. فدخل (بيته) واتّكأ.

ولكنّ الفرّيسيّ تعجّب لمّا رأى أنّه لم يغتسل قبل الغداء.

فقال له الرّبّ: «أنتم الفرّيسيّين تنظّفون الكأس والصّحفة من الخارج، ولكنّكم من الدّاخل مملوؤون نهبا وخبثا.

أيّها الأغبياء، أليس الّذي صنع الخارج قد صنع الدّاخل أيضا؟

أحرى بكم أن تتصدّقوا بما عندكم، فإذا كلّ شيء يكون طاهرا لكم.

ولكن الويل لكم أيّها الفرّيسيّون فإنّكم تدفعون عشر النّعنع والسّذّاب والبقول الأخرى، وتتجاوزون عن العدل ومحبّة الله: كان يجب أن تعملوا هذا ولا تهملوا ذاك!

الويل لكم أيّها الفرّيسيّون، فإنّكم تحبّون تصدّر المفاعد الأولى في المجامع وتلقّي التّحيّات في السّاحات العامّة!

الويل لكم، فإنّكم تشبهون القبور المخفيّة، يمشي النّاس عليها وهم لا يعلمون! "

وتكلّم أحد علماء الشّريعة، قائلا له: «يا معلّم، إنّك بقولك هذا تهيننا نحن أيضا".

فقال: «والويل أيضا لكم يا علماء الشّريعة، فإنّكم تحمّلون النّاس أحمالا مرهقة، وأنتم لا تمسّونها بإصبع من أصابعكم!

الويل لكم، فإنّكم تبنون قبور الأنبياء وآباؤكم قتلوهم.

ص: 397

فأنتم إذن تشهدون موافقين على أعمال آبائكم: فهم قتلوا الأنبياء، وأنتم تبنون قبورهم.

لهذا السّبب أيضا قالت حكمة الله: سأرسل إليهم أنبياء ورسلا، فيقتلون منهم ويضطهدون، حتّى إنّ دماء جميع الأنبياء المسفوكة منذ تأسيس العالم، يطالب بها هذا الجيل، من دم هابيل إلى دم زكريّا الّذي قتل بين المذبح والقدس! أقول لكم:

نعم، إنّ تلك الدّماء يطالب بها هذا الجيل.

الويل لكم يا علماء الشّريعة، فإنّكم خطفتم مفتاح المعرفة، فلا أنتم دخلتم ولا تركتم الدّاخلين يدخلون! "

المسيح يشتم من يسأله: " تقدم إليه رجل جاثيا له، وقائلا: يا سيد ارحم ابني، فإنه يصرع ويتألم شديدا. ويقع كثيرا في النار، وكثيرا في الماء. وأحضرته إلى تلاميذك فلم يقدروا أن يشفوه. فأجاب يسوع وقال: أيها الجيل غير المؤمن الملتوي. إلى متى أكون معكم. إلى متى احتملكم. قدموه إليّ ههنا. فانتهره يسوع فخرج منه الشيطان، فشفي الغلام"(متى 14: 17- 16) .

المسيح يشتم من يطلب منه الشفاء: فقد قال للمرأة التي طلبت منه أن يشفي ابنتها: " ليس من الصواب أن يؤخذ خبز البنين ويطرح لجراء الكلاب" (متّى 15:

26، مرقس 7: 28) .

المسيح يشتم من يخطئ في الحديث ولو عن غير قصد: كان المسيح كثيرا ما يتحدّث إلى تلاميذه بالرموز التي كان يستعصي فهمها على التلاميذ، ومع ذلك كان يوبّخهم رغم أنّه كان بإمكانه أن يبسّط لهم القول ليتّضح لهم معنى المقال.. اقرأ مثلا إنجيل متّى 15: 10- 16:

ص: 398

" ثمّ دعا الجمع إليه وقال لهم: «اسمعوا وافهموا:

ليس ما يدخل الفم ينجّس الإنسان، بل ما يخرج من الفم هو الّذي ينجّس الإنسان".

فتقدّم إليه تلاميذه وقالوا له: " أتعلم أنّ هذا القول قد أثار استياء الفرّيسيّين؟ "

فأجابهم: " كلّ غرسة لم يغرسها أبي السّماويّ، لا بدّ أن تقلع. "

دعوهم وشأنهم، فهم عميان يقودون عميانا. وإذا كان الأعمى يقود أعمى، يسقطان معا في حفرة".

وقال له بطرس: " فسّر لنا ذاك المثل! "

فأجاب: " وهل أنتم أيضا بلا فهم؟ ".

المسيح يشتم من غير سبب: فقد" لعن" شجرة التين لمّا لم يجد فيها ثمرا لأنه لم يحن وقت الإثمار (متّى 21: 9، مرقس 11: 21) ؟!!

بل إنّ المسيح يقتل من غير سبب، فقد جاء في سفر الرؤيا 2: 21- 23 أنّ المسيح قد قال عن إمرأة اسمها إيزابيل كانت تدعي أنها نبية: " وقد أمهلتها مدة لتتوب تاركة زناها، ولكنها لم تتب. فإنني سألقيها على فراش، وأبتلي الزانين معها بفتنة شديدة

سأبيد أولادها بالموت" فما ذنب أولاد هذه الخاطئة!!!؟

وخذ أخرى: المسيح يشتم الرسل والنبيين: " جميع الذين جاؤوا قبلي كانوا لصوصا وسراقا، ولكن الخراف لم تسمع إليهم. "(يوحنا 10: 8)

وقد قال لاردنر في كتابه" أعمال أركلاس" في بيان عقيدة فرقة" ماني كيز": " خدع الشيطان أنبياء اليهود، والشيطان كلم موسى وأنبياء اليهود وكانت تتمسك

ص: 399

بالعدد الثامن من الفصل العاشر من إنجيل يوحنا بأن المسيح قال لهم سراق ولصوص"!!!

وقال فيلسوف" الدعوة التنصيرية المعاصرة" في العالم العربي" عوض سمعان": " ومهما كانت عظمة موسى فإنه لولا نعمة المسيح له، لكان قد هلك واستحق عقابا أبديا على خطيئته. "!!!

وقال البابا شنودة في محاضرة بعنوان" رسل المسيح أقوياء"(28- 5- 2003 م) بالحرف: ".. طبعا كلّ الذين ماتوا قبل الفداء قبل صليب المسيح كانوا بيذهبوا للجحيم" وأضاف مخففا حدّة الصدمة: " والجحيم يعني مكان انتظار وليس مكان عذاب".. قلت: وهل في رمي الأنبياء على جمر الهلع في الجحيم في انتظار المخلّص الذي سينتزعهم منها، شيء من الرحمة!

ولا تثريب على يسوع المسيح الكنسي وصاحب أعمال أركلاس وعوض سمعان.. لا تثريب عليهم، فقد جاء قبلهم في سفر إرمياء 29: 8- 9: " لا تغشّكم أنبياؤكم الّذين في وسطكم وعرّافوكم ولا تسمعوا لأحلامكم الّتي تتحلّمونها. لأنّهم إنّما يتنبّأون لكم باسمي بالكذب. أنا لم أرسلهم يقول الربّ. "

ولقد حقّ للمؤرخ وال ديرانت أن يقول: " إن الإنسان ليجد في الأناجيل فقرات قاسية مريرة لا توائم قط ما يقال لنا عن المسيح في مواضع أخرى إن بعضها يبدو لأول وهلة مجانبا العدالة، وإن منها ما يشتمل على السخرية اللاذعة والحقد المرير

".

وخذ أخرى: المسيح يصف غير المؤمنين بأنهم كلاب وخنازير، فقد جاء في إنجيل متّى 7: 6: " لا تعطوا القدس للكلاب ولا تطرحوا درركم قدّام الخنازير"!!

ص: 400

ولا عجب بعد كلّ هذه" المناقب" المفتراة على المسيح أن نقرأ قول بولس في الرسالة إلى فيلبي 3: 2: " انظروا الكلاب، انظروا فعلة الشرّ"!!!

ملاحظة أخيرة على اعتراضات شنودة وهي أنّ الترجمة العربية لإنجيل برنابا التي أعدها نصراني عربي، قد أثقلها التشويه والتبديل فلا يصح الاعتماد عليها لنقد تفاصيل معينة فيها. كما أنّه لا يعقل أن نجعل البابا شنودة قبلة لنا لمعرفة الحق من الباطل، رغم أنّه قال لنا في رسالته المطبوعة" بين القرآن والمسيحية" ص 4: "..

ولم يقتصر القرآن على الأمر بحسن مجادلة أهل الكتاب، بل أكثر من هذا، وضع القرآن النصارى في مركز الإفتاء في الدين.." أي أنّ القرآن يأمر المسلمين أن يأخذوا الفتوى في دينهم من" شيخ الإسلام"، " مفتي الديار"، الإمام الحافظ، والبحر اللافظ، المفوّه المنطيق، والآخذ بأنواع الترصيف والتطبيق: أبونا شنودة!!

الملاحظة الأخيرة التي نسوقها في هذا الفصل هي أنّ عوض سمعان جعل مقدمة كتابه" إنجيل برنابا في ضوء التاريخ والعقل والدين" قوله:

" يعتقد بعض الناس أن إنجيل المسيحيين أصابه التحريف منذ زمن بعيد، وأن الإنجيل الحقيقي هو المسمى: إنجيل برنابا. فيجب الاعتماد على إنجيل برنابا دون إنجيل المسيحيين. ولما كان هذا الاتهام خطيرا، فقد درس الكاتب الإنجيلين، وقارن بين المعتقدات الواردة فيهما، وبين ما استطاع العثور عليه من محتويات الكتب الدينية والأدبية والتاريخية التي أشارت إلى شيء من المعتقدات المذكورة. فأسفرت الدراسة والمقارنة عن إصدار هذا الكتاب. وهو إذ يقدّمه للقراء، يرجو الله أن يستخدمه لإعلان إنجيله الحقيقي، لأجل مجده وخير نفوسهم العزيزة".

قلت:

ينهى عن طباع السوء صبحا

ويأتي بالإساءة في الغروب

ص: 401

يعلّم غيره طرق المعالي

وتجذبه النقيصة للعيوب

هذه شهادة زور بنيت على باطل، وما بني على باطل فهو باطل، إذ أنّ" الناس" الذين هم طبعا" أهل الإسلام" لا يدّعون أنّ" إنجيل برنابا" هو إنجيل المسيح الذي جاء ذكره في القرآن، بل عندهم" إنجيل برنابا" هو ببساطة إنجيل كتبه" برنابا" أما" إنجيل المسيح" فهو كتاب نزل على المسيح من عند الله سبحانه.. فكتاب برنابا تأريخ لدعوة المسيح وتعاليمه ويصدق عليه ما يصدق على الكتابات البشرية من نقص ووهم، والمهم هو لبّ المضمون والخطوط العريضة فيه.. ولا يصدق عليه النقد الموجه لكتاب يزعم أنه وحي من عند الله سبحانه!

والله يهدي إلى الحق!

ص: 402