الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر توثيق أهل الشام بالرواية وعلمهم
قال جبير بن نفير: دخلنا على عبد الله بن عمر نسأله ونسمع منه، فقال لنا: إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً، فاتبعته ناصية من الناس. كان الرجل يخرج من بين أبويه فيبايعه، فقاتلوا على الدين حتى أمن الله الناس، وحتى لزموا كلمة الحق. فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم تشايع الناس وتحزبوا، فقامت تلك الناصية، فقاتلوا الناس حتى ردوا الناس إلى كلمة الإسلام، وحتى قالوا: لا إله إلا الله وإن نبيكم صلى الله عليه وسلم حق. فلما اجتمعوا انطلق تلك الناصية براية محمد صلى الله عليه وسلم ومعهم الشرائع التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم والهجرة، مهاجرين حتى نزلوا الشام وتركوا الناس أعراباً. فمن رآهم فلم يتعلم من هديهم وينتهي إليه، وعمي عنه ثم ابتغاه من الأعراب فهو أقل علماً وأشد عمى.
وعن الزهري قال: قالت عائشة: يا أهل العراق، أهل الشام خير منكم، خرج إليهم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير، فحدثونا بما نعرف، وخرج إليكم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قليل فحدثتمونا بما نعرف وما لا نعرف.
قال: وقال الزهري: إذا سمعت بالحديث العراقي فاردد به، ثم اردده.
وقال البيهقي: فأرود به، ثم أرود به. وهو الصواب.
قال الوليد بن مسلم: دخلت الشام عشرة آلاف عين رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن إبراهيم قال: لقيني شامي فقال: إن مصحفنا ومصحف أهل البصرة أثبت من مصحف أهل الكوفة. قال: قلنا: لم؟ قال: لأن أهل الكوفة عوجلوا، ويقرؤون على قراءة عبد الله فعوجل مصحفهم قبل أن يعرض ومصحفنا ومصحف أهل البصرة لم يبعث به حتى عرض.
وعن أبي عبيد الله مسلم بن مشكم قال: قال لي أبو الدرداء:
اعدد من يقرأ عندنا، يعني في مجلسنا هذا، قال أبو عبيد الله: فعددت ألفاً وست مئة ونيفاً، فكانوا يقرؤون ويتسابقون عشرة عشرة، لكل عشرة منهم مقرئ. وكان أبو الدرداء قائماً يستفتونه في حروف القرآن يعني المقرئين فإذا أحكم الرجل من العشرة القراءة تحول إلى أبي الدرداء. وكان أبو الدرداء يبتدئ في كل غداة إذا انفتل من الصلاة، فيقرأ جزاً من القرآن، وأصحابه محدقون به يسمعون ألفاظه، فإذا فرغ من قراءته جلس كل رجل منهم في موضعه، وأخذ على العشرة الذين أضيفوا إليه، وكان ابن عامر مقدماً فيهم.
وعن يزيد بن أبي مالك عن أبيه قال: كان أبو الدرداء يأتي المسجد ثم يصلي الغداة ثم يقرأ في الحلقة ويقرئ، حتى إذا أراد القيام قال لأصحابه: هل من وليمة نشهدها أو عقيقة أو فطرة؟ فإن قالوا: نعم قام إليها، وإن قالوا لا قال: اللهم إني أشهدك أني صائم.
وإن أبا الدرداء هو الذي سن هذه الحلق يقرأ فيها.
وقال الشيخ، وهو أبو عمرو الكلبي: عهدت المسجد الجامع يعني بدمشق وإن عند كل عمود شيخاً، وعليه الناس يكتبون العلم.
وقال الأوزاعي: كانت الخلفاء بالشام، فإذا كانت بلية سألوا عنها علماء أهل الشام وأهل المدينة، وكانت أحاديث العراق لا تجاوز جدر بيوتهم.
وقال سفيان بن عيينة: من أراد المناسك فعليه بأهل مكة، ومن أراد مواقيت الصلاة فعليه بأهل المدينة،
ومن أراد السير فعليه بأهل الشام، ومن أراد شيئاً لا يعرف حقه من باطله فعليه بأهل العراق.
وفي حديث آخر عنه قال: من أراد الإسناد والحديث الذي يسكن إليه فعليه بأهل المدينة، ومن أراد المناسك والعلم بها والمواقيت فعليه بأهل مكة، ومن أراد المقاسم وأمر الغزو فعليه بأهل الشام، ومن أراد شيئاً لا يعرف حقه من باطله فعليه بأهل العراق.
وقال الشافعي: إن أردت الصلاة يعني فعليك بأهل المدينة، وإن أردت المناسك فعليك بأهل مكة، وأن أردت الملاحم فعليك بأهل الشام، والراي عن أهل الكوفة.
وقال ابن المبارك: ما دخلت الشام إلا لاستغني عن حديث أهل الكوفة.
وقال موسى بن هارون: أهل البصرة يكتبون لعشر سنين، وأهل الكوفة لعشرين، وأهل الشام لثلاثين.
وقال أبو عبد الله الزبيري: نسخت كتب الحديث في العشرين لأنها مجتمع العقل. قال: وأحب أن يشتغل دونها بحفظ القرآن والفرائض.
وقال عطاء الخراساني: ما رأيت فقيهاً أفقه إذا وجدته من شامي.
قال صدقة بن خالد: قال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: كان يقال: من أراد العلم فلينزل بداريّا بين عنس وخولان.
زاد غيره عن يزيد بن محمد، قال يزيد: عنس وخولان قريتان بدمشق، فيهما مسجدان. يتجمع في واحد عنس وفي واحد خولان. فإذا كان هذا في أهل داريّا وهي قرية من قرى دمشق فما ظنك بأهل البلد الكبير الذي يحوي الخلق؟.