الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر تاريخ مدينة دمشق ومعرفة من بناها
قال إسحاق بن أيوب القرشي:
جيرون من بناء سليمان بن داود، بنته الشياطين، وكان الشيطان الذي بناه يدعى جيرون، وهي سقيفة مستطيلة على عمد، وسقائف على عمد وحوله مدينة تطيف بجيرون.
وقال خصيف: لما هبط نوح من السفينة وأشرف من جبل حسمى رأى تل حران بين نهرين: جلاب وديصان فأتى حران فخطها، ثم أتى دمشق فخطها. فكانت حران أول مدينة خطت بعد الطوفان، ثم دمشق.
وقيل: إن أصحاب الرس كانوا بحضور فبعث الله إليهم نبياً يقال له حنظلة بن صفوان فكذبوه وقتلوه، فسار عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح بولده من الرس فنزل الأحقاف، وأهلك الله أصحاب الرس. وانتشر ولد عاد في اليمن كله، وفشوا مع ذلك في الأرض، حتى نزل جيرون بن سعد بن عاد بن عوص دمشق وهي مدينتها، وسماها جيرون وهي إرم ذات العماد. وليس أعمدة الحجارة في موضع أكثر منها بدمشق، فبعث الله هود بن عبد الله بن رباح بن خالد بن الجلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح نبياً إلى عاد يعني إلى أولاد عاد بالأحقاف فكذبوه فأهلكهم الله.
وقيل: جيرون وتبريد كانا أخوين، وهما ابنا سعد بن لقمان بن عاد، وهما اللذان يعرف جيرون وباب البريد بدمشق بهما.
وقال منصور بن يحيى بن سعيد الموصلي: المدن القديمة: الكعبة ومصر ودمشق والجزيرة والأبلة نينوى وحران والسوس الأقصى.
وقال وهب بن منبه: دمشق بناها العازر غلام إبراهيم الخليل، وكان حبشياً وهبه له نمرود بن كنعان حين خرج إبراهيم من النار، وكان اسم الغلام دمشق، فسماها على اسمه، وذلك بعد الغرق، وكان إبراهيم جعله على كل شيء له، وسكنها الروم بعد ذلك بزمان.
وحكي: أن بيوراسب الملك الكيوناني بنى مدينة بابل، ومدينة صور، ومدينة دمشق.
وحكى الدمشقيون قالوا: كان في زمن معاوية بن أبي سفيان رجل صالح بدمشق وكان يقصده الخضر عليه السلام في أوقات يأيته فيها، فبلغ معاوية بن أبي سفيان ذلك فجاء إليه راجلاً فقال له: بلغني أن الخضر ينقطع إليك فأحب أن تجمع بيني وبينه عندك، فقال له: نعم، فجاءه الخضر عليه السلام، فسأله الرجل ذلك فأبى عليه وقال: ليس إلى ذلك سبيل. فعرف الرجل ذلك لمعاوية فقال: قل له: قد قعدنا مع من هو خير منك وحدثناه وخاطبناه وهو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن سله عن ابتداء بناء دمشق، كيف كان؟ فقال: نعم، صرت
إليها فرأيت موضعها بحراً مستجمعاً فيه المياه، ثم غبت عنها خمس مئة سنة، ثم صرت إليها فرأيتها غيضة، ثم غبت عنها خمس مئة سنة، ثم صرت إليها فرأيتها بحراً كعادتها الأولى، ثم غبت عنها خمس مئة عام، وصرت إليها فرأيتها قد ابتدئ فيها بالبناء، ونفر يسير فيها.
وقال أبو البختري: ولد إبراهيم على رأس ثلاثة آلاف ومئة وخمسين سنة من جملة الدهر الذي هو سبعة آلاف سنة. قال: وذلك بعد بنيان دمشق بخمس سنين.
وقيل: إن دمشق بناها دمسقس غلام الإسكندر.
قالوا: لما رجع ذو القرنين من المشرق وعمل السد بين أهل خراسان وبين يأجوج ومأجوج وسار يريد المغرب، فلما أن بلغ الشام وصعد على عقبة دمر أبصر هذا الموضع الذي فيه اليوم مدينة دمشق وكان هذا الوادي الذي يجري فيه نهر دمشق غيضة أرز. والأرزة التي وقعت في سنة ثلاث مئة وثلاث عشرة من بقايا تلك الغيضة. فلما نظر ذو القرنين إلى تلك الغيضة وكان هذا الماء الذي في هذه الأنهار اليوم مفترق مجتمعاً في واد واحد. فأخذ الإسكندر، ذو القرنين، يتفكر كيف يبني فيه مدينة، وكان أكثر فكره وتعجبه أنه نظر إلى جبل يدور بذلك الموضع وبالغيضة كلها، وكان له غلام يقال له دمسقس على جميع ملكه. ولما نزل ذو القرنين من عقبة دمر سار حتى نزل في موضع القرية المعروفة بيلدا من دمشق على ثلاثة أميال، فلما نزل ذو القرنين أمر أن يحفر له في ذلك الموضع خفيرة، فلما فعلوا ذلك أمر أن يرد التراب الذي أخرج منها إليها، فلما رد التراب إليها لم تمتلئ الحفيرة: فقال لغلامه دمسقس: ارحل فإني كنت نويت أن أؤسس في هذا الموضع مدينة، فأما إذ بان لي منه هذا فما يصلح أن يكون هاهنا مدينة. فقال له: لم؟ قال: إن بني هاهنا مدينة فإنها ما يكون يكفي أهلها زرعها.
قال:
وعلامة ذلك أن أهل غوطة دمشق لا تكفيهم غلاتهم حتى يشتروا لهم من المدينة ورحل ذو القرنين حتى صار إلى البثنية وحوران، وأشرف على تلك السعة، ونظر إلى تلك التربة الحمراء، فأمر أن يناول من ذلك التراب، فلما صار في يده أعجبه، فأمر أن
ينزل هناك، وأمر أن يحفر في ذلك الموضع حفيرة، فلما حفروا أومر أن يرد ذلك التراب الذي حفروا إلى المكان الذي أخرج منه، فردوه ففضل منه تراب كثير، فقال ذو القرنين لغلامه دمسقس: ارجع إلى الموضع الذي فيه الأرز إلى ذلك الوادي فاقطع ذلك الشجر وابن على حافة الوادي مدينة وسمها على اسمك، فهناك يصلح أن يكون مدينة، وهذا الموضع بحرها ومنه ميرتها يعني البثنية وحوران فرجع دمسقس ورسم المدينة وبناها وعمل لها حصناً، والمدينة التي كانت رسم دمسقس هي المدينة الداخلة، وعمل لها ثلاثة أبواب جيرون، مع ثلاثة أبواب البريد، مع باب الحديد الذي في سوق الأساكفة، مع باب الفراديس الداخلة. هذه كانت المدينة، إذا أغلقت هذه الأبواب فقد أغلقت المدينة، وخارج هذه الأبواب كان مرعى فبناها دمسقس وسكنها، ومات فيها. وكان قد بنى هذا الموضع الذي هو المسجد الجامع اليوم، كنيسة يعبد الله فيها إلى أن مات.
وقيل: إن الذي بنى دمشق بناها على الكواكب السبعة، وأن المشتري بيته دمشق، وجعل لها سبعة أبواب، وصور على كل باب أحد الكواكب السبعة، وصور على باب كيسان زحل، فخربت الصور كلها التي كانت على الأبواب إلا باب كيسان، فإن صورة زحل عليه باقية إلى الساعة.
وقيل: باب كيسان لزحل، باب شرقي للشمس، باب توما للزهرة، باب الصغير للمشتري، باب الجابية للمريخ، باب الفراديس لعطارد، باب الفراديس الآخر المسدود للقمر.
ولما قدم عبد الله بن علي دمشق وحاصر أهلها، فلما دخلها هدم سورها، فوقع منها حجر، عليه مكتوب باليونانية، فأرسلوا خلف راهب، فقالوا له: تقرأ ما عليه؟ فقال: جيئوني بقير فطبعه على الحجر فإذا عليه مكتوب: " ويك إرم الجبابرة من رامك بسوء قصمه الله، إذا وهي منك جيرون الغربي من باب
البريد، ويلك من الخمسة أعين، نقض سورك على يديه، بعد أربعة آلاف سنة تعيش رغداً، فإذا وهي منك جيرون الشرقي أديل لك ممن تعرض لك ".
قال: فوجدنا الخمسة أعين: عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب.
ويقال: إن ملك دمشق بنى حصن دمشق الذي حول المسجد داخل المدينة على مسحة مسجد بيت المقدس، وحمل أبواب مسجد بيت المقدس فوضعها على أبوابه، فهذه الأبواب التي على الحصن هي أبواب مسجد بيت المقدس.