الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر مساجد البلد وحصرها
عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستكون دمشق أخر الزمان أكثر المدن أهلاً، وأكثره أبدالاً وأكثره مساجد، وأكثره زهاداً، وأكثره مالاً ورجالاً، وأقله كفاراً. وهي معقل لأهلها، وذكر عبيد الله الخولاني أنه سمع عثمان بن عفان حين بني مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنكم قد أكثرتم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
من بنى مسجداً قال بكير، أحد رواته: حسبت أنه قال: يبتغي به وجه الله عز وجل بنى الله له مثله في الجنة.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بنى بيتاً ليعبد الله فيه من حلال، بنى الله له بيتاً في الجنة من در وياقوت.
وعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بنى مسجداً ولو قدر مفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة. قالت: قلت يا رسول الله، وتلك المساجد التي في طريق مكة؟ قال: وتلك.
قال: فغدا الحض على المساجد وبنيانها يدل على خطر محلها وعظم شأنها. وقد عدد مساجد دمشق وذكرها، وعين أكثر أسمائها وخططها، وأسماء من بناها ووصف أكثرها، فكانت جملتها أربع مئة وخمسة وعشرين مسجداً على ما فصله بالتعريف والعدد، منها ما ذكره فقال: أوله من قبلة السوق وأنت داخل من باب الجابية، ومساجد الناحية الشامية عن يمنة الداخل من الباب الشرقي، وفي القلعة مئتان وواحد وأربعون مسجداً.
قال: وأما ما عداها من المساجد التي في أرباضه وظاهره مما ليس في قرية مسكونة أو معمورة من ناحية القبلة ومن الشام ومن الشرق ومن الغرب مئة مسجد وأربعة وثمانون مسجداً.
قال: وهذا يدل على اهتمام أهلها بالدين وكثرة المصلين فيها والمتعبدين.
وروي عن عثمان بن عطاء عن أبيه قال: لما افتتح عمر بن الخطاب البلدان كتب إلى أبي موسى الأشعري وهو على البصرة يأمره أن يتخذ للجماعة مسجداً. ويتخذ للقبائل مساجد، فإذا كان يوم الجمعة انضموا إلى مسجد الجماعة، فشهدوا الجمعة. وكتب إلى سعد بن أبي وقاص وهو على الكوفة بمثل ذلك. وكتب إلى عمرو بن العاص وهو على مصر بمثل ذلك. وكتب إلى أمراء أجناد الشام لا يتبدوا إلى القرى، وأن ينزلوا المدائن، وأن يتخذوا في كل مدينة مسجداً واحداً. ولا يتخذ القبائل مساجد كما اتخذ أهل الكوفة والبصرة وأهل مصر. وكان الناس متمسكين بأمر عمر وعهده.
وروى محمد بن عطاء عن أبيه قال: لما قدم عمر الشام أمر ألا يتخذ في المدينة مسجدان. قال: وإنما أراد عمر بذلك المسجد الأعظم الذي تقام فيه الجمع، وإنما فرق بين مدائن الشام وبين الكوفة والبصرة في الحكم، لأن مدائن الشام ممصرة قبل الإسلام، فلا تقام في مصر واحد أكثر من جمعة، فأما الكوفة والبصرة فكل منزل نزلته قبيلة واختطته فهو بمنزلة مصر مفرد. ولم يرد بذلك النهي عن اتخاذ المساجد التي لا تقام فيها الجمعة. فأما مصر فإنها إن كانت قبل الإسلام فإن المسلمين لما افتتحوها تفرقت القبائل فيها، واختطت بها خططاً نسبت إليها فأشبه حكمها حكم الكوفة والبصرة والله أعلم.