الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ما ورد في ذم أهل الشام
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الجفاء والبغي في الشام ".
قال: هذا حديث لا يمكن الاعتماد عليه لضعف إسناده.
وعن أنس أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا ركب الناس الخيل ولبسوا القباطي ونزلوا الشام، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء عمهم الله بقعوبة من عنده.
ذكر في إسناده عمرو بن زياد الثوبي، وقال: كان منكر الحديث، يسرق الحديث ويحدث بالبواطيل.
عن أبي هريرة قال: سينعق الشيطان بالشام نعقة يكذب ثلثاهم بالقدر.
قال ابن أبزى: بلغ عمر أن أناساً تكلموا في القدر فقام خطيباً فقال: يا أيها الناس، إنما هلك من كان قبلكم في القدر، والذي نفسي بيده لا أسمع برجلين تكلما فيه إلا ضربت أعناقهما. قال: فأمسك الناس عنه، حتى نبغت نابغة أو نبغة بالشام.
وعن الشيباني قال: قال لي الأوزاعي: يا أبا زرعة هلك عبادنا وخيارنا في هذا الرأي، يعني القدر.
كان المتكلم في القدر بالشام: غيلان القدري، وتبعه على ذلك أتباع، فأخذه
هشام بن عبد الملك فصلبه، وكفى أهل الشام أمره. وقد كانت القدرية بالبصرة أكثر، وضررهم على أهل السنة أكبر، فإنهم صنفوا في نفيه التصانيف، وألف أهل الاعتزال فيه التآليف، فأفناهم الله وأبادهم.
وعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل خلق أربعة أشياء وأردفها أربعة أشياء: خلق الجدب، وأردفه الزهد، وأسكنه الحجاز، وخلق العفة، وأردفها الغفلة، وأسكنها اليمن، وخلق الزيف، وأردفه الطاعون، وأسكنه الشام، وخلق الفجور، وأردفه الدرهم، وأسكنه العراق.
قال: وهذا حديث فيه مجاهيل لا يحتج به.
وعن سليمان بن يسار قال: كتب عمر بن الخطاب إلى كعب الأحبار أن اختر لي المنازل فكتب إليه: يا أمير المؤمنين، إنه بلغنا أن الأشياء اجتمعت فقال السخاء: أريد اليمن، فقال حسن الخلق: أنا معك. وقال الجفاء: أريد الحجاز، فقال الفقر: وأنا معك، وقال البأس: أريد الشام، فقال السيف: وأنا معك. وقال العلم: أريد العراق، فقال العقل: وأنا معك. وقال الغني: أريد مصر، فقال الذل: وأنا معك. فاختر لنفسك يا أمير المؤمنين.
فلما ورود الكتاب على عمر بن الخطاب قال: فالعراق إذاً، فالعراق إذاً.
ورواه بن عائشة أيضاً: قال ابن عساكر: والمحفوظ عن كعب سوء القول في العراق، وضعف هذه الأحاديث.
وعن أنس بن مالك قال: لما حشر الله الخلائق إلى بابل بعث إليهم ريحاً شرقية وغربية وقبلية وبحرية، فجمعتهم إلى بابل، فاجتمعوا يومئذ ينظرون، لما حشروا له إذ نادى مناد: من جعل المغرب عن يمينه والمشرق عن يساره، واقتصد إلى البيت الحرام بوجهه، فله كلام أهل السماء. فقام يعرب بن قحطان فقيل له: يا يعرب بن قحطان بن هود: أنت هو. فكان أول من تكلم بالعربية ولم يزل المنادي ينادي: من فعل كذا وكذا فله كذا
وكذا، حتى افترقوا على اثنين وسبعين لساناً. وانقطع الصوت وتبلبلت الألسن، فسميت بابل. وكان اللسان يومئذ بابلياً. وهبطت ملائكة الخير والشر، وملائكة الحياء والإيمان، وملائكة الصحة والشفاء، وملائكة الغنى، وملائكة الشرف، وملائكة المروءة، وملائكة الجفاء، وملائكة الجهل، وملائكة السيف، وملائكة اليأس، حتى انتهوا إلى العراق، فقال بعضهم لبعض: افترقوا. فقال ملك الإيمان: أنا أسكن المدينة ومكة، فقال ملك الحياء: أنا معك، فأجمعت الأمة على أن الإيمان والحياء ببلد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال مالك الشقاء: أنا أسكن البادية، فقال ملك الصحة: وأنا معك، فأجمعت الأمة على أن الصحة والشقاء في الأعراب. وقال ملك الجفاء: أنا أسكن المغرب، فقال ملك الجهل: أنا معك، فأجمعت الأمة على أن الجفاء والجهل في البربر. وقال ملك السيف: أنا أسكن الشام، فقال له ملك البأس: أنا معك. وقال ملك الغنى: أنا أقيم هاهنا، فقال له ملك المروءة: أناملك البأس: أنا معك. وقال ملك الغنى: أنا أقيم هاهنا، فقال له ملك المروءة: أنا معك. فقال ملك الشرف: وأنا معكما، فاجتمع ملك الغنى والمروءة والشرف بالعراق.
وعن حكيم بن جابر قال:
أخبرت أن الإسلام قال: أنا لا حق بأرض الشام، قال الموت: وأنا معك. قال الملك: وأنا لا حق بأرض العراق قال القتل: وأنا معك. قال الجوع: وأنا لاحق بأرض العرب، قالت الصحة: وأنا معك.
قال: إنما أراد بذلك كثرة ما كان بها من الطاعون، أو القتل في الجهاد، وكلاهما شهادة. وذلك مدح ليس بذم.
قال الجاحظ: أشياء اتفقت ثمانية أزواج ستة عشر صنفاً، ثم اتفقت أزواجاً فصارت ثمانية أزواج: فقال الدين: أسكن الحرمين مكة والمدينة، قالت الأمانة: أنا معك. قال الغني واليسار: أسكن مصر، قال الذل: أنا معك. قال السخاء: أسكن الشام، قالت الشجاعة: وأنا معك. قال العقل: أسكن العراق، قالت المروءة: وأنا معك. قال العلم: أسكن خراسان، قال الورع: وأنا معك. قالت التجارة: أسكن خوزستان وأصبهان، قالت النذالة: وأنا معك. قال الجفاء: أسكن المغرب، قال الجهل: وأنا معك. قال الفقر: أسكن اليمن، قالت القناعة: وأنا معك.
وهذا مدح ليس بذم.
وعن عبد الله بن أبي الهذيل: أن عمر رضي الله عنه أتي برجل قد أفطر في رمضان. فلما رفع إليه عثر، فقال: على وجهك، أو بوجهك. تفطر وصبياننا صيام؟ فضربه الحد، وكان إذا غضب على إنسان سيره إلى الشام، فسيره إلى الشام.
لم يكن عمر رضي الله عنه ينفي إلى الشام لدناءة حال أهله عنده، وإنما كان ينفي إليها لكثرة ما كان بها من الطاعون رجاء أن يكفيه الطاعون أمر من يغصب عليه، فينفيه إليها ليكون الطاعون شهادة له، ومكفراً عنه ما فرط منه.
وعن أبي عسيب مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل عليه السلام بالحمى والطاعون، فأمسكت الحمى بالمدينة، وأرسلت الطاعون إلى الشام. فالطاعون شهادة لأمتي ورحمة لهم، ورجس على الكافر.
وعن علي بن زيد بن جدعان قال: قال رجل لعمرو بن العاص: صف لي الأمصار. قال: أهل الشام أطوع الناس للمخلوق وأعصاهم للخالق، وأهل مصر أكيسهم صغاراً، وأحمقهم كباراً، وأهل الحجاز أسرع الناس إلى الفتنة وأعجزهم فيها، وأهل العراق أطلب الناس للعلم وأبعدهم منه.
قدم عبد الله بن الكواء على معاوية، فقال له معاوية: أخبرني عن أهل البصرة. قال: يقاتلون معاً، ويدبرون شتى. قال: فأخبرني عن أهل الكوفة. قال: أنظر الناس في صغيرة وأوقعه في كبيرة. قال: فأخبرني عن أهل المدينة. قال: أحرص الناس على الفتنة، وأعجزه فيها. قال: فأخبرني عن أهل مصر قال: لقمة آكل. قال: فأخبرني عن أهل الجزيرة. قال: كناسة بين مدينتين. قال: فأخبرني عن أهل الموصل: قال: فأخبرني عن أهل الجزيرة. قال: كناسة بين مدينتين. قال: فأخبرني عن أهل الموصل: قال: قلادة وليدة، فيها من كل خرزة. قال: فأخبرني عن أهل الشام. قال: جند أمير المؤمنين، ولا أقول فيهم شيئاً. قال: لتقولن. قال: أطوع الناس لمخلوق وأعصاهم لخالق، ولا يحسبون للسماء ساكناً.
وفي حديث آخر: أطوع الناس لمخلوق في معصية الخالق، وأجرؤهم على الموت لا يدري ما بعده. دمشقيهم يشتمل ولا يدري، وحمصيهم يسمع ولا يعي.
قال: والمراد في هذه الحكايات ما كان عليه أهل الشام من طاعة أئمتهم وأمرائهم، واقتدائهم في الفتن والحروب بآرائهم، من غير نظر في عواقب الفتن كما فعلوا في سالف الزمن من قتالهم علي بن أبي طالب، وهو الإمام المرتضى، وفعلهم يوم الحرة، وحصار ابن الزبير. وتلك أمور قد خلت، وفتن قد مضت، عصم الله منها.
وابن الكواء لا يعتمد على ما يرويه، فكيف يعتمد على ما يقوله عن نفسه؟ قال أبو المخيس: كنت جالساً عند الأحنف، فأتاه كتاب من عبد الملك بن مروان يدعوه إلى نفسه، فقال: يدعوني ابن الزرقاء إلى طاعة أهل الشام؟! ولوددت أن بيننا وبينهم جبلاً من نار، من أتانا منهم احترق، ومن أتاهم منا احترق.
وهذا، لما كان يجري بين أهل الشام والعراق من الحروب، وأما الآن فقد آلف الله بين القلوب.
وعن الأوزاعي قال: لا نأخذ من قول أهل العراق خصلتين، ولا من قول أهل مكة خصلتين، ولا من قول أهل المدينة خصلتين، ولا من قول أهل الشام خصلتين: فأما أهل العراق فتأخير السحور وشرب النبيذ، وأما أهل مكة فالمتعة والصرف، وأما أهل المدينة فإتيان النساء في أدبارهن والسماع، وأما أهل الشام فبيع العصير وأخذ الديون.
قال: وهذان الأمران قد ذهبا. أما بيع العصير فليس في الشام اليوم عالم يبيحه، وأما الديوان فقد منعهموه السلطان.
وعن النعمان بن المنذر الغساني قال: كنت مع مكحول بالصائفة قال: فأتاه فتيان من أهل العراق قال: فجعلوا يسألونه، قال: فجعل يخبرهم قال: فقالوا له: عمن ومن حدثك، قال: فنشط لهم مكحول، فجعل يسند لهم، قال: فلما تهيأ قيامه ضحك، ثم قال: هكذا ينبغي لكم يا أهل العراق، لا يصلحكم إلا هذا، وأما أصحابنا هؤلاء أهل الشام فيأخذون كما تيسر. قال: ثم قام.
قال الأعمش: كنا إذا جاءنا الحديث وأنكرناه قلنا: شامي وقيل لعبد الرحمن بن مهدي: أي الحديث أصح؟ قال: حديث أهل الحجاز، قيل: ثم من؟ قال: حديث أهل البصرة، قيل: ثم من؟ قال: حديث أهل الكوفة، قالوا: فالشام؟ قال: فنفض يده.
في هذه الحكاية نظر، والعدوي، بعض رواتها، كذاب، ويحتمل إن كان صحيحاً أنه إنما قال ذلك لأن الغالب على أحاديث أهل الشام أحاديث الفتن والملاحم.
وأما إذا جاء الحديث مسنداً من رواية ثقاتهم، بعضهم عن بعض فهو صحيح، تلزم به الحجة كما يلزم بأحاديث غيرهم.
قال حميد بن إبراهيم: سألت عمرو بن عبيد عن هذه الآية: " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون " قال: قلت: هم أهل الشام؟ قال نعم.
عمرو هو العدوي لا يحتج بما يرويه عن غيره، فكيف بما يقوله برأيه في كتاب الله مما لا يعضده بالحجة؟ قال الأوزاعي: كانوا يستحبون أن يحدثوا أهل الشام بفضائل أهل البيت، ليرجعوا عما كانوا عليه.
وقال الثوري: إذا كنت بالشام فحدث بفضائل علي، وإذا كنت بالعراق فحدث بفضائل عثمان.
وهذا، لما كان في أهل الشام من الانحراف عن أهل بيت الرسول، وأما الآن فقد أمن ذلك، لما وقفوا عليه من فضائلهم.
حدث أبو يحيى السكري قال: دخلت مسجد دمشق فرأيت في مسجدهما حلقاً، فقلت: هذا بلد قد دخله جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهم، وملت إلى حلقة في المسجد في صدرها شيخ جالس فجلست إليه، فسأله رجل ممن بين يديه فقال: يا أبا المهلب: من علي بن أبي طالب؟ قال: خناق كان بالعراق، اجتمعت إليه جمعية فقصد أمير المؤمنين يحاربه فنصره الله عليه. قال: فاستعظمت ذلك وقمت، فرأيت في جانب المسجد شيخاً يصلي إلى سارية، حسن السمت والصلاة والهيئة فقصدت إليه فقلت له: يا شيخ، أنا رجل من أهل العراق جلست إلى تلك الحلقة. وقصصت عليه القصة، فقال لي: في هذا المسجد عجائب. بلغني أن بعضهم يطعن على أبي محمد حجاج بن يوسف فعلي بن أبي طالب من هو؟ وقد روي مثل معنى هذه الحكاية عن أهل حمص. وكلتا الحكايتين ضعيف.
وأما ما تحكيه العامة من تأخير معاوية صلاة الجمعة إلى يوم السبت ورضي أهل الشام بذلك فأمر مختلق لا اصل له، ومعاوية ومن كان في عصره بالشام من الصحابة والتابعين أتقى لله وأشد محافظة على أداء فريضة، وأفقه في دينه من أن يخفى عنهم أن ذلك لا يجوز.
قال: ولم أجد لذلك أصلاً في شيء من الروايات. وإنا يحكى بإسناد منقطع أن بعض مغفلي أهل الشام امتحن بذكر ذلك في العراق في زمن الحجاج، فلعل بعض الناس بلغه ذلك فعزاه إلى أهل الشام.
قال: كان للحجاج قاض في الكوفة من أهل الشام يقال له أبو حمير، فحضرت الجمعة فمضى يريدها فلقيه رجل من أهل العراق فقال: أبا حمير، أين تذهب؟ قال: إلى الجمعة، قال: أما بلغك أن الأمير قد أخر الجمعة اليوم؟ فانصرف راجعاً إلى بيته. فلما