المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما ذكر من هدم بقية كنيسة مريحنا وإدخالها في الجامع - مختصر تاريخ دمشق - جـ ١

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌[التاريخ]

- ‌باب اشتقاق اسم التاريخ والفائدة بالعناية به

- ‌باب في مبتدأ التاريخ واصطلاح الأمم عليه

- ‌ذكر اختلاف الصحابة في التاريخوما نقل فيه من الاتفاق منهم

- ‌ذكر تاريخ الهجرة

- ‌القول في اشتقاق تسمية الأيام والشهور

- ‌السبب الذي حمل الأئمة على أن قيدوا المواليد وأرخوا التواريخ

- ‌[دمشق والشام]

- ‌ذكر أصل اشتقاق تسمية الشام

- ‌ذكر تاريخ مدينة دمشق ومعرفة من بناها

- ‌اشتقاق تسمية دمشق

- ‌حث النبي أمته على سكنى الشام وإخباره بتكفل الله عز وجل لمن سكنه من أهل

- ‌بيان أن الإيمان يكون بالشام عند وقوع الفتن والملاحم

- ‌ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الشام عند وقوع الفتن عقر دار

- ‌ما جاء في أن الشام صفوة الله من بلادهوإليها يجتبي خيرته من عباده

- ‌اختصاص الشام ببسط ملائكة الرحمة أجنحتها عليها

- ‌دعاء النبي للشام بالبركة

- ‌بيان أن الشام أرض مباركة

- ‌ما جاء في أن الشام الأرض المقدسة المذكورة في القرآن

- ‌إعلام النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن بالشام تسعة أعشار الخير

- ‌ما جاء في أن الشام مهاجر إبراهيم الخليلوأنه من المواضع المختارة لإنزال التنزيل

- ‌اختصاص الشام بالإضاءة عند مولد النبيصلى الله عليه وسلم

- ‌الشام أرض المحشر والمنشر

- ‌ما جاء في أن الشام أرض المحشر المنشر

- ‌ما جاء في أن بالشام يكون ملك أهل الإسلام

- ‌ما جاء من أن الشام سرة الدنيا

- ‌الشام يبقى عامراً بعد خراب الأمصار

- ‌ما جاء من أن الشام يبقى عامراً بعد خراب الأمصار

- ‌باب تمصير الأمصار

- ‌فضل دمشق من القرآن

- ‌ما ورد في فضل دمشق من القرآن

- ‌دمشق من مدن الجنة

- ‌ما ورد في أن دمشق من مدن الجنة

- ‌دمشق مهبط عيسى بن مريم

- ‌ما جاء في أن دمشق مهبط عيسى بن مريم

- ‌ما جاء في أن دمشق فسطاط المسلمين

- ‌باب في أن البركة في دمشق مضعّفة

- ‌ما جاء في أن أهل دمشق لا يزالون على الحق

- ‌باب غناء أهل دمشق في الملاحموتقديمهم في الحروب

- ‌ما جاء في أن أهل دمشق يعرفون في الجنة بالثياب الخضر

- ‌دعاء النبي لأهل الشام أن يهديهم الله ويقبل بقلوبهم إلى الإسلام

- ‌ما روي أن أهل الشام مرابطونوأنهم جند الله الغالبون

- ‌ما جاء أن بالشام تكون الأبدال

- ‌نفي الخير عند فساد أهل الشام

- ‌ما جاء في نفي الخير عند فساد أهل الشام

- ‌ما جاء من أن بالشام تكون بقايا العرب

- ‌باب انحياز بقية المؤمنين آخر الزمان إلى الشام

- ‌ما ذكر من تمسك أهل الشام بالطاعة

- ‌ذكر توثيق أهل الشام بالرواية وعلمهم

- ‌باب صفة أهل الشام بالدين والثقة

- ‌باب النهي عن سب أهل الشام

- ‌من قتل من أهل الشام بصفين

- ‌ما ورد فيمن قتل من أهل الشام بصفين

- ‌ذكر ما ورد في ذم أهل الشام

- ‌أخبار ملوك الشام قبل الإسلام

- ‌ذكر ما جاء من أخبار ملوك الشام قبل الإسلام

- ‌باب تبشير النبي أمته بافتتاح الشام

- ‌باب سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلموبعوثه وهي غزوة دومة الجندل وذات أطلاح وغزوة مؤتة وذات السلاسل

- ‌باب غزوة تبوك

- ‌ذكر بعث النبي أسامة بن زيدوأمره بشن الغارة على مؤتة ويبنى وآبل الزيت

- ‌ذكر اهتمام أبي بكر بفتح الشاموحرصه عليه

- ‌ما روي من توقع المشركينلظهور دولة المسلمين

- ‌ذكر ظفر جيش المسلمين بأجنادين وفحل ومرج الصفر

- ‌باب كيف كان أمر دمشق في الفتح

- ‌ذكر تاريخ وقعة اليرموكومن قتل بها

- ‌ذكر تاريخ قدوم عمر الجابية

- ‌ما اشترط عند فتح الشام على الذمة

- ‌ذكر حكم الأرضين وما جاء فيه

- ‌الصوافي التي استصفيت عن بني أمية

- ‌بعض ما ورد من الملاحم والفتنيتعلق بدمشق

- ‌ذكر بعض أخبار الدجال

- ‌ذكر شرف جامع دمشق وفضله

- ‌ما ذكر من هدم بقية كنيسة مريحنا وإدخالها في الجامع

- ‌ما ذكر في بنائه واختيار موضعه

- ‌كيفية ترخيمه ومعرفة المال المنفق عليه

- ‌ذكر ما كان عمر بن عبد العزيز رده على النصارى عند طلبه

- ‌ذكر ما في الجامع من القناديل وما فيه وفي البلد من الطلسمات

- ‌ما ورد في أمر السبع وابتداء الحضور فيه

- ‌ذكر مساجد البلد وحصرها

- ‌ذكر فضل المساجد المقصودة بالزيارة

- ‌ذكر فضل مواضع وجبال بظاهر دمشق وضواحيها

- ‌كنائس أهل الذمة التي صالحوا عليها

- ‌بعض الدور التي هي داخل السور

- ‌الأنهار المحتفرة للشرب وسقي الزرع

- ‌مدح دمشق بطيب الهواء والماء

- ‌ما ورد في مدح دمشق بطيب الهواء والماء

- ‌ذكر تسمية أبوابها ونسبتها

- ‌فضل مقابر أهل دمشقومن بها من الأنبياء وغيرهم

الفصل: ‌ما ذكر من هدم بقية كنيسة مريحنا وإدخالها في الجامع

‌ما ذكر من هدم بقية كنيسة مريحنا وإدخالها في الجامع

عن كعب في قول الله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم " فقال: إذا هدمت كنيسة دمشق فبنيت مسجداً وظهر لبس القصب، فحينئذ تأويل هذه الآية. وهدمها الوليد بن عبد الملك.

وكان معاوية أراد أن يبني مسجد دمشق فقال له كعب: ذلك أخنس قريش وما اجتمع أبواه. فلما كان الوليد بن عبد الملك بعث إلى النصارى وقال لهم في كنيستهم وسألهم إياها فأبوا، فقال لهم: ائتونا بالعهد فأتوه به فقال لهم: قد رضيتم، فأنا أسجل البعض عليكم. فنظروا فإذا كنيسة كذا، وكنيسة كذا، وكنيسة كذا. ورضوا بأن أعطوا الكنيسة وكف عن كنائسهم.

قالوا: وكان معاوية بن أبي سفيان يخرج إلى الصلاة في المسجد من الموضع الذي يصلي فيه الغرباء عند باب جيرون من عند الزجاجة الخضراء فجعلت الزجاجة علامة لما سد الباب من شرق المسجد خارج الباب.

قال يعقوب بن سفيان: سألت هشام بن عمار عن قصة مسجد دمشق وهدم الكنيسة قال: كان الوليد قال للنصارى من أهل دمشق: ما شئتم، إنا أخذنا كنيسة توما غنوة وكنيسة الداخلة صلحاً، فأنا أهدم كنيسة توما. قال هشام: وتلك أكبر من هذه الداخلة. قال: فرضوا أن هدم

ص: 260

كنيسة الداخلة، وأدخلها في المسجد. قال: وكان بابها قبلة المسجد، اليوم المحراب الذي يصلى فيه.

قال: وهدم الكنيسة في أول خلافة الوليد سنة ست وثمانين، وكانوا في بنيانه سبع سنين حتى مات الوليد ولم يتم بناؤه، فأتمه هشام من بعده.

وفي حديث آخر: لما هم بهدم الكنيسة، كنيسة مريحنا ليزيدها في المسجد، دخل الكنيسة، ثم صعد منارة ذات الأضالع المعروفة بالساعات، وفيها راهب يأوي في صومعة له فأحدره من الصومعة، فأكثر الراهب كلامه، فلم تزل يد الوليد في قفاه حتى أحدره من المنارة ثم هم بهدم الكنيسة، فقال له جماعة من نجاري النصارى: ما نجسر على أن نبدأ في هدمها يا أمير المؤمنين، ونخشى أن نعز أو يصيبنا شيء، فقال الوليد: تحذرون وتخافون! يا غلام، هات المعول، ثم أتى بسلم فنصبه على محراب المذبح، وصعد فضرب بيده المذبح حتى أثر فيه أثراً كبيراً، ثم صعد المسلمون فهدموه، وأعطاهم الوليد مكان الكنيسة التي في المسجد، الكنيسة التي تعرف بحمام القاسم بحذاء دار أم البنين في الفراديس، فهي تسمى مريحنا مكان هذه التي في المسجد. وحولوا شاهدها فيما يقولون إليها، إلى تلك الكنيسة.

وكان أراد أن يبني المسجد اسطوانات إلى الكوى يعني الطاقات فدخل بعض البنائين فقال: لا ينبغي أن يبنى كذا ولكن ينبغي أن تبنى فيه قناطر ويعقد أركانها بعضها إلى بعض ثم تجعل أساطين، ويجعل عمد، ويجعل فوق العمد قناطر تحمل السقف، ويخفف عن العمد البناء، ويجعل بين كل عمودين ركن. قال: فبني كذلك.

قالوا: ودخل المغيرة بن عبد الملك يوماً على الوليد بن عبد الملك بن مروان، فرآه مغموماً فقال له: يا أمير المؤمنين، ما سبيلك؟ قال: فأعرض عنه، ثم إنه عاوده فقال: يا أمير المؤمنين، ما سبيلك؟ قال: فقال له: يا مغيرة، إن المسلمين قد كثروا وقد ضاق بهم المسجد، وقد بعثت إلى هؤلاء النصارى أصحاب هذه الكنيسة لندخلها في المسجد فتأبوا علينا، وقد أقطعتهم قطائع كثيرة، وبذلت لهم مالاً فامتنعوا، فقال له المغيرة: يا أمير المؤمنين، لا تغتم قد دخل خالد من باب الشرقي بالسيف، وباب الجابية دخل منه أبو

ص: 261

عبيدة بن الجراح في الأمان فماسحهم إلى أي موضع بلغ السيف، فإن يكن لنا فيه حق أخذناه، وإن لم يكن لنا فيه حق داريناهم حتى نأخذ باقي الكنيسة فندخله في المسجد فقال له: فرجت عني، فتول أنت هذا. قال: فتولاه، فبلغت المسحة إلى سوق الريحان حتى حاذى من القنطرة الكبيرة أربعة أذرع وكسر بالذراع القاسمي، فإذا باقي الكنيسة قد دخل في المسجد، فبعث إليهم فقال لهم: هذا حق قد جعل الله عز وجل لنا، لم يصل المسلمون في غصب ولا ظلم، بل نأخذ حقنا الذي جعله الله لنا، فقالوا: يا أمير المؤمنين، قد أقطعتنا أربع كنائس وبذلت لنا من المال كذا وكذا، فإن رأيت يا أمير المؤمنين أن تتفضل به علينا ففعل، فامتنع عليهم حتى سألوه وطلبوا إليه. قال: فأعطاهم كنيسة حميد بن درة، وكنيسة أخرى حيث سوق الجبن، وكنيسة مريم، وكنيسة المصلبة. ثم إن الوليد بعث إلى المسلمين حتى اجتمعوا لهدم الكنيسة، واجتمع النصارى فقال للوليد بعض الأقساء والفأس على كتفه وعليه قباء سفرجلي وقد شد برقبة قبائه فقال له: إني أخاف عليك من الشاهد يا أمير المؤمنين. قال: ويلك ما أضع فأسي إلا في رأس الشاهد، ثم إنه صعد، فأول من وضع فأسه في هدم الكنيسة الوليد. وسارع الناس في هدم الكنيسة، وكبر الناس ثلاث تكبيرات وزادها في المسجد.

وقيل: إنه قيل للوليد: لا يهدمها أحد إلا جن، فقام يزيد بن تميم فجع له وجوه أهل البلد حتى علا الكنيسة ثم التفت إلى يزيد فقال: أين الفأس فأتاه به فقال: إن هؤلاء الكفرة يزعمون أن أول من يهدمها يجن وأنا أول من يجن في الله، فأخذ برقبة قبائه فوضعها في منطقته ثم أخذ الفأس فضرب به ضربات، ثم تناوله القوم وكل من حضر، ولم يجدوا من ذلك بداً إذ فعله أمير المؤمنين، وصاح النصارى على الدرج وولولوا، ثم التفت إلى يزيد بن تميم وهو على خراجه فقال: ابعث إلى اليهود حتى يأتوا على هدمها. ففعل فجاء اليهود فهدموها.

ص: 262