الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر فضل المساجد المقصودة بالزيارة
روي عن عبد الله بن عمرو أنه سمع يقول: ما من مسلم يأتي زيارة من الأرض أو مسجداً بني بأحجار فيصلي فيه إلا قالت الأرض: سل الله في أرضه، وأشهد لك يوم تلقاه.
وقد تقدم، فيما قلناه، أن ربوة دمشق هي التي سماها الله في كتابه بالربوة.
قال حسان بن عطية:
إن ملكاً من ملوك بني إسرائيل حضره الموت، وأوصى بالملك لرجل حتى يدرك ابنه. فكانوا يؤملون أن يدرك ابنه فيملكوه، ويكون مكان أبيه. فأتي عليه فقبض. قال: فجزعوا عليه. فلما خرجوا بجنازته وفيهم عيسى بن مريم عليه السلام فدنا من أمه فقال: أرأيت إن أنا أحييت لك ابنك أتؤمنين بي وتتبعينني؟ قالت: نعم، فدعا الله عز وجل، فجعلت أكفانه تتحلل عنه حتى استوى جالساً، فقالوا: هذا عمل ابن الساحرة، وطلبوه حتى انتهى إلى شعب النيرب فاعتصم منهم بقلعة على صخرة متعالية، فأتاه إبليس لعنه الله، فقال: جئتك وما أعتذر إليك من شيء، هذا أنت لم تنافسهم في دنياهم ولا بشبر من الأرض، صنعوا بك ما صنعوا، فلو ألقيت نفسك من هذا المكان فتلقاك روح القدس، فيذهب بك إلى ربك، فتستريح منهم. فقال عيسى: يا غوي، الطويل الغواية، إني أجد فيما علمني ربي عز وجل ألا أجرب ربي حتى أعلم أراض عني أم ساخط علي. قال: وزجره الله عنه. قال: فأقبلت عليهم أم الغلام، فقالت: يا معشر بني إسرائيل، كنتم تبكون وتشقون ثيابكم جزعاً عليه. فلما أحياه الله لكم أردتم قتله. قالوا: فما تأمرينا به؟ قالت: ائتوه فآمنوا به، فأتوه، فقالوا: خصلة بيننا وبينك، إن أنت فعلتها آمناً بك وابتعناك، قال: وما هي؟ قالوا: تحيي لنا عزيراً، قال: دلوني على قبره، فنزل عيسى معهم حتى انتهوا إلى قبره، قال: فتوضأ وصلى ركعتين ودعا. قال:
فجعل قبره ينفرج عنه التراب فخرج قد ابيض نصف رأسه ولحيته، وهو يقول: هذا فعلك يا بن مريم، فقال: لم أصنع بك، هذا فعل قومك، زعموا أنهم لا يؤمنون بي ولا يتبعوني حتى أحييك لهم، وهذا في هدى قومك يسير. قال: فأقبل عليهم يعظهم، ويأمرهم بالإيمان به واتباعه. قال: فقال له قومه: عهدناك وأنت أسود الرأس واللحية ما لنصف رأسك قد إبيض؟ قال: إني سمعت الصيحة فظننت أنها دعوة الداعية، حتى أدركني ملك فقال: إنها هي دعوة ابن مريم فانتهى الشيب إلى ما ترى.
ويروى أن النيرب مصلى الخضر عليه السلام وعن ابن عباس أنه ولد إبراهيم بغوطة دمشق في قرية يقال لها برزة، في جبل يقال له قاسيون.
وعن حسان بن عطية قال: أغار ملك نبط هذا الجبل على لوط فسباه وأهله، فبلغ ذلك إبراهيم خليل الله عليه السلام، فأقبل في طلبه في عدة أهل بدر ثلاث مئة وثلاثة عشر، فالتقى هو وملك الجبل في صحراء يعفور، فعبأ إبراهيم ميمنة وميسرة وقلباً. وكان أول من عبأ الحرب هكذا، فاقتتلوا فهزمه إبراهيم، واستنقذ لوطاً وأهله فأتى هذا الموضع الذي في برزة الذي ينسب إلى مسجد إبراهيم فصلى فيه.
وعن الزهري أنه قال: مسجد إبراهيم عليه السلام في قرية يقال لها برزة، فمن صلى فيه أربع ركعات خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ويسأل الله ما شاء فإنه لا يرده خائباً.
ومشايخ أهل دمشق يذكرون أن الآثارات التي بدمشق في برزة عند المسجد الذي يقال له مسجد إبراهيم عليه السلام التي في الجبل عند الشق أنه مكان إبراهيم. وأن الآثارات التي فوق الشق في الجبل هي موضع رأي إبراهيم الكوكب الذي ذكر الله في كتابه: " فلما رأى كوكباً قال: هذا ربي " أنه كان في الجبل في ذلك الموضع، وهو معروف، فمن
قصده وصلى فيه ودعا أجابه الله في دعائه. وأن ذلك الجبل كان فيه لوط النبي وجماعة من الأنبياء. وآثارهم في مواضع من الجبل بالقرب من مسجد إبراهيم.
قال: وأدركت الشيوخ يقصدونه ويقيمون فيه ويصلون ويدعون الله. وهو نافع لقسوة القلوب وكثرة الذنوب، وإن بعض الشيوخ جاء من مكة فصلى في الموضع الذي فوق الشق، الموضع الذي يقال إنه رأى إبراهيم فيه الكوكب. وذكر أنه رأى في نومه إن أحببت أن ترى الموضع الذي رأى فيه إبراهيم الكوكب فاقصد دمشق، واقصد موضعاً يقال له برزة عند مسجد إبراهيم فوق الجبل فصل فيه ركعتين ثم ادع بما شئت تجب فقصدت الموضع.
قال أحمد بن صالح:
أدركت الشيوخ بدمشق قديماً وهم يفضلون مسجد إبراهيم الذي ببرزة ويقصدونه، ويصلون فيه ويقرؤون، ويدعون، ويذكرون أن الدعاء فيه مجاب. وهو موضع شريف عظيم، فهم يذكرون عن شيوخهم ومن أدركوا من أهل العلم أنهم يصححونه ويفضلونه ويقولون: إن مسجد إبراهيم عليه السلام، وإن الشق الذي في الجبل خارج باب المسجد هو الموضع الذي اختبأ فيه إبراهيم من النمروذ الذي كان ملك دمشق في وقت إبراهيم، والدعاء فيه مجاب، فمن قصد الله في ذلك الموضع ودعا فه بنية خالصة رأى الإجابة.
قال أبو الحسن الرازي: مسجدا إبراهيم أحدهما في الأشعريين والآخر في برزة.
وعن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله رجل عن دمشق وقيل: عن الآثارات بدمشق فقال: بها جبل يقال له قاسيون فيه قتل ابن آدم أخاه، وفي أسفله في الغرب ولد إبراهيم، وفيه آوى الله عيسى بن مريم وأمه من اليهود، وما من عبد أتى معقل روح الله فاغتسل وصلى ودعا لم يرده الله خائباً، فقال رجل: يا رسول الله، صفه لنا، قال: هو بالغوطة، مدينة يقال لها دمشق، وأزيدكم أنه جبل كلمه الله، وفيه ولد أبي إبراهيم، فمن أتى هذا الموضع فلا يعجز في الدعاء، فقام رجل قال: يا رسول الله، أكان ليحيى بن زكريا معقلاً؟ قال: نعم احترس فيه يحيى من هداد رجل من عاد في الغار الذي تحت دم ابن آدم المقتول، وفيه احترس إلياس النبي من ملك قومه، وفيه صلى إبراهيم ولوط وموسى
وعيسى وأيوب فلا تعجزوا في الدعاء فيه، فإن الله أنزل علي:" ادعوني أستجب لكم " وربنا يسمع الدعاء. قالوا: كيف ذلك؟ فأنزل الله تعالى: " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان ".
وعن كعب الأحبار أنه قال: إنه موضع الحاجات والمواهب من الله عز وجل لا يرد سائلاً فيه.
وروي عن مكحول أنه صعد مع عمر بن عبد العزيز إلى موضع الدم يسأل الله سقياناً فسقاناً.
قال مكحول: وسمعت كعب الأحبار يذكر: أنه موضع الحاجات والمواهب من الله، وأنه لا يرد سائلاً في ذلك الموضع.
قال هشام: وسمعت الوليد يقول: سمعت سعيد بن عبد العزيز قال: صعدنا في خلافة هشام إلى موضع قتل ابن آدم أخاه نسأل الله يسقينا، فأتى مطر فأقمنا في الغار الذي تحت الدم ثلاثة أيام. وفي رواية: فدعونا الله فارتفع عنا وقد رويت الأرض.
قال الوليد بن مسلم: سمعت ابن عباس يقول: كان أهل دمشق إذا احتبس عليهم القطر، أو غلا بيعهم أو جار عليهم سلطان، أو كانت لأحدهم حاجة صعدوا موضع ابن آدم المقتول فيسألون الله، فيعطيهم ما سألوا.
وروي عن أحمد بن كثير قال: صعدت إلى موضع دم ابن آدم عليهما السلام في جبل قاسيون بدمشق، فسألت الله عز وجل الحج فحججت، وسألته الجهاد فجاهد، وسألته الزيارة والصلة في بيت المقدس وعسقلان وعكا والرباط في جميع السواحل فرزقت ذلك كله، وسألته يغنيني عن الأسواق والبيع فرزقت. ولقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وهابيل بن آدم عليهما السلام فقلت له: أسألك بحق الواحد الصمد وبحق أبيك آدم النبي صلى الله عليه وسلم هذا دمك؟ فقال: إي والواحد الصمد، هذا دمي، جعله الله آية للناس، وإني دعوت الله عز وجل
فقلت: اللهم رب أبي وأمي حواء وهذا النبي المصطفى الأمي، اجعل دمي مستغاثاً لكل نبي وصديق، ومن دعا فيه فتجيبه، وسألك فتعطيه فاستجاب الله عز وجل وجعله طاهراً آمناً، وجعل هذا الجبل آمناً ومعقلاً ومعاشاً، ثم وكل الله به ملكاً يقال له عزرائيل وجعل معه من الملائكة بعدد نجوم السماء، يحفظونه ومن أتاه لا يريد إلا الصلاة فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد فعل وزاد كرماً وإحساناً، وإني آتيه كل خميس وصاحباي وهابيل نصلي فيه، فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن أكون مستجاب الدعوة وعلمني دعاء لكل ملمة وحاجة فقال لي: افتح فاك، قال: ففتحته، فتفل فيه، ثم قال: رزقت فالزم، رزقت فالزم.
وعن كعب أنه قال: إن إلياس اختبأ من ملك قومه في الغار الذي تحت الدم عشر سنين حتى أهلك الله الملك ووليهم غيره، فأتاه إلياس فعرض عليه الإسلام فأسلم، وأسلم من قومه خلق عظيم غير عشرة آلاف منهم، فأمر بهم فقتلهم عن آخرهم.
قال وهب بن منبه: سمعت ابن عباس يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
اجتمع الكفار يتشاورون في أمري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا ليتني بالغوطة بمدينة يقال لها دمشق حتى أتي الموضع مستغاث الأنبياء حيث قتل ابن آدم أخاه فأسأل الله أن يهلك قومي فإنهم ظالمون، فأتاه جبريل قال: يا محمد، أئت بعض جبال مكة فأو بعض غارتها فإنها معقلك من قومك. قال: فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حتى أتيا الجبل، فوجدوا غاراً كثير الدواب
…
فذكر الحديث.
وعن ابن عباس قال: موضع الدم في جبل قاسيون موضع شريف كان يحيى بن زكريا وأمه فيه أربعين عاماً، وصلى فيه عيسى بن مريم والحواريون، فلو كنت سألت الله أن يغفر لعبده ابن عباس يوم يحشر البشر، فمن أتى هذا الموضع فلا يقصر عن الصلاة والدعاء فيه فإنه موضع الحوائج. ومن أراد أن يرى " وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين " فليأت النيرب الأعلى بين النهرين وليصعد إلى الغار في جبل قاسيون فيصل فيه، فإنه بيت
عيسى وأمه وهو كان معقلهم من اليهود. ومن أراد أن ينظر إلى إرم فليأت نهراً في حفر دمشق يقال له بردى، ومن أراد أن ينظر إلى المقبرة التي فيها مريم بنت عمران والحواريون فليأت مقبرة الفراديس.
وقال الزهري: لو يعلم الناس ما في مغارة الدم من الفضل ما هنأ بهم طعام ولا شراب إلا فيها.
ذكر أبو الفرج محمد بن عبد الملك بن المعلم أنه ابتدأ بناء الكهف في سنة سبعين وثلاث مئة قال: رأيت جبريل عليه السلام في المنام، فقال لي: إن الله سبحانه يأمرك أن تبني مسجداً يصلى فيه له ويذكر اسمه، وهو هذا، فقلت: وأني هذا الموضع؟ فسار إلى هذا الموضع الذي سميته أنا كهف جبريل. قلت: أنى لي بذلك؟ قال: إن الله سيوفق لك من يعينك عليه.
قال أبو الفرج: وإنما سميته كهف جبريل عليه السلام ومسجد محمد صلى الله عليه وسلم لأني رأيتهما في المنام فيه. وموضع يرى فيه جبريل ومحمد صلى الله عليه وسلم من أجل بقاع الأرض. قال: وجبل دمشق هذا ما أنبت شجرة قط ولا ظهر فيه ثمرة، فلما رأيت جبريل ومحمداً صلى الله عليه وسلم أنبت الله عز وجل ببركتهما الشجر وظهر فيه الثمر وأكل الناس ما لم يؤكل فيه قط، وصار مسجداً من مساجد الله يذكر فيه اسمه، فمن كانت له حاجة فليغسل جسده بالماء، ويلبس ثوباً طاهراً ثم يقصد إلى الكهف فيصلي فيه ركعتين، يقرأ في كل ركعة بالحمد وسبع مرات قل هو الله أحد. فإذا فرغ من صلاته يقول: اللهم صل على جبريل الروح الأمين وعلى محمد خاتم النبيين سبع مرات، ويسجد فيقول: اللهم إني أتوسل إليك بجبريل الروح الأمين ومحمد خاتم النبيين إلا قضيت حاجتي ويذكرها، فإن الله سبحانه يقضيها له إن شاء الله.
ومما يرجى إجابة الدعاء فيه مسجد القدم عند القطيعة، يقال إن هناك قبر موسى بن عمران صلى الله عليه وسلم.
ومسجد الباب الشرقي للصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن فيه ينزل عيسى بن مريم عليه السلام.
ومسجد واثلة بن الأسقع داخل الزلاقة على النهر وهو مسجد صغير.
ومسجد فضالة بن عبيد في سوق الكبير جائز مسجد درب الريحان، وهو مسجد سفل صغير، وداره بذلك الموضع، ويعرف اليوم بدار التمارين.
ومسجد أوس بن أوس في درب القلي، وهو مسجد صغير.
والمسجد الذي على باب زقاق عطاف، كان مسجد أيمن بن خريم.
ومسجد سوق الريحان مسجد يزيد بن نبيشة وهو صحابي قرشي من بني عامر بن لؤي.
ودار أبي عبيدة بن الجراح في حجر الذهب، ومسجد بالسقيفة التي عند بني عبد الصمد.
ودار خالد بن الوليد، ومسجده عند باب توما.
وروي بسنده عن الشيخ أبي بكر بن سيد حمدوية قال: لما أراد بناء مسجده المعروف اليوم بأبي صالح وجد في المحراب لوح من فخار عليه مكتوب: هذا مسجد الأولياء، فأصبحنا ولم نره، وغيبه الشيخ وقال: هذا شهرة.