الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روى عن أبيه، قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية، فلما لغنا المغار استحثثت فرسي فسبقت أصحابي، فتلقاني الحي بالرنين، قال: قلت: قولوا: لا إله إلا الله تحرزوا، فقالوها؛ فلامني أصحابي وقالوا: حرمتنا الغنيمة عد أن بردت بأيدينا؛ فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه بما صنعت، فدعاني، فحسن لي ما صنعت وقال:" إن الله قد كتب لك من كل إنسان منهم كذا وكذا ". ثم قال: " أما إي سأكتب لك كتاباً أوصي بك من يكون بعدي من أئمة المسلمين ".
قال: فكتب لي كتاباً ختم عليه دفعه إلي، وقال لي:" إذا صليت المغرب فقل قبل أن تكلم أحداً: اللهم أجرني من النار - سبع مرات - فإنك إن مت من ليلتك تلك كتب الله لك جواراً من النار، فإذا صليت الصبح فقل قبل أن تكلم أحداً: اللهم أجرني من النار - سبع مرات - فإنك إن مت من يومك ذلك كتب الله لك جواراً من النار ".
قال: فلما قبض الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أتيت أبا بكر بالكتاب، ففضه وقرأه وأمر لي بعطاء، وختم عليه، ثم أتيت بع عمر ففضه فقرأه، وأمر لي وختم عليه، ثم أتيت به عثمان ففعل مثل ذلك.
فقال ابن الحارث: فتوفي الحارث في خلافة عثمان وترك الكتاب عندنا، فلم يزل عندنا حتى كتب عمر بن عبد العزيز إلى العامل بلدنا يأمره بإشخاصي إليه بالكتاب، فقدمت عليه ففضه، فأمر لي وختم عليه، وقال: لو شئت أن يأتيك هذا وأنت في منزلك لفعلت، ولكن أحببت أن تحدثني بالحديث على وجهه. قال: فحدثته به.
مسلم بن الحجاج بن مسلم
أبو الحسين القشيري، النيسابوري، الحافظ صاحب الصحيح، الإمام المبرز والمصنف المميز، رحل وجمع. وصنف فأوسع، وسمع بدمشق والري والعراق والحجاز ومصر.
روى عن سهل بن عثمان العسكري، بسنده إلى ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" بني الإسلام على خمس، على أن يعبد الله ويكفر بما دونه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان ".
وعن محمد بن مهران، بسنده إلى عباد بن تميم عن عمه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقياً لظهره رافعاً إحدى رجليه على الأخرى.
قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه بالري، وكان ثقة من الحفاظ، له معرفة بالحديث، سئل أبي عنه فقال: صدوق.
قال أبو بكر الخطيب: أحد الأئمة من حفاظ الحديث، صاحب المسند الصحيح، وآخر قدموه بغداد كان في سنة تسع وخمسين ومئتين.
عن أبي عمرو المستملي: أملى علينا إسحاق بن منصور سنة إحدى وخمسين ومئتين، ومسلم بن الحجاج ينتخب عليه وأنا أستملي، فنظر إسحاق بن منصور إلى مسلم فقال: لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين.
قال بندار محمد بن بشار: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري، ومسلم بن الحجاج بنيسابور، وعبد الله بن عد الرحمن الرازي بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى.
قال أو أحمد محمد بن عبد الوهاب - وذكر حديثه عن الحسين بن الوليد في مس الذكر - فقال: كان مسلم يعجبه هذا الحديث ويراه، ويأخذه به، وكان مسلم بن الحجاج من علماء الناس وأوعية العلم، ما علمته إلا خيراً، وكان براً، رحمنا الله وإياه، وكان أبوه الحجاج بن مسلم من مشيخة أبي رضي الله عنهما.
عن الفضل محمد بن إبراهيم، قال: سمعت أحمد بن سلمة يقول: رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما.
عن أبي عمرو بن أبي جعفر، قال: سمعت أبا العباس بن سعيد بن عقدة، وسألته عن محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج النيسابوري أيهما أعلم؟ فقال: كان محمد بن إسماعيل عالماً ومسلم عالم؛ فكررت عليه مراراً وهو يجيبني بمثل هذا الجواب، ثم قال لي: يا أبا عمرو، قد يقع لمحمد بن إسماعيل الغلط في أهل الشام، وذاك أنه أخذ كتبهم فنظر فيها، فربما ذكر الواحد منهم بكنيته ويذكره في موضع آخر باسمه، ويتوهم أنهما اثنان، فأما مسلم فقل ما يقع لع الغلط في العلل، لأنه كتب المسانيد ولم يكتب المقاطيع والمراسيل.
قال الخطيب: إنما قفا مسلم طريق البخاري، ونظر في علمه، وحذا حذوه، ولما ورد البخاري نيسابور في آخر أمره لازمه مسلم وأدام الاختلاف إليه، وقد حدثني عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي، قال: سمعت أباالحسن الدارقطني الحافظ يقول: لولا البخاري لما ذهب مسلم ولا جاء.
قال أبو حامد أحمد بن حمدون القصار: سمعت مسلم بن الحجاج - وجاء إلى محمد بن إسماعيل البخاري فقيل بين عينيه - وقال: دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله.
قال محمد بن يعقوب الأخرم: قل ما يفوت البخاري ومسلماً مما يثبت من الحديث.
قال مسلم بن الحجاج: صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمئة ألف حديث مسموعة.
قال ابن مندة: سمعت أبا علي الحافظ يقول: ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم بن الحجاج.
قال أبو بكر الخطيب:
وكان مسلم أيضاً يناضل عن البخاري حتى أوحش ما بينه وبين محمد بن يحيى الذهلي بسببه، فأخبرني محمد بن علي المقرئ، أنا محمد بن عبد الله النيسابوري، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ يقول: لما استوطن محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور أكثر مسلم بن الحجاج الاختلاف إليه، فلنا وقع بين محمد بن يحيى والبخاري ما وقع في مسألة اللفظ، ونادى عليه، ومنع الناس عن الاختلاف إليه، حتى هجر وخرج من نيسابور؛ في تلك المحنة قطعه أكثر الناس غير مسلم فإنه لم يتخلف عن زيارته، فأنهى إلى محمد بن يحيى أن مسلم بن الحجاج على مذهبه قديماً وحديثاً وأنه عوتب على ذلك بالعراق والحجاز ولم يرجع عنه، فلما كان في يوم مجلس محمد بن يحيى قال في آخر مجلسه: ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا. فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته وقام على رؤوس الناس، وخرج من مجلسه، وجمع كل ما كتب منه وبعث به على ظهر حمال إلى باب محمد بن يحيى، فاستحكمت تلك الوحشة وتخلف عن زيارته.
قال أحمد بن سلمة: عقد لأبي الحسين مسلم بن الحجاج مجلس للمذاكرة، فذكر له حديث لم يعرفه، فانصرف إلى منزله وأوقد السراج، وقال لمن الدار: لا يدخلن أحد منكم هذا البيت. فقيل له: أهديت لنا سلة فيها تمر. فقال: فقدموها إلي. فقدموها إليه، فكان يطلب الحديث ويأخذ تمرة يمضغها، فأصبح وقد فني التمر ووجد الحديث.
قال مكي بن عبدان: توفي مسلم بن الحجاج في سنة إحدى وستين ومئتين.
وزاد غيره: عشية يوم الأحد، ودفن يوم الاثنين لخمس بقين من رجب.