الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال العجلي: حمصيٌّ، ثقةٌ.
وقال يعقوب بن شيبة: وقد حمل الناس عن معاوية بن صالح، ومنهم من يرى أنه وسط ليس بالثبت ولا بالضعيف، ومنهم من يضعفه.
توفي سنة ثمانٍ وخمسين ومئة.
معاوية بن صالح بن أبي عبيد الله
معاوية بن عبيد الله بن يسار. أبو عبيد الله الأشعري روى عن يحيى بن معين، بسنده إلى عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.
وعن إبراهيم بن أبي العباس، بسنده إلى عوف بن مالك، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجير وهو موعوك، فقال:" أطيعوني ما كنت بين أظهركم، وعليكم بكتاب الله أحلوا حلاله وحرموا حرامه ".
قال ابن يونس: قدم مصر، فكتب بها وكتب عنه، وكانت وفاته بدمشق سنة ثلاث وستين ومئتين.
معاوية بن صخر أبي سفيان بن حرب
ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو عبد الرحمن، الأموي خال المؤمنين، وكاتب وحي رب العالمين، أسلم يوم الفتح.
وروي عنه أنه قال: أسلمت يوم القضية وكتمت إسلامي خوفاً من أبي، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه أحاديث، وروى عن أخته أم حبيبة، وولاه عمر بن الخطاب الشام، وأقره عثمان بن عفان عليها، وبنى بها الخضراء وسكنها أربعين سنة.
عن ابن عباس، أن معاوية أخبره أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر من شعره بمشقص. فقلنا لابن عباس: ما بلغنا هذا إلا عن معاوية. فقال: ما كان معاوية على رسول الله صلى الله عليه وسلم متهماً.
عن معاوية بن أبي سفيان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن الرجل يسألني الشيء فأمنعه حتى تشفعوا فتؤجروا ". وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اشفعوا تؤجروا ".
قال أبو نعيم الحافظ: معاوية بن أبي سفيان، واسم أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية ين عبد شمس، يكنى أبا عبد الرحمن، وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وأمها صفية بنت أمية بن حارثة بن الأوقص من بني سليم، وأمها بنت نوفل بن عبد مناف.
كان من الكتبة الحسبة الفصحة، أسلم قبيل الفتح، وقيل: عام القضية وهو ابن ثمان عشرة، عده ابن عباس من الفقهاء وقال: كان فقيهاً؛ توفي للنصف من رجب سنة ستين؛ وسنه نحو ثمانين سنة، وقيل: ثمان وسبعين.
كان أبيض طويلاً، أجلح، أبيض الرأس واللحية، أصابته لقوة في آخر عمره، وكان يقول: رحم الله عبداً دعا لي بالعافية وقد رميت في أحسني وما يبدو مني، ولولا
هواي في يزيد لأبصرت رشدي؛ ولما اعتل قال: وددت أني لا أعمر فوق ثلاث؛ فقيل: إلى رحمة الله ومغفرته. فقال: إلى ما شاء وقضى، قد علم أني لم آل، وما كره الله غير.
وكان عنده قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم وإزاره ورداؤه وشعره، فأوصاهم عند موته فقال: كفنوني في قميصه، وأدرجوني في ردائه، وآزروني بإزاره، واحشوا منخري وشدقي بشعره، وخلوا بيني وبين رحمة أرحم الراحمين.
كان حليماً وقوراً، ولي العمالة من قبل الخلفاء عشرين سنةً، واستولى على الإمارة بعد قتل علي عشرين سنةً، فكانت الجماعة عليه عشرين سنة، من سنة أربعين إلى سنة ستين.
فلما نزل به الموت قال: ليتني كنت رجلاً من قريش بذي طوى وأني لم أل من هذا الأمر شيئاً وكان يقول لا حلم إلا التجربة وقال ابن عباس ما رأيت رجلاً هو أخلق للملك من معاوية، لم يكن بالضيق الحصر. وقال ابن عمر: ما رأيت أحداً كان أسود من معاوية. وكان يقول: ما رأيت أطمع منه.
قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا معاوية، إذا ملكت فأسجح " فملك الناس كلهم عشرين سنة يسوسهم بالملك، يفتح الله به الفتوح، ويغزوا الروم، ويقسم الفيء والغنيمة، ويقيم الحدود، والله لايضيع أجر من أحسن عملاً.
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعد رجوعه من صفين: لا تكرهوا إمارة معاوية، والله لئن فقدتموه لكأني أنظر إلى الرؤوس تندر عن كواهلها كالحنظل.
قال أبو بكر الخطيب: أسلم وهو ابن ثمان عشرة سنة، وكان يقول: أسلمت عام القضية، ولقيت الرسول صلى الله عليه وسلم فوضعت عنده إسلامي، واستكتبه النبي صلى الله عليه وسلم، وولاه عمر بن الخطاب الشام
بعد وفاة أخيه يزيد بن أبي سفيان، فلم يزل عليها مدة خلافة عمر، وأقره عثمان بن عفان على عمله، ولما قتل علي بن أبي طالب سار معاوية من الشام إلى العراق فنزل بمسكن ناحية حربى إلى أن وجه إليه الحسن بن علي فصالحه، وقدم معاوية الكوفة، فبايع له الحسن بالخلافة، وسمي عام الجماعة.
عن إسماعيل بن علي، قال: وكانت صفته - يعني معاوية - فيما حدثني البربري عن ابن أبي السري؛ طويلاً أبيض، جميلاً، إذا ضحك انقلبت شفته العليا، يخضب بالحناء والكتم.
عن إبراهيم بن قارط، قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان وهو على المنبر بالمدينة يقول: أين فقهاؤكم يا أهل المدينة؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذه القصة، ثم وضعها على رأٍسه فلم أر على عروس ولا على غيرها أجمل منها على معاوية ثم قال: لعن الله الواصلة والموصولة، والنامصة والمنموصة، والواشمة والموشومة.
عن صالح بن حسان، قال: رأى بعض متفرسي العرب معاوية وهو صبي صغير، فقال: إني لأظن هذا الغلام سيسود قومه. فقالت هند: ثكلته إن كان لا يسود إلا قومه.
وعن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف، قال: نظر أبو سفيان يوماً إلى معاوية وهو غلام، فقال لهند: إن ابني هذا لعظيم الرأس، وإنه لخليق أن يسود قومه. فقالت هند: قومه فقط؟ ثكلته إن لم يسد العرب قاطبة.
وكانت هند تحمل معاوية وهو صغير، وتقول:" من الرجز "
إن بني معرق كريم
…
محبب في أهله حليم
ليس بفحاش ولا لئيم
…
ولا بطحرور لا سؤوم
صخر بني فهر به زعيم
…
لا يخلف الظن ولا يخيم
قال: فلما ولى عمر بن الخطاب يزيد بن أبي سفيان ما ولاه من الشام خرج إليه معاوية، فقال أبو سفيان لهند: كيف رأيت ابنك صار تابعاً لابني. فقالت: إن اضطرب حبل العرب فستعلم أين يقع ابنك مما يكون فيه ابني.
قال الزبير بن بكار: وركب البحر غازياً بالمسلمين في خلافة عثمان بن عفان إلى قبرص.
قال معاوية بن أبي سفيان: لما كان عام الحديبية وصدت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت، ودافعوه بالراح، وكتبوا بينهم القضية وقع الإسلام في قلبي، فذكرت ذلك لأمي هند بنت عتبة فقالت: إياك أن تخالف أباك، وأن تقطع أمراً دونه فيقطع عنك القوت، وكان أبي يومئذ غائباً في سوق حباشة.
قال: فأسلمت وأخفيت إسلامي، فوالله لقد رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية وإني مصدق به، وأنا على ذلك أكتمه من أبي سفيان، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة القضية وأنا مسلم مصدق به؛ وعلم أبو سفيان بإسلامي فقال لي يوماً: لكن أخوك خير منك، وهو على ديني. فقلت: لم آل نفسي خيراً.
قال: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فأظهرت إسلامي ولقيته فرحب بي، وكتبت له.
قال محمد بن عمر:
وشهد معاوية بن أبي سفيان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين مئة من الإبل وأربعين أوقية وزنها بلال.
عن جابر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أتاني جبريل فقال: أتخذ معاوية كاتباً ".
عن عائشة، قالت: لما كان يوم أم حبيبة من النبي صلى الله عليه وسلم دق الباب داق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" انظروا من هذا " قالوا: معاوية. قال: " ائذنوا له " فدخل وعلى أذنه قلم لم يخط به، فقال:" ما هذا القلم على أذنك يا معاوية؟ " قال: قلم أعددته لله ولرسوله. فقال: " جزاك الله عن نبيك خيراً، والله ما استكتبتك إلا بوحي من الله، وما أفعل من صغيرة ولا كبيرة إلا بوحي من الله عز وجل، كيف بك لو قمصك الله قميصاً - يعني الخلافة -؟ " فقامت أم حبيبة فجلست بين يديه فقالت: يا رسول الله، وإن الله مقمص أخي قميصاً؟ قال:" نعم، ولكن فيه هنات وهنات وهنات " فقالت: يا رسول الله، فأدع الله له. فقال:" اللهم اهده بالهدى، وجنبه الردى، واغفر له في الآخرة والأولى ".
عن يزيد بن عبد الله الطبري، عن أبيه، عن جده، قال: رأيت علي بن أبي طالب بخطب على منبر الكوفة وهو يقول: والله لأخرجنها من عنقي ولأضعنها في رقابكم، ألا إن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق ثم عمر ثم عثمان ثم أنا، ما قلت ذلك من قبل نفسي، ولأخرجن ما في عنقي لمعاوية بن أبي سفيان، لقد استكتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالس بين يديه، فأخذ القلم فجعله في يده، فلم أجد من ذلك في قلبي إذ علمت أن ذلك لم يكن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من الله عز وجل، ألا إن المسلم من سلم من قصتي وقصته.
عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هبط علي جبريل ومعه قلم من ذهب إبريز فقال لي: إن العلي الأعلى يقرئك السلام وهو يقول لك: حبيبي، قد أهديت القلم من فوق عرشي إلى معاوية بن أبي سفيان، فأوصله إليه، ومره أن يكتب آية الكرسي بخطه بهذا القلم، ويشكله ويعجمه، ويعرضه عليك، فإني قد كتبت له من الثواب بعدد كل من قرأ آية الكرسي من ساعة يكتبها إلى يوم القيامة ". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يأتيني بأبي عبد الرحمن؟ " فقام أبو بكر الصديق ومضى حتى أخذ بيده وجاءا جميعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسلموا عليه، فرد السلام، ثم قال لمعاوية:" أدن مني يا أبا عبد الرحمن، أدن مني يا أبا عبد الرحمن ". فدنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدفع إليه القلم، ثم قال له: "
يا معاوية، هذا قلم قد أهداه إليك ربك من فوق عرشه لتكتب به آية الكرسي بخطك، وتشكله وتعجمه وتعرضه علي، فأحمد الله واشكره على ما أعطاك، فإن الله قد كتب لك من الثواب بعدد من قرأ آية الكرسي من ساعة تكتبها إلى يوم القيامة ".
قال: فأخذ القلم من يد النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه فوق أذنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اللهم إنك تعلم أني قد أوصلته إليه، اللهم إنك تعلم أني قد أوصلته إليه ثلاثاً ".
قال: فجثا معاوية بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يزل يحمد الله على ما أعطاه من الكرامة ويشكره حتى أتي بطرس ومحبرة، فأخذ القلم ولم يزل يخط به آية الكرسي أحسن ما يكون من الخط، حتى كتبها وشكلها وعرضها على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا معاوية، إن الله قد كتب لك من الثواب بعدد كل من يقرأ آية الكرسي من ساعة كتبتها إلى يوم القيامة ".
نجز الجزء الرابع والعشرون ويتلوه في الخامس والعشرين تتمة معاوية بن أبي سفيان اختصره على نهج ابن منظور الفقير إلى رحمة ربه إبراهيم بن حسين بن صالح، عقا الله عنه وفرغ منه صبيحة الإثنين لتسع بقين من ذي الحجة الحرام وذلك سنة تسع وأربعمئة وألف من هجرة سيد الأنام الحمد لله رب العالمين كما هو أهله، وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلامه حسبنا الله ونعم الوكيل.