المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌س142: متى يلزم المسافر الإتمام - مذكرة القول الراجح مع الدليل - الصلاة - جـ ٣

[خالد بن إبراهيم الصقعبي]

فهرس الكتاب

- ‌{فصل في أوقات النهي}

- ‌س1: ما المقصود بأوقات النهي

- ‌س2: كم عدد أوقات النهي؟ وما هي

- ‌س3: ما الحكمة من النهي عن الصلاة في هذه الأوقات

- ‌س4: ما الذي يحرم من الصلوات في أوقات النهي

- ‌س5: إذا شرع في صلاة تطوع في وقت النهي فهل تنعقد الصلاة أم لا

- ‌س6: من شرع في صلاة التطوع ثم دخل عليه وقت النهي وهو يصلي هل يقطعها أم لا

- ‌س7: ما هي الصلوات التي تستثنى ويجوز فعلها حتى في أوقات النهي

- ‌س8: هل تقضى السنن الرواتب في أوقات النهي أم لا

- ‌س9: ما هو المعتبر في وقت النهي بعد العصر

-

- ‌س10: ما حكم قراءة القرآن في الطريق

- ‌س11: ما حكم قراءة القرآن مع الحدث الأصغر

- ‌س12: ما حكم قراءة القرآن مع نجاسة الثوب أو البدن أو الفم

- ‌س13: لم شرعت صلاة الجماعة

- ‌س14: ما هي فؤائد صلاة الجماعة

- ‌س15: ما حكم صلاة الجماعة

- ‌س16: على مَن تجب صلاة الجماعة

- ‌س17: تقدم وجوب الجماعة في الحضر فهل تجب في السفر

- ‌س18: تقدم أن الصلاة جماعة واجبة ولكن ما نوع الصلاة التي تجب لها الجماعة

- ‌س19: ما أقل الجماعة

- ‌س20: هل تنعقد الجماعة بالأنثى أم لا

- ‌س21: هل تصح مصافة الصبي المميز أم لا

- ‌س22: تقدم أن صلاة الجماعة واجبة ولكن هل هي واجبة في المسجد أم تصح في غيره كما لو صلى جماعة في البيت ونحو ذلك

- ‌س23: ما حكم صلاة الجماعة بالنسبة للنساء

- ‌س24: ما حكم أن يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب

- ‌س25: لو أن أهل مسجد قدموا شخصاً يصلي بهم بدون إذن الإمام ولا عذره وصلى بهم فهل تصح الصلاة أو لا تصح

- ‌س26: بمَ تدرك الجماعة

- ‌س27: بمَ تدرك الركعة

- ‌س28: إذا جاء المأموم والإمام راكع فركع معه ولكن شك هل أدرك الركوع مع الإمام أم لا؟ فما حكم ذلك

- ‌س29: إذا جاء المأموم والإمام في السجود مثلاُ فهل يستحب أن يدخل معه أم ينتظر حتى يقوم

- ‌س30: ما الحكم لو قام المسبوق قبل تسليمة إمامه الثانية

- ‌س31: ما حكم الشروع في النافلة بعد إقامة الفريضة

- ‌س32: بمَ يقيّد النهي

- ‌س33: إذا شرع في نافلة بعد الشروع في الإقامة فهل تنعقد نافلة أم لا

- ‌س34: هل هناك فرق بين من شرع في النافلة وهو في المسجد أو في بيته وهو يريد الصلاة في المسجد الذي شرع في الإقامة

- ‌س35: ما الحكم لو أقيمت الصلاة وقد شرع المصلي في النافلة

- ‌س36: من صلى ثم أقيمت جماعة فهل يسن له أن يعيد الصلاة مع الجماعة الأخرى أم لا

- ‌س37: ما لأشياء التي يتحملها الإمام عن المأموم

- ‌س38: هل يستفتح المأموم ويتعوذ ويبسمل خلف الإمام في الصلاة الجهرية أم لا

- ‌س39: هل يتحمل الإمام عن المأموم قراءة الفاتحة أم لا

- ‌س40: على القول بوجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة الجهرية متى يقرأها

- ‌س41: ماذا يشرع للمصلي أن يقرأ بعد قراءة الفاتحة

- ‌س42: ما حكم من أحرم مع إمامه أو أحرم قبل إتمام الإمام لتكبيرة الإحرام

- ‌س43: ما الأولى بالنسبة للمأموم مع الإمام

- ‌س44: ما حكم موافقة المأموم للإمام

- ‌س45: ما حكم مسابقة الإمام

- ‌س46: ما أقسام سبق الإمام

- ‌س47: ما حكم الصلاة بالنسبة لأقسام السبق

- ‌س48: ما أحوال المأموم مع الإمام

- ‌س49: ما أقسام التخلف عن الإمام وما حكمه

- ‌س50: أي حالات المأموم مع الإمام المشروعة؟ وما معناها

- ‌س51: ما السنة في حق الإمام تطويل الصلاة أم تخفيفها

- ‌س52: ما معنى التخفيف

- ‌س53: ما حكم انتظار الإمام من يدخل من المأمومين

- ‌س54: ما حكم حضور المرأة صلاة الجماعة في المسجد

- ‌س55: ما حكم منع الرجل موليته إذا استأذنته إلى المسجد

- ‌س56: هل الأفضل خروج المرأة إلى المسجد أم صلاتها في بيتها

- ‌س57: إذا أرادت المرأة أن تخرج إلى المسجد فكيف تخرج

- ‌س58: إذا أرادت المرأة أن تخرج إلى المدرسة مثلاً أو إلى السوق أو إلى محاضرة في المسجد لقصد المحاضرة فهل لوليها أن يمنعها

- ‌س59: من أولى الناس بالإمامة

- ‌س60: إذا استوى في المراتب السابقة كلها رجلان فما الحكم

- ‌س61: إذا كان إمام المسجد موجوداً أو صاحب البيت وفيه من هو أقرأ منهما فمن الأحق بالإمامة

- ‌س62: إذا اجتمع حر وعبد فأيهما يقدم للإمامة

- ‌س63: أيهما أولى بالإمامة المسافر أم الحاضر

- ‌س64: أيهما أولى بالإمامة البصير أم الأعمى

- ‌س65: أيهما أولى بالإمامة المتوضئ أم المتيمم

- ‌س66: ما حكم إمامة غير الأولى مع وجود الأولى بلا إذنه

- ‌س67: ما حكم إمامة الفاسق

- ‌س68: ما حكم إمامة الأعمى والأصم

- ‌س69: ما حكم إمامة الأخرس

- ‌س70: ما حكم إمامة الأقلف

- ‌س72: ما حكم إمامة الفأفاء والتمتام

- ‌س73: ما حكم إمامة العاجز عن شرط أو ركن

- ‌س74: تقدم أن العاجز عن ركن القيام تصح إمامته، فإذا أم قوماً وهو جالس هل يصلون وراءه قياماً أو قعوداً

- ‌س75: ما الحكم إذا ترك الإمام ركناً أو شرطاً مختلف فيه؟ وما حكم صلاة المأموم

- ‌س76: ما حكم الإنكار في مسائل الإجتهاد

- ‌س77: ما حكم إمامة المرأة بالرجل

- ‌س78: ما الحكم إذا صلى الرجل خلف من يعلم أنه خنثى لكن يجهل أشكاله ثم تبين له بعد ذلك

- ‌س79: إذا لم يعلم الرجل أن إمامه خنثى إلا بعد الصلاة فما الحكم

- ‌س80: ما حكم إمامة المميز البالغ

- ‌س81: ما حكم إمامة المحدث والمتنجس

- ‌س82: ما حكم إمامة الأُمي

- ‌س83: ما حكم صلاة المتنفل خلف المفترض

- ‌س84: ما حكم صلاة المفترض خلف المتنفل

- ‌س85: ما حكم صلاة الصلاة المقضية خلف من يصلي الصلاة الحاضرة أو العكس

- ‌س86: أين يكون موقف الإمام بالنسبة للمأمومين

- ‌س87: ما الحكم لو وقف المأموم قُدام الإمام

- ‌س88: إذا كان المأموم واحداً فأين يكون موقفه من الإمام

- ‌س89: إذا كان المأموم واحداً تقدم أنه يقف عن يمين الإمام ولكن هل يتقدم عليه الإمام شيئاً يسيراً أم يقف محاذياً له

- ‌س90: ما حكم صلاة المنفرد خلف الإمام

- ‌س91: إذا جاء المصلي ولم يجد فُرجة في الصف هل يقال له أن يجذب شخصاً من الصف، أولى من صلاته منفرداً خلف الصف

- ‌س92: هنا يرد سؤال آخر أيضا، ألا يقال لهذا المنفرد أنه يصلي إلى جنب الإمام بدل أن يصلي منفرداً

- ‌س93: وهنا يرد سؤال آخر أيضاً، وهو لماذا لا يؤمر أن يبقى هذا المنفرد فإن جاء معه أحد وإلا صلى منفرداً

- ‌س94: بمَ يكون الإنفراد؟ أي متى نحكم على هذا المصلي أنه صلى منفرداً خلف الصف

- ‌س95: لو جاء المأموم ووجد الإمام راكع فأحرم خلف الصف لكي يدرك الركعة ثم دخل في الصف فما حكم صلاته

- ‌س96: مصافة الصبي المميز هل يعتبر الإنسان معها منفرداً أم لا

- ‌س97: لو جاء شخص وصافّ امرأة خلف الصف فهل تزول فرديته أم لا

- ‌س99: هل تصح صلاة المأموم يسار الإمام مع خلو يمينه

- ‌س100: أين يكون موقف المرأة بالنسبة لصف الرجال

- ‌س101: تقدم أن المرأة تصلي خلف الرجال منفردة، فهل حكمها كذلك مع جماعة النساء ايضاً

- ‌س102: ما الحكم لو أن المرأة صلت بجانب الرجل عن يمينه

- ‌س103: ما الحكم لو أن المرأة صلت بصف الرجال

- ‌س104: أين يكون موقف المأموم من الإمام من حيث المكان

- ‌س105: ما الحكم لو كان الإمام أعلى من المأموم؟ كأن يكون الإمام في الطابق الأعلى وهو في الطباق الأسفل

- ‌س106: ما حكم عكس ذلك، أي لو كان المأموم أعلى من الإمام

- ‌س107: ما حكم اتخاذ المحاريب

- ‌س108: ما حكم إطالة الإمام القعود مستقبل القبلة بعد انقضاء الصلاة

- ‌س109: إذا سلّم الإمام هل يلزمه الانصراف إلى المأمومين أم لا

- ‌س110: إذا كان هناك ثمة نساء فما السنة في حق الإمام بالنسبة للانصراف

- ‌س111: ما الحكمة في إقبال الإمام على المأمومين بعد الصلاة

- ‌س112: ما حكم انصراف المأموم قبل الإمام

- ‌س113: ما حكم وقوف المأمومين بين السواري إذا قطعن الصفوف

- ‌س114: ما حكم حضور المسجد لمن أكل كراثاً أو بصلاً ونحو ذلك مما له رائحة كريهة

- ‌س115: ما هي الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة

- ‌س116: ما ضابط المرض الذي يكون مسبباً لإسقاط الجمعة والجماعة

- ‌س117: هل يفرق بين المال الكثير والمال القليل بحيث يتخلف عن الجمعة والجماعة إذا كان المال كثيراً بخلاف المال اليسير أم لا فرق

- ‌س118: هل يعذر المأموم بالتخلف عن الجمعة والجماعة بسرعة الإمام

- ‌س119: إذا كان الإمام فاسقاً بحلق اللحية أو شرب الدخان أو إسبال ثوب فهل هذا عذر في ترك الجماعة

- ‌س120: ما هي شروط تخلف من كان بحضرة طعام يشتهيه عن الجمعة والجماعة

- ‌س121: هل يأكل بقدر ما يزيل انشغاله أم يأكل إلى حد الشبع

- ‌س122: إذا فات خروج الخروج الوقت لو تخلف ليأكل الطعام فهل يقال له تخلف ولو خرج الوقت أم يصلي محافظة على الوقت مع انشغال ذهنه

- ‌س123: الآكل للبصل ونحوه ومما له رائحة كريهة هل يعذر بترك الجمعة والجماعة أم لا

- ‌س124: ماذا يلزم المريض حال صلاته للفريضة بالنسبة للقيام من عدمه

- ‌س125: هل التربع في حال القيام والركوع لمن صلى جالساً

- ‌س126: إذا لم يستطع أن يصلي قائماَ ولا قاعداً فكيف يصنع

- ‌س127: هل يصح أن يصلي مستلقياً على ظهره ورجلاه إلى القبلة مع قدرته الصلاة على جنبه

- ‌س128: كيف يومئ بالركوع والسجود من صلى على جنب أو صلى مستلقياً

- ‌س129: إذا عجز عن الإيماء برأسه فماذا يصنع

- ‌س130: من صلى قائماً ثم شق عليه القيام، أو صلى قاعداً ثم قدر على القيام، أو صلى قاعداً أو شق عليه القعود فماذا يفعل

- ‌س131: إذا كان المصلي من أهل الجماعة فإذا صلى في بيته صلى قائماً وإذا صلى بالمسجد صلى جالساً فهل يصلي في بيته لتحصيل القيام أم يصلي في المسجد حتى ولو جلس

- ‌س132: ما حكم صلاة الفريضة على الراحلة

- ‌س133: ما حكم قصر الصلاة الرباعية للمسافر

- ‌س134: أي الصلوات التي تقصر

- ‌س135: هل يشترط للمقصر أن يكون السفر مباحاً أم يصح القصر حتى لمن سافر سفراً محرماً

- ‌س136: هل للسفر مسافة محددة أم لا

- ‌س137: إنسان تائه خرج من بلده يتمشى أو يطلب جملاً شارداً فضل الطريق فصار تائهاً يطلب الطريق ولم يهتد إليه فهل يقصر الصلاة أم لا

- ‌س138: إذا أشكل على الإنسان هل هذا يسمى سفراً عرفاً أم لا فهل يقصر أم لا

- ‌س139: من سافر من أجل أن يترخص فهل له ذلك أم لا

- ‌س140: متى يباح للإنسان أن يترخص إذا سافر

- ‌س141:لو خرج الإنسان مسافراً وبعد أن فارق عامر قريته صلى وقصر الصلاة ثم حصل له عذر منعه من استكمال السفر فرجع إلى بلده فهل يعيد الصلاة التي قصرها ثانية أم لا

- ‌س142: متى يلزم المسافر الإتمام

- ‌س143: ما حكم الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء عند وجود سبب الجمع

- ‌س144: أيهما أفضل جمع تقديم أم جمع التأخير

- ‌س145: هل يجوز الجمع لمن كان نازلاً أم لا

- ‌س146: متى يباح للمقيم الجمع بين الصلاتين

- ‌س147: هل من لازم جواز الجمع القصر

- ‌س148: إذا أراد الإنسان جمع التقديم فهل يشترط لذلك شروط أم لا

- ‌س149: ما هي شروط جمع التأخير

- ‌س150: هل يشترط لصحة الجمع إتحاد نية الإمام والمأموم

- ‌س151: هل يشترط أن تكون صلاة الخوف في السفر أم هي مشروعة حتى في حال الحضر

- ‌س152: كم عدد صفات صلاة الخوف؟ وما هي

- ‌س153: هل هو مخير أن يفعل أي صفة من هذه الصفات الواردة أم ينزل كل صفة بما يناسبها

- ‌س154: هل لصلاة الخوف تأثير في عدد ركعات الصلاة أم لا

- ‌س155: إذا اشتد الخوف هل يؤخرون الصلاة عن وقتها أم لا

- ‌س156: ما الحكم لو صلى صلاة الخوف ثم أمن بعد الصلاة، فهل يعيد صلاته أم لا

- ‌س157: إذا خاف أو أمن في صلاته فما الحكم

- ‌س158: ما حكم حمل السلاح في الصلاة في حال الخوف

الفصل: ‌س142: متى يلزم المسافر الإتمام

عَدُوّاً مُبِيناً (1)} ، ولا يسمى ضارباً حتى يخرج، ولحديث أنس رضي الله عنه قال {صليت مع النبي - الظهر بالمدينة أربعاً، وبذي الحليفة ركعتين} (2).

قال شيخ الإسلام رحمه الله: (والمسافر لابد أن يسفر " أي يخرج " إلى الصحراء، فإن لفظ السفر يدل على ذلك، يقال: سفرت المرأة عن وجهها إذا كشفته، فإذا لم يبرز إلى الصحراء، فإذا لم يبرز إلى الصحراء التي ينكشف فيها من بين المساكن لم يكن مسافراً)(3).

وبناء على هذا نعلم خطأ بعض الناس حينما يعتقدون أنهم لا يبدءون في الرخصة إذا خرجوا من بلدهم إلا إذا قطعوا مسافة قصر فأكثر، بل يقال إذا خرج الإنسان من بلده وفارق عامر بلده بدأ في الترخص حتى ولو كان يرى بلده، وعلى هذا فمن خرج إلى المطار وكان المطار خارج البلد فله أن يترخص في المطار من القصر والجمع ويفطر ونحو ذلك، وليس بلازم أن ينتظر حتى تقلع الطائرة وتقطع مسافة قصر.

‌س141:لو خرج الإنسان مسافراً وبعد أن فارق عامر قريته صلى وقصر الصلاة ثم حصل له عذر منعه من استكمال السفر فرجع إلى بلده فهل يعيد الصلاة التي قصرها ثانية أم لا

؟

ج/ يقال بأنه لا يعيد، لأن المعتبر نية المسافة لا حقيقتها، ولأنه أتى بها بأمر الله موافقة لشرعه، فتكون مقبولة، ولقول النبي - في حديث عائشة رضي الله عنها {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد (4)} ، فمفهوم ذلك أن من عمل عملاً عليه أمر الله ورسوله فهو مقبول.

‌س142: متى يلزم المسافر الإتمام

؟

(1)(النساء:101).

(2)

متفق عليه.

(3)

الفتاوى24/ 120.

(4)

رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم.

ص: 90

ج/ ذكر الفقهاء أنه يلزم المسافر الإتمام في عدة مسائل في بعضها نظر، سأشير إلى ذلك وهي:

1 -

إذا دخل وقتها وهو في الحضر ثم سافر، قالوا بأنه يلزمه الإتمام في هذه الصورة.

مثال ذلك:

لو أذن المؤذن لصلاة الظهر وهو في البلد، ثم سافر، ثم صلى في الطريق، قالوا بأنه يتم الصلاة في هذه الحالة، ولكن في هذا نظر، فالصحيح أنه يقصر الصلاة في هذه الحالة، قال في الإنصاف:(اختاره " أي القصر " في الفائق ، وحكاه ابن المنذر إجماعاً كقضاء المريض ما تركه في الصحة ناقصاً، وكوجوب الجمعة على العبد الذي عتق بعد الزوال، وكالمسح على الخفين " أي إذا لبس خفيه ثم سافر قبل المسح " مَسَحَ مَسْحَ مسافر)(1)، قال ابن المنذر في الإجماع:(وأجمعوا على أن لمن خرج بعد الزوال أن يقصر الصلاة)(2) ، ولأن العبرة بفعل الصلاة لا بالزمن.

2 -

إذا صلى خلف من يتم.

مثال ذلك:

رجل مسافر صلى خلف إمام مقيم، فإنه يتم خلفه الصلاة ولا يقصر للأدلة الآتية:

أ. حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - قال {إنما جعل الإمام ليؤتم به

(3)} الحديث.

ب. ما ورد في حديث أبي هريرة رضي رضي الله عنه أن النبي - قال {

وما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا (4)} ، وهذا يشمل كل ما أدرك الإنسان وكل ما فاته.

ج. ما ورد عن موسى بن سلمة الهذلي بلفظ: (كنا مع ابن عباس بمكة فقلت: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعاً، وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين، قال: تلك سنة أبي

(1) الانصاف مع الشرح5/ 35.

(2)

الإجماع ص43.

(3)

رواه البخاري ومسلم.

(4)

رواه البخاري ومسلم.

ص: 91

القاسم -) (1)، وروي بلفظ آخر عن موسى بن سلمة أنه قال {سألت ابن عباس كيف أصلّ إذا كنت بمكة إذا لم أصلي مع الإمام؟ فقال: ركعتين ، سنة أبي القاسم - (2)} ، فهذه الأدلة تدل على أن المسافر إذا ائتم بمقيم فإنه يتم خلفه ولا يقصر

ولكن متى يتم خلفه؟

يتم المسافر خلف المقيم إذا أدرك ركعة فأكثر، لعموم حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً {من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (3)} ، وبناء على ذلك فلو جاء المأموم المسافر ودخل مع الإمام في التشهد الأخير (4) فإنه يصلي قصراً إذا أقام لقضاء الصلاة.

3 -

إذا لم ينو القصر عند الإحرام ، فقالوا في هذه الحالة يلزمه الإتمام، وهو مذهب الحنابلة والشافعية.

مثال ذلك:

رجل مسافر شرع في صلاة الظهر ولم ينو القصر عند تكبيرة الإحرام، وإنما نوى ذلك بعد ما كبر تكبيرة الإحرام، قال شيخ الإسلام رحمه الله:(وهو الصحيح الذي تدل عليه سنة النبي - فإنه كان يقصر بأصحابه، ولا يعلمهم قبل الدخول في الصلاة أنه يقصر، ولا يأمرهم بنية القصر)(5).

ويتفرع عن هذه المسألة مسالتين هما:

المسألة الأولى: إذا ائتم مسافر بإمام يشك فيه هل هو مسافر أم لا، هل يتم أم يقصر؟ وهذا يكون في محل يكثر فيه المسافرون، كالمطارات والمحطات ونحو ذلك، يقال هذه المسألة لا تخلو من أمرين:

(1) رواه أحمد في مسنده.

(2)

رواه مسلم.

(3)

متفق عليه.

(4)

مع أن الراجح في ذلك أنه لا يدرك الجماعة إذا دخل مع الإمام في التشهد الأخير خلافاً لمن قال بذلك، وبناء على ذلك فالمشروع إذا جاء والإمام في التشهد الأخير فإنه لا يدخل معه إذا كان يغلب على الظن حضور جماعة أخرى.

(5)

الفتاوى24/ 21.

ص: 92

أ. أن تكون هناك قرينة على أن الإمام مسافر، فهنا يقصر، كما لو صلى بهم من يرى عليه آثار السفر كحملة لعفش ونحو ذلك.

ب. إذا لم يكن هناك قرينة تدل على وضع الإمام هل هو مسافر أم لا، فهنا يلزمه الإتمام، لأن من شرط القصر أن ينويه نية جازمة لا تردد فيها.

لكن لو قال إن أتم الإمام أتممت معه، وإن قصرت فلا بأس بذلك، وهذا ليس من باب الشك، بل من باب تعليق الفعل بأسبابه، فسبب القصر قصر الإمام، وسبب الإتمام إتمامه.

المسألة الثانية: إذا دخل مسافر مع إمام مقيم، ثم فسدت صلاة المسافر بحدث أو نحوه، ثم ذهب ليتوضأ إن كان فسادها بحدث مثلاً، فرجع ووجدهم قد صلوا، فهل يعيدها تامة أم مقصورة؟

يقال هذا لا تخلو من أمرين:

أ. أن يبتدئ الصلاة وهو على طهارة، ثم أحدث مثلاً، فهذه الحالة على خلاف، والراجح أنه يقصر في هذه الصورة، خلافاً لمن قال أنه يتم، كما هو مذهب الحنابلة، والمالكية، والشافعية، لأنه إنما يلزمه الإتمام متابعة للإمام، وقد زالت التبعية، فلا يلزمه إلا صلاة مقصورة.

ب. أن يدخل الصلاة على غير طهارة أصلاً، فهنا يقصر الصلاة أي المسافر، حتى عند الحنابلة، لأن الصلاة لم تنعقد أصلاً.

4 -

من نوى الإقامة المطلقة في بلاد الغربة، كالعمال المقيمين للعمل، والتجار المقيمين للتجارة، وسفراء الدول ونحوهم ممن عزم على الإقامة إلا لسبب يقتضي نزوجهم فهؤلا حكمهم حكم المستوطنين من وجوب الصوم، وإتمام الصلاة ونحو ذلك، فهذا لا يترخص، فليس له القصر ولا الجمع ونحو ذلك من رخص السفر.

5 -

إذا نوى الإقامة في البلد الذي سافر إليه أربعة أيام فأكثر، أو أقام لحاجة وظن أنها لا تنقضي إلا بعد الأربعة، فقالوا في هذا لا يترخص، وهو قول الحنابلة والمالكية والشافعية، لكن المالكية والشافعية لا يحسبون يومي الدخول والخروج، وهذا

ص: 93

القول فيه نظر، فالصحيح أن حكم هؤلا حكم المسافرين، وأنهم يترخصون ما لم ينووا الاستيطان أو الإقامة المطلقة، وأدلة ذلك كثيرة منها:

أ. قوله تعالى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} (1) ، وقد علم سبحانه أن من الضاربين من يبقى أياماً وشهوراً، ولم يستثنى سبحانه وتعالى حالاً من الأحوال، ولا ضارباً من ضارب.

ب- حديث أنس رضي الله عنه قال {خرجنا مع رسول الله - من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجع إلى المدينة (2)} ، وفي رواية لمسلم {خرجنا من المدينة إلى الحج} ، فالنبي - أقام إقامة لغرض الحج، مقيدة بزمن معين، وقد نواها من قبل ومع ذلك بقي يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة.

ج- حديث جابر رضي الله عنهما {أن النبي - أقام بتبوك عشرين يقصر الصلاة} (3).

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى: (ومعلوم بالعادة أن مما يفعل بمكة وتبوك لم يكن ينقضي في ثلاثة أيام ولا أربعة، حتى أنه كان يقول: اليوم أسافر، غدً أسافر).

د- ما ورد عن أبي حجرة نصر بن عمران قال: قلت لابن عباس {أنا نطيل السفر بخراسان فكيف ترى؟ قال: صلَّ ركعتين، وإن أقمت عشر سنين} (4) ، {وأقام ابن عمر في أذربيجان ستة شهور يصلي ركعتين، وقد حال الثلج بينه وبين الدخول} (5) ، {وأقام أنس بالشام يقصر الصلاة سنتين (6)} ، وروى عبد الرزاق عن الحسن قال: (كنا مع عبد الرحمن بن سمرة ببعض بلاد فارس سنتين فكان لا يزيد

(1)(النساء: من الآية101).

(2)

متفق عليه.

(3)

متفق عليه.

(4)

ينظر ص 95.

(5)

رواه البيهقي، وقال ابن حجر في الدراية1/ 212 إسناده صحيح.

(6)

رواه البيهقي.

ص: 94

على ركعتين) ، وفي حديث أنس {أن أصحاب رسول الله - أقاموا برام هرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة} (1).

والخلاصة في ذلك أن المسافرين على ثلاثة أقسام:

أ- أن ينووا الإقامة المطلقة، فهؤلا حكمهم حكم المستوطنين فلا يترخصون برخص السفر كما تقدم (2).

ب- أن ينووا إقامة لغرض معين مقيدة بزمن، ومتى انتهى غرضهم عادوا إلى أوطانهم، تقدم الخلاف في ذلك (3) ، وذكرنا أن الراجح أن هؤلا لهم حكم المسافرين.

ج- أن ينووا إقامة لغرض معين غير مقيد بزمن، ومتى انتهى غرضهم عادوا إلى أوطانهم، كمن قدم لمراجعة دائرة حكومية، أو لبيع سلعة أو شرائها، فهؤلا حكمهم حكم المسافرين حتى على مذهب الحنابلة، وحكاه ابن المنذر إجماعاً.

6 -

المسألة السادسة: إذا أخر الصلاة عن وقتها بلا عذر حتى ضاق وقتها عنها.

مثال ذلك:

أخر صلاة العصر وهو مسافر حتى فاته الوقت، فقالوا بأن هذا لا يترخص، لأنه صار عاصياً بتأخيرها عمداً بلا عذر، ولكن الراجح أنه يقصر لعدم تحريم السبب.

{مسائل لم يذكرها المصنف: يلزم فيها المسافر الإتمام}

(1) رواه البيهقي.

(2)

ينظر ص 95.

(3)

ينظر ص 95.

ص: 95

7 -

إن أحرم حضراً ثم سافر، أو في سفر ثم أقام، أو ذكر صلاة حضر في سفر، أو ذكر صلاة سفر في حضره، عبارة الفقهاء هذه تضمنت عدة مسائل يرون أنه يلزم الإتمام فيها سأذكرها مع التمثيل، والراجح في كل مسألة:

المسألة الأولى: إذا أحرم في الحضر ثم سافر.

مثال ذلك:

رجل كان في سفينة تجري في نهر يشق البلد، ثم كّبر للصلاة فتحركت السفينة وفارقت عامر بنيان قريته، وهو في أثناء الصلاة، فإنه يلزمه الإتمام، لأنه ابتدأ الصلاة في حال يلزمه إتمامها، فلزمه الإتمام.

المسألة الثانية: إذا أحرم في السفر ثم أقام، وهي عكس المسألة السابقة.

مثاله:

رجل كان في سفينة فابتدأ الصلاة قبل دخول البلد، ثم دخلت السفينة البلد وهو ما يزال في الصلاة، فهنا يلزمه الإتمام، لأنه اجتمع في هذه العبادة سببان: أحدهما يبيح القصر، والثاني يمنع القصر، فغلب جانب المنع، فالذي يبيح القصر السفر، وهو الذي ابتدأ الصلاة فيه، والذي يمنعه الإقامة، وهو الذي أتم الصلاة فيها، فيغلب هذا الجانب، لأن الفقهاء عندهم قاعدة وهي {إذا اجتمع مبيح وحاظر فالحكم للحاظر} ، أو يقال يغلب جانب الحظر، ودليل هذه القاعدة حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما أن النبي - قال {دع ما يريبك إلى ما لا يريبك} (1) ، ولما ورد من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي - قال {

ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه} (2).

وما سبق في المسألتين الأولى والثانية هو قول الحنابلة، والراجح في ذلك، أما بالنسبة للمسألة الأولى، فإنه إذا صلى ركعة فأكثر في الحضر ثم سافر، فإنه يتم

(1) رواه الإمام أحمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح والنسائي والدارمي والطيالسي وابن حبان وصححه ، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

(2)

رواه البخاري ومسلم.

ص: 96

صلاة مقيم، أما إن كبر للإحرام وفارق عامر بنيان قريته، وهو لم يصلَّ شيئاً، فإنه يتم صلاة مسافر، وكذلك بالنسبة للصلاة الثانية فإنه إذا أحرم في السفر ثم أقام، فإن كان صلى في حال سفره ركعة فأكثر ثم أقام أتم صلاة المسافر، وإلا صلى صلاة مقيم، لأن الإدراكات كلها تقيد بركعة، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه {من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة} (1).

المسألة الثالثة: إذا ذكر صلاة حضر في سفر.

مثال ذلك:

رجل صلى في بلده الظهر على غير وضوء ناسياً فسافر، ثم تذكر أثناء السفر أنه صلى الظهر على غير طهارة في الحضر، فمن المعلوم هنا أنه لابد من إعادة الصلاة للقاعدة الشرعية {أن باب الأوامر لا يعذر فيه الإنسان بالجهل والنسيان} ، ولكن هل يعيدها أربعاً بناء على أنه صلاها في الحضر أم يصليها ركعتين لأنه سيعيدها حال السفر؟

يقال: يصليها أربعاً، لحديث أبي هريرة مرفوعاً أن النبي - قال {من نام عن صلاة أو نسيها فليصليها إذا ذكرها} (2) ، أي يصلي هذه الصلاة كما ذكرها، ولأن هذه الصلاة لزمته تامة، فوجبت عليه قضاؤها تامة، قال ابن المنذر في الإجماع:(وأجمعوا على أن من نسي صلاة في حضر فذكرها في السفر أن عليه صلاة الحضر، إلا ما اختلف فيه الحسن البصري)(3).

المسألة الرابعة: إذا ذكر صلاة سفر في حضر، وهي عكس المسألة السابقة.

مثال ذلك:

(1) رواه البخاري ومسلم.

(2)

رواه مسلم.

(3)

الإجماع ص 44، وقول الحسن البصري قال به المزني كما في المجموع 4/ 224، وابن حزم كما في المحلى 5/ 44.

ص: 97

صلى في السفر صلاة الظهر ركعتين، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، لما تقدم من حيث أبي هريرة رضي الله عنه ، وهذا ذكر صلاة مقصورة، فتلزمه صلاة مقصورة، ولأن القضاء يحكي الأداء، ولم يفته إلا ركعتان.

والخلاصة: أن المسألة الرابعة وما قبلها لها أربع صور:

1 -

أن يذكر صلاة سفر في سفر، فإنه يقصر، كما لو صلى في سفر قصراً وهو على غير طهارة، ثم تذكر هذه الصلاة أنه صلاها على غير طهارة في سفر آخر، فهنا يقصر.

2 -

أن يذكر صلاة حضر في حضر، فهذا يتم، وهذه ظاهرة.

3 -

أن يذكر صلاة سفر في حضر، فهنا يقصر على الصحيح كما تقدم.

4 -

أن يذكر صلاة حضر في سفر، فهنا يتم.

فائدة:

ويسن للمسافر إذا أمَ مقيمين أن يقول: أتموا فإنا قوم سفر، لقول النبي - ذلك لأهل مكة، ولئلا يلتبس على الجاهل عدد الركعات.

{فصل في الجمع}

الجمع هو: ضم إحدى الصلاتين إلى الأخرى، وقولنا (ضم) يراد به ما يصح الجمع بينهما، وهما جمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، وهذا التعريف يشمل التقديم، وجمع التأخير، والجمع كما سيأتي لأمرين هما: السفر، وللمشقة في الحضر، كالمرض وما أشبهه.

فائدة:

كل من جاز له القصر جاز له الجمع والفطر ولا عكس.

ص: 98