الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غرلاً) (1).
وأما الإجماع فقد اجمع المسلمون وجميع أهل الأديان السماوية على إثبات يوم القيامة، فمن أنكره أو شك فيه فهو كافر. وللقيامة علامات تسمى الاشراط كخروج الدجال ويأجوج ومأجوح، وطلوع الشمس من مغربها. وجعلت لها هذه الاشراط؛ لأنها يوم عظيم وهام فكان لها تلك المقدمات.
حشر الناس:
يحشر الناس يوم القيامة حفاة غير منتعلين عراة غير مكتسين غرلاً غير مختونين؛ لقوله تعالى: (كَمَا بَدَأنا أولَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ)(الأنبياء: الاية104). وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنكم تحشرون حفاة عراةً غرلاً).
الأشياء التي ذكر المؤلف أنها تكون يوم القيامة:
أولا: دنو الشمس من الخلق بقدر ميل أو ميلين، فيعرق
(1) أخرجه البخاري كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى:(واتخذ الله إبراهيم خليلا)، رقم (3349) ومسلم، كتاب الجنة، باب فناء الدنيا رقم (2860) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
الناس بقدر أعمالهم، منهم من يصل عرقه إلى كعبيه، ومنهم من يلجمه، ومنهم من بين ذلك، ومن الناس من يسلم من الشمس، فيظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، مثل الشاب إذا نشأ في طاعة الله، والرجل المعلق قلبه بالمساجد.
ثانيا: الموازين ـ جمع ميزان ـ يضعها الله لتوزن فيها أعمال العباد، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون. والميزان حقيقي له كفتان خلافاً للمعتزلة القائلين بأنه العدل لا ميزان حقيقي. وقد ذكر في القرآن مجموعاً وفي السنة مجموعاً ومفرداً، فقيل: إنه ميزان واحد، وجمع باعتبار الموزون، وقيل: متعدد بحسب الأمم أو الإفراد، وأفرد باعتبار الجنس.
ثالثا: نشر الدواوين ـ أي فتحها ـ وتوزيعها، وهي صحائف الأعمال التي كتبتها الملائكة على الإنسان قال الله تعالى:(وَكُلَّ إنسان ألزمناه طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَأمة كِتَابا يَلْقَاهُ مَنْشُورا*اقرأ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبا)(الإسراء: 13 - 14). فآخذ كتابه بيمينه وهو المؤمن، وآخذ
كتابه بشماله أو من وراء ظهره لقوله تعالى: (فَأما مَنْ أوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابا يَسِيرا *وَيَنْقَلِبُ إلى أهلهِ مَسْرُورا *وَأما مَنْ أوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فسوف يدعو ثبوراً وَيَصْلَى سَعِيرا)(الانشقاق: 7 - 12). وفي آية أخرى: (وَأما مَنْ أوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أوتَ كِتَابِيَهْ)(الحاقة: 25). والجمع بين هذه والتي قبلها إما باختلاف الناس، وأما بكون الذي يأخذها بشماله تخلع يده من وراء ظهره.
رابعا: الحساب وهو محاسبة الخلائق على أعمالهم، وكيفيته بالنسبة للمؤمن أن الله يخلو به فيقرره بذنوبه، ثم يقول (قد سترتها عليك في الدنيا وأنا اغفرها لك اليوم)(1). وأما بالنسبة للكافر فإنه يوقف على عمله ويقرر به، ثم ينادى على رؤوس الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. (2)
(1) أخرجه البخاري كتاب المظالم، باب (ألا لعنة الله على الظالمين) رقم (2441) ومسلم كتاب التوبة، باب قبول توبة القاتل وان كثر قتله رقم (2768) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
انظر التخريج السابق.
وأول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الله الصلاة (1). وأول ما يقضى بين الناس الدماء (2). ومن الناس من يدخل الجنة بلا حساب، وهم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون، ومنهم عكاشة بن محصن رضي الله عنه (3).
خامسا: الحوض المورود للنبي صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة ـ أي مواقفها ـ يرده المؤمنون من أمته ومن شرب منه لم يظمأ أبداً، طوله شهراً وعرضه شهر، وآنيته كنجوم السماء، وماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من رائحة المسك. ولكل نبي حوض يرده المؤمنون من أمته، لكن الحوض الأعظم حوض النبي صلى الله عليه وسلم.
(1) أخرجه أبو داو ود (864) والترمذي (413) والنسائي (1/ 232) وابن ماجة (1425) عن أبى هريرة رضي الله عنه.
(2)
أخرجه الترمذى (1396) عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما وقال: حسن صحيح.
(3)
أخرجه البخاري (6541) ومسلم (220) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وقد أنكر المعتزلة وجود الحوض، وقولهم مردود بما تواترت به الأحاديث من إثباته.
سادسا: الصراط وهو الجسر المنصوب على جهنم أدق من الشعر وأحد من السيف (1)
عليه كلاليب تخطف الناس بأعمالهم، يمرون عليه على قدر أعمالهم، فمنهم من يمر كلمح البصر، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كالفرس الجواد، ومنهم من يمر كركائب الإبل ومنهم من يعدو عدواً ومنهم من يمشي مشياً ومنهم من يزحف زحفاً، ومنهم من يخطف فيلقى في النار فيعذب بقدر عمله (2). فإذا عبروا الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض قصاصاً تزول به الأحقاد والبغضاء ليدخلوا الجنة إخواناً متصافين.
سابعا: الشفاعة وهي التوسط للغير بجلب المنفعة أو دفع
(1) أخرجه مسلم (183) عن أبى سعيد الخدري قال: بلغني أن الجسر أدق من الشعر وأحد من السيف.
(2)
أخرجه البخاري (7439) ومسلم (183) عن أبى سعيد الخدري.
مضرة، ولا تكون إلا بإذن الله للشافع ورضاه عن المشفوع له.
وتنقسم إلى قسمين: خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وعامة له ولغيره من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
فالخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر المؤلف منها نوعين:
الأول: الشفاعة العظمى، حيث يشفع في أهل الموقف إلى الله ليقضي بينهم، بعد أن تطلب الشفاعة من آدم فنوح فإبراهيم فموسى فعيسى عليهم الصلاة والسلام فلا يشفعون، حتى تنتهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيشفع فيقبل الله منه (1). وهذا من المقام المحمود الذي وعده الله بقوله:(عَسَى أن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مقاماً مَحْمُودا)(الإسراء: الاية79).
الثاني: شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوها.
وأما العامة فذكر المؤلف منها نوعين:
الأول: الشفاعة في من استحق النار من المؤمنين ألا يدخلها.
الثاني: الشفاعة في من دخلها منهم أن يخرج منها.
وهذان النوعان ينكرهما المعتزلة والخوارج بناء على
(1) أخرجه البخاري (4712) ومسلم (194) عن أبى هريرة رضي الله عنه.