الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قولهم: أن فاعل الكبيرة مخلد في النار فلا تنفعه الشفاعة. ويخرج الله أقواماً من النار بغير شفاعة بل بفضله ورحمته، ويبقى في الجنة فضل عمن دخلها من أهل الدنيا فينشئ الله لها أقواماً فيدخلهم الجنة.
الإيمان بالقضاء والقدر:
الإيمان بالقضاء والقدر واجب، ومنزلته من الدين أنه أحد أركان الإيمان الستة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن القدر خيره وشره.
ومعنى الإيمان بالقضاء والقدر: أن تؤمن بأن كل ما في الكون من موجودات ومعدومات، عامة وخاصة، فأنه بمشيئة الله وخلقه، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
درجات الإيمان بالقضاء والقدر:
للإيمان بالقدر درجتان كل درجة تتضمن شيئين:
فالدرجة الأولى تتضمن العلم والكتابة، ودليلها قوله تعالى: (الَمْ تَعْلَمْ أن اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأرض أن ذَلِكَ
فِي كِتَابٍ إن ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحج: 70). فالعلم أن تؤمن بعلم الله المحيط بكل شيء جملةًً وتفصيلاً. والكتابة هي أن تؤمن بأن الله كتب مقادير كل شيء في اللوح المحفوظ بحسب علمه. وهي أنواع:
النوع الأول: الكتابة في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، ودليلها قوله صلى الله عليه وسلم:(أن الله لما خلق القلم قال له: اكتب. قال: رب ماذا اكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة)(1).
النوع الثاني: الكتابة العمرية، وهي ما يكتبه الملك الموكل بالأرحام على الجنين في بطن أمه إذا تم له أربعة أشهر، فيؤمر المَلَك بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد، ودليله حديث ابن مسعود رضي الله عنه الثابت في الصحيحين (2).
(1) أخرجه الإمام احمد (5/ 317) وأبو داوود كتاب السنة، باب في القدر رقم (4700) والترمذي كتاب القدر رقم (2155) والحاكم (2/ 498) وصححه.
(2)
البخاري (3208) ومسلم (2643).
وهذه الدرجة ينكرها غلاة القدرية قديماً.
وأما الدرجة الثانية فتتضمن شيئين: المشيئة والخلق، ودليل المشيئة قوله تعالى:(وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)(إبراهيم: الاية27). ودليل الخلق قوله تعالى: (الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)(الزمر: الاية62).
فأما المشيئة فهي أن تؤمن بمشيئة الله العامة، وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، سواء في ذلك أفعاله وأفعال الخلق، كما قال تعالى في أفعاله:(وَلَوْ شِئْنَا لَاتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا)(السجدة: الاية13). وقال في أفعال الخلق: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ)(الأنعام: الاية112). وأما الخلق فهو أن تؤمن أن الله خالق كل شيء سواء مما فعله أو فعله عباده. دليل الخلق في فعله قوله تعالى: (إن رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالأرض فِي سِتَّةِ ايَّامٍ)(الأعراف: الاية54). ودليل الخلق في أفعال العباد قوله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)(الصافات: 96). ووجه كونه خالقاً لأفعال العباد أن فعل العبد لا يصدر إلا عن إرادة وقدرة، وخالق إرادة العبد وقدرته هو الله.