الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى تلقى بما فى رحمها.. والمراد أنه لو طلعت الساعة على الناس فى دنياهم، وأرتهم زلزلة منها، لذهلت كل مرضعة عما أرضعت، ولألقت كل ذات حمل حملها.. ويجوز أن يكون المراد بوضع الحمل العموم والشمول، أي كل شىء يحمل، سواء أكان ما فى الأرحام من أجنة، أو ما مع الناس من أمور يشغلون بها، ويحرصون عليها.. وبهذا يكون المراد بذات الحمل: النفس.
ويمكن أن تكون هذه الصورة حقيقية، وأن من يشهد من الناس إرهاصات الساعة، ونذرها، قبل أن تقع، يقع لهم هذا.. فكيف بالساعة نفسها، حين ينكشف أمرها كله؟.
وقوله تعالى: «وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ» .
هو عرض لصورة من صور الساعة بين يدى نذرها.. فهذه النذر تقلب أوضاع الحياة، وتطلع على الناس بما لم يروه فى حياتهم من مذهلات.. وهذا ما بشير إليه قوله تعالى:«وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا.. يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا.. بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ» (97: الأنبياء)
الآيات: (3- 5)[سورة الحج (22) : الآيات 3 الى 5]
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَاّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (4) يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)
التفسير:
قوله تعالى:
«وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ» .
مناسبة هذه الآية لما قبلها. أنها تعرض وجها من وجوه المشركين، المكذبين بيوم القيامة، التي جاءت الآيتان السابقتان منذرتين بها، محذرتين من أهوالها.. ومع هذه الأهوال العظيمة، والأحداث المزلزلة التي تلقى الناس يوم القيامة، فإن كثيرا من الناس لاهون عنها، مستخفّون بها، يأخذون كل حديث عنها مأخذ السخرية والعبث، بهذا الجدل العقيم، الذي يسلم المرء فيه عقله لهواه، فيرمى بالكلام على أي وجه يقع..
- وفى قوله تعالى: «وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ» إشارة إلى أن هذا الصنف من الناس، لا يسعى إلى تحصيل علم فى الأمر الذي يجادل فيه، وهو البعث، وكأنه أمر لا يعنيه، ولا يريد أن يدخل على نفسه أىّ شعور به، يزحزح تلك المشاعر التي ارتبط بها بالدنيا.. فهو منقاد لهواه، متبع لشيطانه.. وهو شيطان قوى بالنسبة لهذا الإنسان الأحمق، الذي التقى هواه مع هوى الشيطان! قوله تعالى:
«كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ» .
هو وصف للشيطان، وهو أنه قد كتب عليه، أي حكم عليه من الله سبحانه وتعالى ألا يتولاه، ويستجيب له، إلا الضالّون الخاسرون من عباده: