الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليس على أحد حرج فى أن ينظر فى الكون كيف يشاء، ويسبح فى الوجود حيث يريد.. بل إن هذا الوجود لا يحسن التعامل معه، ولا يقطف من جنى ثمره الطيب، إلا أهل العلم والمعرفة، وأنه على قدر ما يبلغ الإنسان من العلم يكون حظه من التلقي والانتفاع بهذا الخير المخبوء فى صدر الكون.. والله سبحانه وتعالى يقول:«وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ» (43:
العنكبوت) .
ومرة أخرى.. مرحّى بالعلم، ومزيدا من جهاد العلماء، ومن فتوحاتهم فى آفاق هذا الوجود، الذي على الرغم من هذا السعى الجادّ لكشف أسراره، وعلى الرغم مما يبذل العلماء فى كل عصر، وفى كل أمة من جهود مضنية وتضحيات سخية فى هذا المجال- فإن الإنسانية ما زالت على الشاطئ بعد، لم تكد تبتلّ أقدمها من بحر المعرفة.. والله سبحانه وتعالى يقول:«وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» (85: الاسراء) .
الآيات: (6- 14)[سورة الحج (22) : الآيات 6 الى 14]
ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (8) ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ (9) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَاّمٍ لِلْعَبِيدِ (10)
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (11) يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (12) يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (14)
التفسير:
قوله تعالى:
الإشارة هنا، إلى هذا العرض الرائع المعجز، الذي كشف عن آيات الله المبثوثة فى هذا الوجود، والتي تتجلى فيها عجائب قدرة الله، وحكمته، وعلمه، وذلك فيما تحدثت به الآية السابقة عن خلق الإنسان، وتطوره فى الخلق، من تراب ثم من نطفة، ثم من، علقة، ثم من مضغة مخلّقة وغير مخلقة، ثم الميلاد، والطفولة، والصّبا، والشباب، والكهولة والشيخوخة، وما بعد الشيخوخة..
فذلك البيان، إنما هو ليرى منه الناس دلائل الإيمان بأن الله هو الإله الحقّ، وما سواه باطل وضلال، وأنه- سبحانه- يحيى الموتى، وأنه على كل شىء قدير، لا يعجزه شىء، ولا تقف أمام قدرته حدود أو سدود.. فإذا أخبر- سبحانه- أن الساعة آتية، فذلك وعد حقّ، لا بدّ من أن يتحقق، وليس لمؤمن بالله هذا الإيمان الذي قام على النظر فى عجائب صنع الله- ليس لمؤمن عندئذ أن يسأل بعد هذا، عن إمكانية البعث، وعن الصورة التي يكون عليها.. وإنما عليه أن يؤمن إيمانا مطلقا بأن الساعة آتية، وأن الله يبعث من
فى القبور.. أما متى تأتى فذلك علمه عند الله.. وأما كيف يكون المبعث فذلك إلى قدرة الله!! قوله تعالى:
«وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ» .
تحدّثت الآيات السابقة عن صنف من المجادلين بغير علم حيث يتصدّى الواحد منهم بجهله، لكل رأى، ويدخل فى كل قضية، آخذا الطّرف المنحرف منها، دون أن يكون له رأى نظر فيه بعقله، وهدى إليه بتفكيره.
وإنما هو الخلاف عن هوى وعمى، ليثبت وجوده أمام نفسه، ويعلن عن ذاته بأنه من أصحاب الرأى، وأنه إذا كان للعلماء ما يقولون، فإن له هو ما يقول!! وفى هذه الآية أصناف من الناس، يجادلون بغير علم من أنفسهم، أو بهدى من غيرهم، أو عن كتاب صحيح فى أيديهم، ليجمع الواحد منهم هذه الضلالات كلها.. فيكون جاهلا فى نفسه، ثم يكون متأبّيا على من يدعوه إلى العلم، ثم يكون مع هذا غير ناظر فى كتاب صحيح.. ومع هذا فهو يجادل فى الحق، ويدفعه بيديه دفعا.
وقد يجادل أحدهم وهو جاهل لا علم عنده، ولكنّه يردّد كلمات سمعها من غيره دون أن يعقلها، ويتعرف إلى ما فيها من هدى وضلال.. ثم يتخذ من هذه الكلمات مادة للجدل.. وقد يستند أحدهم فى جدله إلى كتاب قد دخل عليه الافتراء والكذب، فاختلط فيه الحق بالباطل.. وفى ذلك تعريض بأهل الكتاب- وخاصة اليهود- الذين زيّفوا التوراة، ثم استقبلوا بها النبىّ يجادلونه، ويجاجّونه بما فيها من أحكام وأخبار، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:
«وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ» .. فالكتاب الذي كان منحرفا، غير ملتزم طريق الحق، كان قوة عاتية من قوى الضلال والفساد. إنه يقود إلى الضلال والظلام..
قوله تعالى:
أي أن هذا المجادل الجهول، يجادل، وهو ثان عطفه، أي مائل بجنبه، تيها وكبرا، واستنكافا عن أن يسمع دعوة الحقّ، وهو مقبل عليها بوجهه، بل يعطيها ظهره، أو يلقاها بجنبه، إمعانا فى الكبر، ومبالغة فى العناد.
وفى قوله تعالى: «لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ» - إشارة إلى أنه بفعله هذا قد أراد أمرا، هو إضلال نفسه، وإبعادها عن الخير.. إنه يحسب أنه يكيد بهذا لمن يدعوه إلى الله، وهو فى الواقع إنما يكيد لنفسه، ويوردها موارد الهلال، كما يورد الذين اتبعوه هذا المورد.
«لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ» وذلك بما يرى من إعزاز الله للنبىّ والمؤمنين، ومن خذلانه سبحانه وإذلاله لجبهة الكافرين والمشركين، الذين كان هذا الضالّ مظاهرا لهم، ومحاربا فى جبهتهم..
«وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ» وكما أنه لم يكن يقع فى حسابه أن يجىء اليوم الذي تنهار جبهة الكفر، وتتعفّر فيه جباه الكافرين بالتراب، وقد جاء هذا اليوم الذي أخزاه وأذله- كذلك لم يكن يقع فى تقديره أن يبعث، وأن يجىء يوم القيامة، وأن يحاسب على ما قدم من آثام- ألا فليعلم أن هذا اليوم آيات لا ريب فيه، وسيلقى العذاب المهين فى الآخرة، كما لقى الخزي والهوان فى الدنيا..
قوله تعالى:
«ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» .
أي أن ذلك العذاب الذي يساق إليه هذا الضال وأمثاله، إنما هو بسبب ما قدمت يداه من سوء، فوجد هذا السوء حاضرا، ينتظره على مشارف جهنم.. «وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» .. بل يجزيهم بما عملوا من حسن أو سوء:«لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى» (31: النجم) .
وفى نفى المبالغة فى الظلم عن الله فى قوله تعالى: «وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» - إشارة إلى أن ما يلقى الضالون، والآثمون من عذاب فى الآخرة، جزاء ما عملوا- هو عذاب شديد، وبلاء عظيم، لم يعرفه الناس فى حياتهم الدنيا.. وحتى أن الناظر إلى سوء هذا العذاب- ليستكثره، ويرى أن لا ذنب- وإن عظم- يستحق به صاحبه بغض هذا العذاب، وحتى ليقع فى نفسه أن ظلما شديدا وقع على هذا الإنسان المنكود، الذي يشوى بنار جهنم، هكذا على مدى السنين والدهور.. لا يموت فيها ولا يحيا.. وكلا، فإنه لا ظلم، ولا مبالغة فى ظلم، وإنما هو الحق، والعدل، وإن كان عذاب السعير، والخلود فى هذا العذاب..
قوله تعالى:
وهذا صنف آخر من الناس..
وهذا الصنف، يقف على مفارق الطريق بين الإيمان والكفر.. يضع إحدى رجليه على طريق الإيمان، ويضع الأخرى على طريق الكفر.. إنه
يعبد الله على حرف، أي على جانب واحد، دون أن يعطى الله وجوده كلّه.
فإن أصابه فى دنياه خير ومسّته عافية، اطمأن، ووضع رجليه معا على طريق الإيمان..
وإن أصابه شىء ابتلى به فى ماله، أو ولده أو نفسه «انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ» أي أعطى الإيمان ظهره.. وأنكر الله، وتنكّر له، ونسى نعمته عليه، وإحسانه إليه.
وهذا نفاق مع الله، أقبح وجها، وأشد نكرا من النفاق الذي يعيش به المنافقون فى الناس.. إنه مكر بالله، واستخفاف به- وفى قوله تعالى:«خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ» إشارة إلى أن هذا النفاق مع الله يقضى على صاحبه بخسران الدنيا والآخرة جميعا.. فهو قد خسر الدنيا، لأن ما ابتلاه الله، لا يدفعه عنه هذا الكفر بالله، الذي لقى به ابتلاء الله له..
وهو قد خسر الآخرة، لأنه سيلقى الله على كفره هذا، وللكافرين عذاب أليم.
وقوله تعالى: «ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ» أي الخسران العظيم الواضح، الذي ليس فيه شبهة.. إذ كانت خسارة الدنيا فيه محققة، لأنها وقعت فعلا، ولو كان مؤمنا بالله، لوجد فى التسليم له والرضا بقضائه، عزاء يخفف من مصابه، ويهوّن من مصيبته.. وخسارة الآخرة ستتحقق أيضا، لأنها واقعة لا شك فيها، إذ هكذا سيعلم هذا الذي يعبد الله على حرف، وإن فتنه الابتلاء، وأضلّه عن سواء السبيل..
قوله تعالى:
«يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ» .
أي أن هذا الضالّ، الذي يعبد الله على حرف، إذا ولّى وجهه إلى غير الله، حين يبتلى من الله بضر- فإنما يزداد ضلالا إلى ضلال، وابتلاء إلى ابتلاء، لأنه يفرّ من وجه الله، ويفزع من بلائه إلى من لا يملك ضرّا ولا نفعا..
إنه جهد ضائع، وعمل فاسد.. وذلك هو الضلال البعيد..
وفى تقديم الضرّ على النّفع، إشارة إلى أن هذه المعبودات التي تعبد من دون الله، لا تملك الضرّ، الذي يملكه لله وحده، والذي يفرّ منه هذا الضال الذي إن شاء الله ضاعف عليه البلاء، ورماه بالضرّ بعد الضرّ.. ففى هذا تهديد لهذا الضال، أن يأخذه الله، بابتلاء آخر، يتبع هذا الابتلاء الذي ابتلى به، وكفر بالله من أجله..
قوله تعالى:
«يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ» .
أي أن هذا الضال الذي دعا غير الله لكشف ضرّه، إنما يدعو من يضرّ ولا ينفع، وفيه يصدق قول القائل:
المستجير بعمرو عند كربته
…
كالمستجير من الرمضاء بالنّار
فالالتجاء إلى غير الله، مضلة، إذ لا يملك أحد معه من الأمر شيئا..
«وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ» (107: يونس) .
وهؤلاء الذين يلجأ إليهم المكروبون، من أصنام، أو حيوان، أو إنسان، إنما ضرّهم أقرب وأكثر من نفعهم.. ذلك أنهم إن وجد فيها عابدوهم بعض الراحة النفسية بما يداعب خيالهم من آمال كاذبة، وهم يفزعون إليهم،
ويضرعون تحت أقدامهم، فإن الأمر سينجلى عن خيبة، وينكشف عن حسرة إذ كان قد فاتهم أن يعملوا جهدهم فى علاج البلاء الذي وقع بهم، أو أن يوطّنوا النفس على احتماله.. فإذا انكشف الأمر عن عجز هؤلاء المعبودين عن مدّ العون فى هذا الموقف، كان الخطب أفدح، والمصيبة أعظم..
وهكذا شأن كثير من الذين يفزعون إلى الأضرحة، ويتعلقون بأبوابها، وأستارها، ويتمسحون بأعتابها وترابها، كلما مسّهم ضر، أو كربهم كرب..
فتراهم هناك يقضون أيامهم ولياليهم فى ترديد عبارات الرجاء، وطلب الغوث، غير ناظرين إلى ما طرفهم من أحداث، وما جلّ بهم من ضرّ، فلا يعاجلونه بالجدّ والعمل، ولا يلقونه بالأسباب العاملة فى دفعه، أو تخفيف أثره، منتظرين هذه القوى الخفية التي يلمحونها من وراء تلك الأضرحة أن تقوم عنهم بما كان يجب أن يقوموا هم به، وأن تتولى عنهم ما كان ينبغى أن يتولوه هم بأنفسهم..
ومن غير دخول أو تعرّض إلى ما تضمّ هذه الأضرحة من صلاح وتقوى فيمن أودعوا فيها من عباد الله الصالحين.. ومن غير اعتراض أو تعرض لما ولأولياء الله من كرامات فى الدنيا. ومن غير بحث أو جدل فيما قد يكون أو لا يكون من اتصال كراماتهم فى حياتهم، وبعد موتهم- فإن الذي يقضى به العقل، وتوجيه سنن الحياة، هو أن تعالج الأمور بأسبابها، وأن يؤتى إليها من أبوابها، وأن يلقاها الأحياء بواقع الحياة، وألّا يسلموها إلى تلك الغيبيّات التي لا يرون مجرياتها، ولا يدرون ما تأتى وما تدع من أمور..
هذا ما يقضى به العقل، وما تفرضه سنن الحياة..! وهو عين ما يقضى به الإيمان بالله.. حيث أوجب الإيمان على المؤمنين أن يعملوا، وأن يواجهوا الحياة بعقولهم، وحواسّهم، وقواهم العقلية والجسدية معا، وأن يتقبلوا بعد هذا
ما يعطيهم جهدهم من ثمر قليل أو كثير، فإن أصابهم خير حمدوا الله وشكروا له، وإن أصابهم ضرّ استعانوا الله بالصبر عليه، والتمسوا العافية وكشف الضرّ منه..!
هذا هو سبيل المؤمنين، الذين يمتثلون أمر الله سبحانه بالعمل، كما يقول سبحانه:«وَقُلِ اعْمَلُوا» ثم يسلمون أمورهم كلّها له سبحانه.. غير ناظرين إلى غيره، أو طامعين فى غير فضل من فضله أو رحمة من رحمته..!
هذا وقد أشرنا إلى هذا فى مبحث خاص، تحت عنوان:«الوسيلة والتوسل» فليرجع إليه من شاء «1» .
وفى قوله تعالى: «لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ» هو ذمّ لهؤلاء المعبودين لا من حيث ذواتهم وأشخاصهم، وإنما من حيث العون الذي ينتظره العابدون منهم.. فهم لا يملكون لهم من الله شيئا، كما يقول سبحانه وتعالى:«إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ» (14: فاطر) ..
فالذمّ متجه إلى الثمرة المرجوّة من هؤلاء المعبودين.. إنها سراب ينخدع له أولئك الذين تتعلق أبصارهم به، وتنعقد آمالهم عليه..
والمولى: هو القريب، والسيد.. الذي يرجى عونه ونصرنه.
والعشير: المعاشر من أهل وأقارب..
ويجوز أن يكون الذم متوجها إلى المعبودين، من أصنام أو ناس يدعون الناس إلى عبادتهم..
(1) انظر الكتاب الثالث من التفسير القرآنى للقرآن.