الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
24- سورة النور
نزولها: هى مدنية.. باتفاق.
عدد آياتها: أربع وستون آية.
عدد كلماتها: ألف وثلاثمائة وست عشرة كلمة.
عدد حروفها: خمسة آلاف، وستمائة وثمانون حرفا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيات: (1- 3)[سورة النور (24) : الآيات 1 الى 3]
بسم الله الرحمن الرحيم
سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَاّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَاّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)
التفسير:
فى هذه السورة- أمران- نحب أن نقف قليلا عندهما، قبل أن نمضى فى تفسيرها:
أولهما: هذا البدء الذي بدئت به، والإخبار عنها بأنها سورة- مع أنها «سورة» من مائة وأربع عشرة سورة، هى القرآن الكريم كله.
فما سرّ هذا؟
لم نجد أحدا من المفسرين سأل هذا السؤال، أو أشار إليه من قريب أو بعيد.. وإن كانوا قد توسعوا فى شرح معنى سورة، وأنها من السور الذي يقوم على ما يداخله، ويحتويه.. فهى بهذا أشبه بالسور.. لها بدء وختام..
وما بين بدئها وختامها محصور فى البدء والختام.. وليس فى هذا ما يجعلها منفردة بوضع خاص بين سور القرآن الكريم.
أما الإخبار عنها بأنها سورة، وهى سورة فعلا.. فهذا ما قد سكتوا عنه..
وهو أمر يلفت النظر، ويستوجب الدراسة والبحث..
ونحن إذ ننظر فى قوله تعالى: «سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» .
نجد هذا الخبر وما وصف به، ينطبق على كل سورة من سور القرآن الكريم..
فكل سورة منه هى سورة، وكل سورة، أنزلها الله وفرضها، وأوجب على المسلمين التعبّد بآياتها، والفعل بأحكامها.. وكل سورة فيها آيات بينات، للتذكر والتدبر، وهى فى هذا لا تختص بمزيد فضل على غيرها من السور، لأن القرآن كله كلام الله، وكلام الله- سبحانه- على التمام والكمال جميعه، لا يفضل بعضه بعضا بشىء.. إذ ليس هناك مكان لزيادة فى فضل! فما السر إذن؟
نقول- والله أعلم- إن بدء السورة فى الحقيقة هو قوله تعالى فى الآية الثانية منها: «الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ» .. وإن الآية التي بدئت بها السورة ليست إلا تنبيها على أن سورة ستنزل، وفيها فرائض، وأحكام، وآيات بينات.. وذلك أن الأحكام الشرعية.. وخاصة
ما يتصل منها بالحدود- لم يجىء بها القرآن الكريم فى صدر السور القرآنية، وإنما جاء بها بين ثنايا الآيات، حيث يمهد لها بآيات قبلها، ثم يعقب عليها بآيات بعدها.. وبهذا يجىء الحكم الشرعي وبين يديه ومن خلفه ما يدعمه، ويوضحه.
فقوله تعالى: «سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» ..
هو أشبه بالموسيقى، التي تتقدم موكب المجاهدين فى سبيل الله، المتجهين إلى غزو مواقع الكفر والضلال، إذ أن الآيات التي جاءت بعد هذا المطلع، هى فى الواقع أقرب شىء إلى أن تكون بعثا من جند السماء، يحمل الهدى والنور إلى هذه المواطن المظلمة من المجتمع الإسلامى، فيبدد ظلامها، ويكشف للأبصار والبصائر، الطريق المستقيم إلى مرضاة الله! وثانيهما: تسميتها بسورة «النور» .. على اعتبار أن أسماء السور توقيفى، وهو الرأى الراجح عندنا..
لم سميت بهذا الاسم؟
والجواب- والله أعلم- أن ذلك:
أولا: لأنها جاءت بآيات كشفت ظلاما كثيفا، كان قد انعقد فى سماء المسلمين قبل أن تنزل هذه السورة، وتنزل معها هذه الآيات.. وذلك أن السيدة عائشة رضى الله عنها، كانت فى تلك الفترة موضع اتهام على ألسنة المشركين والمنافقين، وقد أوذى رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الحديث المفترى، كما أوذيت زوجه رضى الله عنها، وأوذى المسلمون بهذا الذي طاف حول بيت النبوة من غبار تلك التهمة المفتراة.. فلما نزلت الآيات التي تبرّئ البريئة الصدّيقة بنت الصديق- انقشع هذا الظلام، وكشف النور السماوي، عن وجوه المنافقين المفترين..
وثانيا: جاء فى السورة الكريمة قوله تعالى: «اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ.. الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ.. الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ.. نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ..» (35)
فلهذه الأنوار التي تملأ الوجود من نور الله، ولهذه الآيات المنزلة التي أضاءت للمسلمين ظلام الليل الكثيف، وفضحت المشركين والمفترين- لهذا أو ذاك، أولهما معا، استحقت السورة أن تحمل هذا الاسم، وأن تكون نورا على نور.. من نور الله..!
بعد هذا، نستطيع أن نلتقى بالسورة الكريمة، ونقف بين يدى آياتها..
قوله تعالى:
«سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» .
«سُورَةٌ» خبر لمبتدأ محذوف، تقديره، هذه سورة.. وقد قرىء «سورة» بالنصب، بتقدير ناصب لها من فعل، أو اسم فعل، مثل اقرأ، أو استقبل، أو إليك أيها النبي سورة..
وفى هذا البدء إلفات إلى ما سيجيئ فى السورة من أحكام. وتشريعات، وقواعد، لحفظ المجتمع، وصيانة روابط الأسرة، التي هى الأساس الذي يقوم عليه كيان الجماعات والأمم..