الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة منهج البحث والتأليف
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:-
فإن أحسن الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة، ضلالة وكل ضلالة في النار.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} .
(آل عمران: 102)
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما} . (الأحزاب: 72 و73)
أما بعد:- فإن من تمام نعمة الله على عباده المؤمنين، أن حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وكره إليهم الكفر، والفسوق، والعصيان، ليكونوا بذلك من الراشدين، وإن من متممات هذه النعمة لخواصه، أن يحبب إليهم العلم، الذي يحسنون به العمل، والذي هو ركن ركين في الإيمان، والذي أجمع أهل السنة والجماعة، على أنه قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي والخطيئات وإن أشرف العلوم علوم الأنبياء عليهم السلام.
وإن أشرفهم على الإطلاق سيد الأنام، محمد عليه أفضل الصلاة، وأزكى السلام، وإن أشرف علم ورثه أمته هذا الذكر، الذي تكفل الله بحفظه، وأنزله وحيا من عنده، وجعله روحا من أمره، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم به من الظلمات إلى النور بإذنه، ويهديهم إلى صراط مستقيم؛ ألا وهو الذكر الحكيم، والقرآن العظيم، المتعبد بتلاوته. ثم البيان المبين لأحكامه كما قال منزله وحافظه سبحانه:{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} .
[النحل: 44]
ولما كان الذكر هو كلام الله بألفاظه، ومعانيه، محفوظا بحفظه سبحانه وتعالى. فحفظت ألفاظه في الصدور، وبين ثنايا السطور، حيث جعل الله تعالى الذكر هو القرآن، والسنة هي البيان، واصطفى من عباده؛ الأخيار من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان في سائر العصور والأمصار، رجالا يحملوه إلى الناس كافة، في كافة الأقطار، والأمصار، لأن الصحابة شاهدوا تنزيله وسمعوا تأويله، فصاروا بذلك شهودا شاهدين، وبتبليغه للخلق مكلفين وبتأويله لكل جاهل عالمين، فامتثلوا أمر نبيهم الأمين:«فليبلغ الشاهد منكم الغائب» ، وحققوا قول ربهم العظيم:{الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا} .
(الأحزاب: 39)
ولقد كان من تمام البيان، أن تصدى النبي صلى الله عليه وسلم لتفسيره وتبيينه، بالمبادرة منه بتبليغ الوحي تارة، أو بإجابة السائلين عن تأويله وبيانه تارة أخرى، وكل ذلك بوحي من الله، تبارك وتعالى إما بالرسول الأمين جبريل عليه السلام تارة
أو بالإلهام والإقرار، والتأييد على الاجتهاد تارة أخرى، أو بالتوجيه والتسديد، تارة ثالثة.
ولقد واظب أصحابه رضي الله عنهم على تعلم تأويله، كما واظبوا على سماع تنزيله ولما صار أمر الدعوة، والتبليغ، والإرشاد، والتعليم، إلى الأصحاب صلى الله عليه وسلم كانوا يعلمون التأويل، كما يعلمون التنزيل، كما أشار إلى ذلك (أبو عبد الرحمن السلمي)، التابعي الجليل.
وكان على رأس هؤلاء جميعا؛ الراشدون الأربعة، وعبد الله بن مسعود، والحبر البحر الترجمان؛ عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وأم المؤمنين عائشة، وأبي بن كعب والفتى الذكي المأمون، زيد بن ثابت، ثم سائر الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
ثم تتابع التابعون؛ يأخذون التأويل، كما يأخذون التنزيل، كتابة حينا ومشافهة أحيانا أخرى، فلما نجم النفاق، المؤسس على الابتداع، ومجانبة الاتباع بما أحدثه أهل الكلام والمنطق الرعاع، من عباد الصليب، وعزير، والنار، والنور والشعاع، الذين أذهلهم نصر الإسلام، ومرغ أنوفهم بالرغام، في خبير، والقادسية، واليرموك، وأظهر مبغضو الصحابة الكرام رضي الله عنهم حقدهم عليهم بدعوى خيانتهم الدعوة، وكتمانها تارة، أو الجهل بها، والعجز عن فهمها تارة أخرى، أو بحجة الانتصار لعلم، وعلماء الباطن من (أئمة آل البيت المعصومين) - زعموا - تارة ثالثة، أو الانتصار (لقميص عثمان)، و (النصب)، و (استئصال الخوارج) تارة رابعة.
فكان لا بد - والحالة هذه - من معرفة المسيء من المحسن، والمخلط
الخرف من الضابط المتقن. . . والفاسق المبتدع، من العدل المتبع. . . فقام سوق الجرح والتعديل، وحمل لواءه كل عالم، عامل نحرير، يذب عن الصحابة وتابعيهم، ومنهجهم ودعوتهم، بالسيف والسنان، والبنان واللسان، والحجة والبيان، وأصبح أهل العلم يمتازون بأسانيدهم، ويرحلون الأيام والشهور والسنين والعقود، من أجل تحصيل العالي منها، وتدوينها، ونشرها، وأصبح لزاما معرفة الخبيث من الطيب من الرواة، والعدل الضابط، من الجاهل الهابط، وصار الأئمة يعرفون بمعرفتهم برجال الأسانيد. . كنى وأسماء وألقابا. . ولادة وحياة ووفاة. . نسبا وحسبا وولاء. . إقامة وسكنا ورباطا. . رحلة ونزولا واستيطانا. . لقاء وسماعا وبلاغا. . مناولة وإجازة ووجادة. . مشافهة وحفظا واستملاء. . كتابة وعرضا وإنباء.
وورثونا والأجيال من قبلنا ومن بعدنا، عصارات جهدهم، وخلاصة بحثهم، وصافي معرفتهم في أسماء الرجال وكناهم. . وأنسابهم وبلادهم. . وولاداتهم ووفياتهم. . وطبقاتهم ومراتبهم. . وشيوخهم وتلاميذهم. . وما لهم وما عليهم من تعديل أو تجريح. . كل ذلك بميزان أدق من ميزان الذهب و (الماس). . لا يبتغون من وراء ذلك ذم الناس والأجناس، وإنما إرضاء رب الجنة والناس وقمعا لنزغات الوسواس الخناس.
وقد قام كثير من المحققين من علماء الملة والدين، بترجمة هؤلاء الأعلام الكرام، الذين حملوا لواء السنة، والحديث والأثر، لإظهار فضائلهم وضبط أحوالهم، للوثوق برواياتهم ونقلهم، وترجمة أعلام اللئام، الذين كادوا لدين الإسلام بالبدع والشكوك والأوهام ليحذر الناس من شرهم ويردوا عليهم سوء مكرهم.
وتنوعت كتب الجرح الخالص: فصنفت كتب تترجم للضعفاء والمتروكين والمجروحين والمخلطين.
وكتب التعديل الخالص: فصنفت كتب تترجم للثقات، والعدول، والحفاظ الضابطين.
وكتب اشتملت على الأمرين معا: " كالجرح والتعديل، و" التعديل والتجريح ". وكتب اهتمت بالأسامي والكنى، وأخرى بالولادات والوفيات، وأخرى بالرتب والطبقات، وغيرها بالسير والحكايات، وغيرها بالرحلة والمساكن والنزول والإقامات، وغيرها بالشيوخ والتلاميذ، والعلل، والإجازات، وطرق الروايات، والمشيخات.
وقد تولى أهل العلم الترجمة لشيوخهم، أو من رووا عنهم مثل كتاب، " بحر الدم " و " الأسامي والكنى "، وغيرها للإمام أحمد، و " التاريخ الكبير، و" التاريخ الصغير " للإمام البخاري، و" الكنى والأسماء " و" المنفردات والوحدان، و" التمييز " للإمام مسلم بن الحجاج، وكتابا " الثقات " و " المجروحين " لابن حبان.
أو لرواة كتب الحديث، كل كتاب بعينه كتراجم " رجال صحيح البخاري " لأبي نصر الكلابذي، و" رجال مسلم " لأبي بكر الأصبهاني، و " من روى عنهم البخاري في الصحيح " لأبي أحمد بن عدي الجرجاني، و" تسمية من أخرجهم البخاري ومسلم " لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري، و" الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال " لأبي المحاسن الحسيني، و" تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة " للحافظ ابن حجر، و " إسعاف المبطأ
برجال الموطأ " لأبي الفضل السيوطي وغيرها.
أو في الطبقات، والمراتب، والوفيات، والكنى، والتراجم العامة مثل:" الطبقات الكبرى " لمحمد بن سعد بن منيع - كاتب الواقدي - و" ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم، للدارقطني، و" تهذيب الكمال في أسماء الرجال، لأبي الحجاج المزي، و" طبقات المحدثين " للذهبي، و" المقتنى في سرد الكنى " له و" الإصابة في معرفة الصحابة " للحافظ ابن حجر العسقلاني، و" طبقات الحفاظ " للسيوطي و" مولد العلماء ووفياتهم " لأبي زبر الربعي، و" المقصد الأرشد في ذكر أصحاب أحمد " لابن مفلح الحنبلي، ومن آخرها كتاب " رجال تفسير الطبري " للحلاق.
الباعث على هذا العمل:
وكان من نعم الله الكثيرة علي - والتي لا ولن أحصيها أبدا - أن حبب الله تعالى إلي النظر في تراجم، وسير العظماء من الرجال، منذ نعومة أظفاري، ولما يسر الله لي الإقامة في بلاد اليمن السعيد، بإيمانه وحكمته، وفقهه، وعلم أهله ورأيت اهتمام شيخنا (أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي) - متع الله بعلمه وعمره - رأيت اهتمامه بتبصير تلاميذه بسير وتراجم أهل الحديث، الذي يحمل لواءه في تلك البلاد المباركة، وكذلك رأيت اهتمام إخواننا، ممن يسيرون على نهج الشيخ - حفظه الله - ممن يتولون تدريس كتب الحديث في مراكزهم، ومدارسهم، المنتشرة في ربوع اليمن الميمون، وبنفس طريقة الشيخ في دراسة الأسانيد والوقوف على لطائفها، وتراجم رجالها - عزمت على أن يكون لي في ذلك مساهمة، ولو متواضعة، في تعريف إخواني من طلاب العلم، ممن يظنون بي الخير، ويلتفون
حولي متوهمين العلم مني. .!! تعريفهم بدراسة الأسانيد على المنهج الذي رأيت وأجزت فيه من شيخي الفاضلين (أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي اليماني) و (أبي عبد الرحمن محمد بن عبد الله الريمي اليماني) المعروف بـ (الإمام).
فكان أن اخترت كتاب الإمام الطبري المسمى " جامع البيان في تأويل القرآن " لدراسة التفسير والتأويل السلفي الأثري الصحيح من جهة، ولدراسة أسانيده الكثيرة من جهة أخرى، وقد قاربت أسانيد " التفسير " في عددها، مجموع عدد الآثار التي في الكتب الستة المشهورة مجتمعة؛ حيث زاد عدد الآثار والأخبار التي في " التفسير " عن (33713)، في حين بلغ مجموع عدد الآثار والأخبار التي في الكتب الستة (33982)، وبالتالي فإن دراسة مثل هذا الكم من الآثار والأخبار يؤدي إلى معرفة حقيقة الآثار الواردة في التفسير والتأويل والبيان؛ صحة وضعفا، من جهة ثالثة، ولاشتماله على كثير من العلوم الشرعية من جهة رابعة.
ومما قوى عزيمتي، وزاد شغفي بهذا الكتاب العظيم، ودفعني لدراسة رجاله ما وقفت عليه من كلام طيب لأخ كريم سبقني في دراسته، ألا وهو الشيخ علوي السقاف - حفظه الله، حيث قال في مقدمة فهرسه الذي سماه:، فهارس رجال تفسير إمام المفسرين ابن جرير الطبري الذين ترجم لهم أحمد ومحمود شاكر، (ص 7): حيث قال: ومن بركة هذا العمل أنني عندما كنت أقوم بإعداده مررت على كثير من الأسانيد المتكررة في التفسير، والتي كان يطلق عليها الشيخ محمود شاكر أنها كثيرة الدوران، لذلك قمت وقتها برصدها، حتى يتسنى لي كتابتها ثم دراستها دراسة حديثية مع ذكر أقوال أئمة الجرح والتعديل في رجالها، كما قمت
برصد الأسانيد التي حكم عليها الشيخ أحمد شاكر، ورتبتها ترتيبا أبجديا حسب شيوخ الطبري ثم هممت أن أضع معجما لشيوخ الطبري مع ترجمتهم ترجمة وافية إلا أنني أعرضت عن هذا الآن، لأنه لا يحسن الاكتفاء بشيوخ الطبري الذين أخرج لهم في التفسير وإغفال شيوخه في كتابه العظيم، " تاريخ الرسل والملوك "، وكتابه الآخر " تهذيب الآثار " الذي طبع منه حتى الآن خمسة أجزاء، لذلك أعرضت عنه الآن لعل الله يقيض له من هو أفضل مني، انتهى كلامه بحروفه.
وأنا لا أزعم أنني أفضل منه، بل ولا أساويه، ولا أدانيه، ولا أقاربه، فقد شد قوله - حفظه الله - من عزيمتي على العمل، والترجمة لا لشيوخ الطبري فحسب بل ولجميع رواته الذين أخرج لهم، وفي سائر كتبه المطبوعة، وها هي أولى هذه الثمار بين يديك، والتي أرجو الله تعالى أن يشرك أخانا علوي السقاف في أجر ما بذلناه من جهد، وأن لا يحرمه أجر نيته، " ونية المرء خير من عمله ".
وقد وضعت له دراسة مفصلة، بينت فيها منهج الطبري التفصيلي في هذا " التفسير " وقد نشرتها - مشكورة - مجلة " الأصالة " السلفية في عددها (الرابع والعشرين) في شهر (شوال) سنة (عشرين وأربعمائة وألف) هـ.
فأعددت عدتي، وقدمت بين يدي عملي استخارتي، وجمعت من كل أصناف كتب الرجال والجرح والتعديل؛ أفرادا مشهورة، وبحثت عن كتاب يحوي من أسماء الرجال الرواة آلافا، ونظرت في " تهذيب الكمال في أسماء الرجال " الذي ترجم لرجال الكتب الستة الأمهات في السنة، فوجدت الحافظ المزي - رحمه الله تعالى - قد أوعب واستوعب، ولم يصنف رحمه الله فيما وصلنا - على سعة علمه واطلاعه، وغزارة حفظه وإتقانه، إلا الكتاب الموسوعة المذكور والكتاب
العظيم الآخر " تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف " والذي لا يستغني عنهما عالم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم فضلا عن طلاب العلم المبتدئين والمتقدمين على حد سواء.
وكان الأول في الجرح والتعديل، وهو الوسيلة، والثاني في أطراف الأحاديث، وهو المقصد من جهة الأول، والوسيلة من جهة أصله وهي الكتب الستة.
وقنت للنفس وللإخوة - الذين خوفوني من الانقطاع دون تحقيق المرام -:
إن كان الحافظ المزي، على سعة علمه واطلاعه لم يصنف إلا كتابين في حياته فحسبي أنا كتاب واحد!! والله المستعان، وبه الثقة، وعليه التكلان، وما كان لله يبقى ويصان، وما كان لغير الله، فللزوال والخسران، ونعوذ بالله من الخذلان.
ولأن كتب التفسير - وخاصة ما كان مبناها على السنة والأثر - وخاصة تفسر الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، لم تلق من الدارسين والمحققين، من اهتمام ودراسة، ما تستحقه، كما لقيته غيرها، من كتب الحديث والسنة، التي أشرت إلى بعضها آنفا حيث لم أجد من ترجم لرواة أسانيده - أعني " تفسير الطبري " - رغم كثرتهم وشهرتهم؛ ورغم كثرة الكتب، والنسخ، والأجزاء الحديثية، التي تضمنها الكتاب .. - نحو اثنين وثلاثين كتابًا وجزءًا حديثيًّا ورغم أن حاجة الباحثين وطلاب العلم للرجوع إلى كتب الإمام الطبري لا تقل عن حاجتهم إلى الرجوع إلى غيرها من كتب السنة والأثر؛ فالإمام الطبري ليس دون أولئك توحيدا وسنة، وليس دونهم تحصيلا وعلما، وليس دونهم تصنيفا وهمة؛ بل يكاد يكون في طليعتهم، وقلما تمض ساعة من نهار لا يرجع الباحث فيها إلى كتبه ينهل منها ويستزيد، وخاصة كتابي " التفسير " و" التاريخ، الذي كان الناس
ولا زالوا - عيالا عليهما في بابهما.
اللهم ما كان من الشيخين أحمد ومحمود شاكر - رحمهما الله تعالى - الذين ترجما لكثير من أولئك الرجال والشيوخ، في معرض تحقيقهما لمخطوطات الكتابين إلا أنها كانت تراجم مختصرة، مع إغفالهما للكثير من الرواة، أو الخلط بين بعضهم البعض، أو التوقف في بعضهم الآخر، أو لعدم إكمال تحقيق الكتاب، وبالتالي عدم إكمال تحقيق الأسانيد، وبيان التراجم، والتي تزيد بعددها قليلا عن نصف ما في الكتاب، وذلك أثناء تحقيقهما لمخطوطة الكتاب، وذلك في حاشية التحقيق المذكور حيث إن تحقيق (الشيخين شاكر) - رحمهما الله - وصل إلى نهاية الآية (السابعة والعشرين)، من (سورة إبراهيم) حيث بلغ عد الآثار في نسختهما المحققة (20786) من أصل، (38397) هو عدد الآثار التي في طبعة دار الكتب العلمية.
ثم قام الشيخ محمد صبحي بن حسن حلاق - حفظه الله - بجمع هذه التراجم في كتاب من مجلدة واحدة، أسماه " رجال تفسير الطبري، جرحا وتعديلا من تحقيق
…
".
وقد سبقه الشيخ علوي السقاف - حفظه الله - فسرد أسماء الذين ترجم لهم (الشيخين شاكر)، رحمهما الله - في فهارس تسهل على الباحث معرفة أسماء المترجم لهم، فجزاهما الله خيرا، وأجزل لهما ولوالديهما أحسن الثواب.
ولما عزمت على الترجمة لرواة أسانيد هذا الكتاب العمدة في بابه واستخرت ربي سبحانه وتعالى في ذلك وسألته سبحانه أن ييسر لي ذلك، ويهيئ لي أسبابه وبحثت في بطون الكتب، لعلي أجد من سبقني إلى ذلك، فيوفر علي العناء
لأنصرف إلى غيره من كتب العلم النافعة، واستشرت وسألت إخواني من طلاب العلم وأهله، الخبراء في السنة وكتبها ومنهم: الأخوة الأفاضل (أبو الحارث، علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي)، و (أبو عبيدة، مشهور بن حسن آل سلمان)، والذي زودني بصورة لأقدم مخطوطة لتفسير الطبري، والتي ستجد وصفها بعد سطور، وببعض كتب الطبري، وغيره، مما انتفعت بها كثيرا، فجزاه الله - ووالديه- خير الجزاء، و (أبو الحسن، مصطفى بن إسماعيل السليماني المصري نزيل مأرب)، و (أبو أسامة، سليم بن عيد الهلالي)، والأستاذ الدكتور (أبو فيصل، باسم بن فيصل الجوابرة) أستاذ الحديث وعلومه في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية، والأخ الدكتور (أبو الحارث، محمد بن عبد الرزاق الرعود)، أستاذ الحديث وعلومه في كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة البلقاء التطبيقية) والذي أرشدني إلى " كتاب الدعاء " - وزودني به - لأبي القاسم الطبراني، والذي حوى تراجم الكثيرين، من شيوخ ورجال الطبري، وقد كان له كثير فائدة لاشتراك الطبري، والطبراني في كثير من شيوخهما ورجالهما، وخاصة الشاميين منهم، والأخ الأستاذ (أبو حمزة، عبد اللطيف أبو ربيع الكوملي).
سألتهم جميعا: إن كانوا يعلمون عن كتاب مطبوع، أو مخطوط، يترجم لرواة أسانيد " الطبري " غير ما ذكرت آنفا، فلم أجد عند أحد منهم جوابا بالإيجاب لذلك، وقد أشاروا علي بإشارات ماتعة نافعة، وعرفت عليهم بعض ما ترجمت بعد ذلك، وبينت لهم منهجي في ذلك، فكان لتوجيههم ونصائحهم أثرا طيبا أشكرهم عليه جزيل الشكر؛ فجزاهم الله على كل ذلك خير الجزاء، وما تراه بين يديك فهو بعضا من توجيهاتهم.
ولما شرعت في دراسة ترجمة الإمام الطبري؛ لأتعرف عليه عن قرب من خلال سيرته وترجمته - وهي طريقة أتعامل بها مع كل من أريد أن أقرأ له قبل أن أشرع في القراءة لما كتبت وهي طريقة ومنهج أخذته من أحد أساتذتي في الثانوية كان له فضل عظيم علينا، في تعلم العربية وحبها، والشغف بها، فجزاه الله عنا خير الجزاء، وهذا أقل ما يمكننا أن نقدمه لمحسن أحسن إلينا في تعليمه المخلص لنا ألا وهو الأستاذ الفاضل (أبو خلدون، محمد بن عبد القادر خلدون) وفقه الله لطاعته إن كان حيا، وتغمده بواسع رحمته إن كان ميتا.
وبعد أن شرعت في دراسة ترجمة الطبري، وجدت أن الحافظ الذهبي رحمه الله قد ذكر، من ضمن آثار، وكتب الطبري، التي صنفها، وذلك في ترجمته من " سير أعلام النبلاء "(14/ 273)، ذكر عن الفرغاني: أن الطبري قد أتم كتابا في تراجم الرجال سماه: " تاريخ الرجال "، ترجم فيه لشيوخه الذين لقيهم وأخذ عنهم، وشيوخهم الذين أخذوا عنهم إلى الصحابة والتابعين.
فقلت: هو كتاب حجة في بابه، لو قدر عليه مخطوطا، أو مطبوعا وكنت ولا زلت أود لو أنني أستطيع الحصول على مخطوطة (1) أو أكثر للكتاب المذكور، أو بعض مخطوطات " جامع البيان في تأويل القرآن " غير التي ذكرتها،
(1) وقد فصل القول في وصف مخطوطات ومطبوعات كتب الإمام الطبري، الشيخ (علي بن عبد العزيز الشبل) - حفظه الله - في الترجمة التي جمعها للطبري في (اثنتين وثلاثين ومائة صفحة) والتي سماها، إمام المفسرين والمحدثين والمؤرخين الطبري، والصادرة عن (دار الوطن) في (الرياض)(سنة 1417 هـ) وفي تقديمه لكتاب الطبري " التبصير في معالم الدين "، ومن قبله أيضا الحافظ الذهبي في " سير أعلام النبلاء "(4 1/ 273) وغيره فانظرهما، وأخيرا الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي في تحقيقه لتفسير الطبري والذي رجع فيه إلى ثماني مخطوطات، أو نحوها
لأحقق الكتاب عليها مع التراجم، لأن جميع المطبوعات التي وقفت عليها - والتي سأفصل الكلام عنها بعد سطور - جميعها قد امتلأت بالتصحيفات، والتحريفات، والسقطات، ولكن لم يكن الحصول على المخطوطات بمستطاع، لضيق ذات اليد وبالتالي عدم القدرة على الوصول إلى كنوز المخطوطات، في المكتبات العالمية، فاكتفيت بما استطعت الحصول عليه - بشق الأنفس - من المطبوعات، وهي نسخ (خمس) في (سبع طبعات)، كلها تحتاج إلى تحقيق وتدقيق، وتوثيق ومقابلة، وترقيم لتتوافق مع بعضها البعض، ولو جمعت الأخطاء والاستدراكات، والتصحيحات، التي جمعتها من المطبوعات الست، لخرجت عندنا طبعة أقرب ما تكون إلى الكمال الذي لم يجعله الله تعالى لغير كتابه.
أولا: وصف مخطوطة، ومطبوعات " التفسير " التي رجعت إليها:
1 -
المصورة البريطانية، لمخطوطة جامعة القرويين - تونس. وهي أقدم مخطوطة معروفة للكتاب، في الدنيا، ويشير تاريخ نسخها إلى سنة 391 هجرية أي بعد وفاة المؤلف بنحو إحدى وثمانين سنة فقط. وقد أعارني صورة منها فضيلة الشيخ مشهور حسن - حفظه الله -.
2 -
طبعة دار الفكر - بيروت: سنة 1405 هـ، وأعيد طبعها سنة 1408 هـ، وهي في (ثلاثين جزءا)، وغير مرقومة الأسانيد، وأخطاؤها أكثر من غيرها.
3 -
طبعة دار الفكر - بيروت سنة 1405 هـ، وقدم لها الشيح (خليل (1)
(1) ومن هذه المخطوطات لتفسير الطبري مخطوطة من خمس مجلدات كبار في المكتبة المحمودية ضمن مكتبة الملك عبد العزيز العامة في المدينة النبوية أرقامها على التوالي هي: (115 و116 و117 و118 و122).
الميس) وكتب على غلافها .. ضبطها، ووثقها، وخرجها!! (صدقي جميل العطار). وهي في (خمسة عشر مجلدا) في (ثلاثين جزءا)، وهي مرقومة الأسانيد ولكنها غير دقيقة، وأخطاؤها أقل من سابقتها.
4 -
طبعة دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الثانية، سنة 1418 هـ وهي في (اثني عشر مجلدا) في (ثلاثين جزءا)، وهي مرقومة الأسانيد أيضا، وأدق من سابقتها؛ وتوافق ترقيم الشيخين (شاكر) في أولها، ثم تختلف عنها بعد ذلك وهي أفضل من سابقتيها، وقد اعتمدت ترقيمها رغم عدم دقته.
5 -
طبعة دار المعارف - القاهرة، ولا يوجد عليها سنة الطبع! وإن كانت مقدمة الشيخ شاكر تشير إلى: جمادى الآخرة سنة 1374 هـ. وهي في (ستة عشر مجلدا)، ووصلا فيها إلى آخر الآية (السابعة والعشرين) من (سورة إبراهيم) وهي من تحقيق الشيخين أحمد ومحمود محمد شاكر.
6 -
طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت. الطبعة الأولى 1421 هـ وهي في (ستة عشر مجلدا) في (ثلاثين جزءا)، وهي من ضبط وتعليق (محمود شاكر)!!.
7 -
طبعة مركز البحوث والدراسات العربية والإسلامية بدار هجر - القاهرة، الطبعة الأولى 1422 هـ، وهي في (ستة وعشرين مجلدا) تحقيق معالي الدكتور عبد المحسن التركي، بالتعاون مع الدكتور عبد السند حسن يمامة.
ثانيا: وصف مطبوعات " التاريخ " التي رجعت إليها:
1 -
طبعة دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى سنة 1407 هـ الموافق 1997م، وهي في خمسة مجلدات وخطها صغير وأخطاؤها كثيرة، وغير محققة. +معجم شيوخ الطبري
2 -
طبعة دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى! سنة 1422 هـ الموافق 2001م وهي في ستة مجلدات، الخمسة السابقة، والسادس للفهارس وخطها صغير، وورقها صقيل وأخطاؤها نفس أخطاء أصلها، وما هي إلا صورة عنها!، وغير محققة أيضا. 3 - طبعة دار الفكر - بيروت 1399 هـ، وهي في ستة مجلدات، غير محققة أيضا.
4 -
طبعة أغفلت فيها دار النشر، - ولعلها غير شرعية - وهي في إحدى عشرة مجلدة حققها محمد أبو الفضل إبراهيم بين سنة 1380 - 1387 هـ، والموافق لسنة 1960 - 1967م. وجعلت العزو إلى الأولى منها.
ثالثا: وصف مطبوعات " تهذيب الآثار " التي رجعت إليها:
1 -
طبعة مطبعة المدني - القاهرة - الطبعة الأولى سنة 1402 هـ الموافق 1982م، وهي في خمسة مجلدات، وسادس للفهارس، وهي من تحقيق الشيخ محمود محمد شاكر، وتحقيقها جيد، ومتنوع، وخاصة في الترجمة لأكثر الرجال وعزو الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية والأبيات الشعرية، وتخريج الكثير من الأحاديث والآثار، ومشكلتها في ترقيم آثارها، وأحاديثها، وترتيبها مشكل، والحكم على بعض الأحاديث فيها، وبالجملة - فهي أفضل بكثير من: -
2 -
طبعة مطابع الصفا - مكة المكرمة - الطبعة الأولى! سنة 1402 - 1404 هـ، وهي في أربعة مجلدات، وفهارسها المفصلة في رابعها، وأخطاؤها كثيرة أشرف على إخراجها الدكتور ناصر بن سعد الرشيد، وعبد القيوم عبد رب النبي، وتمتاز عن الأولى بتسلسل أرقامها، ومع هذا فقد وقع فيها أخطاء فاحشة في الترقيم
وخاصة في الرابع منها من رقم (3099) فصار الذي بعده بدل (3100) صار (4000) وبزيادة قدرها (900) فقط!!، وليس فيها تراجم للرواة، وتخريج أحاديثها وآثارها قاصر بالجملة، وكذلك عزو أشعارها، وغريبها.
3 -
طبعة دار المأمون للتراث - دمشق - الطبعة الأولى - 1416 هـ، الموافق 1995م - وهي لبعض الجزء الذي كان مفقودا، وهي في مجلدة واحدة، وفهارسها في آخرها، وهي من تحقيق الشيخ علي رضا بن عبد الله بن علي بن رضا محققة تحقيقا جيدا رغم وجازته، وتمتاز عن غيرها بحكمه على أكثر الأحاديث والآثار، وإن فاته بعضها، وهو قليل بالنسبة للكثير الطيب الذي حكم عليه، وفيها تخريج للأحاديث والآثار، وبيان الغريب، والترجمة الموجزة، ولكنها كافية - للرجال، مع حسن إخراج، وترقيم، وتبويب، وتدقيق، وإن فاته أشياء يسيرة لا تنقص عمله - بالجملة، فجزاه الله خير الجزاء.
وقد بدأت - وبنصيحة من فضيلة الشيخ علي الحلبي - بترتيبها على أبواب الفقه، وترقيمها ترقيما دقيقا بترقيم الطبعتين والجزء المفقود، مع زيادات وتنقيحات، لا بد منها- يسر الله تمامها -.
رابعا: وصف مطبوعة، صريح السنة، التي رجعت إليها:
رسالة صغيرة، في (30) صفحة، وتحتوي على (40) أثرًا،.صادرة عن: دار الخلفاء للكتاب الإسلامي، الكويت - الطبعة الأولى 1405 هـ. وبتحقيق بدر يوسف المعتوق.
وقد يسر الله - تعالى - لي بعد ذلك فشرحت هذه الرسالة في الدورة السادسة للعلوم الشرعية واللغوية في مركز الإمام الألباني بعد تحقيقها، وتخريج أحاديثها،
وآثارها، والحكم عليها، وتراجم رواتها، ورجالها، وبيان غريبها، وسميتها " تمام المنة في تقريب صريح السنة " وقد طبعها بعض الأخوة - في حينه - ووزعوها في الدورة، فجزاهم الله خيرا.
اعتمدت في المقابلة بين الأسماء، على النظر في سائر المطبوعات، جاعلا من صنيع الشيخين (أحمد، ومحمود شاكر) عمدتي، وعند الاختلاف، والإبهام، أرجع إلى كتب الرجال والحديث، وخاصة " تاريخ الأمم والملوك "، و " تهذيب الآثار "، و " صريح السنة " وكلها للإمام للطبري.
وعند تصحيح اسم مصحف، أو محرف: أو إثبات اسم ساقط، أو التصريح بمبهم، أسوق ما أقف عليه من شواهد، تدلل على صحة ما ذهبت إليه من كتب الحديث، والآثار، وغيرها من كتب التفسير، أو: الفقه، أو: الرجال تارة أخرى، والتي ساقت ذلك الأثر، بأسانيد أصحابها تارة، أو من كتب الطبري نفسه، " كالتاريخ "، و " تهذيب الآثار "، و" صريح السنة ". وكل ذلك اجتهاد، يحتمل الخطأ والصواب، راجين من الله التسديد والأجر وحسن الثواب!.
وقد قسمت الكتاب إلى خمسة أقسام، تصلح أن تسمى أيضا أربعة كتب ويتمم بعضها بعضا، وسميتها:
1 -
" معجم شيوخ الطبري الذين روى عنهم، في " التفسير "، و" التاريخ، " وتهذيب الآثار "، و" صريح السنة " وهو هذا الذي تقرأ مقدمته الآن
2 -
" المعجم الكبير في تراجم رواة الطبري ابن جرير ". وهو دراسة وترجمة مفصلة لكل رجل أو امرأة - على قلتهن - ورد اسمه، أو اسمها في أسانيد
كتب الطبري المطبوعة، البالغة أكثر من (45000) أثرا: من غير تراجم أسماء الصحابة، وقد نسجت فيه على منوال " تحفة الأشراف " و" تهذيب الكمال " للحافظ المزي وقد جاوز عدد تراجمه 7000 ترجمة.
3 -
" المعجم الصغير لرواة الطبري ابن جرير "، وهو تراجم مختصرة جدا للرواة الذين وردت أسماؤهم في الكتابين السابقين، وقد نسجت فيه على منوال ونسق " الكاشف " للحافظ الذهبي، و" تقريب التهذيب " للحافظ ابن حجر، و" طبقات الحفاظ " للسيوطي. وقد طبعت منه جزءا يسيرا في نحو سبعين صفحة، اشتملت على نحو مائة وألف ترجمة وهو بين أيدي إخواننا من طلبة العلم منذ سنوات ونسأل الله أن ييسر لنا تمامه.
4 -
" الجامع الحثيث في أخبار أهل الحديث في القرنين الثاني والثالث " وهو كتاب تربوي جمعت فيه أخبار أهل الحديث وبعض قصصهم، ونتفا من سيرهم التي وقفت على بعضها في تراجمهم، مما لا تعلق له بالجرح والتعديل، وقد قسمته على أكثر من خمسين بابا ونسأل الله أن ييسر لنا تمامه أيضا.
5 -
تحقيق " جامع البيان في تأويل القرآن " بترقيم مضبوط، وبضبط النص وتصحيح الأخطاء، والتصحيفات، وتخريج الأحاديث، وعزو التراجم إلى الكتب السابقة، والحكم على الأسانيد، جملة وتفصيلا، وذلك بالتعاون مع فضيلة الأخ أبي عبيدة، مشهور بن حسن آل سلمان، الذي سعى حثيثا لتحصيل وتصوير بعض مخطوطات هذا " التفسير " جزاه الله خير الجزاء.
منهج الترجمة في الكتاب:
وقد انتهجت في الكتاب - بأقسامه الخمسة - منهج الأولين، والسلف