الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتحدث المصافحة في العرس بشكل لافت، خصوصا وأن أقارب العريس يهنئون بعضهم بعضا، الرجال والنساء.
وأكثر من ذلك عندما يدخل أهل العروس لإعطاء العروس هدية العرس وهو ما يسمى عند الناس: النقوط.
فلا يتورع أكثر الناس في وضع أيديهم في يد العروس، ولا شك أن هذا من المنكرات.
وصارت هذه الظاهرة ولله الحمد تتناقص شيئا فشيئا في المجتمع، لوعي الناس وتوجههم السليم نحو الحق، فصار العديد لا يقبل أن يدخل أحد عند ابنته.
وكذلك العريس المتدين لا يقبل أن يدخل الرجال عند عروسه.
وصاروا يضعون المبلغ في ظرف، مكتوب عليه اسم الواضع.
المطلب السادس: الغناء والموسيقى
.
بدون أدنى شك أن من الآفات الكبيرة التي ابتلي بها الناس جميعا، وأهل الدين خاصة في هذا العصر، أكثر من غيره من العصور.
هو ذاك الذي يفسد القلوب ويدمر القيم، ويشحذ الشهوات الكامنة
في النفوس، ويهيج الفتن ويتنافى مع روح الإسلام، وجدية أهله، وسكينة جوارحهم، ووقار قلوبهم ألا وهو:
الغناء المحرم المصحوب بآلات اللهو والمعازف، الذي تخالطه الكلمات التافهة ذات المعاني الخبيثة، والذي ألفه كثير من الناس واعتادوه، بل وصار من ضرورات الأفراح (1) التي لا يكاد يخلو منه حتى فرح أهل الدين في هذا الزمن إلا من رحم الله تعالى.
وصارت النفوس تراه وكأنه لا إثم فيه، عدا عن كونه من حاجات الحياة الأساسية كما يظن البعض (2).
فكيف إذا صاحب الغناء الماجن، النظر إلى المغنيات العاريات،
(1) تعدت مسألة الغناء الأعراس، وصارت في كل حفلة وفي كل فرح، صغير أو كبير.
ففي نجاح الطالب في الثانوية العامة، أو عند نجاحه في الجامعة، فإن أكثر الطلاب يشكرون ربهم (إلا من رحم الله) بسماع الموسيقى وإحضار السماعات الضخمة (فيما يسمى ب: الدي جي) لإزعاج الناس وإسماعهم الكلمات التافهة.
حتى حدثني من أثق به: أن رجلا في قريتهم أراد الذهاب للحج فعملوا له حفلة موسيقية صاخبة وداعا له.
وأظن أنه ما بقي إلا الميت أن يعملوا له حفلة موسيقية قبل دفنه!!
وليس هذا ببعيد لأنه يفعل في المراسم العسكرية عند دفن الجنود.
(2)
ينجر البعض كما سمعنا منهم وراء من يحاول أن يبين لهم أن الغناء وسماع الموسيقى سبب لراحة الأعصاب وهدوء البال، وحسن التفكير.
حتى كادت هذه الموسيقى أن تسيطر على حياتهم، فلا يدرس الواحد منهم إلا على إيقاع الموسيقى، وآخر لا يستطيع العمل إلا بسماع الأغاني الصاخبة، ولا يحلو لسائق السيارة إلا سماع تلك المغنيات الفاجرات، فالله المستعان.
والراقصات الهابطات، عدا عن التمايل والتقصع في الكلام بما يثير الشهوات ويهيج النفوس، فما أعظمها من فتنة وما أشدها من بلية.
والأدهى من ذلك أن أهل الغناء صاروا هم صانعوا الأمجاد لهذه الأمة، وتكتب الصحف اليومية عن أخبار هؤلاء، وتتسابق الفضائيات لاستضافتهم، ويحضر لقاءاتهم الملايين من الناس.
حتى صاروا هم القدوة والأسوة الذين يحتذى بأفعالهم، ويسمع لأقوالهم، وتعلق صورهم في البيوت، بل وعلى الملابس، والبعض يضعه في محفظته الشخصية، حتى ينظر إليها كل ساعة، ويديم النظر لعله أن يصبح مثله.
وقد يدفع البعض المبالغ الطائلة لرؤية هؤلاء، وطلب توقيعهم، وشراء الأشرطة الخاصة بهم.
فيا لهم من رجال يريدون بناء مجد لأمتهم وهم معجبون بهؤلاء الفساق من الناس، الذين يدمرون أخلاق الشباب.
وحدث عن الأموال التي تنفق في سبيل الشيطان عندما يقوم الناس بإحضار هذه الفرق الموسيقية.
فبعض هذه الفرق تصل تكاليفها إلى ما يقارب ثلاثة آلاف دينار أردني وأكثر.
ألم يجد هؤلاء من الفقراء من يعطوه شيئا من هذا المال؟
ولم يجدوا من المساجد ما ينفقونها عليها، أو حتى على أنفسهم وأهليهم بالحلال، ولكن كما قال سبحانه:«فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (الحج: 46)» .
وأخشى عليهم أن يكونوا من: «الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (الكهف: 104)» .
لأن هذا الغناء الفاحش يكون من أولى أولوياتهم، وكذا أولويات
العروس وأهلها، ويصل الأمر كما علمنا إلى المشاجرة بين العريس وأصهاره، على اسم الفرقة، أو المغني الذي يحضرونه في هذه الحفلة.
ويصل الأمر في ذلك إلى التنافس فيما بين الناس، أيهم يُحضر المغني الأشهر، والأكثر تكلفة.
وقد ورد في ديننا من الأدلة ما يقطع القول بحرمة الغناء وسماع الموسيقى، مما لا يجعل مجالا لأحد أن يتمسك بقول من قال بحله من العلماء (1).
(1) ينبغي على الإنسان أن يكون الحق أحب إليه من الرجال، فإذا سمع ما يقتضي التحريم من قرآن، أو حديث أن يقول: سمعنا وأطعنا كما هو حال المؤمنين الذين مدحهم الله في كتابه، دون البحث عن فتوى توافق مزاجه وهواه، وتناسب ما سيقوم به في فرحه.
وفي المقابل لا يجوز لنا أن نسب على هؤلاء العلماء، أو أن نتهمهم في دينهم، فلكل جواد كبوة، وقد أخطأ العلماء القدامى في مسائل كثيرة قد لا يقع في بعضها طالب علم مبتدئ، فلا شك أن كل ابن آدم خطاء.
ولا بد من كلمة حق هنا: لأن الكثير من طلاب العلم نراهم والأمر يصل بهم إلى مسبة هؤلاء العلماء الذين أباحوا سماع الموسيقى، فأنا أقول:
هل لهؤلاء العلماء من أغراض دنيوية يجنوها من هذه الفتاوى؟ الجواب: قطعا لا.
وليست هذه بالفتوى السياسية التي تخدم هوى الحاكم، حتى يتهموا بذلك.
فبقي الأمر أن هؤلاء العلماء يبحثون عن الحق، فهم معذورون.
والمشكلة في أهل الهوى من الناس أنهم لا يأخذون الفتوى كما تخرج من العالم، بل ويكذبون عليها ألف كذبة كحال الشيطان عندما يسترق السمع من السماء.
فإذا سمع الناس بفتوى تبيح الغناء أخذوها على إطلاقها، ولا يكلف الواحد منهم نفسه بالنظر إلى الفتوى، فإنهم يأخذون طرف الفتوى ويزيدون عليها= = التبرج والاختلاط وربما شربوا الخمور في هذه الحفلة كل ذلك لأن الفتوى تبيح لهم سماع الموسيقى.
فأي غناء أباحته الفتوى؟
أهو الغناء الذي يهدم الأخلاق ويزعزع القيم؟
أم هو الغناء الذي يحتوي على كلمات كفرية هدامة؟
ويا ليت طلاب العلم الصغار أمثالنا أن يتنبهوا من هفوات العلماء، ولا يقولوا بقول من أخطأ منهم.
فقبل أن يصدر الإنسان الفتوى فعليه أن يعلم أنه قد يكون الحظر أولى من الإباحة، وإن كان ترجح لديك الإباحة بالأدلة لأن الإباحة قد تجر ما هو محظور.
ملاحظة: كتبت الصحافة وتناقلت وسائل الإعلام أنه بعد فتوى الطنطاوي بإباحة فوائد البنوك قد سكبت مئات الملايين من الأموال في البنوك.
فكثير من الناس يريدون طرف خيط ليقعوا في الحرام بفتوى يتعلقون بها توافق أهواءهم ورغباتهم.
وأنا أرى أن القول بحل الغناء: يجلب على الشباب الدمار الذي ما بعده عمار، لما نراه من تعلقهم به تعلقا كبيرا حتى أفقدهم كثيرا من أمور حياتهم المهمة.
حدثني شاب: أنه لم يصبر بعد وفاة والده إلا ثلاثة أيام (أيام العزاء): وفي اليوم الرابع كان يسمع الأغاني.
فهل يكون حاله إلا كحال مدمن الخمر؟ ولكنه مدمن: غناء.
فكيف لو قلنا لهذا: إن الغناء حلال، بل وينعش القلب، ماذا سيكون حاله؟