الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واقتصر الأمر كما هو مشاهد اليوم على توزيع السجائر على الحضور.
فليحذر الناس من هذا المنكر!!
المطلب العاشر: المنكرات في وليمة العرس
وليمة العرس من السنن النبوية الباقية في أكثر أفراح المسلمين، رغم أن البعض يحاول إقصاءها واستبدالها بعادات مستوردة.
فيكتفي البعض بالذهاب إلى القاعة، وتوزيع المشروبات وشيء من الحلوى، ظنا منه أنه بذلك يوفر شيئا من المال بإقصاء الوليمة، فيجد نفسه أنه قد أسرف أكثر من المال الذي سيضعه في الوليمة.
ولو عرف هذا وأمثاله السنة وفهمها الفهم الحق لما تضايق منها.
فالوليمة سنة (1) دل على سنيتها أحاديث كثيرة، منها:
الحديث المشهور الذي رواه البخاري: 4769، ومسلم: 2556 من
(1) ذهب جمهور أهل العلم إلى أنها سنة، ونقل الشوكاني عن بعض العلماء القول بوجوبها، منهم: الإمام مالك. نيل الأوطار: 6/ 206.
ثم وجدت الشيخ الألباني يقول بوجوبها، فإنه قال:
وجوب الوليمة:
ولا بد له من عمل وليمة بعد الدخول لأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف بها كما يأتي ولحديث بريدة ابن الحصيب قال: لما خطب علي فاطمة رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لا بد للعرس (وفي رواية للعروس) من وليمة».
رواه أحمد والطبراني والطحاوي. وإسناده كما قال الحافظ في الفتح: «لا بأس به» آداب الزفاف: ص72.
حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ (1) مِنْ ذَهَبٍ قَالَ: فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ».
ويبدو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بذلك لأنه كان يعرف أن عبد الرحمن كان غنيا يستطيع أكثر من ذلك.
وإلا فإن الوليمة تجوز باللحم وغيره من أنواع الطعام، لأن «النبي صلى الله عليه وسلم قد أولم على بعض نسائه بمدين من شعير» رواه البخاري:4774.
فالوليمة المراد بها شكر الله تعالى على نعمة الزواج، وإكرام المسلمين، وليس إرهاق العريس وأهله.
وقد قيدت الوليمة اليوم بأمرين:
أنها تكون في يوم العرس، أو قبله بيوم في معظم الأعراس.
لا تصح الوليمة عند الناس إلا أن يشبعهم من اللحم وتوابعه.
مما جعل الأمر مرهقا على العريس وأهله، وهذا قد يؤدي إلى كراهية السنة عند بعض الناس لسوء فهمهم لها، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
(1) أثر صفرة: أثر الطيب.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: النَّوَاة اِسْم لِقَدْرٍ مَعْرُوف عِنْدهمْ فَسَّرُوهَا بِخَمْسَةِ دَرَاهِم مِنْ ذَهَب. قَالَ الْقَاضِي: كَذَا فَسَّرَهَا أَكْثَر الْعُلَمَاء.
وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل: هِيَ ثَلَاثَة دَرَاهِم وَثُلُث.
وَقِيلَ: الْمُرَاد نَوَاة التَّمْر أَيْ وَزْنهَا مِنْ ذَهَب، وَالصَّحِيح الْأَوَّل.
شرح النووي على مسلم: 9/ 214.
أضف إلى ذلك أنه يطعم الناس المدعوين للعرس جميعا، صغيرهم وكبيرهم (1)، وهذا قد يكون فيه من المشقة ما فيه أيضا.
فالحل في ذلك لمن كان لا يقدر على ذلك: أن يطعم ما استطاع من أهله والفقراء أو حتى الأغنياء من الأتقياء، سواء قبل العرس أو بعده.
وقد تكلم الشيخ الألباني (2) أن السنة في الوليمة أن تكون بعد العرس، وساق حديث أنس، قال:"بَنَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِامْرَأَةٍ فَأَرْسَلَنِي فَدَعَوْتُ رِجَالًا إِلَى الطَّعَامِ" رواه البخاري: 4772.
وبهذا يكون قد حلت عقدة: إلزام الإطعام بما قبل العرس، أو في يومه، والعدد الذي يحضر الوليمة دون الحديث عن إقصاء هذه السنة، أو حتى الخوض في ذلك.
وإن كنا نتحدث عن ترتيب لهذه السنة لتثبيتها، إلا أن الواقع يشهد أن في هذه الولائم بعض المنكرات، منها:
1 -
الإسراف الزائد في الولائم: ولا نقصد بالإسراف الزائد إطعام
(1) عادة الناس اليوم إن كان العرس في قرية أطعم أهل القرية جميعا، أو أكثرهم، وإن كان في المدينة كان عنده العدد الذي لا يستهان به من المدعوين.=
= مما قد يكلف أكثر من طبخ عجلين، وقد حدثنا عن بعض الأعراس أنهم طبخوا: 110 رؤوس من الغنم، ويحدث من أمثال هذا الكثير في أفراح البدو.
(2)
آداب الزفاف: ص73.
العدد الكبير من الناس، لأن الغني الموسر الأولى له أن يُطعِم، وإنما نقصد: ذاك الطعام الزائد الذي يكب في النفايات بعد العرس.
وقد يحدث الخطأ في تقدير عدد الحضور فيزيد الطعام عند أهل العرس.
فماذا ينبغي أن يفعلوا به؟.
ينبغي أن يوزع على الفقراء، فليس هناك منطقة تخلو من الفقراء والمساكين.
وعموما فقد نهانا الله عن الإسراف، فقال سبحانه:«وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (الأعراف: 31)» .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" كلوا واشربوا وتصدقوا في غير سرف ولا مخيلة إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده» رواه الحاكم: 7188، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد.
2 -
دعوة الأغنياء دون الفقراء: فيقوم أهل الفرح غالبا بالاهتمام بمن هو ليس بحاجة إلى ذلك الطعام من الأغنياء وأهل الجاه والسلطان، ويهملون الفقراء الذين لربما لا يعرفون هذا الطعام في بيوتهم إلا في الأعياد.
وقد جاء التحذير من ذلك: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ، وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم» رواه البخاري: 4779.
وفي صحيح مسلم: 2586، من حديث أبي هريرة: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا، وَيُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا، وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» .