الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ مَا أَحْدَثُوهُ مِنَ الْبِدَعِ فَهُوَ مُنْكَرٌ، وَمَا أَحْدَثَهُ مَنْ يُقَابِلُ بِالْبِدْعَةِ الْبِدْعَةَ، وَيُنْسَبُ إِلَى السُّنَّةِ، هُوَ أَيْضًا مُنْكَرٌ مُبْتَدَعٌ. وَالسُّنَّةُ مَا سَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ بَرِيَّةٌ مِنْ كُلِّ بِدْعَةٍ، فَمَا يُفْعَلُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مِنِ اتِّخَاذِهِ عِيدًا بِدْعَةٌ أَصْلُهَا مِنْ بِدَعِ النَّوَاصِبِ، وَمَا يُفْعَلُ مِنِ اتِّخَاذِهِ مَأْتَمًا بِدْعَةٌ أَشْنَعُ مِنْهَا، وَهِيَ مِنَ الْبِدَعِ الْمَعْرُوفَةِ فِي الرَّوَافِضِ، وَقَدْ بَسَطْنَا هَذِهِ الْأُمُورَ س، ب. . . الْأُمُورَ وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ. .
[فصل قال الرافضي السادس أن عليا رضي الله عنه كان مستجاب الدعوة والرد عليه]
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ (1) : " السَّادِسُ أَنَّهُ كَانَ مُسْتَجَابَ الدُّعَاءِ (2) . دَعَا عَلَى بُسْرِ بْنِ أَرْطَأَةَ (3) بِأَنْ يَسْلُبَهُ اللَّهُ عز وجل عَقْلَهُ فَخُولِطَ فِيهِ، وَدَعَا عَلَى الْعَيْزَارِ (4) بِالْعَمَى فَعَمِيَ، وَدَعَا عَلَى أَنَسٍ (5) لَمَّا
(1) فِي (ك) ص 188 (م) - 189 (م) .
(2)
م: الدَّعْوَةِ.
(3)
ن، م، س، ك: بِشْرَ بْنَ أَرْطَاهْ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) وَهُوَ الصَّوَابُ. وَهُوَ عُمَيْرُ بْنُ عُوَيْمِرِ بْنِ عِمْرَانَ. تَرْجَمَتُهُ فِي " الْإِصَابَةِ 1/152 وَقَالَ: " بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ أَوِ ابْنُ أَبِي أَرْطَاةَ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَنْ قَالَ: ابْنُ أَبِي أَرْطاةَ فَقَدْ وَهِمَ " طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ 7/409، تَهْذِيبَ التَّهْذِيبِ 1/435 - 436، الْأَعْلَامَ 2/23 وَوَفَاتُهُ فِيهِ سَنَةَ 23) .
(4)
ك: الْغَيْزَارِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ وَهُوَ الْعَيْزَارِ بْنِ الْأَخْنَسِ، ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ 5/89 (ط. الْمَعَارِفِ) .
(5)
ك: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
كَتَمَ شَهَادَتَهُ بِالْبَرَصِ فَأَصَابَهُ، وَعَلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ بِالْعَمَى فَعَمِيَ " (1) .
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا مَوْجُودٌ فِي الصَّحَابَةِ أَكْثَرُ مِنْهُ، وَمِمَّنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ، مَا دَامَ فِي الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ. وَكَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ لَا تُخْطِئُ لَهُ دَعْوَةٌ، وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" «اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَتَهُ وَأَجِبْ دَعْوَتَهُ» "(2) . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا أَرْسَلَ إِلَى الْكُوفَةِ مَنْ يَسْأَلُ عَنْ سَعْدٍ، فَكَانَ النَّاسُ يُثْنُونَ خَيْرًا، حَتَّى سُئِلَ عَنْهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْسٍ فَقَالَ: أَمَّا إِذْ أَنْشَدْتُمُونَا سَعْدًا، فَكَانَ لَا يَخْرُجُ فِي السَّرِيَّةِ، وَلَا يَعْدِلُ فِي الرَّعِيَّةِ، وَلَا يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ. فَقَالَ سَعْدٌ:" اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِبًا، قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَأَطِلْ عُمْرَهُ، وَعَظِّمْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ " فَكَانَ يُرَى وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، تَدَلَّى حَاجِبَاهُ مِنَ الْكِبَرِ، يَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي يَغْمِزُهُنَّ فِي الطُّرُقَاتِ، وَيَقُولُ:" شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ "(3) .
(1) ك: - فَعَمِيَ، وَدَعَا عَلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ بِعَمَى قَلْبِهِ بَعْدَمَا كَانَ قَدْ عَمِيَ، وَكَانَ فِي زُقَاقِ مَكَّةَ بِلَا عَصًا، فَلَمَّا دَعَا لَمْ يَعُدْ (فِي الْأَصْلِ: لَمْ يَجِدْ) يَهْتَدِي طَرِيقًا.
(2)
الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه فِي: الْمُسْتَدْرَكِ 3/500. وَقَالَ الْحَاكِمُ: " هَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ هَانِئِ بْنِ خَالِدٍ الشَّجَرِيِّ، وَهُوَ شَيْخٌ ثِقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ " وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.
(3)
الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 1/147 كِتَابُ الْأَذَانِ بَابُ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا.) مُسْلِمٍ 1/334 - 335 (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ) سُنَنِ النَّسَائِيِّ 2/135 (كِتَابُ الِافْتِتَاحِ، بَابُ الرُّكُودِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/264.
وَكَذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، كَانَ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ. فَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَرْوَى بِنْتَ أَوْسٍ اسْتَعْدَتْ مَرْوَانَ عَلَى سَعِيدٍ، وَقَالَتْ:" سَرَقَ مِنْ أَرْضِي مَا أَدْخَلَهُ فِي أَرْضِهِ " فَقَالَ سَعِيدٌ: " اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَأَذْهِبْ بَصَرَهَا، وَاقْتُلْهَا فِي أَرْضِهَا " فَذَهَبَ بَصَرُهَا، وَمَاتَتْ فِي أَرْضِهَا (1) .
وَالْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ كَانَ يُقْسِمُ عَلَى اللَّهِ فَيَبَرُّ قَسَمَهُ، كَمَا فِي الصَّحِيحِ:" «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، مِنْهُمُ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ» "(2) .
وَالْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ، نَائِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ نَائِبُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى الْبَحْرَيْنِ، مَشْهُورٌ بِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ. رَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا بِإِسْنَادِهِ، قَالَ سَهْمُ بْنُ مِنْجَابٍ: غَزَوْنَا مَعَ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ دَارِينَ (3) ، فَدَعَا بِثَلَاثِ دَعَوَاتٍ، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ فِيهِنَّ كُلِّهِنَّ، قَالَ: سِرْنَا مَعَهُ، وَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، وَطَلَبْنَا الْوُضُوءَ، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَا اللَّهَ، فَقَالَ: اللَّهُ يَا عَلِيمُ يَا حَكِيمُ، يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ، إِنَّا عَبِيدُكَ، وَفِي سَبِيلِكَ نُقَاتِلُ عَدُوَّكَ، فَاسْقِنَا غَيْثًا نَشْرَبُ مِنْهُ
(1) الْحَدِيثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه فِي: مُسْلِمٍ 3/1230 - 1231 (كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ، بَابُ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ وَغَصْبِ الْأَرْضِ وَغَيْرِهَا) وَجَاءَ الْحَدِيثُ مُخْتَصَرًا فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) الْأَرْقَامُ 1640 - 1649.
(2)
سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/482.
(3)
قَالَ يَاقُوتٌ فِي " مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ " دَارِينُ فُرْضَةٌ بِالْبَحْرَيْنِ يُجْلَبُ إِلَيْهَا الْمِسْكُ مِنَ الْهِنْدِ، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا دَارِيٌّ. . . وَفِي كِتَابِ " سَيْفٍ " أَنَّ الْمُسْلِمِينَ اقْتَحَمُوا إِلَى دَارِينَ الْبَحْرَ مَعَ الْعَلَاءِ الْحَضْرَمِيِّ فَأَجَازُوا ذَلِكَ الْخَلِيجَ بِإِذْنِ اللَّهِ. . . وَإِنَّ مَا بَيْنَ السَّاحِلِ وَدَارِينَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِسَفَرِ الْبَحْرِ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ ".
وَنَتَوَضَّأُ مِنَ الْإِحْدَاثِ، وَإِذَا تَرَكْنَاهُ فَلَا تَجْعَلْ فِيهِ نَصِيبًا لِأَحَدٍ غَيْرِنَا. قَالَ: فَمَا جَاوَزْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ، فَإِذَا نَحْنُ بِبِئْرٍ مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ تَتَدَفَّقُ. قَالَ: فَنَزَلْنَا فَرَوَيْنَا (1) ، وَمَلَأْتُ إِدَاوَتِي (2)، ثُمَّ تَرَكْتُهَا وَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ هَلِ اسْتُجِيبَ لَهُ؟ فَسِرْنَا مِيلًا أَوْ نَحْوَهُ، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي: إِنِّي نَسِيتُ إِدَاوَتِي (3) ، فَجِئْتُ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، فَكَأَنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاءٌ قَطُّ، فَأَخَذْتُ إِدَاوَتِي (4) ، فَلَمَّا أَتَيْتُ دَارِينَ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الْبَحْرُ، فَدَعَا لِلَّهِ فَقَالَ: اللَّهُ يَا عَلِيمُ يَا حَكِيمُ، يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ، إِنَّا عَبِيدُكَ وَفِي سَبِيلِكَ نُقَاتِلُ عَدُوَّكَ، فَاجْعَلْ لَنَا سَبِيلًا إِلَى عَدُوِّكَ. ثُمَّ اقْتَحَمَ بِنَا (5) الْبَحْرَ، فَوَاللَّهِ مَا ابْتَلَّتْ سُرُوجُنَا، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا رَجَعْنَا اشْتَكَى الْبَطْنَ فَمَاتَ، فَلَمْ نَجِدْ مَاءً نُغَسِّلُهُ، فَلَفَفْنَاهُ فِي ثِيَابِهِ، فَدَفَنَّاهُ، فَلَمَّا سِرْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ إِذَا نَحْنُ بِمَاءٍ كَثِيرٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ارْجِعُوا نَسْتَخْرِجْهُ فَنُغَسِّلْهُ، فَرَجَعْنَا فَخَفِيَ عَلَيْنَا قَبْرُهُ، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَدْعُو اللَّهَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ يَا عَلِيمُ يَا حَكِيمُ، يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ، اخْفِ حُفْرَتِي، وَلَا تُطْلِعْ عَلَى عَوْرَتِي أَحَدًا، فَرَجَعْنَا وَتَرَكْنَاهُ (6) .
وَقَدْ كَانَ عُمَرُ دَعَا بِدَعَوَاتٍ أُجِيبَ فِيهَا، مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا نَازَعَهُ بِلَالٌ وَطَائِفَةٌ مَعَهُ فِي الْقِسْمَةِ - قِسْمَةِ الْأَرْضِ - فَقَالَ:" اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِلَالًا وَذَوِيهِ " فَمَا حَالَ الْحَوْلُ وَمِنْهُمْ عَيْنٌ تَطَرِفُ (7) .
(1) ن، م، س: فَتَرَوَّيْنَا.
(2)
م: إِدَاوِينَا، س، ب: أَدَوَاتِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(3)
س، ب: أَدَوَاتِي.
(4)
س، ب: أَدَوَاتِي.
(5)
س، ب، مَعَنَا.
(6)
ذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " صِفَةِ الصَّفْوَةِ " 1/290 (ط. حَيْدَرَ آبَادَ، 1355) .
(7)
سَبَقَ ذِكْرُ هَذَا الْخَبَرِ فِيمَا مَضَى.