الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هُوَ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى عَلِيٍّ، وَأَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَدَّعِ هَذَا قَطُّ، لَا فِي خِلَافَةِ الثَّلَاثَةِ وَلَا لَيَالِي صِفِّينَ. وَقَدْ كَانَتْ لَهُ مَعَ مُنَازِعِيهِ مُنَاظَرَاتٌ وَمَقَامَاتٌ، مَا ادَّعَى هَذَا قَطُّ، وَلَا ادَّعَاهُ أَحَدٌ لَهُ. وَقَدْ حَكَّمَ الْحَكَمَيْنِ، وَأَرْسَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ لِمُنَاظَرَةِ الْخَوَارِجِ، فَذَكَرُوا فَضَائِلَهُ وَسَوَابِقَهُ وَمَنَاقِبَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَطُّ أَنَّهُ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا مِمَّا تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، بِدُونِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِنَقْلِهِ لَوْ كَانَ حَقًّا، فَكَيْفَ مَعَ هَذِهِ الْأَسْبَابِ؟ !
فَلَمَّا رَوَوْا فَضَائِلَهُ وَمَنَاقِبَهُ، كَقَوْلِهِ عليه السلام:" «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، [وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» ] "(1) .
وَكَقَوْلِهِ عَامَ تَبُوكَ: " «أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» "(2) .
وَقَوْلُهُ: " «أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ» "(3) ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ فَضَائِلِهِ، وَلَمْ يَرْوُوا هَذَا مَعَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إِلَى ذِكْرِهِ [وَلَا ادَّعَاهُ عَلِيٌّ قَطُّ مَعَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إِلَى ذِكْرِهِ](4) - عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا افْتَرَاهُ الْكَذَّابُونَ.
[فصل قال الرافضي الثامن قتل علي لكفار الجن والرد عليه]
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ (5) : " الثَّامِنُ: مَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا خَرَجَ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ ; حَيْثُ خَرَجُوا عَنِ
(1) وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) وَتَقَدَّمَ الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ 4/289.
(2)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/501 وَأَوَّلُهُ هُنَاكَ: وَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ. . . . 5/42.
(3)
تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ 4/34
(4)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوقَتَيْنِ فِي (م) فَقَطْ.
(5)
فِي (ك) ص 189 (م) .
الطَّرِيقِ (1) ، وَأَدْرَكَهُ اللَّيْلُ، بِقُرْبِ (2) وَادٍ وَعْرٍ، فَهَبَطَ جِبْرِيلُ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ (3) طَائِفَةً مِنْ كُفَّارِ الْجِنِّ قَدِ اسْتَبْطَنُوا الْوَادِيَ يُرِيدُونَ كَيْدَهُ وَإِيقَاعَ الشَّرِّ بِأَصْحَابِهِ، فَدَعَا بِعَلِيٍّ وَعَوَّذَهُ، وَأَمَرَهُ (4) بِنُزُولِ الْوَادِي، فَقَتَلَهُمْ» ".
وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ أَوَّلًا: عَلِيٌّ أَجَلُّ قَدْرًا مِنْ هَذَا، وَإِهْلَاكُ الْجِنِّ مَوْجُودٌ لِمَنْ هُوَ دُونَ عَلِيٍّ، لَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَكْذُوبَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى عَلِيٍّ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، وَلَمْ يَجْرِ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا.
وَقَوْلُهُ: " إِنَّ هَذَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ " إِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ بِإِسْنَادٍ ثَابِتٍ، أَوْ فِي كِتَابٍ يُعْتَمَدُ عَلَى مُجَرَّدِ نَقْلِهِ، أَوْ صَحَّحَهُ مَنْ يَرْجِعُ إِلَى تَصْحِيحِهِ - فَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَإِنْ أَرَادَ [أَنَّ](5) جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ رَوَوْهُ فَهَذَا كَذِبٌ. وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ رَوَاهُ مَنْ لَا يَقُومُ بِرِوَايَتِهِ حُجَّةٌ، فَهَذَا لَا يُفِيدُ.
وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَا يُرْوَى أَنَّهُ قَاتَلَ الْجِنَّ فِي بِئْرِ ذَاتِ الْعَلَمِ، وَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.
(1) ك: جُنِّبَ عَنِ الطَّرِيقِ.
(2)
ك:. . اللَّيْلُ فَنَزَلَ بِقُرْبِ.
(3)
ك: جِبْرَئِيلَ عليه السلام آخِرَ اللَّيْلِ وَأَخْبَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - أَنَّ. .
(4)
ن، س: وَأَمَرَهُمْ، م فَأَمَرَهُمْ، ك: وَأَمَرَ.
(5)
أَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (س) .
وَعَلِيٌّ أَجَلُّ قَدْرًا مِنْ أَنْ تَثْبُتَ الْجِنُّ لِقِتَالِهِ، وَلَمْ يُقَاتِلْ أَحَدٌ مِنَ الْإِنْسِ الْجِنَّ، بَلْ كَانَ [الْجِنُّ](1) الْمُؤْمِنُونَ يُقَاتِلُونَ الْجِنَّ الْكُفَّارَ.
وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَبُو الْبَقَاءِ خَالِدُ بْنُ يُوسُفَ النَّابُلْسِيُّ رحمه الله سَأَلَهُ بَعْضُ الشِّيعَةِ عَنْ قِتَالِ عَلِيٍّ (2) الْجِنَّ، فَقَالَ: أَنْتُمْ مَعْشَرَ الشِّيعَةِ لَيْسَ لَكُمْ عَقْلٌ، أَيُّمَا أَفْضَلُ عِنْدَكُمْ: عُمَرُ أَوْ عَلِيٌّ؟ فَقَالُوا: بَلْ عَلِيٌّ. فَقَالَ: إِذَا كَانَ الْجُمْهُورُ يَرْوُونَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ: " «مَا رَآكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ» "(3) فَإِذَا كَانَ الشَّيْطَانُ يَهْرُبُ مِنْ عُمَرَ، فَكَيْفَ يُقَاتِلُ عَلِيًّا؟ !
وَأَيْضًا فَدَفْعُ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ وَإِهْلَاكُهُمْ مَوْجُودٌ لِكَثِيرٍ مِنْ أَتْبَاعِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَفِي ذَلِكَ قِصَصٌ يَطُولُ وَصْفُهَا.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ " الْمَوْضُوعَاتِ " حَدِيثًا طَوِيلًا فِي مُحَارَبَتِهِ لِلْجِنِّ، وَأَنَّهُ كَانَ فِي الْحَجِّ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَنَّهُ حَارَبَهُمْ بِبِئْرِ ذَاتِ الْعَلَمِ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّامِرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ السَّكُونِيُّ، حَدَّثَنَا عِمَارَةُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ إِلَى مَكَّةَ أَصَابَ النَّاسَ عَطَشٌ شَدِيدٌ وَحُرٌّ شَدِيدٌ، فَنَزَلَ
(1) الْجِنُّ: زِيَادَةٌ فِي (ب) فَقَطْ وَإِثْبَاتُهَا تَسْتَقِيمُ بِهِ الْعِبَارَةُ.
(2)
عَلِيٍّ: فِي (ن) فَقَطْ.
(3)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 6/55.
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (* الْحُجْفَةَ مُعَطَّشًا وَالنَّاسُ عِطَاشٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم *)(1) : " هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَمْضِي فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَعَهُمُ الْقِرَبُ فَيَرِدُونَ بِئْرَ (2) ذَاتِ الْعَلَمِ، ثُمَّ يَعُودُ، يَضْمَنُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجَنَّةَ؟ "
فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِيهِ أَنَّهُ بَعَثَ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ فَفَزِعَ مِنَ الْجِنِّ فَرَجَعَ، ثُمَّ بَعَثَ آخَرَ وَأَنْشَدَ شِعْرًا، فَذُعِرَ مِنَ الْجِنِّ فَرَجَعَ، ثُمَّ أَرْسَلَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَنَزَلَ الْبِئْرَ وَمَلَأَ الْقِرَبَ بَعْدَ هَوْلٍ شَدِيدٍ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: الَّذِي هَتَفَ بِكَ مِنَ الْجِنِّ هُوَ سَمَاعَةُ بْنُ غُرَابٍ (3) الَّذِي قَتَلَ عَدُوَّ اللَّهِ مِسْعَرًا شَيْطَانَ الْأَصْنَامِ الَّذِي يُكَلِّمُ قُرَيْشًا مِنْهَا، وَفَزِعَ مِنْ هِجَائِي» .
ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ: " وَهَذَا الْحَدِيثُ مَوْضُوعٌ مُحَالٌ، وَالْفُنَيْدُ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَالسَّكُونِيُّ مَجْرُوحُونَ. قَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْأَوْدِيُّ: وَعِمَارَةٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ "(4) .
قُلْتُ: وَكُتُبُ ابْنِ إِسْحَاقَ الَّتِي رَوَاهَا عَنْهُ النَّاسُ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ هَذَا.
(1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (س)، (ب) وَمَكَانُهُ فِيهِمَا: فَقَالَ: هَلْ. . .
(2)
ن، س: بِبِئْرِ
(3)
ب: سَمَاعَةُ بْنُ عُزَابٍ.
(4)
لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ " الْمَوْضُوعَاتِ " مَعَ طُولِ بَحْثِي فِيهِ، وَلَعَلَّ نُسْخَةَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ مِنَ الْكِتَابِ كَانَتْ فِيهَا زِيَادَاتٌ سَاقِطَةٌ مِنَ النُّسَخِ الَّتِي بَيْنَ أَيْدِينَا.