الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل قال الرافضي التاسع حديث رد الشمس لعلي رضي الله عنه والرد عليه]
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ (1) : " التَّاسِعُ: رُجُوعُ الشَّمْسِ لَهُ مَرَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَالثَّانِيَةُ: بَعْدَهُ. أَمَّا الْأُولَى فَرَوَى جَابِرٌ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ (2) يَوْمًا يُنَاجِيهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَلَمَّا تَغَشَّاهُ الْوَحْيُ تَوَسَّدَ فَخِذَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى عَلِيٌّ الْعَصْرَ (3) بِالْإِيمَاءِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: سَلِ اللَّهَ تَعَالَى يَرُدَّ عَلَيْكَ الشَّمْسَ لِتُصَلِّيَ الْعَصْرَ قَائِمًا، فَدَعَا ; فَرُدَّتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى الْعَصْرَ قَائِمًا» .
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعْبُرَ الْفُرَاتَ بِبَابِلَ اشْتَغَلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ [بِتَعْبِيرِ] دَوَابِّهِمْ (4) ، وَصَلَّى لِنَفْسِهِ (5) فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الْعَصْرَ، وَفَاتَ كَثِيرًا مِنْهُمْ، فَتَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ، فَسَأَلَ اللَّهَ رَدَّ الشَّمْسِ فَرُدَّتْ. وَنَظَمَهُ الْحِمْيَرِيُّ (6) فَقَالَ:
(1) فِي (ك) ص 189 (م) - 190 (م) .
(2)
ك: جِبْرَئِيلُ عليه السلام بِالْوَحْيِ. .
(3)
ك (ص 190 م) فَصَلَّى عليه السلام الْعَصْرَ.
(4)
ن: اسْتَعْمَلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ دَوَابَّهُمْ، م: اشْتَغَلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ دَوَابَّهُمْ، س، ب: اسْتَعْمَلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ دَوَابَّهُمْ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ك) وَمَعْنَاهُ: اشْتَغَلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِنَقْلِ دَوَابِّهِمْ عَبْرَ النَّهْرِ.
(5)
ك: بِنَفْسِهِ
(6)
ك: السَّيِّدُ الْحِمْيَرِيُّ.
رُدَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ لَمَّا فَاتَهُ
…
وَقْتُ الصَّلَاةِ وَقَدْ دَنَتْ لِلْمَغْرِبِ
حَتَّى تَبَلَّجَ نُورُهَا فِي وَقْتِهَا
…
لِلْعَصْرِ ثُمَّ هَوَتْ هُوِيَّ الْكَوْكَبِ
وَعَلَيْهِ قَدْ رُدَّتْ بِبَابِلَ مَرَّةً
…
أُخْرَى وَمَا رُدَّتْ لِخَلْقٍ مُعْرِبٍ (1) .
وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ: فَضْلُ عَلِيٍّ وَوِلَايَتُهُ لِلَّهِ وَعُلُوُّ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ مَعْلُومٌ (2) ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، مِنْ طُرُقٍ ثَابِتَةٍ أَفَادَتْنَا الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ، لَا يُحْتَاجُ مَعَهَا إِلَى كَذِبٍ وَلَا إِلَى مَا لَا يُعْلَمُ صِدْقُهُ. وَحَدِيثُ رَدِّ الشَّمْسِ لَهُ قَدْ ذَكَرَهُ طَائِفَةٌ، كَالطَّحَاوِيِّ، وَالْقَاضِي عِيَاضٍ، وَغَيْرِهِمَا، وَعَدُّوا ذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. لَكِنِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ " الْمَوْضُوعَاتِ "(3) فَرَوَاهُ مِنْ كِتَابِ أَبِي جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيِّ فِي الضُّعَفَاءِ، مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ (4) بْنِ مُوسَى، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ (5) ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: " «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوحَى إِلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ فَلَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، (* فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: صَلَّيْتَ يَا عَلِيُّ؟ قَالَ: لَا *) (6) . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
(1) ن، س، ب: مُغْرِبِ وَفِي (ك) بَعْدَ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ بَيْتٌ رَابِعٌ هُوَ: إِلَّا لِيُوشَعَ أَوْ لَهُ مِنْ بَعْدِهَا وَلِرَدِّهَا تَأْوِيلُ أَمْرٍ مُعْجِبِ
(2)
س، ب: عِنْدَ اللَّهِ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ
(3)
(3) 1/355 - 357
(4)
م: الْمَوْضُوعَاتِ " عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَسَيَرِدُ فِيمَا يَلِي كَمَا أَثْبَتَهُ هُنَا.
(5)
ن، م: بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، الْمَوْضُوعَاتِ: بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ. وَسَقَطَتْ " بْنِ الْحَسَنِ " الثَّانِيَةُ مِنْ (ب) .
(6)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنَ " الْمَوْضُوعَاتِ " وَمَوْجُودٌ فِي " تَنْزِيهِ الشَّرِيعَةِ "" اللَّآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ "، " الْفَوَائِدِ الْمَجْمُوعَةِ ".
- صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ فِي طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ، فَارْدُدْ عَلَيْهِ الشَّمْسَ. فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: فَرَأَيْتُهَا غَرَبَتْ، ثُمَّ رَأَيْتُهَا طَلَعَتْ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ» ". قَالَ أَبُو الْفَرَجِ (1) :" وَهَذَا حَدِيثٌ (2) مَوْضُوعٌ بِلَا شَكٍّ، وَقَدِ اضْطَرَبَ الرُّوَاةُ فِيهِ، فَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ (3) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (4) ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيٍّ (5) ، عَنْ أَسْمَاءَ ". قَالَ: (6)" وَفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ ضَعَّفَهُ يَحْيَى، وَقَالَ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَيُخْطِئُ عَلَى الثِّقَاتِ. قَالَ أَبُو الْفَرَجِ: " وَهَذَا الْحَدِيثُ مَدَارُهُ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْهُ " (7) .
قُلْتُ: وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ مَسْعُودٍ رَوَاهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَسْمَاءَ. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ حُسَيْنٍ الْأَشْقَرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ (8) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
(1) ص 356
(2)
س، ب: الْحَدِيثُ وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) الْمَوْضُوعَاتِ.
(3)
ن، س، ب: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَهُوَ خَطَأٌ
(4)
م: عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ، الْمَوْضُوعَاتِ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ
(5)
ن، س، ب: عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ وَهُوَ خَطَأٌ وَتَرْجَمَةُ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 12/443 الْأَعْلَامِ 5/328
(6)
أَيِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَسْطُرٍ.
(7)
(7 - 7) هَذِهِ الْعِبَارَاتُ سَاقِطَةٌ مِنَ " الْمَوْضُوعَاتِ ".
(8)
ب: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ن)، (س) وَهُوَ الصَّوَابُ وَتَرْجَمَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فِي: تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 6/206 - 207
الْحُسَيْنِ (1) ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيٍّ، عَنْ أَسْمَاءَ (2)، كَمَا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ. قَالَ أَبُو الْفَرَجِ (3) :" وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ شَاهِينَ، حَدَّثَنَا (4) أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا (5) أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا (6) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُشَيْرٍ (7) ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَحَدَّثَتْنِي [أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ حَدَّثَتْهَا] (8) أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ. . وَذَكَرَ حَدِيثَ رُجُوعِ الشَّمْسِ. قَالَ أَبُو الْفَرَجِ (9) : " وَهَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ. أَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ (10)، فَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ (11) : هُوَ وَاهِي الْحَدِيثِ. قَالَ: وَأَنَا لَا أَتَّهِمُ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا ابْنَ عُقْدَةَ (12) ; فَإِنَّهُ كَانَ رَافِضِيًّا يُحَدِّثُ بِمَثَالِبِ الصَّحَابَةِ ". " قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (13) يَقُولُ: ابْنُ عُقْدَةَ لَا يَتَدَيَّنُ بِالْحَدِيثِ، كَانَ يَحْمِلُ شُيُوخًا (14) بِالْكُوفَةِ عَلَى الْكَذِبِ، يُسَوِّي لَهُمْ نُسَخًا، وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَرْوُوهَا، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ مِنْهُ فِي
(1) ن، س: عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ
(2)
الْمَوْضُوعَاتِ 1/356.
(3)
الْمَوْضُوعَاتِ: قَالَ: حَدَّثَنَا.
(4)
الْمَوْضُوعَاتِ: قَالَ: حَدَّثَنَا.
(5)
الْمَوْضُوعَاتِ: قَالَ: حَدَّثَنَا.
(6)
الْمَوْضُوعَاتِ: قَالَ: حَدَّثَنَا.
(7)
س، ب: بْنِ قَيْسٍ.
(8)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ مِنَ " الْمَوْضُوعَاتِ " وَسَقَطَ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ.
(9)
بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ مُبَاشَرَةً.
(10)
ن، س، ب: أَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَرِيكٍ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) الْمَوْضُوعَاتِ.
(11)
الْمَوْضُوعَاتِ: أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ.
(12)
الْمَوْضُوعَاتِ: قَالَ الْمُصَنِّفُ قُلْتُ: وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَتَّهِمُ بِهَذَا إِلَّا ابْنَ عُقْدَةَ. .
(13)
هَذِهِ الْعِبَارَاتُ فِي " الْمَوْضُوعَاتِ " 1/357 بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ بِسَبْعَةِ أَسْطُرٍ وَفِيهِ: وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي غَالِبٍ.
(14)
الْمَوْضُوعَاتِ: لِأَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ شُيُوخَنَا. . .
غَيْرِ نُسْخَةٍ (1)، (* وَسُئِلَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فَقَالَ: رَجُلُ سُوءٍ. قَالَ أَبُو الْفَرَجِ: " وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ دَاوُدَ بْنِ فَرَاهِيجَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَدَاوُدُ ضَعِيفٌ، ضَعَّفَهُ شُعْبَةُ *) "(2) .
قُلْتُ: فَلَيْسَ فِي هَؤُلَاءِ مَنْ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا دُونَ هَذَا.
وَأَمَّا الثَّانِي بِبَابِلَ فَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ (3) . وَإِنْشَادُ الْحِمْيَرِيِّ لَا حُجَّةَ فِيهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ ذَلِكَ، وَالْكَذِبُ قَدِيمٌ، فَقَدْ سَمِعَهُ فَنَظَمَهُ. وَأَهْلُ الْغُلُوِّ فِي الْمَدْحِ وَالذَّمِّ يَنْظِمُونَ مَا لَا تَتَحَقَّقُ صِحَّتُهُ، لَا سِيَّمَا وَالْحِمْيَرِيُّ مَعْرُوفٌ بِالْغُلُوِّ (4) .
وَقَدْ أَخْرَجَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " «غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ قَدْ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا
(1) الْمَوْضُوعَاتِ: وَقَدْ تَيَقَّنَا ذَلِكَ مِنْهُ فِي غَيْرِ شَيْخٍ بِالْكُوفَةِ.
(2)
الْكَلَامُ بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَلَكِنِ اخْتَلَفَ تَرْتِيبُهُ وَاخْتَلَفَتْ بَعْضُ أَلْفَاظِهِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَوْضُوعُ فِي تَنْزِيهِ الشَّرِيعَةِ 1/378 - 382 اللَّآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ 1/336 - 338 الْفَوَائِدِ الْمَجْمُوعَةِ ص 350.
(3)
ن، م: أَنَّهُ كَذِبٌ.
(4)
أَبُو هَاشِمٍ - أَوْ أَبُو عَامِرٍ - إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مُفْرِغٍ الْحِمْيَرِيُّ، شَاعِرٌ رَافِضِيٌّ وُلِدَ سَنَةَ 105 وَاخْتُلِفَ فِي وَفَاتِهِ، قِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ 173 وَقِيلَ: سَنَةَ 178 وَقِيلَ سَنَةَ 179. قَالَ عَنْهُ ابْنُ حَجَرٍ: وَكَانَ رَافِضِيًّا خَبِيثًا. قَالَ الدَّرَاقُطْنِيُّ: كَانَ يَسُبُّ السَّلَفَ فِي شِعْرِهِ وَيَمْدَحُ عَلِيًّا رضي الله عنه " وَعَدَّهُ الشَّهْرَسْتَانِيُّ مِنَ الْمُخْتَارِيَّةِ الْكَيْسَانِيَّةِ أَصْحَابِ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيِّ الْقَائِلِينَ بِإِمَامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ بَعْدَ عَلِيٍّ رضي الله عنه. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ وَمَذْهَبَهُ فِي: لِسَانِ الْمِيزَانِ 1/436 - 438 فَوَاتِ الْوَفَيَاتِ 1/32 - 36 الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ 10/173 - 174 رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ، ص 29 - 31 الْأَعْلَامِ 1/320 - 321 الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ 1/133 - 134.
يَبْنِ، وَلَا رَجُلٌ قَدْ بَنَى بَيْتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سَقْفَهُ (1)، وَلَا رَجُلٌ اشْتَرَى غَنَمًا - أَوْ خَلِفَاتٍ - وَهُوَ يَنْتَظِرُ (2) وِلَادَهَا. قَالَ: فَغَزَوْا، فَدَنَا مِنَ الْقَرْيَةِ، حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: أَنْتِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيَّ شَيْئًا، فَحُبِسَتْ عَلَيْهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ» " الْحَدِيثَ (3) .
فَإِنْ قِيلَ: فَهَذِهِ الْأُمَّةُ أَفْضَلُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَإِذَا كَانَتْ قَدْ رُدَّتْ لِيُوشَعَ، فَمَا الْمَانِعُ أَنْ تُرَدَّ لِفُضَلَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟
فَيُقَالُ: يُوشَعُ لَمْ تُرَدَّ لَهُ الشَّمْسُ، وَلَكِنْ تَأَخَّرَ غُرُوبُهَا، طُوِّلَ لَهُ النَّهَارُ، وَهَذَا قَدْ لَا يَظْهَرُ لِلنَّاسِ ; فَإِنَّ طُولَ النَّهَارِ وَقِصَرَهُ لَا يُدْرَكُ. وَنَحْنُ إِنَّمَا عَلِمْنَا وُقُوفَهَا لِيُوشَعَ بِخَبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَأَيْضًا لَا مَانِعَ مِنْ طُولِ ذَلِكَ (4) ، لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَفَعَلَ ذَلِكَ. لَكِنَّ يُوشَعَ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْقِتَالَ كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ; لِأَجْلِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَمَلِ لَيْلَةَ السَّبْتِ وَيَوْمَ السَّبْتِ. وَأَمَّا أُمَّةُ مُحَمَّدٍ فَلَا حَاجَةَ لَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَلَا مَنْفَعَةَ لَهُمْ فِيهِ، فَإِنَّ الَّذِي فَاتَتْهُ الْعَصْرُ إِنْ كَانَ مُفَرِّطًا لَمْ يَسْقُطْ ذَنْبُهُ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ، وَمَعَ التَّوْبَةِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى
(1) ن، س: سَقِيفَةً
(2)
ن، م: مُنْتَظِرٌ.
(3)
كَلِمَةُ " الْحَدِيثُ " سَاقِطَةٌ مِنْ (س)، (ب) وَالْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي مَوْضِعَيْنِ فِي: الْبُخَارِيِّ 4/86 (كِتَابُ فَرْضِ الْخُمُسِ، بَابُ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ. . .) 7/21 (كِتَابُ النِّكَاحِ، بَابُ مَنْ أَحَبَّ الْبِنَاءَ قَبْلَ الْغَزْوِ وَجَاءَ هَذَا الْمَوْضُوعُ مُخْتَصَرًا. وَالْحَدِيثُ أَيْضًا فِي: مُسْلِمٍ 3/1366 - 1367 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ تَحْلِيلِ الْغَنَائِمِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ خَاصَّةً) الْمُسْنَدِ (ط الْمَعَارِفِ) 16/102 - 103
(4)
ن، م: لِمَنْ طُوِّلَ ذَلِكَ. . .
رَدٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفَرِّطًا، كَالنَّائِمِ وَالنَّاسِي، فَلَا مَلَامَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْغُرُوبِ.
وَأَيْضًا فَبِنَفْسِ غُرُوبِ الشَّمْسِ خَرَجَ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ لِلصَّلَاةِ، فَالْمُصَلِّي بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُصَلِّيًا فِي الْوَقْتِ الشَّرْعِيِّ وَلَوْ عَادَتِ الشَّمْسُ.
وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [سُورَةُ طه: 130] يَتَنَاوَلُ الْغُرُوبَ الْمَعْرُوفَ، فَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ هَذَا الْغُرُوبِ، وَإِنْ طَلَعَتْ ثُمَّ غَرَبَتْ. وَالْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ حَصَلَتْ بِذَلِكَ الْغُرُوبِ، فَالصَّائِمُ يُفْطِرُ، وَلَوْ عَادَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ، مَعَ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَا تَقَعُ لِأَحَدٍ، وَلَا وَقَعَتْ لِأَحَدٍ، فَتَقْدِيرُهَا تَقْدِيرُ مَا لَا وُجُودَ لَهُ ; وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ الْكَلَامُ عَلَى حُكْمٍ مِثْلِ هَذَا فِي كَلَامِ الْعُلَمَاءِ الْمُفَرِّعِينَ.
وَأَيْضًا فَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاتَتْهُ الْعَصْرُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَصَلَّاهَا قَضَاءً، هُوَ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ رَدَّ الشَّمْسِ.
وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَصْحَابِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَّا أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ: " «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ» ".
فَلَمَّا أَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ فِي الطَّرِيقِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يُرِدْ مِنَّا تَفْوِيتَ الصَّلَاةِ فَصَلَّوْا فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا نُصَلِّي إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدَةً مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ (1) .
فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَّوُا الْعَصْرَ بَعْدَ
(1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 3/411
غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَلَيْسَ عَلِيٌّ بِأَفْضَلَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا صَلَّاهَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ مَعَهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ ; فَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ أَوْلَى بِذَلِكَ.
فَإِنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَا تُجْزِئُ، أَوْ نَاقِصَةً تَحْتَاجُ إِلَى رَدِّ الشَّمْسِ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى بِرَدِّ الشَّمْسِ، وَإِنْ كَانَتْ كَامِلَةً مُجْزِئَةً فَلَا حَاجَةَ إِلَى رَدِّهَا.
وَأَيْضًا فَمِثْلُ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ مِنَ الْأُمُورِ الْعِظَامِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْعَادَةِ، الَّتِي تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهَا، فَإِذَا لَمْ يَنْقُلْهَا إِلَّا الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ عُلِمَ بَيَانُ كَذِبِهِمْ فِي ذَلِكَ.
وَانْشِقَاقُ الْقَمَرِ كَانَ بِاللَّيْلِ وَقْتَ نَوْمِ النَّاسِ، وَمَعَ هَذَا فَقَدْ رَوَاهُ الصَّحَابَةُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَأَخْرَجُوهُ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِدِ (1) مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ (2) ، وَنَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ، فَكَيْفَ بِرَدِّ الشَّمْسِ الَّتِي تَكُونُ بِالنَّهَارِ، وَلَا يَشْتَهِرُ ذَلِكَ، وَلَا يَنْقُلُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ نَقْلَ مِثْلِهِ؟ !
(1) م: فِي الصَّحِيحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ.
(2)
جَاءَتْ أَحَادِيثُ عَدِيدَةٌ ذَكَرَتِ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهَا فِي: الْبُخَارِيِّ 4/206 - 207 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ سُؤَالِ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُرِيَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم آيَةً فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ وَفِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم وَتَكَرَّرَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي: الْبُخَارِيِّ 5/49 (كِتَابُ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ، بَابُ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ) وَنَصُّ حَدِيثِ أَنَسٍ هُوَ: أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمُ الْقَمَرَ شِقَّتَيْنِ حَتَّى رَأَوْا حِرَاءَ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَهُوَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى، فَقَالَ:" اشْهَدُوا " وَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ نَحْوَ الْجَبَلِ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَهُوَ: أَنَّ الْقَمَرَ انْشَقَّ عَلَى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَجَاءَتْ أَحَادِيثُ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ أَيْضًا فِي: الْبُخَارِيِّ 6/142 - 143 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ، مُسْلِمٍ 4/2158 - 2159 (كِتَابُ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَأَحْكَامِهِمْ، بَابُ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ) سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/71 - 73 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ الْقَمَرِ) وَفِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 5/204، 6/12، 135، (ط الْحَلَبِيِّ) 3/165، 220، 275، 4/81 - 82.
وَلَا يُعْرَفُ قَطُّ أَنَّ الشَّمْسَ رَجَعَتْ بَعْدَ غُرُوبِهَا، وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ وَالطَّبِيعِيِّينَ وَبَعْضِ أَهْلِ الْكَلَامِ يُنْكِرُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ، وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ، فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي هَذَا الْمَقَامِ. لَكِنَّ الْغَرَضَ أَنَّ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ فِي الْفَلَكِ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يُنْكِرُ إِمْكَانَهُ، فَلَوْ وَقَعَ لَكَانَ ظُهُورُهُ وَنَقْلُهُ أَعْظَمَ مِنْ ظُهُورِ مَا دُونَهُ وَنَقْلِهِ، فَكَيْفَ يُقْبَلُ وَحَدِيثُهُ لَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ مَشْهُورٌ؟ فَإِنَّ هَذَا يُوجِبُ الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ بِأَنَّهُ كَذِبٌ لَمْ يَقَعْ.
وَإِنْ كَانَتِ الشَّمْسُ احْتَجَبَتْ بِغَيْمٍ، ثُمَّ ارْتَفَعَ سَحَابُهَا، فَهَذَا مِنَ الْأُمُورِ الْمُعْتَادَةِ، وَلَعَلَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّهَا غَرَبَتْ، ثُمَّ كُشِفَ الْغَمَامُ عَنْهَا.
وَهَذَا - وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ - فَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ بَيَّنَ لَهُ بَقَاءَ الْوَقْتِ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ. وَمِثْلُ هَذَا يَجْرِي لِكَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ صُنِّفَ فِيهِ مُصَنَّفٌ جُمِعَتْ فِيهِ طُرُقُهُ: صَنَّفَهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (1) بْنِ أَحْمَدَ الْحَكَانِيِّ سَمَّاهُ " مَسْأَلَةٌ فِي تَصْحِيحِ رَدِّ الشَّمْسِ وَتَرْغِيبِ النَّوَاصِبِ الشُّمْسِ "(2) وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ طَرِيقِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةِ، وَمِنْ طَرِيقِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ. وَذُكِرَ حَدِيثُ أَسْمَاءَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ.
(1) عِبَارَةُ (ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ) : لَيْسَتْ فِي (م) .
(2)
لَمْ أَجِدْ فِيمَا بَيْنَ يَدِي مِنْ مَرَاجِعَ شَيْئًا عَنِ الْمُؤَلِّفِ أَوْ عَنِ الْكِتَابِ.
قَالَ: " أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى - وَهُوَ الْقَطْرِيُّ - عَنْ عَوْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّهِ - أُمِّ جَعْفَرٍ - عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَرْسَلَ عَلِيًّا فِي حَاجَةٍ، فَرَجَعَ وَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي الْعَصْرَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ وَلَمْ يُحَرِّكْهُ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ إِنَّ عَبْدَكَ عَلِيًّا [فِي طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ] (1) احْتَبَسَ نَفْسَهُ عَلَى نَبِيِّهِ (2) ، فَرُدَّ عَلَيْهِ شَرْقَهَا. قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى وَقَعَتْ عَلَى الْجِبَالِ، فَقَامَ عَلِيٌّ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ غَابَتِ الشَّمْسُ» ".
قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْمُصَنِّفُ: " أُمُّ جَعْفَرٍ هَذِهِ هِيَ أُمُّ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَالرَّاوِي عَنْهَا هُوَ ابْنُهَا عَوْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفُ، أَبُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالرَّاوِي عَنْهُ هُوَ مُحَمَّدُ (3) بْنُ مُوسَى الْمَدِينِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِالْقَطْرِيِّ. مَحْمُودٌ فِي رِوَايَتِهِ ثِقَةٌ. وَالرَّاوِي عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ الْمَدَنِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ: مِنْهُمْ هَذَا الَّذِي ذُكِرَتْ رِوَايَتُهُ، وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْأَنْطَاكِيُّ، وَقَدْ رَوَاهُ (4) عَنْهُ نَفَرٌ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ حَوْصَاءَ، وَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِنْ طَرِيقِهِ، وَفِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ بِالصَّهْبَاءِ، ثُمَّ أَرْسَلَ عَلِيًّا فِي حَاجَةٍ، فَرَجَعَ وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْعَصْرَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ، فَلَمْ يُحَرِّكْهُ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (م) فَقَطْ
(2)
م: نَبِيِّكَ
(3)
ن، م، س: مَحْمُودٌ، وَسَبَقَ الِاسْمُ قَبْلَ قَلِيلٍ كَمَا وَرَدَ هُنَا.
(4)
س: وَقَدْ رَوَوْا، ب: وَقَدْ رَوَى
وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ إِنَّ عَبْدَكَ عَلِيًّا احْتَبَسَ نَفْسَهُ عَلَى نَبِيِّهِ، فَرُدَّ عَلَيْهَا شَرْقَهَا. قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى وَقَعَتْ عَلَى الْجِبَالِ وَعَلَى الْأَرْضِ، فَقَامَ عَلِيٌّ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى الْعَصْرَ، وَذَلِكَ فِي الصَّهْبَاءِ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ» .
قَالَ: وَمِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِ " تَفْسِيرِ مُتَشَابِهِ الْأَخْبَارِ " مِنْ تَأْلِيفِهِ مِنْ طَرِيقِهِ.
وَمِنْهُمُ الْحَسَنُ بْنُ دَاوُدَ عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، وَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ، وَلَفْظُهُ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ بِالصَّهْبَاءِ مِنْ أَرْضِ خَيْبَرَ، ثُمَّ أَرْسَلَ عَلِيًّا فِي حَاجَةٍ، فَرَجَعَ وَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَصْرَ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ، فَلَمْ يُحَرِّكْهُ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَاسْتَيْقَظَ وَقَالَ: يَا عَلِيُّ صَلَّيْتَ الْعَصْرَ؟ قَالَ: لَا» . وَذَكَرَهُ. قَالَ: وَيَرْوِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ.
وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ الْحَضْرَمِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْأَشْقَرُ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ:«نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَا صَلَّى الْعَصْرَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ - أَوْ خَدَّهُ لَا أَدْرِي أَيَّهُمَا قَالَ - فِي حِجْرِ عَلِيٍّ، وَلَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ» " وَذَكَرَهُ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: " وَرَوَاهُ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ
ابْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ. وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ، وَلَفْظُهُ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوحَى إِلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ، فَلَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ» .
وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ مَطَرٍ عَنْ فُضَيْلِ (* بْنِ مَرْزُوقٍ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيِّ صَاحِبِ كِتَابِ " الضُّعَفَاءِ ".
قُلْتُ: وَهَذَا اللَّفْظُ يُنَاقِضُ الْأَوَّلَ، فَفِيهِ أَنَّهُ نَامَ فِي حِجْرِهِ *) (1) مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَأَنَّ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ بِالصَّهْبَاءِ. وَفِي الثَّانِي أَنَّهُ كَانَ مُسْتَيْقِظًا يُوحِي إِلَيْهِ جِبْرِيلُ، وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ. وَهَذَا التَّنَاقُضُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ ; لِأَنَّ هَذَا صَرَّحَ (2) بِأَنَّهُ كَانَ نَائِمًا هَذَا الْوَقْتَ، وَهَذَا قَالَ: كَانَ يَقْظَانَ يُوحَى إِلَيْهِ، وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ ; فَإِنَّ النَّوْمَ بَعْدَ الْعَصْرِ مَكْرُوهٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، فَكَيْفَ تَفُوتُ عَلِيًّا صَلَاةُ الْعَصْرِ؟
ثُمَّ تَفْوِيتُ الصَّلَاةِ بِمِثْلِ هَذَا، إِمَّا أَنْ يَكُونَ جَائِزًا، وَإِمَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ (3) . فَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَمْ يَكُنْ عَلَى عَلِيٍّ إِثْمٌ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَلَيْسَ عَلِيٌّ أَفْضَلَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاتَتْهُ الْعَصْرُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّاهَا، وَلَمْ تُرَدَّ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وَكَذَلِكَ لَمْ تُرَدَّ لِسُلَيْمَانَ لَمَّا تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ.
(1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(2)
م: صَرِيحٌ.
(3)
ن: وَإِمَّا أَنْ لَا يَجُوزَ، س، ب: وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ.
وَقَدْ نَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ عَلِيٌّ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ عَنِ الْفَجْرِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَلَمْ تُرْجَعْ لَهُمْ (1) إِلَى الشَّرْقِ.
وَإِنْ كَانَ التَّفْوِيتُ مُحَرَّمًا، فَتَفْوِيتُ (2) الْعَصْرِ مِنَ الْكَبَائِرِ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" «مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» "(3) .
وَعَلِيٌّ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا الْوُسْطَى، وَهِيَ صَلَاةُ الْعَصْرِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّحِيحَيْنِ لَمَّا قَالَ:" «شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى، صَلَاةِ الْعَصْرِ، حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، مَلَأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا» "(4) وَهَذَا كَانَ فِي الْخَنْدَقِ وَخَيْبَرَ بَعْدَ الْخَنْدَقِ.
فَعَلِيٌّ أَجَلُّ قَدْرًا مِنْ أَنْ يَفْعَلَ [مَثْلَ](5) هَذِهِ الْكَبِيرَةِ، وَيُقِرُّهُ عَلَيْهَا جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَمَنْ فَعَلَ هَذَا كَانَ مِنْ مَثَالِبِهِ لَا مِنْ مَنَاقِبِهِ، وَقَدْ نَزَّهَ اللَّهُ عَلِيًّا عَنْ ذَلِكَ. ثُمَّ إِذَا فَاتَتْ لَمْ يَسْقُطِ الْإِثْمُ عَنْهُ بِعَوْدِ الشَّمْسِ.
وَأَيْضًا فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ فِي خَيْبَرَ فِي الْبَرِّيَّةِ قُدَّامَ الْعَسْكَرِ، وَالْمُسْلِمُونَ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، كَانَ هَذَا مِمَّا يَرَاهُ الْعَسْكَرُ
(1) ن، م: إِلَيْهِمْ.
(2)
ن: فَنَقُولُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ
(3)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 5/212، 220
(4)
الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 4/43 - 44 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ الدُّعَاءِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِالْهَزِيمَةِ. . .) مُسْلِمٍ 1/436 - 437 (كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ، بَابُ التَّغْلِيظِ فِي تَفْوِيتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ، بَابُ الدَّلِيلِ لِمَنْ قَالَ: الصَّلَاةُ الْوُسْطَى هِيَ صَلَاةُ الْعَصْرِ) الْأَحَادِيثُ 202 - 206 سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4/286 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ الْبَقَرَةِ حَدِيثٌ 4068) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 2/31، 46، 177، 213.
(5)
مَثْلَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
وَيُشَاهِدُونَهُ. وَمِثْلُ هَذَا مِمَّا تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَنْ نَقْلِهِ ; فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِنَقْلِهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ، فَلَوْ نَقَلَهُ الصَّحَابَةُ لَنَقَلَهُ مِنْهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ، كَمَا نَقَلُوا أَمْثَالَهُ، لَمْ يَنْقُلْهُ الْمَجْهُولُونَ الَّذِينَ لَا يُعْرَفُ ضَبْطُهُمْ وَعَدَالَتُهُمْ.
وَلَيْسَ فِي جَمِيعِ أَسَانِيدِ هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادٌ وَاحِدٌ يَثْبُتُ، تُعْلَمُ عَدَالَةُ نَاقِلِيهِ وَضَبْطُهُمْ، وَلَا يُعْلَمُ اتِّصَالُ إِسْنَادِهِ.
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيْبَرَ: " «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولَهُ» "(1) فَنَقَلَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَأَحَادِيثُهُمْ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِدِ (2) .
وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ: (* لَا رَوَاهُ أَهْلُ الصَّحِيحِ (3) وَلَا أَهْلُ السُّنَنِ وَلَا الْمَسَانِدِ أَصْلًا (4) ، بَلِ اتَّفَقُوا عَلَى تَرْكِهِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ، فَكَيْفَ يَكُونُ مِثْلُ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ الْعَظِيمَةِ، الَّتِي هِيَ لَوْ كَانَتْ حَقًّا مِنْ أَعْظَمِ الْمُعْجِزَاتِ الْمَشْهُورَةِ الظَّاهِرَةِ، وَلَمْ يَرْوِهَا أَهْلُ الصِّحَاحِ *) (5) وَالْمَسَانِدِ، وَلَا نَقَلَهَا أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَحُفَّاظِ الْحَدِيثِ، وَلَا يُعْرَفُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ! !
وَالْإِسْنَادُ الْأَوَّلُ رَوَاهُ الْقَطْرِيُّ، عَنْ عَوْنٍ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ (6) أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ. وَعَوْنٌ وَأُمُّهُ لَيْسَا مِمَّنْ يُعْرَفُ حِفْظُهُمْ وَعَدَالَتُهُمْ، وَلَا مِنَ
(1) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ 4/289
(2)
م: وَالْمَسَانِيدِ
(3)
ب: أَهْلُ الْحَدِيثِ
(4)
أَصْلًا: فِي (ن) فَقَطْ.
(5)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(6)
عَنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .
الْمَعْرُوفِينَ بِنَقْلِ الْعِلْمِ، وَلَا يُحْتَجُّ (1) بِحَدِيثِهِمْ فِي أَهْوَنِ الْأَشْيَاءِ، فَكَيْفَ فِي مِثْلِ هَذَا؟ وَلَا فِيهِ سَمَاعُ الْمَرْأَةِ مِنْ (2) أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، فَلَعَلَّهَا سَمِعَتْ مَنْ يَحْكِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ فَذَكَرَتْهُ.
وَهَذَا الْمُصَنِّفُ ذَكَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ أَنَّهُ ثِقَةٌ، وَعَنِ الْقَطْرِيِّ أَنَّهُ ثِقَةٌ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ (3) أَنْ يَذْكُرَ عَمَّنْ بَعْدَهُمَا أَنَّهُ ثِقَةٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنْسَابَهُمْ. وَمُجَرَّدُ الْمَعْرِفَةِ بِنَسَبِ الرَّجُلِ لَا تُوجِبُ أَنْ يَكُونَ حَافِظًا ثِقَةً.
وَأَمَّا الْإِسْنَادُ الثَّانِي فَمَدَارُهُ عَلَى فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالْخَطَأِ عَلَى الثِّقَاتِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ (4) . قَالَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ: يُخْطِئُ عَلَى الثِّقَاتِ، وَيَرْوِي عَنْ عَطِيَّةَ الْمَوْضُوعَاتِ (5) . وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ (6) : لَا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ مَرَّةً: هُوَ ضَعِيفٌ. وَهَذَا لَا يُنَاقِضُهُ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِيهِ: لَا أَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا، وَقَوْلُ سُفْيَانَ: هُوَ ثِقَةٌ، وَقَوْلُ يَحْيَى (7) مَرَّةً: هُوَ ثِقَةٌ (8) ; فَإِنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ، وَلَكِنَّهُ
(1) ن: وَلَا يَحْتَجُّوا، س، ب: وَلَا يَحْتَجُّونَ
(2)
س، ب: عَنْ
(3)
ن، م، س: وَلَا يُمْكِنُهُ
(4)
فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ الْأَغَرُّ الرَّقَاشِيُّ الْكُوفِيُّ. تَرْجَمَتُهُ فِي: تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 7/298 - 300 مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 3/362 - 363 وَقَالَ الذَّهَبِيُّ عَنْهُ: " وَثَّقَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ، وَكَذَا ضَعَّفَهُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قُلْتُ: وَكَانَ مَعْرُوفًا بِالتَّشَيُّعِ مِنْ غَيْرِ سَبٍّ "
(5)
ذَكَرَ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ نَقْلًا عَنِ ابْنِ حِبَّانَ ابْنُ حَجَرٍ فِي " تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ " 7/299
(6)
فِي كِتَابِهِ " الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ " ق [0 - 9] م [0 - 9] ص 75 (ط حَيْدَرَ آبَادَ 1361 1942) .
(7)
س، ب: وَيَحْيَى
(8)
هَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا جَاءَتْ فِي " الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ ".
يُخْطِئُ، وَإِذَا رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مَا تَابَعَهُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ، لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَرْوِيَ مَا انْفَرَدَ بِهِ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ سَمَاعُهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَلَا سَمَاعُ إِبْرَاهِيمَ مِنْ فَاطِمَةَ، وَلَا سَمَاعُ فَاطِمَةَ مِنْ أَسْمَاءَ.
وَلَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ هَؤُلَاءِ عَدْلٌ ضَابِطٌ، وَأَنَّهُ سَمِعَ مِنَ الْآخَرِ، وَلَيْسَ هَذَا مَعْلُومًا. وَإِبْرَاهِيمُ هَذَا لَمْ يَرْوِ لَهُ أَهْلُ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ - كَالصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ - وَلَا لَهُ ذِكْرٌ فِي هَذِهِ الْكُتُبِ، بِخِلَافِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، فَإِنَّ لَهَا حَدِيثًا مَعْرُوفًا، فَكَيْفَ يُحْتَجُّ بِحَدِيثٍ مِثْلِ هَذَا؟ وَلِهَذَا لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِينَ فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ.
وَكَوْنُ الرَّجُلِ أَبُوهُ كَبِيرُ الْقَدْرِ لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمَأْمُونِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْهُ. وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ كَانَتْ عِنْدَ جَعْفَرٍ، ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا عَلِيٌّ، وَلَهَا مِنْ كُلِّ [مِنْ](1) هَؤُلَاءِ وَلَدٌ، وَهُمْ يُحِبُّونَ عَلِيًّا، وَلَمْ يَرْوِ هَذَا أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ أَسْمَاءَ. وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الَّذِي فِي حِجْرِ عَلِيٍّ هُوَ ابْنُهَا، وَمَحَبَّتُهُ لِعَلِيٍّ مَشْهُورَةٌ، وَلَمْ يَرْوِ هَذَا عَنْهَا.
وَأَيْضًا فَأَسْمَاءُ كَانَتْ زَوْجَةَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَتْ مَعَهُ فِي الْحَبَشَةِ، وَإِنَّمَا قَدِمَتْ مَعَهُ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ. وَهَذِهِ الْقِصَّةُ قَدْ ذُكِرَ أَنَّهَا كَانَتْ بِخَيْبَرَ، فَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ، وَقَدْ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ شَهِدَ خَيْبَرَ أَهْلُ الْحُدَيْبِيَةِ: أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ،
(1) مِنْ: زِيَادَةٌ فِي (م) .
وَازْدَادَ الْعَسْكَرُ بِجَعْفَرٍ وَمَنْ قَدِمَ مَعَهُ مِنَ الْحَبَشَةِ، كَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَالْحَبَشَةِ الَّذِينَ قَدِمُوا مَعَ جَعْفَرٍ فِي السَّفِينَةِ، وَازْدَادُوا أَيْضًا بِمَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ، فَلَمْ يَرْوِ هَذَا أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَهَذَا مِمَّا يُوجِبُ الْقَطْعَ بِأَنَّ هَذَا مِنَ الْكَذِبِ الْمُخْتَلَقِ.
وَالطَّعْنُ فِي فُضَيْلٍ وَمَنْ بَعْدَهُ إِذَا تُيُقِّنَ بِأَنَّهُمْ (1) رَوَوْهُ، وَإِلَّا فَفِي إِيصَالِهِ إِلَيْهِمْ نَظَرٌ ; فَإِنَّ الرَّاوِيَ الْأَوَّلَ عَنْ فُضَيْلٍ: الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَشْقَرُ الْكُوفِيُّ (2)، (* قَالَ الْبُخَارِيُّ: عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ (3) : لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الْأَزْدِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ السَّعْدِيُّ: حُسَيْنٌ الْأَشْقَرُ *) (4) غَالٍ مِنَ الشَّاتِمِينَ لِلْخِيرَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى حَدِيثًا مُنْكَرًا، وَالْبَلَاءُ عِنْدِي مِنْهُ، وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ ضُعَفَاءِ الْكُوفَةِ يُحِيلُونَ مَا يَرْوُونَ عَنْهُ مِنَ الْحَدِيثِ فِيهِ (5) .
وَأَمَّا الطَّرِيقُ الثَّالِثُ فَفِيهِ عَمَّارُ بْنُ مَطَرٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ. قَالَ
(1) م: أَنَّهُمْ.
(2)
فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: حُسَيْنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَشْقَرُ الْكُوفِيُّ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ، وَتَرْجَمَتُهُ فِي مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 1/531 - 532 تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 2/335 - 337 وَاسْمُهُ الْكَامِلُ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَشْقَرُ الْفَزَارِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ:" قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ مَرَّةً عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ "
(3)
ن، س، ب: وَقَالَ النَّسَبِيُّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَالتَّصْوِيبُ مِنْ مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 1/531، تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 2/337.
(4)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(5)
فِي مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 1/531: وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: جَمَاعَةٌ مِنَ الضُّعَفَاءِ يُحِيلُونَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى حُسَيْنٍ الْأَشْقَرِ، عَلَى أَنَّ فِي حَدِيثِهِ بَعْضَ مَا فِيهِ. وَذَكَرَ لَهُ مَنَاكِيرَ، قَالَ فِي أَحَدِهَا: الْبَلَاءُ عِنْدِي مِنَ الْأَشْقَرِ ".
الْعُقَيْلِيُّ: يُحَدِّثُ عَنِ الثِّقَاتِ بِالْمَنَاكِيرِ. وَقَالَ الرَّازِيُّ: كَانَ يَكْذِبُ أَحَادِيثَ بَوَاطِلَ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ (1) .
وَالطَّرِيقُ الْأَوَّلُ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْعَبْسِيِّ (2) ، وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ عَنْ فُضَيْلٍ، وَفِي بَعْضِهَا:" حَدَّثَنَا "(3) فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ قَالَ: " حَدَّثَنَا "(4) أَمْكَنَ أَنْ لَا يَكُونَ سَمِعَهُ ; فَإِنَّهُ مِنَ الدُّعَاةِ إِلَى التَّشَيُّعِ، الْحُرَّاصِ عَلَى جَمْعِ أَحَادِيثِ التَّشَيُّعِ، وَكَانَ يَرْوِي الْأَحَادِيثَ فِي ذَلِكَ عَنِ الْكَذَّابِينَ، وَهُوَ مِنَ الْمَعْرُوفِينَ بِذَلِكَ. وَإِنْ كَانُوا قَدْ قَالُوا فِيهِ: ثِقَةٌ، وَإِنَّهُ
(1) انْظُرْ تَرْجَمَةَ عَمَّارِ بْنِ مَطَرٍ وَيُكْنَى أَبَا عُثْمَانَ الرَّهَاوِيَّ فِي: مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 3/169 - 170 لِسَانِ الْمِيزَانِ 4/275 - 276 وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ حَدِيثَ رَدِّ الشَّمْسِ عَنْ طَرِيقِهِ: " وَقَدْ رَوَى ابْنُ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَمْ تُرَدَّ الشَّمْسُ إِلَّا عَلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ ". وَقَالَ الذَّهَبِيُّ - وَنَقَلَ عَنْهُ ابْنُ حَجَرٍ - عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَطَرٍ: هَالِكٌ وَثَّقَهُ بَعْضُهُمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ وَصَفَهُ بِالْحِفْظِ " وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَسْرِقُ الْحَدِيثَ، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: يُحَدِّثُ عَنِ الثِّقَاتِ بِمَنَاكِيرَ ". وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فِي " الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ " م [0 - 9] ق 1 ص 394 - وَنَقَلَ كَلَامَهُ الذَّهَبِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ -: " كَانَ يَكْذِبُ ".
(2)
فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْعَنْسِيِّ (فِي (م) غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ) ، وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ، وَسَبَقَ وُرُودُ الِاسْمِ كَذَلِكَ قَبْلَ صَفَحَاتِ (175 - 176) وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بْنِ أَبِي الْمُخْتَارِ، وَاسْمُهُ بَاذَامُ الْعَبْسِيُّ انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 7
- 53 وَفِيهَا: " وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ. . . وَقَالَ الْحَاكِمُ: سَمِعْتُ قَاسِمَ بْنَ قَاسِمٍ السَّيَّارِيَّ سَمِعْتُ أَبَا مُسْلِمٍ الْبَغْدَادِيَّ الْحَافِظَ يَقُولُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى مِنَ الْمَتْرُوكِينَ، تَرَكَهُ أَحْمَدُ لِتَشَيُّعِهِ. . . وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: كُوفِيٌّ صَالِحٌ يَتَشَيَّعُ، وَقَالَ السَّاجِيُّ: كَانَ يُفْرِطُ فِي التَّشَيُّعِ: وَقَالَ عَنْهُ الذَّهَبِيُّ فِي مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 3/16: ". . . وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ شِيعِيًّا مُتَحَرِّقًا ".
(3)
ن، م: حَدِيثُنَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(4)
ن، م: حَدِيثًا.
لَا يَكْذِبُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ هَلْ كَانَ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ أَمْ لَا؟ لَكِنَّهُ كَانَ يَرْوِي عَنِ الْكَذَّابِينَ الْمَعْرُوفِينَ بِالْكَذِبِ بِلَا رَيْبٍ. وَالْبُخَارِيُّ لَا يَرْوِي عَنْهُ إِلَّا مَا عُرِفَ بِهِ أَنَّهُ صَحِيحٌ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ شَيْئًا. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَهُ رِوَايَاتٌ عَنْ فَاطِمَةَ سِوَى مَا قَدَّمْنَا (1) .
ثُمَّ رَوَاهُ بِطَرِيقٍ مُظْلِمَةٍ، يَظْهَرُ أَنَّهَا كَذِبٌ لِمَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ مَنُوطَةٌ بِالْحَدِيثِ، فَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَفْصٍ الْكَتَّانِيِّ (2) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ (3) الْقَاضِي - هُوَ الْجَعَّانِيُّ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَسْكَرِيُّ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ سُلَيْمٍ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَالِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا لِعَلِيٍّ حَتَّى رُدَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ» .
وَهَذَا مِمَّا لَا يُقْبَلُ نَقْلُهُ إِلَّا مِمَّنْ عُرِفَ عَدَالَتُهُ وَضَبْطُهُ، لَا مِنْ مَجْهُولِ الْحَالِ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ مِمَّا يَعْلَمُ أَهْلُ الْحَدِيثِ أَنَّ الثَّوْرِيَّ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ، وَلَا حَدَّثَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ؟ وَأَحَادِيثُ الثَّوْرِيِّ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ يَعْرِفُهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، وَلَهُمْ أَصْحَابٌ يَعْرِفُونَهَا. وَرَوَاهُ خَلَفُ بْنُ سَالِمٍ. وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُمْ رَوَوْهُ فَأُمُّ أَشْعَثَ مَجْهُولَةٌ لَا يَقُومُ بِرِوَايَتِهَا شَيْءٌ.
وَذَكَرَ طَرِيقًا ثَانِيًا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْأَشْقَرُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ
(1) انْظُرْ مَا ذَكَرْتُهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْعَبْسِيِّ قَبْلَ قَلِيلٍ.
(2)
م: أَبِي جَعْفَرٍ الْكِنَانِيِّ. وَلَمْ أَجِدِ الرَّجُلَ فِيمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ مَرَاجِعَ
(3)
م: بْنُ عَمْرٍو.
عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيٍّ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ. . الْحَدِيثَ.
قُلْتُ (1) : وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ الْعُلَمَاءِ فِي حُسَيْنٍ الْأَشْقَرِ، فَلَوْ كَانَ الْإِسْنَادُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَالْإِسْنَادُ مُتَّصِلٌ، لَمْ يَثْبُتْ بِرِوَايَتِهِ شَيْءٌ، فَكَيْفَ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ؟ وَعَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ قَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ وَأَبُوهُ غَالِيَانِ فِي مَذْهَبِهِمَا. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ غَالِيًا فِي التَّشَيُّعِ، يَرْوِي الْمَنَاكِيرَ عَنِ الْمَشَاهِيرِ (2) . وَإِخْرَاجُ أَهْلِ الْحَدِيثِ (3) لِمَا عَرَفُوهُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ لَا يُوجِبُ أَنْ يُثْبِتَ مَا انْفَرَدَ بِهِ.
وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّ هَذَا الْمُصَنِّفَ جَعَلَ هَذَا وَالَّذِي بَعْدَهُ مِنْ طَرِيقِ رِوَايَةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ. وَهَذِهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ لَا بِنْتُ الْحُسَيْنِ.
وَكَذَلِكَ (* ذَكَرَ الطَّرِيقَ الثَّالِثَ عَنْهَا: مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَرِيكٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ *)(4) عَلِيٍّ، عَنْ أَسْمَاءَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، «رُفِعَ (5) إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فَجَلَّلَهُ بِثَوْبِهِ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى أَدْبَرَتِ الشَّمْسُ، يَقُولُ: غَابَتْ أَوْ كَادَتْ تَغِيبُ، وَأَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ: أَصَلَّيْتَ يَا عَلِيُّ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: اللَّهُمَّ رُدَّ عَلَى عَلِيٍّ الشَّمْسَ، فَرَجَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى بَلَغَتْ نِصْفَ الْمَسْجِدِ» .
(1) قُلْتُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .
(2)
انْظُرْ هَذِهِ الْأَقْوَالَ وَغَيْرَهَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ فِي: مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 3/160، تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ: 7/392 - 393.
(3)
ن، م: الصَّحِيحِ
(4)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(5)
ن، م: دُفِعَ.
فَيَقْتَضِي أَنَّهَا رَجَعَتْ إِلَى قَرِيبِ وَقْتِ الْعَصْرِ، وَأَنَّ هَذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ. وَفِي ذَاكَ الطَّرِيقِ أَنَّهُ كَانَ بِخَيْبَرَ، وَأَنَّهَا إِنَّمَا (1) ظَهَرَتْ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: هُوَ وَاهِي الْحَدِيثِ، وَكَذَلِكَ قَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُهُ.
وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ رَابِعٍ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْقَاضِي - وَهُوَ الْجَعَّانِيُّ - عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ (2) ، (* عَنْ عَبَّادٍ (3) وَهُوَ الرَّوَاجِنِيُّ *) (4) ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ صَبَاحِ بْنِ (5) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ (6) حُسَيْنٍ الْمَقْتُولِ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ:«كَانَ يَوْمَ خَيْبَرَ شَغَلَ عَلِيًّا مَا كَانَ مِنْ قَسْمِ الْمَغَانِمِ (7) ، حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَا صَلَّيْتَ؟ قَالَ: لَا. فَدَعَا اللَّهَ فَارْتَفَعَتْ حَتَّى تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ، فَصَلَّى عَلِيٌّ، فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ سَمِعْتُ لَهَا صَرِيرًا كَصَرِيرِ الْمِنْشَارِ فِي الْحَدِيدِ» .
وَهَذَا اللَّفْظُ الرَّابِعُ يُنَاقِضُ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَنَاقِضَةَ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ
(1) إِنَّمَا سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)
(2)
ن، س، ب: الْجَعَّانِيِّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَلَمْ أَجِدْ رَاوِيًا بِهَذَا الِاسْمِ وَوَجَدْتُ ثَلَاثَةً اسْمُهُمُ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ. انْظُرْ مِيزَانَ الِاعْتِدَالِ 2/386 - 387، تَهْذِيبَ التَّهْذِيبِ 5/131 - 134
(3)
ن: الْوَلِيدِيِّ عَبَّادٍ. .، س، ب: بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبَّادٍ، وَهُوَ خَطَأٌ وَانْظُرْ تَرْجَمَةَ عَبَّادٍ الرَّوَاجِنِيِّ بَعْدَ صَفَحَاتٍ.
(4)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م)
(5)
م: عَنْ.
(6)
عِبَارَةُ " أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ. . . " سَاقِطَةٌ مِنْ (م)
(7)
ن، م: الْمَغْنَمِ
الْحَدِيثَ لَمْ يَرْوِهِ صَادِقٌ ضَابِطٌ، بَلْ هُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِمَّا اخْتَلَقَهُ وَاحِدٌ وَعَمِلَتْهُ يَدَاهُ، فَتَشَبَّهَ بِهِ آخَرُ، فَاخْتَلَقَ مَا يُشْبِهُ حَدِيثَ ذَلِكَ. وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ. وَفِي هَذَا أَنَّ عَلِيًّا إِنَّمَا اشْتَغَلَ بِقَسْمِ الْمَغَانِمِ لَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلِيٌّ لَمْ يُقَسِّمْ مَغَانِمَ خَيْبَرَ، وَلَا يَجُوزُ الِاشْتِغَالُ بِقِسْمَتِهَا عَنِ الصَّلَاةِ ; فَإِنَّ خَيْبَرَ بَعْدَ الْخَنْدَقِ، سَنَةَ (1) سَبْعٍ، وَبَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ، سَنَةَ سِتٍّ. وَهَذَا مِنَ الْمُتَوَاتِرِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَالْخَنْدَقُ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، إِمَّا سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ أَرْبَعٍ، وَفِيهَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 238] ، وَنُسِخَ التَّأْخِيرُ بِهَا (2) يَوْمَ الْخَنْدَقِ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ لِلْقِتَالِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ (3) . وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يُنْسَخْ، بَلْ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِلْقِتَالِ، كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدَ - فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ - فَلَمْ يَتَنَازَعِ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ تَفْوِيتُ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ قَسْمِ الْغَنَائِمِ ; فَإِنَّ هَذَا لَا يَفُوتُ، وَالصَّلَاةُ تَفُوتُ.
وَفِي هَذَا أَنَّهَا تَوَسَّطَتِ الْمَسْجِدَ، وَهَذَا مِنَ الْكَذِبِ الظَّاهِرِ ; فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ غَرَائِبِ الْعَالَمِ، الَّتِي لَوْ جَرَتْ لَنَقَلَهَا الْجَمُّ الْغَفِيرُ. وَفِيهِ أَنَّهَا لَمَّا غَابَتْ سُمِعَ لَهَا صَرِيرٌ كَصَرِيرِ الْمِنْشَارِ، وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْكَذِبِ الظَّاهِرِ ; فَإِنَّ هَذَا لَا مُوجِبَ لَهُ أَيْضًا، وَالشَّمْسُ عِنْدَ غُرُوبِهَا لَا تُلَاقِي مِنَ الْأَجْسَامِ مَا يُوجِبُ هَذَا الصَّوْتَ الْعَظِيمَ، الَّذِي يَصِلُ مِنَ الْفَلَكِ الرَّابِعِ إِلَى
(1) ن: فِي سَنَةِ. . .
(2)
ن، س: وَنُسِخَ بِهَا التَّأْخِيرُ، م: وَنُسِخَ بِهَا الْمُتَأَخِّرُ.
(3)
مَعَ أَنَّهُ كَانَ لِلْقِتَالِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ: كَذَا فِي (ب) وَهُوَ الصَّوَابُ. وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: مَعَ أَنَّهُ كَانَ الْقِتَالُ أَكْثَرَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
الْأَرْضِ. ثُمَّ لَوْ كَانَ هَذَا حَقًّا لَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ عَجَائِبِ الْعَالَمِ الَّتِي تَنْقُلُهَا الصَّحَابَةُ، الَّذِينَ نَقَلُوا مَا هُوَ دُونَ هَذَا مِمَّا كَانَ فِي خَيْبَرَ وَغَيْرِ خَيْبَرَ.
وَهَذَا الْإِسْنَادُ لَوْ رُوِيَ بِهِ مَا يُمْكِنُ صِدْقُهُ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ شَيْءٌ، فَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ هَاشِمِ بْنَ الْبَرِيدِ كَانَ غَالِيًا فِي التَّشَيُّعِ، يَرْوِي عَنْ كُلِّ أَحَدٍ يُحَرِّضُهُ عَلَى مَا يُقَوِّي بِهِ هَوَاهُ (1) ، وَيَرْوِي عَنْ مَثْلِ صَبَاحٍ هَذَا، وَصَبَاحٌ هَذَا لَا يُعْرَفُ مَنْ هُوَ. وَلَهُمْ فِي هَذِهِ الطَّبَقَةِ صَبَاحُ بْنُ سَهْلٍ الْكُوفِيُّ، يَرْوِي عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَنَاكِيرَ عَنْ أَقْوَامٍ مَشَاهِيرَ، لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِخَبَرِهِ.
وَلَهُمْ آخَرُ يُقَالُ لَهُ: صَبَاحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ الْبَجَلِيُّ (2) (* الْأَحْمَسِيُّ الْكُوفِيُّ يَرْوِي عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنِ الثِّقَاتِ الْمَوْضُوعَاتِ.
وَلَهُمْ شَخْصٌ يُقَالُ لَهُ صَبَاحٌ *) (3) الْعَبْدِيُّ (4) قَالَ الرَّازِيُّ: هُوَ مَجْهُولٌ. وَآخَرُ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ مُجَالِدٍ، مَجْهُولٌ يَرْوِي عَنْهُ بَقِيَّةُ (5) . قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ، هُوَ مِنْ شُيُوخِ بَقِيَّةَ (6) الْمَجْهُولِينَ.
(1) ن: عَنْ كُلِّ أَحَدٍ عَرَضَهُ عَلَى مَا يُقَوِّي بِهِ هَوَاهُ، س: عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ (كَلَامٌ مَطْمُوسٌ) يَقْوَى بِهِ هَوَاهُ، ب: عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ غَرَضُهُ وَيَأْتِي بِمَا يُقَوِّي بِهِ هَوَاهُ.
(2)
م: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الْبَجَلِيُّ.
(3)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م)
(4)
الْعَبْدِيُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)
(5)
ن، س: ثِقَتُهُ، وَالْكَلِمَةُ غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ فِي (م)
(6)
ن، س: ثِقَتِهِ. وَالْكَلِمَةُ مَنْقُوطَةٌ هُنَا فِي (م) : بَقِيَّةَ.
وَحُسَيْنٌ الْمَقْتُولُ: إِنْ أُرِيدَ بِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، فَذَلِكَ أَجَلُّ قَدْرًا مِنْ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ وَاحِدٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ فَاطِمَةُ أُخْتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ، فَإِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ لَوْ كَانَتْ حَقًّا لَكَانَ هُوَ أَخْبَرَ بِهَا مِنْ هَؤُلَاءِ، وَكَانَ قَدْ سَمِعَهَا مِنْ أَبِيهِ وَمِنْ غَيْرِهِ، وَمِنْ أَسْمَاءَ امْرَأَةِ أَبِيهِ، وَغَيْرِهَا، لَمْ يَرْوِهَا عَنْ بِنْتِهِ أَوْ أُخْتِهِ، عَنْ أَسْمَاءَ امْرَأَةِ أَبِيهِ.
وَلَكِنْ لَيْسَ هُوَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، بَلْ هُوَ غَيْرُهُ، أَوْ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ أَبُو جَعْفَرٍ، وَلَهُمَا أُسْوَةٌ أَمْثَالُهُمَا.
وَالْحَدِيثُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِرِوَايَةِ مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ عَدْلٌ ضَابِطٌ ثِقَةٌ يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ بِذَلِكَ. وَمُجَرَّدُ الْعِلْمِ بِنِسْبَتِهِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ مَنْ كَانَ. وَفِي أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ.
هَذَا إِنْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ رَوَاهُ، وَإِلَّا فَالرَّاوِي عَنْهُ عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الرَّوَاجِنِيُّ. قَالَ (1) ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ رَافِضِيًّا (* دَاعِيَةً يَرْوِي الْمَنَاكِيرَ عَنِ الْمَشَاهِيرِ ; فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى أَحَادِيثَ أُنْكِرَتْ عَلَيْهِ فِي فَضَائِلِ *)(2) أَهْلِ الْبَيْتِ وَمَثَالِبِ غَيْرِهِمْ. وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ رَوَى عَنْهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ مَا يُعْرَفُ صِحَّتُهُ، وَإِلَّا فَحِكَايَةُ قَاسِمٍ الْمُطَرِّزِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ عَلِيًّا حَفَرَ الْبَحْرَ، وَإِنَّ الْحَسَنَ أَجْرَى فِيهِ الْمَاءَ، مِمَّا يَقْدَحُ فِيهِ قَدْحًا بَيِّنًا (3) .
(1) ن: الرَّوَاحِبِيُّ، م: سَقَطَتْ كَلِمَتَا " الرَّوَاجِنِيُّ قَالَ " مِنْهَا.
(2)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(3)
تَرْجَمَةُ عَبَّادِ بْنِ يَعْقُوبَ الرَّوَاجِنِيِّ الْأَسَدِيِّ، أَبُو سَعِيدٍ الْكُوفِيُّ فِي: مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 2/379 - 380، تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 5/109 - 110 وَفِيهَا هَذِهِ الْأَقْوَالُ مُفَصَّلَةٌ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: قَدْ رَوَاهُ عَنْ أَسْمَاءَ سِوَى هَؤُلَاءِ، وَرَوَى (1) مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ عُقْدَةَ، وَكَانَ مَعَ حِفْظِهِ جَمَّاعًا لِأَكَاذِيبِ (2) الشِّيعَةِ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ: رَأَيْتُ مَشَايِخَ بَغْدَادَ يُسِيئُونَ (3) الثَّنَاءَ عَلَيْهِ، يَقُولُونَ: لَا يَتَدَيَّنُ بِالْحَدِيثِ، وَيَحْمِلُ شُيُوخًا بِالْكُوفَةِ عَلَى الْكَذِبِ، وَيُسَوِّي (4) لَهُمْ نُسَخًا، وَيَأْمُرُهُمْ بِرِوَايَتِهَا. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَانَ ابْنُ عُقْدَةَ رَجُلَ سُوءٍ (5) . قَالَ ابْنُ عُقْدَةَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ حَدِيثِ رَدِّ الشَّمْسِ عَلَى عَلِيٍّ: هَلْ ثَبَتَ عِنْدَكُمْ؟ فَقَالَ لِي: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي عَلِيٍّ فِي كِتَابِهِ أَعْظَمَ مِنْ رَدِّ الشَّمْسِ. قُلْتُ: صَدَقْتَ جَعَلَنِي اللَّهُ فَدَاكَ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ. قَالَ:[حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ] ، حَدَّثَنِي أَبِي الْحَسَنُ (6)، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّهَا قَالَتْ: «أَقْبَلَ عَلِيٌّ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَصْرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَافَقَ
(1) ن، م: وَرَوَاهُ
(2)
م: عَالِمَ أَكَاذِيبِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ
(3)
ن، س: يُسِيمُونَ، م: يَبْنُونَ (غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ) ب: يَسْأَمُونَ وَالْمُثْبَتُ مِنْ " مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ "" لِسَانِ الْمِيزَانِ "
(4)
ن، س، ب: وَيُسَمِّي، وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْمِيزَانِ وَلِسَانِ الْمِيزَانِ.
(5)
ابْنُ عُقْدَةَ هُوَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عُقْدَةَ أَبُو الْعَبَّاسِ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: شِيعِيٌّ مُتَوَسِّطٌ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَقُوَّاهُ آخَرُونَ. . . وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَيَّوَيْهِ: كَانَ ابْنُ عُقْدَةَ يُمْلِي مَثَالِبَ الصَّحَابَةِ، أَوْ قَالَ: مَثَالِبَ الشَّيْخَيْنِ، فَتَرَكْتُ حَدِيثَهُ. . . . مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ عَنْ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 1/136 - 138، لِسَانِ الْمِيزَانِ 1/263 - 266.
(6)
ن، م، س، ب: حَدَّثَنِي أَبِي الْحَسَنُ. وَسَيَرِدُ فِيمَا يَلِي مَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْخَبَرَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ.
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ انْصَرَفَ وَنَزَلَ (1) عَلَيْهِ الْوَحْيُ، فَأَسْنَدَهُ إِلَى صَدْرِهِ، فَلَمْ يَزَلْ مُسْنِدَهُ إِلَى صَدْرِهِ حَتَّى أَفَاقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَصَلَّيْتَ الْعَصْرَ يَا عَلِيُّ؟ قَالَ: جِئْتُ وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْكَ، فَلَمْ أَزَلْ مُسْنِدَكَ إِلَى صَدْرِي حَتَّى السَّاعَةَ. فَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ عَلِيًّا كَانَ فِي طَاعَتِكَ فَارْدُدْهَا عَلَيْهِ. قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَأَقْبَلَتِ الشَّمْسُ وَلَهَا صَرِيرٌ كَصَرِيرِ الرَّحَى حَتَّى رَكَدَتْ فِي مَوْضِعِهَا وَقْتَ الْعَصْرِ، فَقَامَ عَلِيٌّ مُتَمَكِّنًا (2) فَصَلَّى الْعَصْرَ، فَلَمَّا فَرَغَ رَجَعَتِ الشَّمْسُ وَلَهَا صَرِيرٌ كَصَرِيرِ الرَّحَى، فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ اخْتَلَطَ الظَّلَامُ، وَبَدَتِ النُّجُومُ» .
قُلْتُ: بِهَذَا اللَّفْظِ الْخَامِسِ يُنَاقِضُ تِلْكَ الْأَلْفَاظَ الْمُتَنَاقِضَةَ، وَيَزِيدُ النَّاظِرَ بَيَانًا فِي أَنَّهَا مَكْذُوبَةٌ مُخْتَلَقَةٌ ; فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا أَنَّهَا رُدَّتْ إِلَى مَوْضِعِهَا وَقْتَ الْعَصْرِ، وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ: إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، وَفِي الْآخَرِ: حَتَّى ظَهَرَتْ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ. وَفِي هَذَا أَنَّهُ كَانَ مُسْنِدَهُ إِلَى صَدْرِهِ، وَفِي ذَاكَ أَنَّهُ كَانَ رَأْسُهُ فِي حِجْرِهِ.
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ لَمْ يُحَدِّثْ بِهَذَا قَطُّ، وَهُوَ كَانَ أَجَلَّ قَدْرًا مِنْ أَنْ يَرْوِيَ مِثْلَ هَذَا الْكَذِبِ، وَلَا أَبُوهُ الْحَسَنُ رَوَى هَذَا عَنْ أَسْمَاءَ. وَفِيهِ: مَا أَنْزَلَ (3) اللَّهُ فِي عَلِيٍّ فِي كِتَابِهِ أَعْظَمَ مِنْ رَدِّ الشَّمْسِ (4) شَيْئًا. وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ فِي عَلِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ فِي كِتَابِهِ فِي رَدِّ الشَّمْسِ شَيْئًا (5) .
(1) س: أَوْ نَزَلَ. .
(2)
س، ب: مُمْكِنًا
(3)
ب: أَسْمَاءَ وَمَا أَنْزَلَ. . .، وَهُوَ خَطَأٌ.
(4)
س، ب: فِي كِتَابِهِ فِي رَدِّ الشَّمْسِ، وَهُوَ خَطَأٌ
(5)
(5 - 5) سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) .
وَهَذَا الْحَدِيثُ، إِنْ كَانَ ثَابِتًا عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، الَّذِي رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (1)، فَهُوَ الَّذِي اخْتَلَقَهُ ; فَإِنَّهُ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْكَذِبِ. قَالَ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الْأَثْبَاتِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِثِقَةٍ وَلَا مَأْمُونٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ (2) .
قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَنْبَأَنَا (3) عَقِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ الشَّنَاسِيُّ (4) ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَوْصَاءَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ النَّوْفَلِيُّ (5) ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ فَرَاهِيجَ، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ فَرْوٍ (6)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَذَكَرَهُ. . قَالَ الْمُصَنِّفُ: اخْتَصَرْتُهُ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ.
قُلْتُ: هَذَا إِسْنَادٌ مُظْلِمٌ لَا يَثْبُتُ بِهِ شَيْءٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، بَلْ يُعْرَفُ
(1) كَلَامُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّنَدَ الْأَخِيرَ لِلْحَدِيثِ يَبْدَأُ هَكَذَا: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِي الْحَسَنُ. . . إِلَخْ
(2)
هَذِهِ الْأَقْوَالُ ذَكَرَهَا الذَّهَبِيُّ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَمْرِو بْنِ ثَابِتِ بْنِ هُرْمُزَ الْكُوفِيِّ، يُكَنَّى أَبَا ثَابِتٍ. وَذَكَرَ الذَّهَبِيُّ أَيْضًا:" وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَافِضِيٌّ " وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: " سَأَلْتُ أَبِي عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ فَقَالَ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، كَانَ رَدِيءَ الرَّأْيِ شَدِيدَ التَّشَيُّعِ " انْظُرِ الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ ق [0 - 9] م [0 - 9] ص 223، مِيزَانَ الِاعْتِدَالِ 3/249 - 250، تَهْذِيبَ التَّهْذِيبِ 8/9 - 10.
(3)
س، ب: فَأَنْبَأَ
(4)
ن، م: الشَّاشِيُّ.
(5)
ن: النَّوْقَلِيُّ
(6)
م: فَرْدٍ
كَذِبُهُ مِنْ وُجُوهٍ ; فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ دَاوُدُ بْنُ فَرَاهِيجَ مُضَعَّفًا، كَانَ شُعْبَةُ يُضَعِّفُهُ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ لَا يَثْبُتُ الْإِسْنَادُ إِلَيْهِ، فَإِنَّ فِيهِ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ النَّوْفَلِيَّ، وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ وَعَنْ عِمَارَةَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: أَحَادِيثُهُ شِبْهُ لَا شَيْءَ، وَضَعَّفَهُ جِدًّا. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ [ضَعِيفُ](1) الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا. وَقَالَ أَحْمَدُ: عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ.
وَإِنْ (2) كَانَ حَدَّثَ بِهِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيَّ، فَالْآفَةُ مِنْ هَذَا. وَإِنْ كَانَ يُقَالُ: إِنَّهُ لَمْ يُثْبِتْهُ لَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيِّ وَلَا إِلَى ابْنِ حَوْصَاءَ (3) ، فَإِنَّ هَذَيْنِ مَعْرُوفَانِ، وَأَحَادِيثُهُمَا مَعْرُوفَةٌ قَدْ رَوَاهَا عَنْهُمَا النَّاسُ (4) ; وَلِهَذَا لَمَّا رَوَى ابْنُ حَوْصَاءَ الطَّرِيقَ الْأَوَّلَ كَانَ الْإِسْنَادُ إِلَيْهِ مَعْرُوفًا عَنْهُ، رَوَاهُ بِالْأَسَانِيدِ الْمَعْرُوفَةِ، لَكِنَّ الْآفَةَ فِيهِ مِمَّنْ بَعْدَهُ. وَأَمَّا هَذَا فَمَنْ قَبْلَ ابْنِ حَوْصَاءَ لَا يُعْرَفُونَ (5) . وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ ثَابِتٌ عَنْهُ، فَالْآفَةُ بَعْدَهُ.
وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ ابْنَ مَرْدَوَيْهِ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ فَرَاهِيجَ، وَذَكَرَ ضَعْفَ ابْنِ فَرَاهِيجَ، وَمَعَ هَذَا فَالْإِسْنَادُ إِلَيْهِ فِيهِ الْكَلَامُ أَيْضًا.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
(1) ضَعِيفُ: زِيَادَةٌ فِي (م)
(2)
ن، س، ب: ضَعِيفٌ إِنْ. . .، وَهُوَ خَطَأٌ
(3)
س: لَمْ يُثْبِتْهُ إِلَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ وَلَا إِلَى ابْنِ حَوْصَاءَ، ب: لَمْ يُثْبِتْهُ إِلَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ وَإِلَّا ابْنُ حَوْصَاءَ. . .
(4)
فِي جَمِيعِ النُّسَخِ. فَإِنَّ هَذَيْنِ مَعْرُوفَانِ، وَأَحَادِيثُهُمْ مَعْرُوفَةٌ، قَدْ رَوَاهَا عَنْهُمُ النَّاسُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(5)
ن، م، س: وَلَا يُعْرَفُونَ.
إِسْمَاعِيلَ الْجُرْجَانِيُّ كِتَابَةً، أَنَّ أَبَا طَاهِرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْوَاعِظَ أَخْبَرَهُمْ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُنْعِمٍ، أَنْبَأَنَا الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ (1)، عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: «دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا رَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ، وَقَدْ غَابَتِ الشَّمْسُ، فَانْتَبَهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: يَا عَلِيُّ صَلَّيْتَ الْعَصْرَ؟ قَالَ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَلَّيْتُ ; كَرِهْتُ أَنْ أَضَعَ رَأْسَكَ مِنْ حِجْرِي وَأَنْتَ وَجِعٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ادْعُ يَا عَلِيُّ أَنْ تُرَدَّ عَلَيْكَ (2) الشَّمْسَ. (* فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ أَنْتَ أُؤَمِّنْ (3) . قَالَ: يَا رَبِّ إِنَّ عَلِيًّا فِي طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ ; فَارْدُدْ عَلَيْهِ الشَّمْسَ» *) (4) . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ لِلشَّمْسِ صَرِيرًا كَصَرِيرِ الْبَكَرَةِ، حَتَّى رَجَعَتْ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً.
قُلْتُ: هَذَا الْإِسْنَادُ لَا يَثْبُتُ بِمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَكَثِيرٌ مِنْ رِجَالِهِ لَا يُعْرَفُونَ بِعَدَالَةٍ وَلَا ضَبْطٍ، وَلَا حَمْلٍ لِلْعِلْمِ (5) ، وَلَا لَهُمْ ذِكْرٌ فِي كُتُبِ الْعِلْمِ، وَكَثِيرٌ مِنْ رِجَالِهِ (6) لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ إِلَّا وَاحِدٌ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ - أَوْ أَكْثَرُهُمْ - كَذَلِكَ، وَمَنْ هُوَ مَعْرُوفٌ بِالْكَذِبِ، مِثْلَ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ؟ !
(1) عِبَارَةُ " عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ " سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)
(2)
س: ادْعُ عَلَيْكَ أَنْ يُرَدَّ عَلَيْكَ. . ب: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْكَ. .
(3)
ب (فَقَطْ) ادْعُ أَنْتَ وَأَنَا أُؤَمِّنُ
(4)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(5)
ن، س، ب: وَلَا حَمْلٍ فِي الْعِلْمِ.
(6)
ب (فَقَطْ) : الْعِلْمِ وَرِجَالِهِ. . .
وَفِيهِ: أَنَّهُ كَانَ وَجِعًا، وَأَنَّهُ سَمِعَ صَوْتَهَا (1) حِينَ طَلَعَتْ كَصَرِيرِ (2) الْبَكَرَةِ، وَهَذَا بَاطِلٌ عَقْلًا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ أُولَئِكَ. وَلَوْ كَانَ مِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - مَعَ مَحَبَّتِهِ لِعَلِيٍّ وَرِوَايَتِهِ لِفَضَائِلِهِ - لَرَوَاهُ عَنْهُ أَصْحَابُهُ الْمَعْرُوفُونَ، كَمَا رَوَوْا غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيٍّ، مِثْلَ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا ذَكَرَ الْخَوَارِجَ، قَالَ:" «تَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ» "(3)، وَمِثْلَ رِوَايَتِهِ أَنَّهُ قَالَ لِعَمَّارٍ:" «تَقْتُلُكُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» "(4) ، فَمِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بَيَّنَ فِيهِ أَنَّ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابِهِ، فَكَيْفَ لَا يَرْوِي عَنْهُ مِثْلَ هَذَا لَوْ كَانَ صَحِيحًا؟ !
وَلَمْ يُحَدِّثْ بِمِثْلِ هَذَا الْحُسَيْنُ وَلَا أَخُوهُ عُمَرُ وَلَا عَلِيٌّ، وَلَوْ كَانَ مِثْلُ هَذَا عِنْدَهُمَا لَحَدَّثَ بِهِ (5) عَنْهُمَا (6) الْمَعْرُوفُونَ (7) بِالْحَدِيثِ عَنْهُمَا ; فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ عَظِيمٌ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَأَمَّا رِوَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْفَرْغَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ يَحْيَى السَّامَانِيُّ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُسْلِمِ [بْنِ سَعِيدٍ](8) بِسَامَرَّا (9) سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ،
(1) م: صَوْتًا
(2)
ب: كَصَرِيرَةِ
(3)
انْظُرْ أَحَادِيثَ الْخَوَارِجِ الَّتِي سَبَقَتْ 1/67 - 68، 3/464، 5/47، 150
(4)
تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ 4/413 - 420
(5)
بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(6)
ن، م: عَنْهُمْ
(7)
س، ب: الْمَعْرُوفُ
(8)
بْنُ سَعِيدٍ: زِيَادَةٌ فِي (م) .
(9)
س، ب: بِسَامَرَّى وَهِيَ مَدِينَةُ سُرَّ مَنْ رَأَى.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْكُمَيْتِ، عَنْ عَمِّهِ الْمُسْتَهِلِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي زَيْدِ بْنِ سَهْلَبٍ (1) ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ مُسْهِرٍ (2)، قَالَتْ (3) : خَرَجْتُ مَعَ عَلِيٍّ فَقَالَ: يَا جُوَيْرِيَةُ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوحَى إِلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِي، وَذَكَرَهُ. .
قُلْتُ: وَهَذَا الْإِسْنَادُ أَضْعَفُ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَفِيهِ مِنَ الرِّجَالِ الْمَجَاهِيلُ الَّذِينَ لَا يُعْرَفُ أَحَدُهُمْ بِعَدَالَةٍ وَلَا ضَبْطٍ. وَانْفِرَادُهُمْ بِمِثْلِ هَذَا الَّذِي لَوْ كَانَ عَلِيٌّ قَالَهُ لَرَوَاهُ عَنْهُ الْمَعْرُوفُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَبِمِثْلِ هَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ (4) ، وَلَا يُعْرَفُ حَالُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ، وَلَا حَالُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا عَنْهَا، بَلْ وَلَا تُعْرَفُ أَعْيَانُهُمْ، فَضْلًا عَنْ صِفَاتِهِمْ - لَا يَثْبُتُ فِيهِ (5) شَيْءٌ، وَفِيهِ مَا يُنَاقِضُ الرِّوَايَةَ الَّتِي هِيَ أَرْجَحُ مِنْهُ، مَعَ أَنَّ الْجَمِيعَ كَذِبٌ ; فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ رَوَوْا مِنْ فَضَائِلِ عَلِيٍّ وَمُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا هُوَ دُونَ هَذَا، وَهَذَا لَمْ يَرْوِهِ [أَحَدٌ](6) مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ.
وَقَدْ صَنَّفَ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ فِي فَضَائِلِ عَلِيٍّ، كَمَا صَنَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فَضَائِلَهُ، وَصَنَّفَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي فَضَائِلِهِ، وَذَكَرَ فِيهَا أَحَادِيثَ
(1) ن: سَلْهَبٍ
(2)
جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ مُسْهِرٍ: كَذَا فِي النُّسَخِ الْأَرْبَعِ، وَهُوَ خَطَأٌ وَسَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ: جُوَيْرِيَةُ بْنُ مُسْهِرٍ قَبْلَ صَفَحَاتٍ وَهُوَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ مُسْهِرٍ الْعَبْدِيُّ.
(3)
م: قَالَ.
(4)
وَهِيَ لَيْسَتِ امْرَأَةً كَمَا ذَكَرْتُ، وَلَا يُوجَدُ فِي كُتُبِ الرِّجَالِ امْرَأَةٌ اسْمُهَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ مُسْهِرٍ، بَلْ هُوَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ مُسْهِرٍ الْعَبْدِيُّ الَّذِي ذَكَرَهُ الْكَشِّيُّ وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ وَنَقَلَ كَلَامَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي " لِسَانِ الْمِيزَانِ " كَمَا ذَكَرْتُ مِنْ قَبْلُ.
(5)
ب: بِهِ.
(6)
أَحَدٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (س) .
كَثِيرَةً ضَعِيفَةً، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا ; لِأَنَّ الْكَذِبَ ظَاهِرٌ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ. وَكَذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ التِّرْمِذِيُّ، مَعَ أَنَّهُ جَمَعَ فِي فَضَائِلِ عَلِيٍّ أَحَادِيثَ، كَثِيرٌ (1) مِنْهَا ضَعِيفٌ. وَكَذَلِكَ النَّسَائِيُّ وَأَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَجَمَعَ النَّسَائِيُّ مُصَنَّفًا فِي (2) خَصَائِصِ عَلِيٍّ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقَدْ حَكَى أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ (3) عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْمِصْرِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ (4) : لَا (5) يَنْبَغِي لِمَنْ كَانَ سَبِيلُهُ الْعِلْمَ التَّخَلُّفُ عَنْ حِفْظِ حَدِيثِ أَسْمَاءَ فِي رَدِّ الشَّمْسِ ; لِأَنَّهُ مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ (6) .
قُلْتُ: أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ رَوَاهُ مِنَ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَجْمَعْ طُرُقَهُ وَأَلْفَاظَهُ الَّتِي تَدُلُّ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ عَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ. وَتِلْكَ الطَّرِيقُ رَاوِيهَا مَجْهُولٌ عِنْدَهُ، لَيْسَ مَعْلُومَ الْكَذِبِ عِنْدَهُ، فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ كَذِبُهُ.
وَالطَّحَاوِيُّ لَيْسَتْ عَادَتُهُ نَقْدَ الْحَدِيثِ كَنَقْدِ أَهْلِ الْعِلْمِ ; وَلِهَذَا رَوَى فِي " شَرْحِ مَعَانِي الْآثَارِ " الْأَحَادِيثَ الْمُخْتَلِفَةَ، وَإِنَّمَا يُرَجِّحُ مَا يُرَجِّحُهُ مِنْهَا فِي الْغَالِبِ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ الَّذِي رَآهُ حُجَّةً، وَيَكُونُ أَكْثَرُهَا مَجْرُوحًا مِنْ جِهَةِ (7) الْإِسْنَادِ لَا يَثْبُتُ، وَلَا يَتَعَرَّضُ لِذَلِكَ ; فَإِنَّهُ لَمْ تَكُنْ مَعْرِفَتُهُ بِالْإِسْنَادِ
(1) ن، م، س: كَثِيرَةٌ
(2)
ن، س، ب: مِنْ
(3)
فِي كِتَابِهِ " مُشْكِلِ الْآثَارِ " 2/11، ط حَيْدَرَ آبَادَ الدِّكِنْ، 1333
(4)
مُشْكِلُ الْآثَارِ: وَقَدْ حَكَى عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ. . . . . . .
(5)
لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب)
(6)
مُشْكِلَ الْآثَارِ: عَنْ حِفْظِ حَدِيثِ أَسْمَاءَ الَّذِي رُوِيَ لَنَا عَنْهُ لِأَنَّهُ مِنْ أَجَلِّ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ.
(7)
ن، م: حُجَّةِ.
كَمَعْرِفَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ، فَقِيهًا عَالِمًا (1) .
قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ: عَوْدُ الشَّمْسِ بَعْدَ مَغِيبِهَا آكَدُ حَالًا فِيمَا يَقْتَضِي نَقْلُهُ ; لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فَضِيلَةً لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ، وَهُوَ مُفَارِقٌ لِغَيْرِهِ مِنْ (2) فَضَائِلِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ.
قُلْتُ: وَهَذَا مِنْ أَظْهَرِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ ; فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ رَوَوْا فَضَائِلَ عَلِيٍّ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ، وَذَكَرُوهَا فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِدِ، رَوَوْهَا عَنِ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ الثِّقَاتِ الْمَعْرُوفِينَ. فَلَوْ كَانَ هَذَا مِمَّا رَوَاهُ الثِّقَاتُ، لَكَانُوا أَرْغَبَ فِي رِوَايَتِهِ، وَأَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى [بَيَانِ](3) صِحَّتِهِ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا أَحَدًا رَوَاهُ بِإِسْنَادٍ يُعْرَفُ أَهْلُهُ بِحَمْلِ الْعِلْمِ، وَلَا يُعْرَفُونَ بِالْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ، مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْكَثِيرَةِ (4) عَلَى تَكْذِيبِهِ.
(1) هُوَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ سَلَمَةَ الْأَزْدِيُّ الْحَجَرِيُّ الْمِصْرِيُّ الطَّحَاوِيُّ، الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ، انْتَهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ الْحَنَفِيَّةِ بِمِصْرَ، وُلِدَ وَنَشَأَ فِي طَحَا مِنْ صَعِيدِ مِصْرَ. وُلِدَ سَنَةَ 239 وَتُوُفِّيَ بِالْقَاهِرَةِ سَنَةَ 321. مِنْ مُصَنَّفَاتِهِ " شَرْحُ مَعَانِي الْآثَارِ "، الْمُخْتَصَرُ فِي الْفِقْهِ " وَ " مَنَاقِبُ أَبِي حَنِيفَةَ " وَ " مُشْكِلُ الْآثَارِ " انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 3/808 - 810، الْجَوَاهِرِ الْمُضِيئَةِ 1/102 - 105 وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 1/53 - 55، لِسَانِ الْمِيزَانِ 1/274 - 282، الْأَعْلَامِ 1/197. وَانْظُرْ مَا نَقَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ عَنِ الْبَيْهَقِيِّ فِي " لِسَانِ الْمِيزَانِ " 1/277: " وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامًا لِلطَّحَاوِيِّ فِي حَدِيثِ مَسِّ الذَّكَرِ فَتَعَقَّبَهُ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُبَيِّنَ خَطَأَهُ فِي هَذَا، وَسَكَتَ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ أَمْثَالِ ذَلِكَ، فَبَيَّنَ فِي كَلَامِهِ أَنَّ عِلْمَ الْحَدِيثِ لَمْ يَكُنْ مِنْ صِنَاعَتِهِ، وَإِنَّمَا أَخَذَ الْكَلِمَةَ بَعْدَ الْكَلِمَةِ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ لَمْ يُحْكِمْهَا ".
(2)
ن، م، س: فِي
(3)
بَيَانِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) .
(4)
ن: الْكَبِيرَةِ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عُقْدَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو (1) ، أَنْبَأَنَا (2) سُلَيْمَانُ بْنُ عَبَّادٍ، سَمِعْتُ بَشَّارَ بْنَ دَرَّاعٍ، قَالَ: لَقِيَ أَبُو حَنِيفَةَ (3) مُحَمَّدَ بْنَ النُّعْمَانِ (4) فَقَالَ: عَمَّنْ رَوَيْتَ حَدِيثَ رَدِّ الشَّمْسِ؟ فَقَالَ: عَنْ غَيْرِ الَّذِي رَوَيْتَ عَنْهُ يَا سَارِيَةُ الْجَبَلَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَكُلُّ هَذِهِ أَمَارَاتُ ثُبُوتِ الْحَدِيثِ.
قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَئِمَّةَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يَكُونُوا يُصَدِّقُونَ بِهَذَا الْحَدِيثِ ; فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ. وَهَذَا أَبُو حَنِيفَةَ، أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْمَشَاهِيرِ، وَهُوَ لَا يُتَّهَمُ عَلَى عَلِيٍّ، فَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ دَارِ الشِّيعَةِ، وَقَدْ لَقِيَ مِنَ الشِّيعَةِ، وَسَمِعَ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيٍّ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَهُوَ يُحِبُّهُ وَيَتَوَلَّاهُ، وَمَعَ هَذَا أَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ (5) . وَأَبُو حَنِيفَةَ أَعْلَمُ وَأَفْقَهُ مِنَ الطَّحَاوِيِّ وَأَمْثَالِهِ، وَلَمْ يُجِبْهُ ابْنُ النُّعْمَانِ بِجَوَابٍ صَحِيحٍ، بَلْ قَالَ: عَنْ غَيْرِ مَنْ رَوَيْتَ عَنْهُ حَدِيثَ: يَا سَارِيَةُ الْجَبَلَ.
فَيُقَالُ لَهُ: هَبْ أَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ، فَأَيُّ شَيْءٍ فِي كَذِبِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى
(1) م: أَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ.
(2)
س، ب: حَدَّثَنَا. . .
(3)
أَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ إِمَامُ الْحَنَفِيَّةِ، أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، أَصْلُهُ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ، وُلِدَ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ 80 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 150 انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ 13/323 - 423، الْجَوَاهِرِ الْمُضِيئَةِ 1/26 - 32 وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 5/39 - 47 الْأَعْلَامِ 9/4 - 5
(4)
عُرِفَ بَاسْمِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، وَلَعَلَّ الْمَقْصُودَ هُوَ: مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيِّ. تَرْجَمَتُهُ فِي: تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 9/492.
(5)
ن، م: عَلَى ابْنِ مُحَمَّدٍ النُّعْمَانِ وَهُوَ خَطَأٌ.