الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَمِيعُ مَا ذَكَرُوهُ أَحَدَ عَشَرَ نَفْسًا، وَاخْتُلِفَ فِي سِتَّةِ أَنْفُسٍ، هَلْ قَتَلَهُمْ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ، وَشَارَكَ فِي ثَلَاثَةٍ. هَذَا جَمِيعُ مَا نَقَلَهُ هَؤُلَاءِ الصَّادِقُونَ (1) .
[فصل كلام الرافضي: وفي غزاة أحد لما انهزم الناس والرد عليه]
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ (2) : " وَفِي غَزَاةِ أُحُدٍ لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَرَجَعَ (3) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفَرٌ يَسِيرٌ، أَوَّلُهُمْ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو دُجَانَةَ، وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَجَاءَ عُثْمَانُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ ذَهَبَتْ فِيهَا عَرِيضَةٌ. وَتَعَجَّبَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ شَأْنِ عَلِيٍّ (4)، فَقَالَ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَعْرُجُ إِلَى السَّمَاءِ: لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَا رِ وَلَا فَتًى إِلَّا عَلِيُّ
وَقَتَلَ أَكْثَرَ (5) الْمُشْرِكِينَ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ، وَكَانَ الْفَتْحُ فِيهَا عَلَى يَدِهِ. وَرَوَى قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ (6) : «سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: أَصَابَنِي
(1) انْظُرْ فِي ذَلِكَ ابْنَ هِشَامٍ 2/365 - 374.
(2)
فِي (ك) ص. 182 (م) - 183 (م) .
(3)
ك: إِلَّا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عليهما السلام وَحْدَهُ ثُمَّ رَجَعَ. . .
(4)
ك ص 183 م) : مِنْ ثَبَاتِ عَلِيٍّ عليه السلام.
(5)
ك: وَقَتَلَ عَلِيٌّ عليه السلام أَكْثَرَ. .
(6)
ك: رَوَى قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ. .
يَوْمَ أُحُدٍ سِتَّةَ عَشَرَ ضَرْبَةً (1) ، سَقَطْتُ إِلَى الْأَرْضِ فِي أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ، فَجَاءَنِي رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ اللِّمَّةِ (2) ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَأَخَذَ بِضَبْعَيَّ، فَأَقَامَنِي، ثُمَّ قَالَ: أَقْبِلْ عَلَيْهِمْ فَقَاتِلْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ، فَهُمَا عَنْكَ رَاضِيَانِ. قَالَ عَلِيٌّ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ أَمَا تَعْرِفُ الرَّجُلَ؟ قُلْتُ: لَا وَلَكِنْ شَبَّهْتُهُ بِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ. فَقَالَ: يَا عَلِيُّ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَيْكَ (3) ، كَانَ ذَاكَ جِبْرِيلَ» " (4) .
وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ: قَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ مِنَ الْأَكَاذِيبِ الْعِظَامِ، الَّتِي لَا تَنْفُقُ إِلَّا عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفِ الْإِسْلَامَ، وَكَأَنَّهُ يُخَاطِبُ بِهَذِهِ الْخُرَافَاتِ مَنْ لَا يَعْرِفُ مَا جَرَى فِي الْغَزَوَاتِ، كَقَوْلِهِ:" إِنَّ عَلِيًّا قَتَلَ أَكْثَرَ الْمُشْرِكِينَ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ، وَكَانَ الْفَتْحُ فِيهَا عَلَى يَدِهِ ".
فَيُقَالُ: آفَةُ الْكَذِبِ الْجَهْلُ. وَهَلْ كَانَ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ فَتْحٌ؟ بَلْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ هَزَمُوا الْعَدُوَّ أَوَّلًا، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ وَكَّلَ بِثُغْرَةِ الْجَبَلِ الرُّمَاةَ، وَأَمَرَهُمْ بِحِفْظِ ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَأَنْ لَا يَأْتُوهُمْ سَوَاءٌ غَلَبُوا أَوْ غُلِبُوا، فَلَمَّا انْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ صَاحَ بَعْضُهُمْ: أَيْ قَوْمِ الْغَنِيمَةَ! فَنَهَاهُمْ أَمِيرُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ، وَرَجَعَ الْعَدُوُّ عَلَيْهِمْ، وَأَمِيرُ الْمُشْرِكِينَ
(1) سِتَّةَ عَشَرَ ضَرْبَةً: كَذَا فِي (ك) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ نَقْلًا عَنْهَا، وَهُوَ خَطَأٌ. وَالصَّوَابُ: سِتَّ عَشْرَةَ ضَرْبَةً.
(2)
س، ب: اللِّحْيَةِ.
(3)
ن، م، س: عَيْنَاكَ.
(4)
ك: فَإِنَّهُ كَانَ جِبْرِيلَ عليه السلام.
إِذْ ذَاكَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَأَتَاهُمْ مِنْ ظُهُورِهِمْ، فَصَاحَ الشَّيْطَانُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ. وَاسْتُشْهِدَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ سَبْعِينَ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ.
وَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ (1) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُهُ (2) ، وَكَانَ يَوْمَ بَلَاءٍ وَفِتْنَةٍ وَتَمْحِيصٍ، وَانْصَرَفَ الْعَدُوُّ عَنْهُمْ مُنْتَصِرًا، حَتَّى هَمَّ بِالْعَوْدِ (3) إِلَيْهِمْ، فَنَدَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمِينَ لِلِحَاقِهِ.
وَقِيلَ: إِنَّ فِي هَؤُلَاءِ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 172]، وَكَانَ فِي هَؤُلَاءِ الْمُنْتَدَبِينَ: أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ، قَالَتْ عَائِشَةُ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: أَبُوكَ وَجَدُّكَ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} (4) ، وَلَمْ يُقْتَلْ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا نَفَرٌ قَلِيلٌ، وَقَصَدَ الْعَدُوُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاجْتَهَدُوا فِي قَتْلِهِ، وَكَانَ مِمَّنْ ذَبَّ عَنْهُ
(1) م: فِي الصَّحِيحِ.
(2)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/523، 5/21.
(3)
س، ب: بِالْعَدُوِّ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(4)
الْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي: الْبُخَارِيِّ 5/102 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) وَنَصُّهُ: قَالَتْ لِعُرْوَةَ: يَا ابْنَ أُخْتِي كَانَ أَبُوكَ مِنْهُمْ: الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ وَانْصَرَفَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا. قَالَ: " مَنْ يَذْهَبُ فِي إِثْرِهِمْ؟ " فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، قَالَ: كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ. وَالْحَدِيثُ فِي: مُسْلِمٍ 4/1880 - 1881 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ. .) ، تَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ 144 - 145.
يَوْمَئِذٍ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه وَجَعَلَ يَرْمِي عَنْهُ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَهُ:" «ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي» ".
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ سَعْدٍ قَالَ: جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ» (1) . وَكَانَ سَعْدٌ مُجَابَ الدَّعْوَةِ مُسَدَّدَ الرَّمْيَةِ.
وَكَانَ فِيهِمْ أَبُو طَلْحَةَ رَامِيًا، وَكَانَ (2) شَدِيدَ النَّزْعِ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: وَقَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ فَشُلَّتْ يَدُهُ. وَظَاهَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ دِرْعَيْنِ، وَقُتِلَ دُونَهُ نَفَرٌ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي " السِّيرَةِ " فِي النَّفَرِ الَّذِينَ قَامُوا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ (3) : " تَرَّسَ دُونَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَبُو دُجَانَةَ بِنَفْسِهِ: يَقَعُ النَّبْلُ فِي ظَهْرِهِ وَهُوَ مُنْحَنٍ عَلَيْهِ، حَتَّى كَثُرَ فِيهِ النَّبْلُ. وَرَمَى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ دُونَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ سَعْدٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يُنَاوِلُنِي النَّبْلَ، وَيَقُولُ (4) : "«ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي» "، حَتَّى إِنَّهُ لَيُنَاوِلُنِي السَّهْمَ مَالَهُ نَصْلٌ، فَيَقُولُ: " ارْمِ " (5) .
(1) الْحَدِيثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 5/22 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ. . .) ، مُسْلِمٍ 4/1876 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابٌ فِي فَضْلِ سَعْدٍ. . .) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/314 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي إِسْحَاقَ سَعْدٍ. . . سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/47 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابٌ فِي فَضَائِلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ. . .، فَضْلُ سَعْدٍ. . .) الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ رَقْمَ 1495، 1562.
(2)
س، ب: فَكَانَ.
(3)
فِي: سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ 3/87.
(4)
ابْنُ هِشَامٍ: وَهُوَ يَقُولُ:
(5)
ابْنُ هِشَامٍ: ارْمِ بِهِ. وَالْكَلَامُ التَّالِي بَعْدَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ 3/86.
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ غَشِيَهُ الْقَوْمُ: " مَنْ رَجُلٌ (1) يَشْرِي لَنَا نَفْسَهُ؟ ". . . فَقَامَ (2) زِيَادُ بْنُ السَّكَنِ فِي نَفَرٍ خَمْسَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ - وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ عُمَارَةُ بْنُ زَيْدِ (3) بْنِ السَّكَنِ - فَقَاتَلُوا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا، ثُمَّ رَجُلًا، يُقْتَلُونَ دُونَهُ، حَتَّى كَانَ آخِرَهُمْ زِيَادٌ أَوْ عُمَارَةُ (4) ، فَقَاتَلَ حَتَّى أَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ، ثُمَّ فَاءَتْ فِئَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَجْهَضُوهُمْ عَنْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" «أَدْنُوهُ مِنِّي» " فَأَدْنَوْهُ مِنْهُ، فَوَسَّدَهُ قَدَمَهُ، فَمَاتَ وَخَدُّهُ عَلَى قَدَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ".
قَالَ (5) : " وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «رَمَى عَنْ قَوْسِهِ (6) حَتَّى انْدَقَّتْ سِيَتُهَا (7) ، فَأَخَذَهَا قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ، وَأُصِيبَتْ يَوْمَئِذٍ عَيْنُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، حَتَّى وَقَعَتْ عَلَى وَجْنَتِهِ» (8) . وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «رَدَّهَا بِيَدِهِ وَكَانَتْ (9) أَحْسَنَ عَيْنَيْهِ وَأَحَدَّهُمَا» "(10) .
(1) رَجُلٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(2)
بَعْدَ كَلِمَةِ " نَفْسَهُ " يُوجَدُ فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ عِبَارَاتٌ اسْتَغْرَقَتْ سَطْرًا لَمْ يَذْكُرْهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ
(3)
ابْنُ هِشَامٍ: بْنُ يَزِيدَ.
(4)
ن، م، س: زِيَادُ بْنُ عُمَارَةَ.
(5)
أَيِ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي " سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ 3/87
(6)
م: رَمَى بِيَدِهِ عَنْ قَوْسِهِ.
(7)
السِّيَةُ: طَرَفُ الْقَوْسِ.
(8)
ن، م، س: وَجْنَتَيْهِ.
(9)
ابْنُ هِشَامٍ: فَكَانَتْ.
(10)
ذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ هَذَا الْخَبَرَ فِي تَرْجَمَةِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ فِي " الْإِصَابَةِ " 3/217 وَقَالَ إِنَّ الْوَاقِعَةَ حَدَثَتْ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، ثُمَّ قَالَ:" وَجَاءَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ أَنَّهَا أُصِيبَتْ يَوْمَ أُحُدٍ. أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ شَاهِينَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَى الْعُذْرِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ أُصِيبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَوَقَعَتْ عَلَى وَجْنَتِهِ، فَرَدَّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فَكَانَتْ أَصَحَّ عَيْنَيْهِ. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " الدَّلَائِلِ " مِنْ طَرِيقِ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عَيْنَهُ ذَهَبَتْ - يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم فَرَدَّهَا فَاسْتَقَامَتْ. وَسَاقَهَا ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ مُطَوَّلَةً مُرْسَلَةً ".
وَلَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ مِنَ الَّذِينَ كَانُوا يَدْفَعُونَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَلْ كَانُوا مَشْغُولِينَ بِقِتَالِ آخَرِينَ، وَجُرِحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي جَبِينِهِ، وَلَمْ يُجْرَحْ عَلِيٌّ.
فَقَوْلُهُ: " إِنَّ عَلِيًّا قَالَ أَصَابَتْنِي يَوْمَ أُحُدٍ سِتَّ عَشْرَةَ (1) ضَرْبَةً، سَقَطْتُ إِلَى الْأَرْضِ فِي أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ "(2) .
كَذِبٌ عَلَى عَلِيٍّ، وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ. فَأَيْنَ إِسْنَادُ هَذَا؟ وَمَنِ الَّذِي صَحَّحَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؟ وَفِي أَيِّ كِتَابٍ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي يُعْتَمَدُ عَلَى نَقْلِهَا ذُكِرَ هَذَا؟ بَلِ الَّذِي جُرِحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ (3) : " فَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى فَمِ الشِّعْبِ خَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ حَتَّى مَلَأَ دَرَقَتَهُ مِنَ الْمِهْرَاسِ (4) فَجَاءَ
(1) م: سَبْعَةَ عَشَرَ.
(2)
س، ب: سَقَطْتُ فِي أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ إِلَى الْأَرْضِ.
(3)
ابْنُ هِشَامٍ 3/90 - 91.
(4)
ن، س: حَتَّى مَلَأَ تُرْسَهُ دَرَقَتَهُ مِنَ الْمِهْرَاسِ، ب: حَتَّى مَلَأَ تُرْسَهُ مِنَ الْمِهْرَاسِ، ابْنُ هِشَامٍ: حَتَّى مَلَأَ دَرَقَتَهُ مَاءً مِنَ الْمِهْرَاسِ. وَفِي " اللِّسَانِ ": الدَّرَقَةُ الْحَجَفَةُ وَهِيَ تُرْسٌ مِنْ جُلُودٍ لَيْسَ فِيهِ خَشَبٌ وَلَا عَقَبٌ ". وَفِي التَّعْلِيقِ عَلَى ابْنِ هِشَامٍ: " قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: الْمِهْرَاسُ: مَاءٌ بِأُحُدٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمِهْرَاسُ: حَجَرٌ يُنْقَرُ وَيُجْعَلُ إِلَى جَانِبِ الْبِئْرِ وَيُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ النَّاسُ ".
بِهِ رَسُولَ (1) اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَشْرَبَ مِنْهُ، فَوَجَدَ لَهُ رِيحًا، فَعَافَهُ فَلَمْ يَشْرَبْ مِنْهُ، وَغَسَلَ عَنْ وَجْهِهِ الدَّمَ، وَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ:" «اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ أَدْمَى (2) وَجْهَ نَبِيِّهِ» "(3) .
وَقَوْلُهُ: " إِنَّ عُثْمَانَ جَاءَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامِ " كَذِبٌ آخَرُ.
وَقَوْلُهُ: " إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ وَهُوَ يَعْرُجُ:
لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَا
…
رِ وَلَا فَتًى إِلَّا عَلِيُّ (4) ".
كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ ; فَإِنَّ ذَا الْفَقَارِ لَمْ يَكُنْ لِعَلِيٍّ، وَلَكِنْ كَانَ سَيْفًا لِأَبِي جَهْلٍ غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «تَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَيْفَهُ
(1) ابْنُ هِشَامٍ: فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ. . .
(2)
ابْنُ هِشَامٍ 3/91: دَمَّى.
(3)
فِي الْبُخَارِيِّ 5/101 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ مَا أَصَابَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْجِرَاحِ يَوْمَ أُحُدٍ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: " اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَبِيلِ اللَّهِ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ دَمَّوْا وَجْهَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَاءَتْ عِبَارَةُ " اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ دَمَّوْا وَجْهَ رَسُولِهِ " مَرْفُوعَةً إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ضِمْنَ حَدِيثٍ مُطَوَّلٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 4/209 - 211 (رَقْمَ 2609) فِيهِ أَخْبَارُ غَزْوَةِ أُحُدٍ وَصَحَّحَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِر رحمه الله إِسْنَادَهُ وَقَالَ: إِنَّ الْحَاكِمَ رَوَاهُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ 2/296 - 297 وَصَحَّحَهُ هُوَ وَالذَّهَبِيُّ وَذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي التَّفْسِيرِ 2/261 - 262 وَنَقَلَ كَلَامَ ابْنِ كَثِيرٍ عَنْهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ فِي " مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ " 6/110 - 111 وَفِي " الدُّرِّ الْمَنْثُورِ " 2/84 ثُمَّ قَالَ: " وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ حَقًّا، فِي لَفْظِهِ مَا يُوهِمُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ شَهِدَ الْوَقْعَةَ، وَمَا كَانَ ذَلِكَ قَطُّ، فَإِنَّهُ كَانَ إِذْ ذَاكَ طِفْلًا مَعَ أَبِيهِ بِمَكَّةَ. وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ شَهِدَ أُحُدًا، وَنَسِيَ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنْ يَذْكُرَ مَنْ حَدَّثَ ابْنَ عَبَّاسٍ بِهِ ".
(4)
سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْخَبَرِ فِيمَا مَضَى 50/68 - 69.
ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ. قَالَ:" رَأَيْتُ فِي سَيْفِي ذِي الْفَقَارِ فَلًّا فَأَوَّلْتُهُ فَلًّا يَكُونُ فِيكُمْ، وَرَأَيْتُ أَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا، فَأَوَّلْتُهُ كَبْشَ الْكَتِيبَةِ، وَرَأَيْتُ أَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ، وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُذْبَحُ، فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ " فَكَانَ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» (1) .
وَهَذَا الْكَذِبُ الْمَذْكُورُ فِي ذِي الْفَقَارِ مِنْ جِنْسِ كَذِبِ بَعْضِ الْجُهَّالِ: أَنَّهُ كَانَ لَهُ سَيْفٌ يَمْتَدُّ إِذَا ضَرَبَ بِهِ كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يَعْلَمُ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَطُّ، لَا سَيْفُ عَلِيٍّ وَلَا غَيْرُهُ. وَلَوْ كَانَ سَيْفُهُ يَمْتَدُّ لَمَدَّهُ يَوْمَ قَاتَلَ مُعَاوِيَةَ.
(1) الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي " الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 4/146 - 147. وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِر رحمه الله فِي تَعْلِيقِهِ: " إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ. وَالْحَدِيثُ ذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي التَّارِيخِ 4/11 - 12 مِنْ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ بِأَطْوَلَ مِمَّا هُنَا، وَقَالَ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ، بِهِ ذُو الْفَقَارِ (بِفَتْحِ الْفَاءِ) : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَتْ فِيهِ حُفَرٌ صِغَارٌ حِسَانٌ، وَالسَّيْفُ الْمُفَقَّرُ: الَّذِي فِيهِ حُزُوزٌ مُطْمَئِنَّةٌ عَنْ مَتْنِهِ. الْفَلُّ (بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ) : الثَّلْمُ فِي السَّيْفِ، وَأَصْلُهُ: الْكَسْرُ وَالضَّرْبُ، وَمِنْهُ الْفَلُّ لِلْقَوْمِ الْمُنْهَزِمِينَ " وَوَجَدْتُ أَنَّ ابْنَ مَاجَهْ ذَكَرَ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا فِي سُنَنِهِ 2/939 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ السِّلَاحِ) وَلَفْظُهُ فِيهِ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَنَفَّلَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/267 عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه وَلَفْظُهُ: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ كَأَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا، وَكَأَنَّ ظُبَةَ سَيْفِي انْكَسَرَتْ، فَأَوَّلْتُ أَنِّي أَقْتُلُ صَاحِبَ الْكَتِيبَةِ، وَأَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُقْتَلُ ". وَفِي ابْنِ هِشَامٍ 3/66 - 67: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ وَاللَّهِ خَيْرًا. رَأَيْتُ بَقَرًا، وَرَأَيْتُ فِي ذُبَابِ سَيْفِي ثَلَمًا، وَرَأَيْتُ أَنِّي أَدْخَلْتُ يَدِي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ "، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " رَأَيْتُ بَقَرًا لِي تُذْبَحُ. قَالَ: فَأَمَّا الْبَقَرُ فَهِيَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِي يُقْتَلُونَ. وَأَمَّا الثَّلَمُ الَّذِي رَأَيْتُ فِي ذُبَابِ سَيْفِي، فَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُقْتَلُ " وَلَمْ أَعْرِفْ مَكَانَ الْحَدِيثِ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ.
وَقَالَ بَعْضُ الْجُهَّالِ: إِنَّهُ مَدَّ يَدَهُ حَتَّى عَبَرَ الْجَيْشُ عَلَى يَدِهِ بِخَيْبَرَ، وَإِنَّهُ قَالَ لِلْبَغْلَةِ:" قَطَعَ اللَّهُ نَسْلَكِ " فَانْقَطَعَ نَسْلُهَا. هَذَا مِنَ الْكَذِبِ الْبَيِّنِ ; فَإِنَّهُ يَوْمَ خَيْبَرَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ بَغْلَةٌ، وَلَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ بَغْلَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بَغْلَتَهُ الَّتِي أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقِسُ، وَذَلِكَ بَعْدَ غَزْوَةِ خَيْبَرَ، بَعْدَ أَنْ أَرْسَلَ إِلَى الْأُمَمِ، وَأَرْسَلَ إِلَى مُلُوكِ الْأَرْضِ (1) : هِرَقْلَ مَلِكِ الشَّامِ، وَإِلَى الْمُقَوْقِسِ مَلِكِ مِصْرَ، وَإِلَى كِسْرَى مَلِكِ الْفُرْسِ. وَأَرْسَلَ إِلَى مُلُوكِ الْعَرَبِ (2) مِثْلَ صَاحِبِ الْيَمَامَةِ وَغَيْرِهِ.
وَأَيْضًا فَالْجَيْشُ لَمْ يَعْبُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى يَدِ عَلِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ، وَالْبَغْلَةُ لَمْ تَزَلْ عَقِيمًا قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ تَلِدُ فَعَقِمَتْ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ دَعَا عَلَى بَغْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ تَعُمَّ الدَّعْوَةُ جِنْسَ الْبِغَالِ.
وَمِثْلُ هَذَا الْكَذِبِ الظَّاهِرِ قَوْلُ بَعْضِ الْكَذَّابِينَ: إِنَّهُ لَمَّا سُبِيَ بَعْضُ أَهْلِ الْبَيْتِ حُمِلُوا عَلَى الْجِمَالِ عَرَايَا، فَنَبَتَتْ لَهُمْ سَنَامَاتٌ مِنْ يَوْمِئِذٍ، وَهِيَ الْبَخَاتِيُّ. وَأَهْلُ الْبَيْتِ لَمْ يُسْبَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا حُمِلَ أَحَدٌ مِنْ نِسَائِهِمْ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ، وَإِنَّمَا جَرَى هَذَا عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ بِسَبَبِ الرَّافِضَةِ، كَمَا قَدْ عَلِمَهُ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ.
بَلْ هَذَا الْكَذِبُ مِثْلُ كَذِبِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْحَجَّاجَ قَتَلَ الْأَشْرَافَ، وَالْحَجَّاجُ (3) لَمْ يَقْتُلْ أَحَدًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، مَعَ ظُلْمِهِ وَفَتْكِهِ بِكَثِيرٍ مِنْ
(1) ن، م، س: إِلَى مُلُوكِ الشَّامِ وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ.
(2)
ن، م، س: مَلِكِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(3)
وَالْحَجَّاجُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.