الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَرْحَمُ» " (1) .
وَقَوْلُهُ: " إِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ يَقِينِهِ بِاللَّهِ ".
كَذِبٌ وَبُهْتٌ (2) ، فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ قَدْ حَزِنُوا، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ يَقِينِهِمْ بِاللَّهِ، كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ عَنْ يَعْقُوبَ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا مَاتَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ قَالَ:" «تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرْضِي الرَّبَّ، وَإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ» (3) ".
وَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنِ الْحُزْنِ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} [سُورَةُ النَّحْلِ: 127] .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " يَدُلُّ عَلَى الْخَوَرِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ ".
هُوَ بَاطِلٌ، كَمَا تَقَدَّمَ نَظَائِرُهُ.
[كلام الرافضي على حزن أبي بكر رضي الله عنه والرد عليه]
فَصْلٌ.
وَقَوْلُهُ: " وَإِنْ كَانَ الْحُزْنُ طَاعَةً اسْتَحَالَ نَهْيُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ مَعْصِيَةً كَانَ مَا ادَّعَوْهُ فَضِيلَةً رَذِيلَةً ".
(1) الْحَدِيثَ ـ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي: الْبُخَارِيِّ 2/84 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ الْبُكَاءِ عِنْدَ الْمَرِيضِ) وَأَوَّلُهُ: " اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ. . . وَمِنْهُ: أَلَا تَسْمَعُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ. . الْحَدِيثَ. وَهُوَ فِي: مُسْلِمٍ 2/636 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ) وَجَاءَتْ بَعْضُ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ فِي: الْبُخَارِيِّ 7/51 (كِتَابُ الطَّلَاقِ، بَابُ الْإِشَارَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالْأُمُورِ) .
(2)
ن، م: كَذِبٌ بَحْتٌ.
(3)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/46 وَأَوَّلُهُ هُنَاكَ: " إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ. . .
وَالْجَوَابُ أَوَّلًا: أَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ أَحَدٌ أَنَّ مُجَرَّدَ الْحُزْنِ كَانَ هُوَ الْفَضِيلَةَ، بَلِ الْفَضِيلَةُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:{إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} الْآيَةَ [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 40] .
فَالْفَضِيلَةُ كَوْنُهُ هُوَ الَّذِي خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ الْحَالِ وَاخْتَصَّ بِصُحْبَتِهِ، وَكَانَ لَهُ كَمَالُ الصُّحْبَةِ مُطْلَقًا، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ:" {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} "(1) ، وَمَا يَتَضَمَّنُهُ ذَلِكَ مِنْ كَمَالِ مُوَافَقَتِهِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَحَبَّتِهِ وَطُمَأْنِينَتِهِ، وَكَمَالِ مَعُونَتِهِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمُوَالَاتِهِ فَفِي (2) هَذِهِ الْحَالِ مِنْ كَمَالِ إِيمَانِهِ، وَتَقْوَاهُ مَا (3) هُوَ الْفَضِيلَةُ.
وَكَمَالُ مَحَبَّتِهِ وَنَصْرِهِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْمُوجِبُ لِحُزْنِهِ إِنْ كَانَ حَزِنَ مَعَ أَنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ حَزِنَ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَيُقَالُ: ثَانِيًا: هَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي قَوْلِهِ عز وجل لِنَبِيِّهِ: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [سُورَةُ النَّحْلِ: 127]، وَقَوْلِهِ:{لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} [سُورَةُ الْحِجْرِ: 88] وَنَحْوِ ذَلِكَ، بَلْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لِمُوسَى:{خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى} [سُورَةُ طه: 21] .
(1) سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا مَضَى فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص
(2)
ن، س، ب: فِي
(3)
مَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .
فَيُقَالُ: إِنْ كَانَ الْخَوْفُ طَاعَةً فَقَدْ نَهَى عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ مَعْصِيَةً فَقَدْ عَصَى.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ أُمِرَ أَنْ يَطْمَئِنَّ وَيَثْبُتَ، لِأَنَّ الْخَوْفَ يَحْصُلُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْعَبْدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوجِبُ الْأَمْنَ فَإِذَا حَصَلَ مَا يُوجِبُ الْأَمْنَ زَالَ الْخَوْفُ.
فَقَوْلُهُ لِمُوسَى {وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى} [سُورَةُ طه: 21] هُوَ أَمْرٌ مَقْرُونٌ بِخَبَرِهِ بِمَا يُزِيلُ الْخَوْفَ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} [سُورَةُ طه: 67، 68] هُوَ نَهْيٌ عَنِ الْخَوْفِ مَقْرُونٌ بِمَا يُوجِبُ زَوَالَهُ.
* وَكَذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِصِدِّيقِهِ: " {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} نَهْيٌ عَنِ الْحُزْنِ مَقْرُونٌ بِمَا يُوجِبُ زَوَالَهُ * (1) وَهُوَ قَوْلُهُ.
إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا وَإِذَا حَصَلَ الْخَبَرُ بِمَا يُوجِبُ زَوَالَ الْحُزْنِ وَالْخَوْفِ زَالَ وَإِلَّا فَهُوَ تَهَجُّمٌ عَلَى الْإِنْسَانِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.
وَهَكَذَا قَوْلُ صَاحِبِ مَدْيَنَ لِمُوسَى لَمَّا قَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ: {لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [سُورَةُ الْقَصَصِ: 25] وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 139] قَرَنَ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ بِمَا يُزِيلُهُ مِنْ إِخْبَارِهِ أَنَّهُمْ هُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [سُورَةُ النَّحْلِ: 127] مَقْرُونٌ بِقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [سُورَةُ النَّحْلِ: 128] وَإِخْبَارُهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ مَعَهُمْ يُوجِبُ زَوَالَ الضَّيِّقِ مِنْ مَكْرِ عَدُوِّهِمْ.
وَقَدْ قَالَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ يَوْمَ بَدْرٍ: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 126] .
وَيُقَالُ: ثَالِثًا: لَيْسَ فِي نَهْيِهِ عَنِ الْحُزْنِ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، بَلْ قَدْ يَنْهَى عَنْهُ لِئَلَّا يُوجَدَ إِذَا وُجِدَ مُقْتَضِيهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَضُرُّنَا كَوْنُهُ مَعْصِيَةً لَوْ وُجِدَ فَالنَّهْيُ قَدْ يَكُونُ نَهْيَ تَسْلِيَةٍ وَتَعْزِيَةٍ وَتَثْبِيتٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَعْصِيَةً، بَلْ قَدْ يَكُونُ مِمَّا يَحْصُلُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمُنْهَى وَقَدْ يَكُونُ الْحُزْنُ مِنْ هَذَا الْبَابِ.
وَلِذَلِكَ قَدْ يُنْهَى الرَّجُلُ عَنْ إِفْرَاطِهِ فِي الْحُبِّ وَإِنْ كَانَ الْحُبُّ مِمَّا لَا يُمْلَكُ وَيُنْهَى عَنِ الْغَشْيِ وَالصَّعْقِ وَالِاخْتِلَاجِ وَإِنْ كَانَ هَذَا يَحْصُلُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَالنَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ لَيْسَ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مَعْصِيَةٌ إِذَا حَصَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَلَمْ يَكُنْ سَبَبُهُ مَحْظُورًا.
فَإِنْ قِيلَ فَيَكُونُ قَدْ نُهِيَ عَمَّا لَا يُمْكِنُ تَرْكُهُ.
قِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالضِّدِّ الْمُنَافِي لِلْحُزْنِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى اكْتِسَابِهِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَسْتَرْسِلُ فِي أَسْبَابِ الْحُزْنِ وَالْخَوْفِ وَسُقُوطِ بَدَنِهِ فَإِذَا سَعَى فِي اكْتِسَابِ (2) مَا يُقَوِّيهِ ثَبَتَ قَلْبُهُ وَبَدَنُهُ، وَعَلَى
(1) : مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(2)
م فِي اكْتِسَابِهِ.
هَذَا فَيَكُونُ النَّهْيُ (1) عَنْ هَذَا أَمْرًا (2) بِمَا يُزِيلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْصِيَةً كَمَا يُؤْمَرُ الْإِنْسَانُ بِدَفْعِ عَدُوِّهُ عَنْهُ، وَبِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْذِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَصَلَ بِذَنْبٍ مِنْهُ.
وَالْحُزْنُ يُؤْذِي الْقَلْبَ، فَأُمِرَ بِمَا يُزِيلُهُ كَمَا يُؤْمَرُ بِمَا يُزِيلُ النَّجَاسَةَ، وَالْحُزْنُ (3) إِنَّمَا حَصَلَ بِطَاعَةٍ، وَهُوَ مَحَبَّةُ الرَّسُولِ وَنُصْحُهُ، وَلَيْسَ هُوَ بِمَعْصِيَةٍ (4) يُذَمُّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا حَصَلَ بِسَبَبِ الطَّاعَةِ لِضَعْفِ الْقَلْبِ الَّذِي لَا يُذَمُّ (5) الْمَرْءُ عَلَيْهِ وَأُمِرَ بِاكْتِسَابِ قُوَّةٍ تَدْفَعُهُ عَنْهُ لِيُثَابَ عَلَى ذَلِكَ.
وَيُقَالُ: رَابِعًا لَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْحُزْنَ كَانَ مَعْصِيَةً فَهُوَ فَعَلَهُ قَبْلَ أَنْ يُنْهَى عَنْهُ فَلَمَّا نُهِيَ عَنْهُ لَمْ يَفْعَلْهُ، وَمَا فُعِلَ قَبْلَ التَّحْرِيمِ فَلَا إِثْمَ فِيهِ كَمَا كَانُوا قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ يَشْرَبُونَهَا وَيُقَامِرُونَ فَلَمَّا نُهُوا عَنْهَا انْتَهَوْا، ثُمَّ تَابُوا كَمَا تَقَدَّمَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ (6) : " وَأَمَّا حُزْنُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَإِنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَنْهَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ (7) كَانَ غَايَةَ الرِّضَا لِلَّهِ فَإِنَّهُ (8) كَانَ إِشْفَاقًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلِذَلِكَ (9) كَانَ اللَّهُ مَعَهُ وَاللَّهُ لَا يَكُونُ قَطُّ مَعَ الْعُصَاةِ (10) بَلْ عَلَيْهِمْ، وَمَا حَزِنَ أَبُو بَكْرٍ قَطُّ بَعْدَ أَنْ
(1) ن، م: الْمَنْهِيُّ
(2)
أَمْرًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (م)
(3)
(3 - 3) سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)
(4)
م: مَعْصِيَةً
(5)
م: لَا يَلُومُ
(6)
فِي كِتَابِهِ " الْفِصَلِ. . . " 4/221
(7)
عَنْهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، (س)، (ب) . وَفِي " الْفِصَلِ ": عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
(8)
الْفِصَلُ: لِأَنَّهُ
(9)
ن، م، س وَكَذَلِكَ
(10)
) الْفِصَلُ: وَهُوَ تَعَالِي لَا يَكُونُ مَعَ الْعُصَاةِ.
نَهَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحُزْنِ، وَلَوْ كَانَ لِهَؤُلَاءِ الْأَرْذَالِ (1) حَيَاءٌ، أَوْ عِلْمٌ لَمْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا، إِذْ لَوْ كَانَ حُزْنُ أَبِي بَكْرٍ عَيْبًا عَلَيْهِ لَكَانَ ذَلِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَيْبًا (2)، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِمُوسَى:{سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} [سُورَةُ الْقَصَصِ: 35]، ثُمَّ قَالَ عَنِ السَّحَرَةِ لَمَّا قَالُوا (3) :{إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى} إِلَى قَوْلِهِ: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} [سُورَةُ طه: 67، 68](4) ، فَهَذَا مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِيمُهُ كَانَ قَدْ (5) أَخْبَرَهُ اللَّهُ عز وجل بِأَنَّ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ لَا يَصِلُونَ إِلَيْهِمَا، وَأَنَّهُ هُوَ الْغَالِبُ (6) ، ثُمَّ أَوْجَسَ (7) فِي نَفْسِهِ خِيفَةً بَعْدَ ذَلِكَ فَإِيجَاسُ (8) مُوسَى لَمْ يَكُنْ (9) إِلَّا لِنِسْيَانِهِ الْوَعْدَ الْمُتَقَدِّمَ، وَحُزْنُ أَبِي بَكْرٍ كَانَ قَبْلَ (10) أَنْ يُنْهَى عَنْهُ، وَأَمَّا
(1) 1) س، ب: الْأَرَاذِلِ
(2)
2) الْفِصَلُ: عَلَى مُحَمَّدٍ وَمُوسَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَيْبًا
(3)
3) الْفِصَلُ: ثُمَّ قَالَ تَعَالَى عَنِ السَّحَرَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا لِمُوسَى. .
(4)
4) فِي الْفِصَلِ ذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ الْآيَاتِ كُلَّهَا مُتَّصِلَةً
(5)
5) الْفِصَلُ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ.
(6)
6) الْفِصَلُ: إِلَيْهِ، وَأَنَّ مُوسَى وَمَنِ اتَّبَعَهُ هُوَ الْغَالِبُ. .
(7)
7) ن، س، ب: وَأَوْجَسَ.
(8)
8) اخْتَصَرَ ابْنُ تَيْمِيَةَ كَلَامَ ابْنِ حَزْمٍ وَتَرَكَ مَا يَقْرُبُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسْطُرٍ مِنْ كَلَامِهِ، وَبَدَأَ كَلَامَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِعِبَارَةِ: " بَلْ إِيجَاسُ. .
(9)
الْفِصَلُ: مُوسَى الْخِيفَةَ فِي نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ. . .
(10)
) الْفِصَلُ: وَحُزْنُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه رِضًا لِلَّهِ تَعَالِي قَبْلَ. .
مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ (1) :{وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ} [سُورَةُ لُقْمَانَ: 23] وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [سُورَةُ النَّحْلِ: 127]، وَقَالَ:{فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} [سُورَةُ يس: 76](2)، {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [سُورَةُ فَاطِرٍ: 8] ، وَوَجَدْنَاهُ (3) تَعَالَى قَدْ قَالَ:{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 33] فَقَدْ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ يَعْلَمُ (4) أَنَّ رَسُولَهُ (5) يُحْزِنُهُ الَّذِي يَقُولُونَ وَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَيَلْزَمُهُمْ (6) فِي حَزْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَالَّذِي أَوْرَدُوا (7) فِي حَزْنِ أَبِي بَكْرٍ سَوَاءً (8) وَنَعَمْ (9) إِنَّ حُزْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا كَانُوا يَقُولُونَ مِنَ الْكُفْرِ كَانَ طَاعَةً لِلَّهِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَاهُ اللَّهُ كَمَا كَانَ (10) حُزْنُ أَبِي بَكْرٍ طَاعَةً لِلَّهِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَاهُ عَنْهُ، وَمَا حَزِنَ أَبُو بَكْرٍ
(1) الْفِصَلُ:. . يَنْهَى عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ نَهْيٌ عَنِ الْحُزْنِ، وَأَمَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل قَالَ.
(2)
زَادَ فِي " الْفِصَلِ " إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَبَعْدَهَا: وَقَالَ تَعَالَى.
(3)
قَبْلَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي " الْفِصَلِ " ذَكَرَ آيَةَ رَقْمِ 6 مِنْ سُورَةِ الْكَهْفِ " فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ. . .
(4)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (س)(ب)
(5)
الْفِصَلُ 4/222: " وَقَالَهُ أَيْضًا فِي الْأَنْعَامِ. فَهَذَا اللَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَنَا أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(6)
الْفِصَلُ: وَنَهَاهُ عز وجل عَنْ ذَلِكَ نَصًّا، فَيَلْزَمُهُمْ.
(7)
الْفِصَلُ:. . وَسَلَّمَ الَّذِي نَهَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَالَّذِي أَرَادُوا. .
(8)
الْفِصَلُ:. . سَوَاءً سَوَاءً
(9)
ب (فَقَطْ) : وَنَعْلَمُ.
(10)
الْفِصَلُ: قَبْلَ أَنْ يَنْهَاهُ اللَّهُ عز وجل، وَمَا حَزِنَ عليه السلام بَعْدَ أَنْ نَهَاهُ رَبُّهُ تَعَالَى عَنِ الْحُزْنِ، كَمَا كَانَ.