الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُمَيْرٍ، وَمِنَ الْأَنْصَارِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَسِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ (1) - يَعْنِي أَبَا دُجَانَةَ - وَغَيْرُهُمَا، وَوَجَدْنَا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ قَدْ شَارَكَاهُ فِي ذَلِكَ بِحَظٍّ حَسَنٍ، وَإِنْ لَمْ يَلْحَقَا بِحُظُوظِ هَؤُلَاءِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِشُغْلِهِمَا بِالْأَفْضَلِ مِنْ مُلَازَمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمُؤَازَرَتِهِ فِي حِينِ الْحَرْبِ، وَقَدْ بَعَثَهُمَا عَلَى الْبُعُوثِ أَكْثَرَ مِمَّا بَعَثَ عَلِيًّا، وَقَدْ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَبَعَثَ [عُمَرَ](2) إِلَى بَنِي فُلَانٍ، وَمَا نَعْلَمُ لِعَلِيٍّ بَعْثًا إِلَّا إِلَى بَعْضِ حُصُونِ خَيْبَرَ فَفَتَحَهُ (3) . فَحَصَلَ أَرْفَعُ أَنْوَاعِ الْجِهَادِ (4) لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَقَدْ شَارَكَا عَلِيًّا فِي أَقَلِّ أَنْوَاعِ الْجِهَادِ، مَعَ جَمَاعَةٍ غَيْرِهِمْ ".
[فصل التعليق على قول الرافضي بسيفه ثبت قواعد الإسلام]
(فَصْلٌ)
قُلْتُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: " بِسَيْفِهِ ثَبَّتَ قَوَاعِدَ الْإِسْلَامِ (5) وَتَشَيَّدَتْ أَرْكَانُ الدِّينِ "(6) .
فَهَذَا كَذِبٌ ظَاهِرٌ لِكُلِّ مَنْ عَرَفَ الْإِسْلَامَ، بَلْ سَيْفُهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءٍ
(1) س، ب: وَسِمَاكُ بْنُ حَارِثَةَ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ فِي " الْإِصَابَةِ " 4/59 أَبَا دُجَانَةَ الْأَنْصَارِيَّ وَقَالَ:" اسْمُهُ: سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ، وَقِيلَ: ابْنُ أَوْسِ بْنِ خَرَشَةَ " وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي " الِاسْتِيعَابِ " 4/59. وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ فِي " الْإِصَابَةِ " 2/75 صَحَابِيًّا آخَرَ اسْمُهُ " سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ الْأَنْصَارِيُّ " وَقَالَ: " آخَرُ وَهُوَ غَيْرُ أَبِي دُجَانَةَ ".
(2)
عُمَرَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (س) ، (ب) ، وَأَثْبَتُّهَا مِنَ الْفَصْلِ 4/212.
(3)
الْفَصْلُ: فَفَتَحَهُ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْهِ قَبْلَهُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَمْ يَفْتَحَاهُ.
(4)
الْفَصْلُ: الْجِهَادِ خَالِصًا. . .
(5)
ن، م، س: الْإِيمَانِ. وَسَبَقَتِ الْعِبَارَةُ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص. 95 وَفِيهَا: الْإِسْلَامِ.
(6)
سَبَقَتِ الْعِبَارَةُ مِنْ قَبْلُ وَفِيهَا: أَرْكَانُ الْإِيمَانِ، وَكَذَا هِيَ فِي (ك) .
كَثِيرَةٍ، جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ أَسْبَابِ تَثْبِيتِ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْوَقَائِعِ الَّتِي ثَبَتَ بِهَا الْإِسْلَامُ لَمْ يَكُنْ لِسَيْفِهِ فِيهَا تَأْثِيرٌ، كَيَوْمِ بَدْرٍ: كَانَ سَيْفًا مِنْ سُيُوفٍ كَثِيرَةٍ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ غَزَوَاتِ الْقِتَالِ كُلَّهَا كَانَتْ تِسْعَ غَزَوَاتٍ، وَعَلِيٌّ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَشْهَدْ قِتَالَ الرُّومِ وَفَارِسَ، وَلَمْ يُعْرَفْ لِعَلِيٍّ غَزَاةٌ أَثَّرَ فِيهَا تَأْثِيرًا مُنْفَرِدًا كَثِيرًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَلْ كَانَ نَصْرُهُ فِي الْمَغَازِي تَبَعًا لِنَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَالْحُرُوبُ الْكِبَارُ الَّتِي كَانَ فِيهَا هُوَ الْأَمِيرَ ثَلَاثَةٌ: يَوْمُ الْجَمَلِ، وَالصِّفِّينُ، وَالنَّهْرَوَانُ. وَفِي الْجَمَلِ وَالنَّهْرَوَانِ كَانَ مَنْصُورًا ; فَإِنَّ جَيْشَهُ كَانَ أَضْعَافَ الْمُقَاتِلِينَ لَهُ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَسْتَظْهِرْ عَلَى الْمُقَاتِلِينَ لَهُ (1) ، بَلْ مَا زَالُوا مُسْتَظْهِرِينَ عَلَيْهِ إِلَى أَنِ اسْتُشْهِدَ إِلَى كَرَامَةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ، وَأَمْرُهُ يَضْعُفُ، وَأَمْرُ الْمُقَاتِلِينَ لَهُ يَقْوَى.
وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِانْتِصَارَ الَّذِي كَانَ يَحْصُلُ لَهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ نَصْرًا مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ، وَلِمَنْ قَاتَلَ مَعَهُ عَلَى دِينِهِ ; فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [سُورَةُ غَافِرٍ: 51] .
وَكَذَلِكَ انْتِصَارُ غَيْرِ عَلِيٍّ، كَانْتِصَارِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ عَلَى مَنْ قَاتَلُوهُ، إِنَّمَا كَانَ نَصْرًا مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ، كَمَا وَعَدَهُ بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ.
(1) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .