المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة النساء (4) : الآيات 56 الى 57] - التفسير الوسيط لطنطاوي - جـ ٣

[محمد سيد طنطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثالث]

- ‌سورة النساء

- ‌مقدّمة

- ‌تمهيد بين يدي السورة

- ‌[سورة النساء (4) : آية 1]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 4]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 5]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 6]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 7]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 8]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 9]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 10]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 11 الى 14]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 22 الى 24]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 25]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 26 الى 28]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 29 الى 31]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 32 الى 33]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 34 الى 35]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 36 الى 42]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 43]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 44 الى 55]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 56 الى 57]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 58 الى 59]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 60 الى 68]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 69 الى 70]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 71 الى 73]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 74 الى 76]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 77 الى 80]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 81 الى 83]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 84 الى 87]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 88 الى 91]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 92 الى 93]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 94]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 95 الى 96]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 97 الى 100]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 101 الى 102]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 103 الى 104]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 105 الى 113]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 114 الى 115]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 116 الى 121]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 122 الى 126]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 127 الى 130]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 131 الى 134]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 135 الى 136]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 137 الى 147]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 148 الى 152]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 153 الى 162]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 163 الى 166]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 167 الى 170]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 171 الى 175]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 176]

- ‌فهرس إجمالى لتفسير سورة «النساء»

الفصل: ‌[سورة النساء (4) : الآيات 56 الى 57]

وكفى فعل ماض. وقوله بِجَهَنَّمَ فاعله على زيادة الباء فيه. وقوله سَعِيراً تمييز أو حال.

وبهذا نرى أن هذه الآيات الكريمة من قوله- تعالى- أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ إلى قوله: وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً قد وبخت اليهود على بيعهم دينهم بدنياهم، وتحريفهم الكلم عن مواضعه واستهزائهم بدعوة الحق، وتزكيتهم لأنفسهم بالباطل، وافترائهم على الله الكذب، وتفضيلهم عبادة الأوثان على عبادة الله، وعلى بخلهم وحسدهم للنبي صلى الله عليه وسلم على ما آتاه الله من فضله.

وقد توعدتهم على هذه الصفات الذميمة، والمسالك الخبيثة بأشد أنواع العذاب، وحذرت المؤمنين من شرورهم ومفاسدهم.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك سوء عاقبة كل كافر، وحسن عاقبة كل مؤمن، فقال:

[سورة النساء (4) : الآيات 56 الى 57]

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (56) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57)

والمراد بالذين كفروا هنا: كل كافر سواء أكان من بنى إسرائيل أم من غيرهم.

وقوله: نُصْلِيهِمْ من الإصلاء وهو إيقاد النار. والمراد هنا إدخالهم فيها وقوله:

نَضِجَتْ من النضج وهو بلوغ نهاية الشيء. يقال: نضج الثمر واللحم ينضج نضجا إذا أدرك وبلغ نهايته. والمراد هنا: احتراق الجلود احتراقا تاما.

والمعنى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا الدالة على أن الله وحده هو المستحق للعبادة والخضوع سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً أى: سوف ندخلهم نارا هائلة عظيمة وسوف هنا- كما قال سيبويه- للتهديد وتأكيد العذاب المقبل ولو مع التراخي وتراخى العذاب مع تأكيده يجعل النفس في فزع دائم، وخوف مستمر حتى يقع.

وقوله كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها بيان لشدة العذاب ودوامه أى: كلما

ص: 185

احترقت جلودهم وتلاشت أعطيناهم بدل الجلود المحترقة جلودا غير محترقة مغايرة للمحترقة.

فالتبديل على هذا تبديل حقيقى مادى. بمعنى أن يخلق الله- تعالى- مكان الجلود المحترقة جلودا أخرى جديدة مغايرة للمحترقة.

ويرى بعضهم أن الجملة الكريمة كناية عن دوام العذاب لهم. وقد ذكر هذا الرأى الفخر الرازي فقال: ويمكن أن يقال: هذا استعارة عن الدوام وعدم الانقطاع. كما يقال لمن يراد وصفه بالدوام: كلما انتهى فقد ابتدأ. وكلما وصل إلى آخره فقد ابتدأ من أوله. فكذا قوله كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها.

يعنى: كلما ظنوا أنهم نضجوا واحترقوا وانتهوا إلى الهلاك، أعطيناهم قوة جديدة من الحياة.

فيكون المقصود بيان دوام العذاب وعدم انقطاعه) «1» .

والذي نراه أن حمل التبديل على حقيقته أولى، لأنه ليس لنا أن نعدل في كلام الله عن الحقيقة إلى المجاز، إلا عند الضرورة. وهنا لا ضرورة لذلك، لأن تبديل الجلود داخل تحت قدرة الله- تعالى- ولأن هذا المعنى الذي ذكره الإمام الرازي يتأتى مع حمل اللفظ على حقيقته إذ كلمة «كل» تدل على دوام العذاب وعدم انقطاعه، ولأن كثيرا من السلف قد فسروا الآية على الوجه الأول، فقد روى عن ابن عمر أنه قال: تلا رجل عند عمر هذه الآية قال: فقال عمر: أعدها على. فأعادها. فقال معاذ بن جبل: عندي تفسيرها: تبدل جلودهم في كل ساعة مائة مرة. فقال عمر: هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقوله لِيَذُوقُوا الْعَذابَ جملة تعليلية لقوله بَدَّلْناهُمْ أى بدلناهم جلودا غيرها ليقاسوا شدة العذاب، وليحسوا به في كل مرة كما يحس الذائق للشيء الذي يذوقه.

وقوله إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً تذييل قصد به تأكيد التهديد والوعيد الذي اشتملت عليه الآية الكريمة.

أى: أن الله- تعالى كان وما زال عزيزا لا يغلبه غالب، ولا يمنع عقابه مانع (حكيما) في تدبيره وتقديره وتعذيب من يعذبه وإثابة من يثيبه.

وقوله وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بيان لحسن الثواب الذي وعد الله به عباده المؤمنين في مقابلة بيان العقاب الذي أعده للكافرين.

وتلك عادة القرآن في تربية النفوس. إنه يسوق عاقبة الكافرين ثم يتبعها بحسن عاقبة المؤمنين أو العكس، ليحمل العقلاء على الابتعاد عن طريق الكفر والعصيان، وليغريهم بالسير

(1) تفسير الفخر الرازي ج 10 ص 135

ص: 186