المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة النساء (4) : الآيات 167 الى 170] - التفسير الوسيط لطنطاوي - جـ ٣

[محمد سيد طنطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثالث]

- ‌سورة النساء

- ‌مقدّمة

- ‌تمهيد بين يدي السورة

- ‌[سورة النساء (4) : آية 1]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 4]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 5]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 6]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 7]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 8]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 9]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 10]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 11 الى 14]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 22 الى 24]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 25]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 26 الى 28]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 29 الى 31]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 32 الى 33]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 34 الى 35]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 36 الى 42]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 43]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 44 الى 55]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 56 الى 57]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 58 الى 59]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 60 الى 68]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 69 الى 70]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 71 الى 73]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 74 الى 76]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 77 الى 80]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 81 الى 83]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 84 الى 87]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 88 الى 91]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 92 الى 93]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 94]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 95 الى 96]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 97 الى 100]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 101 الى 102]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 103 الى 104]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 105 الى 113]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 114 الى 115]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 116 الى 121]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 122 الى 126]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 127 الى 130]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 131 الى 134]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 135 الى 136]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 137 الى 147]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 148 الى 152]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 153 الى 162]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 163 الى 166]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 167 الى 170]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 171 الى 175]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 176]

- ‌فهرس إجمالى لتفسير سورة «النساء»

الفصل: ‌[سورة النساء (4) : الآيات 167 الى 170]

من مستدرك فما هو في قوله: لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ.

قلت: لما سأل أهل الكتاب إنزال كتاب من السماء، واحتج عليهم بقوله إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قال: لكن الله يشهد. بمعنى: أنهم لا يشهدون لكن الله يشهد

ومعنى شهادة الله بما أنزل إليه، إثباته لصحته بإظهار المعجزات، كما تثبت الدعاوى بالبينات وشهادة الملائكة: شهادة بأنه حق وصدق.

فإن قلت: ما معنى قوله: أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ قلت: معناه أنزله متلبسا بعلمه الخاص الذي لا يعلمه غيره. وهو تأليفه على نظم وأسلوب يعجز عنه كل بليغ وصاحب بيان، وموقعه مما قبله موقع الجملة المفسرة، لأنه بيان للشهادة. وقيل: أنزله وهو عالم بأنك أهل لإنزاله إليك وأنك مبلغه. ويحتمل: أنه أنزله وهو عالم به رقيب عليه حافظ له من الشياطين برصد من الملائكة، والملائكة يشهدون بذلك «1» .

هذا، والمتأمل في هذه الآيات الكريمة يراها قد أثبتت صدق النبي صلى الله عليه وسلم في رسالته بالأدلة الساطعة. والحجج الواضحة وبينت وظيفة الرسل- عليهم السلام وحكمة الله في إرسالهم، وزادت للنبي صلى الله عليه وسلم طمأنينة بأنه على الحق، لأن الله قد شهد له بذلك، وكفى بشهادة الله شهادة، مهما خالفها المخالفون، وأعرض عنها المعرضون.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك ما عليه الكافرون من ضلال وخسران، وما سيصير إليه حالهم يوم القيامة من ذل ومهانة، ووجه إلى الناس جميعا نداء أمرهم فيه بالإيمان وترك الكفر والعصيان فقال- تعالى-:

[سورة النساء (4) : الآيات 167 الى 170]

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً (167) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (168) إِلَاّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (169) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (170)

(1) تفسير الكشاف ج 1 ص 592

ص: 396

وقوله: وَصَدُّوا من الصد بمعنى المنع والانصراف عن الشيء.

قال الراغب: والصد قد يكون انصرافا عن الشيء وامتناعا نحو: «يصدون عنك صدودا» وقد يكون صرفا ومنعا نحو: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ.

والمعنى: إن الذين كفروا بالحق الذي جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أى:

وأعرضوا عن الطريق الذي أمر الله بسلوكه وهو طريق الإسلام ولم يكتفوا بذلك بل منعوا غيرهم أيضا عن سلوكه.

إنهم بفعلهم هذا قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً أى: قد ضلوا- بسبب كفرهم وصدهم أنفسهم والناس عن الحق- ضلالا بلغ الغاية في الشدة والشناعة.

ثم أكد- سبحانه- هذا المعنى بقوله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بما يجب الإيمان به وَظَلَمُوا أنفسهم بإيرادها موارد التهلكة، وظلموا غيرهم بأن حببوا إليه الفسوق والعصيان وكرهوا إليه الطاعة والإيمان.

إن هؤلاء الذين جمعوا بين الكفر والظلم لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً. إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً.

أى: لم يكن الله ليغفر لهم، لأنه- سبحانه- لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، ولم يكن- سبحانه- ليهديهم طريقا من طرق الخير، لكنه- سبحانه- يهديهم إلى طريق تؤدى بهم إلى جهنم خالدين فيها أبدا، بسبب إيثارهم الغي على الرشد، والضلالة على الهداية، وبسبب فساد استعدادهم، وسوء اختيارهم.

والتعبير بالهداية في جانب طريق النار من باب التهكم بهم.

وقوله خالِدِينَ فِيها حال مقدرة من الضمير المنصوب في لِيَهْدِيَهُمْ، لأن المراد بالهداية هدايتهم في الدنيا إلى طريق جهنم. أى: ما يؤدى بهم إلى الدخول فيها.

وقوله أَبَداً منصوب على الظرفية، وهو مؤكد للخلود في النار رافع لاحتمال أن يراد بالخلود المكث الطويل.

أى: خالدين فيها خلودا أبديا بحيث لا يخرجون منها.

ص: 397

وقوله: وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً تذييل قصد به تحقير شأنهم، وبيان أنه- سبحانه- لا يعبأ بهم.

والمراد: وكان ذلك- أى: انتفاء غفران ذنوبهم، وانتفاء هدايتهم إلى طريق الخير، وقذفهم في جهنم وبئس المهاد- كان كل ذلك على الله يسيرا. أى: هينا سهلا لأنه- سبحانه- لا يستعصى على قدرته شيء.

ثم وجه- سبحانه- نداء إلى الناس جميعا يأمرهم فيه بالإيمان وينهاهم عن الكفر فقال:

يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ.

أى: يا أيها المكلفون من الناس جميعا، قد جاءكم الرسول المشهود له بالصدق في رسالته، بالهدى ودين الحق من ربكم، فآمنوا به وصدقوه وأطيعوه، يكن إيمانكم خيرا لكم في الدنيا والآخرة.

فالخطاب في الآية الكريمة للناس أجمعين، سواء أكان عربيا أم غير عربي أبيض أم أسود، بعيدا أم قريبا

لأن رسالته صلى الله عليه وسلم عامة وشاملة للناس جميعا.

والمراد بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم فأل فيه للعهد: وإيراده بعنوان الرسالة لتأكيد وجوب طاعته.

وقوله: بِالْحَقِّ متعلق بمحذوف على أنه حال أيضا من الرسول. أى: جاءكم الرسول ملتبسا بالحق الذي لا يحوم حوله باطل.

وقوله: مِنْ رَبِّكُمْ متعلق بمحذوف على أنه حال أيضا من الحق. أو متعلق بجاء. أى:

جاءكم من عند الله- تعالى- وليس متقولا.

ويرى بعضهم أن قوله خَيْراً خبر لكان المحذوفة مع اسمها، أى: فآمنوا به يكن إيمانكم خيرا لكم.

ويرى آخرون أنه صفة لمصدر محذوف. أى: فآمنوا إيمانا خيرا لكم. وهي صفة مؤكدة على حد أمس الدابر لا يعود، لأن الإيمان لا يكون إلا خيرا.

فأنت ترى أن هذه الجملة الكريمة قد حضت الناس على الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم لأنه لم يجئهم بشيء باطل وإنما جاءهم بالحق الثابت الموافق لفطرة البشر أجمعين، ولأنه لم يجئهم بما جاءهم به من عند نفسه وإنما جاءهم بما جاءهم به من عند الله- تعالى-. ولأنه لم يجئهم بما يفضى بهم إلى الشرور والآثام، وإنما جاءهم بما يوصلهم إلى السعادة في الدنيا وإلى الفوز برضا الله في الآخرة.

تلك هي عاقبة المؤمنين، أما عاقبة الكافرين فقد حذر- سبحانه- منها بقوله: وَإِنْ

ص: 398