المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حصن الأكراد وكان يعرف في الأصل باسم "حصن السفح" (انظر Van - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ١٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الحسين بن على

- ‌المصادر:

- ‌الحسين بن على

- ‌المصادر:

- ‌حسين كامل

- ‌المصادر:

- ‌حسينى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحسينية

- ‌المصادر:

- ‌الحشاشون

- ‌المصادر:

- ‌حشمت

- ‌المصادر:

- ‌حصار

- ‌1 - ملحوظات عامة:

- ‌2 - المغرب الإسلامى:

- ‌3 - بلاد فارس:

- ‌4 - سلطنة المماليك:

- ‌5 - الإمبراطورية العثمانية:

- ‌6 - الهند:

- ‌الحصرى

- ‌الحصن

- ‌1 - المغرب الإسلامى

- ‌المصادر:

- ‌2 - إيران

- ‌المصادر:

- ‌3 - آسيا الوسطى:

- ‌المصادر:

- ‌4 - إندونيسيا وماليزيا:

- ‌المصادر:

- ‌حصن الأكراد

- ‌الحصين

- ‌المصادر:

- ‌حضانة

- ‌المصادر:

- ‌حضرموت

- ‌حضرة

- ‌حضور

- ‌المصادر:

- ‌حطين

- ‌المصادر:

- ‌الحطيئة

- ‌حفاش

- ‌المصادر:

- ‌حفص بن سليمان

- ‌المصادر:

- ‌حفص، بنو

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حفص الفرد

- ‌حفصة

- ‌حفصة بنت الحاج

- ‌المصادر:

- ‌حقائق

- ‌حق

- ‌المصادر:

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حقوق

- ‌حقيقة

- ‌المصادر:

- ‌حكاية

- ‌الحكم الأول

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحكم الثانى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحكم بن سعد

- ‌المصادر:

- ‌الحكم بن عبدل

- ‌المصادر:

- ‌حكومة

- ‌1 - الامبراطورية العثمانية

- ‌المصادر:

- ‌2 - فارس

- ‌المصادر:

- ‌3 - فى مصر وفى بلاد الهلال الخصيب

- ‌المصادر:

- ‌4 - شمالى إفريقية

- ‌المصادر:

- ‌5 - باكستان

- ‌6 - إندونيسيا

- ‌المصادر:

- ‌حكيم

الفصل: ‌ ‌حصن الأكراد وكان يعرف في الأصل باسم "حصن السفح" (انظر Van

‌حصن الأكراد

وكان يعرف في الأصل باسم "حصن السفح"(انظر Van Berchem: Journ Asiat، سنة 1902، ص 446 وما بعدها) وكثيرًا يطلق عليه الآن من قبيل التفاخر اسم "قلعة الحصن" وهو على هضبة البقيعة التي تحد جنوبًا بجبل عكار ولبنان وشمالًا بتلال نصيرى، وهو المقر الرسمى للقائمقام. وقد سمى هذا الحصن باسم حصن الأكراد نسبة إلى الحامية الكردية التي أسكنها هذا الحصن شبل الدولة نصر ملك حلب في النصف الأول من القرن الخامس الهجرى، وأقطعوا البلاد والغابات المحيطة بهذا الحصن في مقابل تكفلهم برد الأعداء عن الطريق الهام بين حماة وحمص وطرابلس. وحماة وحمص هما المدينتان العظيمتان الواقعتان في وادى نهر العاصى، ويقال أن حصن الأكراد هو عين الحصن الذي ابتناه هناك رمسيس الثانى. وقد استولى تانكرد الأنطاكى - Tancred of An tioch على هذا الحصن إبان الحروب الصليبية عام 503 هـ (ولسنا متأكدين من هذا التاريخ) ثم أعطاه ريموند الثانى ملك طرابلس إلى فرسان القديس يوحنا عام 537. وازداد قلق الفرسان على أمنهم وسلامتهم لأن مركز الصليبيين في الشام أخذ يضعف على مر الأيام. وكان مركز الفرسان أكثر خطورة لأنه لم تكن تسرى عليهم هدنة العشر السنوات التي أبرمت عام 626 بين الأمبراطور فريدريك الثانى والسلطان الملك الكامل لأنهم لم ينحازوا إلى جانب الإمبراطور، وكان البابا قد حرمه عطف الكنيسة. لذلك كان للفرسان العذر كله في العمل على زيادة تحصينات هذه القلعة. وقد حاول كل من نور الدين وصلاح الدين الاستيلاء على حصن الأكراد ولكنهم باءوا بالخيبة. ويحمى الحصن خطّا دفاع الأول خارجى والثانى داخلى، وهو يقع على قمة التل الذي ينحدر ناحية الشمال وناحية الشرق. ويحميه من ناحية الغرب خندق يلتف أيضًا حول الناحية الجنوبية من الحصن على عمق غير بعيد. وعلى ذلك يكون الحصن على شكل مربع منحرف على وجه التقريب ناحيته الجنوبية هي أضعف الجهات وأكثرها عرضة

ص: 4005

للهجوم، لذلك أقيمت في تلك الناحية أقوى التحصينات، ويستدل من وصف الاستيلاء على ذلك الحصن أنَّه قد أقيمت أيضًا حول الأسوار الخارجية المحيطة به منشآت أخرى من اللبن والخشب كان من المحتمل أن تزيد في ضخامة هذا الصرح، ولكن السلاطين حالوا بين الفرسان وبين بلوغ هذا المأرب باسترضائهم حينًا وبتهديدهم حينًا. وقد قطع الإمبراطور فردريك الثانى عهدًا على نفسه بألا يسمح بتقوية تحصينات القلعة. ويحيط بالحصن من الناحيتين الشمالية والغربية تحصينات تزيد من قوتها بروج مستديرة شيدت على أبعاد معينة من هذه التحصينات.

ويعلو ساحة البرج قبو على عقود مدببة، وتنيرها كوى كبيرة، وهي مزودة بالمجانيق وبها رواق يمتد على طول التحصينات فيه مكامن بارزة للحراس. وفوق هذا الرواق متاريس مستطيلة مرتفعة تتوسطها فتحات تطلق منها البنادق. وباب برج المدخل صعب المنال لأن انخفاض موقعه يجعل الدفاع عنه ميسورًا بفضل الغرف الثلاث الصغيرة البارزة فوقه وما فيها من فتحات في أسفلها. والداخل من باب الحصن الكبير يرى رواقًا مسقوفًا ينعطف ناحية الجنوب ثم ينعطف ثانية عندما يصل إلى جنوب البرج الذي في زاوية الحصن، ويصعد نحو المدخل العلوى عند البرج الشرقى. وقد بنى قسم من الجانب الغربى للرحبة المكشوفة التي بين خطوط الدفاع الخارجية والداخلية بحيث تتجمع فيه المياه، وهو متصل بالصهاريج أسفل الحصن، وتعتمد خطوط الدفاع الداخلية عند الجانبين الجنوبى والغربى على دعامة قوية من البناء تباطن الصخر الطبيعى. أما في الجانب الشمالى والشرقى فلا يباطن الصحر شيء. وهناك سلم كبير مكشوف يوصل من ساحة الحصن إلى الشرفة.

وكان في استطاعة فرسان القديس يوحنا الاحتفاظ بحامية قوامها ألفا رجل في ذلك الحصن المنيع. وقد استطاعوا بمساعدة هذه الحامية إجبار أمراء حمص وحماه على دفع جزية

ص: 4006

مقابل السماح لهم بمرور قوافلهم؛ ثم أقلعوا بعد ذلك عن فرض هذه الجزية وازداد مركزهم حرجًا. وعقد السلطان بيبرس العزم على الاستيلاء على حصن الأكراد، وكان يروم تحرير الشام كلها من الصليبيين. ومكث فترة من الزمان في الشام استغلها في استطلاع أحوالها بنفسه ومعه أربعون فارسًا لا غير. ثم خرج في العام التالى (أي عام 669) على رأس حملة كبيرة لمهاجمة الحصن. واستولى في اليوم الأول من هجومه في 19 رجب سنة 669 (3 مارس سنة 1271) على المنشآت الخارجية الضعيفة التحصين، ثم سرعان ما أفلح بعد ذلك في فتح ثغرة في السور والاستيلاء على برج المدخل الذي كان وقتذاك عرضة للهجوم من الرواق الداخلى ومن الخارج أيضًا. وفى الخامس عشر من شهر مارس استولى على البرج الثانى، ثم أقتحم بيبرس في التاسع والعشرين من ذلك الشهر طريقه إلى ساحة الحصن وأقام بها المنجنيقات لمهاجمة البرج الكبير. وأجبر الفرسان في الثامن من شهر إبريل على التسليم وسمح لهم بالتوجه إلى طرابلس آمنين. ومكث السلطان بيبرس في الحصن حتى آخر الشهر، وباشر بنفسه ترميمه. واختير حصن الأكراد مقامًا لقائد فتوح الشام ولم ينقل هذا المقر إلا عندما استولى السلطان قلاوون على طرابلس عام 686 فنقل اليها. وفقد حصن الأكراد أهميته تدريجًا بعد أن ساد السلام والطمأنينة ربوع الشام برحيل آخر الفرنجة عنها. ولم يصب الحصن بأى ضرر بسبب غزو تيمورلنك البلاد حوالى عام 803 م. ولا يزال الجزء الأكبر من هذا الحصن - وهو مقر قائمقام - محتفظًا بكيانه.

المصادر:

لقد درس البارون راى Rey التاريخ المعمارى لهذه الحصن بالتفصيل وقد ضمن هذه الدراسة كتابه Etude sur les momuments de l'architecture militaire des croisades en Surie باريس 1841،

ص: 4007

ص 46 وما بعدها؛ وهناك مقتطفات من هذا الكتاب في Die Romanische und A.v. Essewien Gothische Baulainst: جـ 4.

1 -

العمارة الحربية.

أما الكتابات العربية التي في الحصن (وقد نشرها شفر Schefer باختصار في كتاب Rey فقد درسها بالتفصيل van Berchem في Inscriptions arabes de syrie القاهرة سنة 1897، ص 64 - 69؛ وفي Inschriften: Freiherr v. Oppenheim .aus Syrien etc مع خبر استيلاء بيبرس على الحصن. وقد نشر سوبرنهيم Sobernheim جميع الكتابات التي في الحصن وفى المدينة وتاريخها (مع مختارات من المصادر) في كتاب. Corp Insc. Arab. جـ 2 ص 14 - 35 مع تخطيط للمسجد ورسوم.

الشنتناوى [سوبرنهيم M. Sobernheim]

+ حصن الأكراد. معقل في سورية معروف في أوربا باسم "- Crac des chev aliers" أي قلعة الحصن وهو يتوج إحدى قمم جبل الخليل المستديرة المنعزلة تقريبًا، وجبل الخليل هو آخر منعطف جنوبى بجبل الأنصارية، ويبعد حوالى 60 كيلو مترًا عن شمالى غرب حمص. وهو على هيئة وكر النسر، ويقوم فوق قُنّة ارتفاعها 750 مترًا على أنف يكتنفه بطنا جبل من الشمال الشرقى، والشمال الغربى، ويشرف من ارتفاع قدره 300 متر على سهل البُقَيْعة الذي يمتد إلى الشرق والجنوب. وإبان حكم الفرنجة كان هذا الإقليم المزروع الكثير الخصوبة يضم حقولًا كثيرة من المزارع التي تظلها أشجار التين والزيتون. ويتحكم حصن الأكراد في الأخدود الذي بين جبل عَكْار وجبل البحراء، وهو حلقة الاتصال بين السهل الساحلى شمالى طرابلس الذي يقطعه النهر الكبير (Eleuthera)، والذي يفيض أسفل الحصن، وبين سهل حمص الذي ترويه مياه نهر العاصى. ويقطع هذا الموقع الاستراتيجى الطريق على أية حركة بين طرابلس وحمص، ويتيح مراقبة المنفذ الشمالى لسهل البقاع. وتولى حصن الأكراد أيضًا الدفاع عن

ص: 4008

حدود كونتية طرابلس في الشمالى الشرقى، وكان بمثابة ثغر يهدد أراضى الدولة الإسلامية. ويمر هنا طريقان استخدما بالفعل في العصور الرومانية أحدهما من حماة إلى حمص والآخر من رفَنيّة إلى طرطوس.

وكان حصن الأكراد يتصل ببعض الحصون المجاورة بالإشارات المرئية أو بالإشارات النارية. ويمكن أن ترى بوضوح من فوق قمة حصن الأكراد البرج المربع بصافيتا وطرطوس القريب من البحر من ناحية الغرب، ومن الجنوب الشرقى، ووراء سهل البقيعة ترى بحيرة حمص وحافة صحراء تدمر. ومن ناحية الجنوب، كان الاتصال متيسرًا بقلعة (قُلَيْعَة) في السهل الساحلى لطرابلس، وبقلعة عَكَّار القائمة في سفح جبل عكار، ويكسوها الجليد معظم أيام السنة.

ومنذ أقدم العصور، كان ثمة قلعة في موقع حصن الأكراد. وفى النصوص المصرية القديمة، كانت تقوم في موقعه بلدة اسمها شبتون أو شبتونة إبان غزوة رمسيس الثانى، ويظهر أقدم ذكر لحصن الأكراد في النصوص العربية في النصف الأول من القرن الخامس هـ (الحادى عشر الميلادى) حين أقام ملك حلب المرداسى شبل الدولة نصر مستعمرة حربية للكرد سنة 422 هـ (1031 م) وأقطعهم الحقول المجاورة لها مقابل قيامهم بحماية الطرق الممتدة من حمص وحماة إلى طرابلس من الهجمات القادمة من الغرب. ويبدو أنَّه لم يكن هناك سوى برج بسيط يحوطه استحكام: وكان يسمى (حصن السفح) ولم يبق من أثره شيء البتة. وحين بلغ الأكراد هذا الموقع صار يعرف بحصن الأكراد. أما أصل الاسم الذي أطلقه الفرنجة في العصور الوسطى (في Carc de L'ospital) فأمر غير مؤكد. ولربما كان مصطلح أكراد هو أصل الاسم الفرنجى Cratum. الذي تحول فيما بعد إلى Cart، ثم إلى Carc: وربما تكون الكلمة الأخيرة قد اشتقت من كلمة كرك، وأصلها السريانى كركة أى (قلعة). وعبارة

ص: 4009

" Crat des chevaliers" عبارة حديثة، وتتمشى بشكل ما مع الاسم العربى الحديث "قلعة الحصن" وهي حشو ظاهر في الكلام.

فترة الفرنجة الأولى، من سنة 503 - 537 هـ (1115 - 1142 م). في أثناء الحملة الصليبية الأولى استولى ريموند الصنجيلى على القلعة في صفر سنة 492 هـ (يناير 1099 م). وكان لاستيلائه عليها بعض النتائج المؤثرة، وقام ريموند باستقبال السفراء من حمص وطرابلس، ولكن الفرنجة مكثوا هناك بضعة أيام، إذ كان هدفهم الأساسى منذ ذلك الوقت هو بيت المقدس. وفى جمادى الآخرة سنة 495 هـ (إبريل 1102 م) حاول ريموند الاستيلاء على حصن الأكراد مرة أخرى. وبعد الاستيلاء على طرابلس في أواخر سنة 502 هـ (يولية 1109 م) تقابل الفرنجة فجأة مع طغتكين أتابك دمشق. وأسفرت المفاوضات التي جرت بين الطرفين عن تنازل المسلمين عن ثلث محصولات البقيعة، وعن قلعتى مُنَيطرِة وعكار، على ألا يعود الفرنجة مرة أخرى إلى مهاجمة حصن الأكراد الذي أجبر على دفع الجزية للفرنجة. وبعد فترة وجيزة، أى في أواخر سنة 503 هـ (يونية 1110 م) ظهر تانكرد الأنطاكى وانتزع القلعة من أمير الكرد قرجة وأقام بها حامية للفرنجة. ولما توفى برتراند الصنجيلى Sanit Gilles في شعبان سنة 505 هـ (فبراير 1112 م) تولى تانكرد برعايته "بونز" أكبر أبناء ريموند، وأقطعه القلعة. وشهدت نهاية سنة 508 هـ (ربيع سنة 1115 م) أول هجوم للمسلمين، إذ سار الأمير ألب أرسلان من حلب وحاصر حصن الأكراد بلا جدوى، ولم يقع أى حادث آخر ذى بال قبل سنة 536 هـ (1142 م).

فترة الفرنجة الثانية، من سنة 537 - 670 هـ (1142 - 1271 م). استولى الأتابك زنكى على بارين ورَفَنيَّة وأصبح التهديد الإسلامى منذ هذا الوقت أمرًا ملموسًا. وتنازل ريموند الثانى ابن بونز عن حصن الأكراد

ص: 4010

لفرسان الاسبتارية، وعن كل الأراضى المحيطة به، وعن القلاع الصغيرة المجاورة، ومنحهم أيضًا حق الصيد في بحيرة حمص. وعوَّضَ وليم الكراتومى صاحب إقطاع القلعة، وظل القرويون بالمناطق المجاورة تحت حماية الفرنجة. وفي رجب سنة 552 هـ (أغسطس - سبتمبر 1157 م) حدث زلزال عنيف صدع جدران الحصن، وقام ريموند أمير له بوى La Puy الرئيس الأكبر لفرسان الإسبتارية بإصلاح ما أصابه من عطب على وجه السرعة، ونال لقاء ذلك منحة سخية من ولد سلاس الثانى ملك بوهيميا. وكانت قلعة الأكراد القديمة التي وسعها حاكم القلعة هي التي وقع عليها نظر نور الدين سنة 557 هـ (1163 م) قبل أن يضطر إلى الالتجاء إلى بحيرة حمص في ساعة القيلولة. وفى سنة 565 هـ (1170 م) تعرضت منطقة حصن الأكراد لزلزال آخر أشد قوة، كان من نتيجته إجراء إصلاحات واسعة للحصن، وتقدم العمل فيها سنة 584 هـ (1188 م) تقدمًا أتاح له مقاومة صلاح الدين. وقد وقعت زلازل أخرى سنة 597 هـ (1201 م)، وسنة 598 هـ (1202 م) استلزمت إجراء ترميمات واسعة النطاق. ويرجع تاريخ المظهر العام لحصن الأكراد إلى تلك الفترة. وبلغ حصن الأكراد في الثلاثين سنة الأولى من القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادى) ذروة مجده. ففي سنة 613 هـ (1207 م) صد الفرسان هجومًا للملك العادل أبي بكر، وفى سنة 624 هـ (1218 م)، أى في أثناء الحملة الصليبية الخامسة، قدم جيش الملك الأشرف من حلب ليعسكر أسفل الحصن. وفى السنة نفسها خصص الملك أندرو الثانى ملك المجر حصة من ريع الضرائب لصيانة الحصن حيث كان ينزل فيه ضيفًا. ولم يدخل فردريك الثانى فرسان الاسبتارية وفرسان حصن الأكراد في اتفاقية السلام التي أبرمها فى ربيع الأول سنة 626 هـ (فبراير 1229 م) مع السلطان الأيوبي

ص: 4011

الملك الكامل وحاول الملك الكامل بلا جدوى أن يستولى على حصن الأكراد في جمادى الآخرة سنة 626 هـ (مايو سنة 1229 م).

وفى هذا الوقت قام حكام حصن الأكراد بجباية جزية مقدارها 4000 دينار من ولاية حماة، و 800 دينار من إقليم أبو قُدَيْس، و 1200 دينار ومائة مُد من القمح والشعير من الإقليم الإسماعيلى (بلاد الدعوة).، وتوقف أداء هذه الجزية سنة 665 هـ (1266 م) بعد إبرام اتفاقية سلام مدتها عشر سنوات مع بيبرس (المقريزى، طبعة Hist.: Quatremere Maml جـ 1 ص 2، 32، 42).

وكان حصن الأكراد الذي بلغ عدد حاميته في الأوقات العادية حوالى 60 فارسًا من فرسان القديس يوحنا، بمثابة نقطة تجمع للحملات التي شنت على حماة في أغلب الأحوال. ففي سنة 630 هـ (1233 م) تجمع في حصن الأكراد أكثر من 2000 مقاتل: 100 من قبرص، و 80 من بيت المقدس، 30 من أنطاكية، 100 من الإستبارية، 400 من الملازمين و 1500 من المشاة.

وبعد فشل الحملة الصليبية السابعة في المنصورة سنة 647 هـ (1249 م)، ورحيل القديس لويس بدأت أولى المصاعب، حيث توقف وصول المزيد من التعزيزات من أوربا. أضف إلى ذلك أن المسلمين كانوا يزدادون قوة؛ وفى أواخر سنة 649 هـ (مطلع سنة 1252 م) غزا جيش تركمانى من شيراز هذه المنطقة، إلا أن هجوم هذا الجيش على حصن الأكراد باء بالفشل.

وفي سنة 658 هـ (1260 م) ، أي بعد انتصار المسلمين على المغول في عين جالوت، ظهر بطل جديد للإسلام هو بيبرس الأول. ومنذ هذا الوقت، حلت بالنصارى كارثة تلو كارثة. ففي جمادى الآخرة سنة 668 هـ (يناير سنة 1270 م) أرسل السلطان جماعة للاستطلاع قوامها 40 فارسًا، وفى

ص: 4012

صفر سنة 669 هـ (سبتمبر - أكتوبر سنة 1270 م) علم السلطان بوفاة القديس لويس، ولم يعد بذلك مهددًا من ناحية الغرب، فقاد حملة قوية على سورية، وظهر بيبرس أمام حصن الأكراد؛ وفى التاسع عشر من رجب سنة 669 هـ (3 مارس سنة 1271 م) احتل خطوط الدفاع المتقدمة، ودَكَّ السور الأمامى للحصن؛ ووصلت الإمدادات من حماة، فاستولى في اليوم الحادى والعشرين من هذا الشهر على أول حصن أمامى (باشورة)، وبعد عشرة أيام، أي في غرة شعبان (15 مارس) سقط الحصن الأمامى الثانى القائم عند منعطف المنحدر الموصل إلى حصن الأكراد. وأخيرًا حدث في الخامس عشر من شعبان (29 مارس) أن استطاع السلطان دخول الرحبة الكبرى، وانسحب المدافعون المحَاصروُن إلى البرج المحصن. وشن بيبرس هجومه بالمجانيق. وفى الخامس والعشرين من شعبان (8 ابريل) استسلم البرج المحصن، وسمح للفرسان بالتوجه إلى طرابلس آمنين. والرسالة المنحولة لحاكم طبقة الفرسان الأكبر يدعوهم فيها إلى الاستسلام، يقال إنها رسالة زورها بيبرس؛ ويبدو أنها أسطورة أشاعها النويرى. وقد تولى بيبرس نفسه الإشراف على الإصلاحات وغادر الحصن في الخامس عشر من رمضان (17 ابريل) بعد أن أقام صارم الدين قيماز حاكمًا عليه. وفى سنة 680 هـ (1281 م)، أي بعد استيلاء قلاوون على طرابلس، كان حصن الأكراد، الذي يذكره العمرى على أنه حصن هام، قد فقد أهميته، ولكن تركت فيه حامية تصد عنه أي هجوم يأتى من أوربا أو من قبرص هدفه طرطوس أو طرابلس. ولما كانت المنطقة بعيدة عن طرق المواصلات الرئيسية، فإنها كانت بمنأى عن الهجوم، من ثم لم تصب بأذى من غزوة تيمور لنك سنة 803 هـ (1401 م) يماثل ما لحقها من الفتح العثمانى بعد ذلك بأكثر من قرن.

ص: 4013

وفى سنة 1859، وفى أثناء أول رحلة للبارون راى، كان حصن الأكراد ما زال سليما تقريبًا، ولكن فان برشم يسجل أنه في سنة 1895، كانت هنا قرية حلَتْ محله بالفعل. وفى نوفمبر سنة 1933 تنازلت دولة العلويين لفرنسا عن حصن الأكراد، وأخليت القرية، وبدأ العمل في إصلاحه بشكل جدى. وفى سنة 1947، أعادت فرنسا الحصن إلى سورية. واليوم، يعد حصن الأكراد عجيبة من عجائب الفن الحربي الباقية من العصور الوسطى؛ ويذكرنا مظهره الحالى بالحالة التي كان عليها منذ سبعة قرون مضت.

وصف الحصن. إن الخطة العامة لحصن الأكراد الذي يقوم على مساحة مستوية قدرها هكتاران ونصف هكتار، (ما يزيد على ستة أفدنة) يأخذ شكل معين منحرف قاعدته الصغرى في الشمال، واضلاعه المائله في الجهتين الشرقية والغربية، ويتسع برجه المحصن من الشمال إلى الجنوب. اما مدخله الرئيسى فيقوم في الناحية الشرقية وهو على شكل مستطيل بارز من البرج الحصن الذي أملت تضاريس الأرض خطته، ويضم أبراجًا مستديرة أو مربعة على مسافات متباعدة وفق مقتضيات الدفاع. وبناحيته الشرقية ثلاثة أنوف مستطيلة تحميها فواصل من الخشب أعاد المسلمون بناءها في القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادى). أما ناحيته الشمالية فيها أبواب جانبية يقوم على حمايتها برجان مربعان، وقد تم بناء الأجزاء البارزة منها في عصر بيبرس. وقد ألحقت بها خمسة أبراج فرنجية الطراز يرجع تاريخها إلى نهاية القرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى) يربط بينها أسوار ساترة تضم شرفاتها المستديرة، وفواصلها الخشبية، فتضفى جمالًا معماريًا على الناحية الغربية. أما الناحية الجنوبية، حيث لا تتوفر خطوط دفاع طبيعية، فقد تمت حمايتها بتحصينات خارجية مثلثة الشكل وتحيط بها ثلاثة أخاديد ما زال أثرها باقيًا كما أن الاستحكام القوى الذي يرجع إلى عصر الفرنجة وتمتد خلفه

ص: 4014

رحبة طولها 60 مترًا، فقد تمت تقويته في العصر الإسلامى بإعادة بناء أبراج الزاوية الكبرى، وبتشييد بناء مربع ضخم في وسط السور، أيام بيبرس.

وثمة طريق مقنطر في جزئين من حصن الأكراد يمكن بلوغه من المدخل الرئيسى. ويتم الدفاع عنه من منعطفه، ومن طرفيه، ويوفر حرية الوصول إليه سواء إلى الرحبة الداخلية أو إلى أعلى الاستحكام القائم بين البرجين المحصنين. ويبدو أن هذا النظام للبرج المحصن المزدوج المتحد المركز قد اقتبس من التقليد البوزنطى. ويتمشى البرج الداخلى المحصن مع الاستحكامات التي ابتدعها الفرنجة في القلاع والتى حلت فيما بين سنتى 1110 و 1142 م محل القلعة الإسلامية الصغيرة في القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى) وكانت تحيط بتل صغير، وتزود بأبراج مربعة الشكل أصلًا، وأعيد بناء بعض منها بعدُ على هيئة أبراج مستديرة. وهذا البرج المحصن الذي يسيطر على جميع خطوط الدفاع الخارجية يمكن وصفه على النحو التالى: برج مربع الشكل بالناحية الشرقية للدفاع عن المدخل، وأنف يتمشى مع الزاوية المقبوة للكنيسة الصغيرة. ويقوم هذا الأنف هو والسواتر وسط حاجز ريفى معتدل الحجم يشير إلى أقدم الأجزاء من البناء. وفى الركن الشمالى الغربى، يقوم برج مربع كبير يتخذ هيئة أنف مستطيل الشكل، تحمل واجهته ثلاثة مزاغل تقوم على أقواس كبيرة لإطلاق القذائف على المهاجمين، ولقد عرفت المزاغل في الشرق منذ العصور اليونانية الرومانية وتوضح ذلك حواجز قصر الحير الغربى على الرغم من أن النظام الدفاعى قد انتشر في أوربا وحدها بعد نهاية القرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى). وبالجانب الشمالى الصغير من الأنف مدخل جانبى على النمط البوزنطى القديم ينحنى إلى اليمين ليوفر حماية أفضل للمدافعين من حملة الدروع. أما

ص: 4015

الناحية الغربية فيها برج مفرد، وبالناحية الشمالية التي تعد مكشوفة أكثر من غيرها بسبب طبيعة التضاريس، توجد مجموعة تثير الإعجاب مكونة من ثلاثة أبراج مزخرفة تقع على المنحدر الخلفى، وتتصل بساترين، وقد استخدم هذا المعقل المنيع برجًا محصنًا. أما البرج الجنوبى الغربى، وكان بهوه مزخرفًا بأشكال جميلة منحوتة، فسمى "مقر الحاكم". وكان البرج الرئيسى أفضل خط دفاعى، حيث يزيد سمك جدرانه على ستة أمتار، وتخترقها فتحتان طويلتان. وأخيرًا، يقوم ناحية الجنوب الشرقى، وبجانب برج الزاوية وبين البرجين المحصنين، بناء مخمس الأضلاع أعاد بيبرس بناءه ، وكان مركز تحكم في الاتصالات التي تجرى بين البرجين المحصنين، ويطل على الخندق المائى العظيم، ويسيطر على أسباب الاتصال بالمنحدر المؤدى إلى الرحبة الداخلية. وقد أقيم جسر منحدر عظيم مواجه للسور، وهو يستخدم دعامة، فضلا عن أنه يوفر المزيد من مقاومة هزات الزلازل. وشيدت الأبراج المستديرة في هذا السور الساتر القوى، وعند أسفل البرج المحصن الأصلى الذي يمكن التعرف عليه من الجزء الحجرى الريفى يسير دهليز ضيق به فتحات دائرية. وفى الناحية الجنوبية بركة عظيمة تأتيها المياه من قناة لجر الماء الذي يستخدمه الرجال والدواب، وتوفر مزيدًا من الحماية لما بين البرجين المحصنين.

ويرجع تاريخ كل هذه المنشآت الدفاعية الداخلية، وغرف الحراسة المجهزة بدورات المياه ووسائل الصرف، إلى عصر الفرنجة. وهي مقامة في السور نفسه، وتنفتح على رحبة رئيسية فسيحة يمكن الوصول إليها بالطريق المنحدر القائم بالناحية الشرقية. وتحتل النصف الجنوبى من هذه الرحبة غرف مقبوة للخزين تقوم تحت أسقفها شرفة فسيحة. وأمام المدخل من ناحية الغرب غرفة مشورة ذات رواق مُعَمَّد أنيق، وأقواس حادة تعد درة متلألئة من درر الفن القوطى. وفى ناحية الشمال تقوم كنيسة على الطراز الرومانسكى

ص: 4016

صغيرة الحجم على هيئة برميل مقبب، وبها أجزاء ناتئة شبه دائرية؛ ويرجع تاريخها إلى نهاية القرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى). وقد حول بيبرس هذه الكنيسة إلى مسجد، به ثلاثة محاريب، أحدهما في الجزء النصف الدائرى الناتئ بالاضافة إلى منبر حجرى سميك.

وكانت جميع الحاجيات اليومية متوفرة داخل البرج المحصن، وتحمل مياه الأمطار إلى الصهاريج من خلال قنوات فخارية، فتستكمل بها البئر القائمة بالرحبة الرئيسية. وبنيت في الجزء الجنوبى من البرج الخارجى المحصن اسطبلات كبيرة طولها 60 مترًا، وعرضها 9 أمتار، استخدمت في حماية الماشية في أثناء الحصارات. أما البرج الشمالى الغربى فيه طاحونة هوائية. ذلك بجانب الأجران، ومخازن حفظ المؤن، وصوامع الغلال، وقوارير الزيت والنبيذ، وأحجار الرحى، ومعاصر النبيذ، وتنّور لتزويد الحامية بالطعام والمؤن في ظل أية ظروف.

وفى أسفل التل قرية ذات مصاطب سميت "بيوت الحصن" وكان بها مجتمع زراعى يزرع الأرض المحيطة بمحاصيل الحبوب، ذلك إلى جانب المراعى، وأشجار الفواكه والخضر. والحصن الذي كان يغلقه جدار ذو بابين في العصور الوسطى مقسم قسمين: حارة التركمان وحارة السرائية. ويقوم المسجد الجامع في الحارة الأخيرة وكان من قبل كنيسة، أجرى بيبرس التعديلات اللازمة فيها لتلائم حاجة الإسلام. ويرجع تاريخ مئذنة المسجد إلى القرن الثامن الهجرى (الرابع عشر الميلادى) ومن المرجح أن تاريخها يرجع إلى زمن الحاكم بكتكين (719 هـ = 1319 م). ولا يزال يقوم بالمقبرة قبرا الأميرين اللذين ولاهما بيبرس وقتلا في أثناء الهجمات التي تعرض لها الحصن، وكذلك ضريح سائس السلطان الذي قتل بجواره.

المصادر:

(1)

Le crac des chev-: P. Deschamps aliers مجلدان. (المتن، واللوحات)، باريس سنة 1934.

ص: 4017

(2)

ابن القلانسى: التأريخ، طبعة Amedroz، ص 167، 181.

(3)

ياقوت، جـ 2، ص 276 - 277

(4)

ابن جبير، الرحلة، ترجمة Broadhurst، ص 265، 268

(5)

Le Strange: palestine، ص 390، 542.

(6)

M.van Berchem: Inscrription arabes de syrie في MIE، عدد 3 (سنة 1897)؛ وانظر Notes sur les croisades في المجلة الآسيوية، عدد 19 (سنة 1902)، ص 446 وما بعدها وانظر Arbische Inschriften في - M. von Op Beitrage، Inschrifen aus Syrien، penheim Zur Assyriologie، جـ 7 - 1 (سنة 1909)، ص 13 - 16 من الطبعة الجديدة.

(7)

M.Sobernheim، CIA، جـ 2: - Sy rie de Nord (= MIFAO جـ 25 سنة 1909)، ص 14 - 36.

(8)

Voy-: E.Fatoi، M. Van Berchem age en syrie في MIFAO جـ 37 - 38 - 1 (سنة 1914 - 1915)، ص 135 - 164.

(9)

his-: R. Dussaud Topographie de la Syrie torique، سنة 1927، ص 106. وما بعدها.

(10)

Manuel d'archeologie: C.Enlart Francaise الطبعة الثانية، جـ 2/ 2، باريس سنة 1940، ص 635 - 641، الخطة

(11)

Syrie du Nord: Cl. Cahen، باريس سنة 1940 ، ص 225 - 256، 715، 719.

(12)

Fedden R.: Crusader Castle لندن سنة 1950، ص 50 - 54.

(13)

De l'Amanus au: M.Dunarsd sinai. sites et monuments بيروت سنة 1953، ص 70 - 71.

(14)

Moyen Orient: Guides Bleus، باريس سنة 1956، ص 257 - 263، Hist .Crus جـ 1، جـ 2، والكشافات.

حسن شكري [ن. إليسييف N.Elisseff]

ص: 4018