المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحصين بن نمير من القبيلة الكندية التي كانت تنزل سكربن، وهو - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ١٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الحسين بن على

- ‌المصادر:

- ‌الحسين بن على

- ‌المصادر:

- ‌حسين كامل

- ‌المصادر:

- ‌حسينى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحسينية

- ‌المصادر:

- ‌الحشاشون

- ‌المصادر:

- ‌حشمت

- ‌المصادر:

- ‌حصار

- ‌1 - ملحوظات عامة:

- ‌2 - المغرب الإسلامى:

- ‌3 - بلاد فارس:

- ‌4 - سلطنة المماليك:

- ‌5 - الإمبراطورية العثمانية:

- ‌6 - الهند:

- ‌الحصرى

- ‌الحصن

- ‌1 - المغرب الإسلامى

- ‌المصادر:

- ‌2 - إيران

- ‌المصادر:

- ‌3 - آسيا الوسطى:

- ‌المصادر:

- ‌4 - إندونيسيا وماليزيا:

- ‌المصادر:

- ‌حصن الأكراد

- ‌الحصين

- ‌المصادر:

- ‌حضانة

- ‌المصادر:

- ‌حضرموت

- ‌حضرة

- ‌حضور

- ‌المصادر:

- ‌حطين

- ‌المصادر:

- ‌الحطيئة

- ‌حفاش

- ‌المصادر:

- ‌حفص بن سليمان

- ‌المصادر:

- ‌حفص، بنو

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حفص الفرد

- ‌حفصة

- ‌حفصة بنت الحاج

- ‌المصادر:

- ‌حقائق

- ‌حق

- ‌المصادر:

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حقوق

- ‌حقيقة

- ‌المصادر:

- ‌حكاية

- ‌الحكم الأول

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحكم الثانى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحكم بن سعد

- ‌المصادر:

- ‌الحكم بن عبدل

- ‌المصادر:

- ‌حكومة

- ‌1 - الامبراطورية العثمانية

- ‌المصادر:

- ‌2 - فارس

- ‌المصادر:

- ‌3 - فى مصر وفى بلاد الهلال الخصيب

- ‌المصادر:

- ‌4 - شمالى إفريقية

- ‌المصادر:

- ‌5 - باكستان

- ‌6 - إندونيسيا

- ‌المصادر:

- ‌حكيم

الفصل: ‌ ‌الحصين بن نمير من القبيلة الكندية التي كانت تنزل سكربن، وهو

‌الحصين

بن نمير من القبيلة الكندية التي كانت تنزل سكربن، وهو شيخ السفيانية. وقد قاتل في صفوف الأمويين في وقعة صفين. ولما تولى يزيد الأول الخلافة كان الحصين واليًا على جند حمص الهام، وقد توسط، وهو في هذا المنصب، عند الخليفة لابن مفرَّغ الهجّاء، وكان عبيد الله بن زياد قد حبسه، فلما أن استقر الرأى على توجيه حملة على المدن المقدسة في الحجاز عُيِّن الحصين نائبًا لأمير الجيوش مسلم بن عقبة، فأبلى بلاء حسنًا في وقعة الحرّة، واستشهد مسلم في الزحف صوب مكة فتولى الحصين قيادة المؤمنين وحاصر المدينة شهرين، وكان على وشك الاستيلاء عليها لولا أن الموت عاجل يزيدًا فأوقف القتال. وحاول الحصين أن يحمل ابن الزبير على مصاحبته إلى الشام لينادى به خليفة فيها ولكنه لم يفلح في إقناعه فرجع بجيشه إلى الشام. ولما بايع الناس كافة مروان بن الحكم بالخلافة أنفذ الحصين إلى بلاد ما بين النهرين تحت إمرة عبيد الله بن زياد فسحق الشيعة الذين كان يتزعمهم سليمان بن صرد (24 جمادى سنة 65 هـ = 6 يناير سنة 685 م)، ومات بعد ثلاث سنوات من هذا التاريخ (سنة 67 هـ = أغسطس سنة 688 م) متأثرًا بجراح أصابه بها إبراهيم بن الأشتر في الوقعة التي جرت على ضفاف الخازر.

‌المصادر:

(1)

الطبرى: التاريخ (طبعة ده خويه)؛ جـ 1، ص 2004، 2220؛ جـ 2، ص 409 - 568، 571، 711، 714.

(2)

Das Arabische Reich: Welhausen und sein Sturz؛ ص 116 - وانظر باقى المصادر في Le califat de: H.Lammens Yazid Ir ص 312 - 316، 259 - 629.

خورشيد [لامنس H. Lammens].

‌حضانة

وحَضَانة: هي في اصطلاح الفقهاء حق حضانة الطفل، وهي فرع من الولاية على شخص، وهذه الولاية وإن كانت تمارسها في القاعدة الأم أو أية

ص: 4019

امرأة من قريبات الأم، فإنه من الجائز في بعض الظروف أن يقع عبء ذلك على الأب أو على قريب من أقربائه. ونظام الحضانة له شأن كبير جدًا في تطبيق الشرع لما ينشأ عنه من خلافات عدة في هذا الموضوع، وخاصة إذا كان الزوجان مفترقين، وأخص من ذلك كله إذا كان الزوجان قد افترقا بطلاق الزوجة.

(أ) وحق الحضانة من حيث النظر يبدأ بولادة الطفل سواء كان ذكر أو أنثى، وكان الزوجان يعيشان معًا (الزيلعى: التبيين، جـ 3 ص 46). على أن معظم الكتاب، أيا كان مذهبهم، يدركون أن المصاعب في هذا الأمر لا تنشأ بطبيعة الحال إلا بانحلال عقدة الزواج، وهم لذلك يحصرون تفسيراتهم في هذا الفرض دون سواه.

وإذا لم يكن الزوجان قد افترقا فإن ثمة مجموعتين من الظروف وحسب تجعل حق الحضانة للزوج يواجه به الزوجة: إذا كان للزوجة سكن خاص منفصل عن سكن الزوج، إما لأنه سمح لها بذلك (في المذهب الحنفى) أو لأن الزوجة قد احتفظت لنفسها بهذا الحق في بند من بنود عقد الزواج (في المذهبين المالكى والحنبلى) أو لأن الزوج قد عزم على أن يأخذ الطفل الصغير معه في رحلة بدون الزوجة. وفى هاتين الحالتين فإن المذهب الحنفى دون سواه هو الذي خرج بالنتائج المنطقية من المبدأ القائل بأن الحضانة حق للأم حتى قبل حل عقدة الزواج. ومن ثم فإن الزوج ليس له أن يسافر مع طفله الذي لا يزال بعد في حضانة أمه مخالفًا رغبتها (الكاسانى، جـ 4، ص 44) أما كتّاب المذاهب الأخرى فإن عنايتها أقل من ذلك انصرافًا إلى الحضانة في حالة قيام الزواج ومبدأهم في هذا الموضع: فيه كثير جدًا من الاضطراب.

(ب) - وفى رأى معظم المذاهب أن الحضانة تنتهى بسن السابعة للصبى الذي يستطيع إذا بلغها أن يطعم نفسه ويلبس دون مساعدة طرف آخر، وتنتهى بالبنت قبل سن البلوغ (حوالى التاسعة). وفى مذهب مالك أن الحضانة تنتهى بسن البلوغ للصبى، وبإتمام الزواج للفتاة.

ص: 4020

وفى المذاهب الثلاثة التي تنهى مبكرًا جدًا حق الحضانة للأم وغيرها ممن تقع عليهم الحضانة (مذاهب الحنفية والشافعية والحنبلية) تنشأ مسألة هي: ما مصير القاصر حين يخرج عن عناية أمه. ويجب ألا نفسر هنا أن هذا الأمر ينصرف إلى الطفل الذي بلغ سن التعقل. ففي مذهب أبي حنيفة أن الطفل أو الطفلة في هذه الحالة يضم فرضًا إلى أبيه فإذا كان الأب متوفيًا أو غير أهل لذلك، فإنه يضم إلى قريب من الذكور تقع عليه ولاية الطفل بشرط في حالة البنت، هو أن يكون الولى قريبًا ومن المحارم، وبعبارة أخرى فإن الصبى البالغ السابعة والبنت البالغة التاسعة لا يوخذ رأيهما في الولى، ذلك أن المذهب الحنفى يرى أنهما أصغر من أن يستطيعا اتخاذ قرار في ذلك معقول.

والشافعية (المهذب، جـ 2، ص 171) والحنابلة (المغنى، جـ 7، ص 614) يسمحون للصبى في السابعة أن يختار العيش مع أمه أو الانتقال إلى بيت أبيه. وهذا الاختيار يمنح للبنت إذا بلغت سن التاسعة، على أن هذا الإختيار إنما منحه لها مذهب الشافعي.

وعند البلوغ (حوالى سن الخامسة عشرة، انظر مادة "بالغ" (تمنح المذاهب كلها الغلام الحق في سكن منفصل عن سكن أبيه، أو منفصل عن سكن أمه إذا كان قد اختار أن يعيش معها وهو في السابعة، كما يسمح بذلك المذهب الشافعي والمذهب الحنبلى. على أنه من الممدوح أن يقيم مع والديه. أما البنت التي بلغت سن البلوغ فإن من العجيب أن المذهب الشافعي قد تسامح معها أعظم التسامح، ذلك أن فقهاء هذا المذهب لم يمنعوا أن يكون لها سكن منفصل وإن ذهبوا إلى أن هذا "مكروه" خلقيًا (المهذب، جـ 2 ص 169). وفى المذاهب الأخرى فإن البلوغ لا يحرر البنت البكر من ولاية والديها. وقد رأينا أن المذهب المالكى يقضى بأن تظل في ولاية أمها حتى يتم زواجها. ويقف المذهبان الحنفى والحنبلى منها موقفًا كثير الشبه بهذا، فهما يقضيان بأن البنت البكر لا يمكن أن تغادر أبيها حين تبلغ لأنها تجهل الرجال ومكايدها. على أن

ص: 4021

البنت إذا تجاوزت سن البلوغ وكانت ثيبًا: أرملة أو مطلقة، فإن لها حرية الحركة، بل أن الحنفية يقيمون بعض التحفظات في حالة البنت التي لا يضمن سلوكها، فيرون أنها يجب أن تعيش مع أبيها ولو كانت ثيبًا.

جـ - وثمة قواعد مختلفة تحكم إنقضاء حق الحضانة في المذاهب على اختلافها، ويمكن أن نقسمها مجموعتين من هذه الوجهة. فمن ناحية نجد الحنفية والمالكية وإن لم يقصروا حق الحضانة على النساء، فإنهم قد جعلوا هذه الميزة على الأقل وظيفة يفضل في ولايتها دائما النساء حتى أنهم في حالة تساوى قريبتين للأم فإن القريبة من الرحم أولى من القريبة من الدم، ومن الناحية الأخرى نجد الشافعية والحنبلية وإن كانوا يفضلون في الحضانة تفضيلا جازمًا بعض النساء (الأم أو الجدة للأم أو الجدة للأب) فإنهم لم يترددوا حيال بعض الظروف أن يفضلوا في الحضانة الرجال على النساء ولو كان النساء على قرابة وثيقة بالطفل.

وفى رأى فقهاء المذهبين الأولين أن الحضانة تكون في المقام الأول للأم، ففي غيبة الأم، أو إذا كانت غير أهل للحضانة أو نزلت عن هذا الحق، فإن الحضانة تنتقل إلى الجدة للأم، والأقرب من الجدات يجب الأبعد، ثم تنتقل الحضانة إلى جدات للأب (في مذهب مالك الخالات يأتين قبل الجدات من ناحية الأب، ويأتى بعد ذلك الشقيقات من الأب والأم والشقيقة من الرحم قبل الشقيقة من الدم ثم يأتى بعد ذلك بنات الأخت (إلا بنات الأخت من الدم اللآئى يمتن بصلة القرابة للطفل من الأب وحسب) والخالات مفضلات على العمات.

وفى هذين المذهبين تقع الحضانة بمعناها الحقيقى على الرجال في حالة غياب جميع القريبات من المحارم. وتندمج هاتان الصفتان في صفة واحدة وامرأة واحدة إذا كانت تحجب الحضانة عن الرجل. ولذلك لا يدخل في الاعتبار بنات العم وبنات الخال الشقيقات لأب وأم لأن الفقه الإسلامى لا يقف في سبيل الزواج بين أبناء

ص: 4022

الخئولة وأبناء العمومة. زد على ذلك أن وجود المرضعة أو ابنة المرضعة، بالرغم من قيام حائل يحول دون الزواج، فإن هذا الوجود لا يمنع الرجال من تولى الحضانة لأن المرضعة أو ابنتها ليست قريبة للطفل من الدم.

والرجال الذين نحن بصددهم هم اولاد "العصبات" الذين تأتى درجتهم في الدرجة نفسها التي يقضى بها قانون الوراثة، ومن ثم الأب، وفى حالة غياب أي عاصب، فإن الفقه الحنفى يلقى بعبء الحضانة على الذكور الأقرباء من ناحية النساء، ويقتصر في ذلك على الذكور الذين لم يكن يباح لهم الزواج في حالة ما إذا كانت الحضانة تنصب علي بنت. ويأتى بعد هؤلاء الأقارب، رجالًا ونساء الذين ليسوا من المحارم (أبناء العم أو الخال الأشقاء، وأولادهم إلخ) والرجال يحتضنون الصبيان، والنساء يحتضن البنات. وثمة حالة واحدة يترك فيها الأمر للقاضي إذ يكلف بالحضانة شخصًا من أهل الثقة، وهذه الحالة هي عدم وجود قريبات أو أقرباء للطفل.

وفى المذهبين الآخرين، أى مذهب الشافعي ومذهب ابن حنبل، فإن أولوية النساء بالحضانة أقل إطلاقًا منها في فقه أبى حنيفة وفقه مالك، ويمكن للرجال أن يتولوا الحضانة حتى في الحالات التى يوجد فيها قريبات قرابتهن بالطفل قرابة لا بأس بوثاقتها. ولذلك فإنه في غياب الأم والجدات للأم، أو إذا كانت الأم محجوبة عن الحضانة أو غير أهل لها أو نزلت عن حقها فإن الحضانة تؤول للأب، ثم للجدات من ناحية الأب. وثمة خصيصة أخرى لهذين المذهبين هي أن الشقيقة من الدم مفضلة على الشقيقة من الرحم والعمة على الخالة (المهذب، جـ 2، ص 170، 171، المغنى، جـ 7 ص 623) وهذان الحلَّان يناقضان مناقضة مباشرة الحلين اللذين يقولان بهما المذهب الحنفى والمذهب المالكى.

د - وفقهاء الحنفية لا ينفكون قط عن النظر في طبيعة الحضانة وهل هي حق الحاضن أم حق الطفل؟ وقد انتهوا بصفة عامة إلى القول بأنه وإن كانت الحضانة حق للحاضن (سواء كان

ص: 4023

رجلا أو امرأة)، وهذا يوضح كيف أن الأخير يمكن أن يرفض حمل هذا العبء، فإن الحضانة هي فوق كل شيء وأول كل شيء حق الطفل وفى مصلحته تقررت ظروف الأهلية لهذه الوظيفة. ولما كانت مصلحة الطفل تحكم جميع حلول الفقه في هذه المسألة فإن المرأة الحاضنة (ومن أجل المرأة كثرت كثرة كاثرة ضمانات الفقه) يجب أن تكون بالغة عاقلة قادرة على العناية بالطفل في أمان، ومن ثم فإنها تحرم من الحضانة إذا كانت مشاغلها تبعدها عن البيت مدة طويلة في اليوم. ومن الضروري أيضًا ألا تكون "فاسقة" وألا يكون سكنها المعتاد مكانًا للفحش، مما يجعل الإضرار بالطفل أمرًا ثابتًا. وكذلك فإن المرض والعاهات تكون سببًا في منع الحضانة. وهذا معقول جدا لأن المرض والعاهات يحولان دون المرأة والعناية الواجبة بالطفل الصغير: وكانت الإماء، وقت أن كن موجودات، محرومات من الحضانة. وتكاد مبادئ المذاهب الأخرى في هذه المسائل لا تختلف عن المذهب الحنفى.

وثمة طائفتان من الظروف تعلق عليها آراء الفقهاء أهمية عملية كبيرة ونعنى بذلك القدرة على ممارسة حق الحضانة، أولاهما تقع حين تتزوج الحاضنة (وخاصة الأم) مرة أخرى؛ وثانيتهما حين يكون الأب مسلم والمرأة التي تناط بها الحضانة ليس مسلمة.

والفقهاء مجمعين في رأيهم عن المسألة الأولى، ذلك أن زواج أم مطلقة أو أرملة هو بطبيعة الحال سبب في فقدان الحضانة، إلا إذا تزوجت رجلًا يمت بصلة القرابة للطفل في نطاق المحارم. ولكن كيف فسر الفقهاء القاعدة والاستثناء مع التوفيق بينهما وبين المبدأ القائل بأن الحضانة تتقرر في مصلحة الطفل؟ وتفسيرهم في ذلك بسيط أو قل سديد. ذلك أن المرأة إذا عادت للزواج بعد الترمل أو الطلاق (ومن حيث العمل هي وحدها التي يعنيها الأمر) فإنه يجب عليها شرعًا بأن تكرس وقتها كله لزوجها الجديد، فالشرع والأخلاق والدين يقضى بذلك، فكيف يمكنها في ظل هذه الظروف أن تمنح الطفل الذي تحتضنه العناية التي

ص: 4024

تتطلبها سنه الغضة؟ والأمر على خلاف ذلك إذا كان الزوج الجديد يمت بقرابة وثيقة للطفل (كأن يكون عمه مثلًا) ذلك أن من المنتظر أن تمنعه عاطفته الطبيعية من أن يتأذى لعناية زوجه بالطفل.

ويأتى بعد ذلك في مقام التواتر المسألة الثانية الخاصة بظروف القدرة على ممارسة الحضانة وهي إختلاف دين الزوجين. ولنفترض أن الأم، أرملة أو مطلقة من زوج مسلم وهي نفسها ليست مسلمة، فهل تترك الحضانة لها؟ والجواب بلا عند الشافعية (المهذب، جـ 2، ص 169) وعند الحنابلة (المغنى، جـ 7، ص 613، وحجتهما في ذلك لا تخلو من الرجحان. أفليس الكفر أخطر من مجرد سوء السيرة؟ ونحن نعرف أن سوء السيرة تنقض الحضانة بالنسبة للنساء والرجال. زد على ذلك فإنه إذا صح أن نظام الحضانة قد شرع لمصلحة الطفل فكيف يمكن أن تتحقق هذه المصلحة حين يكون أغلى ما يملكه الطفل، وهو الإسلام، مهددًا بإمكان قيام الأم بالدعوة لدينها والضغط على الطفل بما يحقق مصلحة هذا الدين؟

والمالكية على شيء من التردد، والحنفية في مزيد من الحسم، يقررون أن الذمِّية لها الحق في الحضانة، ثم إن الحنفية بعد يضيفون بعض الشروط على هذه القاعدة (الزيلعى: التبيين، جـ 3، ص 39) تفقد بمقتضاها المرأة غير المسلمة حق حضانة الطفل إذا سعت إلى أن تحوله عن دين أبيه بشرط أن يكون الطفل قد بلغ السن التي تمكنه من فهم واجباته الدينية. ولما كانت هذه السن تتفق على تفاوت مع السن التي تنتهى فيها الحضانة بطبيعتها، على الأقل بالنسبة للصبيان، فإن أهمية الشروط الحنفية تصبح قليلة الشأن. وأهم من ذلك القاعدة التي تقتضى وحدة الدين حين يتولى "عاصب" في غيبة النساء، الحضانة ما دام انتقال حق الحضانة التي يتولاها الرجال تسير على القواعد نفسها التي تسير عليها الوراثة، ذلك أن اختلاف الدين، كما نعلم، يمنع من الوراثة في الشريعة الإسلامية.

ومن نافلة القول أن نذكر أن المرتدة عن دينها تحجب في أي مذهب عن

ص: 4025

الحضانة، فبصرف النظر عن أي شيء آخر فإنه كيف يتأتى لها أن تعنى بالطفل، على حين أنها في رأى الفقهاء، يجب أن تزج في السجن فورًا وتظل فيه حتى تعود إلى الإسلام؟ وحين يحدث أن تحرم المرأة حقها في الحضانة لأى سبب كالعجز أو عدم الأهلية أو الزواج من خارج العائلة أو المرض، فإنها تستطيع أن تسترد حقها في الحضانة إذا زال المانع إلا في الفقه المالكى. وهذا المبدأ صيغ في وضوح فيما يتعلق بعودة المرأة إلى الزواج، ومن المتفق عليه أنه يمتد إلى الأسباب الأخرى التي تعوق الحضانة أو تفسخها.

(هـ) وتفصل كتب الفقه الكلام عن مسألة لها أهمية عملية كبيرة، ولو أن قواعدها أصبحت الآن قد عفى عليها النسيان إلى حد كبير بسرعة المواصلات. ذلك أنه يحرم على الحاضنة أن تسكن الطفل في مكان بعيد عن سكن أبيه، وإذا غضضنا الطرف عن الفروق وفروع الفروق التي يضعها الكتَّاب فإن المسألة الجوهرية أن المرأة الحاضنة (والرجل إذا تولى الحضانة) ممنوعة من أن تنقل الطفل إلى مكان أبعد بحيث لا يستطيع الأب في يسر أن يشرف على تعليمه وسلوكه وأن يتولى العناية بما يحقق خيره. والخروج على هذا المنع قد يتسبب في انقضاء الحضانة إلى شخص آخر سواء الأب أو أية امرأة أخرى من فرعه.

وإنما ينظر الحنفية إلى حالة أكثر ما تكون تواترًا، وهي حالة الأم تطلق وتصبح حرة في حركتها وهي حاضنة لطفل، فيضيفون إلى شرط منعها من أن تسكن الطفل في مكان بعيد عن الأب، شرطًا هامًا، وهو شرط يمليه الحس العام والإنصاف، فمن بين النساء جميعا اللاتى يجوز لهن تولى الحضانة فإن الأم المطلقة وحدها يمكن أن تحمل طفلها معها إذا استقرت على أن تعود إلى البلد الذي ولدت فيه وعقد الزواج الذي انجبت بمقتضاه الطفل مهما بعد هذا البلد. ذلك أنه من القسوة حقًا أن يؤخذ الطفل الصغير من زوجة مطلقة تعود إلى البلد الذي تسكن فيه

ص: 4026

أسرتها جميعا والتى حملها زوجها السابق على تركه بزواجه منها.

ويجب أن نذكر أن المذهب الحنفى لا يجعل الحضانة تنفض من تلقاء ذاتها إذا خالفت الحاضنة القاعدة التي تمنعها من الانتقال بالطفل من سكن أبيه. وكل ما على القاضي هو الحكم بالعودة إلى المكان الذي يعيش فيه أبوه.

وفى رأى المذاهب الثلاثة الأخرى أن حضانة الطفل تنتقل إلى الأب حين تستقر الأم المطلقة في مكان بعيد. وتصدق هذه القاعدة على الأب الذي يسكن بعيدًا (ولا يكاد هذا الأمر أن يكون منصفًا).

(و) ومن الصفة المزدوجة للحضانة فإنها تكون في الوقت نفسه ميزة للأم (وغيرها ممن هم أهل للحضانة) وهي أيضًا إجراء لحماية الطفل الصغير ومن ثم فهي تنتهى من حيث الأم والطفل إلى النتائج الآتية:

المرأة المؤهلة لحضانة الطفل ليست ملزمة بقبول الحضانة إلا إذا كان الأمر يخص الأم، بل إن الأم عند الحنفية مفروض عليها أن تقبل الحضانة في حالة واحدة هي استحالة وجود حاضنة أخرى، ذلك أن مصلحة الطفل تعلو على حق الأم. ويفسر هذا ما جرى عليه الفقه الحنفى من أن الحاضنة تستطيع بلا حرج أن تطالب بأجر غير نفقة إعالة الطفل ويقع هذا بطبيعة الحال على الأب إلا إذا كان للطفل ثروة تخصه. ويفترض في هذا الأمر أن يكون الزوجان منفصلين وأن تكون فترة العدة قد انقضت. وفى غير المذهب الحنفى فإن الأم لا تستطيع أن تطالب بأجر علاوة على نفقة الطفل. ويذهب المالكية إلى حد رفض الأجر لجميع المؤهلات للحضانة. وإذا حدث أحيانًا، في رأيهم، أن تطلب أم محتاجة نفقة من مال طفلها، فإنها لا تفعل ذلك باعتبارها حاضنة وإنما تفعله كأى أم محتاجة (دردير الدسوقى، جـ 2، ص 534).

ومع أن الحضانة حق النساء فإنها بالرغم من ذلك قد تقررت لمصلحة الأطفال. ومن ثم فإنه من غير الجائز تعديل هذه القاعدة الحتمية التي قررها الفقه في هذا الشأن. وهذه القواعد تدخل في باب المصلحة العامة بقدر ما

ص: 4027

يكون الخروج عليها ضارًا بالطفل، وفى حالة (الخلع) فإن الطرفين قد يحاولان التحايل على هذا المبدأ. ومن الجائز أن يتفق الزوجان على أن تتحمل الأم النفقة الكاملة لحضانة الطفل على اعتبار أنه ليس من الممكن بالنسبة لطلاق الزوج لزوجته أن يشترط فيه أن تنزل الزوجة عن الحضانة. (وربما يكون الاستثناء من ذلك في مذهب المالكية) وفى مثل هذه الحال يكون الخلع صحيحًا والشرط المقصود باطلًا. وكذلك لا تستطيع الزوجة إذا اتفقت مع زوجها على تعويضه، أن تحصل على مد لفترة الحضانة، ويصدق هذا في الأقل على الصبيان، أما البنات فهو جائز. (ابن نجيم: البحر، جـ 2، ص 98).

(ز) والتشريع الحديث المستوحى من الشرع الإسلامى (قوانين الأحوال الشخصية وقوانين الأسرة) لم يدخل إلا تعديلات قليلة على النظام الذي قضى به الفقه عند السلف.

وفى البلاد التي تأخذ بالمذهب الحنفى نجد أن شغلها الشاغل قد انصب على مد فترة الحضانة التي يحددها فقه السلف تحديدًا غير مناسب.

فالقانون المصري الصادر في 10 مارس سنة 1629 تبيح المادة العشرون منه للقاضي إذا استدعت مصلحة الأطفال ذلك، أن يمد فترة الحضانة إلى التاسعة للصبى والحادية عشرة للبنت. وقد أخذ بهذا الاتجاه القانون الأردنى الصادر سنة 1951 في المادة الثالثة والعشرين بعد المائة، وكذلك القانون السورى لسنة 1953 في المادة السابعة والأربعين بعد المائة. أما المنشور السودانى رقم 34 لسنة 1934 فقد أخذ في صراحة بالمذهب المالكى (يحكم السودانيين المسلمين القانون الحنفى وإن كانوا رسميًا يتبعون في شعائرهم المذهب المالكى) ومن ثم فإن الصبى يظل حتى البلوغ في حضانة النساء، أما البنت فتظل على ذلك حتى إتمام الزواج، وأما القانون العراقى لسنة 1959 فتبيح المادة 57 فيه للقاضي أن يمد الحضانة من غير تحديد أجل هذا المد.

ص: 4028