المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌4 - شمالى إفريقية - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ١٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الحسين بن على

- ‌المصادر:

- ‌الحسين بن على

- ‌المصادر:

- ‌حسين كامل

- ‌المصادر:

- ‌حسينى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحسينية

- ‌المصادر:

- ‌الحشاشون

- ‌المصادر:

- ‌حشمت

- ‌المصادر:

- ‌حصار

- ‌1 - ملحوظات عامة:

- ‌2 - المغرب الإسلامى:

- ‌3 - بلاد فارس:

- ‌4 - سلطنة المماليك:

- ‌5 - الإمبراطورية العثمانية:

- ‌6 - الهند:

- ‌الحصرى

- ‌الحصن

- ‌1 - المغرب الإسلامى

- ‌المصادر:

- ‌2 - إيران

- ‌المصادر:

- ‌3 - آسيا الوسطى:

- ‌المصادر:

- ‌4 - إندونيسيا وماليزيا:

- ‌المصادر:

- ‌حصن الأكراد

- ‌الحصين

- ‌المصادر:

- ‌حضانة

- ‌المصادر:

- ‌حضرموت

- ‌حضرة

- ‌حضور

- ‌المصادر:

- ‌حطين

- ‌المصادر:

- ‌الحطيئة

- ‌حفاش

- ‌المصادر:

- ‌حفص بن سليمان

- ‌المصادر:

- ‌حفص، بنو

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حفص الفرد

- ‌حفصة

- ‌حفصة بنت الحاج

- ‌المصادر:

- ‌حقائق

- ‌حق

- ‌المصادر:

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حقوق

- ‌حقيقة

- ‌المصادر:

- ‌حكاية

- ‌الحكم الأول

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحكم الثانى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحكم بن سعد

- ‌المصادر:

- ‌الحكم بن عبدل

- ‌المصادر:

- ‌حكومة

- ‌1 - الامبراطورية العثمانية

- ‌المصادر:

- ‌2 - فارس

- ‌المصادر:

- ‌3 - فى مصر وفى بلاد الهلال الخصيب

- ‌المصادر:

- ‌4 - شمالى إفريقية

- ‌المصادر:

- ‌5 - باكستان

- ‌6 - إندونيسيا

- ‌المصادر:

- ‌حكيم

الفصل: ‌4 - شمالى إفريقية

سورية ولبنان: (1) A. Hourani: Syria and Labanon، لندن سنة 1946.

(2)

Les institutions pol-itiques du Liban: Rondot، لندن سنة 1957.

(3)

A: A. Grassmuck and K. Salibi manual of Labanese administration بيروت سنة 1955.

(4)

S. H. Longrigg & F. Stoakes: Syria and Lebanon under the French mandate لندن سنة 1958.

(5)

A modern History of: K. Salibi Lebanon، لندن سنة 1965.

(6)

The struggle for Syria: P. Steale، لندن سنة 1965.

(7)

Politics in Lebanon: L. Binder (.ed) نيويورك سنة 1966.

الأردن: (1) The Kingdom: R.patai of Jordan، برنستون سنة 1958.

(2)

Jordan، a state: B. Schwadran of tension، نيويورك سنة 1959.

(3)

Jordan، a Political: A. Abidi 1957 - 1949.study لندن سنة 1965.

(4)

Politics and the military in Jorda: P. J. Vatikiotis، لندن سنة 1967.

نجلاء عبد الرازق [فاتيكيوتس P. J. Vatikiotis]

‌4 - شمالى إفريقية

يبدو أن استخدام كلمة "حكومة" فى المغرب بمعناها المعروف لم يحدث إلا فى وقت حديث جدًا. وفى بحث لم ينشر للأب دمير سمان، ولم تظهر الكلمة فى آثار الكتاب التونسيين حتى النصف الثانى من القرن التاسع عشر، ثم ظهرت على نحو نادر فحسب بالمعنى الضيق وهو حكومة غير مستقلة أو ولاية مستقلة استقلالًا ذاتيًا فى دولة كبيرة. ولم يكتسب هذا المصطلح المعنى المجرد للحكومة إلا تحت النفوذ الأوربى. وعلى هذا فهو مثال للمصطلحات العربية الصرف التى استوعبت الأفكار الغربية.

وقبل أن تخضع الدول الثلاث فى المغرب للسيطرة الأوربية قام الحكام المحليون بعدة محاولات لإدخال بعض النظم الحديثة إلى الإدارة.

ص: 4196

ولنبدأ بالجزائر، حيث حاول الأمير عبد القادر أن يقوم بتنظيم دولة مسلمة تواجه السلطة الفرنسية، وأن يزودها خاصة بقوة عسكرية كافية تمكنها إذا قضت الضرورة من أن تقاتل القوات الفرنسية. ولكن الظروف أجبرت عبد القادر على توجيه اهتمامه الأكبر للحرب. ومنذ سنة 1840، اضطرته حركة "بوجو" إلى أن يكتفى بحكومة بدوية ألزمتها الضرورة أن تتحاشى كل الأفكار الحديثة.

وفى تونس، كانت الأمارات الأولى لإدخال النظم الحديثة ترجع إلى النفوذ الفرنسى، الذى استقر فى الجزائر، وظهرت خلال حكم أحمد باى (1837 - 1855) وبدأت الإصلاحات العسكرية أيضًا هناك مع تجنيد جيش وأسطول فى "ثغر الحديد". ولكن سرعان ما تفاقمت الصعاب المالية واتجه أحمد باى للإصلاح المالى.

وكان محمد باى (1855 - 1859)، خليفة أحمد باى، مضطرًا بحكم الظروف وضغط بعض القناصل الأوربيين إلى إدخال إصلاحات أكثر شمولًا، فأنشأ المحكمة الشرعية للنظر فى مسائل قانون الوراثة وملكية الأراضى سنة 1856، ثم أصدر رسميًا فى 10 سبتمبر 1857 مرسومًا يطلق عليه بالعربية "عهد الأمان" وبالفرنسية " Pacte Fondamental" وفى السنوات التالية، أقيمت فى تونس حكومة محلية من أعيان المواطنين.

وكان خليفة محمد باى أخاه محمدًا الصدوق الذى أعلن فى 26 أبريل 1861 سلسلة من الإجراءات التشريعية التى يمكن اعتبارها دستورًا، واستشار فى ذلك نابليون الثالث بالجزائر فى العام السابق. وظلت أحكامه فيما يختص بخلافة العرش لا تتغير حتى سنة 1957. وأقيمت وزارة مسئولة أمام الباى، وهى مجلس أعلى من 60 عضوًا يعينهم الباى. وشاركت الحكومة فى المسئولية التى ترمى إلى تطوير الجهاز القانونى والتصويت على ميزانية الدولة، وأعلن استقلال القضاء. ولكن هذه الإصلاحات أدخلت قبل أن يتأهب لها الرأى العام فى تونس بل الطبقات الحاكمة. ومنذ أن أدى الموقف

ص: 4197

المالى علاوة على ذلك، إلى فرض الضرائب، قام قطاع من الشعب بالثورة سنة 1864. ثم عطل الدستور سنة 1861 عمليًا وليس قانونًا. وكان آخر من أدخل إصلاحات من التونسيين قبل قيام الحماية الفرنسية هو القائد خير الدين الذى تقلد منصب الوزير عدة مرات وأصبح بخاصة رئيسًا للوزراء من 1873 - 1877. ولم يكن الاعتقاد فى الحاجة إلى الإصلاح وليد الظروف، بل كان عقيدة عنده يثبتها كتابه: "أقوم المسالك فى معرفة أحوال الممالك" (تونس 1867). فلما تقلد السلطة بذل جهودًا كبيرة لإدخال برنامجه الخاص بصبغ البلاد بالصبغة الحديثة على المناهج الأوربية ولكن فى إطار إسلامى بحت، وبعد 4 سنوات، أحاطته المؤامرات المتشابكة، وعجز الرأى العام عن فهم أهدافه مما دفعه إلى التخلى عن جهوده. وحدث بعد ذلك أن تفاقمت الأزمة نتيجة للانهيار المالى للبلاد والمؤامرات الأوروبية وعدم كفاية الحكام التونسيين الجدد أو الشك فى نزاهتهم، وانتهى الأمر بقيام الحماية الفرنسية.

ونهج التطور فى مراكش نهجًا مماثلًا، ولكن ذلك حدث فى تاريخ متأخر. إذ لم تتصل مراكش بأوروبا عن كثب إلا فى منتصف القرن التاسع عشر من خلال حربها القصيرة مع فرنسا فى أغسطس 1844، والاتفاقية التجارية لعام 1856 مع بريطانيا العظمى، والحرب المراكشية الأسبانية سنة 1859 - 1860.

وأدرك السلطان محمد بن عبد الرحمن (1859 - 1873) الذى كان قائمًا بالحكم عام 1860 أن دولة مراكش لن تستطيع البقاء بعد كما هى وقد حاول الرجل من قبل، فى حياة أبيه، إدخال بعض الإصلاحات فى الجيش المراكشى. فلما أصبح سلطانًا، حاول أن يقود البلاد إلى اقتصاد حديث وأن يكبح جماح الفساد الذى لحق ببعض الموظفين بأن يدفع لهم مرتبات. ولكن الصعوبات الجمة واجهت تلك المهمة نظرًا للمؤامرات الأوروبية وفشل مراكش فى فهم أهدافه. وأخيرًا أجبرته الأزمة الزراعية التى وقعت سنة 1867 - 1869، على أن يعدل عن محاولاته.

ص: 4198

وأحس ابنه الحسن (1873 - 1894) أيضًا بالحاجة لتطوير الدولة المراكشية فقرر عند ولايته العرش أن يستأنف مشروعات أبيه الاقتصادية والعسكرية، وكان هو الذى استقدم إلى مراكش معلمين أوروبيين لجيشه. وكانت إصلاحاته محدودة المدى تعوقها دائمًا المنافسات الأوروبية وتضعفها الأزمة المالية التى بدأت فى الظهور بمراكش فى الربع الأخير من القرن التاسع عشر، إلا أن هذه الإصلاحات نجحت فى إثارة الرأى العام المراكشى، ليس فى المدن فحسب بل بين القبائل المنشقة أيضًا. وظلت الحال كما هى عليه إلا من بعض التحصينات القليلة على الساحل والقليل من سريّات مدفعيات الميدان، والكثير من المشاعر التى تنطوى على السوء.

وحين اعتلى ابنه عبد العزيز العرش (1894 - 1908) لم يكن الوقت مناسبًا للإصلاح، إذ كانت مراكش تتدهور أكثر من أن تتقدم. وظل عبد العزيز حتى موت وزيره وناصحه أحمد بن موسى، لا يمارس سلطته إلا نادرًا، وإذا به يجد نفسه وحيدًا فى مايو 1900، لكنه رغب فى أن يدخل إصلاحات. ولم يكن الذى دفعه إلى ذلك الموقف فى مراكش فحسب، بل دفعته أيضًا نظرته إلى التجديد. وقد جلب من أوروبا جملة من الآلات والمعدات بنية إقامة سكة حديدية تمتد إلى فاس، ثم تصور بخاصة أن يقيم إصلاحًا فى المالية المراكشية عن طريق إصدار مرسوم يقضى بأن يتساوى ممولو الضرائب فى أداء ضريبة الأرض. وأدت ردود الفعل العنيفة للقبائل المراكشية، والمنافسة الشديدة لبعض الدول الأوروبية إلى إغراق مراكش فى إضطرابات أجبرت عبد العزيز سنة 1908 على النزول عن العرش دون أن تثمر محاولاته للإصلاح أية ثمرة.

وقبل أن يعتزل عبد العزيز السلطة، نودى بأخيه الأكبر عبد الحافظ سلطانًا على مراكش (1907 - 1912)، ليواجه الإنتهاكات الأوروبية، ثم اعتلى العرش أخيرًا سنة 1908 ولكنه ووجه بأزمة مالية، وقبائل غاضبة على استعداد للإنتقاض، ودول أوربية لها أطماع

ص: 4199

كبيرة فى مراكش. واعترف عبد الحافظ كأسلافه بالحاجة إلى الإصلاح الذى حثه عليه عدد من المراكشيين الذين رأوا فى الإصلاح الطريقة الوحيدة للخلاص من قبضة الدول الأوروبية. وقد بلغ من أمر إحدى هذه الجماعات التى أسست فى طنجة وعززها السوريون المطرودون من تونس، إلى وضع مشروع دستور فى 11 أكتوبر سنة 1908، نشرته صحيفة عربية بطنجة هى "صوت المغرب"(نشر الترجمة الفرنسية J. Robert فى - La Mon archie، باريس سنة 1963، ص 311 - 323) ولكن الحكومة المراكشية لم تأخذ بهذا الدستور، كما أدى فشل الخطط المختلفة للإصلاح إلى توقيع السلطان والمسيو رينو Regnauult ممثل فرنسا، معاهدة الحماية فى 30 مارس 1912 بفاس.

وهكذا يتبين أن محاولات الحكام فى القرن التاسع عشر لإدخال النظم الحديثة إلى الحكومة فى بلادهم، كانت بلا جدوى. إذ أن الرأى العام لم يكن معدًا أى إعداد لهذا التغيير، فقد ظن الرأى العام (ليس بدون مبرر) أن هذه النظم هى ثمرة للنفوذ الفرنسى الذى كانت ترتاب فيه البلاد، ثم إنه لم يكن ثمة حاكم قوى يمتد عهده مدة طويلة تسمح له بفرض نظام جديد للحكومة.

وقد نجم عن الاحتلال الأوروبى، وخاصة الاحتلال الفرنسى. لشمالى إفريقية تغييرات كبيرة فى تنظيم الحكومات هناك.

وفى الجزائر، مرت البلاد بمدة طويلة من التجربة والخطأ، ثم قسمت حكومة الجمهورية البلاد بمقتضى مرسوم صدر فى 9 ديسمبر سنة 1848 إلى قطاعات تحت إمرة مدير، كما هى الحال فى فرنسا. وقبل ذلك منح المواطنون الفرنسيون المقيمون فى الجزائر الحق فى أن يرسلوا نوابًا عنهم إلى الجمعية الوطنية. ويمكن القول بأنه إعتبارًا من سنة 1848، اعترف بالتمثيل الإدارى حقيقة واقعة بالرغم من تقلبات شتى ليس لها شأن كبير.

وكذلك يتساوى الأمر، ذلك أن حكم السكان الوطنيين كانت له مشاكله، ومن ثم استحدث نظام خاص جديد للحكم

ص: 4200

فى بلاد الجزائر. ففى البداية، أقيمت حكومة حقيقية للجزائر فى وقت مبكر، تتألف من حاكم عام، تكون المرافق العامة التى أقيمت محليًا مسئولة أمامه معظم الوقت، وألغى منصب الحاكم العام وحل محله، ابتداء من 24 يونية وحتى ديسمبر سنة 1860، وزير للجزائر مقره باريس. ثم جعلت حكومة الجمهورية الثالثة جميع المواطنين العاملين فى الجزائر مسئولين مباشرة أمام وزاراتهم فى باريس، فى الوقت الذى استرجعت فيه وظيفة الحاكم العام، واستمرت هذه التجربة حتى 31 ديسمبر سنة 1896، لكنها أثبتت فشلها، فاستعيد النظام القديم، وظهر واضحًا فى تلك الحالتين، أن المركزية الشديدة لم تسفر عن نتائج حسنة وأن الجزائر لا بد وأن تحكم من داخلها تحت سلطة الحكومة الفرنسية وسيطرة البرلمان الفرنسى.

وفى الواقع، لقد تبين منذ السنين الأولى للغزو أن الإدارة الفرنسية لا يمكن أن تطبق دون تعديل، ذلك أن العادات وردود الأفعال والعقائد المتأصلة فى شعوب المسلمين تختلف اختلافًا كبيرًا عن تلك الموجودة فى فرنسا. ومن ثم، بقى فى جميع الأحوال نظامان للحكومة بالرغم من وجود الحكام والقوانين والنظم وجميع المؤسسات الفرنسية التى زرعت زرعًا فى الجزائر، لأن ذلك البلد الواحد ضم شعبين مختلفين تمامًا لا يجمع بينهما شَبَهُ كاف للتفكير فى إقامة وحدة. وبدأ هذا النظام بالمكاتب العربية وهى منظمة عسكرية مسئولة عن حكم السكان المسلمين، وانتهى بقانون 20 سبتمبر سنة 1947 الذى أنشأ فى الجزائر هيئتين منتخبتين. واحدة للأوروبيين والأخرى للمسلمين، بالرغم من تفاوتهما فى العدد والتركيب، وذلك أن نساء المسلمين لم يعطين حق التصويت حتى عام 1958.

وكانت هيئة مكتب الحاكم العام والمصالح الإدارية التابعة لها تتألف عادة من الفرنسيين، ولم يشغل الجزائريون المسلمون وظائف مسئولة فيها إلا بعد الحرب العالمية الثانية. وهكذا كان حكم الجزائر فى أثناء العهد الفرنسى حكمًا هجينًا لعب فيه

ص: 4201

الفرنسى المقيم فى بلده والفرنسى المقيم فى الجزائر دورًا غالبًا، فى حين نزل الجزائريون إلى مرتبة ثانوية دنيا بالرغم من مطالبتهم بحقوقهم، وخاصة منذ سنة 1936 وما بعدها.

وفى تونس، أقامت إتفاقية قصر سعيد المعروفة باسم "باردو" والمبرمة فى مايو 1881 إحتلالًا فرنسيًا مؤقتًا، إنقلب بعد ذلك إلى حماية فرنسية بمقتضى إتفاقية المرسى فى 8 يونية سنة 1883. وظلت الحكومة التونسية وإدارتها قائمتين، لكن القائد الفرنسى المقيم وهيئته كان لهما السلطة للسيطرة عليهما، ولإنشاء مصالح إدارية فنية حديثة بجانبهما للمالية والأشغال العمومية والتعليم والصحة العامة. إلخ من أجل إدخال الإصلاحات التى تصورتها إتفاقية المرسى فى تونس.

وهكذا وجدت إدارتان جنبًا إلى جنب حتى إبرام إتفاقيات 3 يونيو سنة 1955 التى أنشأت فى تونس نظامًا حاكمًا مستقلًا فى الداخل استقلالًا ذاتيًا يقوم على إدارة تونسية تعمل تحت سلطة الباى ويديرها وزراء تونسيون كانوا هم أنفسهم تحت سيطرة موظفين فرنسيين، ونظام إدارى حديث يعمل نظريًا تحت سلطة الباى، ولكنه فى الواقع يعمل تحت سلطة المقيم والسكرتير العام لحكومة تونس، وكان فرنسيًا فى جميع الأحوال. ولم تستعد الحكومة التونسية استقلالها إلا فى 3 يونيه سنة 1955. ويجب أن نضيف إلى ما قلنا أن المصالح الإدارية الفنية كانت فى البداية تعج بالفرنسيين، إذ كان القليلون من التونسيين هم الذين حظوا بالتعليم الحديث وقد أظهروا ميلًا واضحًا للبقاء متفرنسيين تحت الإدارة الفرنسية وأن يطبقوا المقاييس الفرنسية ويعترفوا بسلطة القائد المقيم والحكومة الفرنسية فحسب، وكانت النتيجة أن الحامية الفرنسية قد انقلبت إلى إدارة مباشرة بالرغم من التصريحات الرسمية.

وكان فى مراكش عاملان على الأقل شجعا على التطبيق المحكم لروح الحماية: الموقف الداخلى وشخصية ليوتى. ولم تنجح فرنسا بالفعل فى

ص: 4202

التمكين لحاميتها بمراكش بقبول رهونات دولية خطيرة والاتفاق على أن جزءًا من الأراضى التونسية ينبغى أن يظل تحت الحماية الأسبانية. ولم يكن غالبية الموقعين على اتفاق الجزيرة الخضراء فى 17 أبريل سنة 1906 يميلون إلى السماح للسلطة الحامية أن تنتهك أى حق من الحقوق التى اعترف بها هذا المؤتمر الدولى. صحيح أن الحرب العالمية الأولى تسببت فى اختفاء بعض هذه الدول مثل ألمانيا والنمسا والمجر. ولم يستمر الاتحاد السوفيتى فى دعاواه الإمبراطورية فى تلك المسألة، ولكن ظل عدد من الموقعين على جانب كبير من اليقظة يؤكدون أن فرنسا تشعر بأنها هى نفسها ملتزمة بتلك الاتفاقية، ليس أمامهم فحسب، بل أمام مراكش أيضًا. أما ليوتى، فكان يؤمن إيمانًا راسخًا بصيغة الحماية. فقد درسها فى أراض أخرى من قبل ووجدها أكثر مرونة وبساطة من نظام المستعمرات. كما أنه لم يكن لمراكش احترامًا وتقديرًا عاليًا وتمنى أن يحيى البلاد لا أن يخربها.

إذن فقد تركت إتفاقية الحماية فى 30 مارس سنة 1912 الهيكل الحكومى والإدارى، من حيث المبدأ، فى مراكش كما هو وإن كانت وضعته تحت سيطرة سلطات الحماية وقد أثبت الاحترام الذى لم يدخر وسعًا فى إبدائه للسلطان وحاشيته المراكشية مبلغ الإخلاص فى تطبيق هذا النظام. ومع ذلك فإن الطبقات الحاكمة المراكشية كانت أقل استعدادًا لقبول الأفكار الغربية الحديثة إلى حد لعله يفوق فى ذلك استعداد التونسيين. فقد اضطر الفرنسيون إلى البدء فى إقامة مصالح فنية تتكون بالضرورة من الفرنسيين ومن ثم فإن هدا العمل نفسه الذى لاحظناه فى تونس، قد تكرر بنصه وفصه فى مراكش، حيث نما فيها تدريجيًا نوع من الإدارة الفرنسية (نظام إقطاعى) إلى جانب الموظفين المراكشيين ومن حكموهم. وفى خطتهم للإصلاح سنة 1934، طالب "المراكشيون الوطنيون"، وكانت حركتهم وقتذاك حركة صغيرة، بالتحاق المراكشيين بالمصالح الإدارية الفنية، والحد فى صرامة من عدد

ص: 4203

الفرنسيين الذين يجب أن يتخلوا عن أى فكرة للإدارة المباشرة وأن ينحصر دورهم فى مراقبة الأجهزة المراكشية وأداء الواجبات الفنية ومراقبة الأجهزة المراكشية وأداء الواجبات الفنية ومراقبة الأجهزة المراكشية وأداء الواجبات الفنية الصرف. وفشلت هذه المطالبة، وظلت الإدارة المباشرة موضوعًا من الموضوعات الكبرى التى استغلتها فى الدعاية للحركة المراكشية الوطنية. وظل الموقف ثابتًا لا يتغير حتى وقع التصريح الفرنسى - المراكشى فى لاسال سان كلود فى 6 نوفمبر سنة 1955، واعلن قيام المفاوضات لجعل مراكش دولة مستقلة متحدة مع فرنسا بروابط دائمة للمصلحة المشتركة المحددة والمتفق عليها اتفاقًا حرًا محددًا. وأعلن الاستقلال فى 2 مارس سنة 1965.

الموقف الحالى (ديسمبر سنة 1966)، طبقًا لدستور 30 يولية سنة 1959، يقوم فى جمهورية تونس الآن حكومة رئاسية. وانتخب الحبيب بورقيبة رئيسًا فى نوفمبر 1959، ثم أعيد انتخابه فى شبه إجماع لفترة رئاسة أخرى فى 8 نوفمبر سنة 1964، وعين بمقتضى مرسوم 12 نوفمبر سنة 1964، أعضاء حكومته المكونة من 13 وزيرًا وثلاثة وكلاء وزارة ومديرين: أحدهما للخدمة الإذاعية والآخر للوزارة الرئاسية، وهم جميعًا مسئولون أمامه. وظل موظفو هذه الوزارة ومهامها بلا تغيير فيما عدا وزير الشئون الداخلية الذى أدركته المنية واستبدل به غيره.

وتعاقبت على مراكش ست وزارات فى الفترة ما بين 4 ديسمبر سنة 1955 وإعلان الدستور فى 7 ديسمبر سنة 1962، ورأس الوزارتين الأخيرتين الملك محمد الخامس (26 مايو سنة 1960) والملك الحسن الثانى (2 يونيو سنة 1961). ولما أنشئت المؤسسات الدستورية، عين الملك الحسن الثانى السيد أحمد بحنينى رئيسًا للوزراء وشكل الوزارة من 14 وزيرًا وخمسة وكلاء وزارة. وأعيد تنظيم المناصب الوزارية فى 20 أغسطس سنة 1964 ثم تشكلت

ص: 4204

حكومة جديدة فى 8 يونيو سنة 1965 برئاسة الملك ثم عدل تشكيلها تعديلًا بسيطًا فى 10 يولية. وقد اتخذت هذه الترتيبات بعد أن قرر الملك فى 7 يونيو إعلان حالة الطوارئ بتطبيق المادة 35 من دستور سنة 1962.

وتتكون الحكومة الحالية (ديسمبر سنة 1966) من عشرين وزيرًا، وثلاثة مديرين للوزارة الملكية ووكيلين للوزارة. وأصبحت الحكومة مسئولة أمام الملك فحسب، إذ أوقف البرلمان لأجل غير مسمى.

وفى الجزائر قرر المجلس المنتخب فى 20 سبتمبر سنة 1962، تكليف السيد أحمد بن بلاّ بتشكيل الحكومة الجزائرية وتقلد منصب رئيس دولة الجزائر حتى يتم إعداد دستور وإعلانه، وشملت تلك الحكومة نائب رئيس و 17 وزيرًا.

ولما تم التصويت على الدستور الجزائرى فى 28 أغسطس 1963، ثم الموافقة عليه فى استفتاء 8 سبتمبر، انتهى الأمر بانتخاب السيد أحمد بن بلاّ فى 15 سبتمبر رئيسًا للدولة، وتشكلت فورًا حكومة شرعية على يد الرئيس فى 18 سبتمبر وبالإضافة إلى رئيس الجمهورية الذى تقلد أيضًا منصب رئيس مجلس الوزراء تكونت الحكومة من ثلاثة نواب للرئيس أحدهم وزير بلا وزارة و 12 وزيرًا. وأعيد تنظيم الوزارة فى 2 ديسمبر سنة 1964 وجعل عدد نواب رئيس الوزراء إثنين فحسب أحدهما وزير دولة، وزاد عدد الوزراء من 12 إلى 15 وزيرًا، بالإضافة إلى وكيل وزارة. وفى أعقاب الإنقلاب العسكرى فى 19 يونيو سنة 1965 الذى عزل فيه أحمد ابن بلاّ من منصبه وأقيم بدله العميد هوارى بومدين، شكل هوارى فى 15 يوليو حكومة برئاسته تتكون من 19 وزيرًا.

ونص المرسوم الدستورى على أن رئيس الحكومة ورئيس المجلس يتولى بالإضافة إلى ذلك منصب وزير الدفاع القومى، وتقوم الحكومة بمهامها تحت سلطة مجلس الثورة الذى قام بالانقلاب العسكرى فى 19 يونيو. ويشارك هذا المجلس كليًا أو جزئيًا فى إعادة تنظيم الوزارة بأمر من المجلس.

ص: 4205