الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(4)
Traite de droit public: E. Durand marocain، باريس سنة 1955.
[له تورنو R. Le Tourneu]
5 - باكستان
كانت المنطقة التى تعرف الآن بباكستان الشرقية جزءً من ولاية البنغال قبل الاستقلال، وكانت هذه أول الأراضى الهندية فى الخضوع للحكم البريطانى، ثم قسمت إلى مقاطعات إدارية شاسعة المساحة، مثال ذلك أن عدد سكان مقاطعة (ميمنسنغ) يفوق عدد سكان سويسرا، وكان جابى الضرائب فى المقاطعة هو العامل الرئيسى المسئول عن النظام العام، وتحصيل الضرائب. ورأس قاضى المقاطعة هيئة الفضاء، وبعيدًا عن رئاسة المقاطعة، كان ممثلو الحكومة الوحيدون هم ضباط الشرطة.
وقد ساعد حاكم البنغال مجلس ينبثق منه مجلس تشريعى يختار منه الوزراء منذ سنة 1920 للنهوض بمهام المصالح فى الحكومة الإقليمية.
ولم تكن للمنطقة المعروفة حاليًا بباكستان الغربية تلك الإدارة الموحدة التى وصفت من قبل.
وكانت هناك ثلاث ولايات هى: البنجاب والسند، والحدود الشمالية الغربية، قسمت إلى مقاطعات إدارية أضيق نطاقًا من مثيلاتها فى البنغال، وكانت هذه الولايات آخر ما انضم للهند البريطانية، ولذلك كان لها إدارة تحمل سمات إدارات الحدود، وفى البداية كانت جميع المهام الحكومية فى المقاطعة، بما فيها القضاء، يقوم بها مأمور إنجليزى واحد، هو نائب المندوب البريطانى، وبالرغم من أنه قد عين فيما بعد قضاة للمقاطعة قائمون بذاتهم، وعاون نائب المندوب جهاز قوى من المآمير يقيمون فى المراكز الأقل أهمية فى المقاطعة، ومع هذا كان نصف منطقة باكستان الغربية الحالية يخضع وحده للإدارة البريطانية المباشرة، كما كان هناك عدد من دول الإمارات أكبرها: بها ولبور وكلات ثم آمب، وشيترال، ودير، وسوات وقد اعترف بالاستقلال الداخلى الذاتى لها، وكانت كلات
مقسمة إلى مشيخات تابعة لها من بينها (خران) التى كانت شبه مستقلة، زد على ذلك أن جزءًا كبيرًا من ولاية الحدود الشمالية الغربية وجزءً كبيرًا من ولاية الحدود الشمالية الغربية وجزءً كبيرًا من بلوجستان التى تقوم فيها كلات كانتا تعاملان معاملة الأراضى غير المحكومة التى لا يسودها القانون البريطانى. فقد كانت القبائل فيها تجرى على عاداتها القديمة.
وكان على قمة هذا النظام، الحاكم العام الذى يرأس الهند البريطانية كلها ويمارس الوصاية على الأمراء، وكان يساعده فى الإدارة المركزية مجلس تنفيذى يرأس كل واحد من أعضائه واحدة أو أكثر من مصالح الحكومة.
وقد كان المسلمون قبل الحكم البريطانى غالبين على الجهاز الإدارى، وقد استبدل البريطانيون شيئًا فشيئًا الإنجليزية بالفارسية، لغة للإدارة العليا، بينما حلت اللغات العامية كالبنغالية محل الفارسية والأردية بين المستويات الدنيا. وزاد الاعتماد فى التعيين أيضًا على التنافس فى اختبار مفتوح تفضل فيه موضوعات العلوم الغربية على الموضوعات الشرقية القديمة. ونتيجة لذلك وجدت العائلات الإدارية المسلمة التقليدية نفسها فى خسارة مستمرة، وكانت خسارتهم للوظائف الإدارية والقضائية أكثر وضوحًا فى البنغال. وكان المسلمون فى ولاية البنغال الكبيرة القديمة التى شملت بها وأورسّه والبنغال عينها، يضمون 31 % من مجموع السكان، ولكنهم لم يتقلدوا بحلول سنة 1880 إلا 8،5 % فحسب من المناصب التنفيذية. وعلى العكس من ذلك فى البنجاب، حيث كان عدد المسلمين فيها 51 % من السكان تقلدوا 39 % من المناصب. ومع ذلك نجح المسلمون فى الحفاظ على مكانتهم فى بعض الولايات. ففى الولايات الشمالية الغربية وفى أوده (تسمى الآن أوتار براديش) فى الإتحاد الهندى، شكل المسلمون 13 % من السكان ولكنهم تقلدوا 45 % من المناصب التنفيذية. وفى جميع أرجاء الهند شغلوا 20 % من المناصب التنفيذية، ولا يقل هذا كثيرًا عن نسبتهم فى عدد السكان هناك، وكان
يتم اختيار رؤسائهم من العاملين الهنود المدنيين. وكان هذا الجهاز إنجليزيًا بالكامل حتى 1853 حين فتح فيه مجال التنافس بشروط مشددة.
وقد حصل مرشح من الطائفة الهندية الإصلاحية على منصب سنة 1864، وبعد ذلك بدأ تيار صغير، لكنه ثابت، من الهندوس فى إقتحام الوظائف. ولم يعين أى مسلم فى جهاز الخدمة الهندية إلا سنة 1885. وما وافى عام 1915، حتى كان عدد موظفى هذا الجهاز قد بلغ 1971 موظفًا: 1305 من البريطانيين 32 من الأوروبيين الآسيويين، و 41 من الهندوس، و 6 من الزرادشتيين الهنود، و 7 من الهنود المسيحيين، و 9 من المسلمين. ومع ذلك، نجح المسلمون فى الخمس والعشرين سنة الأخيرة من الحكم البريطانى فى الاستيلاء على أماكن أكثر فى جهاز الخدمة الهندية المدنية. ووقت الاستقلال، كان فى هذا الجهاز حوالى مائة عضو من المسلمين، ثلثهم من البنجاب والباقى من المناطق التى أصبحت فيما بعد الإتحاد الهندى. ولم يكن من بينهم أحد ينتمى إلى البنجاب الشرقية، إذ كان مستوى التعليم فيها منخفضًا.
زد على ذلك أن المسلمين حصلوا لأنفسهم على نصيب أكثر عدلًا فى التنظيمات العليا الأخرى للخدمة العامة، واستبدل جهاز الخدمة العامة للباكستان بجهاز الخدمة العامة الهندى وخاصة فى إدارة الحسابات والمراجعة. وكان من بين العاملين بهذه الإدارة (جودهرى محمد على) الذى أصبح رئيس وزراء، وشخص آخر هو (غلام محمد) الحاكم العام لباكستان. ومنذ سنة 1918، أصبح الهنود قابلين للترشيح لقطاع الضباط فى الجيش الهندى، كما حصل المسلمون على نسبة من التعيينات والترقيات تتناسب ومجموع عددهم، وغلب فى هذا المضمار الضباط من البنجاب ولاية الحدود الشمالية الغربية.
وبعد الاستقلال الذى تم سنة 1947، ظلت الصفوة هى التى تحصل على الوظائف المدنية العليا. وحل جهاز الخدمة الباكستانى محل جهاز الخدمة
المدنية الهندى. وأصبح التعيين يتم بأسلوب جديد فى التنافس. وشغلت الوظائف العليا، وتبلغ نسبتها 20 % من مجموع الوظائف العليا، وتبلغ نسبتها 20 % من مجموع الوظائف، بالكفاية فى الإمتحانات المفتوحة، أما نسبة الـ 80 % الباقية فتوزع بالتساوى بين باكستان الشرقية وباكستان الغربية. وما وافت سنة 1961، حتى أصبح العاملون فى جهاز الخدمة المدنية الباكستانى 257 عاملا منه 28 ما زالوا تحت التمرين. واستمر هذا فى إمداد الغالبية العظمى من عاملى المقاطعات والعاملين الرؤساء فى المصالح والوزارات.
وكانت المهمة الرئيسية للحكومة فى دولة الباكستان الحديثة هى ضم جناحى الدولة معًا، وكان يفصلهما ما يزيد على ألف ميل من الأراضى الهندية، والموازنة المعقولة بين باكستان الشرقية والغربية. ولكن الاختلاف الإدارى فى باكستان الغربية عقد المشكلة. على أنه قد حدث تدريجًا إدماج العناصر المختلفة فى عنصر واحد، إذ حرم أمراء (بهاولبور) وكلات من سلطانهم. وفى سنة 1955، أقام القانون الخاص بباكستان الغربية وحدة واحدة، أو ولاية واحدة للجناح الغربى لباكستان قاعدتها لاهور. واستبعدت المناطق القبلية فى بلوجستان ومناطق الحدود الشمالية الغربية هى ودويلات آمب، ودير، وجترال، وسوات من هيمنة باكستان الغربية وكذلك كراتشى التى كانت العاصمة. وظلت جميع هذه المناطق تحت سيطرة الحكومة المركزية مباشرة.
وأصبح الطريق آنئذ معبّدًا لإصدار دستور لباكستان. وفى التسع سنوات الأولى استمرت الباكستان تحكم بمقتضى القانون الهندى لسنة 1935 مع تعديل بسيط. وقد استبقى هذا القانون حاكمًا عامًا على قمة النظام مع سلطات واسعة فى يده. وكانت الحكومة فى الظاهر فى يد رئيس الوزراء والوزارة وهى مسئولة أمام مجلس تشريعى وطنى، ولكن السلطة الحقيقية كان يمارسها الحاكم العام إلى حد كبير (وقد كان منذ 1951 غلام
محمد من العاملين السابقين، ثم خلفه عامل آخر أكبر هو إسكندر ميرزا). وتحت إمرة هذين الرجلين، كان يتولى الإدارة الفعلية فى الباكستان الإداريون وضباط الشرطة.
واستحدث دستور سنة 1956 عددًا من القيود على رئيس الدولة الذى أصبح وقتذاك رئيسًا معينًا. ولكن الإضطراب السياسى استمر، وفى عام 1958، أعلن الرئيس حالة الطوارئ، وألغى الدستور. وعزز خليفة إسكندر ميرزا، وهو المشير أيوب خان (أصبح بعد مشيرًا)، مركز الرئيس، وفى ظل الدستور سنة 1962 (مادة 31) تمركزت السلطة التنفيذية فى رئيس الجمهورية ومن أجل تأمين القوات المسلحة، يقضى الدستور (مادة 238) بأن يكون وزير الدفاع حاصلًا على رتبة لواء أو ما يوازيها فى البحرية أو القوات الجوية. ويختار الرئيس مجلس الوزراء دون أى قيد خارجى وقد يشارك الوزراء فى أعمال الجمعية الوطنية ولكنهم مسئولون أمام الرئيس.
وقامت الثورة العسكرية سنة 1958، فنقلت العاصمة بعد ذلك بقليل من كراتشى إلى "راولبندى" كانت توجد إحدى عشرة وزارة هى: المالية والتجارة والشئون الداخلية وكشمير والصناعة والمصادر الطبيعية والمواصلات والتعليم والإعلام والعدل وشئون البرلمان والزراعة والأشغال والصحة والعمل والرخاء الاجتماعى. وتشمل الأجهزة الهامة، الخاضعة للرئيس مباشرة، مجلس التخطيط القومى ومكتب التعمير القومى. ويطلق على الموظف الدائم الذى يرأس الجهاز "سكرتير الحكومة" وتتكون طبقة الرؤساء من سكرتيرين، وسكرتيرين مشاركين ونواب سكرتيرين وسكرتيرين مساعدين. وفى عام 1956، كان ينتمى إلى الجناح الغربى لباكستان 19 سكرتيرًا ومعهم 38 من 41 سكرتيرًا مشتركًا و 123 من 133 من نواب السكرتيرين.
وتسبب الاستياء من السيطرة المزعومة للجناح الغربى فى إثارة الخواطر دائمًا فى باكستان الشرقية التى كانت تطالب لنفسها باستقلال أوسع. وقدمت لها عدة تنازلات
وتحولت "السكك الحديدية" من السلطة المركزية إلى السلطة الإقليمية. ويحكم الولايتين حاكمان يعينهما الرئيس. وقد يكون الحكام موظفين مدنيين أو ضباط جيش أو زعماء سياسيين، ولكل ولاية سكرتارية تتكون من المصالح التى تقع تحت السيطرة الإقليمية مثل التعليم والصحة العامة والزراعة. وتنقسم الولايات إلى مناطق إدارية كبيرة تسمى وحدات تحت إمرة وكلاء، وهى أربع وحدات فى الشرق و 112 وحدة فى الغرب. وتظل المنطقة الإدارية الرئيسية هى المقاطعة التى يديرها نائب الوكيل أو جابى الضرائب، ويوجد 17 مقاطعة فى الشرق و 51 مقاطعة ووكالة سياسية فى الغرب.
وقد جاء الرئيس أيوب خان ببدعه، فقد أقام جهازًا استشاريًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية قاعدته الشعب. وينتخب الشعب المجالس المعروفة باسم الديمقراطيات الأساسية على مستوى القرى وأحياء المدن. وترسل هذه المجالس الاتحادية بأعضاء إلى مجالس فروع المقاطعات (أى مجلس التحصيل) وهذه بدورها تشارك فى مجالس المقاطعات وعلى المستويات الدنيا، يغلب ممثلو الشعب (أى الديمقراطيون الأساسيون) فإن إلتحام الإداريين بالأجهزة الفنية يصبح أقوى. وفوق هؤلاء "المجالس الجزئية والإقليمية" وثلث أعضائها من الديمقراطيين الأساسيين.
ولا يكتمل وصف حكومة الباكستان إلا بذكر دور القوات المسلحة فى الحكومة. وكان الجيش هو العنصر الأساسى بما يشمله من فرقة مدرعة وست فرق أو أكثر من المشاه بالرغم من أن القوات الجوية كانت حديثة وقوية. وقد حدث كثيرًا أن الجيش كان يستدعى لإعادة النظام إلى نصابه حين عجزت الإدارة المدنية عن السيطرة، كما يصبح الجيش مسئولًا عن تدبير الخلاص فى حالة الكوارث العامة مثل الأعاصير التى تجتاح باكستان الشرقية فى مواسم. كما استدعى ضباط الجيش لإدارة برنامج الديمقراطيات الأساسية، فى حين أن الجيش منح الحق فى ترشيح 10 % من المرشحين لشغل