المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌محمد الخضر حسين شيخ الأزهر السابق دراسة - مختارات بقلم أبو القاسم - موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين - ١٤/ ٢

[محمد الخضر حسين]

الفصل: ‌ ‌محمد الخضر حسين شيخ الأزهر السابق دراسة - مختارات بقلم أبو القاسم

‌محمد الخضر حسين شيخ الأزهر السابق

دراسة - مختارات

بقلم أبو القاسم محمد كرو

"كاتب وأديب تونسي، له نشاط ثقافي واسع، وصلات وثيقة مع رجال الفكر. رئيس اللجنة الثقافية في تونس. يكتب في عدة صحف ومجلات أدبية داخل تونس وخارجها، من مؤلفاته: دراسات في الأدب والنقد - أبو القاسم الشابي حياته وآثاره - من أعلام تونس في الثلث الأول من القرن العشرين"(1).

*‌

‌ مقدمة:

لم تكن يقظة تونس في القرن التاسع عشر، ولا نهضتها المتواصلة صعوداً وعرضاً منذ مطلع القرن الماضي إلى اليوم، لم تكن هذه النهضة، ولا تلك اليقظة، نتيجة انتفاضة طارئة أو مفاجئة، بل كانت نتاج تطور طبيعي تعاقب أجيالاً، وثمار بذور تولت أيد كثيرة مخلصة بذرها في تربة الوطن ونفوس أبنائه، ثم سهرت على رعايتها وحمايتها، وتبليغ أمانتها لمن يأتي بعدها جيلاً بعد جيل.

وليس من شك في أنه لن تكون لأي شعب وثبة أو يقظة أو نهضة ما لم يحمل أعباءها رجال وهبوا من الذكاء والعلم والإخلاص ما يؤهلهم لذلك.

(1) سلسلة كتب "أعلامنا" الطبعة الأولى 10/ 10/ 1973 - تونس.

ص: 84

وإن تونس المعتزة اليوم بما حققته من انتصارات، وما بلغت إليه من تقدم، لتعتز أيضاً بأن لها في ماضيها البعيد والقريب، بل وفي حاضرها الماثل، رجالاً أفذاذاً في شتى ميادين الكفاح والنضال، وفي جميع نواحي الحياة الفكرية والأدبية والاجتماعية.

فمنذ فجر يقظتها، وهي تلد الأفذاذ والعباقرة، كما تلد الأبطال والنبغاء في كل الميادين.

وها أنا أختار رجلاً واحداً من أولئك الأفذاذ النبغاء، الذين أنجبتهم هذه التربة الولود، رجل جمع إلى الذكاء والجد والحصافة والنبوغ، صفاتِ الشهامة والبطولة والإخلاص الوطني.

هذا الرجل هو الشيخ الإمام المرحوم محمد الخضر حسين، الذي سأكتفي بتقديمه في إطار تاريخي وتحليلي عام، قصدَ التعريف به، والترجمة له.

وسيرى القارئ أن حياة الشيخ ونضاله وتراثه الديني والأدبي واللغوي تحتاج كلها إلى مجلدات.

ولئن كان العمل الشامل المفصل هو من واجبات المتفرغين للبحث، أو الراغبين في التخصص، فإن في هذا العمل المحدود -والمحدد لمعالم شخصية الشيخ محمد الخضر، وحياته الغنية جميعاً بالإنتاج والنضال- ما يمهد لمثل هؤلاء الدارسين سبل البحث والتوسع والاستقصاء.

وبالفعل فقد كان لقسم كبير من هذه الدراسة أثر عند كثيرين ممن اطلع عليه حين نشره، حلقاتٍ، بجريدة العمل التونسية سنة 1969.

وهذا القسم المنشور، قد حافظنا عليه كما نشر تقريباً، إلا ما اقتضته

ص: 85

المراجعة من إضافة تصحيحات، وتحديد المراجع والمنابع الأصلية للمعلومات؛ تسهيلاً للباحثين أن يعودوا -إن أرادوا- إلى تلك الأصول.

لكن ما سبق نشره كان خاصاً بجوانب حياته الزمنية والمكانية، ونضاله الديني والوطني بصفة عامة، وعلى ذلك رأينا أن نضيف إليه فصولاً أخرى جديدة تتعلّق بآثاره الفكرية والدينية واللغوية، ويعض جوانب من حياته الأدبية والصحفية والوطنية.

كما ألحقنا بالدراسة قسماً ثانياً اخترنا فيه "نماذج أدبية ولغوية ودينية ووطنية" تمثل أهم الموضوعات التي كانت غالبة وبارزة في إنتاجه: كتباً وبحوثاً، ومقالات وقصائد.

ولما كانت غايتنا الأولى من هذا البحث (حين كتب القسم الأول منه، وألقي كمحاضرة في مسقط رأسه "نفطة" -سبتمبر 1967 - ثم في العاصمة فيفري 1968) هي أن يكون إحياء لذكراه، وتمجيداً لنضاله، وتحية له، ورمز تقدير وعرفان لما أسداه لأمته وتراثها من جليل الأعمال وفائق المؤلفات، فإن غايتنا منه اليوم هي تأكيد تلك المعاني وتعميقها بمناسبة مرور مئة عام هجري على ميلاده، وخمس عشرة سنة على وفاته.

آملاً أن يكون هذا العمل الأول نحوه بمثابة الارتياد والتمهيد للاحتفال القادم بالذكرى المئوية الشمسية لميلاده، التي ستحل بيننا بعد ثلاث سنوات فقط؛ أي: في شهر جويلية 1976.

إن الوفاء لأفذاذ أمتنا وأعلامها وأبطالها وشهدائها هو أول ما يجب علينا جميعاً نحوهم.

ص: 86

وهو أقل من القليل نحو الشيخ محمد الخضر حسين لما تركه من تراث، وما قام به من جهاد، وما له من مكانة باسقة في تاريخنا القومي والفكري، وفي العالم الإِسلامي على السواء.

أبو القاسم محمد كرو

تونس 1393 هـ - 1973 م

ص: 87