الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يغسلهما وذلك إذا شكٌّ في نجاسة يده، ولا يجب عليه ذلك وسواء قام من نوم الليل أو النهار، أو شك في نجاسة يده بسبب غير ذلك، والجمهور على استحياب غسل اليدين قبل إِدخالها الإناء من غير إيجاب، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله تعالى-، وبه قال أحمد فيمن قام من نوم النهار. وبقول الجمهور قال عطاء ومالك والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي وابن المنذر، وقال أحمد في روايةٍ: لا فرق بين نوم الليل ونوم النهار، حكى ذلك النووي، وقال الموفق: لا تختلف الرواية (يعني عن أحمد) في أنه لا يجب غسلها من نوم النهار. وقال داود بقول أحمد في الفرق بين نوم الليل وبين نوم النهار؛ فيجب في الأول ولا يجب في الثاني، ونقل ابن رشد عن داود القول بالوجوب مطلقًا (1)، وبه قال الحسن البصري -رحمه الله تعالى-. وروي هذا عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم، حكاه عنهما جزمًا الموفق ابن قدامة -رحمه الله تعالى- (2).
مج ج 1 ص 364، الحاوي مج ج 1 ص 101.
باب في من شك في نجاسة يده هل ينجس الماء بذلك
؟
مسألة (32) جمهور العلماء بل عامتهم على أنَّ من شكّ في نجاسة يديه قبل إدخالهما الإناء فإن الماء لا ينجس إذا أدخل يديه الإناء قبل غسلهما، وهو قول الشافعي وكل من لا يوجب غسل اليدين وسائر العلماء.
قال النووي: وهذا مذهب العلماء كافة إلا الحسن البصري وإسحاق ومحمد بن جرير الطبري وداود فإنهم قالوا ينجس الماء إذا غمس يده من قام من نوم الليل، قلت: وحكاه الموفق عن أحمد احتمالًا إذا كان الماء يسيرًا لقول أحمد -رحمه الله تعالى- فيه: أعجب إليَّ يهريق الماء (3).
مج ج 1 ص 364، الحاوي ج 1 ص 101.
باب في استحباب غسل ما توهم من النجاسة
مسألة (33) جمهور العلماء على أنه يُستحب في النجاسة المتوهمة في ثوب أو بدن أو مكان أن يغسل موضعها، ولا يكفي في ذلك ألاستحبابِ الرَّشُّ، وقال بعض أصحاب مالك يكفى الرش.
(1) انظر بداية ج 1 ص 17.
(2)
انظر مغ ج 1 ص 81.
(3)
انظر مغ ج 1 ص 81.
مج ج 1 ص 365.
باب في الخلاف في اللحية الكثيفة (1) في الوضوء
مسألة (34) جماهير العلماء على أن المتوضئ لا يجب عليه غسل باطن لحيته الكثيفة أو تخليلها وإنما يكفيه غسل ظاهرها. وممن روي عنه الترخيص بترك التخليل: ابن عمر والحسن بن علي رضي الله تعالى عنهم وإبراهيم النخعي والشعبي وأبو العالية ومجاهد وأبو القاسم ومحمد بن علي وسعيد بن عبد العزيز، وإليه ذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد، ونقل القرطبي عن ابن خويز منداد اتفاق الفقهاء عليه إلا شيء روي عن سعيد بن جبير، وقالت طائفة قليلة: يجب غسل باطن اللحية الكثيفة، حكي هذا عن عطاء، حكاه عنه الموفق. وحكاه الخطابي عن إسحاق بن راهويه. ونقله النووي عن المزني وأبي ثور وحكاه ابن رشد عن ابن عبد الحكم من أصحاب مالك (2) وكذا حكاه عنه القرطبي.
وحكاه الرافعي وجهًا وقولًا في المذهب الشافعي وردَّه الشيخ أبو حامد أن يكون وجهًا في المذهب (3).
قلت: وكان ربيعة بن عبد الرحمن والقاسم بن محمَّد وابن سيرين ينكرون تخليل
(1) وأما اللحية الخفيفة والأصحُّ في تعريفها وتحديدها أنها ما ظهر من تحتها بشرة الوجه. وإلى وجوب غسل ظاهرها وباطنها ذهب الشافعي وبه قال مالك وأحمد وداود. وحكى الماوردي عن أبي حنيفة أنه لا يجب غسل باطن اللحية الخفيفة. وذكره النووي كذلك. انظر مج ج 1 ص 381، الحاوي في ج 1 ص 110.
(2)
وحكى سحنون عن ابن القاسم أنه سمع مالكًا يُسئل عن هذا فعاب على من فعله وقال: وتخليلها في الوضوء ليس من أمر الناس وذكر عنه كذلك أنه قال: يحرك المتوضئ ظاهر لحيته من غير أن يدخل يده فيها.
انظر قول مالك في هذا وما ذكرته بعد عن بعض فقهاء الحجاز. في المدونة ج 1 ص 18.
(3)
انظر في هذه المسألة بداية في ج 1 ص 19، الحاوي ج 1 ص 109. قلت: النقل عن الأئمة في هذه المسألة يدل بظاهره على عدم الخلاف في وجوب غسل ظاهر اللحية الكثيفة نص عليه النووي رحمه الله. مج ج 1 ص 380. ثمَّ رأيت الموفق ينقل عن أحمد في رواية وأبي حنيفة أنه لا يجب غسل ظاهر اللحية الكثيفة أصلًا لأنها ليست من الوجه وإنما الوجه بشرته، ثم جزم الموفق أن ما روى عن أحمد في هذا محمول على ما زاد وخرج عن حد الوجه. وأما ما نبت فيه فيجب غسل ظاهره باتفاق. انظر مغ ج 1 ص 101.
قلت: والصحيح عن أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- أن هذا فيما خرج عن حد الوجه واسترسل. وهو قول للشافعي وقال آخرون: يجب غسل ظاهر ما استرسل من اللحية وهو القول الآخر للشافعي وهو المعتمد عند أصحابه وحكي هذا عن مالك وأحمد، وقال آخرون: لا يجب كما ذكرنا وهو قول داود والمزني. انظر مغ ج 1 ص 100، مج خ 1 ص 385، قرطبي ج 6 ص 84.