الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي الإِحْسَانِ وَالإِسَاءةِ
يُقَالُ: أَحْسَنَ الرَّجُل فِيمَا صَنَعَ، وَأَحْسَنَ الصُّنْع، وَأَجْمَلَ الصُّنْع، وَإِنَّهُ لَرَجُل مُحْسِن، ومِحْسان، مَحْمُود الْفِعَالِ، مَمْدُوح الصَّنِيع، وَقَدْ أَحْسَنَ بَدْءًا وَأَجْمَلَ عَوْداً، وَأَحْسَنَ قَوْلاً وَفِعْلاً، وَإِنَّهُ لَرَجُل مَرْجُوّ الْجَمِيل، كَثِير الْحَسَنَاتِ، جَمّ الْمَحَامِد، كَامِل الْمُرُوءَةِ، وَمِمَّنْ عُرِفَ بِالْخَيْرِ، وَعُرِفَ بِالإِحْسَانِ، وَاتَّسَمَ بِالْجَمِيلِ، وَاجْتَمَعَتْ فِيهِ خِلالُ الْخَيْرِ، وَخِصَال الْفَضْل، وَإِنَّهُ لَجِمَاع الْخَيْر وَالإِحْسَان.
وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِ فُلان، وَمِنْ مُسْتَحْسَنَات أَفْعَاله، وَمِنْ جَمِيلِ آثَارِهِ، وَمِنْ مَشْهُور مَبَرّاته، وَمَشْكُور أَعْمَالِهِ.
وَهَذَا فِعْل حَمِيد الأَثَر، جَمِيل السُّمْعَةِ، وَقَدْ حَسُنَ وَقْعُهُ فِي النُّفُوسِ، وَحَسُنَ ذِكْرُهُ فِي السَّمَاعِ.
وَتَقُولُ: أَحْسَنْتُ إِلَى فُلان، وَبَرَرْتُهُ، وَسُقْتُ إِلَيْهِ جَمِيلا، وَتَعَهَّدْتُهُ بِخَيْر، وَقَدْ أَتَتْنِي صَالِحَة مِنْ فُلان، وَفُلان لا تُعَدُّ صَالِحَاته، وَلا تُحْصَى حَسَنَاته.
وَتَقُولُ: فُلان يَتَجَافَى عَنْ الْقَبِيحِ، وَيَتَنَزَّهُ عَنْ الْمَسَاوِئِ، وَيَرْبَأُ بِنَفْسِهِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَإِنَّهُ لَمَطْبُوعٌ عَلَى الإِحْسَانِ،
وَإِنَّهُ لَيَأْبَى لَهُ طَبْعُهُ إِلا الإِحْسَانَ، وَفُلان لَوْ تَكَلَّفَ غَيْر الْجَمِيلِ لَمَا اسْتَطَاعَهُ.
وَيُقَالُ فِي ضِدِّهِ: قَدْ أَسَاءَ فُلانٌ فِيمَا فَعَلَ، وَأَسَاءَ الصَنِيع، وَأَتَى نُكْراً، وَفَعَلَ قَبِيحاً، وَجَاءَ أَمْراً إِداً، وَقَدْ سَاءَ فِعْلُهُ، وَفَعَلَ فِعْلا مُنْكَراً، وَهَذَا فِعْل قَبِيح، سَمْج، سَيِّئ، فَظِيع، شَنِيع، بَشِع، مَكْرُوه، رَذْل، ذَمِيم، مَعِيب، مُسْتَهْجَن.
وَإِنَّ فُلاناً لَمِنْ ذَوِي الهَنَات، وَالسَّيِّئَاتِ، وَمِمَّنْ عُرِفَ بِكُلِّ خُطَّة شَنْعَاء، وَاشْتَهَرَ بِكُلِّ فَعْلَة قَبِيحَة، وَمَا زَالَ يُتْبِعُ السَّيِّئَةَ السَّيِّئَةَ، وَيَشْفَعُ الْمُنْكَرَ بِالْمُنْكَرِ، وَقَدْ أَتَى فِي هَذَا الأَمْرِ سَوْأَة، وَأَتَى سَوْأَة سَوْآء.
وَهَذَا مِنْ فَعَلات فُلان، وَمِنْ أَيْسَرِ سَيِّئَات فُلان، وَإِنَّهُ لَفِعْل تَشْمَئِزُّ مِنْهُ النُّفُوس، وَتَنْفِرُ مِنْهُ الطِّبَاعُ، وَتَنْقَبِضُ لَهُ الصُّدُور، وَتُزْوَى لَهُ الْوُجُوه، وَتَسْتَكُّ مِنْ ذِكْرِهِ الْمَسَامِع.
وَتَقُولُ: لِمَنْ أَسَاءَ فِي عَمَلٍ بِئْسَ مَا جَرَحَتْ يَدَاك، وَاجْتَرَحَتْ يَدَاك، أَيْ عَمِلَتَا وَأَثَّرَتَا.
وَتَقُولُ: فُلان لا يَكَادُ يَأْتِي إِلا بِالْعَوْرَاءِ وَهِيَ الفَّعْلَة الْقَبِيحَة أَوْ الْكَلِمَة الْقَبِيحَة، وَفِي الأَسَاسِ " عَجِبْتُ مِمَّنْ يُؤْثِرُ الْعَوْرَاء عَلَى الْعَيْنَاءِ " أَيْ