المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل التاسع والعشرون: في الحكم - نسيم الصبا

[ابن حبيب الحلبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الأول: في السماء وزينتها

- ‌الفصل الثاني: في الشمس والقمر

- ‌الفصل الثالث: في السحاب والمطر

- ‌الفصل الرابع: في الليل والنهار

- ‌الفصل الخامس: في أقسام العام

- ‌الفصل السادس: في البحر والنهر

- ‌الفصل السابع: في المعقل والدار

- ‌الفصل الثامن: في الأشجار والثمار

- ‌الفصل التاسع: في الروض والأزهار

- ‌الفصل العاشر: في وصف الغلام

- ‌الفصل الحادي عشر: في وصف الجارية

- ‌الفصل الثاني عشر: في الشمعة والنار

- ‌الفصل الثالث عشر: في مدح العشق وذمه

- ‌الفصل الرابع عشر: في الفراق

- ‌الفصل الخامس عشر: في الاستعطاف

- ‌الفصل السادس عشر: في مجلس الشراب

- ‌الفصل السابع عشر: في الشيب والخضاب

- ‌الفصل الثامن عشر: في الخيل والإبل

- ‌الفصل التاسع عشر: في الوحش

- ‌الفصل العشرون: في الطيور

- ‌الفصل الحادي والعشرون: في الكتابة

- ‌الفصل الثاني والعشرون: في الحرب والسلاح

- ‌الفصل الثالث والعشرون: في رمي البندق

- ‌الفصل الرابع والعشرون: في الكرم والشجاعة

- ‌الفصل الخامس والعشرون: في العدل والاحسان

- ‌الفصل السادس والعشرون: في الشكر والثناء

- ‌الفصل السابع والعشرون: في الهناء

- ‌الفصل الثامن والعشرون: في الرثاء

- ‌الفصل التاسع والعشرون: في الحكم

- ‌الفصل الثلاثون: في المواعظ

الفصل: ‌الفصل التاسع والعشرون: في الحكم

‌الفصل التاسع والعشرون: في الحكم

العلم نعم السمير، والعقل بشير بالخير يشير. اجتهد في طلب العلوم، تنفرد بما يرفعك إلى النجوم. المجد يبذل اللها، والفضل بالأدب والنهى. من صادق العلماء زها بدره، ومن رافق السفهاء وهي قدره. العلم ثمرته الإنصاف، والزهد نتيجته العفاف. التقوى أفضل حلة، والمروءة

أجل خلة. الحق سيف قاطع، والحلم درع مانع. الزم الحجا فهو ألطف سائس، ولا تعدل عن العدل فهو أحفظ حارس. العقل أحسن المواهب، والجهل أقبح المصائب.

العقل أحسن معقل فاهرع إلى

أبوابه العليا تنل كل العلا

واعلم بأن الشيء يرخص كثرةً

والعقل إن كثرت حواصله غلا

من رضي بالقدر، وقي شر الحذر، اليأس يعز الأصاغر، والطمع يذل الأكابر، حاسب نفسك تسلم، ولا تقتحم الأخطار تندم. من سره الفساد في الأرض ساءه طول التعب يوم العرض. لا تقل إلا ما يطيب عنك نشره، ولا تفعل إلا ما يسطر لك أجره. السعيد من اتعظ بماضي أمسه، والشقي من ضن بخبره على نفسه. لا تغرنك صحة بدنك اليسيرة، فمدة العمر - وإن طالت - قصيرة. من لم يعتبر بالمساء والصباح، لم يرتدع بقول اللوام والنصاح. من قنع برزقه استغنى، ومن صبر نال ما يتمنى.

ص: 123

إذا الرزق عنك نأى فاصطبر

ومنه اقتنع بالذي قد حصل

ولا تتعب النفس في جلبه

فإن كان ثم نصيب وصل

من أنس بالآخرة، فاز بالملابس الفاخرة. ومن رفع حاجته إلى الله نجحت، ومن تمسك بغيره خسرت تجارته وما ربحت. من لم تفسد شهوته دينه، وصل إلى الأماكن المكنية. أبصر الناس من نظر إلى عيوبه، ولجأ إلى ربه في التجاوز عن ذنوبه. أرفع الأعمال ما أوجب شكراً، وأنفع الأموال ما أعقب أجراً. الدنيا ظل زائل، والشيبة ضيف راحل. من غالب الحق غلب، ومن استهان بالدين سلب. لا تخل نفسك من فكرة، تدني من طرفك وقلبك قراراً وقرة. عد عن طاعة هواك، واحذر من مخالفة مولاك:

لا تتابع هواك ياذا المعاصي

واجتنب ذلة الهوى والهوان

أحمق الناس من أطاع هواه

وتمنى على الإله الأماني

من وثق بالله أغناه، ومن خرج عن حكمه عناه. من لزم شأنه دامت سلامته، ومن حفظ

لسانه قلت ندامته. الصمت يرفع لك المنار، ويخلع عليك ثوب الوقار. الزمان لا يبقي على حال، والدنيا طبعها الغدر والملال، تفتن بزهرتها الذاوية، وتخدع بزينتها المتلاشية. لا تفن عمرك في المعاصي، وخذ حذرك من مالك النواصي. إياك وكثرة

ص: 124

الكلام، فإنها تنفر عنك الكرام. ما سعد من شقي صاحبه، وما عزت من ذلت أقاربه. من لزم شكر الإحسان استدام عدم الحرمان. لا تودع سرك غير صدرك، ولا تتكلم بما يحوجك إلى إقامة عذرك:

تفرد بحفظ السر وحدك لا تثق

إلى أحد فيه ولو كان من كانا

فإنك أن أودعت سرك عاقلاً

يزل وإن أودعته جاهلاً خانا

من بسط يده بالجود، خرج من العدم إلى الوجود. من علا علم شيمته، غلا مقدار قيمته، استر براً يظهر من يديك، وانشر معروفاً يسدى إليك. من أحسن إلى جاره أطلع قمر الحمد في داره دارة، ومن جاد لطلب الجزاء فليس بكريم، ومن صفح لعدم القدرة فليس بحليم. أحسن الخلق ما حثك على المكارم، وأوضع الطرق ما كفك عن المحارم. عي تسلم بميلك إليه، خير من نطق تندم عليه. من قل عقله كثر قوله، ومن زكا أصله تواتر طوله. توق جناية اللسان، ولا تأمن من سطوات الزمان، واستعذ من شر أفعى أفعالك، وتحل بالصدق في جميع أحوالك.

الصدق يورث قائليه مهابة

سر نحوه نعم الطريق طريقه

واحفظ به عهد الصحاب فإنه

من قل منه الصدق قل صديقه

لا تعج عن سبيل الصواب، ولذ بجناب رب الأرباب، واسع

ص: 125