المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل السابع: في المعقل والدار - نسيم الصبا

[ابن حبيب الحلبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الأول: في السماء وزينتها

- ‌الفصل الثاني: في الشمس والقمر

- ‌الفصل الثالث: في السحاب والمطر

- ‌الفصل الرابع: في الليل والنهار

- ‌الفصل الخامس: في أقسام العام

- ‌الفصل السادس: في البحر والنهر

- ‌الفصل السابع: في المعقل والدار

- ‌الفصل الثامن: في الأشجار والثمار

- ‌الفصل التاسع: في الروض والأزهار

- ‌الفصل العاشر: في وصف الغلام

- ‌الفصل الحادي عشر: في وصف الجارية

- ‌الفصل الثاني عشر: في الشمعة والنار

- ‌الفصل الثالث عشر: في مدح العشق وذمه

- ‌الفصل الرابع عشر: في الفراق

- ‌الفصل الخامس عشر: في الاستعطاف

- ‌الفصل السادس عشر: في مجلس الشراب

- ‌الفصل السابع عشر: في الشيب والخضاب

- ‌الفصل الثامن عشر: في الخيل والإبل

- ‌الفصل التاسع عشر: في الوحش

- ‌الفصل العشرون: في الطيور

- ‌الفصل الحادي والعشرون: في الكتابة

- ‌الفصل الثاني والعشرون: في الحرب والسلاح

- ‌الفصل الثالث والعشرون: في رمي البندق

- ‌الفصل الرابع والعشرون: في الكرم والشجاعة

- ‌الفصل الخامس والعشرون: في العدل والاحسان

- ‌الفصل السادس والعشرون: في الشكر والثناء

- ‌الفصل السابع والعشرون: في الهناء

- ‌الفصل الثامن والعشرون: في الرثاء

- ‌الفصل التاسع والعشرون: في الحكم

- ‌الفصل الثلاثون: في المواعظ

الفصل: ‌الفصل السابع: في المعقل والدار

أنموذج الماء الذي جاءنا ال

وعد بأن نسقاه في الآخره

فلبثت فيها مدة، مفكراً فيما رأيت من الفرج بعد الشدة، مؤمناً بالقدر خيره وشره، وحلوه ومره، واقفاً على شكر من تجري الفلك في البحر بأمره:

ربما تجزع النفوس لأمر

ولها فرجة كحل العقال

ولم أزل بها في أحسن حال، وأرغد عيش وأنعم بال، إلى أن حرك الله مني ما كان ساكناً، وأدخلني مصر بمشيئته آمناً.

‌الفصل السابع: في المعقل والدار

عرض لي فكر أثار العزيمة، إلى مشاهدة الآثار القديمة، فأعددت الزاد، وسرت أجوب البلاد، وأصل العنق بالوخد والزميل وأكتحل من إثمد الفلاة بميل بعد ميل. فبينما أنا أترامى لنيل المرام، لاح لي بناء على أيهم خشام فتوجهت مسرعاً للوقوف عليه، واجتهدت إلى أن توصلت إليه، فرأيت معقلاً يسبي العقول، ويجر على السحاب فضل الذيول، رفيع الذرا رحيب الذرا رأسه فوق الثريا، وأسه تحت الثرى، صهوته عالية وثغوره حالية، ومهور عرائسه غالية، الجوزاء لخصره منطقة والزهرة في أذنه

ص: 27

كالشنف معلقة، يباهي الأفلاك ويسمو إلى السماك، ويعلو على الزواهر، ويخجل الشمس بنوره الباهر، ويعوق العيوق، وينادم القمر عند الصبوح والغبوق:

إذا ما سرى برق بدا من خلاله

كما لاحت العذراء من خلل الحجب

سوره منعطف كالسوار، وأبراجه تدهش بتبريجها الأبصار، وشرفاته تلمع كالمشرفية، وخبايا صياصيه عن الأوهام خفية. ممنعة مصادره وموارده، متسعة معالمه ومعاهده، لايرى الوعل أعلى طوره، ولا يبلغ الطرف منتهاه لعجزه وقصوره، عروقه مؤتزرة بالتخوم، وفروعه متوجة بالنجوم، وبنيانه مرصوص، وخواتمه مرصعة بجواهر الفصوص، لايتصل الفناء بفنائه، وتظهر العزة على من يرجو تملك أرجائه. عقوده محكمة، وأحجاره مهندمة، وأركانه مشيدة، وملابسه مع القدم جديدة، وقواعده مرفوعة، وأقوال ديكته في السماء مسموعة.

له عقاب عُقاب الجو حائمة

من فوقها فهي تخفى في خوافيها

وبوسطه دار دار بها فلك السعود، وأورق لطالب كنزها عود الوعود، وسحت عيون ساحتها ورفع في العقار فرش

ص: 28

عقرها وباحتها، وتوقفت الكواكب لمراقبة عجائبها وغرائبها، وسال لعاب الشمس من الحيرة في ملاعبها. أنيقة المباني، مأهولة بأهلة المعاني، تنشرح الصدور في قاعاتها وبقاعها، وتخبر محاسنها بصنائع أهلها وحذق صناعها:

إذا فتحت أبوابها خلت أنها

تقول بترحيب لداخلها: أهلاً

رحبة الأكناف، بديعة الأوصاف، تدل على أنها كانت منزل الأشراف، ومقر قرى الأضياف، ومقعد الوفود، ومحل الكرم والجود. تحار الأعين في وشي أزاهيرها، وتقصر الألسن عن تقريظ مقاصيرها. مياه بركها غزيرة، وجدرانها بالتمكين جديرة، وأشجارها لم

تزل مورقة مثمرة، ولياليها لا تبرح بالسنا على مر السنين مقمرة:

تتقابل الأنوار في جنباتها

فالليل فيها كالنهار المشمس

كم بها من صدر مجلس مشروح، وسقف مرفوع وباب مفتوح، وبهو بالبهاء تراه أثرى، وإيوان يكسر بسهام قوسه جيش إيوان كسرى، وحدائق لم تنبت بالتراب، ولا جادتها أيدي السحاب، وتصاوير تحرك العارف بسكونها، وتفتن الألباب بحمرة خدودها وسواد عيونها، وتبعث الخواطر بمعانيها ومغانيها، ويكاد ماء الذهب يقطر من أعاليها، قد جل عن الترخيم رخامها، وتوفرت من المحاسن أقسامها، وابيضت

ص: 29