المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع: في الليل والنهار - نسيم الصبا

[ابن حبيب الحلبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الأول: في السماء وزينتها

- ‌الفصل الثاني: في الشمس والقمر

- ‌الفصل الثالث: في السحاب والمطر

- ‌الفصل الرابع: في الليل والنهار

- ‌الفصل الخامس: في أقسام العام

- ‌الفصل السادس: في البحر والنهر

- ‌الفصل السابع: في المعقل والدار

- ‌الفصل الثامن: في الأشجار والثمار

- ‌الفصل التاسع: في الروض والأزهار

- ‌الفصل العاشر: في وصف الغلام

- ‌الفصل الحادي عشر: في وصف الجارية

- ‌الفصل الثاني عشر: في الشمعة والنار

- ‌الفصل الثالث عشر: في مدح العشق وذمه

- ‌الفصل الرابع عشر: في الفراق

- ‌الفصل الخامس عشر: في الاستعطاف

- ‌الفصل السادس عشر: في مجلس الشراب

- ‌الفصل السابع عشر: في الشيب والخضاب

- ‌الفصل الثامن عشر: في الخيل والإبل

- ‌الفصل التاسع عشر: في الوحش

- ‌الفصل العشرون: في الطيور

- ‌الفصل الحادي والعشرون: في الكتابة

- ‌الفصل الثاني والعشرون: في الحرب والسلاح

- ‌الفصل الثالث والعشرون: في رمي البندق

- ‌الفصل الرابع والعشرون: في الكرم والشجاعة

- ‌الفصل الخامس والعشرون: في العدل والاحسان

- ‌الفصل السادس والعشرون: في الشكر والثناء

- ‌الفصل السابع والعشرون: في الهناء

- ‌الفصل الثامن والعشرون: في الرثاء

- ‌الفصل التاسع والعشرون: في الحكم

- ‌الفصل الثلاثون: في المواعظ

الفصل: ‌الفصل الرابع: في الليل والنهار

وملأت حياضاً، ونورت رياضاً، وأذلت دراً مصوناً، وشرحت صدوراً، وأقرت عيوناً، وألبست الحدائق بروداً عليها طلاوة، وأهدت للزهر قطراً ظاهر الحلاوة:

ترى فواقعه في الأرض لائحة

مثل الدراهم تبدو ثم تستتر

فأمسى الناس في عيشة راضية، يرفلون في حلل الرفاهية، أمرعوا بعد الضنك والشظف، وأخصبوا بعد الجدب والطفف، وأصبح محل المحل دارساً، ووجه الأمل يضحك بعد أن كان عابساً، وأخذت الأرض زخرفها بعد أن كان زرعها يهيج، واهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، فثغورها مبتسمة، وفرائد قلائدها منتظمة، ونمارقها مدبجة، ورؤوس

أشجارها متوجة، وغدرانها طافحة، ومخايل السعادة عليها لائحة، وألسنة أهلها مشتغلة بشكر علام الغيوب، وقلوبهم مطمئنة بذكره {أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} .

يبدئ ويعيد، ويمتحن العبيد، ثم يفتح لهم أبواب جوده الوافر وفضله المديد. {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} .

‌الفصل الرابع: في الليل والنهار

أرقت ذات ليلة في مهادي، فسمعت طارقاً ينادي في النادي

ص: 15

عتاب بن ورقاء الشاعر:

إن الليالي للأنام مناهل

تطوي وتنشر بينها الأعمار

فقصارهن مع الهموم طويلة

وطوالهن مع السرور قصار

فقمت من مضجعي، وقد بل ردني مدمعي، متحيراً في أمري، متأسفاً على ما فات من عمري، وقلت: أيها الطارق في ظلمة الليل الغاسق، هل لك في المنادمة؟ فقال: كم نديم سفك المنى، دمه. ثم سلم وجلس، وما تنفس وما نبس. فقلت: يا من شنف السمع بدُره، اذكر لي شيئاً في طول الليل وقصره. فقال:

وليل كواكبه لا تسير

ولا هو منها يطيق البراحا

كيوم القيامة في طوله

على من يراقب فيه الصباحا

مقيم ليس يبرح، وعاجز لا يظعن ولا ينزح، برد نجومه لا يذوب وغائب ضوئه ليس يؤوب، لا يبلى جديد مسحه، ولا يجنح إلى الحركة ساكن جنحه، عليله ما يرجى صلاحه، وصباحه، لا يلوح مصباحه، قطع الطريق على السحر، وعذب أجفان المحبين بالسهر:

حدثوني عن النهار حديثاً

أوصفوه، فقد نسيت النهارا

كأنه صريع راح، أو طائر مقصوص الجناح، أو أسير يخبط

ص: 16

في قيده، أو بحر منع الجزر عن مده، أوكسير ليس له على النهوض اقتدار، أو ضرير يئس طرفه من رؤية النهار:

أو هائم غمر بقطع الفلا

قد حار لا يدري بمن يهتدي؟

أو جيش زنج بالثرى قد ثوى

أو دارة حيث انتهت تبتدي

واعلم أيها البصير الناقد، أنه يطول على المهجور الفاقد، ويقصر على المسرور الراقد

أبو سام رحمه الله:

ليلي كما شاءت فإن لم تزر

طال، وإن زارت فليلي قصير

فقلت: إيه أيها الإمام، أسمعني شيئاً في وصف الأيام. فقال ابن الرومي رحمه الله:

لله أيام تقضت لنا

ما كان أحلاها وأهناها

مرت فلم يبق لنا بعدها

شيء سوى أن نتمناها

حيث الوقت معين، دماء الشيبة معين، ونشر البشر فائح، ونور الهناء لائح، والحبيب مجيب، والرقيب غير قريب، وغصن الصبار طيب، ومطرف اللهو قشيب، والعيش غض

والدهر غضيض الطرف، وسعاد السعد ممنوعة من الصرف:

والشمل مجتمع، والجمع مشتمل

على الجميل وحسن الخلق والخلق

ص: 17