الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجاب بأن المراد أن الموافقة تفيد تأكيدًا باعتبار النوع فأن نوع المنطوق والمفهوم فيها واحد فالنوع الذي أفاده المفهوم هو ما أفاده المنطوق كنوع الإتلاف في أن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا بخلاف المخالفة فإن نوع المنطوق غير نوع المفهوم كنوع وجوب الزكاة في السائمة فإنه غير نوع عدم الوجوب في المعلوفة في خبر في السائمة زكاة وأظن هذا مرادهم وبه يندفع الأشكال انتهى قوله ومالك لخ أي موافقة على تقديم الموافقة على المخالفة والشذوذ جمع شاذ على غير قياس.
الترجيح باعتبار حال المدلول
أي مدلول أحد الخبرين (وناقل ومثبت) بكسر الموحدة ورفع الصيغتين على الابتداء وخبر كان محذوف أي الناقل مقدم على مقابله ومثبت كذلك والمعنى أن الخبر الناقل عن الأصل الذي هو البراءة الأصلية مقدم على المقرر له عند الجمهور لأن الأول فيه زيادة على الأصل بإثباته حكمًا شرعيًا ليس موجودًا في الأصل وغير الناقل مضمونه مستفاد من البراءة الأصلية وليس حكمًا شرعيًا وقيل يقدم الموافق للأصل على الناقل عنه بأن يقدر مؤخرًا عنه ليفيد تأسيسًا كما أفاد الناقل فيكون ناسخًا له والعمل بالناسخ واجب كحديث من مس ذكره فليتوضأ صححه الترمذي وابن حبان والحاكم ورواه مالك والشافعي وأصحاب السنن كلهم مع حديث الترمذي وغيره أنه صلى الله عليه وسلم سأله رجل مس ذكره أعليه وضوء قال لا إنما هو بضعة منك والأول هو الناقل قوله ومثبت يعني أن الخير المثبت لحكم شرعي مقدم على الخبر النافي له لاشتمال المثبت على زيادة علم وقيل يقدم النافي لاعتضاده بموافقة الأصل وقيل هما سواء
لتساوي مرجحهما وقيل يقدم المثبت إلا في الطلاق والعتاق فيقدم النافي لهما لأن الأصل عدمهما وحكى ابن الحاجب تقديم المثبت لهما والفرق بين مسألة الناقل ومسألة المثبت أن حاصل مسألة الناقل أن حكم أحد الخبرين موافق للأصل وحكم الآخر مخالف له وحاصل هذه أن أحد الخبرين نصب حصول شيء إلى الشارع والآخر نفى ذلك والتمايز بين هذين الحاصلين ظاهر وجعل زكرياء مسألة المثبت مستثناة من مسألة الناقل لأن المثبت قد يقرر الأصل كالمثبت للطلاق والعتاق إذ الأصل عدم الزوجية والرقية فيعمل بموافق الأصل حينئذٍ ومثلوا لمسألة المثبت والنافي بحديث بلال في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة حين دخلها ركعتين وحديث أسامة في مسلم أنه دعا في نواحي البيت حين دخله ولم يصل مع أن الأول يرجح بكونه في الصحيحين معًا والثاني في مسلم فقط ومثل الباجي لمسألة المثبت والنافي بحديث أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت بعد الفجر حتى فارق الدنيا وحديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم إنما قنت شهرًا يدعو على حي من أحياء بني سليم ثم لم يقنت بعد ومثل لمسألة الناقل وضده بما إذا اقتضى أحدهما الحظر والآخر الإباحة لأن الإباحة تستلزم نفي الحرج المأخوذ من البراءة الأصلية.
(والأمر) بعد النواهي ثم هذا الآخر على الإباحة بكسر ميم الأمر يعني أن الخبر الدال على نهي التحريم مقدم على الخبر الدال على الأمر المراد به الوجوب لأن الأول لدفع المفسدة والثاني لجلب المصلحة واعتناء الشارع بدفع المفسدة أشد، قوله: ثم هذا الخ بكسر خاء الآخر يعني أن خبر الآخر الذي هو النهي مقدم على خبر الإباحة لأنه إذا قدم على الأمر "ذي يجلب
المصلحة فلان يقدم على ما خلى من ذلك أولى وهكذا الخ يعني أن خبر الأمر مقدم على خبر الإباحة للاحتياط بالطلب.
(وهكذا الخبر
…
عنى النواهي وعلى الذي أمر)
بفتح ميم أمر يعني أن الخبر المتضمنين للتكليف مقدم على النهي وعلى الأمر لأن الطلب بالخبر وهو الصيغة الخبرية لتحقق وقوع الطلب أقوى منهما فالخبر وأن كان أمرًا في المعنى مقدم على النهي وعليه فمحل ما سبق من تقديم النهي على الأمر في غير الخبر وإنما كان الطلب بالخبر أقوى لأن ذلك الخبر يقتضي ثبوت مطولة في الواقع ويكون هو حكاية عنه إذا كان الخبر غير مراد به الإنشاء أما إذا أريد به الإنشاء كما هنا فلا يكون أقوى وفي الآيات البينات أنه يجوز أن يكون الكلام على التشبيه أي كأنه تحقق وقوعه حيث عبر عنه بصيغة الخبر إذ لا يعبر بصيغة الخبر إلا عما هو بمنزلة المحقق الثابت أو عن ما جعل بمنزلته لشدة قربه من الوقوع حتى كأنه وقع فيه أيضًا أنه يجوز أن تكون الأخبار الطالبة باقية على الخبرية مستلزمه للإنشاء ولا يلزم من بقائها على الخبرية الكذب في كلام الشارع لأنه إنما يلزم إذا حملت على ظاهرها إما إذا حملت على معنى الطلب.
فلا مثلا والوالدات يرضعن الآية أن أبقى على خبرتيه وحمل على ظاهرة لزم الخلف لأنا رأينا كثيرًا من الوالدات لا يرضعن أولادهن وأن أبقى عليها وجعل بمعنى يطلب منهن الإرضاع فلا وكذا لا يمسه إلا المطهرون أن أبقى على خبرتيه وحمل على ظاهره لزم الخلف لمس كثير له من المطهرين وأن جعل معناه ألا يباح همه شرعًا إلا للمطهرين فلا.
في خبري أباحة وحظر
…
ثالثها هذا كذاك بجري
بفتح التحتية من يجري وإشارة القريب للحظر وإشارة البعيد للإباحة يعني أن في تعارض خبر الحظر وخبر الإباحة أقوالًا.
الأول تقديم الحظر على الإباحة للاحتياط لأن فعله أن كان حرامًا كان فيه أثم وعقوبة وأن كان مباحًا لا أثم في فعله ولا في تركه واعتناء الشارع بدرء المفاسد أشد من اعتنائه بجلب المصالح فضلًا عمًا لا مصلحة فيه.
والثاني تقديم الإباحة على الحظر لاعتضاد الإباحة بالأصل الذي هو نفي الحرج هذا القول القاضي عبد الوهاب في الملخص.
ثالث الأقوال هما سواء لاستواء مرجحهما وصححه الباجي إلا أنه فرضه في العلتين إذا اقتضت أحداهما الحظر والأخرى الإباحة.
(والجزم قبل الندب) يعني أن الدال على الوجوب مقدم على الدال على الندب احتياطًا البراءة الذمة.
والذي نفى
…
حدًا على ما لحد فيه ألفًا.
ببناء ألف للمفعول بمعنى وجد يعني أن الخبر النافي للحد أو التعزيز مقدم على الموجب لذلك في نافية من اليسر الموافق لقوله تعالى: ((وما جعل عليكم في الدين من حرج)) ولقوله ((يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)) ولأن الحد يدرأ الشبهات والتعارض شبهة وهذا مستثنى من تقديم المثبت على النافي وقال المتكلمون بتقديم الموجب للحد أو التعزير على
النافي لذلك لأفادته التأسيس بخلاف النافي أي لأن الوجود غير مستفاد من البراءة الأصلية بخلاف النفي وأنه مستفاد منها قال في الآيات البينات ويجاب بأن النفي الشرعي غير مستفاد منها.
(ما كان مدلولًا له معقولًا) يعني أن الخبر المعقول المعنى أي معلوم العلة مقدم على المتعبد به أي الذي لم تعرف علته لأن الأول أكثر ولأنه أدعى على الانقياد وأفيد بالقياس عليه قال حلول ويقيد هذا على أصل مالك بما إذا كان في غير باب التعبدات لأن الغالب فيها التعبد لا المعقولية.
والغالب فيه التعبد كالصلاة واستشكل تصوير التعارض في هذه المسألة إذ لا يتصور التعارض إلا عند اتحاد متعلق الخبرين إذ مع اختلافه لا تعارض فإذا عقل المعنى من أحد الخبرين صار معقولًا مطلقًا فلا يتصور أن يكون معقولًا في أحدهما غير معقول في الأخر قال في الآيات البينات وقد يجاب بأنه قد يتصور ذلك بنحو أن يقال لا يلزم زيدًا في حال كذا إلا كذا ويذكر أمرًا معقول المعنى ولا يلزم زيدًا في حال كذا إلا كذا ويذكر أمرًا معقول المعنى ولا يلزم زيدًا في حالة كذا يعني الحالة المذكورة إلا كذا ويذكر أمرًا آخر غير معقول المعنى.
(وما على الوضع أتى دليلًا) يعني أن الخبر الدال على الوضع مقدم على الدال على التكليف كان يدل أحد الخبرين مثلًا على كون الشيء شرطًا والخبر الآخر على النهي عن فعله في كل حالة وإنما قدم الدال على الوضع لأنه لا يتوقف على الوضع لأنه لا يتوقف على أهلية الخطاب وفهمه والتمكن من الفعل بخلاف الدال على التكليف وقيل يقدم هذا لترتب الثواب عليه دون الوضعي.