المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المنصوص عليه قيل يكفر لشهرته وقيل لا يكفر لجواز أن - نشر البنود على مراقي السعود - جـ ٢

[الشنقيطي، عبد الله بن إبراهيم]

الفصل: المنصوص عليه قيل يكفر لشهرته وقيل لا يكفر لجواز أن

المنصوص عليه قيل يكفر لشهرته وقيل لا يكفر لجواز أن يخفى عليه وهذا في قديم العهد بالإسلام أما حديث العهد به فلا يكفر إذا جحد المجمع عليه المعلوم من الدين بالضرورة فضلاً عن غيره ولا يكفر جاحد المجمع عليه الخفي بأن لا يعرفه إلا الخواص كفساد الحج بالجماع قبل الوقوف بعرفة ولو كان الخفي منصوصاً عليه كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب فإنه قضى به النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه البخاري.

‌كتاب القياس

وهو الكتاب الرابع وهو لغة: التقدير والتسوية يقال قاس الجرح بالميل بالكسر أي المرود إذا قدر عمقه به ولهذا سمي الميل مقياسًا ويقال فلان لا يقاس بفلان أي لا يساويه والنظر في هذا الكتاب قال الفهري من أهم أصول الفقه إذ هو أصل الرأي وينبوع الفقه ومنه تتشعب الفروع وعلم الخلاف وبه تعلم الأحكام والوقائع التي لا نهاية لها فإن اعتقاد المحققين أنه لا تخلو واقعة من حكم ومواقع النصوص والإجماع محصورة روى ابن القاسم عن مالك أنه قال: الاستحسان أي الاجتهاد تسعة أعشار العلم والقياس اصطلاحا ذكره في قوله.

بحمل معلومٍ على ما قد علم

للاستوا في علة الحكم وسم

وسم بالواو مبنياً للمفعول بمعنى ميز وعرف يتعلق به قوله مجمل وعلى ما قد علم يتعلق بحمل وكذا قوله للاستواء وقوله في علة الحكم يتعلق بالاستواء يعني أن القياس في الاصطلاح هو حمل معلوم على معلوم أي إلحاقه به في حكمه لمساواة المحمول للمحمول عليه في علة حكمه بأن توجد بتمامها في المحمول وذلك سر التعبير

ص: 104

بالاستواء دون الاشتراك الواقع في عبارة بعضهم لأن الاشتراك لا يستلزم وجود المعنى بتمامه وإنما عبرنا بالمعلوم دون الشيء ليتناول الموجود والمعدوم والمراد بالعلم مطلق الإدراك وإن كان ظنا قوله حمل معلوم أورد عليه أن الحمل فعل الحامل فيكون القياس فعل المجتهد مع أن القياس دليل نصبه الشرع نظر فيه المجتهد أم لا كالنص فلا ينطبق التعريف عليه ولا على شيء منه فاللائق تعريفه بما اختاره الأمدي وابن الحاجب من أنه مساواة فرع لأصل في علة حكمه قال المحشي وقد يجاب بأن كونه فعل المجتهد لا ينافي أن ينصبه الشرع دليلا إذ لا مانع أن ينصب الشرع حمل المجتهد من حيث هو أي الحمل الذي من شأنه أن يصدر عن المجتهد للاستواء في علة الحكم دليلا على أن حكم الفرع في حقه وحق مقلديه ما وقع الحمل فيه من حل أو حرمة هـ.

ووجه العدول عن تعريف الأمدي وابن الحاجب أن الفرع والأصل إنما يعقلان بعد معرفة القياس فتعريف القياس بهما فيه دور والدور من مبطلات الحدود وقوله حمل معلوم الخ يحترز به عن ثبوت الحكم بالنص فلا يسمي قياسا وأورد أيضا على تعريف القياس بالحمل المذكور بأن فيه جعل الحمل جنسا للقياس مع أنه غير صادق عليه لأنه ثمرة القياس ولا شيء من ثمرة القياس بقياس.

وأجاب السبكي بأنه اعتراض ضعيف لأن المراد بالحمل التسوية لا ثبوت الحكم في الفرع والتسوية نفس القيام لا ثمرته هـ وقد قال قيل ذلك بعد أن ذكر أن بعضهم قال القياس إثبات حكم معلوم لمعلوم وبعضهم قال إثبات مثل حكم معلوم لمعلوم ما نصه قال أبي رحمه الله تعالى وإذا تؤمل كل منهما وجد حد القاضي أولى منه لأن إثبات الحكم في الفرع نتيجة القياس لا عينه لأنك تقول الحق هذا بهذا

ص: 105

فأثبت حكمه له وحقيقة الإلحاق اعتقاد المساواة فأول ما يحصل في نفس القائس العلة المقتضية للمساواة ثم ينشأ عنها اعتقاد المساواة والقياس هو هذا الاعتقاد والحكم مستند إليه وهو حكم المعتقد في نفسه بما اعتقده من مساواة أحد الأمرين للآخر وهو إلحاقه به في الجهة المذكورة وهي ثبوت ذلك الحكم أو نفيه هـ.

فالحمل والإلحاق عبارة عن وجوب المساواة كما للعضد أو عن المساواة كما للكرماني والسبكي صاحب جمع الجوامع أو عن اعتقاد المساواة كما تقدم عن والده وإن ثمرته والمستدل به عليه هو ثبوت الحكم في الفرع أنظره في الآيات البينات تنبيه تسمية الحمل المذكور قياسا من باب تسمية اللفظ ببعض مسمياته كتسمية الدابة بالفرس فالقياس على هذا حقيقة عرفية مجاز لغوي.

وإن ترد شموله لما فسد

فزد لدى الحامل والزيد أسد

أي أصوب يعني أنه إذا خص المحدود بالقياس الصحيح اقتصر على ما ذكر في البيت قبل هذا لأن الماهية قد تحد بقيد كونها صحيحة وما ذكر لا يدل إلا على الصحيح لانصراف المساواة المطلقة إلى المساواة في نفس الأمر وإن أريد شموله للقياس زيد في الحد عند الحامل فقيل حمل معلوم على معلوم لمساواته في علة حكمه عند الحامل فإن الماهية قد تحد من حيث هي.

قال القرافي في شرح التنقيح: ومعنى قولنا ليندرج القياس الفاسد أنا لو قلنا لاشتراكهما في علة الحكم لم يتناول ذلك إلا العلة المرادة لصاحب الشرع فالقياس بغيرها يلزم أن لا يكون قياسا لكن لما وقع الخلاف في الربا هل علته الطعم أو القوت أو الكيل أو غير

ص: 106

ذلك أي كالمالية من المذاهب في العلل وقاس كل إمام بعلته التي اعتقدها اجمعنا على أن الجميع أقيسة شرعية لأنا إن قلنا إن كل مجتهد مصيب فظاهر وإن قلنا المصيب واحد فلم يتعين أن يكون الجميع أقيسة شرعية مع أن جميع تلك العلل ليست مرادة لصاحب الشرع فالقائس بغير علة صاحب الشرع قياسه فاسد وهو قياس فلذلك قلنا عند المثبت ليتناول جميع العلل كانت علة صاحب الشرع أم لا هـ.

وقد تبعنا في النظم للسبكي الماشي في تعريف القياس على مذهب المخطئة وهم القائلون أن المصيب واحد فالمعتبر عندهم في صحة القياس مساواته في نفس الأمر فإن لم يساو ما في نفس الأمر فهو فاسد وإن ساوى في ظن المجتهد وإما المصوبة وهم القائلون كل مجتهد مصيب فالصحيح عندهم هو ما حصلت فيه المساواة في نظر المجتهد سواء ثبتت في نفس الأمر أم لا فحقهم إن يقولوا في تعريف الصحيح هو مساواة فرع لأصل في نظر المجتهد حتى لو تبين غلط القياس ووجب الرجوع عنه لم يقدح عندهم في صحته بل ذلك انقطاع الحكم لدليل صحيح آخر حدث وكان قبل حدوثه القياس الأول صحيحا وإن زالت صحته بخلاف المخطئة فإنهم لا يرون ما ظهر غلطه ووجب الرجوع عنه محكوما بصحته إلى زمان ظهور غلطه بل مما كان فاسدا وتبين فساده فقد رأيت حد الطائفتين للقياس الصحيح فلو أريد إدخال الفاسد عندهما مع الصحيح في الحد لم تشترط المساواة لا في نفس الأمر ولا في نظر المجتهد وقيل أنه تشبيه فرع بأصل لأنه قد يكون مطابقا لحصول الشبه وقد لا يكون لعدمه وقد يكون المشبه يرى ذلك وقد لا يراه.

ص: 107

قوله والزيد أسد من السداد بالسين المهملة يعني أن زيادة عند الحامل أصوب لأنه لابد منه في تعريف الصحيح على مذهب المصوبة وأما على مذهب المخطئة فإنه لا يذكر لإدخال الفاسد والأكثر تعريف الشيء بما يشمل صحيحه وفاسده ولذا يقولون مثلا صلاة صحيحة وصلاة فاسدة لأنهم عرفوها بما يشمل الأمرين حيث قالوا قربة فعلية ذات إحرام وسلام أو سجود فقط.

وقال ابن عرفة والمعرف حقيقته المعروضة للصحة أو الفساد فالمعرف مبتدأ وحقيقته مبتدأ ثان والمعروضة خبر.

تنبيه: قال المحلى والفاسد قبل ظهور فساده معمول به كالصحيح هـ.

لما قرر أنه يعتبر في القياس الصحيح المساواة في نفس الأمر خاف أن يتوهم أنه لا يجوز العمل بالقياس حتى تتحقق صحته بتحقق المساواة في نفس الأمر فبين أنه يكفى في العمل ظن صحته ويحتمل أن يكون الغرض منه بيان أنه من أفراد الصحيح ظاهرا دفعا لتوهم خروجه وهو ما فهمه شهاب الدين عميرة قال قوله معمول به أي فهو صحيح في الظاهر هـ.

لكن كونه من أفراد الصحيح ليس مجزوما به كما فهمه بل فيه احتمالان.

تنبيه آخر: قال في الآيات البينات ظاهره أي ظاهر كلام المحلى أنه ظهور فساده لا ينقض ما مضى من العمل به لكن يتجه فيه أن صدر من مجتهد تفصيل يعلم مما يأتي في مبحث تغيير الاجتهاد فإن صدر من غيره كمقاد مما يأتي في مبحث تغيير الاجتهاد فإن صدر من غيره كمقاد قاس على أصل أمامه ثم تبين فساد قياسه اتجه نقض ما مضى هـ.

ص: 108

والحامل المطلق والمقيد، بصيغة اسم المفعول فيهما يعني أن الذي يجوز له حمل معلوم على معلوم لمساواته في علة حكمه هو المجتهد المطلق وكذلك المجتهد المقيد والمراد به مجتهد المذهب وهو المتمكن من تخريج الوجوه على نصوص إمامه وستأتي أبحاث المجتهدين عند ذكرهم في كتاب الاجتهاد وهو قبل ما رواه الواحد يعني أنه إذا تعارض القياس وخبر الآحاد قدم القياس قال في التنقيح وهو مقدم على خبر الواحد عند مالك لأن الخبر إنما ورد لتحصيل الحكم والقياس متضمن للحكمة فيقدم على الخبر هـ.

والمانع من ذلك يقول إن القياس فرع النص والفرع لا يقدم على أصله بيان كون القياس فرع النص أن القياس لم يكن حجة إلا بالنص وكون المقيس عليه لابد أن يكون منصوصا عليه وإما كون الفرع لا يقدم على أصله فلأنه لو قدم عليه لأبطل أصله وإذا بطل أصله بطل هو وأجيب بأن النصوص التي هي أصل القياس غير النص الذي قدم عليه القياس فلم يتقدم الفرع على أصله بل على غير أصله.

وقبله القطعي من نص ومن

إجماعهم عند جميع من فطن

فطن مثلث الطاء لكن الأولى في البيت قراءته بالكسر أو الضم يعني أن كلا من النص والإجماع القطعيين يقدم على القياس الظني والقطعيان لا يتعارضان وسيأتي القطعي من القياس والظني.

وما روى من ذمه فقد عنى

به الذي على الفساد قد بني

أفعاله الثلاثة مبنية للمفعول يعني أن ما روى عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم من ذم القياس محمول كما قال القرافي على

ص: 109

القياس الفاسد الوضع لمخالفته النص ومن شرط القياس أن لا يخالف النص والمروى منه ما هو في ذم خصوص القياس ومنه ما هو في ذم مطلق الرأي.

فالأول كقول علي كرم الله تعالى وجهه كما في شرح التنقيح لو كان الدين يؤخذ قياسا لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره.

وقوله صلى الله عليه وسلم تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب وبرهة بالسنة وبرهة بالقياس فإذا فعلوا ذلك فقد ضلوا.

ومثال الثاني ما ثبت أن الصحابة كانوا يذمون الرأي أي القياس كقول الصديق رضي الله تعالى عنه أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله برأيي وقال عمر رضي الله تعالى عنه إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث فضلوا وأضلوا، فالمراد الأقيسة الفاسدة والآراء الفاسدة، جمعا بينهما وبين ما جاء في الدلالة على العمل به كإجماع الصحابة على العمل به وكقول عمر لأبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما أعرف الأشباه والنظائر وما اختلج في صدرك فألحقه بما هو أشبه بالحق.

قال القرافي وهذا هو عين القياس وقد نبه عليه الصلاة والسلام على القياس في مواضع.

والحد والكفارة التقدير

جوازه فيها هو المشهور

التقدير معطوف على الحد بمحذوف يعني أن جواز القياس في الثلاثة والعمل به هو مشهور مذهبنا ومنعه أبو حنيفة فقد نقل القرافي عن الباجي وابن القصار من المالكية اختيار جريانه في الحدود والكفارات والتقديرات.

ص: 110

مثاله في الحدود قياس اللائط على الزاني بجامع إيلاج فرج في فرج مشتهى طبعا محرم شرعا وقياس النباش على السارق في القطع بجامع أخذ مال الغير من حرز مثله خفية.

ومثاله في الكفارات اشتراط الإيمان في رقبة الظهار قياسا على رقبة القتل بجامع إن كلا منهما كفارة.

ومثاله في التقديرات جعل أقل الصداق ربع دينار قياس على إباحة قطع اليد في السرقة بجامع إن كلا منهما فيه استباحة عضو واحتج المانع بأنها لا يدرك فيها المعنى وأجيب بأنه يدرك في بعضها فيجري فيه القياس.

ورخصة بعكسها والسبب

مبتدأ خبره محذوف أي والسبب كذلك في كونه بعكسها يعني أن الرخصة والسبب أي الشرط والمانع بعكس الثلاثة المذكورة في البيت قبل هذا فإن المشهور فيها عندنا عدم جواز القياس فيها.

قال في التنقيح المشهور أنه لا يجوز إجراء القياس في الأسباب كقياس اللواط على الزنا في الحد لأنه لا يحسن أن يقال في طلوع الشمس أنه موجب للعبادة كغروبها هـ ودليل المانع له في الأسباب جار في الشروط والموانع والدليل هو كون القياس فيها يخرجها عن أن تكون كذلك إذ قد يكون السبب والشرط والمانع هو المعنى المشترك بينها وبين المقيس عليه لا خصوص المقيس عليه والمقيس والمراد تعليل المنع باستلزام القياس نفي السببية وما عطف عليها عن خصوص المقيس والمقيس عليه لا نفي المعنى المشترك عن خصوص ما ذكر.

قال في الآيات البينات صورة القياس في الشروط أن يشترط شيء في أمر فيلحق بذلك آخر في كونه شرطا لذلك الأمر فيؤول الحال

ص: 111

إلى أن الشرط أحد الأمرين ويظهر بالقياس أن النص على اشتراط الشيء الأول لكونه ما صدق الشرط في جزئية من جزئياته لا لكونه بعينه هو الشرط وهكذا في الباقي هـ أي في الأسباب والموانع مثال السبب قياس التسبب في القتل بالإكراه على التسبب فيه بالشهادة ومثاله في الشرط قياس استقصاء الأوصاف في بيع الغائب على الرؤية ومثاله في المانع قياس النسيان للماء في الرحل على المانع من استعماله حسا كالسبع واللص وأجرى القرافى الخلاف في الاستثناء بإرادة الله تعالى أو بقضائه هل يتنزل منزلة الاستثناء بالمشيئة أو لا على الخلاف في القياس في الأسباب وقال إن حجة الجواز أن السببية حكم شرعي فجاز القياس فيها كسائر الأحكام وأما الرخص فقد حكي المالكية عن مالك قولين في جواز القياس عليها والمشهور إنها لا تتعدى محلها وخرجوا على القولين فروعا كثيرة منها لبس خف على خف أعنى أنها لا تتعدى محلها إلى مثل معناه كقياس عادم الماء في الحضر على عادمه في السفر في جواز التيمم للنافلة وتعدى إلى أقوى منه اتفاقا وتمنع تعديتها إلى الأدنى اتفاقا قال القرافي في شرح التنقيح حجة المنع إن الرخص مخالفة للدليل فالقول بالقياس عليها يؤدى إلى كثرة مخالفة الدليل فوجب أن لا يجوز حجة الجواز أن الدليل إنما يخالفه صاحب الشرع لمصلحة تزيد على مصلحة ذلك الدليل عملا بالاستقراء وتقديم الأرجح هو شأن صاحب الشرع وهو مقتضى الدليل فإذا وجدنا تلك المصلحة التي لأجلها شرع الحكم في صورة وجب أن يخالف الدليل لها عملا برجحانها فنحن حينئذ كثرنا موافقة الدليل لا مخالفته هـ.

وغيرها للاتفاق ينسب

يعني أن جواز القياس والاحتجاج به في غير المذكورات أمر متفق عليه عند أهل المذهب ونعني بالغير الأمور

ص: 112

الدنيوية والأحكام الشرعية قال القرافي في التنقيح وهو حجة عند مالك وجميع العلماء خلافا للظاهرية وقال أيضا وهو حجة في الدنيويات اتفاقا كمداواة الأمراض أي والأغذية بأن يقاس أحد الشيئين على الآخر فيما علم له من إفادته دفع المرض المخصوص مثلا لمساواته له في المعنى الذي بسببه أفاد ذلك الدفع قال في الآيات ووجه كون القياس في نحو الأدوية قياسا في الأمور الدنيوية أنه ليس المطلوب به حكما شرعيا بل ثبوت نفع هذا الشيء لذلك المرض مثلا وذلك أمر دنيوي هـ.

نعم يمكن أن يكون المطلوب به حكما شرعيا لأنه إذا ثبت كونه دواء جاز للعارف بذلك أن يداوي به غيره أي جاز شرعا وإذا نشأ عنه عطب لم يضمن.

تنبيه: كون القياس من الأدلة الشرعية لا ينافي أن يكون في الأمور الدنيوية.

وإن نمى للعرف ما كالطهر

أو المحيض فهو فيه يجري

يعني أن القياس يجوز جريانه في الأمور العادية إذا كانت منضبطة أي لا تختلف باختلاف الأحوال والأزمنة والبقاع كأقل الطهر وأكثر الحيض وأثله وأقل الحمل فهذه لانضباطها يجوز القياس عليها كما يجوز التعليل بها كما يأتي في قوله ومن شروط الوصف الانضباط فيقاس النفاس على الحيض في أنه أقله قطرة عندنا أو يوم وليلة عند الشافعية وإذا لم ينضبط العادي لا يجوز القياس عليه فيرجع إلى قول المخبر الصادق من ذوات الحيض والنفاس والحمل ومن له إطلاع على أحوالهن.

ص: 113