الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناس يفعلون في عهده فكنا نفعل في عهده فيلي ذلك كان الناس يفعلون فتليه كانوا لا يقطعون في الشيء التافه قالته عائشة رضي الله تعالى عنها، فأما ما أضيف إلى عهده فلظهوره في إطلاعه صلى الله عليه وسلم وتقريره وقيل لا لجواز أن لا يعلم به وأما ما لم يضف إليه فلظهوره في جميع الناس فهو إجماع، وقيل لا لجواز إرادة أناس مخصوصين.
كيفية رواية غيره عن شيخه
أي غير الصحابي
للعرض والسماع والأذن أستوا
…
متى على النوال ذا الاذن أحتوى
استواء مصدر ممدود قصر للوزن واحتوى فعل ماض والنوال بالكسر بمعنى المناولة، يعني أن العرض وهو القراءة على الشيخ والسماع من لفظ الشيخ والاذن أي الإجازة مستوية في القوة عند مالك إذا كانت الإجازة معها المناولة كان يدفع إليه الشيخ أصل سماعه أو فرعا مقابلا به ويقول له أجزت لك روايته عني، وكون الإجازة المقرونة بالمناولة تساوي السماع هو ما ذهب إليه ابن شهاب وربيعة وخلق كثير، والسماع أقوى منها عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد وصححه النووي ولا يعمل بالمناولة المجردة عن الإجازة، قال القرافي في التنقيح وللسامع منه أي من لفظ الشيخ أن يقول حدثني وأخبرني وسمعته يحدث عن فلان أن قصد إسماعه خاصة أو ي جماعة وإلا فيقول سمعته يحدث وذكر في الشرح أن الفرق من جهة اللغة والعرض هو قراءتك على الشيخ أو قراءة غيرك عليه وأنت تسمع وهذا هو المراد بالعرض عند الإطلاق لا عرض المناولة فذاك يقيد بالمناولة سواء كانت قراءتك على الشيخ من كتاب أو حفظ وسواء
حفظ الشيخ ما قرأ عليه أم لا إذا أمسك أصله هو أوثقه غيره وهكذا إذا كان ثقة من السامعين يحفظ ما قرئ وهو مستمع غير غافل فذلك كان أيضا ولا فرق بين إمساك الثقة لأصل الشيخ وبين حفظ الشيخ لما يقرأ ويشترط في القارئ أن يكون وفي الشيخ أن يكون يبحث لو فرض تحريف أو تصحيف لرده.
واعمل بما عن الإجازة روى
…
إن صح سمعه بظن قد قوى
يعني أن الرواية بالإجازة والعمل بالمروى بها جائز عندنا وعليه استقر العمل ومنع الرواية بها جماعة من أهل الأصول والمحدثين والفقهاء قال شعبة: لو جازت الرواية بها لبطلت الرحلة وقال بعض أهل الظاهر: لا يجب العمل به كالحديث المرسل والمراد بالإجازة هنا الإجازة المجردة عن المناولة سواء كانت مشافهة كان يقول الراوي لغيره قد أجزت لك أن تروي هذا الكتاب مثلا عني أو كانت كتابة كان يكتب إليه بذلك وإنما يعمل بالإجازة المجردة عن المناولة إذا صح عند المجاز سماع المجيز ما أجازه بظن قوى بأن كان يرويه بطريق صحيح لأن ذلك يقوم مقام المناولة والمقصود حصول اتصال السند بطريق صحيح كيف كان والمخاطب بقوله اعمل المجتهد في حق نفسه وفي حق غيره أما غير المجتهد فلا كما سيأتي في كتاب الاستدلال وفائدة الإجازة بقاء السلسلة والإجازة من جواز الماء الذي يسقاه الحرث والماشية تقول استجزت فلانا فأجازني إذا سقى حرثك وماشيتك كذلك طالب العلم يسأل العالم أن يجيزه علمه فيجيزه إياه فللمجيز على هذا أن يقول أجزت فلانا مسموعاتي وعلى أن الإجازة مأخوذة من الاذن والإباحة يقول أجزت له مسموعاتي بحرف الجر قال العراقي:
أجزته ابن فارس قد نقله
…
وإنما المعروف قد أجزت له
قال السيوطي في الإتقان: الإجازة من الشيخ غير شرط في جواز التصدي للاقراء والإفادة فمن علم من نفسه الأهلية جاز له ذلك وإن لم يجزه أحد وعلى ذلك السلف الأولون والصدر الصالح وكذلك في كل علم وفي الإقراء والإفتاء وإنما اصطلح الناس على الإجازة لأن أهلية الشخص لا يعلمها غالبا من يريد الأخذ عنه من المبتدئين والبحث عن الأهلية قبل الأخذ شرط فجعلت كالشهادة من الشيخ للمجاز هـ ثم قال لا يجوز أخذ الأجرة على الإجازة
تنبيه: قل الشيخ أجزت فلانا جميع مسموعاتي هل يشمل ما سمعه بعد الإجازة بناء على أن الوصف حقيقة في حال التلبس لا حال التكلم أو لا بناء على الآخر؟ فيه نظر، قال في الآيات البينات: قوله أجزت لمن أدركني رواية مسلم هل يشمل من وجد بعد الإجازة بأن لم ينفصل إلا بعدها بناء على أن المراد أدرك زمني وهذا شامل لمن تأخر انعقاده عن الإجازة وإن لم ينعقد إلا بعد موته فيه نظر هـ.
لشبهها الوقف تجى لمن عدم
…
وعدم التفصيل فيه منحتم
ببناء عدم للمفعول: يعني: إن الإجازة للمعدوم جائزة، قال عياض: أجازها معظم الشيوخ المتأخرين قال وبهذا استمر عملهم شرقا وغربا هـ وهو مذهب مالك وأبي حنيفة، ولا فرق فيه أي في المعدوم بين المعدوم المحض والتابع للموجود قياسا على الوقف على المعدوم وإن لم يكن أصله موجودا حال الوقف ولأنها إذن فتصح وقد أجاز أصحاب الشافعي الإجازة للمعدوم التابع للموجود دون المعدوم وحده وقيل لا تجوز للمعدوم مطلقا لأن الإجازة في حكم الإخبار
بالمجاز فكما لا يصح الإخبار للمعدوم لا تصح الإجازة له نحو أجزت لفلان ولولده ما تناسلوا أو أجزت لك ولمن سيولد لك، وقال أبو داوود أجرت لك ولأولادك وحبل الحبلة، قال في الآيات البينات: ويبقي الكلام فيما لو قال أجزت لزيد ومن يوجد من نسل عمرو وينبغي أن الحكم كذلك ويؤيده شمول عبارتهم السابقة له هـ يعني أنها جائزة وعبارتهم السابقة هي التي فيها عطف المعدوم على الموجود والإجماع على منع الإجازة لكل من يوجد مطلقا أي من غير تقييد بالنسل قال الابياري اختلف قول مالك في إسناد الرواية إلى الإجازة والصحيح عندي عدم الجواز، وحكي الباجي الإجماع على جواز الرواية بها وذكر الخلاف في العمل بها والقول بالمنع محكي عن مالك وأبي حنيفة والشافعي:
والكتب دون الأذن بالذي سمع
…
إن عرف الخط وإلا يمتنع
بجر الكتب عطفا على الإجازة في قوله: واعلم الخ وعرف مبني للمفعول يعني أنه يجوز لك أيها المجتهد أن تعمل بالكتب أي بكتب راو إليك بأن هذا سماعه ولم يأذن لك في روايته وإلا كان أجازه وإنما تعمل به إذا تحققته بنفسك أو ظننته أو شهدت بينة به وإلا فلا يجوز لعدم اتصاله قال القرافي ولا يقول سمعته ولا حدثني ويقول أخبرني لأن الإعلام والإخبار يصدقان بالرسائل وفي التحقيق هو مجاز لغوي حقيقة اصطلاحية فإن الإخبار لغة إنما هو في اللفظ وتسمية الكتابة إخبارا أو خبرا لأنها تدل على ما يدل عليه الإخبار والحروف الكتابية موضوعة للدلالة على الحروف اللسانية فلذلك سميت خبرا أو أخبارا من باب تسمية الدال باسم المدلول هـ:
والخلف في إعلامه المجرد
…
واعملن منه صحيح السند
يعني أنه وقع الخلاف في إعلام الشيخ لأحد بأن هذا سماعه أعني الإعلام المجرد عن الإجازة بأن يخبره أن هذا الكتاب أو هذا الحديث من سماعه عن فلان مثلا مقتصرا على ذلك هل تجوز الرواية به كما ذهب إليه كثير من المحدثين والفقهاء والأصوليين وإليه ذهب ابن حبيب وصححه عياض أو لا تجوز الرواية به قياسا على الشاهد إذا ذكر شهادته في غير مجلس الحكم لا يتحملها من سمعها دون إذن قاله غير واحد من المحدثين وغيرهم وقطع به الغزالي قال لأنه قد لا يجوز روايته عنه مع كونه سماعه لخلل يعرفه فيه هذا في الرواية وإما العمل به فواجب إن صح سنده كما جزم به ابن الصلاح وحكاه القاضي عن محققي الأصوليين، وادعى عياض الاتفاق عليه وإليه أشرنا بقوله:(واعملن منه) الخ. بقطع همزة أعملن أي اجعله معمولا به، قوله صحيح السند يعني وصحيح المتن أيضا لتوقف العمل به على ذلك وكذلك إذا كان حسنا يجب العمل به.
واعلم أنه قد يصح السند أو يحسن لاستجماع شروطهما من الاتصال والعدالة والضبط دون المتن لشذوذ فيه أو علة وقد يصح المتن أو يحس دون السن كما في الصحيح لغيره والحسن لغيره، وانظرهما في منظومتنا؟ طلعة الأنوار وشرحنا لها.
تنبيه: إنما لم أذكر المناولة المجردة عن الإجازة بأن يناوله الكتاب ولم يخبره أنه سماعه لأنه لا تجوز بها الرواية اتفاقا قاله الزركشي فليست من طرق التحمل خلافا للسبكي ونص ابن الصلاح على أن الرواية بها تترجح على الرواية بمجرد إعلام الشيخ لما في المناولة من الإشعار بالاذن في الرواية قال السيوطي وعندي إن كانت
المناولة جواباً لسؤال كأن قال له ناولن هذا الكتاب لأرويه عنك فناوله ولم يصرح بالاذن أي ولا أخبر بأنه سماعه كما هو ظاهر وكان وجهه الاكتفاء عن الإخبار بوقوعه في جواب لارويه عنك المتبادر منه إن المطلوب رواية مسموعاته صحت وجاز له أن يرويه كما تقدم في الإجازة بالخط بل هذا أبلغ وكذا إذا قال حدثني بما سمعت من فلان فقال هذا سماعي من فلان فتصح أيضا وما عدى ذلك فلا فان ناوله الكتاب ولم يخبره أنه سماعه لم تجز الرواية به بالاتفاق قاله الزركشي هـ.
والأخذ عن وجادة مما انحظل
…
وفقا وجل الناس يمنع العمل
الوجادة بكسر الواو مصدر لوجد مولد غير مسموع من العرب يستعمله المؤلفون فيما أخذ من العلم من صحيفة من غير سماع ولا إجازة ولا مناولة.
يعني أن الأخذ أي الرواية عما وجد مكتوبا من حديث أو كتاب بخط شيخ معروف محظول أي ممنوع عند معظم المحدثين والفقهاء المالكية وغيرهم وقد حكي عياض الاتفاق على منع الرواية بالوجادة وعن الشافعي ونظار أصحابه جوازه وقطع بعض محققي الشافعية بوجوب العمل بها عند حصول الثقة به وهذا أعنى ما وجد بخط شيخ معروف من باب المنقطع وفيه شائبة اتصال كما قاله النووي وغيره، وخرج بقولنا بخط شيخ معروف ما لو وجد حديث أو غيره في تأليف شخص وليس بخطه فهذا منقطع لا شوب من الاتصال فيه، والاعتماد على الخط حتى يعمل به أو يفتى إنما يجوز بحصول أحد أمور ثلاثة: أن يكون الكتاب مقابلا بمقابلة ثقة على نسخة صحيحة ويستحب تعدد النسخة المقابل عليها، وكذا تحصل الثقة
بنسخة غير مقابلة إذا كان كلاما منتظما وهو خبير فطن لا يخفى عليه غالبا مواقع الإسقاط والتغيير، وقال ابن فرحون في التبصرة وكذا تحصل الثقة بما يجده في نسخة غير موثوق بصحتها إذا وجده في عدة نسخ من أمثالها ويجري هذا كله في كتب الفقه وغيرها وإذا لم تحصل الثقة بالنسخة أصلا فقال ابن فرحون فإن وجده موافقا لأصول مذهبه وهو أهل التخريج مثله على المذهب لو لم يجده منقولا فله أن يفتى به فإذا أراد أن يحكيه عن إمامه فلا يقول قال الشافعي مثلا كذا أي ونحوه من صيغ الجزم وليقل وجدت عن الشافعي أو بلغني عنه كذا وما أشبهه، وأما إذا لم يكن أهلا لتخريج مثله فلا يجوز له أن يفتي به ويجوز له أن يذكره في غير مقام الفتوى مفصحًا بحاله فيه، نحو وجدت في نسخة من الكتاب الفلاني: لا أعرف صحتها هـ ببعض اختصار. وأما الكتب الموثوق بصحتها بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة فيجوز أن تقول في شيء منها قال البخاري أو مالك أو خليل أو سبويه كذا لحصول الثقة بها وبعد التدليس عنها، ومن اعتقد أن الناس اخطأوا في ذلك فهو أولى بالخطأ ولولا جواز ذلك لتعطل كثير من المصالح المتعلقة بالطب والنحو واللغة والفقه في الشريعة، وقد رجع الشرع إلى قول الأطباء في مسائل وليست كتبهم في الأصل إلا عن قوم كفار، لكن لما بعد التدليس فيها اعتمد عليها. فإن لم تشتهر الكتب لغرابتها وكانت حديثة التصنيف لم يجز العمل والفتوى بما فيها حتى تعلم صحته بتضافر العلماء عليه أو بعزو نقولها إلى الكتب المعتمدة مع مقابلتها أو بعلمنا أن مصنفها يعتمد الصحة وهو موثوق بعدالته. وتجوز الفتوى بالطرر إذا كان ما فيها منسوبا بخط من يوثق به مع معرفتنا للخط وإلا فلا، وقد كان ايمة المذهب كعياض وابن سهل ينقلون ما في حواشي كتب الأئمة الموثوق
بعلمهم المعروفة خطوطهم وينسبونه إليهم ويدخلونه في كتبهم هـ جميع ذلك من تبصرة ابن فرحون. والطرر التي لا وثوق بها كشرح الجزولي وشرح يوسف ابن عمر كلاهما على الرسالة لأنهما ليستا بتأليف وإنما هما تقييد قيده بعض الطلبة زمن اقرائه فهو يهدي ولا يعتمد عليه ويؤدب من أفتى بمثله إذا خالف النصوص والقواعد قاله الحطاب في شرح خليل.
وقد حذروا من الفتوى بما في تبصرة اللخمي لأن مؤلفها اخترمته المنية قبل تحريرها وتصحيحها، وكذلك أجوبة ابن سحنون، قال شارح عمليات فاس: لا تجوز الفتوى بما فيها ولا عمل عليه بوجه من الوجوه، وكذلك التقريب والتبيين لابن أبي زيد، وكذلك أجوبة القرويين، وكذلك أحكام ابن الزيات بالزاي والمثناة التحتية والمثناة الفوقية بعد الألف، وكذلك كتاب الدلائل والأضداد لأبي عمران الفاسي لأنها باطل وبهتان وغير صحيحة النسبة إلى من نسبت إليه.
وما به يذكر لفظ الخبر
…
فذاك مسطور بعلم الأثر
يعني أن اللفظ الذي يردي به لفظ الحديث من نحو حدثنا أو أخبرنا أو أنبأنا مسطور مقرر في علم الحديث، قال السبكي وألفاظ الرواية من صناعة المحدثين أي لا من علم الأصول وإن تعرض لها بعض الأصوليين كابن الحاجب والفهري من المالكية.
قال ابن حجر في فتح الباري: اعلم أن حدثنا وأنبأنا وأخبرنا بمعنى واحد في اللغة ومن أصرح الدلالة فيه قوله تعالى: "ولا ينبئك مثل خبير""تحدث أخبارها" وإما في اصطلاح أهل الحديث ففيه خلاف فمنهم من مشى على موافقة اللغة وهو رأى الزهري ومالك وابن عيينة ويحيي القطان والبخاري وأكثر الحجازيين والكوفيين