المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في الأولياء والأكفاء - نصب الراية - جـ ٣

[الجمال الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحج

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ فِي الْمَوَاقِيتِ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌بَابُ الْقِرَانِ

- ‌بَابُ التَّمَتُّعِ

- ‌باب الجنايات

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ

- ‌بَابُ الْفَوَاتِ

- ‌بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ

- ‌بَابُ الْهَدْيِ

- ‌كِتَابُ النكاح

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمُحَرَّمَاتِ

- ‌بَابُ فِي الْأَوْلِيَاءِ والأكفاء

- ‌بَاب الْمَهْر

- ‌بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ

- ‌بَابُ نِكَاحِ أَهْلِ الشِّرْكِ

- ‌بَابُ الْقَسْمِ

- ‌‌‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌كِتَابُ الطلاق

- ‌السنة في الطلاق

- ‌باب إيقاع الطلاق

- ‌فَصْلٌ فِي تَشْبِيهِ الطَّلَاقِ

- ‌بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ

- ‌فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ

- ‌بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ

- ‌بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌بَابُ الْخُلْعِ

- ‌بَابُ الظِّهَارِ

- ‌بَابُ اللِّعَانِ

- ‌بَابُ الْعِنِّينِ

- ‌باب العدة

- ‌بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ

- ‌بَابُ حضانة الولد ومن أَحَقُّ بِهِ

- ‌بَابُ النَّفَقَةِ

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌فضل العتق

- ‌بَابٌ الْعَبْدُ يَعْتِقُ بَعْضُهُ

- ‌بَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌كِتَابُ الأيمان

- ‌من حلف يمينا كاذبا

- ‌بَابُ مَا يَكُونُ يَمِينًا، وَمَا لَا يَكُونُ يَمِينًا

- ‌فَصْلٌ فِي الْكَفَّارَةِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْخُرُوجِ وَالْإِتْيَانِ وَالرُّكُوبِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْكَلَامِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْعِتْقِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ في الصلاة والصوم والحج

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌مدخل

- ‌باب الوطء الذي يوجب الحد

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا

- ‌بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ

- ‌بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ السرقة

- ‌مدخل

- ‌بَابُ مَا يُقْطَعُ فِيهِ وَمَا لَا يُقْطَعُ

- ‌فَصْلٌ فِي الحرز

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ

- ‌كِتَابُ السير

- ‌مدخل

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِتَالِ

- ‌بَابُ الْمُوَادَعَةِ

- ‌بَابُ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ

- ‌فَصْلٌ في التنقيل

- ‌باب استيلاء الكفار

- ‌بَابُ الْمُسْتَأْمَنِ:

- ‌بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ

- ‌بَابُ الْجِزْيَةِ

- ‌بَابُ أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ

- ‌بَابُ الْبُغَاةِ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِبَاقِ

- ‌كِتَابُ الْمَفْقُود

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

الفصل: ‌باب في الأولياء والأكفاء

فِي "جَامِعِهِ"1 حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُقْبَةَ أَخُو قَبِيصَةَ بْنِ عُقْبَةَ ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إنَّمَا كَانَتْ الْمُتْعَةُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، كَانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ الْبَلْدَةَ، لَيْسَ لَهُ بِهَا مَعْرِفَةٌ، فَيَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُ يُقِيمُ، فَتَحْفَظُ لَهُ مَتَاعَهُ، وَتُصْلِحُ لَهُ شَيْئَهُ، حَتَّى إذَا نَزَلَتْ الْآيَةُ {إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَكُلُّ فَرْجٍ سِوَاهُمَا فَهُوَ حَرَامٌ، انْتَهَى. وَسَكَتَ عَنْهُ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَإِنَّمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ شَيْءٌ مِنْ الرُّخْصَةِ فِي الْمُتْعَةِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ: حَيْثُ أَخْبَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى.

1 عند الترمذي في "نكاح المتعة" ص 145 - ج 1، وفيه:"وتصلح له شيئه".

ص: 182

‌بَابُ فِي الْأَوْلِيَاءِ والأكفاء

أَحَادِيثُ الْأَصْحَابِ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ: أَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ 2. - إلَّا الْبُخَارِيَّ - عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: " الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ، وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا"، انْتَهَى. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ شَارَكَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلِيِّ، ثُمَّ قَدَّمَهَا بِقَوْلِهِ: أَحَقُّ، وَقَدْ صَحَّ الْعَقْدُ مِنْهُ، فَوَجَبَ أَنْ يَصِحَّ مِنْهَا، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ": وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَثْبَتَ لَهَا حَقًّا، وَجَعَلَهَا أَحَقَّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ إلَّا الْمُبَاشَرَةُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا إلَّا بِإِذْنِهَا.

حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إنَّ أَبِي أَنْكَحَنِي رَجُلًا، وَأَنَا كَارِهَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِيهَا:"لَا نِكَاحَ لَك، اذْهَبِي، فَانْكِحِي مَنْ شِئْت"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَالْجَوَابُ: إنَّ الْمَوْجُودَ فِي "الصَّحِيحِ" 3 إنَّ أَبَاهَا أَنْكَحَهَا، وَهِيَ

2 عند الترمذي في "باب ما جاء في استئمار البكر والثيب" ص 143 - ج 1، وعند مسلم في "باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت" ص 455 - ج 1، وعند أبي داود في "باب في الثيب" ص 286 - ج 2، وعند النسائي في "باب استئمار الأب البكر في نفسها" ص 77 - ج 2، وعند مالك في "الموطأ - في باب استئذان البكر والأيم في نفسها" ص 189، وقال ابن الهمام في "الفتح" ص 393 - ج 2: والأيم من لا زوج لها، بكراً كانت، أو ثيباً، انتهى.

3 عند البخاري في "باب إذا زوج بنته وهي كارهة، فنكاحه مردود" ص 771 - ج 2، وقال الحافظ في "الدراية" ص 219: وهذا مرسل جيد، أخرجه سعيد بن منصور، انتهى

ص: 182

كَارِهَةٌ، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ، وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ خَنْسَاءَ بنت خدام، وَأَمَّا قَوْلُهُ: انْكِحِي مَنْ شِئْت، فَرَوَاهُ أَبُو سَلَمَةَ مُرْسَلًا. هَذَا، وَالْمُرْسَلُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَلَوْ قُلْنَا: إنَّهُ حُجَّةٌ، فَالْمُرَادُ تَخْيِيرُ الْأَكْفَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ1 عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ فِيهِ اخْتِلَافٌ، رَوَاهُ إسْرَائِيلُ، وَشَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرَوَاهُ 2 أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَزَيْدُ حُبَابٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، نَحْوَهُ، وَرَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ 3 عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرَوَى شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي مُرْسَلًا - وَأَسْنَدَهُ 4 بَعْضُ أَصْحَابِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ، وَلَا يَصِحُّ، وَرِوَايَةُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ"، عِنْدِي أَصَحُّ، لِأَنَّ سَمَاعَهُمْ مِنْ أَبِي إسْحَاقَ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَإِنْ كَانَ شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ أَحْفَظَ، وَأَثْبَتَ مِنْ جَمِيعِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا عَنْ أَبِي إسْحَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ، فَإِنَّ رِوَايَةَ هَؤُلَاءِ عِنْدِي أَشْبَهُ وَأَصَحُّ، لِأَنَّ شُعْبَةَ، وَالثَّوْرِيَّ سَمِعَا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ ثَنَا أَبُو دَاوُد ثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْت سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَسْأَلُ أَبَا إسْحَاقَ أَسَمِعْت أَبَا بُرْدَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ"؟ قَالَ: نَعَمْ، فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ سَمَاعَ شُعْبَةَ، وَالثَّوْرِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَإِسْرَائِيلُ هُوَ ثَبْتٌ فِي أَبِي إسْحَاقَ، انْتَهَى كَلَامُ التِّرْمِذِيِّ. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" 5 عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ شُعْبَةَ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى

1 عند الترمذي في "باب ما جاء لا نكاح إلا بولي" ص 141، وعند أبي داود في "باب في الولي" ص 284 - ج 1، وعند ابن ماجه في "باب لا نكاح إلا بولي" ص 136.

2 قلت: واسطة أبي إسحاق بين يونس، وأبي بردة، عند الترمذي، وهي منتفية في رواية أسباط، عند البيهقي في "السنن" والحاكم في "المستدرك".

3 قلت: أبو عبيدة الحداد اسمه: عبد الواحد بن واصل السدوسي البصري، سكن بغداد، وثقه الدارقطني، وابن حبان، وضعفه أحمد، إلا أنه في الجملة قد حمل عنه، ويحتمل لصدقة، انتهى من "التهذيب" ص 440 - ج 6.

4 أي روى شعبة، والثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وقد ذكر بعض أصحاب سفيان عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى، ولا يصح - أي ذكر أبي موسى - لأن سفيان أورد هذا الحديث في "مسنده" ولم يذكر فيه أبا موسى، انتهى. من هامش الترمذي.

5 عند الحاكم في "المستدرك" ص 169 - ج 2 في "باب لا نكاح إلا بولي".

ص: 183

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ"، انْتَهَى. قَالَ الْحَاكِمُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَكُنْ لِلشَّيْخَيْنِ إخْلَاءُ الصَّحِيحَيْنِ مِنْهُ، فَإِنَّ النُّعْمَانَ بْنَ عَبْدِ السَّلَامِ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، وَقَدْ وَصَلَهُ عَنْ الثَّوْرِيِّ، وَشُعْبَةَ جَمِيعًا، وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الثِّقَاتِ عَنْ الثَّوْرِيِّ، وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ جَدِّهِ، فَوَصَلُوهُ، فَأَمَّا إسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إسْحَاقَ الثِّقَةُ الْحُجَّةُ فِي حَدِيثِ جَدِّهِ أَبِي إسْحَاقَ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَنْهُ فِي وَصْلِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، وَأَبِي غَسَّانَ مَالِكِ بْنِ إسْمَاعِيلَ، وأحمد بن الخالد الْوَهْبِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ1، وَطَلْقِ بْنِ غَنَّامٍ، كُلُّهُمْ عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ بِهِ سَنَدًا، قَالَ: وَهَذِهِ الْأَسَانِيدُ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ، وَقَدْ وَصَلَهُ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ أَيْضًا جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُ مَنْ ذَكَرْنَاهُمْ، مِنْهُمْ: الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ رضي الله تعالى عنه، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَرَقَبَةُ بْنُ مَصْقَلَةَ، وَمُطَرِّفُ بْنُ طَرِيفٍ الْحَارِثِيُّ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلَالِيُّ، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَغَيْرُهُمْ، قَالَ: وَقَدْ وَصَلَهُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ جَمَاعَةٌ غَيْرُ أَبِي إسْحَاقَ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إسْحَاقَ بِهِ مُسْنَدًا، وَعَنْ أَبِي حُصَيْنٍ 2 عُثْمَانَ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ بِهِ مُسْنَدًا، قَالَ: وَلَسْت أَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي عَدَالَةِ يُونُسِ بْنِ أَبِي إسْحَاقَ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي وَقَعَ عَلَى أَبِيهِ مِنْ جِهَةِ أَصْحَابِهِ لَا مِنْ جِهَةِ أَبِي إسْحَاقَ، قَالَ: وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، وَالْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وعمران بن الحصين، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَكْثَرُهَا صَحِيحَةٌ، وَقَدْ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي الله عنهم، انْتَهَى كَلَامُهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد3، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنْ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ وَالْأَرْبَعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"،

1 قلت: وعد الحاكم منهم النضر بن شميل، دون عبد الله بن رجاء، وحديث عبد الله بن رجاء عن إسرائيل عن أبي إسحاق، عند الطحاوي: ص 5 - ج 2.

2 "أبي حصين" - بفتح الحاء، وكسر الصاد، وبنون تابعي، كذا في "هامش السنن الكبرى" ص 172 - ج 7.

3 عند أبي داود في "باب في الولي" ص 284 - ج 1، وعند الترمذي في "باب ما جاء لا نكاح إلا بولي" ص 141 - ج 1، وفي "المستدرك - في باب السلطان ولي من لا ولي له" ص 168.

ص: 184

وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ - فِي تَرْجَمَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى"، ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَلَقِيت الزُّهْرِيَّ فَسَأَلْته عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ، فَقُلْت لَهُ: إنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى حَدَّثَنَا بِهِ عَنْك، قَالَ: فَأَثْنَى عَلَى سُلَيْمَانَ خَيْرًا، وَقَالَ: أَخْشَى أَنْ يَكُونَ وَهِمَ عَلَيَّ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَهَذَا حَدِيثٌ جَلِيلٌ، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ فِي إبْطَالِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ الْكِبَارُ مِنْ النَّاسِ، مِنْهُمْ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَلَا يُعْرَفُ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَزَادَ فِيهِ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: ثُمَّ لَقِيت الزُّهْرِيَّ فَسَأَلْته عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ1، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْ جِهَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: ثُمَّ لَقِيت الزُّهْرِيَّ فَسَأَلْته عَنْهُ، فَأَنْكَرَهُ، فَضَعَّفُوا الْحَدِيثَ مِنْ أَجْلِ هَذَا، وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَذْكُرْ هَذَا عَنْ الزُّهْرِيِّ إلَّا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَضَعَّفَ يَحْيَى رِوَايَةَ إسْمَاعِيلَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، انْتَهَى. وَحِكَايَةُ ابْنِ جُرَيْجٍ هَذِهِ أَسْنَدَهَا الطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ الْآثَارِ" أَيْضًا2، فَقَالَ: وَذَكَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْهُ ابْنَ شِهَابٍ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ بِذَلِكَ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ": وَقَدْ أَوْهَمَ هَذَا الْخَبَرَ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ بِحِكَايَةٍ حَكَاهَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ: ثُمَّ لَقِيت الزُّهْرِيَّ فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْخَبَرِ، لِأَنَّ الضَّابِطَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ ثُمَّ يَنْسَاهُ، فَإِذَا سُئِلَ عَنْهُ لَمْ يَعْرِفْهُ، فَلَا يَكُونُ نِسْيَانُهُ دَالًّا عَلَى بُطْلَانِ الْخَبَرِ، وَهَذَا الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم خَيْرُ الْبَشَرِ صَلَّى فَسَهَا، فَقِيلَ له: أقصرت الصلات أَمْ نَسِيت؟ فَقَالَ: "كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ"، فَلَمَّا جَازَ عَلَى مَنْ اصْطَفَاهُ اللَّهُ لِرِسَالَتِهِ فِي أَعَمِّ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي هُوَ الصَّلَاةُ حِينَ نَسِيَ، فَلَمَّا سَأَلُوهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ نِسْيَانُهُ دَالًّا عَلَى بُطْلَانِ الْحُكْمِ الَّذِي نَسِيَهُ، كَانَ جَوَازُ النِّسْيَانِ عَلَى مَنْ دُونَهُ مِنْ أُمَّتِهِ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا بِمَعْصُومِينَ أَوْلَى، انْتَهَى. قَالَ الْحَاكِمُ 3 بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ: وَقَدْ صَحَّتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَثْبَاتِ بِسَمَاعِ الرُّوَاةِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، فَلَا تُعَلَّلُ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَقَوْلُ ابْنِ جُرَيْجٍ: سَأَلْت الزُّهْرِيَّ عَنْهُ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، فَقَدْ يَنْسَى

1 قال الحاكم في "المستدرك" ص 168 - ج 2: وقد تابع أبا عاصم على ذكر سماع ابن جريج من سليمان ابن موسى، وسماع سليمان بن موسى من الزهري عبد الرزاق بن همام، ويحيى بن أيوب، وعبد الله بن لهيعة، وحجاج ابن محمد المصيصي، انتهى. وراجع ما قال الحافظ في "التلخيص الحبير" ص 296.

2 ذكره الطحاوي: ص 5 - ج 2، قال أبو جعفر: وهم يسقطون الحديث بأقل من هذا، وحجاج بن أرطاة لا يثبتون له سماعاً من الزهري، وحديثه عنه عندهم مرسل، وهم لا يحتجون بالمرسل، وابن ليهعة - فهم ينكرون على خصمهم - الاحتجاج بحديثه، الخ.

3 ذكره الحاكم في: ص 168 - ج 2.

ص: 185

الثِّقَةُ الْحَافِظُ الْحَدِيثَ بَعْدَ أَنْ حَدَّثَ بِهِ، وَقَدْ اتَّفَقَ ذَلِكَ لِغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْحُفَّاظِ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ ثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: وَذَكَرَ عِنْدَهُ حِكَايَةَ ابْنِ عُلَيَّةَ فِي حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ: "لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ"، فَقَالَ: ابْنُ جُرَيْجٍ لَهُ كُتُبٌ مُدَوَّنَةٌ، وَلَيْسَ هَذَا فِيهَا - يَعْنِي حِكَايَةَ ابْنِ عُلَيَّةَ - انْتَهَى. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ": وَقَدْ أَعَلَّ مَنْ يُسَوِّي الْأَخْبَارَ عَلَى مَذْهَبِهِ هَذَا الْحَدِيثَ بِشَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَا رَوَاهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ عَنْهُ فَأَنْكَرَهُ، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ أَحْمَدَ، وَابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُمَا ضَعَّفَا رِوَايَةَ ابْنِ عُلَيَّةَ هَذِهِ، قَالَ: فَهَذَانِ إمَامَانِ قَدْ وَهَّنَا هَذِهِ الرِّوَايَةَ مَعَ وُجُوبِ قَبُولِ خَبَرِ الصَّادِقِ، وَإِنْ نَسِيَ مَنْ أَخْبَرَ عَنْهُ، الثَّانِي: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها رُوِيَ عَنْهَا مَا يُخَالِفُهُ، فَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا زَوَّجَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ غَائِبٌ بِالشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: وَمِثْلِي يُفْتَاتُ عَلَيْهِ؟! فَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: إنَّ ذَلِكَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا كُنْت لِأَرُدَّ أَمْرًا قَضَيْته، فَاسْتَقَرَّتْ حَفْصَةُ عِنْدَ الْمُنْذِرِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلَاقًا، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ"، كَمَا تَرَاهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَنَحْنُ نَحْمِلُ قَوْلَهُ: زَوَّجَتْ - أَيْ مَهَّدَتْ أَسْبَابَ التَّزْوِيجِ - وَأُضِيفَ النِّكَاحُ إلَيْهَا لِاخْتِيَارِهَا ذَلِكَ، وَإِذْنِهَا فِيهِ، ثُمَّ أَشَارَتْ عَلَى مَنْ وَلِيَ أَمْرَهَا عِنْدَ غَيْبَةِ أَبِيهَا حَتَّى عَقْدِ النِّكَاحِ. قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ مَا أَخْبَرْنَا، وَأُسْنِدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: كُنْت عِنْدَ عَائِشَةَ يُخْطَبُ إلَيْهَا الْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِهَا، فَتَشْهَدُ، فَإِذَا بَقِيَتْ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، قَالَتْ لِبَعْضِ أَهْلِهَا: زَوِّجْ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَلِي عَقْدَ النِّكَاحِ، وَفِي لَفْظٍ: فَإِنَّ النِّسَاءَ لَا يَنْكِحْنَ، قَالَ: إذَا كَانَ مَذْهَبُهَا مَا رُوِيَ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: زَوَّجَتْ، مَا ذَكَرْنَاهُ، فَلَا يُخَالِفُ مَا رَوَتْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: وَالْعَجَبُ مِنْ هَذَا الْمُحْتَجِّ بِحِكَايَةِ ابْنِ عُلَيَّةَ فِي رَدِّ هَذِهِ السُّنَّةِ، وَهُوَ يَحْتَجُّ بِرِوَايَةِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَهُوَ يَرُدُّهَا ههنا عَنْ الْحَجَّاجِ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِمِثْلِهِ، وَيَحْتَجُّ أَيْضًا بِرِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ فِي غَيْرِ موضع، ويردها ههنا عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِمِثْلِهِ، فَيَقْبَلُ رِوَايَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَةً إذَا وَافَقَتْ مَذْهَبَهُ، وَلَا يَقْبَلُ رِوَايَتَهُمَا مُجْتَمِعَةً، إذَا خَالَفَتْ مَذْهَبَهُ، وَمَعَهُمَا رِوَايَةُ ثِقَةٍ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَاحْتَجَّ أَيْضًا لِمَذْهَبِهِ بِتَزْوِيجِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أُمَّهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ صَغِيرٌ، قَالَ: وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جَائِزًا بِغَيْرِ وَلِيٍّ لَأَوْجَبَتْ الْعَقْدَ بِنَفْسِهَا، وَلَمْ تَأْمُرْ غَيْرَهَا، فَلَمَّا أَمَرَتْ بِهِ غَيْرَهَا بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إيَّاهَا - عَلَى مَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ - دَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَلِي عَقْدَ النِّكَاحِ، وَقَوْلُ مَنْ زَعَمَ: إنَّهُ زَوَّجَهَا بِالْبُنُوَّةِ يُقَابَلُ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ: بَلْ زَوَّجَهَا بِأَنَّهُ كَانَ مِنْ بَنِي أَعْمَامِهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْهُ،

ص: 186

وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَأُمُّ سَلَمَةَ هِيَ هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، فَتَزَوُّجُهُ بِهَا كَانَ بِوَلِيٍّ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ نِكَاحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يَفْتَقِرُ إلَى وَلِيٍّ، وَتَزْوِيجُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، انْتَهَى كَلَامُهُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ": وَإِنْكَارُ الزُّهْرِيِّ الْحَدِيثَ لَا يَطْعَنُ في روايته، لأن الثقات قَدْ يَرْوِي وَيَنْسَى، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ 1: كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يُحَدِّثُ نَاسًا، ثُمَّ يَقُولُ: لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِي وَلَا أَعْرِفُهُ، وَرُوِيَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ حَدِيثٌ فَأَنْكَرَهُ، فَقَالَ لَهُ رَبِيعَةُ: أَنْتَ حَدَّثْتنِي بِهِ عَنْ أَبِيك، فَكَانَ سُهَيْلُ يَقُولُ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ عَنِّي، وَقَدْ جَمَعَ الدَّارَقُطْنِيُّ جزءً فِيمَنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الزُّهْرِيَّ نَسِيَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَقُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنُ إسْحَاقَ، فَدَلَّ عَلَى ثُبُوتِهِ عَنْهُ، فَحَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْهُ، وَحَدِيثُ.. (*) قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى لَيْسَ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ، بَلْ هُوَ صَدُوقٌ، وَقَالَ فِيهِ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مُخْتَلِفَ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ، فَرُوِيَ كما تقدم في حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا:"لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ، وَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ له"، والحجاج ضعيف، رواه ابْنُ مَاجَهْ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ 2 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ ثَنَا أَبِي عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا:"لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ، وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ"، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَوَاهُ عَنْ هِشَامٍ سَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ، وَنُوحُ بْنُ دَرَّاجٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَكِيمٍ، وَقَالُوا فِيهِ: وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ، وَأَبُوهُ ضَعِيفَانِ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ أَبِي الْخَصِيبِ عَنْ هِشَامٍ بِهِ مَرْفُوعًا: لَا بُدَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَرْبَعَةٍ: الْوَلِيِّ، وَالزَّوْجِ، وَالشَّاهِدَيْنِ، وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا، وَأَبُو الْخَصِيبِ اسْمُهُ: نَافِعُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ 3 عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ زَوَّجَ أُخْتًا لَهُ، فَطَلَّقَهَا الرَّجُلُ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَخْطُبُهَا، فَقَالَ: زَوَّجْتُك كَرِيمَتِي فَطَلَّقْتهَا، ثُمَّ أَنْشَأْت تَخْطُبُهَا؟! فَأَبَى أَنْ يُزَوِّجَهُ، وَهَوِيَتْهُ الْمَرْأَةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} ، انْتَهَى.

1 قال البيهقي في "السنن" ص 106 - ج 7: سئل أحمد بن حنبل رحمه الله عن حديث الزهري في "النكاح بلا ولي" فقال روح الكرابيسي: الزهري قد نسيي هذا الحديث، الخ.

2 عند الدارقطني: ص 384.

3 عند البخاري في "النكاح - باب من قال: لا نكاح إلا بولي" ص 770 - ج 2، وهذا اللفظ عند الدارقطني ص 382.

(*) ههنا بياض ثلاثة أسطر في النسخة المخطوطة - الدار - ولم نستدرك السقطة إلى الآن، فلعل الله يحدث بعد ذلك أمراً [البجنوري] .

ص: 187

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ 1 عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ، وَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ"، وَالْحَجَّاجُ ضَعِيفٌ، وَفِي سماعه عن عِكْرِمَةَ نَظَرٌ، قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": قَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَلَكِنْ رُوِيَ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْهُ، لَكِنَّ الطَّبَرَانِيَّ رَوَاهُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ بِهِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَلَهُ طُرُقٌ أُخْرَى كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" 2 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، وَقَالَ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إلَّا أَنَّهُ مَحْفُوظٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ إلَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي يعقوب عن بْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ جَمِيلِ بْنِ الْحَسَنِ الْجَهْضَمِيِّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْعُقَيْلِيُّ ثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُزَوِّجْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الْجَرْمِيِّ ثَنَا مَخْلَدٍ بْنُ الْحُسَيْنِ ثَنَا هِشَامٌ بِهِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَجَمِيلٌ، وَمُسْلِمٌ هَذَانِ لَا يُعْرَفَانِ، قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": أَمَّا جَمِيلٌ فَهُوَ ابْنُ الْحَسَنِ الْأَزْدِيُّ الْعَتَكِيُّ الْأَهْوَازِيُّ مَشْهُورٌ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ أَبِي دَاوُد، وَخَلَفٌ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُهُ، وَمُسْلِمٌ الْجَرْمِيِّ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرحمن، قال ابن أبي حاتم: هُوَ مِنْ الثِّقَاتِ، رَوَى عَنْ مَخْلَدٍ بْنِ حُسَيْنٍ، وَرَوَى عَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ أَيْضًا هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ: سَأَلْت يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ رِوَايَةِ مَخْلَدٍ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، قُلْت: تَذَكَّرْت لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، كَانَ عِنْدَنَا شَيْخٌ يَرْفَعُهُ عَنْ مَخْلَدٍ، وَرَوَاهُ بَحْرُ بْنُ نَضْرٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ بَكْرٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا، وَهُوَ أَشْبَهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَحَادِيثَ وَاهِيَةً ضَعِيفَةً، أَضْرَبْنَا عَنْ ذِكْرِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ الوسط" حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ الرِّيبُونِيُّ ثَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الرَّقِّيِّ ثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: "لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ، فَإِنْ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ بَكْرِ بْنِ بَكَّارَ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحْرِزٍ

1 عند ابن ماجه "باب لا نكاح إلا بولي" ص 136، ولفظه: السلطان ولي من لا ولي له، ليس في هذا الحديث، بل فيما رواه حجاج عن الزهري عن عروة عن عائشة.

2 عند الدارقطني في "النكاح" ص 382.

ص: 188

عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحْرِزٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"، وَهُمَا مَعْلُولَانِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحْرِزٍ، وَفِي الْأَوَّلِ أَيْضًا بَكْرُ بْنُ بَكَّارَ، وَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ 1 عَنْ ثَابِتِ بْنِ زُهَيْرٍ، قَالَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، قَالَهُ ابْنُ عَدِيٍّ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ" عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ 2 بْنِ مُحَمَّدٍ أَبِي عَلِيٍّ الْكِنْدِيِّ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْجَرَّاحِ الْحَسَّانِيُّ ثَنَا أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ خَصِيفٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ: قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ إلَّا أَحْمَدُ هَذَا، وَهُوَ بَاطِلٌ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عبيد فِي "الْكَامِلِ" عَنْ عُمَرَ بن صبيح بْنِ عِمْرَانَ التَّمِيمِيِّ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ الْأَصْبَغِ بْنِ ثُمَامَةَ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيٍّ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ"، وَضَعَّفَهُ مَعْمَرُ بْنُ صُبَيْحٍ، قَالَ: وَقَدْ اضْطَرَبَ فِيهِ، فَمَرَّةً رَوَاهُ هَكَذَا، وَمَرَّةً رَوَاهُ عَنْ مُقَاتِلٍ عَنْ قَبِيصَةَ عَنْ مُعَاذٍ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ عن إسماعيل بن يوسف الْبَصْرِيِّ ثَنَا هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُجَاشِعِيُّ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَقَالَ: إسْمَاعِيلُ هَذَا يَسْرِقُ الْحَدِيثَ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ أَيْضًا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَأَسْنَدَ تَضْعِيفَ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ أَبِي دَاوُد، وَأَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنِ مَعِينٍ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ 3 الْعَرْزَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، وَأَسْنَدَ تَضْعِيفَ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ الْبُخَارِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنِ مَعِينٍ، وَوَافَقَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ عَلَى الْعَرْزَمِيِّ، فَرُوِيَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَمَرَّةً كَمَا أَخْبَرْنَا، فَأُسْنِدَ عَنْ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَمَرَّةً كَمَا أَخْبَرْنَا، فَأُسْنِدَ عَنْهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَهَذِهِ الِاخْتِلَافَاتُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كُلُّهَا غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ، انْتَهَى.

1 عند الدارقطني عن ثابت بن زهير عن نافع عن ابن عمر الحديث: ص 382.

2 أحمد بن عبد الله بن محمد أبو علي الكندي الخراساني، عرف باللجلاج، قال ابن عدي: له مناكير وأباطيل، وله أشياء يتفرد بها من طريق أبي حنيفة، كذا في "اللسان".

3 محمد بن عبيد الله بن أبي سليمان العرزمي أبو عبد الرحمن الكوفي، قال في "الخلاصة": العرزمي - بفتح العين، الزاي بعد الراء الساكنة - كذا في "هامش التهذيب" ص 322 - ج 9.

ص: 189

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي "مُسْنَدِهِ" حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِصْمَةَ النَّصِيبِيُّ ثَنَا حَمْزَةُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا صَدَاقُهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فرّق بينهما، وَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ"، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ رَاهْوَيْهِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْيَةِ"، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تَفَرَّدَ بِهِ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَفِي لَفْظِهِ التَّفْرِيقُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ فِي إبْطَالِ النِّكَاحِ، دُونَ لَفْظِ التَّفْرِيقِ، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ إجْبَارِ الْبِكْرِ الْبَالِغِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَيْسَ لِلْوَلِيِّ إجْبَارُ الْبِكْرِ البالغ عَلَى النِّكَاحِ، وَخَالَفَهُمْ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ.

لِأَصْحَابِنَا حَدِيثٌ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ1، وَأَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ حُسَيْنٍ ثَنَا جَرِيرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَتْ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى. وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ أَحَدُ الثِّقَاتِ الْمُخَرَّجُ له فِي "الصَّحِيحَيْنِ"، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ2، وَقَالَ: أَخْطَأَ فِيهِ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَلَى أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ، وَالْمَحْفُوظُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ مُرْسَلًا، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ حِبَّانَ عَنْ أَيُّوبَ مَوْصُولًا، وَزَيْدٌ مُخْتَلَفٌ فِي تَوْثِيقِهِ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "عِلَلِهِ" 3 سَأَلْت أَبِي عَنْ حَدِيثِ حُسَيْنٍ، فَقَالَ: هُوَ خَطَأٌ، إنَّمَا هُوَ كَمَا رَوَى الثِّقَاتُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَقُلْت لَهُ: الْوَهَمُ مِمَّنْ؟ فَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ حُسَيْنٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ غَيْرُهُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ: قَدْ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ أَيْضًا، كَمَا رَوَاهُ حُسَيْنٌ، فَبَرِئَتْ عُهْدَتُهُ، وَزَالَتْ تَبِعَتُهُ، ثُمَّ رَوَاهُ بِإِسْنَادِهِ، قال: ورواه أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْد هَكَذَا عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَيُّوبَ مَوْصُولًا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ حِبَّانَ عَنْ أَيُّوبَ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، قَالَ: وَلَيْسَتْ هَذِهِ خَنْسَاءَ بنت خدام الَّتِي زَوَّجَهَا أَبُوهَا، وَهِيَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْهُ، فَرَدَّ عليه السلام نِكَاحَهُ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، فَإِنَّ تِلْكَ ثَيِّبٌ، وَهَذِهِ بِكْرٌ، وَهُمَا ثِنْتَانِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى

1 عند أبي داود في "النكاح - باب في البكر يزوجها أبوها ولا يستأمرها" ص 288، وعند ابن ماجه "باب من زوج ابنته وهي كارهة" ص 136.

2 ذكره البيهقي في "السنن - باب ما جاء في إنكاح الآباء الأبكار" ص 117 - ج 7.

3 ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" ص 417.

ص: 190

أَنَّهُمَا ثِنْتَانِ مَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ 1 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّ نِكَاحَ بِكْرٍ، وَثَيِّبٍ أَنْكَحَهُمَا أَبُوهُمَا وَهُمَا كَارِهَتَانِ، انْتَهَى. قُلْت: أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ" 2 حَدِيثَ خَنْسَاءَ، وَفِيهِ أَنَّهَا كَانَتْ بِكْرًا، رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَنْسَاءَ، قَالَتْ: أَنْكَحَنِي أَبِي وَأَنَا كَارِهَةٌ، وَأَنَا بِكْرٌ، فَشَكَوْت ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"لَا تُنْكِحْهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ"، انْتَهَى. قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ": وَقَعَ فِي كِتَابِ النَّسَائِيّ أَنَّهَا كَانَتْ بِكْرًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا، كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَتَزَوَّجَتْ خَنْسَاءُ بِمَنْ هَوِيَتْهُ، وَهُوَ أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، صَرَّحَ بِهِ فِي "سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ"، فَوَلَدَتْ لَهُ السَّائِبَ بْنَ أَبِي لُبَابَةَ، فَأَمَّا الْجَارِيَةُ الْبِكْرُ فَهِيَ غَيْرُ الْخَنْسَاءِ، رَوَى حَدِيثَهَا ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٌ، وَعَائِشَةُ، عِنْدَ أَبِي دَاوُد، مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ 3 عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ": إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِيُطَيِّبَ قَلْبَهَا.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ 4 عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ، وَهِيَ بِكْرٌ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهَا، فَأَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هَذَا وَهَمٌ مِنْ شُعَيْبٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَقَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ: لَمْ يَسْمَعْهُ الْأَوْزَاعِيُّ مِنْ عَطَاءٍ، وَالْحَدِيثُ فِي الْأَصْلِ مُرْسَلٌ لَفْظًا، إنَّمَا رَوَاهُ الثِّقَاتُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ النَّبِيِّ مُرْسَلٌ: وَقَدْ رُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخْرَى ضَعِيفَةٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ 5 عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِكْرًا، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، فَرَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نِكَاحَهَا، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى6، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنْتَزِعُ النِّسَاءَ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ ثَيِّبًا وَأَبْكَارًا بَعْدَ أَنْ يُزَوِّجَهُنَّ الْآبَاءُ إذَا كَرِهْنَ ذَلِكَ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ مِنْ نَافِعٍ، إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ، وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: بَاطِلٌ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": سُئِلَ الدَّارَقُطْنِيُّ

1 عند الدارقطني: ص 387.

2 أخرجه النسائي في "الكبرى" عن الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن يزيد بن وديعة عن خنساء، وكذلك أخرجه الطبراني عن ابن المبارك عنه، وهي رواية شاذة، والأول - أي أنها ثيب - أرجح، كذا في هوامش الدارقطني: ص 388.

3 عند مسلم في "النكاح - باب استئذان الثيب في النكاح، والبكر بالسكوت" ص 455 - ج 1.

4 عند الدارقطني: ص 387.

5 عند الدارقطني: ص 388.

6 عند الدارقطني: ص 385.

ص: 191

عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: يَرْوِيهِ صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظٍ آخَرَ، وَبَيَّنَ فِيهِ أَنَّ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ سَمِعَهُ مِنْ نَافِعٍ، وَأَتَى بِهِ بِطُولِهِ عَلَى الصَّوَابِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ عَنْ عُمَرَ، وَمَنْ قَالَ فِيهِ: عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ فَقَدْ وَهِمَ، وَقَدْ رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْر عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ، وَالصَّحِيحُ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ نافع، وفي الْأَحَادِيثِ بَيَانُ أَنَّ التَّزْوِيجَ كَانَ مِنْ قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ أَخِي عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ لِأَبِيهِ، وَهُوَ عَمُّهَا، وَهُوَ أَصَحُّ مِمَّنْ قَالَ: زَوَّجَهَا أَبُوهَا، لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إنَّمَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهَا عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، وَهُوَ خَالُ ابْنِ عُمَرَ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ الذِّمَارِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامٍ صَاحِبِ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّ نِكَاحَ بِكْرٍ وَثَيِّبٍ أَنْكَحَهُمَا أَبُوهُمَا، وَهُمَا كَارِهَتَانِ، فَرَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نِكَاحَهُمَا، انْتَهَى. قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": إسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ هَذَا، هُوَ ابْنُ جُوتِيٍّ الطَّبَرِيُّ1، وَهُوَ ضَعِيفٌ، لَكِنَّهُ لَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ عَنْ الذِّمَارِيِّ، فَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ مُسْلِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ الذِّمَارِيِّ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَهِمَ فِيهِ الذِّمَارِيُّ عَنْ الثَّوْرِيِّ، وَالصَّوَابُ عَنْ يَحْيَى عَنْ الْمُهَاجِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَهُوَ فِي "جَامِعِ الثَّوْرِيِّ"، كَمَا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مُرْسَلًا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ غَيْرُ الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَامٍ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ2، وَأَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ فَتَاةٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي مِنْ خَسِيسَتِهِ، قَالَ: فَجَعَلَ الْأَمْرَ إلَيْهَا، فَقَالَتْ: إنِّي قَدْ أَجَزْت مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْت أَنْ تُعَلِّمَ النِّسَاءَ أَنْ لَيْسَ إلَى الْآبَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ 3: هَذَا مُرْسَلٌ، ابْنُ بُرَيْدَةَ، لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ، وَإِنْ صَحَّ، فَإِنَّمَا جَعَلَ الْأَمْرَ إلَيْهَا لِوَضْعِهَا فِي غَيْرِ كُفْءٍ، انْتَهَى. قُلْت: هَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ

1 جوتي - بجيم، ومثناة - إسحاق بن إبراهيم بن جوتي الصنعاني، كذا في "هامش اللسان" ص 344 - ج 1.

2 عند النسائي في "باب البكر يزوجها أبوها وهي كارهة" ص 77 - ج 2، وعند ابن ماجه في "النكاح" ص 136.

3 راجع البيهقي: ص 118 - ج 7، قوله: هذا مرسل، ابن بريدة لم يسمع من عائشة، قال ابن التركماني: قلت: إذا نقل الحكم مع سببه، فالظاهر تعلقه به، وتعلقه بغيره محتاج إلى دليل، وقد نقل الحكم، وهو التخيير، وذكر السبب، وهو كراهية الثيب، ولم يذكر سبب آخر، وابن بريدة ولد سنة خمسة عشرة، وسمع جماعة من الصحابة، وقد ذكر مسلم في - مقدمة كتابه - أن المتفق عليه أن إمكان اللقاء والسماع يكفي للاتصال، ولا شك في إمكان سماع ابن بريدة من عائشة، على أن صاحب "الكمال" صرح بسماعه منها، انتهى. وقال الحافظ في "التهذيب" ص 157 - ج 5: عبد الملك بن بريدة بن الحصيب الأسلمي سمع من عائشة، انتهى.

ص: 192

أَيُّوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ غُرَابٍ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ" حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ الثري ثَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَتْ فَتَاةٌ، الْحَدِيثَ، سَوَاءٌ، وَيُنْظَرُ مُسْنَدُ أَحْمَدَ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَجُمْهُورُ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ زَوَّجَ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ 1 وَقَوْلهَا: زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ، يَكُونُ ابْنَ عَمِّهَا.

أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" 2 عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا فِي نَفْسِهَا، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ": وَوَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّهُ قَسَّمَ النِّسَاءَ قِسْمَيْنِ: ثَيِّبًا، وَأَبْكَارًا، ثُمَّ خَصَّ الثَّيِّبَ بِأَنَّهَا أَحَقُّ مِنْ وَلِيِّهَا، مَعَ أَنَّهَا هِيَ وَالْبِكْرُ اجْتَمَعَا فِي ذِهْنِهِ، فَلَوْ أَنَّهَا كَالثَّيِّبِ فِي تَرَجُّحِ حَقِّهَا عَلَى حَقِّ الْوَلِيِّ، لَمْ يَكُنْ لِإِفْرَادِ الثَّيِّبِ بِهَذَا مَعْنًى، وَصَارَ هَذَا كَقَوْلِهِ: فِي سَائِمَةِ الغنم الزكاة، ففإن قَالُوا: قَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا بِلَفْظِ: الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا، وَالْأَيِّمُ: هِيَ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا، بِكْرًا كَانَتْ، أَوْ ثَيِّبًا، قُلْنَا: الْمُرَادُ بِالْأَيِّمِ أَيْضًا الثَّيِّبُ، لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْبِكْرَ، عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ الثَّيِّبَ، إذْ لَيْسَ قِسْمٌ ثَالِثٌ، قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": لَا دَلَالَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْبِكْرَ لَيْسَتْ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا، إلَّا مِنْ جِهَةِ الْمَفْهُومِ، وَالْحَنَفِيَّةُ لَا يَقُولُونَ بِهِ، ثُمَّ عَلَى تَقْدِيرِ الْقَوْلِ بِهِ - كَمَا هُوَ الصَّحِيحُ - لَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى إجْبَارِ كُلِّ بِكْرٍ، لِأَنَّ الْمَفْهُومَ لَا عُمُومَ لَهُ، فَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ هِيَ دُونَ الْبُلُوغِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ قَدْ خَالَفَهُ مَنْطُوقُهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ، وَالِاسْتِئْذَانُ مُنَافٍ لِلْإِجْبَارِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّفْرِيقُ فِي الْحَدِيثِ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ، لِأَنَّ الثَّيِّبَ تُخْطَبُ إلَى نَفْسِهَا، فَتَأْمُرُ الْوَلِيَّ بِتَزْوِيجِهَا، وَالْبِكْرُ تُخْطَبُ إلَى وَلِيِّهَا، فَيَسْتَأْذِنُهَا، وَلِهَذَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فِي كَوْنِ الثَّيِّبِ إذْنُهَا الْكَلَامُ، وَالْبِكْرُ إذْنُهَا الصُّمَاتُ، لِأَنَّ البكر لما كانت تستحيي أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي أَمْرِ نِكَاحِهَا، لَمْ تُخْطَبْ إلَى نَفْسِهَا، وَالثَّيِّبُ تُخْطَبُ إلَى نَفْسِهَا لِزَوَالِ حَيَاءِ الْبِكْرِ عَنْهَا، فَتَتَكَلَّمُ بِالنِّكَاحِ، وَتَأْمُرُ وَلِيَّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا، فَلَمْ يَقَعْ التَّفْرِيقُ فِي الْحَدِيثِ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ لِأَجْلِ الْإِجْبَارِ، وَعَدَمِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انتهى كلامه.

قَالَ أَصْحَابُنَا: يَمْلِكُ الْوَلِيُّ إجْبَارَ الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ عَلَى النِّكَاحِ، وَخَالَفَهُمْ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، لَهُمَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمُ مَرْفُوعًا:" الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَحَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:"لَا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ3، وَحَدِيثُ

1 قال ابن الهمام: كيف زوج من غير كفء، وقد كان ابن عمها، انتهى.

2 عند مسلم في "النكاح - باب استئذان الثيب في النكاح" ص 455.

3 عند مسلم في "النكاح" ص 455 - ج 1.

ص: 193

خَنْسَاءَ بنت خدام أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، وَكَانَتْ ثَيِّبًا، فَرَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نِكَاحَهُ، انْتَهَى. انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ 1 عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ"، انْتَهَى 2. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ 3 وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْهُ صَالِحٌ مِنْ نَافِعٍ، إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْهُ، اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ إسْحَاقَ، وَسَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ صَالِحٍ، وَكَأَنَّ مَعْمَرًا أَخْطَأَ فِيهِ، قَالَ النَّيْسَابُورِيُّ: وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ مَعْمَرًا أَخْطَأَ فِيهِ، قَالَ النَّسَائِيُّ: لَعَلَّ صَالِحَ بْنَ كَيْسَانَ سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ إسْحَاقَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فَقَالَ: ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، ثُمَّ ذَكَرَهُ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحٍ عَنْ نَافِعٍ، وَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا، قَالَ صَالِحٌ: إنَّمَا سَمِعْته مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "الْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا، فَإِنْ سَكَتَتْ فَقَدْ رَضِيَتْ"، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرَوَى الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ" 4، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ إذْنُهَا؟ قَالَ:

1 عند أبي داود في "باب في الثيب" ص 286، وعند النسائي "باب استئذان البكر في نفسها" ص 77 - ج 2، وقال ابن قدامة المقدسي في "المحرر": رواه أبو داود، والنسائي، وأبو حاتم البستي، والدارقطني، انتهى.

2 قال الجصاص الرازي في "أحكام القرآن" ص 475 - ج 1: فقوله: ليس للولي مع الثيب أمر، يسقط اعتبار الولي في العقد، وقوله: الأيم أحق بنفسها من وليها، يمنع أن يكون له حق في منعها العقد على نفسها، كقوله صلى الله عليه وسلم:"الجار أحق بصقبه"، وقوله لأم الصغير:"أنت أحق به ما لم تنكحي"، فنفى بذلك كله أن يكون له معها حق، ويدل عليه حديث الزهري عن سهل بن سعد في المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه السلام: ما لي في النساء من أرب، فقام رجل فسأله أن يزوجها، فزوجها، ولم يسألها: هل لها ولي أم لا، ولم يشترط الولي في جواز عقدها، وخطب النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة فقالت: ما أحد من أوليائي شاهد، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"ما أحد من أوليائك شاهد ولا غائب يكرهني"، فقالت لابنها، وهو غلام صغير: قم فزوج أمك، الخ.

3 عند الدارقطني: ص 389 عن إسحاق عن صالح بن كيسان به.

4 قال ابن التركماني في "الجوهر النقي على هامش سنن البيهقي" ص 114 - ج 7: وقوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تنكح البكر حتى تستأذن" دليل على أن البكر البالغة لا يجبرها أبوها ولا غيره، قال شارح "العمدة": وهو مذهب أبي حنيفة، وتمسكه بالحديث قوي، لأنه أقرب إلى العموم في لفظ البكر، وربما يزاد على ذلك بأن يقال: الاستئذان إنما يكون في حق من له إذن، ولا إذن للصغيرة، فلا تكون داخلة تحت الارادة، ويختص الحديث بالبالغات، فيكون أقرب إلى التناول، وقال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنكح البكر حتى تستأذن"، وهو قول عام، وكل من عقد على خلاف ما شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو باطل، وليس لأحد =

ص: 194

"أَنْ تَسْكُتَ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ1 عَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُسْتَأْمَرُ النِّسَاءُ فِي أَبْضَاعِهِنَّ؟ قَالَ:"نَعَمْ"، قُلْت: فَإِنَّ الْبِكْرَ تُسْتَأْمَرُ، فَتَسْتَحِي، فَتَسْكُتُ، قَالَ:"سُكُوتُهَا إذْنُهَا"، انْتَهَى. وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ فِي "الْإِكْرَاهِ"، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: قَالَتْ: سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْجَارِيَةِ يُنْكِحُهَا أَهْلُهَا أَتُسْتَأْمَرُ أَمْ لَا؟ قَالَ: " نَعَمْ تُسْتَأْمَرُ"، قُلْت: فَإِنَّهَا تَسْتَحِي، قَالَ:"ذَلِكَ إذْنُهَا، إذَا هِيَ سَكَتَتْ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ - خَلَا الْبُخَارِيَّ - عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا" انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ2: "الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا"، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام: "الثَّيِّبُ تُشَاوَرُ"، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ قَرِيبًا.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام: "النِّكَاحُ إلَى الْعَصَبَاتِ"، قُلْت:......... 3

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: "السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ"، قُلْت: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ4، فَإِنْ

= أن يستثنى من السنة إلا سنة مثلها، فلما ثبت أن أبا بكر الصديق زوج عائشة من النبي صلى الله عليه وسلم وهي صغيرة، لا أمر لها، كان ذلك مستثنى منه، انتهى كلامه. وقوله عليه السلام في حديث ابن عباس:"والبكر يستأذنها أبوها"، صريح في أن الأب لا يجبر البكر البالغ، ويدل عليه أيضاً حديث جرير عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له أن أباها زوجها، وهي كارهة، الحديث، فترك الشافعي منطوق هذه الأدلة واستدل بمفهوم حديث:"الثيب أحق بنفسها"، قال: هذا يدل على أن البكر بخلافها، قال ابن رشد: العموم أولى من المفهوم بلا خلاف، لا سيما وفي حديث مسلم: البكر يستأمرها أبوها، وهو نص في موضع الخلاف، وقال ابن حزم: ما نعلم لمن أجاز على البكر البالغة إنكاح أبيها لها بغير أمرها متعلقاً أصلاً، وذهب ابن جرير أيضاً إلى أن البكر البالغة لا تجبر، وأجاب عن حديث: الأيم أحق بنفسها، بأن الأيم من لا زوج له، رجلاً أو امرأة، بكراً أو ثيباً، لقوله تعالى:{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ} وكرر ذكر البكر بقوله: والبكر تستأذن، وإذنها صماتها، للفرق بين الاذنين. إذن الثيب، وإذن البكر، ومن أول الأيم، بالثيب أخطأ في تأويله، وخالف سلف الأمة وخلفها في إجازتهم لوالد الصغيرة تزويجها، بكراً كانت، أو ثيباً، من غير خلاف، وفي "التمهيد" ملخصاً، قال أبو حنيفة، وأصحابه، والثوري، والأوزاعي، والحسن بن حي، وأبو ثور، وأبو عبيد: لا يجوز للأب أن يزوج بنته البالغة بكراً، أو ثيباً إلا بإذنها، والأيم التي لا بعل لها بكراً، أو ثيباً، فحديث: الأيم أحق بنفسها، وحديث: لا تنكح البكر حتى تستأذن، على عمومهما، وخص منهما الصغيرة، لقصة عائشة، انتهى.

1 عند البخاري في "كتاب الاكراه" ص 1027 - ج 2، وعند مسم في "باب استئذان الثيب" ص 455 - ج 1.

2 وفي لفظ لمسلم: "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأذنها أبوها في نفسها، وإذنها صماتها".

3 هنا بياض في الأصل الذي بيدنا وفي نسخة الدار أيضاً [البجنوري] .

4 وعن أم سلمة أن جارية زوجها أبوها، وأرادت أن تزوج رجلا آخر، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فنزعها من الذي زوجها أبوها، وزجها النبي صلى الله عليه وسلم من الذي أرادت، انتهى. قال الهيثمي في "المجمع" ص 280: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

ص: 195

دَخَلَ بِهَا فَالْمَهْرُ لَهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا، وَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"، وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، انْتَهَى. وَفِيهِ كَلَامٌ تَقَدَّمَ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ، وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَكُلُّهَا مَعْلُولَةٌ.

فَصْلٌ فِي الْكَفَاءَةِ

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ عليه السلام: "أَلَا لَا تُزَوِّجُ النِّسَاءَ إلَّا الْأَوْلِيَاءُ، وَلَا يُزَوَّجْنَ إلَّا مِنْ الْأَكْفَاءِ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنَيْهِمَا" 1 عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ عَطَاءٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُنْكِحُوا النِّسَاءَ إلَّا الْأَكْفَاءَ، وَلَا يُزَوِّجْهُنَّ إلَّا الْأَوْلِيَاءُ، وَلَا مَهْرَ دُونَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ"، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، أَحَادِيثُهُ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا، انْتَهَى. وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: أَحَادِيثُ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ مَوْضُوعَةٌ كَذِبٌ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": وَهُوَ كَمَا قَالَ، لَكِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَيُدَلِّسُ عَلَى الضُّعَفَاءِ، انْتَهَى. قُلْت: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، فَذَكَرَهُ، وَعَنْ أَبِي يَعْلَى رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ"، وَقَالَ: مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ يَرْوِي عَنْ الثِّقَاتِ الْمَوْضُوعَاتِ، لَا يَحِلُّ كَتْبُ حَدِيثِهِ إلَّا عَلَى جِهَةِ التَّعَجُّبِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَالْعُقَيْلِيُّ فِي "كِتَابَيْهِمَا" وَأَعَلَّاهُ بِمُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَأَسْنَدَ الْعُقَيْلِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ وَصَفَهُ بِالْوَضْعِ وَالْكَذِبِ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ 2: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ بِمُرَّةَ، وَفِي اعْتِبَارِ الْأَكْفَاءِ أَحَادِيثُ لَا تَقُومُ بِأَكْثَرِهَا الْحُجَّةُ، وَأَمْثَلُهَا حَدِيثُ عَلِيٍّ: ثَلَاثَةٌ لَا تُؤَخِّرُهَا، وَفِيهِ: وَالْأَيِّمُ إذَا وَجَدَتْ كُفُؤًا، انْتَهَى. قُلْت: هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ 3 فِي "الصَّلَاةِ - فِي الْجَنَائِزِ" حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهُ:"يَا عَلِيُّ، ثَلَاثٌ لَا تُؤَخِّرْهَا: الصَّلَاةُ إذَا آنَتْ، وَالْجِنَازَةُ إذَا حَضَرَتْ، وَالْأَيِّمُ إذا وجدت لها كفؤاً"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي "الْجَنَائِزِ": حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَمَا أَرَى

1 عند الدارقطني: ص 392 في "النكاح" وعند البيهقي في "السنن - باب في اعتبار الكفاءة" ص 133 - ج 7.

2 راجع "سنن البيهقي - باب اعتبار الكفاءة" ص 132، وص 133 - ج 7.

3 عند الترمذي في "الجنائز - باب تعجيل الجنائز" ص 139 - ج 1.

ص: 196

إسْنَادَهُ مُتَّصِلًا، انْتَهَى. قُلْت: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ 1 - فِي النِّكَاحِ" كَذَلِكَ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. إلَّا أَنِّي وَجَدْته، قَالَ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيِّ، عَوَّضَ: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ، فَلْيُنْظَرْ، وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى اعْتِبَارِ الْكَفَاءَةِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِاشْتِرَاطِهَا، وَلَا ذَكَرَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَالْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي اشْتِرَاطِهَا، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" 2: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَصْلُ الْكَفَاءَةِ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ حَدِيثِ بَرِيرَةَ، لِأَنَّهُ عليه السلام إنَّمَا خَيَّرَهَا، لِأَنَّ زَوْجَهَا لم يكن كفؤاً، انْتَهَى. وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ" عَلَى اشْتِرَاطِهَا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ عليه السلام، قَالَ:"تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ، وَأَنْكِحُوا الْأَكْفَاءَ"، وَهَذَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، مِنْ طُرُقٍ عَدِيدَةٍ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، اسْتَوْفَيْنَاهَا، وَالْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي "كِتَابِ الْإِسْعَافِ - بِأَحَادِيثِ الْكَشَّافِ - فِي أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ"، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ لِأَصْحَابِنَا فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْكَفَاءَةِ بِمَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَأَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ فَتَاةٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي مِنْ خَسِيسَتِهِ، قَالَ: فَجَعَلَ الْأَمْرَ إلَيْهَا، فَقَالَتْ: إنِّي قَدْ أَجَزْت مَا صنع أبي، ولكن أَرَدْت أَنْ تُعَلِّمَ النِّسَاءَ أَنْ لَيْسَ إلَى الْآبَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا مُرْسَلٌ، ابْنُ بُرَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ، انْتَهَى. قُلْت: هَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ غُرَابٍ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، فَذَكَرَهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ ثَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَهُ سَوَاءٌ، وَيُنْظَرُ مُسْنَدُ أَحْمَدَ.

الْحَدِيثُ السَّادِسُ: قَالَ عليه السلام: "قُرَيْشٌ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ بعض، بَطْنٌ بِبَطْنٍ، وَالْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، قَبِيلَةٌ بِقَبِيلَةٍ، وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، رَجُلٌ بِرَجُلٍ"، قُلْت: رَوَى الْحَاكِمُ 3 حَدَّثَنَا الْأَصَمُّ ثَنَا الصَّغَانِيُّ ثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ ثَنَا بَعْضُ إخْوَانِنَا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، قَبِيلَةٌ بِقَبِيلَةٍ، وَرَجُلٌ بِرَجُلٍ، وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، قَبِيلَةٌ بِقَبِيلَةٍ، وَرَجُلٌ بِرَجُلٍ، إلَّا حَائِكٌ أَوْ حَجَّامٌ"، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": هَذَا مُنْقَطِعٌ، إذْ لَمْ يُسَمِّ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ بَعْضَ أَصْحَابِهِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.

1 في "المستدرك" ص 162 - ج 2 عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، قال الحاكم: هذا حديث غريب صحيح، وتبعه الذهبي في "تلخيصه" فصححه.

2 راجع "سنن البيهقي" ص 132 - ج 7.

3 وعند البيهقي في "السنن - باب اعتبار الصنعة في الكفاءة" ص 134 - ج 7، والصغاني هو محمد بن إسحاق، انتهى.

ص: 197

طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" مِنْ حَدِيثِ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ الْأَيْلِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ سَوَاءٌ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ مَوْضُوعٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ جريج عن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، مِثْلُهُ، وَلَا يَصِحُّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ"، وَأَعَلَّهُ بِعِمْرَانَ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ، وَقَالَ: إنَّهُ يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنْ الْأَثْبَاتِ، لَا يَحِلُّ كَتْبُ حَدِيثِهِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ"، وَأَعَلَّهُ بِعِمْرَانَ، وَأَسْنَدَ تَضْعِيفَهُ عَنْ النَّسَائِيّ، وَابْنِ مَعِينٍ، وَوَافَقَهُمَا، وَقَالَ: الضَّعْفُ عَلَى حَدِيثِهِ بَيِّنٌ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، ضَعِيفُهُ جِدًّا، انْتَهَى.

طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: النَّاسُ أَكْفَاءٌ، قَبِيلَةٌ بِقَبِيلَةٍ، وَعَرَبِيٌّ لِعَرَبِيٍّ، وَمَوْلًى لِمَوْلًى، إلَّا حَائِكٌ أَوْ حَجَّامٌ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ" مِنْ طَرِيقِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَقَالَ: بَقِيَّةُ مَغْمُوزٌ بِالتَّدْلِيسِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ مَطْعُونٌ فِيهِ، انْتَهَى.

طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ" مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ بِهِ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، وَأَعَلَّهُ بِعَلِيِّ بْنِ عُرْوَةَ، وَقَالَ: إنَّهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ "صَاحِبُ التَّنْقِيحِ": وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ الطَّرَائِفِيُّ مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ، يَرْوِي عَنْ الْمَجَاهِيلِ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ بِمُرَّةَ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ" 1 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ ثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ"، انْتَهَى. وَسَكَتَ عَنْهُ، وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ" مِنْ جِهَةِ الْبَزَّارِ، وَقَالَ: إنَّهُ مُنْقَطِعٌ، فَإِنَّ خَالِدَ بْنَ مَعْدَانُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذٍ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ لَمْ أَجِدْ لَهُ ذِكْرًا، انْتَهَى.

1 قال الهيثمي في "المجمع" 275 - ج 4: رواه البزار، وفيه سليمان بن أبي الجون، ولم أجد من ذكره، وبقية رجاله رجال الصحيح، انتهى.

ص: 198