الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ" أَخْبَرَنَا الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ الواقدي: وأخبرنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إذَا أَتَى بِاللَّقِيطِ فَرَضَ لَهُ مَا يُصْلِحُهُ رِزْقًا يَأْخُذُهُ وَلِيُّهُ كُلَّ شَهْرٍ، وَيُوصِي بِهِ خَيْرًا، وَيَجْعَلُ رَضَاعَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَنَفَقَتَهُ، مُخْتَصَرٌ. وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ، فَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ ذُهْلِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ تَمِيمٍ أَنَّهُ وَجَدَ لَقِيطًا، فَأَتَى بِهِ إلَى عَلِيٍّ، فَأَلْحَقَهُ عَلِيٌّ عَلَى مِائَةٍ، انْتَهَى.
كِتَابُ اللُّقَطَةِ
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "مَنْ الْتَقَطَ شَيْئًا فَلْيُعَرِّفْهُ سَنَةً"، فِيهِ أَحَادِيثُ: مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ"، والدارقطني فِي "سُنَنِهِ" عَنْ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمْتِيِّ ثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سُمِيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: لَا تَحِلُّ اللُّقَطَةُ، فَمَنْ الْتَقَطَ شَيْئًا فَلْيُعَرِّفْ سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ، فَلْيَرُدَّهُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ، فَإِنْ جَاءَ فَيُخَيِّرُهُ بَيْنَ الْأَجْرِ وَبَيْنَ الَّذِي لَهُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ 1 عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ:" عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ اسْتَنْفِقْهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَأَدِّهَا إلَيْهِ"، انْتَهَى. أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" بِهَذَا اللَّفْظِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي "مُسْنَدِهِ" أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ ثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ - يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ - عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ أَصَابَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ، ثُمَّ لَا يَكْتُمُ، وَلْيُعَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ من شاء"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ رَاهْوَيْهِ أَيْضًا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ إسْحَاقَ
1 عند الدارقطني في "الأقضية" ص 525، وعند مسلم في "اللقطة" ص 78 - ج 2، وعند البخاري في "اللقطة" ص 327 - ج 1.
يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ الْقَطْعُ"، قَالَ: وَكَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، قَالَ: وَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: عَرِّفْهَا سَنَةً، انْتَهَى. لَكِنْ وَرَدَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"1 فِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ وَجَدَ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَى بِهَا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ:" عَرِّفْهَا حَوْلًا"، فَعَرَّفَهَا، فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ:" عَرِّفْهَا حَوْلًا"، فَعَرَّفَهَا، فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، فَقَالَ لَهُ:" اعْرِفْ عَدَدَهَا"، الْحَدِيثُ. وَفِي لَفْظٍ: عَامَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، وَفِي لَفْظٍ: قَالَ: ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، وَفِي لَفْظٍ: قَالَ: عَرِّفْهَا عَامًا وَاحِدًا، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التحقيق": ولا تخلو هَذِهِ الرِّوَايَاتُ مِنْ غَلَطِ بَعْضِ الرُّوَاةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ شُعْبَةَ قَالَ فِيهِ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ عَرِّفْهَا عَامًا وَاحِدًا، أَوْ يَكُونُ عليه السلام عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ تَعْرِيفُهَا كَمَا يَنْبَغِي: فَلَمْ يَحْتَسِبْ لَهُ بِالتَّعْرِيفِ الْأَوَّلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام فِي الْحَرَمِ: "وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدِهَا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 2 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: "إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهُ، إلَّا مَنْ عَرَّفَهَا، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاؤُهُ"، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَّا الْإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ، فَقَالَ عليه السلام:" إلَّا الْإِذْخِرَ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَا أَيْضًا 3 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قَامَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"إنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَأَنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، فَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إمَّا أَنْ يُفْدَى، وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَ"، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إلَّا الْإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي قُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا، فَقَالَ عليه السلام:" إلَّا الْإِذْخِرَ"، فَقَامَ أَبُو شَاهٍ - رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ - فَقَالَ: اُكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ عليه السلام:"اُكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ" قَالَ الْوَلِيدُ: فَقُلْت لِلْأَوْزَاعِيِّ: مَا قَوْلُهُ: اُكْتُبُوا؟ قَالَ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: الْخُطْبَةُ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ آخَرَ لَهُمَا: وَلَا يَلْتَقِطُ سَاقِطَتَهَا إلَّا مُنْشِدٌ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الْعِلْمِ - وَالْحَجِّ - وَاللُّقَطَةِ"، وَمُسْلِمٌ فِي "الْحَجِّ".
1 عند البخاري في "اللقطة - باب إذا أخبره رب اللقطة بالعلامة دفع إليه" ص 327 - ج 1، وعند مسلم في "اللقطة" ص 79.
2 عند البخاري في "الجنائز - باب الأذخر والحشيش في القبر" ص 180 - ج 1.
3 عند مسلم في "الحج - باب تحريم مكة" ص 437 - ج 1، وعند البخاري في "العلم" ص 21 - ج 1، وفي "اللقطة" ص 328 - ج 1، وفي "الديات - باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين" ص 1016 - ج 2.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام: "احْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ"1، فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ فِي "اللُّقَطَةِ"، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الْقَضَاءِ"، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي "الْأَحْكَامِ" كُلُّهُمْ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعَثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ:"اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا فَشَأْنُك بِهَا، قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: هِيَ لَك، أَوْ لِأَخِيك، أَوْ لِلذِّئْبِ، قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ قَالَ: مالك وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا، وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ، وَتَرْعَى الشَّجَرَ، فَذَرْهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: "فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَعَرَفَ عِفَاصَهَا وَعَدَدَهَا فَادْفَعْهَا إلَيْهِ"، قُلْت: أَخْرَجَ مُسْلِمٌ 2 عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي اللُّقَطَةِ: "عَرِّفْهَا، وَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُك بِعَدَدِهَا وَوِعَائِهَا وَوِكَائِهَا، فَأَعْطِهِ إيَّاهَا، وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا"، وَفِي رِوَايَةٍ:"وَإِلَّا فَهِيَ كَسَبِيلِ مَالِك"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَفِيهِ: فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَ عِفَاصَهَا وَعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا، فَأَعْطِهَا إيَّاهُ، وَإِلَّا فَهِيَ لَك، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد: فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَ عَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا، فَادْفَعْهَا إلَيْهِ، وَلَفْظُ النَّسَائِيّ، وَابْنِ حِبَّانَ: فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يخبرك بعددها ووكاءها، وَوِعَائِهَا، فَأَعْطِهِ إيَّاهَا، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، وَفِيهِ: فَإِنْ جَاءَ بَاغِيهَا، فَعَرَفَ عِفَاصَهَا وَعَدَدَهَا، فَادْفَعْهَا إلَيْهِ، قَالَ أَبُو دَاوُد 3: هَذِهِ زِيَادَةٌ زَادَهَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، وَزَيْدَ بْنَ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَحَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ ذَكَرُوا هَذِهِ الزِّيَادَةَ، فَثَبَتَ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: حَدِيثُ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، يَأْتِي فِي "الدَّعْوَى" إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: قَالَ عليه السلام: "فَإِنْ لَمْ يَأْتِ صَاحِبُهَا فَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ" تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: " مَنْ الْتَقَطَ شَيْئًا فَلْيُعَرِّفْهُ سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ فَلْيَرُدَّهُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ"، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ.
1 عند البخاري في "اللقطة - باب إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها" ص 328 - ج 1، وعند مسلم في "اللقطة" ص 78 - ج 2.
2 عند مسلم في "اللقطة" ص 79 - ج 2.
3 قاله أبو داود في "اللقطة" ص 239 - ج 1 بعد ذكر حديث حماد بن سلمة.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ: قَالَ عليه السلام فِي حَدِيثِ أُبَيٍّ: "فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَادْفَعْهَا إلَيْهِ، وَإِلَّا فَانْتَفِعْ بِهَا"، وَكَانَ مِنْ الْمَيَاسِيرِ، قُلْت: حَدِيثُ أُبَيٍّ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"1، وَفِيهِ: احْفَظْ عددها ووعائها وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا، الْحَدِيثُ، وَقَوْلُهُ: وَكَانَ مِنْ الْمَيَاسِيرِ، لَيْسَ مِنْ مَتْنِ الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" 2 مَا يَرُدُّهُ، أَخْرَجَا عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إلَيَّ بَيْرُحَاءُ، فَمَا تَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" اجْعَلْهَا فِي فُقَرَاءِ قَرَابَتِك"، فَجَعَلَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أُبَيٍّ، وَحَسَّانَ، انْتَهَى. فهذا صريح بأن أُبَيًّا كَانَ فَقِيرًا، لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَضَايَا الْأَحْوَالِ مَتَى تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ سَقَطَ مِنْهَا الِاسْتِدْلَال، قَالَ التِّرْمِذِيُّ3، عَقِيبَ حَدِيثِ أُبَيٍّ: وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، قَالُوا: لِصَاحِبِ اللُّقَطَةِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا إذَا كَانَ غَنِيًّا، وَلَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ لَا تَحِلُّ، إلَّا لِمَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ، لَمْ تَحِلَّ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ أَمَرَهُ عليه السلام بِأَكْلِ الدِّينَارِ حِينَ وَجَدَهُ، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهُ، انْتَهَى. وَحَدِيثُ عَلِيٍّ هَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ"4 عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ يَبْكِيَانِ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيهِمَا؟ قَالَتْ: الْجُوعُ، فَخَرَجَ عَلِيٌّ، فَوَجَدَ دِينَارًا بِالسُّوقِ، فَجَاءَ فَاطِمَةَ، فَأَخْبَرَهَا، فَقَالَتْ: اذْهَبْ إلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ، فَخُذْ لَنَا دَقِيقًا، فَجَاءَ الْيَهُودِيُّ فَاشْتَرَى بِهِ دَقِيقًا، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: أَنْتَ خَتَنُ هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَخُذْ دِينَارَك وَالدَّقِيقُ لَك، فَخَرَجَ عَلِيٌّ حَتَّى جَاءَ بِهِ إلَى فَاطِمَةَ، فَأَخْبَرَهَا، فَقَالَتْ: اذْهَبْ بِهِ إلَى فُلَانٍ الْجَزَّارِ، فَخُذْ لَنَا بِدِرْهَمٍ لَحْمًا، فَذَهَبَ، فَرَهَنَ الدِّينَارَ بِدِرْهَمٍ بِلَحْمٍ، فَجَاءَ بِهِ، فَعَجَنَتْ، وَخَبَزَتْ، وَأَرْسَلَتْ إلَى أَبِيهَا، فَجَاءَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَذْكُرُ لَك، فَإِنْ رَأَيْتَهُ حَلَالًا لَنَا أَكَلْنَاهُ، مِنْ شَأْنِهِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ:" كُلُوا باسم الله"، فأكلوا، فبيناهم مَكَانَهُمْ إذَا غُلَامٌ يُنْشِدُ اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ الدِّينَارَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِ، فَدُعِيَ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: سَقَطَ مِنِّي فِي السُّوقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَا عَلِيُّ اذْهَبْ إلَى الْجَزَّارِ، فَقُلْ لَهُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ لَك: أَرْسِلْ إلَيَّ بِالدِّينَارِ، وَدِرْهَمُك عَلَيَّ"، فَأَرْسَلَ بِهِ، فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَيْهِ، انْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَاسْتُشْكِلَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ عَلِيًّا أَنْفَقَ الدِّينَارَ قَبْلَ تَعْرِيفِهِ، قَالَ: وَأَحَادِيثُ التَّعْرِيفِ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ إسْنَادًا، وَلَعَلَّ تَأْوِيلَهُ أَنَّ التَّعْرِيفَ لَيْسَ لَهُ صِيغَةٌ يُعْتَدُّ بِهَا.
1 عند البخاري بهذا اللفظ في "اللقطة - هل يأخذ اللقطة ولا يدعها تضيع" ص 329 - ج 1.
2 عند البخاري بهذا اللفظ في "الوصايا - باب إذا وقف وأوصى لأقاربه" ص 385 - ج 1، وعند مسلم في "الزكاة - باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين" ص 323.
3 عند الترمذي في "اللقطة" ص 177 - ج 1.
4 عند أبي داود في "اللقطة" ص 240 - ج 1.