المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب حضانة الولد ومن أحق به - نصب الراية - جـ ٣

[الجمال الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحج

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ فِي الْمَوَاقِيتِ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌بَابُ الْقِرَانِ

- ‌بَابُ التَّمَتُّعِ

- ‌باب الجنايات

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ

- ‌بَابُ الْفَوَاتِ

- ‌بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ

- ‌بَابُ الْهَدْيِ

- ‌كِتَابُ النكاح

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمُحَرَّمَاتِ

- ‌بَابُ فِي الْأَوْلِيَاءِ والأكفاء

- ‌بَاب الْمَهْر

- ‌بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ

- ‌بَابُ نِكَاحِ أَهْلِ الشِّرْكِ

- ‌بَابُ الْقَسْمِ

- ‌‌‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌كِتَابُ الطلاق

- ‌السنة في الطلاق

- ‌باب إيقاع الطلاق

- ‌فَصْلٌ فِي تَشْبِيهِ الطَّلَاقِ

- ‌بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ

- ‌فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ

- ‌بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ

- ‌بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌بَابُ الْخُلْعِ

- ‌بَابُ الظِّهَارِ

- ‌بَابُ اللِّعَانِ

- ‌بَابُ الْعِنِّينِ

- ‌باب العدة

- ‌بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ

- ‌بَابُ حضانة الولد ومن أَحَقُّ بِهِ

- ‌بَابُ النَّفَقَةِ

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌فضل العتق

- ‌بَابٌ الْعَبْدُ يَعْتِقُ بَعْضُهُ

- ‌بَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌كِتَابُ الأيمان

- ‌من حلف يمينا كاذبا

- ‌بَابُ مَا يَكُونُ يَمِينًا، وَمَا لَا يَكُونُ يَمِينًا

- ‌فَصْلٌ فِي الْكَفَّارَةِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْخُرُوجِ وَالْإِتْيَانِ وَالرُّكُوبِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْكَلَامِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْعِتْقِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ في الصلاة والصوم والحج

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌مدخل

- ‌باب الوطء الذي يوجب الحد

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا

- ‌بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ

- ‌بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ السرقة

- ‌مدخل

- ‌بَابُ مَا يُقْطَعُ فِيهِ وَمَا لَا يُقْطَعُ

- ‌فَصْلٌ فِي الحرز

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ

- ‌كِتَابُ السير

- ‌مدخل

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِتَالِ

- ‌بَابُ الْمُوَادَعَةِ

- ‌بَابُ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ

- ‌فَصْلٌ في التنقيل

- ‌باب استيلاء الكفار

- ‌بَابُ الْمُسْتَأْمَنِ:

- ‌بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ

- ‌بَابُ الْجِزْيَةِ

- ‌بَابُ أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ

- ‌بَابُ الْبُغَاةِ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِبَاقِ

- ‌كِتَابُ الْمَفْقُود

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

الفصل: ‌باب حضانة الولد ومن أحق به

قُلْت: أخرجه الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنَيْهِمَا"1 مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُبَارَكِ ثَنَا دَاوُد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ جَمِيلَةَ بِنْتِ سَعْدٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ فِي الْحَمْلِ عَلَى سَنَتَيْنِ، قَدْرَ مَا يَتَحَوَّلُ ظِلُّ عَمُودِ الْمِغْزَلِ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ قَالَتْ: لَا يَكُونُ الْحَمْلُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ، الْحَدِيثَ، وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا، وَمِنْ جِهَتِهِ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قُلْت لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: إنِّي حُدِّثْتُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: لَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ فِي حَمْلِهَا عَلَى سَنَتَيْنِ قَدْرَ ظِلِّ الْمِغْزَلِ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَنْ يَقُولُ هَذَا؟ هَذِهِ جَارَتُنَا امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ امْرَأَةُ صِدْقٍ، وَزَوْجُهَا رَجُلُ صِدْقٍ، حَمَلَتْ ثَلَاثَةَ أَبْطُنٍ فِي اثني عَشْرَةَ سَنَةً، كُلَّ بَطْنٍ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَوْلُ عُمَرَ: إنَّ امْرَأَةَ الْمَفْقُودِ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ، يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا قَالَهُ لِبَقَاءِ الْحَمْلِ أَرْبَعَ سِنِينَ، انْتَهَى.

1 عند الدارقطني في "أواخر النكاح" ص 425 - ج 2، وعند البيهقي في "السنن - باب ما جاء في أكثر الحمل" ص 443 - ج 7.

ص: 265

‌بَابُ حضانة الولد ومن أَحَقُّ بِهِ

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حواء، وثدي لَهُ سِقَاءً، وَزَعَمَ أَبُوهُ أَنَّهُ يَنْزِعُهُ مِنِّي، فَقَالَ عليه السلام:"أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجِي"، قُلْت: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد في "سننه"2 حدثنا محمود بْنُ خَالِدٍ السُّلَمِيُّ ثَنَا الْوَلِيدُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو - يَعْنِي الْأَوْزَاعِيَّ - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بطني له وعاء، وثدي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي، وَأَرَادَ أَنْ يَنْزِعَهُ مِنِّي، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ بِهِ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرٍو بِهِ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ رَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي "مُسْنَدِهِ" بِهِ سَوَاءٌ.

2 عند أبي داود في "الطلاق - باب من أحق بالولد" ص 310 - ج 1، وعند الحاكم في "المستدرك - باب حضانة الولد" ص 207 - ج 2، وصححه الذهبي أيضاً، وعند الدارقطني: ص 418 عن المثنى بن الصباح، وابن جريج كلاهما عن عمرو بن شعيب، الحديث.

ص: 265

قَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ أَشَارَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه بِقَوْلِهِ: رِيقُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْ شَهْدٍ وَعَسَلٍ عِنْدَك يَا عُمَرُ، قَالَهُ حِينَ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، وَالصَّحَابَةُ حَاضِرُونَ مُتَوَافِرُونَ، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ طَلَّقَ أُمَّ عَاصِمٍ، ثُمَّ أَتَى عَلَيْهَا، وَفِي حِجْرِهَا عَاصِمٌ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهَا، فَتَجَاذَبَاهُ بَيْنَهُمَا حَتَّى بَكَى الْغُلَامُ، فَانْطَلَقَا إلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: يَا عُمَرُ مَسْحُهَا، وَحِجْرُهَا، وَرِيحُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْك، حَتَّى يَشِبَّ الصَّبِيُّ فَيَخْتَارَ لِنَفْسِهِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: طَلَّقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ امْرَأَتَهُ الْأَنْصَارِيَّةَ أُمَّ ابْنِهِ عَاصِمٍ، فَلَقِيَهَا تَحْمِلُهُ بِمُحَسِّرٍ، وَقَدْ فُطِمَ، وَمَشَى، فَأَخَذَ بِيَدِهِ لِيَنْتَزِعَهُ مِنْهَا، وَنَازَعَهَا إيَّاهُ، حَتَّى أَوْجَعَ الْغُلَامَ، وَبَكَى، وَقَالَ: أَنَا أَحَقُّ بِابْنِي مِنْكِ، فَاخْتَصَمَا إلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَضَى لَهَا بِهِ، وَقَالَ: رِيحُهَا وَحِجْرُهَا وَفِرَاشُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْكَ، حَتَّى يَشِبَّ، وَيَخْتَارَ لِنَفْسِهِ، انْتَهَى. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: خَاصَمَتْ امْرَأَةُ عُمَرَ عُمَرَ إلَى أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ طَلَّقَهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هِيَ أَعْطَفُ، وَأَلْطَفُ، وَأَرْحَمُ، وَأَحْنَى، وَأَرْأَفُ، وَهِيَ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ 1 - فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ" أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمًا، ثُمَّ فَارَقَهَا عُمَرُ، فركب يوماً إلى قبا، فَوَجَدَ ابْنَهُ يَلْعَبُ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَخَذَهُ بِعَضُدِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الدَّابَّةِ، فَأَدْرَكَتْهُ جَدَّةُ الْغُلَامِ فَنَازَعَتْهُ إيَّاهُ، فَأَقْبَلَا حَتَّى أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ عُمَرُ: ابْنِي، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: ابْنِي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، فَمَا رَاجَعَهُ عُمَرُ الْكَلَامَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِهِ، سَوَاءٌ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَزَادَ: ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا تُولَهُ وَالِدَةٌ عَنْ وَلَدِهَا"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا ابْنُ إدْرِيسَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ طَلَّقَ جَمِيلَةَ 2 بِنْتَ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَفْلَحِ،

1 عند مالك في "القضاء - باب من أحق بالولد" ص 321.

2 جميلة بنت ثابت بن أبي الأفلح زوج عمر بن الخطاب رضي الله عنه، تكنى أم عاصم، بابنها عاصم بن عمر بن الخطاب، وهي التي أتى فيها الحديث في "الموطأ" وغيره: أن عمر ركب إلى قباء فوجد ابنه عاصماً يلعب مع الصبيان، فجعله بين يديه، فأدركته جدته الشموس بنت أبي عامر، فنازعته إياه، الحديث، انتهى. كذا ذكر ابن عبد البر في "الاستيعاب" والحافظ ابن حجر في "الاصابة" ص 262 - ج 4، وقال ابن سعد في "الطبقات" ص 251 - ج 8: الشموس بنت أبي عامر الراهب تزوج الشموس ثابت بن أبي الأفلح، فولدت له عاصم بن ثابت، شهد بدراً، وقتل يوم الرجيع شهيداً، وحمته الدبر، وجميلة بنت ثابت مبايعة، تزوجها عمر بن الخطاب، فولدت له عاصم بن عمر، أسلمت الشموس بنت أبي عامر، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، انتهى.

ص: 266

فَتَزَوَّجَتْ، فَجَاءَ عُمَرُ، فَأَخَذَ ابْنَهُ، فَأَدْرَكَتْهُ الشَّمُوسُ بِنْتُ أَبِي عامر الأنصاري، وهي أم جميلة، فأخذته، فَتَرَافَعَا إلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لِعُمَرَ: خَلِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ابْنِهَا، فَأَخَذَتْهُ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّانِي " قَالَ عليه السلام: "الْخَالَةُ وَالِدَةٌ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

أَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ: فَرَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي "مُسْنَدِهِ" أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ثَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ، وَهُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا خَرَجْنَا مِنْ مَكَّةَ أَتَتْنَا بِنْتُ حَمْزَةَ تُنَادِي: يَا عَمِّ يَا عَمِّ، فَتَنَاوَلْتُهَا بِيَدِهَا، فَدَفَعْتُهَا إلَى فَاطِمَةَ، فَقُلْت: دُونَكِ بِنْتَ عَمِّكِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ اخْتَصَمْنَا فِيهَا: أَنَا، وَجَعْفَرٌ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَقَالَ: جَعْفَرٌ بِنْتُ عَمِّي، وَخَالَتُهَا عِنْدِي - يَعْنِي أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ - وَقَالَ زَيْدٌ: بِنْتُ أَخِي، وَقُلْت: أَنَا أَخَذْتُهَا، وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَمَّا أَنْتَ يَا جَعْفَرُ فَأَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي، وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ، فَمِنِّي وَأَنَا مِنْك، وَأَمَّا أَنْتَ يَا زَيْدُ، فَأَخُونَا وَمَوْلَانَا، وَالْجَارِيَةُ عِنْدَ خَالَتِهَا، فَإِنَّ الْخَالَةَ وَالِدَةٌ"، قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَتَزَوَّجُهَا؟ قَالَ: " ابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" عَنْ الْبَرَاءِ بِلَفْظِ: الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِلَفْظِ: الْخَالَةُ أُمٌّ، فَالْبُخَارِيُّ أَخْرَجَهُ 1 فِي "الشَّهَادَاتِ"، وَفِي "غَزْوَةِ خَيْبَرَ - فِي بَابِ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ" عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ، قَالَ: اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، إلَى أَنْ قَالَ: فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الْأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا لَهُ: قُلْ لِصَاحِبِك: اُخْرُجْ عَنَّا، فَقَدْ مَضَى الْأَجَلُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَتَبِعَتْهُمْ ابْنَةُ حَمْزَةَ: يَا عَمِّ يَا عَمِّ، فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ، فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ: دُونَك ابْنَةَ عَمِّكِ، فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ، وَزَيْدٌ، وَجَعْفَرٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا، وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي، وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي، وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي، فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِخَالَتِهَا، وَقَالَ:"الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأم"، مختصر. وأخرجه أَبُو دَاوُد 2 عَنْ عُجَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، وَفِيهِ: فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِجَعْفَرٍ، تَكُونُ عِنْدَ خَالَتِهَا، وَقَالَ: إنَّمَا الْخَالَةُ أُمٌّ، مُخْتَصَرٌ.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" 3 حَدَّثَنَا أَبُو الشَّيْخِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَصْبَهَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ التُّسْتَرِيُّ، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ النَّسَائِيّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ ثَنَا قَيْسُ

1 عند البخاري في "الشهادات - باب كيف يكتب: هذا ما صالح فلان بن فلان" ص 371 - ج 1، وفي "عمرة القضاء" ص 610 - ج 2.

2 عند أبي داود "باب من أحق بالولد" ص 311 - ج 1.

3 قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ص 323 - ج 4: رواه الطبراني، وفيه قيس بن الربيع، وثقه شعبة، والثوري، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات، انتهى.

ص: 267

بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْخَالَةُ وَالِدَةٌ"، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَأَخْرَجَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي "كِتَابِهِ" عَنْ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمْتِيِّ ثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْمَدَنِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْخَالَةُ وَالِدَةٌ"، انْتَهَى. وَأَعَلَّهُ بِيُوسُفَ هَذَا، وَوَصَفَهُ بِالْكَذِبِ، وَقَالَ: لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ.

حَدِيثٌ آخَرُ: مُرْسَلٌ، رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ 1 - فِي تَرْجَمَةِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ" فَقَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: إنَّ ابْنَةَ حَمْزَةَ لَتَطُوفُ بَيْنَ الرِّجَالِ، إذْ أَخَذَ عَلِيٌّ بِيَدِهَا، فَأَلْقَاهَا إلَى فَاطِمَةَ فِي هَوْدَجِهَا، قَالَ: فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ، وَجَعْفَرٌ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ، فَأَيْقَظُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عَلِيٌّ: ابْنَةُ عَمِّي، وَأَنَا أَخْرَجْتُهَا، وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي، وَخَالَتُهَا عِنْدِي، وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي، فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِجَعْفَرٍ، وَقَالَ:"الْخَالَةُ وَالِدَةٌ"، فَقَامَ جَعْفَرٌ فَحَجَلَ حَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَيْ دَارَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا هَذَا يَا جَعْفَرُ؟! قَالَ: شَيْءٌ رَأَيْتُ الْحَبَشَةَ تَصْنَعُهُ بِمُلُوكِهِمْ إذَا أَرْضَوْهُمْ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: مُرْسَلٌ، رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي "كِتَابِ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ" بِسَنَدِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْعَمُّ أَبٌ إذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُ أَبٌ، وَالْخَالَةُ وَالِدَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهَا أُمٌّ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام خَيَّرَ، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ 2 عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ، سُلَيْمٍ، وَيُقَالُ: سَلْمَانُ مَوْلًى مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، رَجُلِ صِدْقٍ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَارِسِيَّةٌ مَعَهَا ابْنٌ لَهَا، فَادَّعَيَاهُ، وَقَدْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَقَالَتْ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ - وَرَطَنَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ - زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اسْتَهِمَا عَلَيْهِ - وَرَطَنَ لَهَا بِذَلِكَ - فَجَاءَ زَوْجُهَا، فَقَالَ: مَنْ يُحَاقُّنِي فِي وَلَدِي، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اللَّهُمَّ إنِّي لَا أَقُولُ هَذَا، إلَّا أَنِّي سَمِعْت امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا قَاعِدٌ عِنْدَهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي، وَقَدْ سَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ، وَقَدْ نَفَعَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"اسْتَهِمَا عَلَيْهِ"، فَقَالَ زَوْجُهَا: مَنْ يُحَاقُّنِي فِي وَلَدِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " هَذَا أَبُوك، وَهَذِهِ أُمُّك،

1 عند ابن سعد في "ترجمة جعفر بن أبي طالب" ص 22 - ج 4 - الجزء الأول منه - وقال ابن سعد: خالتها أسماء بنت عميس، وأمها سلمة بنت عميس، انتهى.

2 عند أبي داود "باب من أحق بالولد" ص 311 - ج 1، وعند الترمذي في "الأحكام - باب ما جاء في تخيير الغلام بين أبويه إذا افترقا" ص 174 - ج 1، وعند النسائي في الطلاق - باب إسلام أحد الزوجين وتخيير الولد" ص 112 - ج 2.

ص: 268

فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْت"، فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ فِي "الطَّلَاقِ" هَكَذَا، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي "الْأَحْكَامِ" مُخْتَصَرًا، بِدُونِ الْقِصَّةِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَأَبُو مَيْمُونَةَ اسْمُهُ سُلَيْمٌ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ السَّادِسِ وَالثَّلَاثِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ، بِلَفْظِ التِّرْمِذِيِّ، وَزَادَ فِيهِ: وَأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ - فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ" بِلَفْظِ أَبِي دَاوُد، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": هَذَا الْحَدِيثُ يَرْوِيهِ هِلَالُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ، سَلْمَى - مَوْلًى مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ - رَجُلِ صِدْقٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبُو مَيْمُونَةَ هَذَا لَيْسَ مَجْهُولًا، فَقَدْ كَنَّاهُ هِلَالُ بْنُ أُسَامَةَ بِأَبِي مَيْمُونَةَ، وَسَمَّاهُ سَلْمَى، وَذَكَرَ أَنَّهُ مَوْلًى مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ رَجُلُ صِدْقٍ، وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ فِي الرَّاوِي حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ، وَأَيْضًا فَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ الْمَذْكُورِ أَبُو النَّضْرِ، قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ: وَرَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ هَذَا الْحَدِيثَ نَفْسَهُ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُسْنَدِهِ" حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ ابْنَهَا، فَقَالَ عليه السلام: اسْتَهِمَا فِيهِ، فَقَالَ عليه السلام لِلْغُلَامِ: "تَخَيَّرْ أَيَّهُمَا شِئْت"، قَالَ: فَاخْتَارَ أُمَّهُ، فَذَهَبَتْ بِهِ، انْتَهَى. قَالَ: فَجَاءَ مِنْ هَذَا جَوْدَةُ الْحَدِيثِ وَصِحَّتُهُ، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُخَيِّرُوا، قُلْت: تَقَدَّمَ قَرِيبًا لِمَالِكٍ، وَالْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ دَفَعَ الْغُلَامَ لِأُمِّهِ لَمَّا اخْتَصَمَ فِيهِ عُمَرُ، وَأُمُّهُ، وَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا تُولَهُ وَالِدَةٌ عَنْ وَلَدِهَا"، وَقَدْ وَرَدَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ يَقُولُ: اخْتَصَمَ أَبٌ وَأُمٌّ فِي ابْنٍ لَهُمَا إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَخَيَّرَهُ، فَاخْتَارَ أُمَّهُ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ، انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: "اللَّهُمَّ اهْدِهِ"، فَوُفِّقَ لِاخْتِيَارِ الْأَنْظَرِ بِدُعَائِهِ عليه السلام، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "الطَّلَاقِ"، وَالنَّسَائِيُّ 1 فِي "الْفَرَائِضِ" عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ، أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَأَبَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَجَاءَ بِابْنٍ لَهُمَا صَغِيرٍ لَمْ يَبْلُغْ، فَأَجْلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الأب ههنا، والأم ههنا، وَقَالَ:" اللَّهُمَّ اهْدِهِ"، فَذَهَبَ إلَى أَبِيهِ، انْتَهَى.

1 عند أبي داود "باب إذا أسلم أحد الأبوين لمن يكون الولد" ص 305، وفي "الدراية" في رواية النسائي "فجاء ابن لهما.

ص: 269

وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَأَبَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَأَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: ابْنَتِي، وَهِيَ فَطِيمٌ، وَقَالَ رَافِعٌ: ابْنَتِي، فَأَقْعَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْأُمَّ نَاحِيَةً، وَالْأَبَ نَاحِيَةً، وَأَقْعَدَ الصَّبِيَّةَ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ لَهُمَا:"اُدْعُوَاهَا"، فَمَالَتْ الصَّبِيَّةُ إلَى أبيها، فَقَالَ عليه السلام:"اللَّهُمَّ اهدها"، فمالت إلى أمها، فَأَخَذَهَا، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ به، والنسائي عن المعافا بْنِ عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بِهِ، وَبِسَنَدِ أَبِي دَاوُد وَمَتْنِهِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"1 عَنْ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بِهِ، وَسَمَّى فِيهِ الْبِنْتَ الْمَذْكُورَةَ عَمِيرَةَ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ غُرَابٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بِهِ، وَقَالَ: فِيهِ تَشَبُّهٌ بِالْفَطِيمِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ" 2 عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ ابْنِ عُلَيَّةَ ثَنَا عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ أَبَوَيْنِ اخْتَصَمَا فِي وَلَدٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَحَدُهُمَا كَافِرٌ، فَخَيَّرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَتَوَجَّهَ إلَى الْكَافِرِ، فَقَالَ:"اللَّهُمَّ اهْدِهِ"، فَتَوَجَّهَ إلَى الْمُسْلِمِ، فَقَضَى لَهُ بِهِ، انْتَهَى. وَبِهَذَا السَّنَدِ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَالْبَزَّارُ فِي "مَسَانِيدِهِمْ"، وَفِي لَفْظِ أَحْمَدَ: فِي وَلَدٍ صَغِيرٍ، وَفِيهِ، وَفِي لَفْظِ السُّنَنِ مَا يَدْفَعُ حَمْلَ الْمُصَنِّفِ الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ كَانَ بَالِغًا، وَأَبُو سَلَمَةَ هَذَا عَدَّهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ" 3 مِنْ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ نَزَلُوا الْبَصْرَةَ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ" هَذَا الْحَدِيثُ يَرْوِيهِ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، وَعَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ، كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّ أَبِيهِ رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ، فَإِنَّهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ ثِقَةٌ، وَأَبُوهُ جَعْفَرٌ كَذَلِكَ، قَالَهُ الْكُوفِيُّ، وَرِوَايَةُ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد، وَرِوَايَةُ أَبِي عَاصِمٍ، وَعَلِيِّ بْنِ غُرَابٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي "سُنَنِهِ"، وَسُمِّيَتْ الْبِنْتُ الْمَذْكُورَةُ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَاصِمٍ: عَمِيرَةَ، وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ غُلَامًا، وَرُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ جَارِيَةً، فَلَعَلَّهُمَا قَضِيَّتَانِ خُيِّرَ فِي إحْدَاهُمَا غُلَامٌ، وَفِي الْأُخْرَى جَارِيَةٌ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ أَبَوَيْهِ اخْتَصَمَا فِيهِ، الْحَدِيثَ، هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، وَكَذَا رَوَاهُ يعقوب الدروقي عَنْ إسْمَاعِيلَ أَيْضًا، وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ الْبَتِّيِّ، فَقَالَ فِيهِ: عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّ جَدَّهُ أَسْلَمَ، وَأَبَتْ امْرَأَتُهُ

1 عند الدارقطني في "الطلاق" ص 443.

2 عند ابن ماجه في "الأحكام - باب تخيير الصبي بين أبويه" ص 171 - ج 1، وعند النسائي في "الطلاق - باب إسلام أحد الزوجين وتخيير الولد" ص 112 - ج 2.

3 راجع "ترجمة أبي سلمة - في الطبقات" ص 57 - ج 7 - الجزء الأول منه -.

ص: 270