الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الجنايات
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "الْحِنَّاءُ طِيبٌ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ - فِي الْحَجِّ" عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ عَنْ أُمِّهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ:"لَا تَطَيَّبِي وَأَنْتِ مُحْرِمَةٌ، وَلَا تَمَسِّي الْحِنَّاءَ، فَإِنَّهُ طِيبٌ"، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ ابْنَ لَهِيعَةَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، انْتَهَى، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" 1 عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ خَوْلَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَطَيَّبِي وَأَنْتِ مُحْرِمَةٌ، وَلَا تَمَسِّي الْحِنَّاءَ فَإِنَّهُ طِيبٌ"، انْتَهَى. وَعَزَاهُ السُّرُوجِيُّ فِي "الْغَايَةِ" إلَى النَّسَائِيّ، وَلَفْظُهُ: نَهَى الْمُعْتَدَّةَ عَنْ التَّكَحُّلِ، وَالدُّهْنِ، وَالْخِضَابِ بِالْحِنَّاءِ، وَقَالَ:"الْحِنَّاءُ طِيبٌ"، انْتَهَى. وَأَعَادَهُ الْمُصَنِّفُ فِي "بَابِ الْعِدَّةِ" بِزِيَادَةٍ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَإِنْ تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ أَوْ حَلَقَ مِنْ عُذْرٍ فَهُوَ إنْ شَاءَ ذَبَحَ شَاةً، وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ بِثَلَاثَةِ أصواع مِنْ الطَّعَامِ، وَإِنْ شَاءَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، لقوله تعالى:{فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ، وكلمة "أو" للتخيير، قد فَسَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا ذَكَرْنَا، قُلْت: يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ"2 عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِهِ، وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَهُوَ يُوقِدُ تَحْتَ قِدْرِهِ، وَالْقَمْلُ يَتَهَافَتُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ:"أَيُؤْذِيك هَوَامُّك هَذِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاحْلِقْ رَأْسَك، وَأَطْعِمْ فَرْقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ" - وَالْفَرْقُ: ثَلَاثَةُ أَصْوُعٍ - أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ اُنْسُكْ نَسِيكَةً، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عليه السلام:" احْلِقْ، ثُمَّ اذْبَحْ شَاةً نُسُكًا، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لَهُ عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ سَأَلَ كَعْبًا أَيُّ شَيْءٍ افْتَدَى حِينَ حَلَقَ رَأْسَهُ؟ قَالَ: ذَبَحَ بَقَرَةً، وَفِي لَفْظٍ: فَقَالَ لِي: " هَلْ عِنْدَك فَرْقٌ تَقْسِمُهُ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ؟ "، -وَالْفَرْقُ: ثَلَاثَةُ آصُعٍ-، "أَوْ اُنْسُكْ شَاةً، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ"، فَقُلْت:
1 قال الهيثمي في "الزوائد" ص 218 - ج 3: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام، وقال الحافظ المارديني في "الجوهر": قال أبو حنيفة الدينوري، وغيره من أهل اللغة: الحناء من أنواع الطيب، وقال الهروي في "الغريبين في الحديث" سيد رياحين الجنة الفاغية، قال الأصمعي: هو نور الحناء، وفي الحديث أيضاً عن أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفاغية.
2 عند مسلم في "باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى" ص 382 - ج 1، واللفظ له، وعند البخاري في "الطب - في باب الحلق من الأذى" ص 850 - ج 2.
يَا رَسُولَ اللَّهِ، خِرْ لِي، قَالَ:"أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ"، وَفِي لَفْظٍ عَنْ الْحَسَنِ: أَنَّهُ قَالَ: فَكَيْفَ صَنَعْت؟ قَالَ: ذَبَحْت شَاةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحْرِمًا، فَقَمَلَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ عليه السلام، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ، فَدَعَا الْحَلَّاقَ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ:"هَلْ عِنْدَك نُسُكٌ؟ " قَالَ: مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ يُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ صَاعٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ خَاصَّةً:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} ، ثُمَّ كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا 1 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: قَعَدْت إلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَسَأَلْته عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} فَقَالَ كَعْبٌ: فِي نَزَلَتْ، كَانَ بِي أَذًى مِنْ رَأْسِي، فَحُمِلْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ:" مَا كُنْت أَرَى أَنَّ الْجَهْدَ بَلَغَ مِنْك مَا أَرَى، أَتَجِدُ شَاةً؟ " فَقُلْت: لَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} قال:" صوم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، نِصْفَ صَاعٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ"، قَالَ: فَنَزَلَتْ فِي خَاصَّةً، وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً، انْتَهَى.
فَصْل
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام سُئِلَ عَمَّنْ وَاقَعَ امْرَأَتَهُ، وَهُمَا مُحْرِمَانِ بِالْحَجِّ، قَالَ:"يُرِيقَانِ دَمًا، وَيَمْضِيَانِ فِي حَجِّهِمَا، وَعَلَيْهِمَا الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ"، قُلْت: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنْبَأَ يَزِيدُ بْنُ نُعَيْمٍ، أَوْ زَيْدُ بْنُ نُعَيْمٍ - شَكَّ أَبُو تَوْبَةَ - أَنَّ رَجُلًا مِنْ جُذَامٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ، وَهُمَا مُحْرِمَانِ، فَسَأَلَ الرَّجُلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"اقْضِيَا نُسُكَكُمَا وَاهْدِيَا هَدْيًا"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: إنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ نُعَيْمٍ بِلَا شَكٍّ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ زَيْدَ بْنَ نُعَيْمٍ مَجْهُولٌ، وَيَزِيدُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ ثِقَةٌ، وَقَدْ شَكَّ أَبُو تَوْبَةَ، وَلَا يُعْلَمُ عَمَّنْ هُوَ مِنْهُمَا، وَلَا عَمَّنْ حَدَّثَهُمْ بِهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، فَهُوَ لَا يَصِحُّ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ جُذَامٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ، وَهُمَا مُحْرِمَانِ، فَسَأَلَ الرَّجُلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُمَا:" أَتِمَّا حَجَّكُمَا، ثُمَّ ارْجِعَا وَعَلَيْكُمَا حَجَّةٌ أُخْرَى، فَإِذَا كُنْتُمَا بِالْمَكَانِ الَّذِي أَصَبْتُمَا فِيهِ مَا أَصَبْتُمَا، فَأَحْرِمَا وَتَفَرَّقَا، وَلَا يَرَى وَاحِدٌ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ، ثُمَّ أَتِمَّا نُسُكَكُمَا"
1 عند مسلم في: ص 382 - ج 1 وعند البخاري في "الحج - في باب الإطعام في الفدية نصف صاع" ص 244 - ج 1.
وَأَهْدِيَا، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَفِي هَذَا: أَنَّهُ أَمَرَهُمَا بِالتَّفَرُّقِ فِي الْعَوْدَةِ لَا فِي الرُّجُوعِ، وَحَدِيثُ الْمَرَاسِيلِ عَلَى الْعَكْسِ مِنْهُ، قَالَ: وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ بِابْنِ لَهِيعَةَ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ 1 حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ ثَنَا أَيُّوبُ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا الْأَزْدِيَّ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عمر إن رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْ عُمَانَ، أَقْبَلَا حَاجَّيْنِ، فَقَضَيَا الْمَنَاسِكَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِمَا إلَّا الْإِفَاضَةُ، وَقَعَ عَلَيْهَا، فَسَأَلَ ابْنَ عُمَرَ. فَقَالَ: لِيَحُجَّا عَامًا قَابِلًا، انْتَهَى. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ ثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَأَلْت الْحَسَنَ عَنْ رَجُلٍ غشى امرأته بعد ما رَمَى الْجَمْرَةَ، وَحَلَقَ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} ، قَالَ: عَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - يَعْنِي الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ قَبْلَهُ - فَمَنْ جمع قَبْلَ الْوُقُوفِ، قُلْت: رَوَى مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" 2 أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم سُئِلُوا عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ أَهْلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ، فَقَالُوا: يُنَفِّذَانِ تَوَجُّهَهُمَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا، ثُمَّ عَلَيْهِمَا الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، وَالْهَدْيُ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: فَإِذَا أَهَلَّا بِالْحَجِّ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ تَفَرَّقَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا، انْتَهَى. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ 3 مِنْ طَرِيقِ ابْنِ بُكَيْر عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ بَلَاغٌ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ فِي مُحْرِمٍ بِحَجَّةٍ أَصَابَ امْرَأَتَهُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ: يَقْضِيَانِ حَجَّهُمَا، وَعَلَيْهِمَا الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ مِنْ حَيْثُ كَانَا أَحْرَمَا، وَيَتَفَرَّقَانِ حَتَّى يُتِمَّا حَجَّهُمَا، قَالَ: وَهَذَا مُنْقَطِعٌ بَيْنَ عَطَاءٍ، وَعُمَرَ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: سَأَلْت مُجَاهِدًا عَنْ الْمُحْرِمِ يُوَاقِعُ امْرَأَتَهُ، فَقَالَ: كَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَقَالَ: يَقْضِيَانِ حَجَّهُمَا، ثُمَّ يَرْجِعَانِ حَلَالًا، فَإِذَا كَانَ مِنْ قَابِلٍ حَجَّا وَأَهْدَيَا، وَتَفَرَّقَا مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَهُمَا، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" 4 عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَسَأَلَهُ عَنْ مُحْرِمٍ وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ، فَأَشَارَ لَهُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ الرَّجُلُ، قَالَ: فَذَهَبْت معه، فسأله عن المحرم وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ، قَالَ: بَطَلَ حَجُّهُ، قَالَ: فَيَقْعُدُ؟، قَالَ: لَا، بَلْ يَخْرُجُ مَعَ النَّاسِ، فَيَصْنَعُ مَا يَصْنَعُونَ، فَإِذَا أَدْرَكَهُ قَابِلٌ حَجَّ، وَأَهْدَى، فَرَجَعَا
1 قال الحافظ في "الدراية" ص 208: أخرجه سعيد بن منصور، وغيره، وروى ابن أبي شيبة عن حميد عن ابن عمر نحوه.
2 في "الموطأ - في باب هدي المحرم إذا أصاب أهله" ص 148.
3 أخرجه البيهقي بلاغ، مالك في "السنن" ص 167 - ج 5، وكذا حديث عمر، وحديث يزيد بن يزيد بن جابر، قال: سألت مجاهداً أيضاً: ص 167 - ج 5.
4 أخرجه البيهقي: ص 167 - ج 5.
إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَأَخْبَرَاهُ، فَأَرْسَلَنَا إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ شُعَيْبٌ: فَذَهَبْت مَعَهُ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَا، انْتَهَى. وَعَنْ الدَّارَقُطْنِيِّ رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَعَنْ الْحَاكِمِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ سَمَاعِ شُعَيْبٍ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو من ابْنِ عَبَّاسٍ، انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ": رِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ مَشْهُورُونَ، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَدَنَةٌ، فَإِذَا حَجَّا من قبل تَفَرَّقَا مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَهُمَا، انْتَهَى. حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: إنِّي وَقَعْت عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا مُحْرِمٌ، فَقَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِحَجِّكُمَا، امْضِيَا لِوَجْهِكُمَا، وَعَلَيْكُمَا الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، فَإِذَا انتهيت إلى مكان الَّذِي وَاقَعْت فِيهِ فَتَفَرَّقَا، ثُمَّ لَا تَجْتَمِعَا حَتَّى تَقْضِيَا حَجَّكُمَا، انْتَهَى. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بن خرشيد أَنَّ رَجُلًا اسْتَفْتَى جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ1، وَالْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ أَهَلَّا بِالْحَجِّ، ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهَا، فَقَالَا: يُتِمَّانِ حَجَّهُمَا، وَعَلَيْهِمَا الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، وَإِنْ كَانَ ذَا مَيْسَرَةٍ أَهْدَى جَزُورًا، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: " مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ"، تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ.
قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَجِبُ الْبَدَنَةُ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قُلْت: يُشِيرُ إلَى حَدِيثٍ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ": مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَقَعَ بِأَهْلِهِ، وَهُوَ بِمِنًى، قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْحَرَ بَدَنَةً، انْتَهَى. وَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَشَارَ إلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ: مَنْ طَافَ طَوَافَ الزيادة جُنُبًا، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رفيق عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ قَضَى الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَزُرْ الْبَيْتَ حَتَّى وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ، قَالَ: عَلَيْهِ بَدَنَةٌ، انْتَهَى. وَرَوَى أَيْضًا: حَدَّثَنَا ابْنُ الْفُضَيْلِ، وَسَلَّامٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، رَجُلٌ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ، بَعِيدُ الشُّقَّةِ، قَلِيلُ ذَاتِ الْيَدِ، قَضَيْت الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَزُرْ الْبَيْتَ حَتَّى وَقَعْت عَلَى امْرَأَتِي، فَقَالَ: بَدَنَةٌ، وَحَجٌّ مِنْ قَابِلٍ، انْتَهَى.
1 قال البيهقي في "السنن" ص 168 - ج 5: وروينا عن جابر بن زيد أبي الشعثاء، الخ.
فَصْلٌ
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ عليه السلام: " الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، إلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ فِيهِ الْمَنْطِقَ"، قُلْت: تَقَدَّمَ فِي "بَابِ الْإِحْرَامِ"، وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهِ هُنَا لِلشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الطَّوَافِ، وَأَحْمَدُ مَعَ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُمَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ" بِحَدِيثَيْنِ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" كِلَاهُمَا عَنْ عَائِشَةَ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا حَاضَتْ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ عليه السلام:"اقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي"، الثَّانِي: أَنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَكُنْت أَفَضْت يَوْمَ النَّحْرِ - يَعْنِي الطَّوَافَ -؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَانْفِرِي إذًا"، قَالَ: فَمَنَعَ مِنْ الطَّوَافِ لِعَدَمِ الطَّهَارَةِ، قَالَ: فَإِنْ قَالَ الْخَصْمُ: إنَّمَا مَنَعَ لِأَجْلِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، قُلْنَا: الْمَنْقُولُ حُكْمٌ، وَسَبَبٌ، وَظَاهِرُ الْأَمْرِ يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِالسَّبَبِ، فَلَمَّا تَعَرَّضَ لِلطَّوَافِ لَا لِلْمَسْجِدِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْحُكْمِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. قَالَ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ": رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَأَلْت حَمَّادًا، أَوْ مَنْصُورًا عَنْ الرَّجُلِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، فَلَمْ يَرَيَا بِهِ بَأْسًا، قَالَ: وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ ابْنِ بِشْرٍ عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: حَاضَتْ امْرَأَةٌ، وَهِيَ تَطُوفُ مَعَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَتَمَّتْ بِهَا عَائِشَةُ سُنَّةَ طَوَافِهَا.
قَوْلُهُ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِيمَنْ طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ جُنُبًا أَنَّ عَلَيْهِ بَدَنَةً، قُلْت: غَرِيبٌ.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: قَالَ عليه السلام: "فَادْفَعُوا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ - يَعْنِي فِي الْإِفَاضَةِ - مِنْ عَرَفَاتٍ"، قُلْت: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ، فَلَمْ يَزَلْ عليه السلام وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ عليه السلام أَفَاضَ منها حين غربت الشمس، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ، قَالَ: كُنْت رِدْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا وَقَعَتْ الشَّمْسُ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى. وَقَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": إسْنَادُهُ حَسَنٌ، تقدم أَيْضًا عِنْدَ الْحَاكِمِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ أَهْلَ الشِّرْكِ كَانُوا يَدْفَعُونَ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إذَا كَانَتْ الشَّمْسُ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ مِثْلَ عَمَائِمِ الرِّجَالِ، وَإِنَّا نَدْفَعُ بَعْدَ أَنْ تَغِيبَ"، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ لَا يُفِيضُونَ مِنْ عَرَفَاتٍ حَتَّى تُعَمَّمَ الشَّمْسُ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَفِيضُ حَتَّى تَغِيبَ، مُخْتَصَرٌ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" ثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الرُّكَيْنِ قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: إذَا سَقَطَتْ الشَّمْسُ فَأَفِضْ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَنْ قَدَّمَ نُسُكًا عَلَى نُسُكٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ، قُلْت: هَكَذَا هُوَ فِي غَالِبِ النُّسَخِ، وَيُوجَدُ فِي بَعْضِهَا ابْنُ عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَصَحُّ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا سَلَّامٍ بْنُ مُطِيعٍ أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا مِنْ حَجِّهِ، أَوْ أَخَّرَهُ، فَلْيُهْرِقْ لِذَلِكَ دَمًا، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ": وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ ضَعِيفٌ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَبِي الشَّعْثَاءِ، نَحْوَ ذَلِكَ، وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ الْآثَارِ"1 حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ عن إبراهيم بن المهاجر بِهِ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ثَنَا الْخَصِيبُ ثَنَا وُهَيْبٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَحَدُ مَنْ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام، أَنَّهُ مَا سُئِلَ يَوْمئِذٍ عَنْ شَيْءٍ، قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ إلَّا قَالَ: لَا حَرَجَ، فَلَمْ يَكُنْ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ فِي تَقْدِيمِ مَا قَدَّمُوا، وَلَا تَأْخِيرِ مَا أَخَّرُوا، مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ فِيهِ الدَّمَ، وَلَكِنْ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَهُ عَلَى أَنَّ الَّذِي فَعَلُوهُ فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ عليه السلام كَانَ عَلَى الْجَهْلِ بِالْحُكْمِ فِيهِ، كَيْفَ هُوَ، فَعَذَرَهُمْ لِجَهْلِهِمْ، وَأَمَرَهُمْ فِي الْمُسْتَأْنَفِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا مَنَاسِكَهُمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَجَازَ تَقْدِيمَ الْحَلْقِ عَلَى الذَّبْحِ وَالرَّمْيِ وَغَيْرِ ذَلِكَ بِمَا أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام سُئِلَ عَنْ الذَّبْحِ وَالرَّمْيِ وَالْحَلْقِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، فَقَالَ: لَا حَرَجَ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" أَيْضًا 2 عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاقِفًا عَلَى رَاحِلَتِهِ بِمِنًى، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْت أَرَى أَنَّ الذَّبْحَ قَبْلَ الرَّمْيِ، فَذَبَحْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ:" ارْمِ وَلَا حَرَجَ"، قَالَ: فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قَدَّمَهُ رَجُلٌ قَبْلَ شَيْءٍ، إلَّا قَالَ:"افْعَلْ وَلَا حَرَجَ"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام، وَأَصْحَابَهُ أُحْصِرُوا بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَحَلَقُوا فِي غَيْرِ الْحَرَمِ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 3 عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ عليه السلام زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشَرَةَ مِائَةً مِنْ الصَّحَابَةِ، حَتَّى إذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ، وَأَشْعَرَ، وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، قَالَ: وَسَارَ النَّبِيُّ عليه السلام حَتَّى إذَا كَانَ
1 في "باب تقديم نسك على نسك" 424 - ج 1.
2 عند البخاري في "الحج - في باب الفتيا على الدابة عند الجمرة" ص 234 - ج 1، وعند مسلم في "باب جواز تقديم الذبح على الرمي" الخ: ص 421 - ج 1.
3 عند البخاري في "باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب" ص 378 - ج 1.
بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يَهْبِطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا، بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، إلَى أَنْ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام: اُكْتُبْ: هَذَا مَا قَضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَقَصَّ الْخَبَرَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيك مِنَّا رَجُلٌ، - وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِك - إلَّا رَدَدْته إلَيْنَا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ، قَالَ النَّبِيُّ عليه السلام لِأَصْحَابِهِ:"قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا"، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي "الْحَجِّ": وَالْحُدَيْبِيَةُ خَارِجُ الْحَرَمِ1، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي "الشَّهَادَاتِ" عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ، وَحَلَقَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْقَابِلَ، وَسَيَأْتِي فِي "باب الإِحصار". إن شاء الله تعالى.
فَصْلٌ
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: وَاسْتَثْنَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخَمْسَ الْفَوَاسِقَ، وَهِيَ: الْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالذِّئْبُ، وَالْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْحَيَّةُ، وَالْعَقْرَبُ، قلت: اعلم أن ههنا حَدِيثَيْنِ: حَدِيثًا فِي جَوَازِ قَتْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِلْمُحْرِمِ، وَحَدِيثًا فِي جَوَازِ قَتْلِهَا فِي الْحَرَمِ، فَهُمَا حَدِيثَانِ مُتَغَايِرَانِ، لَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ قَتْلِهَا لِلْمُحْرِمِ، جَوَازُ قَتْلِ الْحَلَالِ لَهَا فِي الْحَرَمِ، وَلَا مِنْ جَوَازِ قَتْلِ الْحَلَالِ لَهَا خَارِجَ الْحَرَمِ، جَوَازُ قَتْلِ الْمُحْرِمِ لَهَا، فَثَبَتَ أَنَّهُمَا حُكْمَانِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ، وَسَيَأْتِي الْحُكْمُ الْآخَرُ فِي "الْحَدِيثِ الْحَادِي عَشَرَ"، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ 2 عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: خَمْسٌ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ، فَذَكَرَهُمَا، فَدَلَّ عَلَى تَغَايُرِهِمَا، وَإِنَّمَا ذَكَرْت ذَلِكَ، لِأَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ وَهَمَ فِي ذَلِكَ، وَاسْتَدَلَّ بِأَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى الْحُكْمِ الْآخَرِ، بَلْ فِي أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مَنْ بَوَّبَ عَلَى أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ، فَسَاقَ أَحَادِيثَ الْحُكْمِ الْآخَرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَاقَ أَحَادِيثَ الْحُكْمَيْنِ، وَالْبَابُ عَلَى حُكْمٍ وَاحِدٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ غير مرضي لِمَا بَيَّنَّاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 3 عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
1 وأجاب الحنفية: أن بعض الحديبية من الحرم، كما ذكره الزمخشري في "الكشاف"، وقد روى الطحاوي من حديث الزهري عن عروة عن المسور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالحديبية خباؤه في الحل، ومصلاه في الحرم، ولا يجوز في قول أحد من العلماء لمن قدر على دخول شيء من الحرم أن ينحر هديه خارج الحرم، وروى البيهقي من حديث يونس عن الزهري عن عروة بن الزبير عن مروان، والمسور بن مخرمة، قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية في بضع عشرة من أصحابه، الحديث بطوله، وفيه: وكان مضطربه في الحل، وكان يصلي في الحرم، انتهى. والمضطرب: هو البناء الذي يضرب، ويقام على أوتاد مضروبة في الأرض، انتهى كلام العيني مختصراً.
2 عند مسلم في "باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم" ص 381 - ج 1.
3 عند مسلم في ذلك الباب: ص 381 - ج 1، وعند البخاري في "باب ما يقتل المحرم من الدواب" ص 246 - ج 1، وحديث زيد بن جبير، عند البخاري: ص 246 - ج 1 فيه، وعند مسلم في ذلك الباب: ص 382 - ج 1.
"خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ: الْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ"، انْتَهَى. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "بَدْءِ الْخَلْقِ - وَفِي الْحَجِّ"، وَمُسْلِمٌ فِي "الْحَجِّ"، وَأَخْرَجَاهُ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: حَدَّثَتْنِي إحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ عليه السلام عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْكَلْبَ العقور، والفأرة، والعقرب، والحديا، وَالْغُرَابَ"، زَادَ فِيهِ مُسْلِمٌ: وَالْحَيَّةَ، وَزَادَ فِيهِ: قَالَ: وَفِي الصَّلَاةِ أَيْضًا، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ1، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَمَّا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ، قَالَ:"يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ: الْحَيَّةَ، وَالْعَقْرَبَ، وَالْفُوَيْسِقَةَ، وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ، وَالْحِدَأَةَ، وَالسَّبُعَ الْعَادِيَ، وَيَرْمِي الْغُرَابَ، وَلَا يَقْتُلُهُ"، انْتَهَى. وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهُ التِّرْمِذِيُّ غَيْرَ السَّبُعِ الْعَادِي، وَقَالَ فِيهِ: حَسَنٌ، وَقَالَ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ": وَإِنَّمَا لَمْ يُصَحِّحْهُ مِنْ أَجْلِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، انْتَهَى. وَالْغُرَابُ الْمَنْهِيُّ عَنْ قَتْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يُحْمَلُ عَلَى الَّذِي لَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ، وَيُحْمَلُ الْمَأْمُورُ بِقَتْلِهِ عَلَى الْأَبْقَعِ الَّذِي يَأْكُلُ الْجِيَفَ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْكِتَابِ، بِقَوْلِهِ: وَالْمُرَادُ بِهِ الْغُرَابُ الَّذِي يَأْكُلُ الْجِيَفَ، وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ، وَابْنُ مَاجَهْ 2 عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خَمْسٌ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ: الْحَيَّةُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ"، انْتَهَى. وَوَرَدَ الْحَدِيثُ غَيْرُ مقيد بالحرم والإِحارم، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ 3 عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ مَرْفُوعًا:"خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ كُلُّهَا فَاسِقٌ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ: الْعَقْرَبُ، وَالْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ"، انْتَهَى. لَمْ يَقُلْ الْبُخَارِيُّ: كُلُّهَا فَاسِقٌ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهَا"، فَذَكَرَهُنَّ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ": زَادَ جَمَاعَةٌ عَنْ نَافِعٍ: لَيْسَ فِي حَدِيثِ أَحَدٍ مِنْهُمْ: سَمِعْت النَّبِيَّ عليه السلام، وَأَمَّا رِوَايَةُ الذِّئْبِ، فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" 4 عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُحْرِمَ بِقَتْلِ الذِّئَابِ، وَالْفَأْرَةِ، وَالْحِدَأَةِ، وَالْغُرَابِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَزَادَ فِيهِ، قِيلَ لَهُ: فَالْحَيَّةُ، وَالْغُرَابُ، فَقَالَ: كَانَ يُقَالُ ذَلِكَ، انْتَهَى. وَالْحَجَّاجُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ.
1 عند أبي داود في "باب ما يقتل المحرم من الدواب" ص 256 - ج 1، والترمذي فيه: ص 114 - ج 1.
2 عند النسائي في "باب ما يقتل المحرم من الدواب، قتل الكلب العقور" ص 25 - ج 2، وعند ابن ماجه في "باب ما يقتل المحرم" ص 230 - ج 1، وكذا عند مسلم في رواية الغراب الأبقع.
3 عند البخاري في "باب ما يقتل المحرم من الدواب" ص 246 - ج 1، وعند مسلم في "باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب" ص 381 - ج 1.
4 عند الدارقطني: عن وبرة، ونافع عن ابن عمر: ص 261.
حَدِيثٌ آخَرُ مُرْسَلٌ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خَمْسٌ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ: الْحَيَّةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْغُرَابُ، وَالْكَلْبُ، وَالذِّئْبُ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي حَرْمَلَةَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ الْمُسَيِّبِ، فَذَكَرَهُ. وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ" مِنْ جِهَةِ أَبِي دَاوُد، وَلَمْ يُعِلَّهُ بِشَيْءٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"، مُقْتَصِرًا فِيهِ عَلَى - الذِّئْبِ - وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُمَرَ، وَأَخْرَجَ عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الذِّئْبَ، وَكُلَّ عَدُوٍّ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ، انْتَهَى. قَالَ السَّرَقُسْطِيُّ فِي "غَرِيبِهِ": الْكَلْبُ الْعَقُورُ اسْمٌ لِكُلِّ عَاقِرٍ، حَتَّى اللِّصَّ الْمُقَاتِلَ، وَعَلَى هَذَا فَيَسْتَقِيمُ قِيَاسُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى الْخَمْسَةِ، مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا، وَلَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا عَدَمُ إفْرَادِهِ بِالذِّكْرِ، فَإِنْ قَالُوا: إنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، تَأْكِيدًا لِلْخَاصِّ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} : قُلْنَا: قَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مُؤَخَّرُ الذِّكْرِ مُتَوَسِّطًا، هَكَذَا فِي "الصَّحِيحِ" وَغَيْرِهِ، وَأَيْضًا فَفِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد ذِكْرُ الْكَلْبِ مِنْ غَيْرِ وَصْفِهِ بِالْعَقُورِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَيَوَانُ الْخَاصُّ، لَا كُلُّ عَاقِرٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ السَّرَقُسْطِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: الْكَلْبُ الْعَقُورُ الْأَسَدُ، وَسَنَدُهُ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ سِيلَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَهُ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ، هَلْ أَشَرْتُمْ، هَلْ دَلَلْتُمْ، تَقَدَّمَ فِي "الْإِحْرَامِ". قَوْلُهُ: وَقَالَ عَطَاءٌ: أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ عَلَى الدَّالِّ الْجَزَاءَ، قُلْت: غَرِيبٌ، وَعَطَاءٌ هَذَا كَأَنَّ ابْنَ أَبِي رَبَاحٍ صَرَّحَ بِهِ فِي "الْمَبْسُوطِ" وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي "الْمُغْنِي" عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: هُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُمْ خِلَافُهُ، فَكَانَ إجْمَاعًا، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَالصَّحَابَةُ أَوْجَبُوا النَّظِيرَ مِنْ حيث الخلقة، قُلْت: رَوَى مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ 1 أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ، وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ، وَفِي الْأَرْنَبِ بِعِنَاقٍ، وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ، انْتَهَى. وَعَنْ مَالِكٍ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ".
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، ومن جِهَتِهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ أَنَّ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ رضي الله عنهم قَالُوا فِي النَّعَامَةِ يَقْتُلُهَا الْمُحْرِمُ: بَدَنَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، انْتَهَى. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنَّمَا نَقُولُ: إنَّ فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ
1 عند مالك في "باب فدية ما أصيب من الطير والوحش" ص 161 - ج 1.
بِالْقِيَاسِ لَا بِهَذَا الْأَثَرِ، فَإِنَّ هَذَا الْأَثَرَ غَيْرُ ثَابِتٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ:1 وَسَبَبُ عَدَمِ ثُبُوتِهِ أَنَّ فِيهِ ضَعْفًا وَانْقِطَاعًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ، قَالَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ، فَلَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ، وَلَا عُثْمَانَ، وَلَا عَلِيًّا، وَلَا زَيْدًا، وَكَانَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ صَبِيًّا، وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ احْتِمَالِهِ، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ مَعَ انْقِطَاعِ حَدِيثِهِ هَذَا مُتَكَلَّمٌ فِيهِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفَيْهِمَا" أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ بِهِ.
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"2، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قضى في اليربوع بحفرة، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" 3 أَخْبَرَنَا إسْرَائِيلُ، أَوْ غَيْرُهُ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: فِي بَقَرَةِ الْوَحْشِ، بَقَرَةٌ، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثَنَا هُشَيْمِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ مُحْرِمًا أَصَابَ ظَبْيًا بِذَبْحِ شَاةٍ عَفْرَاءَ، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَى إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي "كِتَابِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ" حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فِي الْيَرْبُوعِ حَمَلٌ، انْتَهَى. ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ أَنَّ الْحَمَلَ وَلَدُ الضَّأْنِ الذَّكَرِ، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ" أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ثَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلَ عَنْ جَرِيرٍ الْبَجَلِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا مُهِلِّينَ فَوَجَدْنَا أَعْرَابِيًّا مَعَهُ ظَبْيٌ، فَابْتَعْته مِنْهُ، فَذَبَحْته، وَأَنَا نَاسٍ لِإِهْلَالِي، فَأَتَيْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَأَخْبَرْته، فَقَالَ: ائْتِ بَعْضَ إخْوَانِك فَلْيَحْكُمُوا عَلَيْك، فَأَتَيْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَسَعِيدَ بْنَ مَالِكٍ، فَحَكَمَا عَلَيَّ تَيْسًا أَعْفَرَ، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" 4 أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قُرَيْرٍ الْبَصْرِيِّ
1 عند البيهقي في "السنن - في باب فدية النعام" ص 182 - ج 5.
2 أخرجه البيهقي في "السنن" ص 182 - ج 5، وأيضاً عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن مسعود، ثم قال البيهقي: وهاتان الروايتان عن ابن مسعود رضي الله عنه مرسلتان، توكد إحداهما الأخرى.
3 وأخرجه البيهقي في "السنن" عن الشافعي عن سعيد عن إسرائيل به: ص 182 - ج 5.
4 وأخرجه البيهقي في "باب قتل المحرم الصيد عمداً أو خطأ" ص 180 - ج 5، ومثله في "الزوائد" للهيثمي: ص 232 - ج 3، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات، وعند مالك في "باب فدية ما أصيب من الطير والوحش" ص 161.
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ: إنِّي أَصَبْت ظَبْيًا، وَأَنَا مُحْرِمٌ، فَمَا تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ إلَى جَنْبِهِ: تعال حَتَّى أَحْكُمَ أَنَا وَأَنْتَ، قَالَ: فَحَكَمَا عَلَيْهِ بِعَنْزٍ، فَوَلَّى الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحْكُمَ فِي ظَبْيٍ، حَتَّى دَعَا رَجُلًا، فَحَكَمَ مَعَهُ! فَلَمَّا سَمِعَهُ عُمَرُ دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: هَلْ تَقْرَأُ "سُورَةَ الْمَائِدَةِ"؟ قَالَ: لَا، قَالَ: لَوْ أخبرتني أنك تقرأها لَأَوْجَعْتُك ضَرْبًا، إنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ:{يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} ، فَأَنَا عُمَرُ، وَهَذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ 1 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فِي حَمَامَةِ الْحَرَمِ شَاةٌ، وَفِي بَيْضَتَيْنِ دِرْهَمٌ، وَفِي النَّعَامَةِ جزور، وفي البقرة بقرة، وَفِي الْحِمَارِ بَقَرَةٌ.
أَثَرٌ آخَرُ مَرْفُوعٌ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" 2 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، وَسَعِيدِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ الْأَجْلَحِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ:"فِي الضَّبُعِ إذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ كَبْشٌ، وَفِي الظَّبْيِ شَاةٌ، وَفِي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ، وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: قَالَ النَّبِيُّ عليه السلام: "الضَّبُعُ صَيْدٌ، وَفِيهِ شَاةٌ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ 3 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الضَّبُعِ أَصَيْدٌ هِيَ؟ قَالَ: " نَعَمْ، وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ إذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ"، انْتَهَى. بِلَفْظِ أَبِي دَاوُد، وَلَيْسَ عِنْدَ الْبَاقِينَ: وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَالَ فِي "عِلَلِهِ الْكُبْرَى": قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "الْأَطْعِمَةِ"، وَالْبَاقُونَ فِي "الْحَجِّ"، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ وَالسِّتِّينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنَيْهِمَا"4، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ، فَذَكَرَهُ، وَزَادَ فِيهِ: كَبْشٌ مُسِنٌّ، وَضَعَّفَ عَبْدُ الْحَقِّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَإِنَّمَا ضَعَّفَهَا لِأَنَّ فِي السَّنَدِ إسْحَاقُ بْنُ إسْرَائِيلَ شَيْخُ شَيْخِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَقَدْ تَرَكَ حَدِيثَهُ جَمَاعَةٌ، وَرَفَضُوهُ
1 عند البيهقي في "باب فدية النعام، وبقر الوحش، وحمار الوحش، ص 182 - ج 5، وعند الدارقطني: ص 267.
2 عند الدارقطني: ص 266، وص 267، وفيه قال: والجفرة التي قد ارتعت.
3 عند أبي داود في "الأطعمة - في باب أكل الضبع" ص 177 - ج 2، وعند الترمذي في "باب ما جاء في الضبع يصيبها المحرم" ص 177 - ج 1.
4 عند الدارقطني: ص 266، وليس في النسخة المطبوعة زيادة: كبش مسن، وعند البيهقي في "باب فدية الضبع" ص 183 - ج 5، وفي رواية إبراهيم الصائغ عن عطاء عن جابر، وفيها كبش سمين، ثم قال البيهقي: وحديث ابن أبي عمار حديث جيد تقوم به الحجة، وأخرجه الحاكم: ص 453 - ج 1 بزيادة: عن إبراهيم الصائغ عن جابر، وقال، إبراهيم بن ميمون الصائغ زاهد عالم، أدرك الشهادة رضي الله عنه، وقال الذهبي في "تلخيصه": صحيح.
بِرَأْيٍ كَانَ فِيهِ، انْتَهَى. رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَلَيْسَ فِيهِ إسْحَاقُ بْنُ إسْرَائِيلَ، أَخْرَجَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ ثَنَا حَسَّانُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ثَنَا إبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الضَّبُعُ صَيْدٌ، فَإِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ فَفِيهِ كَبْشٌ مُسِنٌّ، وَيُؤْكَلُ"، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْزَى هَذَا الْحَدِيثُ هُنَا إلَّا لِأَبِي دَاوُد فَقَطْ، وَيُعْزَى لِلْبَاقِينَ فِي "كِتَابِ الذَّبَائِحِ" فَإِنَّ فِي أَلْفَاظِهِمْ: قُلْت: آكُلُهَا؟ قَالَ: " نَعَمْ"، وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَ أَبِي دَاوُد، وَتَفَرَّدَ أَبُو دَاوُد بِذِكْرِ الْكَبْشِ، هَذَا تَحْرِيرُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ.
قَوْلُهُ: وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ - يَعْنِي أَنَّ فِي بَيْضِ النَّعَامِ قِيمَتَهُ، قُلْت: أَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَغَرِيبٌ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"1 حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ أَنَّ رَجُلًا أَوْطَأَ بَعِيرَهُ بَيْضَ النَّعَامِ، فَسَأَلَ عَلِيًّا، فَقَالَ: عَلَيْك لِكُلِّ بَيْضَةٍ ضِرَابُ نَاقَةٍ، أَوْ جَنِينُ نَاقَةٍ، فَانْطَلَقَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ، فَقَالَ:"قَدْ قَالَ مَا سَمِعْت، وَعَلَيْك فِي كُلِّ بَيْضَةٍ صِيَامُ يَوْمٍ، أَوْ إطْعَامُ مِسْكِينٍ"، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فِي بَيْضِ النَّعَامِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ ثَمَنُهُ، انْتَهَى. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" 2 حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فِي كُلِّ بَيْضَتَيْنِ دِرْهَمٌ، وَفِي كُلِّ بَيْضَةٍ نِصْفُ دِرْهَمٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ البيهقي، قال: وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى الْقِيمَةِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفَيْهِمَا"، قَالَ الْأَوَّلُ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ خَصِيفٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: فِي بَيْضِ النَّعَامِ قِيمَتُهُ، انْتَهَى. وَقَالَ الثَّانِي 3: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ خَصِيفٍ بِهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: عَنْ عُمَرَ، رَوَيَاهُ أَيْضًا، فَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: ثَنَا وَكِيعٌ، وَابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ: فِي بَيْضِ النَّعَامِ قِيمَتُهُ، انْتَهَى. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْأَعْمَشِ بِهِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ": وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ عَنْ عُمَرَ مُنْقَطِعٌ، وَكَذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَحْوَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَطَاوُسٍ.
1 عند البيهقي.
2 أخرجه البيهقي في "باب بيض النعامة يصيبها المحرم" ص 208 - ج 5.
3 أخرجه البيهقي فيه: ص 208 - ج 5 عن أبي خيثمة عن خصيف به.
أَحَادِيثُ فِي الْبَابِ مَرْفُوعَةٌ: رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" 1 حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْأَسْلَمِيُّ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي بَيْضِ النَّعَامِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ ثَمَنَهُ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى بِهِ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ"، فَقَالَ: فِيهِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عباس، وهو ضعبف، قَالَ: وَالرَّاوِي عَنْهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْأَسْلَمِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ، بَلْ قِيلَ فِيهِ مَا هُوَ شَرٌّ مِنْ الْكَذِبِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"2، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فِي بَيْضِ النَّعَامِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ ثَمَنُهُ، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ غُرَابٍ عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْهُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ" مِنْ جِهَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَقَالَ: أَبُو الْمُهَزِّمِ ضَعِيفٌ، وَالرَّاوِي عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ، وَقَدْ عَنْعَنَ، وَهُوَ كَثِيرُ التَّدْلِيسِ، انْتَهَى. وَفِي "التنقيح": وأبو الْمُهَزِّمِ اسْمُهُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ": كَانَ يخطئ كثيراً، واتهم، فلم كَثُرَ فِي رِوَايَتِهِ مُخَالَفَةُ الْأَثْبَاتِ تُرِكَ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "خَمْسٌ مِنْ الْفَوَاسِقِ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ"، قُلْت: لَمْ يَذْكُرْهُ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ، وَأَحَالَ عَلَى الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ قَرِيبًا، أَعْنِي حَدِيثَ جَوَازِ قَتْلِهَا لِلْمُحْرِمِ، وَهَذَا خَطَأٌ، كَمَا بَيَّنَّاهُ، بَلْ هَذَا حَدِيثٌ آخَرُ، وَهُوَ جَوَازُ قَتْلِهَا فِي الْحَرَمِ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ"، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ:"الْحَيَّةُ"، عِوَضُ: الْعَقْرَبِ، وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا:"خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَوَاسِقُ"، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ 3:"أَرْبَعٌ كُلُّهُنَّ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحِدَأَةُ، وَالْغُرَابُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ:"خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ، وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْحُدَيَّا"، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الذِّئْبَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، قُلْت: رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ الْآثَارِ" 4 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ الْقَعْقَاعِ
1 عند البيهقي: ص 208 - ج 5، وعند الدارقطني: ص 267 - ج 1.
2 عند الدارقطني: ص 268.
3 لفظ: الحية، ولفظ: أربع كلهن فواسق، عند مسلم في بابه: ص 381 - ج 1.
4 عند الطحاوي في "باب ما يقتل المحرم من الدواب" ص 384 - ج 1.
بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام، بِنَحْوِ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ - يَعْنِي أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ:"خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ: الْعَقْرَبُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْغُرَابُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ" - إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: "وَالْحَيَّةُ، وَالذِّئْبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ"، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ، قُلْت: رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" 1 أَنْبَأَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عُمَرَ عَنْ جَرَادَةٍ قَتَلَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ: تَعَالَ حَتَّى نَحْكُمَ، فَقَالَ كَعْبٌ: دِرْهَمٌ، فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ: إنَّك لَتَجِدُ الدَّرَاهِمَ، لَتَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ مَرَّتْ بِهِ جَرَادَةٌ فَضَرَبَهَا بِسَوْطِهِ، ثُمَّ أَخَذَهَا فَشَوَاهَا، فَقَالَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: هَذَا خَطَأٌ، وَأَنَا أَحْكُمُ عَلَى نَفْسِي فِي هَذَا دِرْهَمًا، فَأَتَى عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرَ: إنَّكُمْ يَا أَهْلَ حِمْصَ أَكْثَرُ شَيْءٍ دَرَاهِمَ، تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، وَالثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ أَنَّ كَعْبًا سَأَلَ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سُئِلَ عَنْ الْجَرَادِ يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ، فَقَالَ: تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: " الضَّبُعُ صَيْدٌ، وَفِيهِ الشَّاةُ"، قُلْت: غَرِيبٌ جِدًّا. قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَتَلَ سَبُعًا، وَأَهْدَى كَبْشًا، وَقَالَ: إنَّا ابْتَدَأْنَاهُ2، قُلْت: غَرِيبٌ جِدًّا.
الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "لَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ الْمُحْرِمُ لَحْمَ صَيْدٍ مَا لَمْ يصده أو يصاد 3 لَهُ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ4 عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ، وَأَنْتُمْ حُرُمٌ، مَا لَمْ تَصِيدُوهُ، أَوْ يصاد لَكُمْ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَالْمُطَّلِبُ بْنُ حَنْطَبٍ لَا نَعْرِفُ لَهُ سَمَاعًا مِنْ جَابِرٍ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
1 في "باب فدية من أصاب شيئاً من الجراد وهو محرم" ص 162.
2 وفي "العرف الشذي" لشيخ الاسلام خادم المحدثين مولانا "السيد محمد أنور" رحمه الله تعالى، وفي أكثر كتبنا أنه لو ابتدأ السبع بالصولة على المحرم، فقتله المحرم لا شيء عليه، ولو ابتدأ المحرم بقتل السبع فعليه جزاء، ولا يجاوز الشاة، انتهى.
3 في - نسخة الدار - "أو يصيد"[البجنوري] .
4 عند الترمذي في "باب ما جاء في أكل الصيد للمحرم" ص 116 - ج 1، وعند أبي داود في "باب لحم الصيد للمحرم" ص 256، وعند النسائي في "باب إذا أشار المحرم إلى الصيد فقتله الحلال" ص 25 - ج 2.
هَذَا أَحْسَنُ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي "كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ" 1: وَالْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ يُقَالُ: إنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَابِرٍ، انْتَهَى. وَقَالَ النَّسَائِيّ: عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَوَى عنه مالك، انتهى. رواه ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ الْأَرْبَعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"2، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، قَالَ: وَهَكَذَا رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ3، وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مُتَّصِلًا مُسْنَدًا، ثُمَّ أَخْرَجَ أَحَادِيثَهُمْ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ الْحَاكِمُ: وَهَذَا لَا يُعَلِّلُ حَدِيثَ مَالِكٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، وَيَعْقُوبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الإسكندراني. فَإِنَّهُمْ وَصَلُوهُ وَهُمْ ثِقَاتٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَهَذَا الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْ جِهَةِ الشَّافِعِيِّ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "مُسْنَدِهِ" بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، بَعْدَ أَنْ رَوَاهُ مُتَّصِلًا عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى الْأَسْلَمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَابْنُ يَحْيَى أَحْفَظُ مِنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ، وَلَكِنْ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ، وَأَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي "صَحِيحَيْهِمَا"، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ ثِقَةٌ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَابِرٍ فِيمَا قِيلَ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الْمَرَاسِيلِ": سَمِعْت أَبِي يَقُولُ: الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَامَّةٌ أَحَادِيثُهُ مَرَاسِيلُ، لَمْ يُدْرِكْ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَّا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، وَأَنَسًا، وَسَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ، أَوْ مَنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُمْ، لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَابِرٍ، وَقَالَ فِي "كِتَابِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ": قَالَ أَبِي: وَجَابِرٌ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَدْرَكَهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَأَجَابَ صَاحِبُ الْكِتَابِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ: بِأَنَّ مَعْنَاهُ: أَوْ يُصَادَ لَكُمْ بِأَمْرِكُمْ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ، قَالَ: قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ: هَلْ أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَكُلُوا، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ بِذَلِكَ فَقَطْ، وَلَمْ يَقُلْ: هَلْ صِيدَ لِأَجْلِكُمْ؟.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى: فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" 4 عَنْ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمْتِيِّ ثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام نَحْوَهُ، سَوَاءٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ"، وَأَعَلَّهُ بِيُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ هَذَا، وَضَعَّفَهُ عَنْ
1 بل قال عقيب هذا الحديث أيضاً: والمطلب لا نعرف له سماعا عن جابر، وراجع "التهذيب" ص 178 - ج 10.
2 في "باب حلة لحم الصيد للمحرم ما لم يصيده أو يصاد له، ص 452 - ج 1.
3 ورواية سليمان بن بلال، ومالك بن أنس، ويحيى بن عبد الله بن سالم، ويعقوب بن عبد الرحمن كلهم عن عمرو بن أبي عمرو، عند البيهقي في "السنن" ص 190 - ج 5 وكذا عند الدارقطني: ص 285.
4 قال الهيثمي في "الزوائد" ص 230 - ج 3: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه يوسف بن خالد السمتي وهو ضعيف.
الْبُخَارِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَابْنِ مَعِينٍ، وَأَغْلَظَ فِيهِ الْقَوْلَ، انْتَهَى. قُلْت: رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ الْآثَارِ" مِنْ حَدِيثِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْد حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، بِهِ سَوَاءً.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ" عَنْ عُثْمَانَ بْنِ خَالِدٍ الْعُثْمَانِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الصَّيْدُ يَأْكُلُهُ الْمُحْرِمُ مَا لَمْ يَصِدْهُ، أَوْ يُصَدْ لَهُ"، انْتَهَى. وَضَعَّفَ عُثْمَانُ هَذَا عَنْ الْبُخَارِيِّ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هَذَا عَنْ مَالِكٍ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَكُلُّ أَحَادِيثِ عُثْمَانَ هَذَا غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: مِنْهَا حَدِيثُ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ، أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ1 - إلَّا أَبَا دَاوُد - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ، أَنَّهُ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ عليه السلام حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ، أَوْ بِوَدَّانَ، فَرَدَّهُ عليه السلام، قَالَ: فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا فِي وَجْهِهِ، قَالَ:" إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْك إلَّا أَنَّا حُرُمٌ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا أَنَّهُ إنَّمَا رَدَّهُ عَلَيْهِ لِمَا ظَنَّ أَنَّهُ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ، أَوْ تَرَكَهُ عَلَى التَّنَزُّهِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرَ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ 2 عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: يَا زَيْدُ، هَلْ عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُهْدِيَ إلَيْهِ عُضْوُ صَيْدٍ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ، وَقَالَ: إنَّا حُرُمٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد 3 عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ نَوْفَلٍ - وَكَانَ خَلِيفَةَ عُثْمَانَ عَلَى الطَّائِفِ - صَنَعَ لِعُثْمَانَ طَعَامًا فِيهِ مِنْ الْحَجَلِ، وَالْيَعَاقِيبِ، وَلَحْمِ الْوَحْشِ، فَبَعَثَ إلَى عَلِيٍّ، فَجَاءَهُ الرَّسُولُ، وَهُوَ يَخْبِطُ لا باعر لَهُ، فَجَاءَ، وَهُوَ يَنْفُضُ الْخَبْطَ عَنْ يَدَيْهِ، فَقَالُوا لَهُ: كُلْ، فَقَالَ: أَطْعِمُوهُ قَوْمًا حَلَالًا، فَإِنَّا حُرُمٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنْشُدُ مَنْ كان ههنا مِنْ أَشْجَعَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْدَى إلَيْهِ رَجُلٌ حِمَارَ وَحْشٍ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ الْآثَارِ"4، لَمْ يَقُلْ: أَنْشُدُ مَنْ كان ههنا، إلَى آخِرِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ: فَقَالَ عَلِيٌّ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ
1 عند البخاري في "باب إذا أهدى للمحرم حماراً وحشياً حياً لم يقبل: ص 246 - ج 1، وعند مسلم في "باب تحريم الصيد المأكول البري" ص 379 - ج 1، وعند الترمذي في "باب ما جاء في كراهية لحم الصيد للمحرم" ص 116 - ج 1، وعند النسائي في "باب ما لا يجوز للمحرم أكله من الصيد" ص 24 - ج 2.
2 عند النسائي في "باب ما لا يجوز للمحرم أكله من الصيد" ص 24 - ج 2، وعند أبي داود في "باب لحم الصيد للمحرم" ص 256 - ج 1.
3 عند أبي داود في "باب لح الصيد للمحرم" ص 256 - ج 1.
4 أخرجه الطحاوي في "باب لحم الصيد الذي يذبحه الحلال" ص 389 - ج 1، وص 390 - ج 1.
مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَقَدْ خَالَفَ عَلِيًّا فِي ذَلِكَ عُمَرُ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةُ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ: ثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ اسْتَفْتَاهُ فِي لَحْمِ الصَّيْدِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهِ، قَالَ: فَلَقِيت عُمَرَ، فَأَخْبَرْته بِمَسْأَلَةِ الرَّجُلِ، فَقَالَ: بِمَا أَفْتَيْته؟ قُلْت: بِأَكْلِهِ، فَقَالَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَفْتَيْته بِغَيْرِ ذَلِكَ لَعَلَوْتُك بِالدِّرَّةِ، إنَّمَا نُهِيت أَنْ تَصْطَادَهُ، انْتَهَى. ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِمَاسٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فِي لَحْمِ الصَّيْدِ يَصِيدُهُ الْحَلَالُ، ثُمَّ يُهْدِيهِ لِلْمُحْرِمِ: مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، قَالَ: وَأَمَّا مَعْنَى الْآيَةِ، فَمَعْنَاهُ: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ، بِدَلِيلِ قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} الآية، ولم يقل: لاتأكلوا، قَالَ: وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَيْضًا أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّ الصَّيْدَ يُحَرِّمُهُ الْإِحْرَامُ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَيُحَرِّمُهُ الْحَرَمُ عَلَى الْحَلَالِ، وَكَأَنَّ مَنْ صَادَ صَيْدًا فِي الْحِلِّ فَذَبَحَهُ فِي الْحِلِّ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ في الحرام، لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أَكْلِهِ، فَلَمَّا كَانَ الْحَرَمُ لَا يَمْنَعُ مِنْ لَحْمِ الصَّيْدِ الَّذِي صِيدَ فِي الْحِلِّ، كَمَا يَمْنَعُهُ مِنْ الصَّيْدِ الْحَيِّ، كَانَ النَّاظِرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ الْإِحْرَامُ أَيْضًا، يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ الصَّيْدُ الْحَيُّ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لَحْمُهُ، إذَا تَوَلَّى الْحَلَالُ ذَبْحَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ1، وَالشَّافِعِيُّ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إبَاحَةِ أَكْلِ الْمُحْرِمِ مَا صِيدَ لِأَجْلِهِ، وَأَحْمَدُ مَعَ مَالِكٍ فِي تَحْرِيمِهِ، وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ" لِأَحْمَدَ بِحَدِيثِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ، وَبِحَدِيثِ جَابِرٍ، وَبِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ، وَمِنْ جِهَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ: رُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم كَانُوا تَذَاكَرُوا لَحْمَ الصَّيْدِ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ، فَقَالَ عليه السلام:" لَا بَأْسَ بِهِ"، انْتَهَى. قُلْت: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ فِي "كِتَابِ الْآثَارِ"، أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: تَذَاكَرْنَا لَحْمَ الصَّيْدِ يَأْكُلُهُ الْمُحْرِمُ، وَالنَّبِيُّ عليه السلام نَائِمٌ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ عليه السلام، فقال:"فيما تَتَنَازَعُونَ؟ " فَقُلْنَا: فِي لَحْمِ الصَّيْدِ يَأْكُلُهُ الْمُحْرِمُ، فَأَمَرَنَا بأكله، انتهى.
قَالَ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ": رَوَى الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خُسْرو الْبَلْخِيّ فِي "مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ" عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، قَالَ: كُنَّا نَحْمِلُ الصَّيْدَ صَفِيفًا، وَكُنَّا نَتَزَوَّدُهُ، وَنَأْكُلُهُ، وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى. قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الْعَوَّامِ فِي "كِتَابِ فَضَائِلِ أَبِي حَنِيفَةَ"، وَاخْتَصَرَهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ"2،
1 انتهى كلام الطحاوي.
2 أخرجه مالك في "الموطأ - في باب ما يجوز للمحرم أكله من الصيد" ص 135.
فَقَالَ: مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ كَانَ يَتَزَوَّدُ صَفِيفَ الظِّبَاءِ فِي الْإِحْرَامِ، انْتَهَى. قَالَ فِي "الصِّحَاحِ": الصَّفِيفُ مَا يُصَفُّ من اللحم على الجمر لينشوي.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" 1 عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَنَحْنُ حُرُمٌ، فَأُهْدِيَ إلَيْهِ طَيْرٌ، وَطَلْحَةُ رَاقِدٌ، فَمِنَّا مَنْ أَكَلَ، وَمِنَّا مَنْ تَوَرَّعَ، فَلَمَّا انْتَبَهَ أُخْبِرَ، فَوَافَقَ مَنْ أَكَلَهُ، وَقَالَ: أَكَلْنَاهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ الْأَرْبَعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَقَالَ فِيهِ: عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَلَسْت أُنْكِرُ سَمَاعَ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ، فَمَرَّةٌ رَوَاهُ عَنْهُ، وَمَرَّةٌ رَوَاهُ عَنْ مُعَاذٍ عَنْهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ" بِالسَّنَدِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا جَوَّدَ إسْنَادَهُ وَوَصَلَهُ، إلَّا ابْنَ جُرَيْجٍ، وَلَا نَعْلَمُهُ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، انْتَهَى.
وَمِنْ أَحَادِيثِ الْأَصْحَابِ أَيْضًا: حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي "صَحِيحَيْهِمَا"2، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاجًّا، وَخَرَجْنَا مَعَهُ، قَالَ: فَانْصَرَفَ مِنْ أَصْحَابِهِ جَمَاعَةٌ، فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ، فَقَالَ: خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، حَتَّى تَلْقَوْنِي، قَالَ: فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ، إلَّا أَبُو قَتَادَةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ، إذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلْنَا، فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا، فَقُلْنَا: نَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا، فَقَالَ:" هَلْ مَعَكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ"، أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ:" فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا"، وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: 3 عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، قَالَ: فَأَهَلُّوا بِعُمْرَةٍ غَيْرِي، قَالَ: فَاصْطَدْت حِمَارَ وَحْشٍ، فَأَطْعَمْت أَصْحَابِي وَهُمْ مُحْرِمُونَ، ثُمَّ أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْبَأْتُهُ أَنَّ عِنْدَنَا مِنْ لَحْمِهِ، فَقَالَ:" كُلُوهُ"، وَهُمْ مُحْرِمُونَ، انْتَهَى. وَفِي بَعْضِ طُرُقِ الْبُخَارِيِّ4، قَالَ:"مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ "، فَقُلْت: نَعَمْ، فَنَاوَلْته الْعَضُدَ، فَأَكَلَهَا حَتَّى تَعَرَّقَهَا، وَهُوَ مُحْرِمٌ، ذَكَرَهُ فِي "الْأَطْعِمَةِ - فِي الْهِبَةِ" قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: فَقَالَ:
1 عند مسلم في "باب تحريم الصيد للمحرم" ص 381 - ج 1.
2 عند البخاري في "باب لا يشير المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال" ص 246 - ج 1، وعند مسلم في "باب تحريم الصيد المأكول البري" ص 380 - ج 1.
3 عند البخاري في "باب إذا رأى المحرمون صيداً فضحكوا، ففطن الحلال" ص 245 - ج 1، وعند مسلم في "باب تحريم الصيد" ص 381 - ج 1.
4 عند البخاري في "كتاب الهبة - في باب من استوهب من أصحابه شيئاً" ص 350 - ج 1.
"هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ؟ " قَالُوا: مَعَنَا رِجْلُهُ، قَالُوا: فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلَهَا، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ"1 أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابِي، وَلَمْ أُحْرِمْ أَنَا، فَرَأَيْت حِمَارَ وَحْشٍ، فَحَمَلْت عَلَيْهِ، فَاصْطَدْته، فَذَكَرْت شَأْنَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَذَكَرْت لَهُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَحْرَمْت، وَأَنِّي إنَّمَا اصْطَدْته لَك، فَأَمَرَ النَّبِيُّ عليه السلام أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا، وَلَمْ يَأْكُلْ، حِينَ أَخْبَرْته أَنِّي اصْطَدْته لَهُ، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"2، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي "مُسْنَدَيْهِمَا"، والدارقطني فِي "سُنَنِهِ"، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ: قَوْلُهُ: اصْطَدْته لَك، وَقَوْلُهُ: لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ مَعْمَرٍ، انْتَهَى. وَقَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ مَعْمَرٌ غَلَطٌ، فَإِنَّ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام أَكَلَ مِنْهُ، وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ3: قُلْت: هَذِهِ الْعَضُدُ قَدْ شَوَيْتهَا وَأَنْضَجْتهَا، فَأَخَذَهَا فَنَهَشَهَا عليه السلام، وَهُوَ حَرَامٌ، حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ الْآثَارِ" 4 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَلَمَةَ الضَّمْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبَعْضِ أَفْنَاءِ الرَّوْحَاءِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ إذَا حِمَارٌ مَعْقُورٌ فِيهِ سَهْمٌ قَدْ مَاتَ، فَقَالَ عليه السلام:"دَعُوهُ، فَيُوشِكُ صَاحِبُهُ أَنْ يَأْتِيَهُ"، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَهْزٍ، هُوَ الَّذِي عَقَرَ الْحِمَارَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هِيَ رَمْيَتِي، فَشَأْنُكُمْ بِهِ، فَأَمَرَ عليه السلام أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَقْسِمَهُ بَيْنَ الرِّفَاقِ، وَهُمْ مُحْرِمُونَ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْخَامِسَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ
1 وأخرجه البيهقي في "السنن - في باب ما لا يأكل المحرم من الصيد" ص 190 - ج 5، وقال البيهقي: قال علي: قال لنا أبو بكر: قوله: اصطدته لك، وقوله: لم يأكل منه، لا أعلم أحداً ذكر في هذا الحديث غير معمر، ثم قال: وقد روينا عن أبي حازم بن دينار عن عبد الله بن أبي قتادة في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل منها، وتلك الرواية أودعها صاحبا الصحيح - كتابيهما - دون رواية معمر، وإن كان الإسنادان صحيحين، والله أعلم، ثم قال البيهقي: ص 194 - ج 5، بعد ما ذكر حديث الحارث خليفة عثمان رضي الله عنه على الطائف، وتأويل هذين المسندين ما ذكره الشافعي رحمه الله في تأويل حديث من روى في قصة الصعب بن جثامة أنه أهدي إليه من لحم حمار، وأما علي، وابن عباس فإنهما ذهبا إلى تحريم أكله على المحرم مطلقاً، وقد خالفهما عمر، وعثمان، وطلحة، والزبير رضي الله عنهم، وغيرهم، ومعهم حديث أبي قتادة، وجابر، والله أعلم.
2 عند ابن ماجه في "باب الرخصة في ذلك إذا لم يصد له" ص 230، وعند الدارقطني: ص 285، وعند أحمد في "مسند أبي قتادة" ص 304 - ج 5.
3 عند أحمد في "مسند أبي قتادة" ص 306 - ج 5.
4 عند الطحاوي في "باب لحم الصيد الذي يذبحه الحلال" ص 388، ولكن المخرج رحمه الله لفق فيه.
الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ" 1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مَكَّةَ قَامَ النَّبِيُّ عليه السلام فِيهِمْ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:" إنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، وأنها أحلت سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ بَقِيَتْ حَرَامًا 2 إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا، إلَّا لِمُنْشِدٍ"، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إلَّا الْإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا، فَقَالَ عليه السلام:"إلَّا الْإِذْخِرَ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 3 عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ فَتَحَ مَكَّةَ:"إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يُلْتَقَطُ لُقَطَتُهُ، إلَّا مَنْ عَرَّفَهَا، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا"، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إلَّا الْإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ، وَلِبُيُوتِهِمْ، فقال:"إلا الْإِذْخِرَ"، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: رَوَى الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم كَانُوا يُحْرِمُونَ، وَفِي بُيُوتِهِمْ صُيُودٌ، وَدَوَاجِنُ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ إرْسَالُهَا، قُلْت: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، هُوَ قَالَ: كُنَّا نَحُجُّ، وَنَتْرُكُ عِنْدَ أَهْلِنَا أَشْيَاءَ مِنْ الصَّيْدِ، مَا نُرْسِلُهَا، انْتَهَى. حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ عَلِيًّا رَأَى مَعَ أَصْحَابِهِ دَاجِنًا مِنْ الصَّيْدِ، وَهُمْ مُحْرِمُونَ، فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِرْسَالِهِ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ السَّادِسَ عَشَرَ: حَدِيثُ: "لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا".
الْحَدِيثُ السَّابِعَ عَشَرَ: اسْتَثْنَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْإِذْخِرَ، تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ هَذَا الْبَابِ بَابَيْنِ، لَيْسَ فِيهِمَا شَيْءٌ:"بَابُ مُجَاوَزَةِ الْوَقْتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ"، و"بَابُ إضَافَةِ الْإِحْرَامِ إلَى الْإِحْرَامِ" وَبَعْدَهُمَا "باب الإِحصار"، نذكره.
1 حديث أبي هريرة عند البخاري في "كتاب اللقطة - في باب كيف تعرف اللقطة" ص 328 - ج 1، وعند مسلم في "باب تحريم مكة، وتحريم صيدها وخلاها وشجرها" ص 438 - ج 1.
2 في - نسخة الدار - "ثم هي حرام"[البجنوري] .
3 وأما حديث ابن عباس، فعند مسلم: ص 438 - ج 1، وعند البخاري في "الحج - في باب لا ينفر صيد الحرم" ص 247 - ج 1.