الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْوَقْفِ
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام لِعُمَرَ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَرْضٍ لَهُ تُدْعَى ثَمْغٍ: "تَصَدَّقْ بِأَصْلِهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ، وَلَا تُورَثُ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ1، فَالْبُخَارِيُّ فِي "أَوَاخِرِ الشَّهَادَاتِ"، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد فِي "الْوَصَايَا"، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي "الْأَحْكَامِ"، وَالنَّسَائِيُّ فِي "كِتَابِ الْأَجْنَاسِ" كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أَرْضًا، فَأَتَى إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ، قَالَ:" إنْ شِئْت حَبَّسْت أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْت بِهَا"، فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لَا تُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا تُوهَبُ، وَلَا تُورَثُ فِي الْفُقَرَاءِ. وَالْقُرْبَى، وَالرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالضَّيْفِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ فِيهِ، انْتَهَى. وَفِي بَعْضِ طُرُقِ الْبُخَارِيِّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ، لَا تُبَاعُ، وَلَا تُوهَبُ، وَلَا تُورَثُ، وَلَكِنْ يُنْفِقُ ثَمَرَهُ"، فَتَصَدَّقَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، الْحَدِيثُ. وَقَالَ فِيهِ: إنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ نَخْلًا، وَزَادَ أَبُو دَاوُد: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: نَسَخَهَا لِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - يَعْنِي نُسْخَةَ الصَّدَقَةِ - بسم الله الرحمن الرحيم هَذَا مَا كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ فِي ثَمْغٍ، فَقَصَّ مِنْ خَبَرِهِ نَحْوَ حَدِيثِ نَافِعٍ، وَقَالَ: وَإِنْ شَاءَ وَلِيُّ ثَمْغٍ 2 اشْتَرَى مِنْ ثَمَرِهِ رَقِيقًا لِعَمَلِهِ، وَكَتَبَ مُعَيْقِيبٌ، - وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ -: بسم الله الرحمن الرحيم هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إنْ حَدَثَ لي حدث أن ثمغ، وَصِرْمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ، وَالْعَبْدَ الَّذِي فِيهِ، وَالْمِائَةَ سَهْمٍ الَّتِي بِخَيْبَرَ، وَرَقِيقَهُ الَّذِي فيه، والماء الَّتِي أَطْعَمَهُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم بِالْوَادِي، تَلِيهِ حَفْصَةُ مَا عَاشَتْ، ثُمَّ يَلِيهِ ذُو الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا أَنْ لَا يُبَاعَ، وَلَا يُشْتَرَى، يُنْفِقُهُ حَيْثُ رَأَى مِنْ السَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ، وَذِي الْقُرْبَى، وَلَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ، أَوْ آكُلُ، أَوْ اشْتَرَى رَقِيقًا مِنْهُ، انْتَهَى. آكُلُ بِالْمَدِّ، أَيْ أُطْعِمُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام: "لَا حَبْسَ عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
1 عند البخاري في مواضع، وهذا اللفظ في "الوصايا - باب الوقف وكيف يكتب" ص 389 - ج 2، وعند مسلم في "الوصايا - باب الوقف" ص 41 - ج 2، وعند أبي داود في "الوصايا" ص 42 - ج 2، وعند الترمذي في "الوقف" ص 177 - ج 1.
2 قال ابن الهمام في "الفتح" ص 41 - ج 5: ثمغ وهو - بالثاء المثلثة المفتوحة، بعدها ميم ساكنة، ثم غين معجمة - وذكر الشيخ حافظ الدين أنه بلا تنوين للعلمية والتأنيث، وفي "غاية البيان" أنها في كتب غرائب الحديث المصححة عند الثقات، منوناً وغير منون، كما في "دعد" انتهى.
فِي "سُنَنِهِ 1 - فِي الْفَرَائِضِ" عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَخِيهِ عِيسَى بْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا حَبْسَ عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ"، انْتَهَى. وَابْنُ لَهِيعَةَ، وَأَخُوهُ عِيسَى ضَعِيفَانِ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" مَوْقُوفًا عَلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: لَا حَبْسَ عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ إلَّا مَا كَانَ مِنْ سِلَاحٍ أَوْ كُرَاعٍ، انْتَهَى. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ ثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ حَنَشٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "لَا حَبْسَ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَعَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَالَ: جاء محمد يبيع الحبيس، قُلْت: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ - فِي الْبُيُوعِ" حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ شُرَيْحٍ، قَالَ: جَاءَ مُحَمَّدٌ يبيع الحبيس، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ وَقْفُ الْعَقَارِ، لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ وَقَفُوهُ، قُلْت: أَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ 2 - فِي كِتَابِ الْفَضَائِلِ" عَنْ الْوَاقِدِيِّ حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ هُنَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ الْمَخْزُومِيُّ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الْأَرْقَمِ حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ الْأَرْقَمِ الْمَخْزُومِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: أَنَا ابْنُ سَبْعِ الْإِسْلَامِ، أَسْلَمَ أَبِي سَابِعَ سَبْعَةٍ، وَكَانَتْ دَارُهُ عَلَى الصَّفَا، وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَكُونُ فِيهَا فِي الْإِسْلَامِ، وَفِيهَا دَعَا النَّاسَ إلَى الْإِسْلَامِ، فَأَسْلَمَ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ: مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَسُمِّيَتْ دَارُ الْإِسْلَامِ، وَتَصَدَّقَ بِهَا الأرقم على ولده، وقرأت نُسْخَةَ صَدَقَتِهِ: بسم الله الرحمن الرحيم، هَذَا مَا قَضَى الْأَرْقَمُ فِي رَبْعِهِ مَا حَازَ الصَّفَا، أَنَّهَا صَدَقَةٌ بِمَكَانِهَا مِنْ الْحَرَمِ، لَا تُبَاعُ، وَلَا تُورَثُ، شَهِدَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ بِذَلِكَ، وَفُلَانُ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: فَلَمْ تَزَلْ هَذِهِ الدَّارُ صَدَقَةً قَائِمَةً فِيهَا وَلَدُهُ، يَسْكُنُونَ، وَيُؤَاجِرُونَ، وَيَأْخُذُونَ عَلَيْهَا، مُخْتَصَرٌ. وَسَكَتَ عَنْهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" مِنْ حَدِيثِ بَشِيرٍ السُّلَمِيُّ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ اسْتَنْكَرُوا الْمَاءَ، وَكَانَتْ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا: رُومَةُ، وَكَانَ يَبِيعُ مِنْهَا الْقِرْبَةَ بِمُدٍّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" بِعْنِيهَا بِعَيْنٍ فِي الْجَنَّةِ"، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ لِي وَلَا لِعِيَالِي غَيْرُهَا، لَا أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فَاشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ
1 عند الدارقطني في "الفرائض" ص 454 - ج 2.
2 في "المستدرك – في الفضائل – في دار الأرقم ابن أبي القيم" ص 502 – ج3
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَجْعَلُ لِي مِثْلَ الَّذِي جَعَلْتَهُ لَهُ، عَيْنًا فِي الْجَنَّةِ إنْ اشْتَرَيْتُهَا؟ قَالَ:"نَعَمْ"، قَالَ: اشْتَرَيْتُهَا وَجَعَلْتُهَا لِلْمُسْلِمِينَ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي كِتَابِهِ "غَرِيبُ الْحَدِيثِ" حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ 1 وَقَفَ دَارًا لَهُ عَلَى الْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ: الْمَرْدُودَةُ هِيَ الْمُطَلَّقَةُ، وَالْفَاقِدُ الَّتِي مَاتَ زَوْجُهَا، وَفِي الْبَابِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ 2 عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ خَتَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخِي جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ مَوْتِهِ دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا أَمَةً، وَلَا شَيْئًا إلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ الَّتِي كَانَ يَرْكَبُهَا، وَسِلَاحَهُ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا لِابْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً، انْتَهَى. وَفِي "الْخِلَافِيَّاتِ" لِلْبَيْهَقِيِّ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ: تَصَدَّقَ أَبُو بَكْرٍ بِدَارِهِ بِمَكَّةَ عَلَى وَلَدِهِ، فَهِيَ إلَى الْيَوْمِ، وَتَصَدَّقَ عُمَرُ بِرَبْعِهِ عِنْدَ الْمَرْوَةِ، وَبِالثَّنِيَّةِ عَلَى وَلَدِهِ، فَهِيَ إلَى الْيَوْمِ، وَتَصَدَّقَ عَلِيٌّ بِأَرْضِهِ، وَدَارُهُ بِمِصْرَ، وَبِأَمْوَالِهِ بِالْمَدِينَةِ عَلَى وَلَدِهِ، فَذَلِكَ إلَى الْيَوْمِ، وَتَصَدَّقَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ بِدَارِهِ بِالْمَدِينَةِ، وَبِدَارِهِ بِمِصْرَ عَلَى وَلَدِهِ، فَذَلِكَ إلَى الْيَوْمِ، وَعُثْمَانُ بِرُومَةَ، فَهِيَ إلَى الْيَوْمِ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِالْوَهْطِ مِنْ الطَّائِفِ، وَدَارِهِ بِمَكَّةَ، وَالْمَدِينَةِ عَلَى وَلَدِهِ، فَذَلِكَ إلَى الْيَوْمِ، قَالَ: وَمَا لَا يَحْضُرُنِي كَثِيرٌ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام: "وَأَمَّا خَالِدٌ فَقَدْ حَبَسَ أَدْرُعًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 3 فِي "الزَّكَاةِ" عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَمَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْعَبَّاسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إلَّا أَنْ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا خَالِدٌ، فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، فَقَدْ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهِيَ عَلَيَّ، وَمِثْلُهَا، ثُمَّ قَالَ: أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ؟ "، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ الْوَفَاةُ، قَالَ: لَقَدْ طَلَبْتُ الْقَتْلَ، فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي إلَّا أَنْ أَمُوتَ عَلَى فِرَاشِي، وَمَا مِنْ عَمَلِي أَرْجَى مِنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَا مُتَّرِسٌ بِهَا، ثُمَّ قَالَ: إذَا أَنَا مِتَّ فَانْظُرُوا سِلَاحِي، وَفَرَسِي، فَاجْعَلُوهُ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، انْتَهَى.
1 وذكره البخاري تعليقاً في "الوصايا - باب إذا وقف أرضاً أو بئراً" ص 389 - ج 1.
2 عند البخاري في "الجهاد - باب بغلة النبي صلى الله عليه وسلم" ص 402 - ج 1.
3 عند البخاري في "الزكاة - باب قول الله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ} " ص 198، وعند مسلم فيه: ص 361 - ج 1.
قَوْلُهُ: وَطَلْحَةُ رضي الله عنه حَبَسَ دُرُوعَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَيُرْوَى أَكْرَاعَهُ، قُلْت: غَرِيبٌ جِدًّا.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْكُلُ مِنْ صَدَقَتِهِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْمُرَادُ وَقْفُهُ، قُلْت: غَرِيبٌ أَيْضًا، وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي "بَابِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي اعْتَرَضَ بِهَا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ" حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَنِي حَجْرُ الْمَدَرِيُّ، قَالَ فِي صَدَقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَأْكُلُ مِنْهَا أَهْلُهَا بِالْمَعْرُوفِ غَيْرِ الْمُنْكَرِ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ عليه السلام: "نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ صَدَقَةٌ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، وَمِنْ حَدِيثِ الْخُدْرِيِّ، وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ.
أَمَّا حَدِيثُ الْمِقْدَامِ: فَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ 1 فِي "التِّجَارَاتِ" عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ بَحِيرِ بن سعد عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانُ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي عن المقدام كَرِبَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ كَسْبِ الرَّجُلِ كَسْبٌ أَطْيَبَ مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ، وَمَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَهْلِهِ، وَوَلَدِهِ، وَخَادِمِهِ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ فِي "عِشْرَةِ النِّسَاءِ" عَنْ بَقِيَّةَ عَنْ بَحِيرٍ بِهِ، بِلَفْظِ:" مَا أَطْعَمْتَ نَفْسَكَ فَهُوَ لَك صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ زَوْجَتَك فَهُوَ لَك صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْت وَلَدَك فَهُوَ لَك صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ خَادِمَك فَهُوَ لَك صَدَقَةٌ"، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ الْخُدْرِيِّ: فَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ أَنَّ أَبَا الْهَيْثَمِ حَدَّثَهُ عَنْ أبي سعيد الخدري أن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"أَيُّمَا رَجُلٍ كَسَبَ مَالًا مِنْ حَلَالٍ، فَأَطْعَمَ نَفْسَهُ وَكَسَاهَا، فَمَنْ دُونَهُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، فَإِنَّ لَهُ بِهِ زَكَاةً"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ - 2 فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ"، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَإِنَّهُ لَهُ زَكَاةٌ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ: فَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا 3 "فِي أَوَاخِرِ الْبُيُوعِ"، وَكَذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ - فِي الْبُيُوعِ" عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادِ بْنِ مَاهَانَ ثَنَا عِيسَى بْنُ إبْرَاهِيمَ الْبِرْكِيُّ ثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ
1 عند ابن ماجه في "التجارات - باب الحث على المكاسب" ص 155 - ج 1.
2 في "المستدرك - في الأطعمة - باب فضيلة إطعام الطعام" ص 130 - ج 4 عن أبي الشيخ عن أبي الهيثم به، والصواب: دراج أبي السمح.
3 في "المستدرك - في البيوع - باب كل معروف صدقة" ص 50 - ج 2، وعند الدارقطني في "البيوع" ص 30.
بْنُ الْحَسَنِ الْهِلَالِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَمَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا وَقَى بِهِ عِرْضَهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَمَا أَنْفَقَ الْمُؤْمِنُ مِنْ نَفَقَةٍ، فَإِنَّ خَلَفَهَا عَلَى اللَّهِ ضَامِنٌ، إلَّا مَا كَانَ فِي بُنْيَانٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ"، فَقُلْت لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ: مَا يَعْنِي - وَقَى بِهِ عِرْضَهُ - قَالَ: أَنْ يُعْطِيَ الشَّاعِرَ وَذَا اللِّسَانِ الْمُتَّقَى، انْتَهَى. قَالَ الْحَاكِمُ" حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ: فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" عَنْ بِشْرِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ نَفَقَةً فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ"، انْتَهَى. وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ"، وَأَعَلَّهُ بِبِشْرِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَضَعَّفَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَوَافَقَهُمْ عَلَى ضَعْفِهِ، وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ1-فِي الزَّكَاةِ" عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ:"ابْدَأْ بِنَفْسِك، فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِك، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِك شَيْءٌ، فَلِذِي قَرَابَتِك، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِك شَيْءٌ، فَهَكَذَا وَهَكَذَا"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَصْحَابُ السُّنَنِ2عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَصَدَّقُوا، فَقَالَ رَجُلٌ: عِنْدِي دِينَارٌ، قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِك، قَالَ: عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ، قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِك، قَالَ: عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ، قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِك، قَالَ: عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ، قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِك، قَالَ: عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ، قَالَ: أَنْتَ أَبْصَرُ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"، وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ.
تم الجزء الثالث بتوفيق الله تعالى من كتاب
نصب الراية للحافظ الزيلعي
ويليه الجزء الرابع، أوله كتاب البيوع
وفقنا الله لتكميله، وهو الموفق
1 عند مسلم في "الزكاة - باب فضل النفقة على العيال والمملوك" ص 322 - ج 1.
2 عند أبي داود في "الزكاة - باب في صلة الرحم" ص 238 - ج 1، وينظر البقية، وفي "المستدرك - في الزكاة" ص 415 - ج 1، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، انتهى.