الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ
الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ يَمِينَ السَّارِقِ مِنْ الزَّنْدِ، قُلْت: فِيهِ أَحَادِيثُ: فَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" 1 عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ النَّخَعِيّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الله الْعَرْزَمِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: كَانَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ نَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ، وَثِيَابُهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَجَاءَ سَارِقٌ فَأَخَذَهَا، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَقَرَّ السَّارِقُ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْطَعَ، فَقَالَ صَفْوَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُقْطَعُ رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ فِي ثَوْبِي؟ ! فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَفَلَا كَانَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ"، ثُمَّ قَالَ عليه السلام:"اشْفَعُوا مَا لَمْ يَصِلْ إلَى الْوَالِي، فَإِذَا وَصَلَ إلَى الْوَالِي فَعَفَا، فَلَا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ"، ثُمَّ أَمَرَ بِقَطْعِهِ مِنْ الْمَفْصِلِ، انْتَهَى. وَضَعَّفَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ"، فَقَالَ: الْعَرْزَمِيُّ مَتْرُوكٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هَانِئٍ النَّخَعِيّ لَا يُتَابَعُ عَلَى مَا لَهُ مِنْ حَدِيثٍ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ" حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى 2 الْوَشَّاءُ التِّنِّيسِيُّ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَطَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَارِقًا مِنْ الْمَفْصِلِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": وَخَالِدٌ ثِقَةٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَمَةَ لَا أَعْرِفُ لَهُ حَالًا.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: سَمِعْت عَدِيَّ بْنَ عَدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ رَجُلًا مِنْ الْمَفْصِلِ، انْتَهَى. وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَأَخْرَجَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَطَعَا مِنْ الْمَفْصِلِ، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُفَسِّرَةٌ لِلْأَحَادِيثِ الْمُجْمَلَةِ، كَحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد في "سننه"3 عن حجاج بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ يَدَ سَارِقٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَعُلِّقَتْ فِي عُنُقِهِ، انْتَهَى. وَهُوَ مَعْلُولٌ بِالْحَجَّاجِ، وَزَادَ ابْنُ الْقَطَّانِ جَهَالَةَ حَالِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ، وَلَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ،
وَحَدِيثٌ: أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ الْمُخْتَارِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ
1 عند الدارقطني في "الحدود" ص 374.
2 راجع "اللسان" ص 242 - ج 1 "في ترجمة أحمد بن عيسى" المعروف بابن الوشاء التنيسي.
3 عند أبي داود في "الحدود - باب في السارق تعلق يده في عنقه" ص 249 - ج 2.
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ فِي بَيْضَةٍ مِنْ حَدِيدٍ، قِيمَتُهَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، انْتَهَى. وَأَعَلَّهُ عَبْدُ الْحَقِّ، ثُمَّ ابْنُ الْقَطَّانِ بِالْمُخْتَارِ هَذَا، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: يُكْنَى بِأَبِي إسْحَاقَ، وَيُعْرَفُ بِالتَّمَّارِ، وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، قَالَ الْبَزَّارُ: وَقَدْ رَوَاهُ الْمُخْتَارُ عَنْ أَبِي مَطَرٍ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَأَبُو مَطَرٍ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَلَا اسْمُهُ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "فَاقْطَعُوهُ وَاحْسِمُوهُ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" 1 عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِسَارِقٍ سَرَقَ شَمْلَةً، فَقَالَ عليه السلام:"مَا أَخَالُهُ سَرَقَ"، فَقَالَ السَّارِقُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ:" اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوهُ، ثُمَّ احْسِمُوهُ، ثُمَّ ائْتُونِي بِهِ" فَقُطِعَ، ثُمَّ حُسِمَ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَقَالَ:"تُبْ إلَى اللَّهِ"، فَقَالَ: تُبْت إلَى اللَّهِ، فَقَالَ:"تَابَ اللَّهُ عَلَيْك"، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"2، وَقَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا، انْتَهَى. قُلْت: كَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" عَنْ الثَّوْرِيِّ بِهِ مُرْسَلًا، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، وَالثَّوْرِيُّ بِهِ مُرْسَلًا، وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي "غَرِيبِ الْحَدِيثِ" حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ بِهِ أَيْضًا مُرْسَلًا، قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعْ بِالْحَسْمِ فِي قَطْعِ السَّارِقِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي "كِتَابِهِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ"، وَقَالَ: الْحَسْمُ أَنْ يَكْوِيَ لِيَنْقَطِعَ الدَّمُ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": وَيَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى جَدِّهِ، فَإِنَّهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن خصيفة، وهو ثِقَةٌ، بِلَا خِلَافٍ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ 3 عَنْ حُجِّيَّةَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَطَعَ أَيْدِيَهُمْ مِنْ الْمَفْصِلِ وَحَسَمَهَا، قَالَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَإِلَى أَيْدِيهِمْ كَأَنَّهَا أُيُورُ الْحُمُرِ، انْتَهَى. وَحُجِّيَّةُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ: شِبْهُ الْمَجْهُولِ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "مَنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاقْطَعُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاقْطَعُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاقْطَعُوهُ"، قُلْت: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد 4 عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: جِيءَ بِسَارِقٍ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "اُقْتُلُوهُ"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا سَرَقَ، فَقَالَ:"اقْطَعُوهُ"، فَقُطِعَ، ثُمَّ جِيءَ بِهِ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ:"اُقْتُلُوهُ"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا سَرَقَ، قَالَ:"اقْطَعُوهُ"، فَقُطِعَ،
1 في "المستدرك - في الحدود" ص 381 - ج 4.
2 عند الدارقطني في "الحدود" ص 331 - ج 2.
3 عند الدارقطني في "الحدود" ص 377.
4 عند أبي داود في "الحدود باب السارق يسرق مراراً" ص 249 - ج 2.
ثُمَّ جِيءَ بِهِ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ:"اُقْتُلُوهُ"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّمَا سَرَقَ، قَالَ:"اقْطَعُوهُ"، فَقُطِعَ، ثُمَّ جِيءَ بِهِ الرَّابِعَةَ، فَقَالَ:"اُقْتُلُوهُ"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا سَرَقَ، قَالَ:"اقْطَعُوهُ"، فَقُطِعَ، ثُمَّ جِيءَ بِهِ الْخَامِسَةَ، فَقَالَ:"اُقْتُلُوهُ"، قَالَ جَابِرٌ: فَانْطَلَقْنَا بِهِ، فَقَتَلْنَاهُ، ثُمَّ اجْتَرَرْنَاهُ، فَأَلْقَيْنَاهُ فِي بِئْرٍ، وَرَمَيْنَا عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ، انْتَهَى. قَالَ النَّسَائِيُّ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَمُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"1 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ ثَنَا أَبِي ثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عن محمد ين الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ، وَمُحَمَّدُ ابن يزيد فِيهِ مَقَالٌ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ عَائِذِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ هِشَامٍ بِهِ، وَعَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ شِيعِيٌّ لَهُ مَنَاكِيرُ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَحْيَى ثَنَا هِشَامٌ بِهِ، وَسَعِيدُ بْنُ يَحْيَى هُوَ ابْنُ صَالِحٍ اللَّخْمِيُّ، فِيهِ مَقَالٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ" 2 عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنْبَأَ يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ اللَّخْمِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِلِصٍّ، فَقَالَ:"اُقْتُلُوهُ"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا سَرَقَ، قَالَ:"اُقْتُلُوهُ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا سَرَقَ، قَالَ:"اقْطَعُوهُ"، فَقُطِعَ، ثُمَّ سَرَقَ، فَقُطِعَتْ رِجْلُهُ، ثُمَّ سَرَقَ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، حَتَّى قُطِعَتْ قَوَائِمُهُ كُلُّهَا، ثُمَّ سَرَقَ الْخَامِسَةَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمُ بِهَذَا، حِينَ قَالَ: اُقْتُلُوهُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"، وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "كِتَابِ الْحِلْيَةِ - فِي تَرْجَمَةِ أصحاب الصفة" 3 عن حرام بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ سَرَقَ مَتَاعًا، فَاقْطَعُوا يَدَهُ، فَإِنْ سَرَقَ، فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، فَإِنْ سَرَقَ، فَاقْطَعُوا يَدَهُ، فَإِنْ سَرَقَ، فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، فَإِنْ سَرَقَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ"، انْتَهَى. وَقَالَ: تفرد به حرام بْنُ عُثْمَانَ، وَهُوَ مِنْ الضَّعْفِ بِالْمَحَلِّ الْعَظِيمِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: تَقَدَّمَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ، أُرَاهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إذَا سَرَقَ السَّارِقُ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، فَإِنْ عَادَ، فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، فَإِنْ عَادَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، فَإِنْ عَادَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ"، انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ هَذَا فِي "الْحَدِيثِ التَّاسِعِ"، وَالْوَاقِدِيُّ فِيهِ مَقَالٌ.
1 عند الدارقطني في "الحدود" ص 364 - ج 2.
2 عند النسائي في "السرقة - باب قطع الرجل من السارق بعد اليد" ص 261 - ج 2، وفي "المستدرك - في الحدود - باب حكاية سارق قتل في الخامسة" ص 382 - ج 4.
3 عند أبي نعيم في "الحلية - في ترجمة عبد الله بن زيد الجهني".
قَوْلُهُ: وَيُرْوَى مُفَسَّرًا، كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"1، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" عَنْ الْفَضْلِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ عِصْمَةَ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَرَقَ مَمْلُوكٌ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْفُو عَنْهُ، ثُمَّ سَرَقَ الْخَامِسَةَ، فَقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ السَّادِسَةَ، فَقَطَعَ رِجْلَهُ، ثُمَّ السَّابِعَةَ، فَقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ الثَّامِنَةَ، فَقَطَعَ رِجْلَهُ، وَقَالَ عليه السلام:"أَرْبَعٌ بِأَرْبَعٍ"، انْتَهَى. وَوَهَمَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ" فَعَزَاهُ لِلنَّسَائِيِّ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ"، وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ بِوَجْهٍ عِنْدَ النَّسَائِيّ، انْتَهَى. وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: هَذَا لَا يَصِحُّ لِلْإِرْسَالِ، وَضَعْفِ الْإِسْنَادِ، وَقَالَ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ فِي "مِيزَانِهِ": إنَّهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا، وَضَعَّفَ الْفَضْلَ بْنَ الْمُخْتَارِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ غَيْرِ تَوْثِيقٍ.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَابِطٍ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَبْدٍ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا عَبْدٌ قَدْ سَرَقَ، وَوُجِدَتْ سَرِقَتُهُ مَعَهُ، وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذَا عَبْدُ بَنِي فُلَانٍ، أَيْتَامٌ لَيْسَ لَهُمْ مَالٌ غَيْرَهُ، فَتَرَكَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الثَّانِيَةَ، فَتَرَكَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الثَّالِثَةَ، فَتَرَكَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الرَّابِعَةَ، فَتَرَكَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الْخَامِسَةَ، فَقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ السَّادِسَةَ، فَقَطَعَ رِجْلَهُ، ثُمَّ السَّابِعَةَ، فَقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ الثَّامِنَةَ، فَقَطَعَ رِجْلَهُ، ثُمَّ قَالَ:" أَرْبَعٌ بِأَرْبَعٍ"، انْتَهَى. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ رَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي "مُسْنَدِهِ" بِسَنَدِهِ، وَمَتْنِهِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِهِ.
قَوْلُهُ: وَالْحَدِيثُ طَعَنَ فِيهِ الطَّحَاوِيُّ
…
(*)
الْآثَارُ: رَوَى مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّإِ" 2 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَمَنِ أَقْطَعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ قَدِمَ، فَنَزَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصديق، فشكى إلَيْهِ أَنَّ عَامِلَ الْيَمَنِ ظَلَمَهُ، فَكَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ، فَيَقُولُ: أَبُو بَكْرٍ: وَأَبِيك مَا لَيْلُك بِلَيْلِ سَارِقٍ، ثُمَّ إنَّهُمْ فَقَدُوا عِقْدًا لِأَسْمَاءِ بِنْتِ عُمَيْسٍ، امْرَأَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَطُوفُ مَعَهُمْ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ عَلَيْك بِمَنْ بَيَّتَ أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ الصَّالِحِ، فَوَجَدُوا الْحُلِيَّ عِنْدَ صَائِغٍ، زَعَمَ أَنَّ الْأَقْطَعَ جَاءَهُ بِهِ، فَاعْتَرَفَ الْأَقْطَعُ، أَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَقُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى، وَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ لَدُعَاؤُهُ عَلَى نَفْسِهِ أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْ سَرِقَتِهِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي " مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ،
1 عند الدارقطني في "الحدود" ص 346 وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ص 275 - ج 6: رواه الطبراني، وفيه الفضل بن المختار، وهو ضعيف، انتهى.
2 عند مالك في "الموطأ - في حد السرقة" ص 354.
(*) هكذا في النسخ التي نراجع عليها، ويتضح بالتأمل أن هنا سقطاً [البجنوري] .
قَالَتْ: قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَجُلٌ أقطع، فشكى إلَيْهِ أَنَّ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ فِي سَرِقَةٍ، وَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا زِدْت عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُوَلِّينِي شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ، فَخُنْته فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَطَعَ يَدِي، وَرِجْلِي، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: إنْ كُنْتَ صَادِقًا فَلَأُقِيدَنَّكَ مِنْهُ، فَلَمْ يَلْبَثُوا إلَّا قَلِيلًا حَتَّى فَقَدَ آلُ أَبِي بَكْرٍ حُلِيًّا لَهُمْ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَرَفَعَ يَدَهُ، وَقَالَ: أَظْهِرْ مَنْ سَرَقَ أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ الصَّالِحِ، قَالَ: فَمَا انْتَصَفَ النَّهَارُ حَتَّى عَثَرُوا عَلَى الْمَتَاعِ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: وَيْلَك! إنَّك لَقَلِيلُ الْعِلْمِ بِاَللَّهِ، فَقَطَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ الثَّانِيَةَ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَكَانَ اسْمُهُ جبر، أو جبير، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: لَجُرْأَتُهُ عَلَى اللَّهِ أَغْيَظُ عِنْدِي مِنْ سَرِقَتِهِ، انْتَهَى. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ في "موطأه"1: قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَيُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إنَّمَا كَانَ الَّذِي سَرَقَ حُلِيَّ أَسْمَاءَ أَقْطَعَ الْيَدِ الْيُمْنَى، فَقَطَعَ أَبُو بَكْرٍ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَكَانَتْ تُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ أَقْطَعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ أَعْلَمُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِهِ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: إنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ اللَّهِ أَنْ لَا أَدَعَ لَهُ يَدًا يَأْكُلُ بِهَا، وَيَسْتَنْجِي بِهَا، وَرِجْلًا يَمْشِي عَلَيْهَا، قُلْت: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي "كِتَابِ الْآثَارِ"، وَأَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: إذَا سَرَقَ السَّارِقُ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى، فَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَادَ ضَمَّنَهُ السِّجْنَ، حَتَّى يُحْدِثَ خَيْرًا، إنِّي أَسْتَحْيِي مِنْ اللَّهِ أَنْ أَدَعَهُ لَيْسَ لَهُ يَدٌ يَأْكُلُ بِهَا، وَيَسْتَنْجِي بِهَا، وَرِجْلٌ يَمْشِي عَلَيْهَا، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" 2 بِسَنَدِهِ وَمَتْنِهِ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ لَا يَقْطَعُ إلَّا الْيَدَ وَالرِّجْلَ، وَإِنْ سَرَقَ بَعْدَ ذَلِكَ سَجَنَهُ، وَيَقُولُ: إنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ اللَّهِ أَنْ لَا أَدَعَ لَهُ يَدًا يَأْكُلُ بِهَا، وَيَسْتَنْجِي، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ لَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقْطَعَ السَّارِقَ يَدًا وَرِجْلًا، فَإِذَا أُتِيَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ: إنِّي لَأَسْتَحْيِي أَنْ أَدَعَهُ لَا يَتَطَهَّرُ لِصَلَاتِهِ، وَلَكِنْ احْبِسُوهُ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ 3 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ أُتِيَ بِسَارِقٍ، فَقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ، فَقَطَعَ رِجْلَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ، فَقَالَ: أَقْطَعُ يَدَهُ؟ بِأَيِّ شَيْءٍ يَتَمَسَّحُ؟ وَبِأَيِّ شَيْءٍ يَأْكُلُ؟ أَقْطَعُ رِجْلَهُ! عَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَمْشِي؟ إنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ اللَّهِ، ثُمَّ ضَرَبَهُ، وَخَلَّدَهُ فِي السِّجْنِ، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ
1 عند محمد في "الموطأ - في الحدود - باب السارق يسرق، وقد قطعت يده، أو يده ورجله" ص 234، وعند الدارقطني في "الحدود" ص 365 - ج 2.
2 عند الدارقطني في "الحدود" ص 332.
3 عند البيهقي في "السنن" ص 273 - ج 8.
إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ السَّارِقِ، فَكَتَبَ إلَيْهِ بِمِثْلِ قَوْلِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنَّ عُمَرَ اسْتَشَارَهُمْ فِي سَارِقٍ، فَأَجْمَعَا عَلَى مِثْلِ قَوْلِ عَلِيٍّ، انْتَهَى. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: إذَا سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ عَادَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، وَلَا تَقْطَعُوا يَدَهُ الْأُخْرَى، وَذَرُوهُ يَأْكُلُ بِهَا، وَيَسْتَنْجِي بِهَا، وَلَكِنْ احْبِسُوهُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ عَنْ النَّخَعِيّ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: لَا يُتْرَكُ ابْنُ آدَمَ مِثْلُ الْبَهِيمَةِ لَيْسَ لَهُ يَدٌ يَأْكُلُ بِهَا، وَيَسْتَنْجِي بِهَا، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَبِهَذَا حَاجَّ عَلِيٌّ بَقِيَّةَ الصَّحَابَةِ فَحَجَّهُمْ، قُلْت: فِي "التَّنْقِيحِ" قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: ثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَضَرْت عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أُتِيَ بِرَجُلٍ مَقْطُوعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، قَدْ سَرَقَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَا تَرَوْنَ فِي هَذَا؟ قَالُوا: اقْطَعْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: قَتَلْتُهُ إذًا، وَمَا عَلَيْهِ الْقَتْلُ، بِأَيِّ شَيْءٍ يَأْكُلُ الطَّعَامَ؟! بِأَيِّ شَيْءٍ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ؟! بِأَيِّ شَيْءٍ يَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَتِهِ؟! بِأَيِّ شَيْءٍ يَقُومُ عَلَى حَاجَتِهِ؟!، فَرَدَّهُ إلَى السِّجْنِ أَيَّامًا، ثُمَّ أَخْرَجَهُ، فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ، فَقَالُوا مِثْلَ قَوْلِهِمْ الْأَوَّلِ، وَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَجَلَدَهُ جَلْدًا شَدِيدًا، ثُمَّ أَرْسَلَهُ، وَقَالَ سَعِيدٌ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ، قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِأَقْطَعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، قَدْ سَرَقَ، فَأَمَرَ أَنْ تُقْطَعَ رِجْلُهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ} الْآيَةَ، فَقَدْ قَطَعْتَ يَدَ هَذَا، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَقْطَعَ رِجْلَهُ، فَتَدَعَهُ لَيْسَ لَهُ قَائِمَةٌ يَمْشِي عَلَيْهَا، إمَّا أَنْ تُعَزِّرَهُ، وَإِمَّا أَنْ تُودِعَهُ السِّجْنَ، فَاسْتَوْدَعَهُ السِّجْنَ، انْتَهَى. وَهَذَا الثَّانِي رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِ".
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "لَا غرم على السارق بعد ما قُطِعَتْ يَمِينُهُ"، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَبِمَعْنَاهُ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ" 1 عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا يَغْرَمُ صَاحِبُ السَّرِقَةِ إذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ"، انْتَهَى: قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا مُرْسَلٌ، وَلَيْسَ بِثَابِتٍ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" بِلَفْظِ: لَا غُرْمَ عَلَى السَّارِقِ بَعْدَ قَطْعِ يَمِينِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ: وَالْمِسْوَرُ بْنُ إبْرَاهِيمَ لَمْ يُدْرِكْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَإِنْ صَحَّ إسْنَادُهُ فَهُوَ مُرْسَلٌ، قَالَ: وَسَعْدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ مَجْهُولٌ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَصَدَقَ فِيمَا قَالَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ" بِلَفْظِ: لَا يَضْمَنُ السَّارِقُ سَرِقَتَهُ بَعْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ، قَالَ: وَالْمِسْوَرُ بْنُ إبْرَاهِيمَ
1 عند النسائي في "آخر السرقة" ص 262 - ج 2، وعند الدارقطني في "الحدود" ص 365.
لَمْ يَلْقَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ الْوَسَطِ" قَالَ: لَا يُرْوَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَّصِلٍ، لِأَنَّ الْمِسْوَرَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، انْتَهَى. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ": إسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": وَفِيهِ مَعَ الِانْقِطَاعِ بَيْنَ الْمِسْوَرِ وَجَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، انْقِطَاعٌ آخَرُ بَيْنَ الْمُفَضَّلِ. وَيُونُسَ، فَقَدْ رَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ الْفُرَاتِ عَنْ الْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ، فَجَعَلَ فِيهِ الزُّهْرِيَّ بَيْنَ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، وَسَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: وَفِيهِ مَعَ ذَلِكَ الْجَهْلُ بِحَالِ الْمِسْوَرِ، فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ حَالٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ "فِي كِتَابِ الْعِلَلِ" 1: سَأَلْت أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الْأَيْلِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَا يَغْرَمُ السَّارِقُ إذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ"، فَقَالَ أَبِي: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَمِسْوَرٌ لَمْ يَلْقَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ" 2: هَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ قَاضِي مِصْرَ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعْدٍ، وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعْدٍ، وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ يُونُسَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَخِيهِ الْمِسْوَرِ، فَإِنْ كَانَ سَعْدٌ هَذَا هُوَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ: لَا نَعْرِفُ لَهُ فِي التَّوَارِيخِ أَخًا مَعْرُوفًا بِالرِّوَايَةِ يُقَالُ لَهُ: الْمِسْوَرُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ، فَلَا نَعْرِفُهُ، وَلَا نَعْرِفُ أَخَاهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رَأَيْت حَدِيثًا لِسَعْدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَإِنَّ كان هذا الانتساب صَحِيحًا، وَثَبَتَ كَوْنُ الْمِسْوَرِ أَخًا لِسَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَلَا رُؤْيَةٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ صَبِيًّا صَغِيرًا، وَمَاتَ أَبُوهُ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، فَإِنَّمَا كَانَ أَدْرَكَ أَوْلَادَهُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، وَإِنَّمَا رِوَايَةُ ابْنَيْهِ الْمَعْرُوفَيْنِ: صَالِحٍ، وَسَعْدٍ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَهَذَا الَّذِي عَرَفْنَاهُ بِحَفَدَتِهِ - وَفِيهِ نَظَرٌ - لَا يُعْرَفُ لَهُ رُؤْيَةٌ، وَلَا رِوَايَةٌ عَنْ جَدِّهِ، وَلَا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَهُوَ مَعَ الْجَهَالَةِ مُنْقَطِعٌ، وَبِمِثْلِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا تُتْرَكُ أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ تَذْهَبُ بَاطِلًا، وَقَدْ قَالَ عليه السلام:"عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ"، انْتَهَى كَلَامُهُ بِحُرُوفِهِ. وَقَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ سَعِيدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، وَالْمَعْرُوفُ سَعْدٌ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: مِسْوَرُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أخو صالح، وسعد ابني إبْرَاهِيمَ رَوَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مُرْسَلًا، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: سَعْدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ هَذَا مَجْهُولٌ، وَقِيلَ: إنَّهُ الزُّهْرِيُّ قَاضِي الْمَدِينَةِ، وَهُوَ أَحَدُ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ، لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّ الزُّهْرِيَّ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَخٌ مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ يُقَالُ لَهُ: الْمِسْوَرُ، وَاَللَّهُ أعلم.
1 ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل - في الحدود" ص 452 - ج 1.
2 وذكر هذا الكلام في "السنن أيضاً - في باب غرم السارق" ص 277 - ج 8، وانظر ما قال صاحب "الجوهر النقي" ههنا.