الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى سَمِعْت عَلِيًّا قَالَ: اجْتَمَعْت أَنَا، وَالْعَبَّاسُ، وَفَاطِمَةُ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ رَأَيْتَ أَنْ تُوَلِّيَنِي حَقَّنَا مِنْ هَذَا الْخُمُسِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَأَقْسِمْهُ حَيَاتَك، كيلا يُنَازِعَنِي أَحَدٌ بَعْدَك: فَافْعَلْ؟ قَالَ: فَفَعَلَ ذَلِكَ، قَالَ: فَقَسَمْتُهُ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وِلَايَةَ أَبِي بَكْرٍ، حَتَّى كَانَتْ آخِرُ سَنَةٍ مِنْ سِنِي عُمَرَ، فَإِنَّهُ أَتَاهُ مَالٌ كَثِيرٌ فَعَزَلَ حَقَّنَا، ثُمَّ أَرْسَلَهُ إلَيَّ، فقلت: بنا الْعَامَ غِنًى، وَبِالْمُسْلِمِينَ إلَيْهِ حَاجَةٌ، فَارْدُدْهُ عَلَيْهِمْ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ لَمْ يَدْعُنِي إلَيْهِ أَحَدٌ بَعْدَ عُمَرَ، فلقيت العباس بعد ما خَرَجْت مِنْ عِنْدِ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ حَرَمْتَنَا الْغَدَاةَ شَيْئًا لَا يُرَدُّ عَلَيْنَا، وَكَانَ رَجُلًا دَاهِيًا1، انْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَحُسَيْنُ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ ابْنُ المنذري: لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، وَذَكَرَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "تَارِيخِهِ" هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ: لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَفِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَقْسِمْ لِذَوِي الْقُرْبَى، وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَسَمَ لَهُمْ، وَحَدِيثُ جُبَيْرٍ صَحِيحٌ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ لَا يَصِحُّ، انتهى.
1 قوله: "وكان رجلا داهياً" أي مجرباً محنكاً في الأمور.
فَصْلٌ في التنقيل
الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: قَالَ عليه السلام: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ 2 - إلَّا النَّسَائِيّ - عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، قَالَ: فَرَأَيْت رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: فَاسْتَدَرْت لَهُ حَتَّى أَتَيْته مِنْ وَرَائِهِ، فَضَرَبْته بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْت مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، فَأَرْسَلَنِي، فَلَحِقْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقُلْت: مَا بَالُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَمْرُ اللَّهِ، ثُمَّ إنَّ النَّاسَ رَجَعُوا، وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ" قَالَ: فَقُمْت، ثُمَّ قُلْت: مَنْ يَشْهَدْ لِي، ثُمَّ جَلَسْت، ثُمَّ قَالَ:"مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ"، قال: فقمت، فقلت: مَنْ يَشْهَدْ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْت، ثُمَّ قَالَ مِثْلَ ذلك الثالثة، فَقُمْت فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مالك يَا أَبَا قَتَادَةَ؟ " فَاقْتَصَصْت عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنْ حَقِّهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: لَاهَا اللَّهِ، إذَنْ لَا يَعْمِدُ إلَى أَسَدٍ
1 قوله: "وكان رجلا داهياً" أي مجرباً محنكاً في الأمور.
2 عند البخاري في "الجهاد - باب من لم يخمس الأسباب" ص 444 - ج 1، وعند مسلم في "الجهاد - باب استحقاق القائل سلب القتيل" ص 86 - ج 2، وعند أبي داود في "المغازي - باب في السلب يعطى القائل" ص 16 - ج 2، وعند ابن ماجه في "الجهاد" ص 209، وعند الترمذي في "السير - باب من قتل قتيلا فله سلبه" ص 202 - ج 1.
مِنْ أُسْدِ اللَّهِ، يُقَاتِلُ عَنْ اللَّهِ، وَعَنْ رَسُولِهِ، فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"صَدَقَ فَأَعْطِهِ إيَّاهُ" قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَأَعْطَانِيهِ، فَبِعْت الدِّرْعَ، فَابْتَعْت بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ 1 عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: أَلَمْ تَعْلَمْ يَا خَالِدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ؟ قَالَ: بَلَى، مُخْتَصَرٌ، وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عَوْفٍ، وَخَالِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ، وَلَمْ يُخَمِّسْ السَّلَبَ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ"2 عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ: "مَنْ قَتَلَ كَافِرًا فَلَهُ سَلَبُهُ"، فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلًا، وَأَخَذَ أَسْلَابَهُمْ، وَلَقِيَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ، وَمَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا مَعَك؟ قَالَتْ: أَرَدْت إنْ دَنَا مِنِّي بَعْضُهُمْ، أَبْعَجُ بِهِ بَطْنَهُ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ أَبُو طَلْحَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ - فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ، مِنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ - وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، لَمْ يَذْكُرَا فِيهِ قِصَّةَ أُمِّ سُلَيْمٍ، وَزَادَ فِيهِ، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ضَرَبْت رَجُلًا عَلَى حَبْلِ الْعَاتِقِ، وَعَلَيْهِ دِرْعٌ، فَأَجْهَضْت عَنْهُ3، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أَخَذْتهَا، فَأَرْضِهِ مِنْهَا، فَأَعْطِنِيهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَسْأَلُ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ، أَوْ سَكَتَ، فَسَكَتَ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: وَاَللَّهِ لَا يَفِيئُهَا اللَّهُ عَلَى أَسَدٍ مِنْ أسده، ويعطيكما فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:"صَدَقَ عُمَرُ"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" عَنْ الْحَاكِمِ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ ابْنِ سَمُرَةَ عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ"، انْتَهَى.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ كُتُبِ أَصْحَابِنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ - أَعْنِي قَوْلَهُ: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ" - قَالَ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ: وَهُوَ وَهْمٌ، وَإِنَّمَا قَالَهُ عليه السلام يَوْمَ حُنَيْنٍ، كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي "مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ"، وَاَلَّذِي قَالَهُ عليه السلام يَوْمَ بَدْرٍ شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ ذَلِكَ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ" 4 مِنْ حَدِيثِ دَاوُد عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ:
1 عند مسلم في "الجهاد - باب استحقاق القاتل السلب" ص 88 - ج 2، وعند أبي داود في "المغازي - باب في الامام أن يمنع القاتل السلب" ص 16 - ج 2.
2 عند أبي داود في "الجهاد - باب في السلب يعطى القاتل" ص 16 - ج 2، وفي "المستدرك - في كتب قسم الفيء" ص 130 - ج 2.
3 وفي "المستدرك" فأعجلت عنه.
4 عند أبي داود في "الجهاد - باب في النفل" ص 19 - ج 2.
"مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ كَذَا وَكَذَا، وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا"، قَالَ: فَتَقَدَّمَ الْفِتْيَانُ، وَلَزِمَ الْمَشْيَخَةُ الرَّايَاتِ، فَلَمْ يَبْرَحُوهَا، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، قَالَ الْمَشْيَخَةُ: كُنَّا رِدْءً لَكُمْ لَوْ انْهَزَمْتُمْ لَفِئْتُمْ إلَيْنَا، فَلَا تَذْهَبُوا بِالْمَغْنَمِ، وَنَبْقَى، وَأَبَى الْفِتْيَانُ، وَقَالُوا: جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَالِ} إلَى قَوْلِهِ:{وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} ، انْتَهَى. وَقَالَ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّإِ"1: وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ" إلَّا يَوْمَ حُنَيْنٍ، انْتَهَى. قُلْت: وَرَدَ أَنَّهُ عليه السلام قَالَهُ يَوْمَ بَدْرٍ أَيْضًا، لَكِنَّهُ مِنْ طَرِيقٍ ضَعِيفٍ، رَوَاهُ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ فِي "تَفْسِيرِهِ - فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ"، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ثَنَا آدَم ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ"، فَجَاءَ أَبُو الْيُسْرِ بِأَسِيرَيْنِ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا وَاَللَّهِ مَا كَانَ بِنَا جُبْنٌ عَنْ الْعَدُوِّ، وَلَا ضِنٌّ بِالْحَيَاةِ أَنْ نَصْنَعَ مَا صَنَعَ إخْوَانُنَا، وَلَكِنَّا رَأَيْنَاك قَدْ أَفْرَدْت، فَكَرِهْنَا أَنْ نَدَعَك بِمَضْيَعَةٍ، قَالَ: فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُوَزِّعُوا تِلْكَ الْغَنَائِمَ بَيْنَهُمْ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ فِي "كِتَابِ الْمَغَازِي" حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: سَأَلْت مُوسَى بْنَ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، كَيْفَ فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ فِي الْأَسْرَى، وَالْأَسْلَابِ، وَالْأَنْفَالِ؟ فَقَالَ: نَادَى مُنَادِيهِ يَوْمَئِذٍ، "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا فَهُوَ لَهُ"، فَكَانَ يُعْطِي مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا سَلَبَهُ، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ فِي "سِيرَتِهِ عُيُونِ الْأَثَرِ - فِي بَابِ قِصَّةِ بَدْرٍ": وَالْمَشْهُورُ فِي قَوْلِهِ عليه السلام: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ" إنَّمَا كَانَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَأَمَّا يَوْمَ بَدْرٍ فَوَقَعَ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، ثُمَّ سَاقَهُ بِسَنَدِهِ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ بِهِ سَنَدًا وَمَتْنًا، قَالَ: وَالْكَلْبِيُّ ضَعِيفٌ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَخْصُوصَةٌ بِمَزِيدِ ضَعْفٍ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: قَالَ عليه السلام لِحَبِيبِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: "لَيْسَ لَك مِنْ سَلَبِ قَتِيلِك إلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إمَامِك"، قُلْت: هَكَذَا وَقَعَ فِي "الْهِدَايَةِ" حَبِيبُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَصَوَابُهُ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةً، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ الكبير 2 - والوسط" حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَلَّى الدِّمَشْقِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ إسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، قَالُوا: ثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ
1 ذكره مالك في "الموطأ - في الجهاد - باب ما جاء في السلب في النفل" ص 171.
2 قال الهيثمي ص 331 - ج 5: رواه الطبراني في "الكبير والأوسط" وفيه عمرو بن واقد، وهو متروك.
ثَنَا عَمْرُو بْنُ وَاقِدٍ ثَنَا مُوسَى بْنُ سَيَّارٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أمية، قال: نزلنا دابق، وَعَلَيْنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَبَلَغَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةً أَنَّ بَنَّةَ 1 صَاحِبَ قُبْرُصَ، خَرَجَ يُرِيدُ بِطَرِيقِ أَذْرَبِيجَانَ، وَمَعَهُ زُمُرُّدٌ، وَيَاقُوتٌ، وَلُؤْلُؤٌ، وَغَيْرُهَا، فَخَرَجَ إلَيْهِ فَقَتَلَهُ، وَجَاءَ بِمَا مَعَهُ، فَأَرَادَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَنْ يُخَمِّسَهُ، فَقَالَ لَهُ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةً: لَا تَحْرِمْنِي رِزْقًا رَزَقَنِيهِ اللَّهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ، فَقَالَ مُعَاذٌ: يَا حَبِيبُ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إنَّمَا لِلْمَرْءِ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إمامه، انتهى. وهو معلوم بِعَمْرِو بْنِ وَاقِدٍ، وَرَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي "مُسْنَدِهِ" حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ: كُنَّا مُعَسْكِرِينَ بِدَابِقٍ، فَذَكَرَ لِحَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةً الْفِهْرِيِّ أَنَّ بَنَّةَ الْقُبْرُصِيَّ، خَرَجَ بِتِجَارَةٍ مِنْ الْبَحْرِ، يُرِيدُ بِهَا بِطَرِيقِ أَرْمِينِيَةَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةً، فَقَاتَلَهُ، فَقَتَلَهُ، فَجَاءَ بِسَلَبِهِ، يَحْمِلُهُ عَلَى خَمْسَةِ أَبْغَالٍ مِنْ الدِّيبَاجِ، وَالْيَاقُوتِ، وَالزَّبَرْجَدِ، فَأَرَادَ حَبِيبٌ أَنْ يَأْخُذَهُ كُلَّهُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ يَقُولُ: بَعْضَهُ، فَقَالَ حَبِيبٌ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ"، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: إنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لِلْأَبَدِ، وَسَمِعَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ بِذَلِكَ، فَأَتَى أَبَا عُبَيْدَةَ، وَحَبِيبٌ يُخَاصِمُهُ، فَقَالَ معاذ لحبيب: ألا تتق اللَّهَ، وَتَأْخُذُ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إمَامِك، فَإِنَّمَا لَك مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إمَامِك، وَحَدَّثَهُمْ بِذَلِكَ مُعَاذٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَأَعْطَوْهُ بَعْدَ الْخُمُسِ، فَبَاعَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ، انْتَهَى. وَذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ - فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ" بِهَذَا الْإِسْنَادِ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ مَكْحُولٍ وَمَنْ فَوْقَهُ، وَرَاوِيهِ عَنْ مَكْحُولٍ مَجْهُولٌ، وَهَذَا إسْنَادٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، انْتَهَى. وَهَذَا السَّنَدُ وَارِدٌ عَلَى الطَّبَرَانِيِّ، فَإِنَّهُ قال في "معجمه الوسط": لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مُعَاذٍ، وَحَبِيبٍ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، انْتَهَى. وَلَوْ قَالَ: لَا نَعْلَمُ، لَكَانَ أَسْلَمَ لَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَحَادِيثُ الْبَابِ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 2 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ، نَظَرْت عَنْ يَمِينِي وَشِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بَيْنَ غُلَامَيْنِ مِنْ الْأَنْصَارِ حَدِيثَةً أَسْنَانُهُمَا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا عَمِّ أَتَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قُلْت: نَعَمْ، وَمَا حَاجَتُك بِهِ؟ قَالَ: أُخْبِرْت أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ رَأَيْته لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا، قَالَ: فَتَعَجَّبْت مِنْهُ، وَقَالَ لِي الْآخَرُ مِثْلَ ذلك، فلما أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْت إلَى أَبِي جَهْلٍ يَرْفُلُ فِي النَّاسِ، فَقُلْت لَهُمَا: هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي تَسْأَلَانِ عَنْهُ، قال: فابتدراه، فضرباه بسيفهما حَتَّى قَتَلَاهُ،
1 قلت: وفي "مجمع الزوائد" للهيثمي ص 331 - ج 5: إن ابن صاحب قبرص، وفي الدراية "نبيه القرظي" والصواب القبرصي، والله أعلم.
2 عند البخاري في "الجهاد - باب من لم يخمس الأسلاب" ص 444 - ج 1، وعند مسلم فيه "باب استحقاق القاتل سلب القتيل" ص 87 - ج 2.
ثُمَّ ذَهَبَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ:"أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ " فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْته، فقال:"هل مسحتما سيفكما"، قَالَا: لَا؟ فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ، فَقَالَ:"كِلَاكُمَا قَتَلَهُ"، ثُمَّ قَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، وَالرَّجُلَانِ: مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، وَمُعَاذُ ابْنُ عَفْرَاءَ، وَوَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّ السَّلَبَ لَوْ كَانَ لِلْقَاتِلِ لَقَضَى بِهِ بَيْنَهُمَا، وَكَوْنُهُ عليه السلام دَفَعَهُ إلَى أَحَدِهِمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ مُفَوَّضٌ إلَى الْإِمَامِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ": وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، فَإِنَّ غَنِيمَةَ بَدْرٍ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَصِّ الْكِتَابِ يُعْطِي مِنْهَا مَنْ يَشَاءُ، وَقَدْ قَسَمَ لِجَمَاعَةٍ لَمْ يَشْهَدُوا، ثُمَّ نَزَلَتْ الْآيَةُ فِي الْغَنِيمَةِ بَعْدَ بَدْرٍ، وَقَضَى عليه السلام بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ، وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَثْخَنَهُ، وَالْآخَرُ جرحه بعدُه، فَقَضَى بِسَلَبِهِ لِلْأَوَّلِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد1، وَاللَّفْظُ لِأَبِي دَاوُد عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: خَرَجْت مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ، وَرَافَقَنِي مَدَدِي مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَلَقِينَا جُمُوعَ الرُّومِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ أَشْقَرَ عَلَيْهِ سَرْجٌ مُذْهَبٌ، وَسِلَاحٌ مُذْهَبٌ، فَجَعَلَ الرُّومِيُّ يُغْرِي بِالْمُسْلِمِينَ، وَقَعَدَ لَهُ الْمَدَدِيُّ خَلْفَ صَخْرَةٍ، فَمَرَّ بِهِ الرُّومِيُّ، فَعَرْقَبَ فَرَسَهُ، فَخَرَّ، وَعَلَاهُ فَقَتَلَهُ، وَحَازَ فَرَسَهُ وَسِلَاحَهُ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعَثَ إلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَأَخَذَ مِنْهُ سَلَبَ الرُّومِيِّ، قَالَ عَوْفٌ: فَأَتَيْت خَالِدًا فَقُلْت لَهُ: يَا خَالِدُ أَمَا عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي اسْتَكْثَرْته، قُلْت: لَتَرُدَّنَّهُ، أَوْ لِأُعَرِّفَنكهَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ، قَالَ عَوْفٌ: فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَصَصْت عَلَيْهِ قِصَّةَ الْمَدَدِيِّ، وَمَا فَعَلَ خَالِدٌ، فَقَالَ عليه السلام:" يَا خَالِدُ مَا حَمَلَك عَلَى مَا صَنَعْت"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَكْثَرْته، فَقَالَ عليه السلام:" يَا خَالِدُ رُدَّ عَلَيْهِ مَا أَخَذْت مِنْهُ"، قَالَ عَوْفٌ: فَقُلْت: دُونَك يَا خَالِدُ أَلَمْ أَفِ لك؟! فقال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " وَمَا ذَلِكَ؟ " قَالَ: فَأَخْبَرْته بِهِ، قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:"يَا خَالِدُ لَا تَرُدَّ عَلَيْهِ، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي أُمَرَائِي، لَكُمْ صَفْوَةُ أَمْرِهِمْ، وَعَلَيْهِمْ كَدَرُهُ"، انْتَهَى. وَاعْتَذَرَ الْخَطَّابِيُّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ: إنَّمَا مَنَعَ عليه السلام خَالِدًا فِي الثَّانِيَةِ أَنْ يَرُدَّ عَلَى عَوْفٍ سَلَبَهُ، زَجْرًا لِعَوْفٍ، لِئَلَّا يَتَجَرَّأَ النَّاسُ عَلَى الْأَئِمَّةِ، لِأَنَّ خَالِدًا كَانَ مُجْتَهِدًا فِي صُنْعِهِ، لِمَا رَأَى فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ، فَأَمْضَى عليه السلام اجْتِهَادَهُ، وَالْيَسِيرُ مِنْ الضَّرَرِ يَحْتَمِلُ الْكَثِيرَ مِنْ النَّفْعِ، قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عليه السلام قَدْ عَوَّضَهُ مِنْ الْخُمُسِ الَّذِي هُوَ لَهُ، انْتَهَى.
1 عند أبي داود في "الجهاد - باب في الإمام يمنع القاتل السلب إن رأى" ص 16 - ج 2، وعند مسلم في "الجهاد" ص 88 - ج 2.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ثَنَا أَبُو إسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ محمد ين عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ قُتِلَ أَخِي عُمَيْرٌ، وَقَتَلْت سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، وَأَخَذْت سَيْفَهُ، فَأَتَيْت بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: اذْهَبْ فَاطْرَحْهُ فِي الْقَبْضِ، قَالَ: فَرَجَعْت وَبِي مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ مِنْ قَتْلِ أَخِي، وَأَخْذِ سَلَبِي، قَالَ: فَمَا جَاوَزْت إلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتْ "سُورَةُ الْأَنْفَالِ" فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اذْهَبْ فَخُذْ سَيْفَك"، انْتَهَى. قَالَ الْحَازِمِيُّ: وَزَعَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ، لِأَنَّ هَذَا كَانَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ عَامَ حُنَيْنٍ:" مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ"، انْتَهَى كَلَامُهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ 1 - فِي فَضَائِلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ"، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" مِنْ حَدِيثِ زَحْرِ بْنِ حِصْنٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي حُمَيْدٍ بْنُ مهلب، قال: قال خريم بْنُ أَوْسٍ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " هَذِهِ الْحِيرَةُ الْبَيْضَاءُ قَدْ رُفِعَتْ لِي، وَهَذِهِ الشَّيْمَاءُ بِنْتُ نُفَيْلَةَ الْأَزْدِيَّةُ قَدْ رُفِعَتْ لِي على بغلة شهباء، معتجزة بِخِمَارٍ أَسْوَدَ"، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ نَحْنُ دَخَلْنَا الْحِيرَةَ، وَوَجَدْنَاهَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، فَهِيَ لِي؟ قَالَ:" نَعَمْ، هِيَ لَك"، ثُمَّ ارْتَدَّتْ الْعَرَبُ، فَسَارَ خَالِدٌ إلَى مُسَيْلِمَةَ، وَسِرْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ مُسَيْلِمَةَ وَأَصْحَابِهِ، أَقْبَلْنَا إلَى نَاحِيَةِ الْبَصْرَةِ، فَلَقِينَا هُرْمُزَ بِكَاظِمَةَ فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَعْدَى لِلْعَرَبِ مِنْهُ، فَبَرَزَ لَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَدَعَاهُ إلَى الْبِرَازِ، فَبَرَزَ لَهُ هُرْمُزُ، فَقَتَلَهُ خَالِدٌ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ إلَى أَبِي بَكْرٍ، فَنَفَلَهُ سَلَبَهُ، فَبَلَغَتْ قَلَنْسُوَةُ هُرْمُزَ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَكَانَتْ الْفُرْسُ إذَا شَرَفَ فِيهِمْ الرَّجُلُ، جَعَلُوا قَلَنْسُوَتَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ سِرْنَا عَلَى طَرِيقِ الطَّفِّ حَتَّى دَخَلْنَا الْحِيرَةَ، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ تَلَقَّانَا شَيْمَاءُ بِنْتُ نُفَيْلَةَ الْأَزْدِيَّةُ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ بِخِمَارٍ أَسْوَدَ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَتَعَلَّقْت بِهَا، وَقُلْت: هَذِهِ وَهَبَهَا لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَعَانِي خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْتَمَسَ مِنِّي الْبَيِّنَةَ، فَأَتَيْته بِشَاهِدَيْنِ، فَسَلَّمَهَا إلَيَّ، وَجَاءَنِي أَخُوهَا عَبْدُ الْمَسِيحِ، فَقَالَ لِي: بِعْنِيهَا، فَقُلْت: وَاَللَّهِ لَا أَبِيعُهَا إلَّا بعشرة مِائَةٍ، وَلَا أَنْقُصُهَا شَيْئًا، فَدَفَعَ إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَقِيلَ لِي: لَوْ قُلْت لَهُ: مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ لَدَفَعَ إلَيْك، فَقُلْت: وَاَللَّهِ مَا كُنْت أَظُنُّ أَنَّ مَالًا أَكْثَرَ مِنْ
1 قلت: أخرجه الحاكم في "المستدرك - ص 299 - ج 3 - في فضائل خالد بن الوليد" من حديث عمران بن زجر بن حصن عن حميد بن منهب، قال: قال جدي: أوس بن حارثة بن لأم، الحديث، وليس فيه قصة الشيماء، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ص 331 - ج 5 عن خريم بن أوس.