الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" 1 عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الرُّكَيْنِ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ أَبِي، وَحُصَيْنَ بْنَ قَبِيصَةَ يُحَدِّثَانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فَذَكَرَهُ، هَكَذَا وَجَدْته.
أَثَرٌ آخَرُ: عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الرُّكَيْنِ عَنْ أَبِي حَنْظَلَةَ النُّعْمَانِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ أَجَّلَ الْعِنِّينَ سَنَةً، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الرُّكَيْنِ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ سَنَةً، وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ الرُّكَيْنِ عَنْ أَبِي طَلْقٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ نَحْوُهُ، وَعَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ الرُّكَيْنِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ نُعَيْمٍ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَجَّلَ الْعِنِّينَ سَنَةً مِنْ يَوْمِ رَافَعَتْهُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ، قَالَ: سُفْيَانُ، وَمَالِكٌ: مِنْ يَوْمِ تَرَافُعِهِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُمْ قَالُوا: يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ سَنَةً، انْتَهَى.
حَدِيثٌ: قَالَ عليه السلام: "فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ 2 تَعْلِيقًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ، وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ" - أَوْ قَالَ: "مِنْ الْأُسُودِ" - انْتَهَى.
1 الآثار كلها عند الدارقطني: ص 418، قال البيهقي في "السنن" ص 226: قيل لسفيان بن سعيد: إن شعبة يخالفك في حديث المغيرة بن شعبة في العنين يؤجل سنة، وترويان عن الركين، تقول: أنت أبو النعمان، وهو يقول: أبو طلق؟! فضحك سفيان، وقال: كنت أنا، وشعبة عند الركين، فمر ابن لأبي النعمان، يقال له: أبو طلق، فقال الركين: سمعت أبا أبي طلق، فذهب على شعبة أبا أبي طلق، فقال: أبو طلق، انتهى. وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد" ص 301 - ج 4، في حديث عبد الله بن مسعود: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، خلا حصين بن قبيصة هو ثقة، انتهى.
2 عند البخاري في "الطب - باب الجذام" ص 850 - ج 2.
باب العدة
الْحَدِيثُ الأول: قال عليه السلام: "عِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ"، قُلْت: تَقَدَّمَ فِي "الطَّلَاقِ" فِي الْحَدِيثِ الْخَامِسِ، وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهِ هُنَا عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ اسْمٌ لِلْحَيْضِ.
قَوْلُهُ: قَالَ عُمَرُ: لَوْ اسْتَطَعْت لَجَعَلْتهَا حَيْضَةً وَنِصْفًا، قُلْت: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ"3 أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ الثَّقَفِيَّ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ، قَالَ: سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: لَوْ اسْتَطَعْت أَنْ أَجْعَلَ عِدَّةَ الْأَمَةِ حَيْضَةً
3 عند البيهقي "السنن - باب عدة الأمة" ص 426 - ج 7.
وَنِصْفًا فَعَلْت، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَوْ جَعَلْتهَا شَهْرًا وَنِصْفًا، فَسَكَتَ عُمَرُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِهِ، وَمِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ "الْمَعْرِفَةِ".
قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ: أَنَّ سُورَةَ النِّسَاءِ الْقُصْرَى، نَزَلَتْ بَعْدَ الْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1 فِي "تَفْسِيرِ سُورَةِ الطَّلَاقِ - وَفِي أَوَائِلِ الْبَقَرَةِ" عَنْهُ، قَالَ: أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ، وَلَا تَجْعَلُونَ لَهَا الرُّخْصَةَ؟ لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ: مَنْ شَاءَ لَاعَنْتُهُ: لَأُنْزِلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ: مَنْ شَاءَ حَالَفْته أَنَّ {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ} نَزَلَتْ بَعْدَ آيَةِ الْمُتَوَفَّى، فَإِذَا وَضَعَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا حَمْلَهَا، فَقَدْ حَلَّتْ، وَقَرَأَ {وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} الْآيَةَ، انْتَهَى. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي "مُسْنَدِ أَبِيهِ" مِنْ حَدِيثِ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الله بن عمر، وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قُلْت لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا، أَوْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا؟ فَقَالَ: هِيَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا، وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا، انْتَهَى. وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ مَتْرُوكٌ بِمَرَّةٍ، وَرَوَاهُ الطَّبَرِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرَيْهِمَا - فِي سُورَةِ الطَّلَاقِ" مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَمْرٍو بِهِ، وَابْنُ لَهِيعَةَ أَيْضًا ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ: أَجَلُ كُلِّ حَامِلٍ أَنْ تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا، انْتَهَى. وَعَبْدُ الْكَرِيمِ مَعَ ضَعْفِهِ لَمْ يُدْرِكْ أُبَيًّا.
قَوْلُهُ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: لَوْ وَضَعَتْ وَزَوْجُهَا عَلَى سَرِيرِهِ لَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَحَلَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ، قُلْت: رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" 2 عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ الَّتِي يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَهِيَ حَامِلٌ، فَقَالَ: إذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا فَقَدْ حَلَّتْ، فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّ عُمَرَ، قَالَ: لَوْ وَضَعَتْ وَزَوْجُهَا عَلَى سَرِيرِهِ لَمْ يُدْفَنْ بَعْدُ لَحَلَّتْ، انْتَهَى. وَعَنْ مَالِكٍ
1 عند البخاري في "تفسير سورة البقرة - باب قوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً} " ص 650 - ج 2، وفي "سورة الطلاق" ص 729 - ج 2، وعند أبي داود في "الطلاق - باب عدة الحامل" ص 316 - ج 1، وعند ابن ماجه "باب الحامل المتوفى عنها زوجها إذا وضعت حلت للأزواج" ص 147، وعند النسائي "باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها" ص 115 - ج 2.
2 عند مالك في "الموطأ - باب عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً" ص 216.
رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ بِهِ، سَوَاءٌ، وَرَوَاهُ هُوَ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفَيْهِمَا" عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: سَمِعْت رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يُحَدِّثُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْت أَبَاك يَقُولُ: لَوْ وَضَعَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا ذَا بَطْنِهَا، وَهُوَ عَلَى السَّرِيرِ لَقَدْ حَلَّتْ، انْتَهَى. وَفِيهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ.
أَحَادِيثُ الْبَابِ: مِنْهَا حَدِيثُ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 1 عَنْ كُرَيْبٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَ: إنَّ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، وَأَنَّهَا ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: أَنَّهَا وَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: فَمَكَثَتْ قَرِيبًا مِنْ عَشْرِ لَيَالٍ، ثُمَّ جَاءَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"انْكِحِي"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 2 أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ فَسَأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَهِيَ حَامِلٌ فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا فَرَغَتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لَلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ - فَقَالَ لَهَا: مَا لِي أَرَاك مُتَجَمِّلَةً، لَعَلَّكِ تُرَجِّينَ النِّكَاحَ؟ وَاَللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْك أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وعشراً: قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، حِينَ أَمْسَيْت، فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ، فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْت حِينَ وَضَعْت حَمْلِي، وَأَمَرَنِي بِالتَّزْوِيجِ إنْ بَدَا لِي، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَتَزَوَّجَ حِينَ وَضَعَتْ، وَإِنْ كَانَتْ فِي دَمِهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَطْهُرَ، انْتَهَى. وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ" مِنْ جِهَةِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ سُبَيْعَةَ، أَنَّهَا نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، إلَى آخِرِهِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ"، وَقَالَ: إن هذا خطأ، ففإن سُبَيْعَةَ لَمْ تَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ، وَلَا رَوَاهُ أَحَدٌ عَنْهَا، وَإِنَّمَا هِيَ صَاحِبَةُ الْقِصَّةِ، كَأَبِي جَهْمٍ فِي قصة الأبنجانية، وَذِي الْيَدَيْنِ فِي قِصَّةِ السَّهْوِ، فَلَوْ رَوَى رَاوٍ حَدِيثَ السَّهْوِ عَنْ ذِي اليدين، أو حديث الأبنجانية عَنْ أَبِي الْجَهْمِ، لَكَانَ مُخْطِئًا، فَكَذَلِكَ هَذَا، وَإِنَّمَا روايه أُمُّ سَلَمَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ لَفْظَ "الصَّحِيحَيْنِ" فِيهِ مِنْ جِهَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، انْتَهَى. وَهَذَا وَهَمٌ فَاحِشٌ،
1 عند مسلم "باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها" ص 486 - ج 1، ورواية أنها وضعت بعد وفاة زوجها بأربعين ليلة عند البخاري في "تفسير سورة الطلاق" ص 729 - ج 2، واللفظان الآخران عنده في "باب {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} " ص 802 - ج 2.
2 عند البخاري في "المغازي - باب فضل من شهد بدراً" ص 569 - ج 2، وعند مسلم "باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها بوضع الحمل" ص 486 - ج 1.
فَقَدْ أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِهَا، كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ1، وَلَيْسَ لَهَا فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الْأَطْرَافِ فِي "مُسْنَدِهَا"، وَكَذَلِكَ الْحُمَيْدِيُّ فِي "الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ".
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفَيْهِمَا"2، قَالَ الْأَوَّلُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، وَقَالَ الثَّانِي: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، قَالَا: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ أَنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ أُمُّ كُلْثُومٍ، وَكَانَ فِيهِ شِدَّةٌ عَلَى النِّسَاءِ، فَكَرِهَتْهُ، فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، وَهِيَ حَامِلٌ، فَأَبَى، فَلَمَّا ضَرَبَهَا الطَّلْقُ أَلَحَّتْ عَلَيْهِ فِي تَطْلِيقِهِ، فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، ثُمَّ خَرَجَ، فَأَدْرَكَهُ إنْسَانٌ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهَا وَضَعَتْ، فَقَالَ: خَدَعَتْنِي خَدَعَهَا اللَّهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:" سَبَقَ كِتَابُ اللَّهِ فِيهَا، اُخْطُبْهَا"، فَقَالَ: إنَّهَا لَا تَرْجِعُ إلَيَّ أَبَدًا، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ ثَلَاثُ حِيَضٍ، قُلْت: غَرِيبٌ، وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهِ لِأَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّ عِدَّةَ أُمِّ الْوَلَدِ ثَلَاثُ حِيَضٍ فِي عِتْقٍ أَوْ وَفَاةٍ، وَقَالَ الشافعي: حيضة واحدة، لكن رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَمَرَ أُمَّ وَلَدٍ أُعْتِقَتْ أَنْ تَعْتَدَّ ثَلَاثَ حِيَضٍ، وَكَتَبَ إلَى عُمَرَ فَكَتَبَ بِحُسْنِ رَأْيِهِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ قَالَا: ثَلَاثُ حِيَضٍ إذَا مَاتَ عَنْهَا - يَعْنِي أُمَّ الْوَلَدِ - وَأَخْرَجَهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَرَوَى أَيْضًا حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْت الْقَاسِمَ، وَذُكِرَ لَهُ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ فَرَّقَ بَيْنَ نِسَاءٍ وَرِجَالِهِنَّ، كُنَّ أُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ وَنُكِحْنَ بَعْدَ حَيْضَةٍ، أَوْ حَيْضَتَيْنِ، حَتَّى يَعْتَدِدْنَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! إنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} أَتُرَاهُنَّ مِنْ الْأَزْوَاجِ، انْتَهَى. وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ السَّادِسِ وَالثَّلَاثِينَ، مِنْ القسم الخامس عن قيبصة بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: لَا تُلَبِّسُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا، عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ الْمُتَوَفَّى عنها أربعة أشهر وعشراً، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"3، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ،
1 عند النسائي "باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها" ص 115 - ج 2، وعند أبي داود في "عدة الحامل" ص 315 - ج 1، وعند ابن ماجه "باب الحامل المتوفى عنها زوجها إذا وضعت حلت للأزواج" ص 147 - ج 1.
2 وعند ابن ماجه "باب المطلقة الحامل إذا وضعت ذا بطنها بانت" ص 147، وعند البيهقي في "السنن - باب عدة الحامل المطلقة" ص 421 - ج 7.
3 عند البيهقي "باب استبراء أم الولد" ص 448 - ج 7، وفي "المستدرك" ص 209 - ج 2، وعند الدارقطني: ص 420 - ج 2، وعند أبي داود "باب في عدة أم الولد" ص 316 - ج 1.
ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنَيْهِمَا"، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ 1: وَقَبِيصَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَمْرٍو، وَفِي لَفْظٍ لَهُ، قَالَ: عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ عِدَّةُ الْحُرَّةِ إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وعشراً، وَإِذَا عَتَقَتْ ثَلَاثُ حِيَضٍ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَقَبِيصَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَمْرٍو، وَالصَّوَابُ مَوْقُوفٌ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ.
قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعِدَّةِ فِي الطَّلَاقِ عَقِيبَ الطَّلَاقِ، وَفِي الْوَفَاةِ عَقِيبَ الْوَفَاةِ، قُلْت: أَمَّا حديث علي أخرجه الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ2، قَالَ: الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ يَمُوتُ أَوْ تَطْلُقُ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ يَمُوتُ أَوْ تَطْلُقُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْخَالِدِ الْحَرَّانِيِّ ثَنَا أَبِي أَنْبَأَ زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ الْأَسْوَدِ، وَمَسْرُوقٍ، وَعَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فَذَكَرَهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَغَرِيبٌ، وَذَكَرَ أَنَّهُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمُنْذِرِ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، يَحْسَبُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ يَمُوتُ، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو معاوية عن عبد اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: عِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا، وَمِنْ يَوْمِ يَمُوتُ عَنْهَا، انْتَهَى. وَهَذَا سَنَدٌ صَحِيحٌ، وَأُخْرِجَ نَحْوُهُ عَنْ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعِكْرِمَةَ، وَنَافِعٍ، وَأَبِي قِلَابَةَ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، وَمَكْحُولٍ، بِأَسَانِيدَ جَيِّدَةٍ.
1 قال صاحب "الجوهر النقي" ص 448 - ج 7، قلت: قد قدمنا مراراً أن هذا على مذهب من يشترط السماع، وأن مسلماً أنكر ذلك إنكاراً شديداً، وزعم أن المتفق عليه أنه يكفي للاتصال إمكان اللقاء، وقيبصة ولد علم الفتح، وسمع عثمان بن عفان، وزيد بن ثابت، وأبا الدرداء، فلا شك في إمكان سماعه من عمرو، وقال صاحب "التمهيد": أدرك أبا بكر الصديق، وله سن لا ينكر معها سماعه منه، وقد أخرج صاحب "المستدرك" هذا الحديث، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" انتهى.
2 عند البيهقي في "السنن - باب العدة من الموت والطلاق" ص 425 - ج 7، وكذا الآثار الآتية بعده مروية في "السنن الكبرى" ص 425 - ج 7.
فَصْلٌ
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، إلَّا عَلَى زَوْجِهَا، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ، وَمِنْ حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ حَفْصَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.
فَحَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ 1 - إلَّا التِّرْمِذِيَّ - عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إلَّا عَلَى زَوْجٍ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَمَسُّ طِيبًا، إلَّا إذَا طَهُرَتْ نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ: وَقَدْ رُخِّصَ لِلْمَرْأَةِ فِي طُهْرِهَا إذَا اغْتَسَلَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا فِي نُبْذَةٍ مِنْ قُسْطٍ، أَوْ أَظْفَارٍ.
وَحَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ 2 - إلَّا ابْنَ مَاجَهْ - عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّهَا لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ فَدَعَتْ بِطِيبٍ، فَدَهَنَتْ جَارِيَةً، ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إلَّا عَلَى زَوْجٍ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
وَحَدِيثُ حَفْصَةَ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ 3 عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، إلَّا عَلَى زَوْجِهَا، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ مُرْسَلٌ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "مَرَاسِيلِهِ" عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى زَوْجِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَعَلَى مَنْ سِوَاهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، انْتَهَى. وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ" مِنْ جِهَتِهِ، وَقَالَ: الصَّحِيحُ حَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ.
وَحَدِيثُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 4 عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَتْ:
1 عند البخاري "باب القسط للحادة عند الطهر" ص 804 - ج 2، وعند مسلم "باب وجوب الاحداد في عدة الوفاة" ص 488 - ج 1.
2 عند البخاري "باب {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً} " ص 804 - ج 2، وعند مسلم: ص 487 - ج 1.
3 عند مسلم: ص 488 - ج 1.
4 عند البخاري "باب تحد المتوفى عنها أربعة أشهر وعشراً" ص 803 - ج 2، وعند مسلم: ص 487 - ج 1.
دَخَلْت عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ، فَمَسَّتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، إلَى آخِرِ لَفْظِ أُمِّ حَبِيبَةَ سَوَاءٌ.
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ 1 عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إلَّا عَلَى زَوْجِهَا"، انْتَهَى. وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَكِنَّ الصَّرِيحَ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 2 قَالَتْ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا، أَفَنَكْحُلُهَا؟ فَقَالَ عليه السلام:"لَا"، مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا، ثُمَّ قَالَ:"إنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ"، مُخْتَصَرٌ. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: فَلَا، حَتَّى يَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا، وَهَذَا ظَاهِرُهُ فِي وُجُوبِ الْإِحْدَادِ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِيهِ، وَرُخِّصَ لِلْمَرْأَةِ فِي طُهْرِهَا نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ، أَوْ أَظْفَارٍ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْوُجُوبِ أَيْضًا.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام نَهَى الْمُعْتَدَّةَ أَنْ تَخْتَضِبَ بِالْحِنَّاءِ، وَقَالَ:"الْحِنَّاءُ طِيبٌ"، قُلْت: تَقَدَّمَ فِي "جِنَايَاتِ الْحَجِّ"، حَدِيثُ الْحِنَّاءُ طِيبٌ، وَحَدِيثُ نَهْيِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ الْحِنَّاءِ، أَخَرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ"3 عَنْ أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ أَسِيد عَنْ أُمِّهَا عَنْ مَوْلَاةٍ لَهَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا فِي عِدَّتِي مِنْ وَفَاةِ أَبِي سَلَمَةَ:"لَا تَمْتَشِطِي بِالطِّيبِ، وَلَا بِالْحِنَّاءِ فَإِنَّهُ خِضَابٌ"، قُلْت: فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَمْتَشِطُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ:" بِالسِّدْرِ، تُغَلِّفِينَ بِهِ رَأْسَكِ"، انْتَهَى. وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ" مِنْ جِهَةِ أَبِي دَاوُد، وَقَالَ: لَيْسَ لِهَذَا الْحَدِيثِ إسْنَادٌ يُعْرَفُ، انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ الْمُصَنِّفِ حَدِيثَانِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ، كَمَا ذَكَرَهُ السُّرُوجِيُّ فِي "الْغَايَةِ"، وَعَزَاهُ لِلنَّسَائِيِّ، وَلَفْظُهُ: نَهَى الْمُعْتَدَّةَ عَنْ الْكُحْلِ وَالدُّهْنِ وَالْخِضَابِ بِالْحِنَّاءِ، وَقَالَ: الْحِنَّاءُ طِيبٌ، انْتَهَى. وَهُوَ وَهَمٌ مِنْهُ، وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، عَلَى أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ، كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ، كَمَا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ حَدِيثًا وَاحِدًا، وَحَدِيثُ أَبِي دَاوُد هَذَا أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمَقْصُودِ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ السُّرُوجِيُّ مُطَابِقٌ، إلا أني ما وحدته.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَأْذَنْ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي الِاكْتِحَالِ وَالدُّهْنِ،
1 عند مسلم: ص 488 - ج 1.
2 عند مسلم: ص 487 - ج 1، وعند البخاري "باب تحد المتوفى عنها أربعة أشهر وعشراً" ص 803 - ج 2، وفي "الطب - باب الأثمد والكحل من الرمد" ص 850 - ج 2.
3 عند أبي داود "باب فيما تجتنب المعتدة في عدتها" ص 315 - ج 1.
قُلْت: أَمَّا الِاكْتِحَالُ، فَأَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ" 1 مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا: أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، فَخَافُوا عَلَى عَيْنَيْهَا، فَأَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الْكُحْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا، حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أشهر وعشراً"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لَهُمْ: قال: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا، أَفَنَكْحُلُهَا؟ فَقَالَ عليه السلام:"لَا"، مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا، ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا هي أربعة أشهر وعشراً"، انْتَهَى. وَلَمْ يُرِدْ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِالْمُعْتَدَّةِ غَيْرَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَلَكِنَّهُ قَصَدَ التَّعْمِيمَ، وأما الدهن فغريب2.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ عليه السلام: "السِّرُّ النِّكَاحُ"، قُلْت: غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي قوله تعالى:{وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} لَا يَأْخُذْ عَلَيْهَا عَهْدًا وَمِيثَاقًا أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ، وَنَقَلَهُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا ابْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} قَالَ: يَقُولُ: إنَّك مِنْ حَاجَتِي، انْتَهَى. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: السِّرُّ 3 أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا عَهْدًا وَمِيثَاقًا أَنْ تَحْبِسَ نَفْسَهَا، وَلَا تَنْكِحَ غَيْرَهُ. حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، نَحْوَهُ.
قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: التَّعْرِيضُ أَنْ يَقُولَ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: إنِّي فيك راغب، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ نَجْتَمِعَ، قُلْت: خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ 4 فِي "النِّكَاحِ" وَلَفْظُهُ: وَقَالَ لِي طَلْقٌ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عباس: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ} يَقُولُ: إنِّي أُرِيدُ التَّزْوِيجَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّهُ تَيَسَّرَ لِي امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ، وَقَالَ الْقَاسِمُ: يَقُولُ: إنَّكِ عَلَيَّ كَرِيمَةٌ، وَإِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَسَائِقٌ إلَيْكِ خَيْرًا، أَوْ نَحْوَ هَذَا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ،
1 عند البخاري "باب الكحل للحادة" ص 804 - ج 2، وعند مسلم "باب وجوب الحداد" ص 487 - ج 1.
2 قوله: "وأما الدهن فغريب" لعل المخرج رحمه الله تعالى، فهم أن الدهن مذكور في الحديث، فإن عبارة "الهداية" هكذا: وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن للمعتدة في الاكتحال، والدهن لا يعرى عن نوع طيب، انتهى. [والدهن لا يعرى عن نوع طيب] من كلام المصنف، ليس من الحديث، والله أعلم.
3 قال الحافظ في "الدراية": قلت: وقال البخاري: قال الحسن: "سر الزنا" ووصله، انتهى.
4 عند البخاري "باب قول الله عز وجل: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ} " ص 768 - ج 2.
قَالَ: يَقُولُ: إنِّي لَأُرِيدُ التَّزْوِيجَ، انْتَهَى. وَخَبَرُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ 1 {إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} قَالَ: يَقُولُ: إنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ نَجْتَمِعَ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: قَالَ عليه السلام لِلَّذِي قُتِلَ زَوْجُهَا: "اُسْكُنِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ فِي "السنن الأربعة" 2 عن سعيد بْنِ إسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبٍ عَنْ فُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ، وَهِيَ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ أَنْ تَرْجِعَ إلَى أَهْلِهَا فِي بَنِي خُدْرَةَ، وَأَنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ أَبَقُوا، حَتَّى إذَا كَانَ بِطَرَفِ الْقَدُومِ لَحِقَهُمْ، فَقَتَلُوهُ، قَالَتْ: فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَرْجِعَ إلَى أَهْلِي، فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْ لِي مَسْكَنًا يَمْلِكُهُ، وَلَا نَفَقَةً، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ"، قَالَتْ: فَانْصَرَفْتُ حَتَّى إذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ نَادَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ أَمَرَنِي - فَنُودِيتُ لَهُ، فَقَالَ: كَيْفَ قُلْتِ؟ قَالَتْ: فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، الَّتِي ذَكَرْت لَهُ مِنْ شَأْنِ زَوْجِي، قَالَ:"اُمْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ"، قَالَتْ: فَاعْتَدَدْت فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ أَرْسَلَ إلَيَّ فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرْته فَاتَّبَعَهُ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي "مَسَانِيدِهِمْ"، وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" 3 أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ إسْحَاقَ بِهِ، وَمِنْ طَرِيقِهِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ الثَّانِي وَالثَّمَانِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا عَنْ إسْحَاقَ بْنِ سَعْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ حَدَّثَتْنِي زَيْنَبُ بِهِ، قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ: هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مَحْفُوظٌ، وَهُمَا اثْنَانِ: سَعْدُ بْنُ إسْحَاقَ، وَهُوَ أَشْهَرُهُمَا، وَإِسْحَاقُ بْنُ سَعْدِ بْنِ كَعْبٍ، وَقَدْ رَوَى عنهما جميعاً يحيى ن سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَدْ ارْتَفَعَتْ عَنْهُمَا الْجَهَالَةُ، انْتَهَى كَلَامُهُ بِحُرُوفِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي "التَّقَصِّي": رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ، فَقَالَ: سَعِيدُ بْنُ إسْحَاقَ، وَغَيْرُهُ مِنْ الرُّوَاةِ، يَقُولُ: سَعْدُ بْنُ إسْحَاقَ،
1 عند البيهقي في "السنن - باب التعريض بالخطبة" ص 179 - ج 7.
2 عند أبي داود "باب في المتوفى عنها تنتقل" ص 314 - ج 1، وعند الترمذي "باب ما جاء أين تعتد المتوفى عنها زوجها" ص 156 - ج 1.
3 عند مالك عن سعيد بن إسحاق: ص 217، وعند الحاكم في "المستدرك - باب عدة المتوفى عنها زوجها في بيت زوجها" ص 208 - ج 2، قال الحاكم: رواه مالك بن أنس في "الموطأ" عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة قال محمد بن يحيى الذهلي: هذا حديث صحيح محفوظ، وهما اثنان: سعد بن إسحاق بن كعب، وهو أشهرهما، وإسحاق ابن سعد بن كعب، وقد روى عنهما جميعاً يحيى بن سعيد الأنصاري، فقد ارتفعت عنهما الجهالة، انتهى. وأخرجه البيهقي في "السنن" ص 435 - ج 7 عن حماد بن زيد عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، فذكر الحديث بنحوه، ثم قال: فإن لم يكونا اثنين، فهذا أولى لموافقته سائر الرواة عن سعد، انتهى.