الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ التَّمَتُّعِ
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله: وَصِفَةُ التَّمَتُّعِ أَنْ يَبْتَدِئَ مِنْ الْمِيقَاتِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَيُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ، وَيَدْخُلَ مَكَّةَ فَيَطُوفَ بِهَا، وَيَسْعَى، وَيَحْلِقَ، أَوْ يُقَصِّرَ، وَقَدْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ، وَهَذَا هُوَ تَفْسِيرُ الْعُمْرَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُفْرِدَ بِالْعُمْرَةِ فَعَلَ مَا ذَكَرْنَا، هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا حَلْقَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْعُمْرَةُ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ. وَحُجَّتُنَا عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَاهُ، قُلْت: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 1 عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى وَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ ، فَكَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْيَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ، قَالَ لِلنَّاسِ:" مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلِيُقَصِّرْ وَلْيَحْلُلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ، وَلْيَهْدِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ"، وَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ، ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنْ السَّبْعِ، وَمَشَى أَرْبَعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ رَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَانْصَرَفَ، فَأَتَى الصَّفَا، فَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مِنْ النَّاسِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ 2 عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ الْحَجَّ عَامَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، وَنَخَافُ أَنْ يَصُدُّوك، فَقَالَ:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ، إذَنْ أَصْنَعُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْت عُمْرَةً حَتَّى إذَا كَانَ بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ، قَالَ: مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إلَّا وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي جَمَعْت حَجَّةً مَعَ عُمْرَةٍ، وَأَهْدَى هَدْيًا مُقَلَّدًا اشْتَرَاهُ، حَتَّى قَدِمَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا، وَلَمْ يَزِدْ 3 عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ
1 عند البخاري في "باب من ساق البدن معه" ص 229 - ج 1، وعند مسلم في "باب وجوب الدم على المتمتع" ص 403.
2 عند البخاري في "باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها" ص 231 - ج 1.
3 في - نسخة الدار - "فلم يزل"[البجنوري] .
يَحِلَّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَوْمَ النَّحْرِ، فَحَلَقَ وَنَحَرَ، وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا صَنَعَ النَّبِيُّ عليه السلام، انْتَهَى. وَالِاسْتِشْهَادُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَوْلَى مِنْ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ رحمه الله احْتَجَّ بِهِ عَلَى مَالِكٍ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمُعْتَمِرِ.
وَمِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ: مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ 1 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ عليه السلام مَكَّةَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يَحِلُّوا وَيَحْلِقُوا، أَوْ يُقَصِّرُوا، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 2 عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: قَصَّرْت عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَرْوَةِ، أَوْ رَأَيْته يُقَصِّرُ عَنْهُ عَلَى الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصٍ، انْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "حَوَاشِيهِ" قَوْلُهُ: قَصَّرْت، يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ عليه السلام كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مُتَمَتِّعًا، لِأَنَّ الْمُعْتَمِرَ يُقَصِّرُ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ السَّعْيِ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، لِأَنَّهُ عليه السلام حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا وَرَدَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"، وَقِيلَ: إنَّمَا كَانَ هَذَا فِي بَعْضِ عُمْرِهِ عليه السلام، قِيلَ: وَلَا يَصِحُّ هَذَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي عُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ، لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَسْلَمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ مَعَ أَبِيهِ، فَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى: رَأَيْته يُقَصِّرُ عَنْهُ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ عُمْرِهِ عليه السلام، وَأَمَّا لَفْظُ الْحَدِيثِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَمَا عَلِمْت أَنِّي قَصَّرْت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَصِ أَعْرَابِيٍّ عَلَى الْمَرْوَةِ لِحَجَّتِهِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ: لِحَجَّتِهِ، أَيْ لِعُمْرَتِهِ، فَفِي لَفْظِ النَّسَائِيّ فِي عُمْرَةٍ عَلَى الْمَرْوَةِ، وَالْعُمْرَةُ قَدْ تُسَمَّى حَجًّا، لِأَنَّ مَعْنَاهَا الْقَصْدُ، وَقَدْ قالت للنبي عليه السلام: مَا بَالُ النَّاسِ حَلُّوا وَأَنْتَ لَمْ تَحْلِلْ مِنْ عُمْرَتِك؟ قِيلَ: تُرِيدُ مِنْ حَجَّتِك، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام قَطَعَ التَّلْبِيَةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ حِينَ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، قُلْت: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ 3 عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام كَانَ يُمْسِكُ عَنْ التَّلْبِيَةِ فِي الْعُمْرَةِ إذَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلَفْظُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ: يُلَبِّي الْمُعْتَمِرُ حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ، انْتَهَى.
1 عند البخاري في "باب تقصير المتمتع بعد العمرة" ص 233 - ج 1.
2 عند البخاري في "باب الحلق والتقصير عند الاحلال" ص 233، وعند مسلم في "باب جواز تقصير المعتمر من شعره" ص 408 - ج 1، ولفظ أبي داود في "باب الاقران" ص 251 - ج 1، وعند النسائي في "باب أن يقصر المعتمر" ص 41 - ج 2.
3 عند الترمذي في "باب متى يقطع التلبية في العمرة" ص 124، وعند أبي داود في "باب متى يقطع المعتمر التلبية" ص 252 - ج 1، وص 253 - ج 1، وعبد الملك ابن أبي سليمان اسمه ميسرة أبو محمد، أحد الأئمة، قال ابن مهدي: كان شعبة يعجب من حفظه، وقال ابن عيينة عن الثوري: حدثني الميزان عبد الملك ابن أبي سليمان، وقال ابن المبارك عبد الملك ميزان، كذا في "تهذيب التهذيب" ص 397 - ج 6.
قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَهَمَّامٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا، انْتَهَى. وَفِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وفيه مقال، ولم يصب الْمُنْذِرِيُّ فِي عَزْوِهِ هَذَا الْحَدِيثَ لِلتِّرْمِذِيِّ، فَإِنَّ لَفْظَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَفْظَ أَبِي دَاوُد مِنْ قَوْلِهِ، فَهُمَا حَدِيثَانِ، وَلَكِنَّهُ قَلَّدَ أَصْحَابَ "الْأَطْرَافِ" إذْ جَعَلُوهَا حَدِيثًا وَاحِدًا، وَهَذَا مِمَّا لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ:" ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ"، وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ فِي "كِتَابِ الْمَغَازِي" حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام لَبَّى - يَعْنِي فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ - حَتَّى اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام سَاقَ الْهَدَايَا مَعَ نَفْسِهِ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ بِتَمَامِهِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: أَنَا فَتَلْت قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْت: تَقَدَّمَ قَبْلُ "بَابُ الْقِرَانِ"، رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ، وَالْمُصَنِّفُ هُنَا أَحَالَ، فَقَالَ: فَإِنْ كَانَ بَدَنَةً قَلَّدَهَا بِمَزَادَةٍ أَوْ نَعْلٍ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ عَلَى مَا رَوَيْنَا، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ "بَابِ الْقِرَانِ" أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْت أَفْتِلُ قَلَائِدَ لِبُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ بِهَا، وَأَقَامَ فِي أَهْلِهِ حَلَالًا. وَلَوْ اسْتَدَلَّ هُنَا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَكَانَ أَوْلَى، أَخْرَجُوهُ - إلَّا الْبُخَارِيَّ -1 عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ، وَاسْمُهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ دَعَا بِنَاقَتِهِ، وَفِي لَفْظٍ: بِبَدَنَةٍ، فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ، وَسَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا، وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ، ثُمَّ أَتَى بِرَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا قَعَدَ عَلَيْهَا وَاسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام أَحْرَمَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَهَدَايَاهُ تُسَاقُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قُلْت: تَقَدَّمَ لِلْبُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، إلَى آخِرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: رُوِيَ فِي الْإِشْعَارِ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام طَعَنَ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ
1 عند مسلم في "باب إشعار البدن وتقليده عند الاحرام" ص 407 - ج 1، وعند الترمذي في "باب ما جاء في إشعار البدن" ص 122 - ج 1، وعند أبي داود في "باب الاشعار" ص 244 - ج 1، واللفظ له.
مَقْصُودًا، وَفِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ اتِّفَاقًا، قُلْت: رِوَايَةُ الطَّعْنِ فِي الجانب الأيمن أخرجها مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي حَسَّانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام صَلَّى الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ دَعَا بِبَدَنَةٍ فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْبُخَارِيِّ 1 الْإِشْعَارَ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانَ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْأَيْمَنِ، وَلَا بِالْأَيْسَرِ، وَلَفْظُهُ: قَالَا: خَرَجَ النَّبِيُّ عليه السلام زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى إذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ النَّبِيُّ عليه السلام الْهَدْيَ، وَأَشْعَرَ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، انْتَهَى. وَذَكَرَهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا، وَأَمَّا رِوَايَةُ الطَّعْنِ فِي الْأَيْسَرِ، فَرَوَاهَا أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَ شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَسَّانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ أَشْعَرَ بَدَنَتِهِ فِي شِقِّهَا الْأَيْسَرِ، ثُمَّ سَلَتَ الدَّمَ بِإِصْبَعِهِ، فَلَمَّا عَلَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ الْبَيْدَاءَ لَبَّى، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي "كِتَابِ التَّمْهِيدِ": رَأَيْت فِي "كِتَابِ ابْنِ عُلَيَّةَ" عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشْعَرَ بَدَنَةً مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ سَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا، وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ، قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي مُنْكَرٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْمَعْرُوفُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُ: فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ، لَا يَصِحُّ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، إلَّا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُشْعِرُ بُدْنَهُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ، انْتَهَى. وَهَكَذَا أَوْرَدَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ" مَعْزُوًّا إلَى ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": وَهُوَ كَلَامٌ صَحِيحٌ، وَأَنَا أَخَافُ أَنْ يَكُونَ تَصَحَّفَ فِيهِ: الْأَيْمَنَ، بِالْأَيْسَرِ، وَأَيْضًا، فَإِنَّا لَا نَعْلَمُ ابْنَ عُلَيَّةَ إلَّا الْإِخْوَةُ الثَّلَاثَةُ: إسْمَاعِيلُ، وَرِبْعِيٌّ، وَإِسْحَاقُ، وَالْمَشْهُورُ الْفَقِيهُ مِنْهُمْ: إسماعيل بن إبرهيم بْنِ سَهْمٍ، وَعُلَيَّةُ أُمُّهُ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ طَبَقَتُهُ، أَنْ يَرْوِيَ بِهَذَا النُّزُولِ، فَإِنْ قَدَّرْنَاهُ هُوَ فَأَبُوهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ مِقْسَمٍ لَا أَعْرِفُهُ فِي رِوَايَةِ الْأَخْبَارِ، وَحَالُهُ مَجْهُولٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ. قُلْت: قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ ابْنِ عُلَيَّةَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ جِهَةِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ، وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَخْرَجَهُ مالك في "موطأه"2. عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَهْدَى هَدْيًا مِنْ الْمَدِينَةِ يُقَلِّدُهُ بِنَعْلَيْنِ، وَيُشْعِرُهُ مِنْ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ يُسَاقُ مَعَهُ، مُخْتَصَرٌ.
1 عند البخاري في "باب من أشعر وقلد بذي الحليفة" ص 229 - ج 1، وحديث عائشة في: ص 230 في ذلك الباب.
2 عند مالك في "الموطأ - في باب العمل في الهدي حين يساق" ص 147، وفي "الموطأ" للإمام محمد بن حسن: ص 56 أخبرنا مالك حدثنا نافع أن ابن عمر كان يشعر بدنته في الشق الأيسر، إلا أن تكون صعاباً مقرنة، فإذا لم يستطع أن يدخل بينها أشعرها من الشق الأيمن، الخ.
قال محمد: وبهذا نأخذ، التقليد أفضل من الاشعار، والاشعار حسن، والاشعار من الجانب الأيسر، إلا أن تكون صعاباً مقرنة لا يستطيع أن يدخل بينها، فليشعرها من الجانب الأيسر والأيمن، وفي "العمدة" ص 35 - ج 9: =
الْحَدِيثُ السَّابِعُ: رُوِيَ الْإِشْعَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، قُلْت: أَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ الْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانَ قَالَا: خَرَجَ النَّبِيُّ عليه السلام مِنْ الْمَدِينَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى إذَا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ عليه السلام الْهَدْيَ، وَأَشْعَرَهُ، وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، انْتَهَى.
= وقال ابن قدامة: وعن أحمد من الجانب الأيسر، لأن ابن عمر فعله، وبه قال مالك، وحكاه ابن حزم عن مجاهد يقول: كانوا يستحبون الاشعار من الجانب الأيسر، الخ.
وقال الحافظ الإمام فضل الله التوربشتي الحنفي في "شرحه على المصابيح". قلت: وقد كان هذا الصنيع - إشعار الهدي - معمولاً به قبل الإسلام، وذلك لأن القوم كانوا أصحاب غارات لا يتناهون عن الغصب والنهب، ولا يتماسكون عنه، وكانوا مع ذلك يعظمون البيت، وما أهدي إليه، ولا يرون التعرض لمن حجه أو اعتمره، فكانوا يعلمون الهدايا بالاشعار والتقليد، وذلك بأن يقلدوها نعلاً، أو عروة، أو مزادة، أو لحاء شجرة، لئلا يتعرض لها متعرض، فلما جاء الله بالاسلام أقر ذلك، لغير المعنى الذي ذكرناه، بل ليكون مشعراً بخروج ما أشعر عن ملك من يتقرب إلى الله تعالى، وليعلم أنه هدي، فإن نفر لم يركب، ولم يحلب، ولم يختلط بالأموال، ولم يتصرف فيه، كما يتصرف في اللقطة، وإن عطب لم يؤكل منه، إلا على الوجه الذي شرع.
هذا، وقد اختلف في الاشعار بالطعن، وباسالة الدم، فرآه الجمهور، ونفر عنه نفر يسير، وقد صادفت بعض علماء الحديث يشدد في النكير على من يأباه، حتى أفضى به مقاله إلى الطعن فيه، والادعاء بأنه عاند رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبول سنته، ويغفر الله لهذا الفرح بما عنده، كيف سوغ الطعن في أئمة الاجتهاد، وهم لله يكدحون، وعن سنة نبيه يتناضلون؟! فأنى يظن بهم ذلك! أو لم يدر أن سبيل المجتهد غير سبيل الناقل، وأن ليس للمجتهد أن يتسارع إلى قبول النقل والعمل به إلا بعد السبك والاتقان، وتصفح العلل والأسباب، فلعله علم من ذلك ما لم يعلمه، أو فهم منه ما لم يفهمه، وأقصى ما يرى به المجتهد في قضية يوجد فيها حديث مخالف أن يقال: لم يبلغه الحديث، أو بلغه من طريق لم ير قبوله، مع أن الطاعن لو قيض له ذوقهم فألقى إليه القول من معدنه وفي نصابه، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم ساق بعض هديه من ذي الحليفة، وساق بعضه من قديد، وأتى عليّ رضي الله عنه ببعضها من اليمن، وجميع ما ساق النبي صلى الله عليه وسلم إلى البيت: إما ست وثلاثون، أو سبع وثلاثون بدنة، والاشعار لم يذكر إلا في واحدة منهما، وقد روي أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى هديه من قديد، وقديد: قرية بين مكة والمدينة، وبينها وبين ذي الحليفة مسافة بعيدة، أفلا يحتمل أن يتأمل المجتهد في فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فيرى أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أقام الاشعار في واحدة، ثم تركه في البقية، حيث رأى الترك أولى، لاسيما والترك آخر الأمرين، أو اكتفى عن الاشعار بالتقليد، لأنه يسد مسده في المعنى المطلوب منه، والاشعار يجهد البدنة، وفيه ما لا يخفى من أذية الحيوان، وقد نهى عن ذلك قولاً، ثم استغنى عنه بالتقليد، ولعله مع هذه الاحتمالات رأى القول بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حج، وقد حضره الجم الغفير، ولم يرو حديث الاشعار إلا شرذمة قليلون، رواه ابن عباس، ولفظ حديثه على ما ذكرناه، رواه المسور بن مخرمة، وفي حديثه ذكر الاشعار من غير تعرض للصيغة، ثم إن المسور وإن لم ينكر فضله وفقهه، فإنه ولد بعد الهجرة بسنتين، وروته عائشة، وحديثها ذلك أورده المؤلف في هذا الباب، ولفظ حديثها: فتلت قلائد بدن النبي صلى الله عليه وسلم بيدي، ثم قلدها وأشعرها وأهداها، فما حرم عليه شيء كان أحل له، ولم يتعلق هذا الحديث بحجة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان ذلك عام حج أبو بكر رضي الله عنه، والمشركون يومئذ كانوا يحضرون الموسم، ثم نهوا، وروي عن ابن عمر أنه أشعر الهدي، ولم يرفعه، فنظر المجتهد إلى تلك العلل والأسباب، ورأى على كراهة الاشعار جمعاً من التابعين، فذهب إلى ما ذهب يسارع في العذر قبل مسارعته في اللوم، وإلا أسمع نفسه: * ليس بعشك فادرجي*، والله يغفر لنا ولهم، ويجيرنا من الهوى، فإنه شريك العمى، انتهى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ - إلَّا الْبُخَارِيَّ - عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام أَشْعَرَ بَدَنَةً مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ، وَسَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا، وَزَادَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ1 قَالَ: وَسَمِعْت أَبَا السَّائِبِ يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ وَكِيعٍ، فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَنْظُرُ فِي الرَّأْيِ: أَشْعَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ مُثْلَةٌ، قَالَ الرَّجُلُ: فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ أَنَّهُ قَالَ: الْإِشْعَارُ مُثْلَةٌ، فَرَأَيْت وَكِيعًا غَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، ثُمَّ قَالَ: أَقُولُ لَك: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَقُولُ قَالَ إبْرَاهِيمُ؟! مَا أَحَقَّك بِأَنْ تُحْبَسَ، ثُمَّ لَا تَخْرُجَ حَتَّى تَنْزِعَ عَنْ قَوْلِك هَذَا، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَتَلْت قَلَائِدَ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ، ثُمَّ أَشْعَرَهَا، وَقَلَّدَهَا، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إلَى الْبَيْتِ، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلًّا، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ الْمُثْلَةِ، قُلْت: لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْإِشْعَارَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ الْمُثْلَةِ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: إنَّ حَدِيثَ الْإِشْعَارِ مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ الْمُثْلَة، وَإِذَا وَقَعَ التَّعَارُضُ، فَالتَّرْجِيحُ لِلْمُحَرَّمِ، انْتَهَى. وَكَانَ جماعة من العلماء فهموا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ النَّسْخَ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ السُّهَيْلِيُّ فِي "الرَّوْضِ الْأُنُفِ"، فَقَالَ: النَّهْيُ عَنْ الْمُثْلَةِ كَانَ بِإِثْرِ غَزْوَةِ أُحُدٍ، وَحَدِيثُ الْإِشْعَارِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَكَيْفَ يَكُونُ النَّاسِخُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْمَنْسُوخِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَفِي النَّهْيِ عَنْ الْمُثْلَةِ أَحَادِيثُ: مِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 2 عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، فَذَكَرَ حَدِيثَ الْعُرَنِيِّينَ، وَفِي آخِرِهِ: قَالَ قَتَادَةُ: وَبَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنْ الْمُثْلَةِ، وَانْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ 3 عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: إنَّمَا سَمَلَ النَّبِيُّ عليه السلام أَعْيُنَ أُولَئِكَ، لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرُّعَاةِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ4، قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ النُّهْبَةِ وَالْمُثْلَةِ، انْتَهَى. هَكَذَا عَزَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ لِلْبُخَارِيِّ، وَيُنْظَرُ.
1 عند الترمذي في "باب ما جاء في إشعار البدن" ص 122 - ج 1.
2 عند البخاري في "باب قصة عكل وعرينة" ص 206 - ج 2.
3 عند مسلم في "باب حكم المحاربين والمرتدين" ص 58.
4 حديثا عبد الله بن عمر، وعبد الله بن يزيد الأنصاري، عند البخاري في "كتاب الصيد - في باب ما يكره من المثلة" ص 829 - ج 2.
حَدِيثٌ آخَرَ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ - فِي كِتَابِ الْجِهَادِ"1 حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ هَيَّاجِ بْنِ عِمْرَانَ الْبَصْرِيِّ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ عليه السلام يَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنْ الْمُثْلَةِ، وَفِيهِ قِصَّةٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام لَعَنَ مَنْ يُمَثِّلُ بِالْحَيَوَانِ، وفي لفظه: نَهَى أَنْ يُمَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُسْنَدِهِ" حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مَوْلًى لِجُهَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا حَدَّثَنَا عَفَّانَ ثَنَا هَمَّامٌ ثَنَا قَتَادَةُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ هَيَّاجِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنْ الْمُثْلَةِ، مُخْتَصَرٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ حمزة بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُثْلَةِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ الْأَحْنَفِ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: جَاءَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ مَعَ جِوَارٍ لَهَا، وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُهَا، فَقَالَتْ: أَهَهُنَا الْحَجَّاجُ؟ قِيلَ لَهَا: لَا، قَالَتْ: إذَا جَاءَ فَقُولُوا لَهُ: يَأْمُرُ لَنَا بِهَذِهِ الْعِظَامِ - يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ - فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْ الْمُثْلَةِ، وَأَخْبِرُوهُ أَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: يَخْرُجُ مِنْ ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ، فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَقَدْ رَأَيْنَاهُ، وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَهُوَ الْحَجَّاجُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ ثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ الْحَرَّانِيِّ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِيُّ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجِمٍ فِي قِتْلَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا، وَفِي آخِرِهَا، قَالَ: وَلَمَّا دَخَلَ ابْنُ مُلْجِمٍ عَلَى عَلِيٍّ بَعْدَ أَنْ ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى قَرْنِهِ وَأُوقِفَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَكْتُوفًا قَالَ لَهُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ،
1 في "باب النهي عن المثلة" ص 6 - ج 2.
مَا الَّذِي حَمَلَك عَلَى مَا صَنَعْت؟ أَلَمْ أُحْسِنْ إلَيْك. أَلَمْ أَفْعَلْ مَعَك كَذَا وَكَذَا وَكَذَا؟!، ثُمَّ قَالَ لِلْحَسَنِ: إنْ بَقِيت رَأَيْت فِيهِ رَأْيِي، وَإِنْ هَلَكْت مِنْ ضَرْبَتِي هَذِهِ، فَاضْرِبْهُ ضَرْبَةً، وَلَا تُمَثِّلْ بِهِ، فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْ الْمُثْلَةِ، وَلَوْ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ بَقِيَّةَ عَنْ عِيسَى بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ مُوسَى بْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَعَائِذِ بْنِ قُرْطٍ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُمَثِّلُوا بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ عز وجل فِيهِ رُوحٌ"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إسْحَاقَ الْحَضْرَمِيِّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيَّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ النُّهْبَةِ وَالْمُثْلَةِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ فِي "كِتَابِ الْمَغَازِي" حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ الْهَيْثَمِ مَوْلًى لِبَنِي هَاشِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: لَمَّا أُسِرَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْزِعْ ثَنِيَّتَهُ يُدْلَعُ لِسَانُهُ، فَلَا يقوم عليك حطيباً أَبَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا أُمَثِّلُ بِهِ، فَيُمَثِّلَ اللَّهُ بِي، وَلَوْ كُنْت نَبِيًّا، وَلَعَلَّهُ يَقُومُ مَقَامًا لَا تَكْرَهُهُ". فَقَامَ سُهَيْلٌ حِينَ جَاءَهُ وَفَاةُ النَّبِيِّ عليه السلام بِخُطْبَةِ أَبِي بَكْرٍ بِمَكَّةَ، كَأَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُهَا، فَقَالَ عُمَرُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يُرِيدُ حَيْثُ قَالَ عليه السلام:" لَعَلَّهُ يَقُومُ مَقَامًا لَا تَكْرَهُهُ"، مُخْتَصَرٌ. وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ وَسْمُ إبِلِ الصَّدَقَةِ، فَالْمَنْقُولُ فِيهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا كَرَاهَتُهُ، لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ. وَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، عَمَلًا بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: غَدَوْت بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُحَنِّكَهُ، فَوَافَيْته فِي يَدِهِ الْمِيسَمَ يَسِمُ إبِلَ الصَّدَقَةِ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَإِشْعَارُ النَّبِيِّ عليه السلام لِصِيَانَةِ الْهَدْيِ، لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يَمْتَنِعُونَ عَنْ تَعَرُّضِهِ إلَّا بِهِ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: قَالَ عليه السلام: " لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت لَمَا سُقْت الْهَدْيَ، وَلَجَعَلْتهَا عُمْرَةً وَتَحَلَّلْت مِنْهَا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: خَرَجْنَا نَصْرُخُ بِالْحَجِّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا النَّبِيُّ عليه السلام أَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً، وَقَالَ:" لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت جَعَلْتهَا عُمْرَةً، وَلَكِنْ سُقْت الْهَدْيَ، وَقَرَنْت بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ"، وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا:"وَلَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لَأَحْلَلْت"، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ: حَتَّى إذَا كَانَ آخِرَ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ قَالَ: "لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت لَمْ أَسُقْ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً"، فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلِعَامِنَا، أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَشَبَّكَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الْأُخْرَى، وَقَالَ:"دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ مَرَّتَيْنِ، لَا، بَلْ لِلْأَبَدِ". وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَهْلَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ وَنَجْعَلَهَا عُمْرَةً، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْنَا وَضَاقَتْ بِهِ صُدُورُنَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ عليه السلام فَمَا نَدْرِي أَشَيْءٌ بَلَغَهُ مِنْ السَّمَاءِ، أَمْ مِنْ قِبَلِ النَّاسِ؟ فَقَالَ:"أَيُّهَا النَّاسُ أَحِلُّوا، فَلَوْلَا الْهَدْيُ الَّذِي مَعِي فَعَلْت كَمَا فَعَلْتُمْ" قَالَ: فَأَحْلَلْنَا حَتَّى وَطِئْنَا النِّسَاءَ، وَفَعَلْنَا مَا يَفْعَلُ الْحَلَالُ، حَتَّى إذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ التَّابِعِينَ: إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْعُمْرَةِ، وَلَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ يَبْطُلُ تَمَتُّعُهُ، قُلْت: رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي "كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالنَّخَعِيِّ: أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ بَعْدَ الْعُمْرَةِ بَطَلَ تَمَتُّعُهُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الرَّازِيُّ فِي "أَحْكَامِهِ".
قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ الْعَبَادِلَةِ الثَّلَاثَةِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَشْهُرُ الْحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقِعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، قُلْت: الْعَبَادِلَةُ فِي اصْطِلَاحِ أَصْحَابِنَا ثَلَاثَةٌ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم، وَفِي اصْطِلَاحِ غَيْرِهِمْ أَرْبَعَةٌ: فَأَخْرَجُوا ابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَدْخَلُوا ابْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَزَادُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ، قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ، وَغَلَّطُوا صَاحِبَ الصِّحَاحِ إذْ أَدْخَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَخْرَجَ ابْنَ الْعَاصِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ تَقَدَّمَتْ وَفَاتُهُ، وَهَؤُلَاءِ عَاشُوا حَتَّى اُحْتِيجَ إلى عملهم، وَيَلْتَحِقُ بِابْنِ مَسْعُودٍ كُلُّ مَنْ سُمِّيَ بِعَبْدِ اللَّهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَهُمْ نَحْوٌ مِنْ مِائَتَيْنِ وَعِشْرِينَ رَجُلًا، قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ.
فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ - فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ" عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} قَالَ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقِعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمُ النَّحْرِ مِنْهَا، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى. وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ"، فَقَالَ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الْحَجُّ شَوَّالُ، إلَى آخِرِهِ، وَعَنْ الْحَاكِمِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" بِسَنَدِهِ وَمَتْنِهِ.
وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" 1 عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ، وَذُو الْقِعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، انْتَهَى. وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا، فَقَالَ: وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَشْهُرُ الْحَجِّ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقِعْدَةِ، إلَى آخِرِهِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ".
1 عند الدارقطني في "الحج" ص 258، وكذا حديثا ابن مسعود، وابن الزبير.
وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إسحاق أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ نَحْوُهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا.
وَحَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِنَحْوِهِ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: إنَّمَا أَرَادَ مَنْ قَالَ: أَشْهُرُ الْحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقِعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، أَنَّ هَذِهِ الْأَشْهُرُ لَيْسَتْ أشهر العمرة، وإنما هِيَ لِلْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ عَمَلُ الْحَجِّ قَدْ انْقَضَى بِانْقِضَاءِ أَيَّامِ مِنًى، انْتَهَى. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعًا، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ" حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسِيد الْأَصْبَهَانِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَوَّابٍ الْهُنَائِيُّ ثَنَا حُصَيْنُ بْنُ الْمُخَارِقِ ثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} : " شَوَّالٌ، وَذُو الْقِعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي "تَفْسِيرِهِ" بَعْدَ أَنْ عَزَاهُ لِابْنِ مَرْدُوَيْهِ فِي "تَفْسِيرِهِ": هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ، وَلَا يَصِحُّ رَفْعُهُ، فَإِنَّ حُصَيْنَ بن المخرق اُتُّهِمَ بِالْوَضْعِ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: حَدِيثُ عَائِشَةَ 1 لَمَّا حَاضَتْ بِسَرِفَ أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا تَطُوفَ بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرَ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا نَرَى إلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْت، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال:" مالك أَنُفِسْت؟ قُلْت: نَعَمْ، قَالَ: إنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ:" حَتَّى تَغْتَسِلِي"، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الْحَيْضِ"، وَفِي "الضَّحَايَا"، وَأَخْرَجَا أَيْضًا 2 عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مُهِلِّينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، وَأَقْبَلَتْ عَائِشَةُ بِعُمْرَةٍ، حَتَّى إذَا كُنَّا بِسَرِفَ عَرَكَتْ عَائِشَةُ، حَتَّى إذَا قَدِمْنَا طُفْنَا بِالْكَعْبَةِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحِلَّ مِنَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، قَالَ: فَقُلْنَا: حِلُّ مَاذَا؟ قَالَ: "الْحِلُّ كُلُّهُ"، قَالَ: فَوَاقَعْنَا النِّسَاءَ وَتَطَيَّبْنَا، وَلَبِسْنَا ثِيَابَنَا، لَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إلَّا أَرْبَعُ لَيَالٍ، ثُمَّ أَهْلَلْنَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ لَهَا:" مَا شَأْنُك؟ " قَالَتْ: شَأْنِي أَنِّي حِضْت، وَقَدْ حَلَّ النَّاسُ، وَلَمْ أَحْلِلْ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَالنَّاسُ يَذْهَبُونَ إلَى الْحَجِّ الْآنَ، فَقَالَ:" إنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاغْتَسِلِي، ثُمَّ أَهِلِّي بِالْحَجِّ"، فَفَعَلَتْ، وَوَقَفَتْ الْمَوَاقِفَ حَتَّى إذَا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْكَعْبَةِ وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ قَالَ:" قَدْ حَلَلْت مِنْ حَجَّتِك وَعُمْرَتِك جَمِيعًا"، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ
1 عند البخاري في "الحيض - باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت" ص 44 - ج 1، وعند مسلم في "باب وجوه الاحرام" ص 388 - ج 1.
2 عند مسلم في "باب وجوه الاحرام" ص 391 - ج 1، واللفظ له، وعند البخاري في "باب تقضي الحائض المناسك كلها" ص 224 - ج 1.
إنِّي أَجِدُ فِي نَفْسِي أَنِّي لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى حَجَجْت. قَالَ: "فَاذْهَبْ بِهَا يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْمِرْهَا مِنْ التَّنْعِيمِ"، وَذَلِكَ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ: قَالَ: فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ عليه السلام أَنْ تَنْسُكَ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفَ، وَلَا تُصَلِّيَ حتى تطهر، وقال فيها أَيْضًا: فَاعْتَمَرَتْ عُمْرَةً فِي ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ أَيَّامِ الْحَجِّ، وَقَالَ أَيْضًا: وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ هَدْيٌ غَيْرَ النَّبِيِّ عليه السلام، وَطَلْحَةُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ 1 عَنْ خَصِيفٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ عَنْ ابن عباس عن النَّبِيَّ عليه السلام، قَالَ: الْحَائِضُ، وَالنُّفَسَاءُ إذَا أَتَتَا عَلَى الْمَوْقِفِ تَغْتَسِلَانِ وَتُحْرِمَانِ، وَتَقْضِيَانِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، انْتَهَى. زَادَ أَبُو دَاوُد: حَتَّى تَطْهُرَ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، انْتَهَى. وَخُصَيْفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَرَّانِيِّ كُنْيَتُهُ أَبُو عَوْنٍ، ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"الْحَائِضُ تَقْضِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ الْحُيَّضِ فِي تَرْكِ الطَّوَافِ الصَّدْرِ، قُلْت: أخرجه الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 2 عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي "الْحَيْضِ" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَخَّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ - يَعْنِي بَعْدَ الْإِفَاضَةِ، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ أَوَّلًا: إنَّهَا لَا تَنْفِرُ، ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ: تَنْفِرُ، إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لَهُنَّ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ3، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَنْ حَجَّ الْبَيْتَ فَلْيَكُنْ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ، إلَّا الْحُيَّضَ، وَرَخَّصَ لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى.
1 عند أبي داود في "باب الحائض تهل بالحج" ص 243 - ج 1، واللفظ له: وعند الترمذي في "باب ما جاء ما تقضي الحائض من المناسك" ص 126 - ج 1.
2 عند مسلم في "باب وجوب طواف الوداع" ص 427 - ج 1، وعند البخاري في "باب طواف الوداع" ص 236 - ج 1، وفي "الحيض - في باب المرأة تحيض بعد الافاضة" ص 47، وقال الحافظ في "الدراية" ص 206: وفي الباب عن زيد بن ثابت، وأم سلمة، انتهى.
3 عند الترمذي في "باب ما جاء في المرأة تحيض بعد الإفاضة" ص 126 - ج 1، وعند الحاكم: ص 476 - ج 1 عن ابن عباس، قال: كان الناس ينفرون من منى إلى وجوههم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون آخر عهدهم بالبيت، ورخص للحائض، الخ.